Skip to main content

Full text of "احمد الكاتب التشيع الديني والسياسي"

See other formats


السيد سامى البدري . السيد محمد الحسينى الشيرازي. السيد محمد تقى المدرسى. السيد مرتضى 
العسكري. السيد مرتضى القزويني. التيجاني السماوي. الدكتور محمد حسين الصغير. الكاتب 
السيستاني. الشيخ محمد باقر الأيرواني. الشيخ محمد اليعقوبي الشيخ فاضل المالكي. السيد علي 
5 5 000 2 1 51 1 4 
الحسيني الميلاني. الشيخ علي الكوراني العاملي. الشيخ جعفر كاظم المصباح. السيد كمال الحيدري. 
السيد نذير الحسني. الشيخ محمد حسين الوحيد الخراساني. الأستاذ المغربي إدريس الحسيني. محمد 
رضا الجعفري. السيد محمد محمد الصدر. الشيخ ناصر مكارم الشيرازي. الشيخ لطف الله 
الصافي. السيد محمد رضا الكلبايكان. الشيخ حسن الصفار. السيد أمير محمد الكاظمى القزوينى» 
الشيخ المنتظري. السيد صادق الشيرازي. الشيخ علي آل محسن. الشيخ نعمة هادي الساعدي. 
الأخت نرحس طريف. المهندس عالم سبيط النيلي. الشيخ جود التبريزي. الكاتب السيستاني. 


السييك سامي البدر 
في سبيل الشورى والوحدة والتجديد 
أحمد الكاتب 
مع المراجع والعلماء والمفكرين 


حول وجود الإمام الثاني عشر 
الجزء الأول 


الإهداء 


الى والديّ اللذين علماني البحث عن الحقيقة 


الطبعة الأولى /1٠٠؟‏ 
الطبعة الثانية ود كء."_ 


مزيدة ومنقحة 


البريد الإلكتروني للمؤلف 
7 1غ2ع20)92211مقطد 


المحتويات 
المقدمة 
-١‏ مع السيد سامي البدري 
؟- مع السيد محمد الحسيني الشيرازي 
- مع السيد محمد تقي المدرسي 
5 - مع "الكاتب السيستاني" 
ه- مع السيد محمد محمد الصدر 
5- مع السيد مرتضى العسكري 
/ا- مع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي 
- مع الشيخ لطف الله الصافي 
- مع الدكتور الشيخ محمد حسين الصغير 
١6‏ مع الشيخ جواد التبريزي 


ذؤف- مع الشيخ محمد باقر الأيرواني 
1 مع السيد صادق الحسيني الشيرازي 
الح بعالت مصب جين الرحيد لكر امي 


+4١ذ-‏ مع الشيخ علي الكوراني العاملي 
نات مع الشيخ محمد رضا الجعفري 


0020-5 مع السيدكمال الحيدري, ونذير الحسني 
و مع الشيخ محمد مهدي الآصفي 

002-64 معالشيخ حسين علي المنتظري 

200-48 مع الدكتور محمد التيجاني السماوي 


00-٠‏ مع الشيخ فاضل المالكي 
00-09 مع السيد علي الحسيني الميلاني 


؟- مع الشيخ جعفر كاظم المصباح 


فك مع الأستاذ إدريس الحسيني 

4- مع السيد محمد رضا الكلبايكاني 
ه- مع الشيخ حسن الصفار 

1 مع السيد أمير محمد الكاظمي القزويني 


د ب الج على ال يجين 
2-4 مع المهندس عالم سبيط النيلي 
8- مع الشيخ هادي نعمة الساعدي 
ا مع الشيخ محمد اليعقوبي 


'إياك والمسلمات» ولا سيما في غير العبادات من أبواب الفقه» فان كثيرا من المشهورات عند الناس 
والطلاب» وكثيرا من المرتكزات في الأذهان إذا راحعها الفاضل في مظاتما وتأمل فيها وحدها لا واقع لما 
يعتمد عليه» ولا أصل تستند اليه... لا يصل الإنسان الى النتائج حتى يشكك فيهاء وإنما العثرات 
والأخطاء الى حسن الظن بما يقوله العظماء من المدرسين والمؤلفين". 


الإمام السيد محسن الحكيم (رحمه اللّم) 


بسم الله الرحمن الرحيم 


المقدمة 
في سبيل الشورى والوحدة والتجديد 


عانت أمتنا الإسلامية عبر تاريخها الطويل» وتعاني اليوم» من مشكلتين رئيسيتين هما التفرقة 
والاستبداد» وهما مشكلتان مترابطتان ولدتا فينا بعد ابتعادنا عن القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على 
نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) ليوحدنا ويحررنا » حيث يقول:" وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا 
ربكم فاعبدون". الأنبياء 395 وف آية أحرى مشابحة:" وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون". 
المؤمنون 7ه ويقول تعالى: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة 
والإنحيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لمم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم 
إصرهم والأغلال التي كانت عليهم...". الأعراف 1ه ١‏ 

ومن الواضح أن ابتعاد المسلمين عن القرآن الكريم» لم يكن كفرا صريحا به» والعياذ بالله» وإنما بسبب 
التأويل التعسفي لبعض آياته» والتمسك بكثير من "الأحاديث" الضعيفة والموضوعة والمؤولة» والإيمان 
ببعض الأساطير التي اصطنعها المغرضون وألبسوها لباسا "إسلاميا" زاهياء ودسوها في الدين. 


وأكبر مثل على ذلك هو أننا إذا تصفحنا القرآن الكريم من أوله الى آخره» لما وحدنا فيه حديثا صريحا 
عن الدولة وشكلها ونظامها والسلالة التي يحب أن تحكمهاء مما يؤكد القول بأن الله عز وجل قد ترك 
أمر السياسة والحكومة وتطبيق الشريعة للناس» ولم يعين "حكومة دينية إهية" تتولى تطبيق الإسلام. ومع 
ذلك جاء في التاريخ من يقول بأن الرسول الأعظم (ص) قد عين الإمام علي بن أبي طالب (عليه 
السلام) حليفة من بعده. وانه قد حصر الخلافة والإمامة في أهل البيت من نسل علي والحسين الى يوم 
القيامة. وقد استعان هؤلاء على نظريتهم بتأويل عدد من آيات القرآن الكريم» وبعدد من الأحاديث التي 
نسبوها الى الرسول وأهل البيت» أو أولوها بشكل معين, أو أضافوا عليها بعض الإضافات الجديدة. 

ولأن هذه النظرية كانت مثالية ولا تستند الى دليل علمي أو قرآني صريحء فانما كانت مرفوضة من 
أهل البيت ومن عامة الشيعة في الصدر الأول» وكان يقدر لها أن تنتهي بعد وفاة الإمام الحسن 
العسكري سنة 7٠١‏ هجرية دون أن يخلف, بعد حوالي مائة عام من نشوئها في الكوفة في بداية القرن 
الثاني» إلا انما ولدت نظرية أسطورية أخرى هي "وجود ولد مستور غائب" للإمام العسكري» هو 
"المهدي المنتظر". وهو ما أدى الى بقاء نظرية الإمامة في أذهان كثير من المسلمين (الشيعة) الى يومنا 
هذا. ورغم أن هذه النظرية وبنتها فرضية وحود الإمام الغائب» قد فقدت مدلوها السياسي وأصبحت 
نظرية "ذهنية" لا تعيش إلا في الخيال» إلا انما ولدت نظرية أسطورية حديدة هي نظرية "النيابة العامة 
للفقهاء عن الإمام الغائب (المهدي المنتظر) أو ولاية الفقيه". وهي النظرية التي تحكم اليوم ف الجمهورية 
الإسلامية الإيرانية» وتميمن على كثير من الشيعة عبر المرحعية الدينية والتقليد. 

وإذا كانت نظرية الإمامة تعطي للإمام "المعصوم" المنزلة الإلمية فوق الأمة» فان "المراحع" غير 
المعصومين قد أحذوا يلعبون هذا الدور» ويحتلون منصب "الإمام" الروحي الكبير» وهو ما أحدث خخلالا 
كبيرا في العلاقة بين الأمة والإمام» ومح بإقامة أنظمة سياسية استبدادية تتبرقع باسم الدين. 

وإضافة الى هذا الأثر السيء الذي خلفه هذا الابتعاد عن القرآن الكريم» بالتأويل التعسفي 
والأحاديث الموضوعة والنظريات الأسطورية الوهمية» فإنه حلف أيضا أثرا سيئا آخرء هو تعزيز انشقاق 
الأمة الى "سنة" و"شيعة". وقد قلت "تعزيز" لأني اعتقد بوحود عوامل "سنية" في حدوث الانشقاق» 
ولا أريد إلقاء اللوم كله على الشيعة» ولكني أعطي لنظرية الإمامة الإلحية» دورا مهما ف تعزيز الانشقاق 
50000 

ومن أجل العودة الى الإسلام الصحيح, الى القرآن الكريم» والى فكر أهل البيت السليم» وتحرير الأمة 
من الاستبداد» وخاصة الاستبداد الديني» وتوحيد المسلمين؛ كان تناولي لبحث موضوع الإمامة الإلهية» 
ووحود "الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري المهدي المنتظر الغائب" ونظرية ولاية الفقيه» 
وذلك في كتابي:" تطور الفكر السياسي الشيعي.. من الشورى الى ولاية الفقيه" الذي قمت بكتابته سنة 
؛ ونشرته سنة ١9517‏ وقمت خلال السنوات السبع الفاصلة بين الكتابة والنشر» بحوارات 


ومراسالات مع عدد كبير من العلماء والمثقفين والمراحع الشيعة "الإمامية", أملا في التأكد ما وصلت 
اليه من نتائج جوهرية وثورية» أعتقد أنما أوقعتني على جوهر فكر أهل البيت (عليهم السلام) فكر 
الشورى وولاية الأمة على نفسهاء ذلك الفكر المستوحى من القرآن الكريم والمنسجم مع العقل والواقع. 

وقد تضمن كتابي بحثا مركزيا » ربما كان حديدا لأول مرة» هو بحث موضوع "ولادة ووجود الإمام 
الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" من المصادر الشيعية الإمامية الإثني عشرية» وبمختلف "الأدلة" 
الفلسفية (العقلية) والنقلية والتاريخية» ومناقشتها بدقة رواية رواية ودليلا دليلاء وذلك لأن هذا الموضوع 
يشكل أساس نظرية الإمامة الإلحية المستمرة الى يوم القيامة» وأساس نظرية ولاية الفقيه والنيابة العامة 
للفقهاء عن الإمام المهدي, فإذا لم تصح ولادته شرعاء ولم يثبت وحوده تاريخياء فانه يؤدي الى اتميار 
نظرية الإمامة (الإثني عشرية) وانقشاع الغطاء الأيديولوحي لنظرية ولاية الفقيه. 

ورغم إجرائي بحثا مستفيضا في نظرية الإمامة» إلا أن ارتأيت عند النشر أن اختصر الحزء الأول» 
واستعرض فقط خطوات نشوء النظرية تاريخيا» تمهيدا لمناقشة موضوع "الإمام الثاني عشر" في الجزء الثاني 
من الكتاب, الذي همل أيضا حزءا ثالثا حول تطور الفكر السياسي الشيعي في عصر الغيبة. 

وكنت آمل أن ينصب النقاش بصورة رئيسية حول الموضوع المركزي الرئيسي الجديد» وهو "'وجود 
الإمام الثاني عشر". وأعلنت للعلماء عن استعدادي للتراجع عن الكتاب فيما إذا أقنعوني بأدلة لا علم 
لي بما تنبت وجهة نظرهم وخطئي» ونشر ردودهم مع الكتاب إذا لم اقتنع بحاء ولكني واجهت خلال 
سبعة أعوام إحجاما غريبا في الرد على الموضوعء أو مناقشتي بصورة جدية» اتباعا لسياسة:" أميتوا الباطل 
بإماتة ذكره" كما كانوا يقولون» رغم أن هذا الموضوع كان يشكل تمديدا لأساس الفكر الإمامي. وبدلا 
من ذلك تلقيت تحديدا من أجهزة استخبارات إيرانية نشرت برا في صحيفة إيرانية عن (ظهور سلمان 
رشدي جديد في العراق» هو أحمد الكاتب) وذلك سنة ١437‏ وبالطبع لم يكن ذلك ليخيفني أو يمنعني 
من الحوار أو نشر الكتاب فيما بعد. 

وعندما نشر الكتاب أثار بالطبع عاصفة من الحوارات والنقاشات والتعليقات» وصدرت ضده 
عشرات الكتب والمقالات» بصورة مباشرة أو غير مباشرة» وقد حصلت على بعضها وسمعت عن البعض 
الآخرء ولكن أيا منها لم يتطرق بالتفصيل الى الرد على جوهر الكتاب وإثبات "وجود الإمام الثاني عشر 
محمد بن الحسن العسكري" إثباتا تاريخياء وإنما راح كل كاتب يدور يمينا وشثمالا ويبحث في الموامش 
والحزئيات» أو يوّكد النتيجة التي توصلت اليها وهي أن القول بوجود ابن للإمام العسكري لم يكن سوى 
اتراض ل ناقارا دري 

ورغم أن الموضوع - كما يقولون- موضوع عقائدي, ولا يجوز فيه التقليد» وإنما يحب الاجتهاد 
والتحقيق الشخصيء وان ما قمت به ليس أكثر من محاولة للاجتهاد وإعادة النظر في قضية تاريخية 
(ولادة إنسان) فان كثيرا من أدعياء العلم والاجتهاد والمرجعية الدينية» رفضوا محرد التفكير أو التساؤل 


حول الموضوعء وحرموا الاجتهاد في هذا الموضوعء وحاولوا ويحاولون فرض جو إرهابي من التكفير 
والتبديع والتفسيق والإخراج عن الدين» وكيل الاتحامات الشخصية والسخرية والاستهزاء ضدي» مع أن 
الأمر لم يكن يستدعي كل ذلككء فهم إما علماء محتهدون يمتلكون أدلة وبراهين حول الموضوع فعليهم 
تقديم أدلتهم وإقناع من يشكك بآرائهم؛ وإما مقلدين للسلف ولم يبحثوا هذا الموضوع أو يجتهدوا فيه» 
أو يدرسوه بعمق» كما اعترف لي المرحوم السيد محمد الشيرازي» وعليهم نبذ التعصبء والبحث عن 
الأدلة المفترضة» أو التخلي عن عقائدهم الباطلة التي لا يوحد حوطا دليل. ولكن سلوك كثير من رحال 
الدين لم يكن بالمستوى المطلوب» فهم يتظاهرون بالعلم والاجحتهاد من ناحية» ويرفضون العلم والاجتهاد 
في هذا الموضوع من ناحية أخرى. 

ويجدر بنا هنا أن نلقي بعض الضوء على طبيعة بعض المراحع وطريقة المرجعية» التي تحول دون إجراء 


حوارات حرة ومفتوحة حول الموضوع. 


المراجع المقلدون للعوام 


إن من المعروف وجود كثير من الأساتذة والفقهاء في الحوزات العلمية» ولكن ليس كل واحد منهم 
يصبح مرجعا دينيا » حيث يموت الكثير منهم دون أن يسمع بحم أحد.. وذلك لأن المرجعية تشبه 
الزعامة السياسية لا يصل اليها من لا يسلك طريقها ويمتلك أدواتما - عادة - وفيها نوع من التنافس 
والصراع الذي يحتدم أحيانا ويخف أحيانا أخرى , وكل أستاذ أو فقيه يفكر بأن يصبح مرحعا أو مرجعا 
أعلى لا بد أن يؤسس مدارس ويجمع طلبة خاصين ويؤلف حاشية من المريدين ويوزع رواتب شهرية » 
وهذا يقتضي منه أن يحصل أموال من الناس » والناس لا يعطون المال إلا بصعوبة ولمن ينسجم معهم 
ومع أفكارهم » وهذا يتطلب من المرحع الديني أو الساعي من احل المرحعية أن ينسجم مع الناس 
ويتخلى عن أفكاره الإصلاحية ويتجنب توجيه النقد الحاد لأفكارهم وممارساتحم و "عقائدهم" وعاداتهم 
والخرافات الشائعة بينهم » إلا بالقدر الذي يحلب له المصلحة والشعبية والمال. 


وكلما تقدم الأستاذ ف طريق المرجعية وأصبحت له حاشية ووكلاء وطلبة » وخدم وحشم ومنافسون 
ألداء » كلما تخلى (الأستاذ - المرحع) عن أفكاره الإصلاحية وآرائه الخاصة وتجنب لغة الحق والباطل 
والصواب والخطأ » ليتحدث بلغة المصلحة العامة والممكن و " مالا يدرك كله لا يترك جله" الى أن 
يصبح تابعا ومقلدا لعوام الناس في أساطيرهم وحكاياتهم الشعبية وحرافاتمم المغلفة باسم الدين» ولا يحرؤ 
على محاربة بدعة أو نقد أي انحراف في الأمة , مع انه المسؤول الأول عن هداية الناس وتعليمهم أحكام 


35 


الله . 


وقد عانى السيد هبة الدين الشهرستاني أحد أبرز علماء العراق المصلحين في بداية القرن العشرين » 
من انقلاب دور رحال الدين وتقاعسهم عن أداء أدوارهم الإرشادية والتوعوية وقيامهم بمحاربة الحركة 
الإصلاحية » وتحدث في مجلة (العلم) عن تخلي بعض العلماء عن علمهم وتقليدهم للعوام والجهال 
طمعا بماللهم. 


ومن المعروف أن المؤسسة الدينية السنية - عادة ما - تكون تابعة ماليا لأجحهزة الحكومات », وهو ما 
يفقدها في الغالب استقلاليتها أمام الحكام » مع وحود علماء أحرار يجاهرون بكلمة الحق من دون هيبة 
أو طمع » كما ان من المعروف ان المؤسسات الدينية الشيعية نمت بعيدا عن الحكم وفي أوساط الشعب 
وقدمت علماء أحرارا كثيرين يخلصون لدينهم ولا يراعون أية مصلحة خاصة » ولكن الارتباط العام 
بالجماهير والاعتماد عليهم في الرزق أدى الى نشوء نوع من التبعية والتقليد لهم. 


وعندما كان العلماء أو "رحال الدين" يتحلون بالزهد في الدنيا ويرضون بالكفاف ويعيشون على 
الخبز والملح ولا يفكرون بالزعامة أو كانوا يعملون بأيديهم ويكسبون قوتهم بعرق جبينهم كانوا أكثر 
حرية في قول الحق ومحاربة الباطل » ولكنهم عندما انحمكوا أو ينهمكون في ملذات الدنيا وشراء الدور 
والقصور والسيارات الفخحمة ويحلمون ويعملون من اجل الزعامة السياسية والدينية فانهم يضطرون الى 
استخراج أموال طائلة من الشعب لكي تدير عجلة مرحعيتهم » ويضطرون مرة أخرى الى مداهنة الناس 
ومجاراتهم وتحنب ما يزعجهم » وقد يلعب الشيطان في عبهم -كما يقولون - فيصور لهم تنازلاتهم 
ومداهناتحم تلك في خدمة الإسلام والمسلمين » لأنحم يريدون ان يرتقوا ويمتلكوا القوة ويصبحوا مراجع 
أعلين حتى يقوموا بالإصلاح المطلوب بعد ذلك » أو يبرر لحم الشيطان إحجامهم عن قول الحق بأنه 
يضر بالمصلحة العامة وقد يقطع بعض الأموال الشعبية عنهم » وهذا ما يؤدي الى جوع بعض العوائل 
الفقيرة التي ينفقون عليها » أو تعطيل بعض المؤسسات الإسلامية العاملة » أو صعود منافسيهم 
"الأشرار" أو "غير الأكفاء" على سدة المرحعية والهيمنة على المجتمع.. وما الى ذلك من التبريرات التي 
يحلو لهم قبولما أو احتراعها وإقناع الشيطان بما. 


ان الصحفيين وأصحاب الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون - عادة - يسعون الى كسب القراء 
والمشاهدين من أجل الحصول على أكبر قدر من الإعلانات لتغطية نفقاتهم ورما يقومون بالدعاية 
لمصلحة زعيم أو حزب سياسي أو دولة أجنبية ولا يلتزمون بالحق والباطل بقدر ما يلتزمون بتحقيق رضا 
المشاهدين والقراء وعدم إزعاجحهم » ولكن الصحفيين والإعلاميين لا يقولون انهم يمارسون عملا دينيا بل 
يعلنون اتمم يقومون بعمل تحاري إعلامي » ومع اتحم مسؤولون أمام الله لو قاموا بخيانة مبادئهم أو 
ساهموا في تضليل الناس » إلا انحم ليسوا كرحال الدين الذين يدعون حراسة الدين وامحافظة عليه 


والدعوة الى الله ثم يخونون الناس والله في عملهم فيبيعونحم خرافات وأساطير باسم الدين» وهذا من أشد 
أنواع الغش والتدليس. 


وقد تحدئت مرة مع أحد "رجال الدين" بإسهاب عن موضوع وجود المهدي وشرحت له بالتفصيل 
كل الأدلة المتوافرة وناقشتها بدقة.. فسكت طويلا وبدأ يتأملني » فتوقعت منه ان يعلن موقفه المؤيد أو 
يرد علي بشيء ؛ ولكنه قال بشيء من العتاب والحسرة:" نحن بحلس على سفرة صاحب الزمان (الإمام 
الملهدي) ونأكل من (خمسه) فهل تريد ان تطوي هذه السفرة؟". 


وبعيدا عن هذه الدوافع والمنطلقات لرفض الحوار» تبين لي من خلال الردود التي شاهدتماء أن كثيرا 
من الكتاب الشيعة (حتى بعض المراحع) لا يفهمون نظرية الإمامة الإلهية» كما نشأت» ولا معنى 
"الإمام" الذي يشترطون له العصمة والنص» ولو فهموا ذلك لأدركوا استحالة "غيبة الإمام". 


وسوف أقوم باستعراض ونقد أهم الكتب والمقالات التي صدرت في الرد على كتابي (تطور الفكر 
السياسي الشيعي) لنطلع على طبيعة "الردود" التي تباهى بحا بعضهم وتظاهروا بعرض عضلاتهم أمام 


أحمد الكاتب 


لفن وز ب 


-١‏ مع السيد سامي البدري في كتبه الأربعة: (شبهات وردود): 
البدري يعترف: لا يمكن اثبات وجود الامام المهدي بصورة مستقلة 
كان السيد سامي البدري » وهو رجحل دين عراقي» أول من بادر الى الرد علي» بعد أن نشرت جزءا 
من الكتاب في نشرة (الشورى) التي كنت أصدرها سنة 2١990‏ حيث نشر في قم نشرة مشابحة لا 


الاسم وكانت الحلقة الأولى تحمل عنوانا فرعيا هو (الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب حول 


10 


العقيدة الإثني عشرية) » وقال في مقدمة الكتاب:" هذه أوراق متواضعة تكفلت الرد على بعض 
الشبهات التي وحهت ضد الاسلام والتشيع. وقصة إثارة الشبهات أمام التشيع بمفهومه الخاص قلية 
وهي لا تنقطع الا بظهور المهدي محمد بن الحسن العسكري (عجل الله فرجه) ... وهي في ذلك نظير 
قصة إثارة الشبهات أمام رسالة محمد (ص) من قبل أهل الكتاب التي لا تنهي الا بظهور عيسى بن مريم 
(ع)" ثم يقول:"احترت للحلقات الأولى من أوراق الرد هذه شبهات وشكوكا أثارها أحمد الكاتب حول 
الشيعة والتشيع في نشرته (الشورى) وكتبه الثلاثة المتداولة بالدسك الكمبيوتري. فقد أنكر ولادة المهدي 
محمد بن الحسن العسكري (ع) وغيبته وجعل القول بذلك من ابتكار النواب الأربعة» ونفى أيضا صحة 
الأحاديث النبوية في الأئمة الإثني عشر الواردة عند الشيعة والسنة» وادعى بأن العقيدة باثي عشر اماما 
لم يكن لا أثر في القرن الثالث الحجريء وانما كانت وليدة القرن الرابع المجري. هذا مضافا الى نفيه 
القول بأصل الوصية والنص على الأئمة المعصومين بعد النبي وربط ذلك بعبد الله بن سبأ". 

ورغم أن السيد سامي البدري لخص مضمون الكتاب في حزئيه الأول والثاي» الا انه لم يشر الى أية 
شبهة ضد الاسلام» ونسي ما قاله قبل قليل من أنه يتكفل الرد على الشبهات التي وحهتها ضد 
الاسلام. كأنه يعتبر الاسلام والتشيع أو الفكر الامامي شيئا واحداء وان من ينقد فكرة معينة داخل 
التشيع أو الفكر الامامي فكأنه قد انتقد الاسلام» وأثار ضده الشبهات. 


وعلى أي حال فقد وجدت في مبادرة السيد البدري للرد» ولو من بعيدء» خطوة إيجابية فبعثت له هذه 
الرسالة: 
السيد سامي البدري حفظه الله قم ايران 
السلام عليكم ورحمة الله وبر نه 


أود أولا ان اقدم لك شكري الحزيل على قيامك بالتجاوب مع دعوني لمناقشة الدراسة التي قمت بما 

حول نظرية الامامة الإلحية ووجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) حيث كنت من 
السباقين الذين بادروا الى طلب الدراسة لمناقشتها قبل خمسة أعوام » وقد أرسلتها اليك فأوليتها 
اهتمامك البالغ حتى أصدرت كتابا ونشرة خاصة للرد عليها » في الوقت الذي اكتفى آخحرون بالصمت 
والإهمال او التظاهر بعدم المبالاة. 


11 


وكما تعرف فقد كنثُ وجهت دعوات مفتوحة وشخصية الى علماء الحوزة العلمية في قم لعقد ندوة 
حول وجود (الامام المهدي) ولكبي الم أتلق أية إحابة حتى الآن مع الأسف الشديد. ولو كانت الدعوة 


وقد كان منطلقي لتلك الدعوة هو دراسة الفكر السياسي الشيعي وتصفيته ما دحل فيه من أفكار 
وفرضيات ونظريات منحرفة ووهمية» والعودة به الى فكر أهل البيت (ع) الصافي السليم. وذلك كجزء 
من مشروع أكبر لدراسة الفكر السياسي الإسلامي العام وتصفيته ما لحق به من تحريفات أموية وعباسية 
وغيرهاء الذي ابتعد عن منهج الشورى ومال الى نظرية القوة والغلبة العسكرية وقام على مبدأ الوراثة 
العائلية» ألغى حق الأمة في الترشيح والانتخاب والنقد والمحاسبة والمشاركة السياسية. 


لقد وحدت في دراستي عن تطور الفكر السياسي الشيعي : أن فكر أهل البيت الأصيل كان يقوم 
على الشورى وحق الأمة في انتخاب أئمتها » ورفض المنهج الأموي والعباسي ف الاستيلاء على السلطة 
بالقوة واحتكارها وتوريثها للأبناء وأبناء الأبناء» وان بعض المتكلمين قد قاموا بمؤامرة كبرى لطمس فكر 
أهل البيت العظيم وتشويهه وتحريفه وتقديمه بصورة (ملكية وراثية) مشابحة للفكر الأموي والعباسي. 


واعتقد انك توافقني على ذلك فقد قلت في محاضراتك في لندن عام ":١ 5١٠‏ ان الحاكم في النظرية 
الإسلامية وكيل عن الأمة يتعاقد معها . وان سلطان الأمة أعلى من سلطان الحاكم » وهذا مبداً 
أساسي في الدين » وان الإسلام لم يقل ان الحاكم خليفة الله في الأرض » ولكن الخلفاء الذين ادعوا 
ذلك وزعموا ان سلطاتحم أعلى من سلطان الأمة وانه مقدس قد افتروا على الإسلام من أجل ان يحكموا 
سيطرتحم على الناس" وقلت:" ان نظرية الحكم في الإسلام تقوم على أساس البيعة » وهي حق من حق 
الأمة » والأمة تستطيع ان تسحب الحق من الحاكم... ويمكننا ان نستنبط هذه النظرية الإسلامية 
القائمة على الشورى والاتتخاب من خلال الكتاب والسنة ومن سيرة الرسول الأعظم (ص) والإمام 
على بن ابي طالب والإمام الحسن والإمام الحسين حيث بحد ظاهرة البيعة والعقد واضحة في حياتهم 
وأقوالهم" "وقدم الامام علي (ع) تحربة قامت على أساس ان الحاكم يستمد سلطانه من الأمة ولا يفرض 
آراءه بالقوة" وقلت:" ان الولاية لعلي في الغدير لا تعني الحكم والخلافة السياسية. صحيح ان الامام 
علي بعد يوم الغدير أصبح له حق في الحكم وانه صار أولى من كل أحد» ولكن بشرط ان تبايعه الأمة 
ليصبح حاكما » ولا يصبح حاكما الا بعد البيعة." 


12 


وقد كان ذلك منك تطورا حديدا في الفكر السياسي يخالف الفكر (الإمامي) الموروث - كما قلت في 
محاضراتك - ولم تتوصل اليه الا لأنك رفضت التقليد الأعمى للآباء واجتهدت في الفكر » خلافا 
للكثير من العلماء الذين يجتهدون في الفروع ويقلدون في الأصول. 


وقد وجحدت في دراستي ان الفكر الإسلامي السياسي وفكر الطوائف الإسلامية المختلفة قد تطور 
مع الزمن وتبدل من اليمين الى الشمال ومن الشمال الى اليمين » وان أيا من النظريات المختلفة 
والعديدة في امحال الفكري السياسي الإسلامي هي نظريات اجتهادية ظنية ولا تمس أسس الدين 
كالتوحيد والنبوة والمعاد او تعارض شيئا واضحا وصريحا في القرآن الكريم او السنة النبوية المطهرة » 
وبكلمة أخحرى قد تكون النظريات المختلفة صائبة او خاطئة ولكنها لا تخرج عن إطار الدين. ولذا لا بد 
من احترام جميع وجهات النظر الاحتهادية داحل الإطار الإسلامي واحترام أصحابهما وعدم تكفيرهم او 
تفسيقهم وإخراحهم من الدين» وذلك من أجل المحافظة على الوحدة الإسلامية والحريات والحقوق 
الأساسية العامة. ولا يجوز لأي أحد ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة واتمام المخالفين له بالباطل المطلق. 
وان السبيل للوصول الى الحق هو الحوار الحادئ الموضوعي والاستماع الحيد لوجهات نظر الآخرين. 


ومن هنا فاني أود توحيه عتاب اخوي الى السيد سامي البدري لقيامه بطرحه لردوده على كتابي في 
إطار (الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب ضد العقيدة الاثني عشرية والإسلام والتشيع) كما 
يقول في مقدمة كتابه (شبهات و ردود). وأقول له: إذا كنت تختلف معي فيما ذهبت اليه من التزام أهل 
البيت بنظرية الشورى في الحكم » فان من الطبيعي - إذا أردت الحوار - ان تقدم أدلتك العلمية 
القاطعة على وحهة نظرك » الا انه لا يجوز لك ان تبادر الى ادعاء الحق المطلق وكأن حبرائيل قد هبط 
عليك بالوحي » ثم تنهم الآخرين بمهاجمة الإسلام والتشيع » وأنت تعلم علم اليقين ان بحثنا يدور في 
إطار الفكر السياسي وقيام نظرية الامامة على الشورى او النص والتعيين » وهو ليس الا خدمة للإسلام 
والتشيع. 


واذا كنت تسمح لنفسك بمارسة هذا الأسلوب الدعائي المتعالي » فأرحو ان تتذكر انك كنت ضحية 
الإرهاب الفكري عندما اتحمك البعض (كالسيد حسين الصدر) بالتسنن والانحراف عن مذهب أهل 
البيبت » وذلك في أعقاب محاضرتك في دار الإسلام في لندن قبل عامين » بسبب من بعض آرائك 
الجديدة حول الشورى وقيام الخلافة الإسلامية على أساس البيعة والاتتخاب » والتِي نشرناها في العدد 
الأول من (الشورى). 


13 


كما أرجو ان تتذكر الاتحامات القديمة التي كان يوجهها الاخباريون المتحجرون للمجتهدين الأصوليين 
بالانخراف عن مذهب أهل البيت والتسنن وذلك لأحذهم بمبدأ الاجتهاد وولاية الفقيه » وهما منصبان.. 
يعتقد الاخباريون حتى اليوم انمما من اختصاصات الامام المعصوم (المهدي المنتظر) ولا يجوز لأي أحد 
ان يقوم بحما في (عصر الغيبة) لا بالأصالة ولا بالنيابة العامة . فهل كانت اتحامات الإخباريين 
للأصوليين في محلها؟ وهل توافقهم عليها؟ 


وأرحو ان تتذكر أيضا ان السيد محسن الأمين والشيخ الخالصي والدكتور علي شريعتي والإمام الخميني 
والسيد محمد حسين فضل الله وغيرهم وغيرهم تعرضوا من قبل المتحجرين والمنغلقين للاتمام بالوهابية 
والتسنن والشيوعية والعداء لأهل البيت » ولا تزال المعركة قائمة ضدهم » فهل تقبل بمذه السياسة 
التهريجية الغوغائية القائمة على اتمام الخصوم واستثارة العواطف العامة؟ وهل تعتقد اننا بمذه الحدة 
والعنف والإرهاب الفكري نستطيع بناء بجتمع إسلامي حر وموحد؟ او نستطيع حل اية مشكلة من 
مشاكلنا المزمنة؟ 


لقد كانت نظرياتك الجديدة حول التزام أهل البيت بالشورى » واتما أساس الحكم والخلافة » خطوة 
على الطريق الصحيح لمعرفة مذهب أهل البيت المطمور تحت ركام الأحاديث المختلقة والنظريات 
الفلسفية الضعيفة والفرضيات الوهمية والروايات الأسطورية » وهي ف نظر الإخباريين و(الحجتية) شبهات 
ضد مذهب أهل البيت » ولكنها في نظري محاولة اجتهادية لاستكشاف مذهبهم الصحيح » فكيف 
تتجرأ بوصف ما قمنا به بالشبهة ؟ وهو ليس الا محاولة اجتهادية للتعرف على مذهب أهل البيت . ولو 
بذلت مزيدا من اللجهد والبحث العلمي والموضوعية والمهدوء لتوصلت الى ما توصلت اليه. 


ان منهجنا في البحث والتفكير هو التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأحاديث وسيرة 
أهل البيت (ع) الظاهرية» ورفض التأويلات الباطنية والروايات السرية والأحاديث الضعيفة والمختلقة» 
وقد توصلنا من خلال هذا المنهج الى ما نعتقده فكر أهل البيت الأصيل والسليم القائم على الشورى 
والحرية والعدالة وحق الأمة في انتخاب الرؤساء ومحاسبتهم وعزطم » وهو ما نحتاج اليه في واقعتا السياسي 
المر الذي يسيطر فيه على السلطة حكام طغاة بالقوة والجبروت ويتوارثون السلطة والثروة الوطنية العامة 
في عوائلهم وأبنائهم. 


ان الشبهات تأت من منهج التأويل السري الباطني لأقوال أهل البيت وسيرتهم» وهو منهج وقعت فيه 
الفرق الضالة الغالية والمنحرفة عن أهل البيت التي كانت تؤلّه الأئمة او تقول بنزول الوحي عليهم او 
تقول بتحريف القرآن الكريم او تنكر وفاة الأئمة او تختلق أولادا وهميين لم يخلقوا لهم. واسسمح لي ان أقول 


14 


لك: بأنك وقعت في الشبهة عندما التزمت بهذا المنهج الباطني عندما رفضت في كتابك (شبهات 
وردود) الروايات الصحيحة التي تتحدث عن البداء والتي لم يشك فيها أحد حت الذين نقلوها كالشيخ 
الكليني والمفيد والطوسي » واقترحت طرحها لأنما لا تنسجم مع النظريات الوهمية التي كونتها حول وجود 
القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر من قبل » وكان من الأحدر بك ان تذعن للحقيقة وتنطلق 
منها ومن موضوع البداء لتؤسس أفكارك على ما يقول وما يفعل اهل البيت. 


أحي العزيز السيد سامي البدري... انك لا تدافع عن مذهب أهل البيت وانما عن نظريات المتكلمين 
الوهمية التي أكل الدهر عليها وشرب ٠‏ والتي تسببت في إخراج الشيعة من مسرح التاريخ قرونا طويلة من 
الزمن » والتي تَخلُوا عنها في القرون الأخيرة عندما قالوا بمبدأ الاجتهاد وولاية الفقيه او الشورى » فهل 
تريد ان تعيدنا الى ما ذهب اليه المتكلمون السابقون الاخباريون من حرمة الثورة على الظالح وحرمة 
الجهاد في سبيل الله واقامة الدولة في (عصر الغيبة) وتعطيل الخمس و«الركاة وإباحة الأنفال وتحريم صلاة 
الجمعة الا بشرط حضور (الامام المعصوم المعين من قبل الله تعالى) وضرورة التقية والانتظار الى ظهور 
المهدي؟ 


واذا كنت لا تريد ذلك لأنك تؤمن بحرية الاحتهاد ونظرية ولاية الفقيه والنيابة العامة فلماذا تمتعض 
بشدة من مناقشة وتحليل النظريات المنقرضة أملا بالوصول الى فكر سياسي أفضل وأسلم؟ وهل هناك 
حدود للاجتهاد تقتصر على ممارسته في الأمور الحزئية الفرعية فقط؟ 


واذا كنت تتفق معي في مواكبة الثورة الشيعية الراهنة المتحررة من أغلال المتكلمين والإخباريين الذين 
يشترطون العصمة والنص في الامام (أي الحاكم والرئيس) ونظرياتحم الوهمية المثبطة واللاواقعية واللامعقولة 
؛ فأرحو منك ان تمتلك الشجاعة لتعبر عن رأيك بصراحة » وف كل مكان , لا ان تقول كلاما في لندن 
اتاج علا واكم 

واذا كنت تصر على التمسك بنظريات المتكلمين والإحباريين البائدة او تأويلها وتطويرها وتأييدها 
بالروايات الإسرائيلية.. وكنت تحب التصدي لمناقشة الدراسة التي قمت با حول نظرية الامامة الإلهية 
ووجود الامام الثاني عشر » فأرحو منك ان تفعل ذلك بصورة منهجية واضحة موضوعية ومتكاملة » وان 
تستعرض في البداية موجزا للأفكار التي طرحتها وقدمتها » بأمانة ودقة » ثم تقوم بالرد عليها بما تشاء » 
لا ان تحمل الأمور الرئيسية وتلتقط بعض القضايا الحانبية البسيطة والحزئية وتقتطع من الفقرات مقاطع 
خاصة ومبتورة كما تشتهي لترد عليها بما تشاء وكأنك فتحت باب خخيبر! 


15 


لقد كانت دراستي تتألف من ألف صفحة (كما هو موجود في الديسكات الكمبيوترية المنتشرة في 
قم» قبل الاختصارء وقبل الطبع) ومن ثلاثة أجزاء » وقد استعرضت في الحزء الأول بشكل مفصل نظرية 
الامامة الإلمية وذكرت جميع أدلتها » ثم بينت موقف أهل البيت منها ومن موضوع العصمة والنص 
والوراثة والعلم وخلصت الى إمانهم بنظرية الشورى كمنهج سياسي » كما بحت في الحزء الثاني نظرية 
وحود وولادة الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) وذكرت جميع الأدلة الفلسفية والتاريخية 
والروائية والإعجازية التي يذكرها المؤمنون بحا وناقشتها بعد ذلك دليلا دليلا » وكان من بينها موضوع 
أحاديث (الاثني عشرية) ضمن الدليل الروائي » فلماذا أهملت البحث في نظرية الامامة الإلطية وموضوع 
وجود (الامام الثاني عشر) لتناقش مسألة الاثني عشرية فقط؟ او قولي: ان هذه النظرية مستوردة من 
السنة وحادثة في القرن الرابع المجري؟ هل لأنك توافقني في موضوع الامامة والمهدي وتخالفني فقط في 


موضوع (الاثني عشرية)؟ أم ماذا؟ 


ان إثبات موضوع (الاثني عشرية) لا يتم عبر إثبات صحة كتاب سليم بن قيس الحلالي او هذه الرواية 
او تلك » وانما يتم عبر إثبات وحود ولد للامام الحسن العسكري (ع) الذي كان ينفي حدوث ذلك في 
حياته » فلماذا لا تناقش الفكرة من أساسها وتعمد الى انتهاج وسائل ملتوية وأحاديث جانبية؟ 


واذا كنت حراً فيما تريد ان تترك او تختار من مواضيع للرد » فلماذا تمارس ما اتحمتني به من سياسة 
استغفال القراء وعدم احترامهم وتحنب أصول البحث العلمي » وذلك في معرض مناقشتك لصحة 
(كتاب سليم بن قيس الملالي) الذي يعتبر معتمد وأساس النظرية الاثني عشرية » حيث ذهبث أنا الى 
وضعه واحتلاقه » وذهبت أنت الى صحته » ولكنك لم تشر في حديثك أبدا الى ما استشهدت به انا 
من قول للشيخ المفيد بضعف هذا الكتاب وحدوث الوضع والتدليس فيه. وكان من المفترض بك - 
على الأقل - ان تشير الى موقف الشيخ المفيد وهو شيخ الطائفة فترفضه او تأوله بعد ذلك » ولكنك 
فضلت الصمت ول هروب من مواجهة الحقيقة كأنك تريد ان تختم معركتك بليل على صفحات كتابك 


بسرعة. 


لقد كان منهجي في دراستي وف نشرة (الشورى) التي أصدرتما » أن أفسح المحال لعرض الرأي الآخر 
أولا ن بدقة وأمانة وتفصيل » ثم أقوم بعد ذلك بالرد والمناقشة.. ولو كنت تستجيب للحوار على 
صفحات (الشورى) لرأيت رأيك منشورا بصورة كاملة » وهذا ما يثبت بُعدي عن سياسة الاستغفال 
والتعتيم » والتزامي بعرض الحقائق الكاملة على القراء » وأرجو منك ان تثبت التزامك بحذه السياسة 
وابتعادك عن سياسة الاستغفال والتعتيم بنشر رسالتي هذه في النشرة الخاصة التي تصدرها للرد على 
(الشورى) وهي (شبهات و ردود). 


16 


لا أريد ان أخعوض معك في جدال مفصل حول ما نشرت ضدي من ردود قبل ان انشر كتابي الذي 
سوف يطلع القراء الكرام عليه في المستقبل القريب ان شاء الله » وانا غير مسئول عن الأشرطة 
الكمبيوترية المسربة والمعرضة للزيادة والنقصان . والتي كانت تشكل المسودة الاولى البدائية للكتاب » 
ولكني أريد ان أتوقف عند بعض الردود العجيبة التي حاولت ان ترد بما علي » حيث وصفت بعض 
الروايات كدعاء القائم الذي يرويه الكفعمي بالضعف », جزافا » وطرحت روايات البداء تعسفا ء وأوّلت 
روايات الثلاثة عشر اماما بخطأ النساخ » رغم مرور أكثر من الف سنة عليها » وسمحت لنفسك 
بالاقتباس من الإسرائيليات المتعارضة مع تراث أهل البيت ورواياتهم » ورفضت الأحاديث الصحيحة 
بالتأويلات الباطنية السرية » وادعيت فهم سر بعض الروايات في حين لمتني على الأخذ بظاهرها .. 
وإضافة الى ذلك فقد ادعيت امتلاكك للحقيقة ومعرفتك الواقعية بمذهب أهل البيت واتهمتني بإثارة 
الشبهات » فمن الذي وقع ب الشبهة ؟ ومن خرج منها؟ 


وحتى بحيب على هذا السؤال أدعوك بإخلاص الى دراسة تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) بشمولية 
ودقة وموضوعية » والفرز بين ترائهم وتراث الفرق الغالية والمنحرفة التي كانت تلصق بحم ما تشاء وترفض 
ما تشاء تحت دعوى (التقية) الباطلة » وذلك من أجل الوصول الى حقيقة فكر أهل البيت السياسي 
السليم » الذي يعيننا ويعين الأمة الإسلامية على الخروج من المأزق السياسي الراهن وتحقيق الحرية 
والعدالة والشورى والوحدة. 


لقد شهد تاريخ الشيعة الطويل تطورات ومنحنيات ومفارق عديدة أدت الى حدوث الفرق الشيعية 
التي بحاوز عددها السبعين » وكان بعض التحولات سلميا وعلميا وهادثا » بينما كان بعضها الآخر 
يتسم بالعنف والدم والتهريج والعداوة والبغضاء كالمعركة بين الإخباريين والأصوليين والمشروطة والمستبدة 
في القرن الماضي.. ونحن اليوم على أعتاب مرحلة نمضوية حديدة وأمام تحديات حضارية كبيرة مسئولون 
فيها أمام الله ومطالبون بتقديم صورة أفضل عن العلاقة بين الحاكم وا محكوم وأسلوب التعامل السلمي 
والحوار الداخلي الديموقراطي » والاجتناب عن سياسة القمع والإرهاب والتكفير والانغلاق والتحجر. 


واعتقد ان بعض الدوائر المتخلفة المضادة للثورة الإسلامية في داخل الحوزة » والتِي كانت تتهم الامام 
الخميني بالشيوعية والدكتور علي شريعتي بالوهابية والتسنن والكفر » هي التي تحاول اليوم ان تمارس 
الإرهاب والقمع والإرهاب الفكري ومصادرة حرية الأمة وحقها في مناقشة القضايا الثقافية والسياسية » 
وقد تعجبت من قيام صحيفة (الشهادة) التي يصدرها المحلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بكيل 
الاتحامات الباطلة لي ووصف كتابي بأنه محاولة لشق صفوف المسلمين» وانه إرحاف وغواية وضلالة » 


17 


وذلك ضمن عرضها لكتابك الحديد (شبهات وردود) دون ان تعطيني بالطبع حق الرد عليها عملا 
بقواعد النشر وحرية التفكير. وهذا ما يذكرن بمحاكم التفتيش سيئة الصيت في القرون الوسطى. 


وف الختام اكرر توجيه الدعوة لك وللسادة العلماء الأفاضل المهتمين بمناقشة القضايا الإسلامية » 
لإقامة ندوة او ندوات لدراسة الفكر السياسي الإسلامي عموما والفكر السياسي الشيعي خصوصا.. 
يتم فيها الاستماع الى وجهات النظر الأخرى والمخالفة» بروح علمية وأدب واحترام » وأتمى ان تتاح لك 
الفرصة والحرية الكاملة للتعبير عن آرائك بصراحة ودون خحوف من اتمامك بالردة الى مذهبك القدمم او 
إثارة الشبهات. 


والسلام عليكم ورحمة الله وبرد له 
أخوك المخلص أحمد الكاتب 


ثم واصل السيد سامي البدريء الرد على بعض المقالات المنشورة في نشرة (الشورى) فيما يتعلق بموضوع 
النص على الامام علي بن أبي طالب» واصدر حلقتين جديدتين من كتابه (شبهات وردود). ونشر في 
الحلقة الثالثة جوابا على رسالتى السابقة» وكان كما يلى: 


"...أما بالنسبة لسؤالك لماذا ابتدأت بالرد على موضوع الأثني عشرية وأهملت موضوع الإمامة والمهدي 


فأقول اني لم اكتب الرد حين كتبته ردا على كتبك غير المنشورة وانما كتبته ردا على مقالك الذي تناقش 
فيه دليل الإثني عشرية في العدد العاشر من نشرة الشورى وقد استوعب الرد الحلقة الأولى والفصل الأول 
من الحلقة الثانية من (شبهات و وردود) ثم أكملت الحلقة الثانية بالرد على مقال البغدادي الذي يرد فيه 
على الشهيد الصدر رحمه الله حول النص على علي (ع) وأنا حر ايضا في اختيار موضوع الرد . اما في 
العدد الثالث فقد ابتدأت في الرد على بعض كلماتك في الجزء الأول من كتابك المنشور أخيرا وهي 
تخص نظرية الإمامة الإلهية. 


أما قولك: (ان اثبات موضوع الاثني عشرية لايتم عبر اثبات صحة كتاب سليم بن قيس أو هذه 
الرواية أو تلك ...) فأقول : اذاً لماذا اثرت الشبهات على كتاب سليم او على هذه الرواية او تلك؟ 


18 


اما قولك (ان اثبات موضوع الاثني عشرية يتم عبر اثبات وجود ولد للامام الحسن العسكري) . 


أقول : لا ادري ماذا تريد به؟ هل تريد ان احاديث الاثني عشر لا تصح الا باثبات وحود ولد 
للعسكري؟ ام تريد ان انطباق الحديث على دعوى الشيعة لا يتم الا باثبات ولد للامام الحسن 


العسكري (ع) . 


والاحتمال الاول : لا وجه له لان صحة الحديث تتم من خلال رواته وقد رواه الثقات واثبتوة فيه 
مصنفاتهم كما بحثنا ذلك في الحلقة الاولى. 


اما الاحتمال الثاني : فلا وجه له ايضاً لان التشيع الاثني عشري برمته يقوم على الايمان بان الحسن 
العسكري قد ولد له ولد هو المهدي وتلقوه ذلك جيلاً بعد حيل ولم يبنوا اعتقادهم بذلك على هذه 
الرواية أو تلك في قصة ولادته (ع) ولا يضرهم انكارك ولا انكار غيرك من اهل السنة كما لم يضر من 
قبل انكار اغلب بني اسرائيل ولادة عيسى (ع) حيث انكرتما فرق اليهود السامرية و العبرانية الا فرقة 
صغيرة من اليهود العبرانيين وهي فرقة ركريا ويحبى (ع) وقد كان بنو اسرائيل (ينتظرون عذراء تلد ولدا) 
ولا زالوا الى اليوم ينتظرون ذلك. 


اما ماعتبت به من عرض افكارك ضمن عنوان (شبهات ضد الاسلام والتشيع) 


اقول : فقّد نبهنا في مقدمة الكتاب ان النشرة معنية بالشبهات التي وجهت ضد الاسلام والتشيع ‏ 
وقلنا اننا احترنا للحلقات الاولى الشبهات الى اثارها احمد الكاتب ضد الشيعة والتشيع) ارحو منك 


مراجعة المقدمة مرة اخرى . 
اما قولك تخاطبني (أتريد ان تعيدنا الى القول بحرمة الثورة على الظالم ... الى آخره) . 


فأقول : هدانا الله يا احي واياك للتي هي اركى ... الا تعلم انه لا يوجد اي تلازم بين القول ب(إنظرية 
الامامة الالحية وعصمة الائمة (ع) وتحديدهم باثني عشر وولادة المهدي (ع) وغيبتة الطويلة والبداء 
والرحعة) وبين القول ب(حرمة الثورة على الظالم او تعطيل الجهاد واباحة الانفال وتحريم صلاة الجمعة) » 
فقد قال بكل تلك العقيدة الامام الخميني ومع ذلك فجر الثورة الاسلامية في ايران وقادها » وكذلك قال 
بكل تلك العقيدة الشهيد الصدر ومع ذلك قاد الثورة الاسلامية في العراق واستشهد في سبيل ذلك. 


19 


اما قولك (ان روايات اهل البيت (ع) تتحدث عن استمرار الامامة الى يوم القيامة وعدم تحديد 
الائمة في رقم معين وذلك لامتداد نظرية الامامة الالحية في موازاة نظرية الشورى كنظام سياسي لا يقبل 
التحديد في اشخاص معينين أو فترة محددة) . 


فجوابه : ان روايات النبى (ص) والائمة قد حددت عدد الائثمة باثبنى عشر وقد بحثناه مفصلا في الحلقة 
الاولى الفصل الثامن 2( ارجو مراجعته 7 

اما قولك ان الامامة الالحية في موازاة نظرية الشورى . فقد بحثناه مفصلا ف الحلقة الثانية الفصل الاول » 
اما قولك : (انني لم اذكر تضعيف الشيخ المفيد لكتاب سليم وانني استغفلت قرائي ... الى آخره) . 


فاقول : لو رحع الاستاذ الكاتب الى كتابي شبهات وردود الحلقة الاول ص 454 لوحدني اقول بقول 
العلامة التستري (ومن هنا اوحب الشيخ المفيد عدم الاعتماد على كل ما ورد في الكتاب (أي كتاب 
سليم) دون تحقيق) وفي صفحة 45 اقول بقول العلامة التستري ايضاً (والحق في كتاب سليم بن قيس 
ان اصله كان صحيحا قد نقل عنه الاجلة المشايخ الثلاثة والنعماتي والصفار وغيرهم الا انه حدث فيه 
تخليط وتدليس من لمعاندين فالعدو لا يألو خبالا كما عرفت من المفيد... وحيئذ فلا بد ان يراعى 
القرائن ف اخباره كما عرفت من المفيد). 


بعد هذا اسأله . 
من الذي يريد ان يختم المعركة بليل انا ام هو ؟! 
اما قولك : (لا اريد ان احوض معك في جدال مفصل ... الى آخره) . 


فجوابي : ان هذه الطريقة من الرد ليست من البحث العلمي في شيء حبذا لو نمجت في الرد على 
المنهج الذي نمجته معك » فقد اوردث قطعة من كلامك ثم علقتُ عليها وناقشتّها . اقتطع انت أي 
فقرة تامة شئت ومن أي موضوع من المواضيع التي ذكرتها آنفا او غيرها ما حفلث به نشراتي الثلاث» 
وبين الضعف والخلل الذي تراه » وهذا هو الموقف المقبول والمترقب للرد علي من قبلك . 


اما دعوتك الى مواصلة البحث العلمي في الاصول قبل الفروع وان يكون المنهج هو التمسك بالكتاب 
والسنة وهدي اهل البيت (ع) . أقول : فحيهل ... 


20 


فما رأيك ان نبدأ ببحث مسألة : هل يوحد شهداء بعد الرسول (ص) شهادتمم على الناس كشهادة 
الرسول وانحم ائمة هدى يؤحذ بقولهم وفعلهم وتقريرهم كما يؤخذ بقول الرسول وفعله وتقريره وان الناس 
ملزمون بالأحذ عنهم والاقتداء بمم والطاعة لهم واتمم موكلون اميا بحفظ الرسالة بعد الرسول . 


نبدأ أولا بذكر الايات القرآنية الكرمة ثم احاديث النبي (ص) ثم احاديث اهل البيت (ع) . 
ارحو اعلامي ان كنت توافقني على ذلك . 

ومن المفيد قبل ذلك ان تبين مصادر السنة النبوية وحديث أهل البيت (ع) المعتمدة لديك . 
اما ما قلت من (وجوب احترام جميع وجهات النظر الاجتهادية واحترام اصحابا) . 


أقول : فهو مقولة شائعة و لكنها غير صحيحة » والصحيح هو عكسها » وهو ان الاصل احترام 
الاشخاص وليس احترام وجهات نظرهم الخاطئة ومن هنا نلاحظ ان الاسلام احترم اهل الكتاب وسمح 
لهم بالعيش ضمن المجمع الاسلامي بشروط معينة مع انه لم يحترم كثيراً من عقائدهم ووجهات نظرهم 
وانتقدها وعرّض بما وكشف زيفها . 


اما بخصوص الأستاذ احمد الكاتب حين تحوّل من صف القائلين بالنص إلى صف المنكرين له بل 
صف خصوم اهل البيت (ع) لان شعارهم النص فيما بين ايدينا من تراثهم الصحيح المنسوب اليهم 
ومع ذلك فنحن لا نراه قد خرج من الدين » نعم لا شك بخروجه من التشيع الاثني عشري وانتحاله رأي 
ابن ابي الحديد المعتزلي في الامامة وموقفه السلبي من شيعة اهل البيت . 


أكتفي بهذا القدر من التعليق واكرر دعائي ان يهدينا الله واياك للتي هي اركى انه 'بميع بحيب . 
وبعد صدور الحلقة الثالثة من كتابه أرسلت له هذه الرسالة: 
السيد سامي البدري امحترم 


السلام عليكم ورحمة الله 


قلت في الحلقة الثالثة انك سوف بحيب على القضايا الرئيسية التي لم بحب عليها في الحلقات الماضية » 


21 


الامام الثاني عشر ووحوده وتحربت من الموضوع كما لم تناقش موضوع الامامة . ارجو منك الاجابة على 
سؤال: لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا 
بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الامامة على الانتخاب والشورى » كما هوحاصل اليوم في ايران 
( الجمهورية الاسلامية ). وكما اعرف انك تفرق بين الامامة والخلافة وتحاول ان تفسر الامامة بمعنى 
يختلف عن الحكم والخلافة » فهل ستقوم في المستقبل بمناقشة الكتاب ( تطور الفكر السياسي الشيعي 
من الشورى الى ولاية الفقيه ) . 


وارحو منك ان لا تغتر بالمديح الذي كاله لك بعض المشايخ الذين لا يقرأون . 


واعتقد انك قرأت رسالة وزير الثقافة والارشاد الايراني الى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي والحوزة بصورة 
عامة والتي نشرت في الصحافة الايرانية قبل اسبوع حول ضرورة الرد على الكتاب » فهل قرأ الوزير 


والسلام عليكم 

احمد الكاتب 

١999-16-8 

فأحاب السيد سامي البدري بما يلي : 

الى الاستاذ أحمد الكاتب هدانا الله وإياه لما يحبه ويرضاه : 
السلام عليكم ورحمة الله . 


أشكرك على رسالتك وسؤالك » كما اشكرك أيضا على إرسالك لي مقابلتك المنشورة في جريدة القدس 
العربي - لندن/ العدد 605“ الجمعة لا١‏ آب - ١5‏ جمادى الاولى ١47١‏ . أعتذر عن تأخير 


الاحابة بسبب سفري . 


) اعترضت في رسالتك الاسبق ( وهي التي جعلتها مادة العدد الثاني عشر من نشرتك الشورى‎ . ١ 
على منهجي معك في الرد وانصرافي إلى مناقشتك في الحزئيات ثم دعوتي في مقدمة الرسالة الى مواصلة‎ 
البحث العلمي في الاصول قبل الفروع الحزئية . وقلت ان منهجنا هو التمسك بالكتاب والسنة والسير‎ 


22 


على هدي أهل البيت . وقد رحبت بعرضك وكتبث اليك جوابا نشرته في الحلقة الثالثة 4 ١ارجب‏ 
4اهج. 


وقلتُ لك في حوابي لك ( فما رأيك ان نبدأ ببحث مسألة هل يوحد شهداء بعد الرسول (صلى الله 
عليه وآله) شهادتمم على الناس كشهادة الرسول واتهم ائمة هدى يؤخذ بقوطهم وفعلهم وتقريرهم كما 
يؤحذ بقول الرسول وفعله وتقريره وان الناس ملزمون بالاخذ عنهم والاقتداء بمم والطاعة لحم وانهم 
موكلون اهيا بحفظ الرسالة بعد الرسول . ؟ نبدأ اولا بذكر الايات القرآنية الكريمة ثم احاديث النبي (صلى 
الله عليه وآله) ثم احاديث اهل البيت (عليهم السلام) . 


ارحو اعلامي ان كنت توافقني على ذلك . ومن المفيد قبل ذلك ان تبين المصادر الحديثية المعتمدة 
لديك ) 


ولم يصلني منك جواب خاص أو عام وقد مضى على ذلك سنتان . 


١‏ . سألتني في رسالتك بعد صدور الحلقة الثالثة من ردي عليك بمدة بواسطة الانترنيت لماذا تخلى 


الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية 


أقول: مصطلح الامامة استخدم بمعنيين : 


المعنى الاول : معنى خاص ويراد به ان صاحبه حجة في قوله وفعله وتقريره حيا وميتا » وليس من شك 
أن أول أئمة بهذا المعنى هو النبي » ويرى الشيعة ان هذا المعنى للامامة استمر بعد النبي في إِثني عشر من 
أهل بيته بوصية من البى وبأمر من الله تعالى » ويشترطون ف هذا المعنى من الامامة العصمة والنص 
ل ا ل ل ا تَهُنَّ قَالَ 
إن جاعلك لِلنّاسِ إِمَامَا قَالَ وَمِنْ ل قَالَ لا يَتَالُ عَهْدِي الظَالِمِينَ) البقرة/4 ١١‏ . وقالى الله تعالى : 
ووَوَعيقا له إشفاق ويقثوت: كافلة وكل هنا صَاطِون * وَجَعَلْنَاهُمْ أَيِمَةَ يَهْدُونَ بِأَمْرنَا وَأَوْحَيْنَا ليم 
فِعْل اليِرَاتِ وَإِقَامَةِ الصّلاة وَإِيتَاءَ الرْكاةٍ وَكَانُوا لَنَا عَابدِينَ) الانبياء/؟17-١7‏ . وقال الله تعالى : (أٌ 
تَقُولُونَ إنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوب وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أو تَصَارَى قُل أأَنْتُ أَعْلَمْ أَمْ الله 
وَمَنْ أَظْلَمْ يمّنْ كُتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ الله وَمَا الله بِعَافِل عَمَا تَعْمَلُونَ) البقرة/٠ ١4‏ . والاسباط في الاية 
هم يوسف وذريته المعصومون . 


.وم 


23 


إِنَّ إسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط يهدون الناس الى سنة إبراهيم بأمر الله تعالى . 


والدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم إلى آخخر الدنيا 
الائمة على لاحقه . 


والشيعة المعاصرون شأتهمم شأن الماضين من أسلافهم لم يتراحعوا عن اشتراط العصمة والنص والسلالة 
العلوية الحسينية والحصر ف انفي عشر في هذا المعنى من الامامة . 


المعنى الثاني : للامامة معنى عام ويراد به منصب الحكومة وإقامة الحدود وهذا المعنى يعتقد الشيعة فيه 
انه للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده للائمة الاثني عشر (عليهم السلام) ولم يتراجع عن هذا القول 
أحد إلا أن يتراحع عن أصل التشيع » أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين 
اتحاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن إقامتها خاصة بالمعصومين فقط » وابحاه يقول بجحواز قيامها من قبل 
الفقهاء مع القدرة ولم يشترط أحد ممن يتبنى هذا الاتحاه في مقيمها أن يكون علويا حسينيا معصوما 
منصوصا عليه ودونك القائلين بمذا الاتحاه بدءا بأقدمهم الشيخ المفيد ( ت7١:‏ ) وانتهاء بالامام 
الخميني والشهيد الصدر وخلفائهما . 


وف ضوء ذلك يتضح أن السؤال حاطيء أساسا ومبني على الخلط بين قضيتين استخدم لفظ الامام 


الاولى : قضية وحود حجج الحيين على الخلق بعد النبي شهداء على الناس كشهادة النبي (صلى الله عليه 
وآله) والنبي شهيد عليهم كما في قوله تعالى (وَجَاهِدُوا في الله حَقَّ حِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ 
في الدّين من حرج مِلَهَ أَِيكُمْ إِْرَاهِيم هُوَ سَمَاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْكْ وف هذا لِيَكُونَ اليَسُولُ شَهِيدًا 
عَلَيِكُمْ وَتَكُونُوا شْهَدَاءَ عَلَى النَّاسٍ ... ) الحج/78 . 


ال ري لقضية قد ش: ل لي 


وَكَانُوا عَلَيْه شُهَدَاءَ قلا تَخْشَوا 97 وَاحْشَوْنِ ولا تَشْئَرُوا ب آيَاتِ تنَا قَلِيلّا وَمَنْ 1 يَحْكُمْ با أَنْرَلَ الله 
توليك هُمْ الْكَافِئُونَ) المائدة/4 4 . 


وباعتبار التقاء المعنيين في عصر الائمة الاثني عشر في شخصهم (عليهم السلام) » فهم حجج الله بعد 
النبي » وحق الحكم منحصر بحم في زمان حضورهم بنص الاية » اندمج المعنيان في مصطلح الامام 


24 


وصار لدى الشيعة يدل على معنى ثالث يراد به كلا المعنيين وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثني 


استهدف المتكلمون الاوائل للشيعة إثبات كلا المعنيين للامامة لؤلاء الاثني عشر لا غير » ولم يكونوا 
معنيين بمسألة الحكم كمسألة مستقلة . 


ولست أدري لماذا هذا الاصرار من الاستاذ الكاتب على خلط المعنيين . 
إن الموضوعية تقتضي بحث المعنيين كل على حدة لانهما يشيران الى قضيتين مختلفيتين هما : 


القضية الاولى : هل يوحد مبيّنون معصومون للدين بعد النبي يكون بياتهم للسنة النبوية وتفسير القرآن 
كبيان النبي مع كونهم ليسوا بانبياء » ومن هم هؤلاء ؟وكم عددهم ؟ . 


القضية الثانية : من له أهلية وحق إقامة الحدود وتنفيذ الاحكام في المجتمع الاسلامي بدءا من زمن النبي 
؟ هل كل مسلم كيفما اتفق ؟ أم هم صنف معين من الناس له مواصفات خاصة وشروط خاصة ؟وهل 
يتصدى المؤهل كيفما اتفق أم لابد من طريقة خاصة ؟ . 


وتما لا شك فيه أن البحث الاول مقدم على البحث الثاني وأكثر حطورة منه . 


لقد بحثنا القضيتين في الحلقة الثانية من ردودنا عليك الفصل الاول ص5 :5-١‏ . وف الحلقة الثالثة في 


" . وزير الارشاد الايراني حفظه الله لم يكن مطلعا على ردودي عليك وقد وصله أخيرا . أما المديح 
الذي أشرت إليه فهو ليس مديحا وانما تأييد علمي من علماء معروفين بعلميّتهم مسؤولين عن كلمتهم » 
وهو يبعث على السرور لا الغرور » وكذلك الحال مع كلمات القراء الكرام الذين عبروا عن مشاعرهم 
وانطباعاتهم التي تؤكد على فائدة ما كتبناه واعتزازهم به ونحن بدورنا نشكرهم على مبادرتهم في إظهار 
عواطفهم واعتزازنهم . 

؟ . قولك في القدس العربي- لندن العدد "5٠١٠‏ ( ان الحو السائد في الحوزة فيما يبدو ييل إلى عدم 
البحث والاحتهاد في قضية ولادة المهدي ورفض مناقشتها بدعوى اتما من العقائد الاساسية وقد عبر 
السيد سامي البدري من حوزة قم خلال برنامج ( بلا حدود ) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية 


يتاريخ 8/5/ 333 ١عن‏ هذا الموقف بصراحة وقد أثار استغرابي لانه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر 


25 


التاريخ على ضرورة الايمان والالتزام بالعقائك الاساسية عن معرفة وإجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد 
فكيف لمن يدعي العلم التقليد ومنع الاحرين عن الاحتهاد ) . 


5 


أقول : 


لو راحع الاستاذ الكاتب شريط المقابلة ودقق في صوت المتحدث لعرف ان المتحدث باسم السيد سامي 
البدري لم يكن شخصه وإنما هو شخص آخر » وقد فوجئت شخصيا بذلك كما فوجيء الكثير من 
الاسلقام عع فيو صوق وأحرك قينا ينك يان التحدك هو تغييلة: السبل تحسين الكتسميري ومن أخل 
قم في مدينة قم) وقد أتصلت به للتأكد من ذلك /وبامكانك الاتصال به شخصيا للتأكد أيضا/ 
وعاتبته على عدم تصحيح الاشتباه في أول المداخلة أو آخرها فاعتذر بالغفلة وعدم قصد ذلك وله عذره 
على كل حال » وقد أحبرث مقدّم برنامج ( بلا حدود ) بمذه الملابسة في اليوم الثاني وأرسلت له رسالة 
بالفاكس بذلك وكنت قد أرسلت له الحلقات الثلاث من ردودي عليك وكانت الحيادية منه تقتضي ان 
يشير اليها عندما ذكر اسحمي كصاحب مداخلة وقد اعتذر عن ذلك بأتما وصلته بعد انتهاء المقابلة . 


أما موقف علماء الشيعة من المسألة الاصولية العقائدية فهو كما ذكرت عن إجماعهم عبر التاريخ على 
ضرورة الايمان والالتزام بالعقائد الاساسية على أساس مواجهة الدليل مباشرة وعدم جواز التقليد فيها 


وهو من مفاخر متقدميهم ومعاصريهم وتلاميذهم . 

أكرر شكري على مبادرتك ورسالتك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . 
سامي البدري 

ه شعبان / ١57١‏ 

وأرسلت اليه الجواب التالي: 

السيد سامي البدري امحترم 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


طلبت مني في رسالتك الاخيرة عبر الانترنت المؤرخة ” شعبان ١47١‏ بحث موضوع وجود الشهداء بعد 
البي (صلى الله عليه وآله) الذين تعتبر شهادهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول 
وفعل وتقرير الرسول » وان نبدأ ببحث الايات والاحاديث الواردة حول ا موضوع 4 وطلبت مني كذلك 


26 


التفريق بين معنيي الامامة الخاص الذي يعني - في نظرك - الحجية في القول والفعل » واشتراط العصمة 
والنص والسلالة العلوية الحسينية المنحصر في الائمة الاثني عشر » والمعنى العام الذي تقول انه يشمل 
الحكومة واقامة الحدود » وعدم الخلط بينهما . 


وقلت ان الدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم الى آخر 
الدنيا » هو حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الائمة اثنا عشر» 


ونص السابق من الائمة على اللاحق . 


ورغم ذلك فقد أكدت ان المعنيين في مصطلح ١‏ الامام ) اندحا لدى الشيعة في معنى واحد ثالث » 
وصار يراد به كلا المعنيين » وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثبي عشر » وهذا ما يدل على انك 
تحاول التفريق بين معنى الامامة بصورة تعسفية خلافا لما تعارف عليه الشيعة الامامية » وافي لم اخلط 


بينهما » وانما أنت الذي تفرق بينهما بدون ضرورة . 


وعلى أي حال فان نظرية الامامة الالهية ذات الشعبتين التشريعية والتنفيذية المنحصرة في الائمة الاثني 
عشر » حسب ,أي الفرقة الاثني عشرية - والا فان الشيعة الاسماعيلية الامامية او الواقفية لا يؤمنون 
عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام 
الحسن العسكري » بغض النظر عن المناقشة في الاحاديث التي ذكرتما ( حديث المنزلة والثقلين والكساء 
والاثني عشرية وآية التطهير ) ومدى دلالتها وصحة سندها . فاذا استطعت ان نشت ولادة ووجود 
الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية » فان نظرية الامامة او الاثنيى عشرية قد تصحء اما اذا لم 
تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن شىء لا وجود له في الخارج . 


ولذا طلبت منك ف رسالتي السابقة التي كتبتها قبل سنوات بعد صدور الحزأين الاولين من حلقاتك ان 
تبحث القضايا الرئيسية والجوهرية بدلا من ان تغوص في التفاصيل الحزئية والثانوية والحامشية » ولا زلت 
اعتقد ان البحث في معن الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وجود الامام الثاني عشر 
المفترض » وكما قيل العرش ثم النقش . وكأني بك تحاول ان تقفز عن هذا الموضوع الرئيسي المهم بتركيب 
بعض النظريات الكلية لكي تمهد الطريق نحو القول بفرضية وجود الامام الثاني عشر ( محمد بن الحسن 
العسكري ) وهو ما فعله المتكلمون السابقون في القرن الثالث الحجري الذين اصطدموا بالواقع وهو عدم 
وجود ولد للامام العسكري , وبدلا من ان يستسلموا الى الحق ويعيدوا النظر في نظرياتحم الخيالية 


27 


وتأويلاتهم التعسفية وأحاديثهم المزورة أصروا على الباطل وافترضوا وحود ولد للامام العسكري بالرغم 
من نفى الامام ووصيته بأمواله الى أمه المسماة ١‏ حديث ) وعدم وصيته الم أحد من بعده بالامامة . 


وهذا ما عنيت به من الدليل الفلسفي الوهمي الافتراضي الذي نسج اسطورة ( الامام المهدي محمد بن 
الحسن العسكري ) . 


ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للاحاديث ( الضعيفة في المقن والسند ) التي ذكرتها » 
بعد انيار النظرية الاثنبي عشرية » قد يجرك الى الانتقال الى الاسماعيلية او البهرة » واذا أردت ان تعيد 
النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد اتما النظرية السياسية لاهل 
البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والامامة في سلالتهم . 


واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت » وتطبيق ما حدث في 
بني اسرائيل على الحالة الاسلامية » وتفسير كلمة ( الاسباط ) التي تعني القبائل اليهودية الاثني عشرة » 
بأوصياء النبي موسى , الذين تقول انهم اثنا عشر ( بدون دليل ) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وحود 


ولست في حاجة الى اتحامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية الى 
الاسلام » وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان يوشع وصيا للنبي موسى » فأنت تقوم 
بنفسك بالبحث في الاسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجحقت الى لندن لكي تفتش في الكتب 
اليهودية التاريخية عما يدعم نظريتك » علما بأن اليهود الاوائل الذين مارسوا القياس بين اليهودية 
والاسلام لم يقولوا بأكثر من وصي واحد » حيث لم تكن النظرية الاثني عشرية قد ولدت بعد» ولم 
يكن الشيعة الامامية قد حددوا الائمة بعدد محدود قبل القرن الرابع المجري . وقد طلبت منك مرارا ان 
تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم بتأييدها من 
الاسرائيليات . 


وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك لى الله » إذ أراك تستخدم الحوار معي بصورة ملتوية 
ولاغراض سياسية وإعلامية علمها عند الله» وذلك لاني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول موضوع 
المهدي , قبل ان انشره » في سنة ١5947‏ وانتظرت بحيئك الى لندن عام ١1926‏ وألححت عليك باللقاء 
فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام » قلت لك 
لنجلس ونبحث » فرفضت اللقاء » وتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي » فقلت انا لا 
أرد على كتاب غير مطبوع » ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب » ومع ذلك لم تناقش الموضوع 


28 


الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الامامي الاثني عشري وهو وحود وولادة الامام الثاني 
عشر » ونبهتك الى ذلك في رسالتي السابقة فوعدت في الحلقة الثالثة ان تفعل في المستقبل » وم تقم 


بذلك حت الان . . ولا زلت تدور في الحواشي والحزئيات وتتهرب من مواحهة الموضوع الرئيسي . 
أحي العزيز لماذا تضيع وقتك الثمين ووقت القراء ؟ أرجوك الاجابة عن الاسئلة التالية: 


-١‏ كيف تؤمن بوحود الامام الثاني عشر ( محمد بن الحسن العسكري ) ؟ عن طريق الادلة 
الفلسفية الكلامية والنظريات الكلية العامة؟ أم عن طريق الادلة التاريخية العلمية؟ 

؟- ما هي تلك الادلة التاريخية؟ وهل بحثت الروايات المختلفة الواردة حول الموضوع ودرستها 
وقارنت بينها؟ 

*“- هل هي روايات معتبرة لديك؟ وهل تثق برجاها؟ وهل هي مسندة؟ أم ليست الا إشاعات 
أسطورية مضحكة لا ترقى الى درحة أخبار الاحاد الضعيفة؟ 


وكما تعرف فقد بحثت كل هذه المواضيع في كتابي ( تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى 
ولاية الفقيه ) بشكل مفصل » فاذا كان لديك أي رد او نقاش في هذا الموضوع فتفضل به » واذا كنت 
تسلم بما أقول وتعترف كبعض العلماء السابقين بالعجز عن إثبات وحود الامام الثاني عشر المفترض 
بالادلة التاريخية العلمية » فلا تضيع وقتنك ببحث ومناقشة الامور الثانوية الي لا تسمن ولا تغي من 

أما اذا كنت تتعرض الى ضغوط سياسية واجتماعية من امحيط المتحجر الذي تعيش في وسطه فحاول 
ان تماحر الى أحواء أكثر حرية لكي تعبر عن آرائك بصراحة كما فعلت في زيارتك الى لندن عام 
ؤظظ1]5 

واني أعذرك عن عدم مواصلة الحوار بجدية لعدم توفر الشروط الضرورية تحت سياط المحكمة الخاصة 


برحال الدين التي لا تسمح بالخروج عن ثوابت النظام الإيراني والتي أدانت الشيخ أسد الله بيات والشيخ 
محسن كديوار لكلمة حول ولاية الفقيه 5 وحاكمت الشيخ عبد الله نوري لأنه انتقد بعض أفكار الامام 


الخميني او دعا الى أفكار الشيخ المنتظري. 


حقا ان الفكر ليتعطل في أجواء القمع والإرهاب ومحاكم التفتيش » وأسال الله تعالى ان يفرج عنك 
وعن علماء الحوزة العلمية في قم ويوفر لحم جوا من الحرية والأمن والسلام » والسلام عليكم ورحمة الله 


وبركاته. 


29 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 
أحمد الكاتب 
لندن /ا شعبان ١5/1١157١‏ تشرين الثاني ١499‏ 


وأحاب السيد سامي البدري بما يلي» ولكنه لم يرسله لي» وانما نشره فيما بعدء في موقعه» معتذرا 
بخروجحي عن أدب الحوار» إثر احتلاف بيني وبينه حول هوية المتحدث المتداخل معي ببرنامج بلا حدود 
في قناة الجزيرة باسم (السيد سامي البدري): 


قوله : طلبت مني في رسالتك الاخيرة عبر الانترنت المؤرخة ”" شعبان ١57١‏ بحث موضوع وجود 
الشهداء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الذين تعتبر شهادتمم كشهادة الرسول ويعتبر قولحم وفعلهم 
وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول » وان نبدأ ببحث الايات والاحاديث الواردة حول الموضوع . 


أقول : عرضت عليك البحث في هذا الموضوع سنة ١51‏ في نشرة وكتاب شبهات وردود الحلقة الثالثة 
ول تحبي لسنتين مضت عليه ثم ذكرتنك. به سقة .147 لا احبعك على أول رسالة لك :وكهتها الم 
بالانترنيت . ومع ذلك لم تحبني الى بحث هذا الموضوع وحوّلت البحث الى مسألة ولادة المهدي وقلت 
انه الموضوع الاهم . 


قوله : سواء قلنا بحصر الامامة في اثنيى عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها 
واستمرارها على ثبوت ولادة ووحود ابن للامام الحسن العسكري » بغض النظر عن المناقشة في 
الاحاديث التي ذكرتحا ( حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير ) ومدى دلالتها 
وصحة سندها . فاذا استطعت ان تثبت ولادة ووجود الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية » فان 
نظرية الامامة او الاثني عشرية قد تصح » اما اذا لم تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن 


شىء لا وجود له في الخارج . 


أقول : الامامة الالهية لعلى يفرضها حديث المنزلة المتواتر » وحديث الغدير المتواتر وأحاديث أخرى 
كثيرة . والامامة الالحية لاهل البيت بشكل عام يفرضها حديث الثقلين وآية التطهير وغيرها من 
الاحاديث . وتحديدهم بإثبي عشر يفرضه حديث الاثني عشر الثابت صدروه عن النبي وقد ذكرنا طرفا 
من طرقه ومصادره قٍِ الحلقة الاولى من كتابنا شبهات وردود . وإمامة الامام الثاني عشر فرع لامامة 


30 


آبائه فإن صحت إمامة آبائه (عليهم السلام) فعندئذ تثبت إمامته (عليه السلام) . أما ولادة المهدي 
فهي ثابتة بالنقل المتواتر عن أصحاب الحسن العسكري وقد مر البحث فيها . 


قوله : اعتقد ان البحث في معنى الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وحود الامام الثاني 


عشر المفترض » وكما قيل العرش ثم النقش . 


أقول : انما نبهتك الى ان مصطلح الامامة استعمل بمعنيين أو ثلاث بسبب اصرارك على استعمال معنى 
واحد وهو معنى ( الحكم ) هذا المعنى الذي أدى بك ان تقول ( ان الشيعة يشترطون في الحاكم العصمة 
والنص والسلالة العلوية الحسينية واتحم لما أقاموا دولتهم في ايران تخلو عن هذه الشروط في الحاكم ) ! 
والحال أن الشيعة ( اشترطوا العصمة والنص والحصر في على والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين 
(عليه السلام) ) في إمامة خاصة بحم وهي عين إمامة الرسول من حيث حجية قوله وفعله وتقريره سواء 
كان حاكما او لم يكن » وهذه الامامة لطؤلاء الاثني عشر نظير إمامة اسماعيل واسحاق ويعقوب 
ويوسف والمعصومين من ذريته قبل موسى ونظير إمامة آل هارون بعد موسى المذكورين في القرآن . أما 
الحكومة فهي حق هؤلاء الائمة في زمانحم وتستمر بعدهم في الصالحين من الفقهاء سواء كانوا من ذرية 
هارون أو من ذرية غيرهم وكذلك الامر في الحكومة في عصر الغيبة هي للعدول من الفقهاء الكفوئين 
تمن تثق به الامة سواء كانوا من الحاشهميين أو لم يكونوا . 


وهكذا لم يتخل أحد تمن رفع شعار ولاية الفقيه وإقامة الدولة تحت رايته عن عقيدته الاثني عشرية 
وذلك لوضوح ان إمامة أولئك الائمة إمامة خاصة . يكون الحكم شأنا ضئيلا حدا من شؤوتها . وإن 
الحاكم لا يشترط فيه العصمة ولا النص ولا السلالة العلوية الحسينية . 


قوله : ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للاحاديث ( الضعيفة في المتن والسند ) التي 
ذكرتما » بعد انميار النظرية الاثني عشرية » قد يجرك الى الانتقال الى الاسماعيلية او البهرة » واذا أردت ان 
تعيد النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد انما النظرية السياسية 
لاهل البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والامامة في سلالتهم . 


أقول : لم تبين نقاط الضعف ف الروايات التي ذكرناها وقد ناقشنا كل إشكالاتك حول الاثني عشرية 
في نشرتنا شبهات وردود الحلقة الاولى وبقي حديث الاثني عشر على قوته وإعتباره السندي والدلالي . 
وقد نبهناك في الحلقة الثانية والثالثة من ( شبهات وردود ) وكذلك في رسالتي الحوابية الاولى بواسطة 
الانترنيت انه لا تعارض القول بوحود اثني عشر اماما نص النبي عليهم أئمة هدى وحجج على الناس 
من بعده وكونحم أحق من غيرهم بالحكم أحقية أختصاص وبين القول بالشورى ف الحكم بالمعنى الذي 


31 


فصلناه في الحلقة الثانية ص 88-0 . أما قولك (أن الائمة لم يكونوا يدعون العصمة ولا 
النص ... ) فهي دعوى ادعاها قبلك علماء السنة قديما وحديثا » وبحث هذه المسألة يقوم على قضيتين 
الاولى دلالة النصوص القرآنية والنبوية على وجود معصومين » الثانية صدق نقل الشيعة عن أئمتهم . 
وبحث المسألة الاولى والفراغ منها مقدم على بحث المسألة الثانية . 


قوله : واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت » وتطبيق ما حدث 
قي بني اسرائيل على الحالة الاسلاميةوتفسير كلمة ( الاسباط ) التي تعني القبائل اليهودية الاثني عشرة » 
بأوصياء النبي موسى » الذين تقول انهم اثنا عشر ( بدون دليل ) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وحود 


أقول : منهج المقارنة بين ما حرى في بني إسرائيل وما حرى في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) أكد 
عليه القرآن والسنة الصحيحة وليس هو من القياس ف شيء وما رفضه اهل البيت من القياس هو 
القياس ف الاحكام . وقد وضحنا المسالة في الحلقة الاولى م شبهات وردود ص ١8-1١71‏ ردا على 
مقالك في الشورى العدد الثالث ص ”5 . أما الاسباط الواردة في الايات التي أوردناها في حوابنا فهي 
ليست ذات صلة بأوصياء موسى بل هي ذات صلة بأوصياء ابراهيم أرحو ان تدقق النظر فيها مرة 
ثانية . ثم ان أوصياء موسى اثنا عشر قد نص عليهم القرآن الكريم في قوله تعالى ( اثنا عشر نقيبا . . ) 
وهو يخالف ما اوردته التوراة من العدد ( ١5‏ ) وتسميهم بالقضاة . 


قوله : ولست في حاجة الى اتحامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية 
الى الاسلام » وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان يوشع وصيا للنبي موسى » فأنت تقوم 
بنفسك بالبحث في الاسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجقفت الى لندن لكي تفتش في الكتب 


أقول : القرآن يصرح بأن بر بعئة النبي مذكور في التوراة والانجيل كما في قوله تعالى (الَّذِينَ يتعُونَ 
ليسول الت الْأَمَىَ الَّذِي يَدُوتَهُ مَكُتُوبًا عِنْدَهُمْ في التّراةٍ وَالْإنجِيل) الاعراف/51١‏ » ويصرح ايضا ان 
خبر المسلمين مع النبي الذين جعلهم الله شهداء على الناس بعد النبي مذكور في الكتب السابقة كما في 
قوله تعالى (وَحَاهِدُوا في الله حَقّ حِهَادهِ هُوَ اجْتبَاكُم وَمَا كل عَلَيِكُمْ في الدّينِ من حرج مِلَه أَييكُْ 
إِْرَاِيمَ هُوَ سَمّاكُمْ الْمُسْلِمِنَ مِنْ قَبْلُ وَنِ هذا ليَكُونَ اليَسُولُ سشَهِيدًا عَلَيْحمْ وَتَحُونُوا شْهَدَاء عَلَى النّاسٍِ) 
احج 7 . فالاية صريحة في قضية ان المسلمين الشهداء على الناس في هذه الاية قد وصفهم وعينهم 
الله تعالى من قبل أي في الكتب السابقة يبقى الكلام من هم هؤلاء هل هم كل المسلمين ولم يكونوا 


32 


كلهم من ذرية ابراهيم أم هم آل النبي كما ذكرالصادق (عليه السلام) ؟ وسواء كانوا هؤلاء أم أولئك 
هل يعتبر البحث في الكتب المقدسة للعثور على النصوص التي أشار اليها القرآن في حق النبي والشهداء 


والحمد لله فاني لست أول باحث في هذه الايات ومتابع لواقعها في الكتب المقدسة فقد سبقني علماء 
المسلمين من السنة والشيعة فهذا ابن كثير وابن تيمية وقبلهما البيهقي والماوردي وقبلهما ابن هشام وابن 
اسحاق وغيرهما وي العصر الحديث كثير منهم الشيخ رحمة الله الكيرانوي ف كتابه اظهار الحق طبع قبل 
مأئة سنة ثم جحدد طبعه الدكتور عمر الدسوقي سنة 18٠١‏ ١ومنهم‏ الدكتور احمد حجازي السقا وقد 
كتب أكثر من كتاب في الموضوع وكان أحدها رسالة للدكتوراه ومنهم قيس الكلبي وعنوان كتابه ( محمد 
آخرالرسل في التوراة والانمجيل ) ( 535١م‏ ) طبع في اميركا بالانكليزية والعربية . ولهم نظراء من الشيعة 
قديما كالنعماني في كتابه ( الغيبة ) والطبرسي في إعلام الورى وغيرهما وحديثا كالعلامة البلاغي الذي 
تعلم العبرية وناقش اليهود في أكثر من كتاب والعلامة العسكري في كتابه معالم المدرستين والاستاذ تامر 
مير مصطفى في كتابه بشائر الاسفار ( 55315 ١م‏ ) وغيرهم و في منهجك فإن كل هؤلاء متهمون بتهمة 
السبائية ويبدو انك تريد خصوص الباحثين الشيعة الذين عرضوا في بحوثهم العلمية ان التبشير بالنبي 
محمد (صلى الله عليه وآله) في الكتب الالهية السابقة مقترن بالتبشير بالاثني عشر » وهو أمر يغيظك 
حدا وإذا كان الامر كذلك فلماذا تدعو للحوار إذن ؟ 


منك مرارا ان تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم 


أقول : بحثنا دعواك ان الشيعة لم يكونوا يعرفون الاثني عشرية قبل القرن الرابع المجري في الحلقة الاولى 
التي صدرت سنة ١5411‏ هجرية وقد كرسناها للرد على كل شبهاتك حول الاثني عشرية ثم أثبتنا لك 
صحة نسبة الاحاديث الاثني عشرية الى أهل البيت وإلى النبي قبل ذلك ولم ترد بشيء وقد مضى على 


تلك الردود المنشورة ما يقرب من اربع سنوات | 


قوله : ( وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك الى الله » إذ أراك تستخدم الحوار معي بصورة 
ملتوية ولاغراض سياسية وإعلامية علمها عند الله » وذلك لاني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول 
موضوع المهدي », قبل ان انشره » في سنة ١197‏ وانتظرت بحيئك الى لندن عام ١9560‏ وألححت 
عليك باللقاء فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام » 


33 


قلت لك لنجلس ونبحث » فرفضت اللقاءوتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي » فقلت 
انا لا أرد على كتاب غير مطبوع » ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب » ومع ذلك لم تناقش 
الموضوع الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الامامي الاثني عشري وهو وحود وولادة 
الامام الثاني عشر » ونبهتك الى ذلك في رسالتي السابقة فوعدت في الحلقة الثالثئة ان تفعل في 
المستقبل » ولم تقم بذلك حى الان. . ولا زلت تدور في الحواشي واللحزئيات وتتهرب من مواحهة 


الموضوع الرئيسي ) . 
أقول : 


١‏ . ردودي عليك في حلقاتٍ الثلاث وفي هذه وهي الرابعة مستقيمة وواضحة حيث اني نحجت فيها 
جميعا منهجا واحدا وهو أني كنت اورد قولا لك منشورا ف نشرتك الشورى أو في كتابك يعبر عن فكرة 
تامة وأشير الى موضعه ف نشرتك أو كتابك ثم أعلق عليه بما تيسر لي من البحث والكلام العملي ) 
وأغراضها واضحة وقد وضحتها في مقدمة الحلقة الاولى حيث قلت في ص ١5١‏ ( إن أحاول في هذه 
الاوراق ان أختصر الرد وأيسره لطلاب الحقيقة وبخاصة وأن كثيرا منهم لا يتسع وقته لمراجعة مطولات 
الكتب ولا مختصراتما ) وكان بإمكانك لو وحدت فيما رددت به عليك ثلمة ان ترد وقد مضى من الزمن 


ما يكفي . 


؟ . قولك ( كنت تتهرب مني ) ما يضحك الثكلى » أما تذكر يوم دعاك الاستاذ الدكتور سعد جواد 
في الى بيته العامر في لندن سنة 135 الحضور اول محاضرة لي بعد قدومي مع مناقشة مفتوحة بعدها ونم 
تحضر الا بعد انتهاء امحاضرة والمناقشة وخروج أغلب المدعويين ووصلت ونحن ف حال الخروج ولما 
دحلت لم نحلس وبقينا واقفين وتحدثنا قريبا من ثلث ساعة وفيها طلبت مني لقاء منفردا فأبيث ذلك 
وأصررث على اللقاء المفتوح وبحضور عدد واسع من الاخحوة فكان جوابك ان الناس لا يتحملون صراحة 
الافكار وأتوقع منهم الاهانة فقلت لك انك أعلنت عن أفكارك وديسكات كتبك تتحرك في المجتمع 
والمفروض انك تتحمل ردود الفعل على أفكارك وبقيت الفكرة معروضة شهرين مدة وحودي في لندن 
وكنت تصر فيما بعد على عدد قليل وكنت أصر على العدد الكثير حيث كنت أحدس ان النقاش معك 
لا يحدي نفعا وانما اردث من حضور الكثرة آنذاك هو فائدتمم وشهادتمم لا غير وقد تبين لي وللاخرين 
صدق حدسي بعد انسحابك من الحوار على شبكة هجر الثقافية الموقرة شهر رمضان المبارك سنة 
بعذر انك غير متفرغ لمواصلة الحوار على الرغم من انك طالب الحوار معهم . 


ولست أدري كيف ا مرب منك وأنا أول من نشر ردوده عليك بصورة معلنة وصريحة ولا فخر !. 


34 


* . أما اشتراطي عليك الفصل بين معنيي الامامة فقد أخبرتك في وقته انك وقعت في خلل منهجي 
مركزي تحرك معك في كتبك الثلاثة وهو انك تنظر الى إمامة أهل البيت على انحا مسألة سياسية 
حسب . بينما هما مسألتان الاولى كونمم حجاً إلميبين معصومين بعد النبي شهادتمم على الناس كشهادة 
النبي ومن تركهم ظل ومن أحذ بقولهم وتمسك بمم بحى . الثانية مسالة كوتمم الاولى بالحكم بعد النبي 
اولوية اعتصاص لا أولوية تفضيل . وقد مر تفصيل ذلك . وأذكر انني سألتك في احدى المكالمات 
الحاتفية بيني وبينك لما لا تقبل بالمنهج المذكور قلت إذا قبلت به فإن كتبي الثلاثة تنهار !!! والامر واضح 
وهو انك بنيتها على منهج خاطيء . 


5 . لقد بقيثُ ملتزماً بكلمتي معك وهي انني قلت لك : فى وقته إنني لا أرد على كتاب غير منشور » 
ولو راجعت الحلقة الاولى والثانية من كتابي شبهات وردود لوجدتمما ردا على نشرتك الشورى وليس 
على كتابك الذي لم تطبعه آنذاك » أما الحلقة الثالثة فقد رددت فيها على كتابك بعد ان نشرته والذي 


لم تشر فيه الى ردودي عليك ! . 


ه . الغريب انك حكمت على الشيعة الاوائل القائلين بالوصية بانحم أحذوا فكرة الوصية من عبد الله 


وحين ادعيت أن الشيعة في القرن الثالث لم يعرفوا الاثني عشرية وأثبت لك حطأ دعواك هذه أصبحت 


المسالة عندك مسألة هامشية وحزثئية !!! . 


وحين قلت ان روايات كثيرة في المصادر الشيعية تفيد ان الائمة لم يكونوا يعرفون إمامة الامام اللاحق 
بعدهم الا عند قرب وفاتهم وأثبت لك انك أحطأت في فهم الرواية أصبحت المسألة عندك مسالة 


فائفية يدري 1ك 


وحين ادعيت أن الشيخ محمد بن علي بن بابويه الصدوق كان يشك بتحديد الائمة باثي عشر وأثبت 
لك خحطأ دعواك بنسبة الشلك اليه بالعقيدة الاثنى عشرية أصبحت المسالة عندك مسألة هامشية 
وحرئية . 

وهكذا كل ما ناقشتك فيه من دعاواك في الحلقة الاولى والثانية والثالثة واثبت لك خحطأك فيها اصبحت 


وليس من حقك تحميش هذه القضايا وقد سقتها واحدة بعد الاخرى لتبني تصورك السلبي عن التشي 
الاثني عشري وقضاياه الاساسية . 


35 


والان بين يديك الحلقة الرابعة وقد اثبت لك خحطأ دعواك : ان شيعة الحسن العسكري تفرقوا الى اربع 
عشرة فرقة وأن القائلين منهم بوجود المهدي بن الحسن العسكري هم شرذمة من اصحاب الحسن 
العسكري وليس جمهور اصحابه » ولا بد اتما ستصبح عندك بعد ذلك مسألة فرعية وجزئية بإعتبارها 
متفرعة عن مسألة الامامة الالمية بعد النبي ككل والتي يجب بحثها أولا والفراغ منها قبل بحث مسألة 
وجود المهدي (عليه السلام) وفي هذه المرة يكون الحق معك ولا بد ان نبدأ ببحث الامامة اولا وقبل 
البدء لا بد ان نتفق على مرادنا من مصطلح الامامة وهو ما قلناه لك في شهر رمضان لسنة 15١5‏ ١ه‏ 
الموافق سنة ١998©‏ م . وقد بحثنا مسألة الامامة الالحية في الحلقة الثانية والثالثة من كتابنا شبهات 
وردود . 


ع ع 


أخي أحمد الكاتب : أحب أن أصارحك ان الجهد الذي بذلته شخصيا للرد على شبهاتك وبذله أخوة 
آخرون في كتابات ستظهر قريبا جزاهم الله تعالى عليها خير الجزاء ليس من أجل ان تغير تصوراتك 
الخاطئة عن إمامة أهل البيت (عليهم السلام) » وذلك لانك لو أردت ان تصل الى الحقيقة فيها فقد 
كانت ميسرة لك حين كنت تعيش في عمق مصادر الشيعة وتراثهم الفكري ومن ثم لست بحاحة الى 
هذه الابحاث » وهي ( أي الحقيقة ) ميسرة ايضا لغيرك ممن يعيش في عمق مصادر أهل السنة وترائهم 
الفكري » والسر ف ذلك هو ان كتاب الله يدعو لها قبل ان يدعو لها تراث الشيعة كما ان حديث 
النبي (صلى الله عليه وآله) برواية أهل السنة يدعو لما قبل ان يدعو لما تراث الشيعة » وفي حقبتنا 
المعاصرة قد انفتح على هذه الحقيقة اناس ممن ليسوا من أهلها أكثر تمن انغلق عليها من أهلها وقد 
انفتح كثير من هؤلاء لا بجهد خاص من شخص معين بل بجهدهم الخاص ومعاناتهم الخاصة و تفكيرهم 
الحر . وانت شخصيا / إن أردت الحقيقة / لست بجاحة الى أكثر من عودة الى ذاتك فأنت أعرف با 
منا جميعا إقرأها من حديد بعد انسحابك من الحوار من شبكة هجر ء اقرأ معي قوله تعالى : (بَلْ 
الْإنسَاكُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرةٌ ولو أَلْقّى مَعَاذِيَهُ ) القيامة/4 ١5-١‏ وقوله تعالى حاكيا عن نبيه نوح (ثَالَ 
ا قَوْم أََْنمْ إن كنث عَلَى بِيَة من رَيّ وآنَاي رَحَةَ من عِنْدِ مَعْمَيَتْ عَلَيَكُمْ أْلِكُمُوها ونث لا 
كَارِهُونَ) هود//١؟‏ والشاهد قوله تعالى (فَعْمّيَتْ كر َتلْرفُكُمُوهَا ولق لا كَارِهُونَ) أي فخفيت 
عليكم بسبب الموقف المسبق . ولنقرأ سوية المأثور من قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : عباد 
لله » زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا » وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا » وتنفسوا قبل ضيق الخناق » 
وانقادوا قبل عنف السياق » واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاحر » لم 
يكن له من غيرها لا زاحر ولا واعظ . . جعلك الله من أهل الحق وهداك له . والسلام عليك ورحمة 


36 


مللاحظة : لم أبعث له هذه الرسالة بسبب خروحه عن أدب الحوار 3 
أحمد الكاتب يرد على الحلقة الرابعة: 


البدري يعتراف: لا يمكن اثبات وجود الامام المهدي بصورة مستقلة 


طلب مني عدد من الاخوة الكرام المهتمين بالحوار حول وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن 
العسكري) الرد على الحلقة الرابعة التي أصدرها الاستاذ سامي البدري مؤحرا (في شوال .)١57١‏ وبما 
افي كنت انتظر رده منذ حوالي تمان سنوات » بعد أن أرسلت اليه نسخخة مخطوطة من كتابي عن الامامة 
والمهدي في سنة ١1947‏ » فقد أسرعت الى مطالعة كتابه الجديد (الحلقة الرابعة من شبهات وردود) بدقة 
» علبي أحد فيه أي دليل علمي تاريخي على ولادة ووجود الامام الثاني عشر » وان كنت أحدس ان لا 
شيء جديد فيه والا لكان البدري بادر الى عرضه خلال الأعوام الماضية. 


ويشهد الله اني كنت مستعدا ولا أزال ان أتقبل أي دليل يثبت الموضوع » ومستعدا لتغيير رأبي بيني 
وبين الله » وإعلان ذلك على الملا بلا استحياء او نحجل مادام الحساب عسيرا في الآخرة. ولكني 
فوجئت بالأستاذ البدري يؤكد أقوالي ويزيدنى إيانا بما توصلت اليه من قبل من ان الايمان بوجود الامام 
الثاني عشر ليس الا فرضية فلسفية احتهادية وهمية . وهذا ما دفعني الى تقديم الشكر الحزيل له على 
اعترافه ببعض الحقائق التي ذكرتما من قبل . 


لقد قلت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) : ان وفاة الامام الحسن 
العسكري في سامراء سنة 5٠١‏ للهجرة دون إعلانه عن وحود حلف له » أدت الى تفجر أزمة عنيفة في 
صفوف الشيعة الامامية الموسوية وحدوث نوع من الشك والحيرة حول مصير الإمامة بعد العسكري » 
وتفرقهم الى أربعة عشر فرقة. وان القول بوحود ولد له في السر امه محمد وانه الامام المهدي » كان قولا 
فرضيا فلسفيا سريا باطنيا قال به بعض أصحاب العسكري بعد وفاته » ولم يكن الأمر واضحا وبديهيا 
ومجمعا عليه بين الشيعة في ذلك العصر. وان دعاوى الإجماع والتواتر والاستفاضة التي يدعيها البعض 
على وحوده وولادته لم يكن لما وحود في ذلك الزمان. 


وقلت :ان الدافع الرئيسي لافتراض وحود الولد للامام العسكري هي الأزمة الفكرية التي وقع بحا قسم 


من الامامية نتيجة لاعتقادهم بحتمية وجود إمام معصوم معين من قبل الله في كل زمان الى يوم القيامة. 


37 


وان الأدلة النقلية (الروايات والأخبار) التي يوردوتما حول الموضوع اما غامضة او ضعيفة ومختلقة بعد 


واننا لا بد ان نبحث في الأدلة التاريخية الى تحدثت عن ولادته ومشاهدته في حياة أبيه وبعد وفاته 
» ونتأكد منها كطريق وحيد لاثبات وحوده. وانه لا يعقل إثبات وحود انسان في الخارج عن طريق 
الاستدلال الفلسفي النظري. 


وقد اعترف الأستاذ سامي البدري في كتابه الجديد بصحة النقطة الاولى وهي وقوع الحيرة والفرقة في 
صفوف شيعة الامام الحسن العسكري والانقسام الى أربعة عشر فرقة » ونقل أقوال النويختي والاشعري 
القمي والمفيد في ذلك. وان كان البدري قد ناقش في زمن وقوع الحيرة وحجم تلك الفرق. 


وأهمل البدري تماما الإشارة الى الدليل التاريخي الذي كان ينطوي على أساطير مضحكة وغريبة لا 
يقول بما الا الغلاة كولادة ابن الحسن من فخذ أمه وحمله في الجنب وأخذ الطيور له وتموه السريع وعلمه 
بالغيب وتكلمه في المهد. ويبدو ان البدري يقر ويعترف بضعف هذا الدليل الأسطوري الذي لم يذكره 
الأولون الا من باب التأييد والإسناد والا فاتحم كانوا يعترفون بضعف رواته وانقطاع سلسلة السند. 


واعترف الأستاذ البدري ايضا بأن القول بوحود ابن للامام العسكري هو بالدرحة الاولى افتراض 
فلسفي وانه يرتكز على قانون الوراثة العمودية في الامامة.وان الطريق لاثبات وحود ذلك الولد بصورة 
مستقلة مسدود تماما. 


وذكر البدري أقوال المؤرحين الشيعة السابقين حول سرية وباطنية القول بوجود الولد. 


وقبل ان انقل أقواله بالتفصيل وأناقشها قولا قولا أود التأكيد على: ان منهج البدري في البحث والتفكير 
والنقاش يقوم على التفسير الباطني والتأويل التعسفي والانتقاء المزاحي والافتراض الوهمي والتقليد الساذج 
والاهتمام بالحهوامش الحزئية والتهريج الانفعالي والاتمام الشخصي والغرور المتعالي. وهذا ما أدى به الى 
الوقوع في الشبهات والايمان بالأساطير والتخبط في الحيرة والتناقض والانحراف عن فكر أهل البيت 
السليم والابتعاد عن العقل والمنطق. 


تقل الأستاذ البدري قول النويختي والأشعري القمي في كتابيهما المتشايمين: (فرق الشيعة) و (المقالات 
والفرق): ان الامام الحسن العسكري توق ولم يُرَ له حلف ولم يعرف له ولد ظاهر » وأنه ليس للعباد ان 
يبحئوا عن أمور الله ويقفوا أثر ما لا علم لهم به ويطلبوا إظهار ما ستره الله عليهم وغيبه عنهم ولا 
البحث عن اسمه وموضعه ولا السؤال عن أمره وطلب مكانه إذ هو حائف مغمور مستور بستر الله » بل 


38 


البحث عن أمره والسؤال عنه محرم لا يحل , لأن في إظهار ما ستر عنا وكشفه إباحة دمه ودمائنا. كما 
نقل البدري قول النوبختي ابي سهل المتكلم الشيعي المعاصر في (التنبيه في الامامة): بأن الناس أمروا ان لا 


وعقب البدري على ذلك:" أقول ان النصين (للنويختي والاشعري القمي) يتفقان على مسألة تفرق 
أصحاب العسكري الى أربع عشر فرقة » وعدم ذكر حجم كل فرقة منهاء الأمر الذي يجعل القارئ محقا 
ان يفترض ان هذه الفرق متكافئة عدديا » وبالتالي يحكم ببساطة ان نسبة الفرقة الامامية (وكلهم 
اماميون) هي نسبة واحد من أربعة عشر » وتزداد أهمية وحطورة النتيجة حين نعلم ان النويختي والاشعري 
القمي هما من علماء الشيعة المعاصرين لفترة الغيبة الصغرى." 


ويضيف البدري:" ما لا شك فيه ان قسما كبيرا من الشيعة عاشوا حيرة شاملة حين بلغهم خبر انقطاع 
النيابة الخاصة بعد وفاة النائب الرابع حيث لا يوجد مرحع معين من الامام المهدي ينهض بأمورهم . 
وتصدى علماء الشيعة في تلك الفترة لرفع الحيرة التي نشأت بسبب ذلك وكتبوا كتبا حالدة » مثل كتاب 
(الامامة والتبصرة من الحيرة) لعلي بن بابويه الذي يقول فيه: "رأيت كثيرا تمن صح عقده... قد أحاد ته 
الغيبة وطال عليه الأمد حتى دخلته الوحشة فجمعت أخبارا تكشف الحيرة".وكتاب (الغيبة) للنعماني 
الذي يقول فيه:" اما بعد فانا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة الى التشيع من يقول بالإمامة... قد 
تفرقت كلمتها وشكوا جميعا الا القليل في إمام زمانتهم وولي أمرهم وحجة ربحم للمحنة الواقعة بمذه الغيبة 
وان الجمهور منهم يقول في الخلف : أين هو ؟ وأى يكون؟ والى متى يغيب؟ وكم يعيش؟" وكتاب 
(إكمال الدين وإتمام النعمة واثبات الغيبة وكشف الحيرة) للشيخ الصدوق الذي يقول فيه:" ان الذي 
دعاني الى تأليف هذا الكتاب... وحدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة". 


ويعلق البدري على ذلك بالقول: ان السر في هذه الحيرة هو انقضاء اليل الذي شاهد الامام وتعامل 
معه جحسديا ونشر أخباره » وكون الغيبة ظاهرة حديدة لم يسبق لما مثيل في المجتمع الاسلامي. ويهاجمني 
قائلا: ان الكاتب لم يكن قد تحرى الأمانة والدقة العلمية ولا استوعب المصادر الأساسية في مثل هذه 
القضية الخطيرة. 


وذلك بالرغم من عبارات المؤلفين الثلاثة الصريحة بوقوع الحيرة بسبب الغموض حول وجود الامام 
الثاني عشر » وان الشيخ علي بن بابويه كتب كتابه (الامامة والتبصرة من الحيرة) في ظل ما يسمى 
بالغيبة الصغرى » حيث توثي مع الصيمري في وقت واحد وهو سنة 555 » كما يذكر البدري نفسه » 
الا ان البدري يتغافل عن كل ذلك ويحاول ان يوهم القراء بصورة تعسفية بأن سبب الحيرة التي عمت 


39 


الشيعة في ذلك العصر هو انقطاع النيابة الخاصة وليس الاختلاف حول وجود الولد للامام العسكري » 
وكأن تلك الفرق الأربعة عشر ولدت في وقت متأحر. ومع ذلك لا يجحد حرحا في ادعاء الأمانة والدقة 


العلمية واستيعاب المصادر الأساسية واتمامى بعدم ذلك! 
هكذا يأوّل النصوص الصريحة ويفسرها كما يشتهي. 


وف محاولة منه لتأويل الحيرة وتحجيمها بتقليل حجم الفرق الأربع عشرة التي تفرقت بعد وفاة الامام 
العسكري يدعي البدري: ان الجمهور من الشيعة أجمعوا على إمامة القائم المنتظر وأثبتوا ولادته. 
ويستشهد لذلك بقول للمفيد في (الفصول المختارة) يسنده الى النوبختي ويقول فيه:" لما توق أبو محمد 
الحسن بن علي افترق أصحابه بعده - على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى النويختي - بأربع 
عشرة فرقة » فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر واثبتوا ولادته وصححوا النص عليه وقالوا هو سمي 
رسول الله ومهدي الأنام." 


ويفترض البدري قائلا: يتضح من هذا النص ان نسخة النويختي المطبوعة قد أصابما التحريف حين لم 
يذكر فيها عبارة (الجمهور منهم). وبناء على ذلك يلومني على عدم التحقيق في النسخ الموحودة من 
كتاب النويختي (فرق الشيعة) وكتاب الاشعري القمي (المقالات والفرق). 


ويستشهد بقول آخر 2 سهل النويختي في «التنبيه في الامامة): ان الحسن خلف جماعة من ثقاته ممن 
يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته وأمواللهم ويخرجون اللحوابات » فلما مضى أجمعوا جميعا على 
انه خلف ولدا هو الامام وأمروا الناس ان لا يسألوا عن امه وان يستروا ذلك من أعدائه. 


ويعلق البدري مفترضا : من البعيد جدا ان يكون ابن الأخحت (أبو سهل) وهو معني بالأمر غير مطلع 
على كتاب خاله (الحسن بن موسى) في الموضوع نفسه . وهو شيخ متكلمي الشيعة في بغداد في وقته 
واذا اطلع عليه وكان مختلفا فمن البعيد ان لا يذكر رأيه. 


عضي الأستاذ سامي البدري في الاستدلال على قوله بأن جمهور الشيعة كان يقول بوجود الولد 

بالاستشهاد بأقوال عدد من علماء السنة كأبي الحسن الاشعري (توفي سنة )١91‏ والذهبي (توقي سنة 
وابن حزم الأندلسي (توفي سنة /54) وسبط ابن الحوزي (توقٍ سنة 545 (ومحمد بن طلحة 
الشافعي (توثٍ سنة 157) وابن طولون (توقي سنة 157) وابن الصباح المالكي » الذين قالوا بأن جمهور 
الرافضة ثبتوا على ان للحسن ابنا أحفاه » فيستنتج البدري ويقول: يتضح من ذلك كله في ضوء المصادر 


40 


السنية والشيعية القديمة ان جمهور أصحاب الحسن العسكري وثقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا 
يقولون بالولد وكون أبيه الحسن قد نص على إمامته وانه المهدي الموعود. 


ولم يكتف البدري بذلك بل اتحمني بلي عنق هذه الكلمات زورا وبحتانا وتضليلا للقارئ وزيادة في 


التعميم. 


وبالرغم من أن البدري اعترف بأن النوبختي والاشعري القمي لم يذكرا حجم كل فرقة من الفرق الأربع 
عشرة » مما يجعل القارئ محقا ان يفترض التكافؤ العددي لكل منها » وبالتالي الحكم ببساطة بأن نسبة 
الفرقة الامامية هي نسبة واحد من أربعة عشر. الا ان البدري يسارع الى الحكم علي بلي عنق الكلمات 
» هكذا وبكل سهولة وفي محاولة انفعالية مكشوفة لتشويه سمعتي العلمية » في حين يقوم هو بممارسة ما 
اتحمنى به بالضبط وبلا استحياء. 


لقد أهمل قول النعماني الصريح . في أواسط القرن الرابع المجري, الذي يقول فيه:" ان الجمهور منهم 
يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون؟ والى متى يغيب؟وكم يعيش؟ أي حيرة أعظم من هذه الحيرة التي 
أخرحت من هذا الأمر الخلق الكثير والجم الغفير ولم يبق من كان فيه الا النزر اليسير وذلك لشك 


1 


الناس. 


واعتمد البدري على قول المفيد وهو متأخر مائة عام على الأقل عن النوبختي والاشعري » وخلط في قراءة 
نص المفيد الذي ينسب الى النوبختي القول بتفرق شيعة العسكري الى أربعة عشر فرقة » فقط .» ويضيف 
من عنده بقية الكلام . ويتضح هذا من ذكر المفيد لاسم القائم وانه مهدي الأنام » وهذا ما لم يرد في 
نص النوبختي او الاشعري اللذين كانا يحرمان الإشارة الى ذلك. وربما كان قول المفيد (فقال الجمهور 
منهم) حكاية عن زمانه فق أواخر القرن الرابع او الخامس المجري » والنويختي يتحدث عن الحيرة في 
أواسط القرن الثالث الهجري في أعقاب وفاة الامام العسكري » ولم يشر الى الاتجاه العام (الجمهور). 

وقد أكد هذه الحقيقة (عدم قول الجمهور) أبو سهل النوبختي المتكلم الشيعي المعاصر للغيبة الصغرى 
عندما قال: خلف الحسن جماعة من ثقاته فلما مضى أجمعوا جميعا على انه خلف ولدا هو الامام وأمروا 
الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من أعدائه. ولم يقل ان الشيعة كلهم اجمعوا على ذلك وانما 
تلك الجماعة . وبالتاليي لا حاجة للبدري ان يفترض قراءة ابي سهل لكتاب خاله (فرق الشيعة) » ويقع 


في حيص بيص. 


41 


ولست أدري لاذا لم يفترض البدري وقوع التحريف في كتاب المفيد او ابي سهل بدلا من افتراض 
وقوعه ف كتابي النوختي والاشعري القمي؟ 


وكيف يستشهد البدري بأقوال علماء السنة المتأخرين كالذهبي في القرن الثامن الحجري وابن حزم 
الأندلسي في القرن السادس وسبط ابن الجوزي في القرن السابع ومحمد بن طلحة الشافعي في القرن 


السابع وابن طولون في القرن العاشر » ويسميهم بالمتقدمين. 


وسواء قلنا بأن الجمهور كان بميل الى هذا الرأي او ذاك فانه لن يغير من حقيقة حدوث الحيرة وتفرق 
شيعة الامام العسكري الى أربع عشرة فرقة » وعدم معرفة كبار أصحاب الامام بوحود ولد له عند وفاته 
» حتى عثمان بن سعيد العمري الذي ادعى النيابة الخاصة بعد ذلك » وحتى علماء قم الذين أرسلوا 
وفدا الى سامراء ليتأكدوا من الموضوع ويناقشوا حعفر بن على ولم يكن ليحول دون قوم بإمامته الا 
قانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الامامة الى أحوين بعد الحسن والحسين. 


ولكن الأستاذ البدري كعادته يحاول ان يغوص في التفاصيل الحامشية والحزئية ليطمس الحقيقة الناصعة 
ويلوي عنق الكلمات ويضلل القراء البسطاء زورا ويحتانا » ويدعي بلا دليل (١ان‏ جمهور أصحاب الحسن 


اذن فما دام الشيعة قد تفرقوا بعد وفاة الامام الحسن العسكري الى أربعة عشر فرقة فلا يمكن ان نعتبر 
القول بوجود ولد له » وهو قول بعضهم , ما أجمع الشيعة عليه » أو انه من المتواتر » اذ ان الحديث 
المتواتر هو الذي لا يحتمل الشك ولا يختلف عليه اثنان. 


وف حين كان يتطلب الإنصاف من السيد البدري ان يعترف بالحقيقة ويذكر ضعف الأدلة التاريخية التي 
يوردها أصحاب فرضية وجود الولد ؛ الا انه تمرب من الإشارة الى الموضوع وفضل السكوت والإهمال » 
وراح بدلا من ذلك يستعرض الدليل الفلسفي » وهو مبدأ الامامة والعصمة والنص ويقول: ان الايمان 
بوحود ابن العسكري إنما هو فرع لنظرية الامامة وليس قضية مستقلة عنها او في عرضها. وان المنهج 
العلمي يقتضي البحث في هذا الموضوع والاستدلال على مفرداته الأساسية (كالنص والعصمة والوصية 
والاثني عشرية (فاذا تم الدليل عليها من الكتاب والسنة يرتفع الإشكال. 


وبما ان نظرية الامامة (العصمة والنص والوصية) عجزت تاريخيا عن ان تؤدي بصورة حتمية الى القول 
بفرضية وحود الولد » وذلك لاحتلاف شيعة الامام العسكري (الامامية) الى أربع عشرة فرقة » وقول 
حرق مدي أروهم القطجية) ابإمافة اربق علي © وقوك: قري "!عر بالقطاع الامامة او الرابجع عن 


002 


إمامة العسكري كما تراجع الموسوية عن إمامة عبد الله الأفطح بعد وفاته دون عقب » والابمان بإمامة 
حعفر مباشرة بعد أبيه الحادي » وما الى ذلك من النظريات الامامية العديدة.. فان افتراض وحود ولد 
للحسن العسكري تم بناء على الايمان بقانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الإمامة الى الاخوة 
وابنائهم وضرورة تداولها في الأعقاب واعقاب الأعقاب هكذا أبدا الى يوم القيامة. 


وقد أشرت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) الى اعتماد فرضية 
وحود الولد على هذا القانون الضعيف الذي لم يجمع عليه الشيعة الامامية بدليل عمل الفطحية عدة 
مرات. وقد ذكر النوبختي والاشعري القمي وغيرهما الفرق الشيعية الامامية التي لم تلتزم بذلك القانون . 
وانتقدت دعوى الطوسي في القرن الخامس الإجماع على ذلك القانون. وبدلا من ان يقوم الأستاذ 
البدري بإثبات وجود الإجماع على العمل بالقانون المذكور » ذهب ليناقش نقطة حانبية لم اذكرها أبدا 
وهي (ان الطوسي كان مؤّكدا لما نقله النوبختي والاشعري القمي وليس مؤسسا) بينما كنت اقصد ان 
دعوى اجماع الشيعة على الالتزام بقانون الوراثة العمودية » دعوى باطلة وغير صحيحة سواء صدرت من 


الطوسي او من غيره. 


وف الحقيقة ان الاستدلال بنظرية الامامة على فرضية وجود الولد » معلق بشعرة واهية أوهى من خيط 
العنكبوت وهو قانون الوراثة العمودية. وكان يفترض بالاستاذ البدري وهو يحاول ان يستعين بنظرية 
الامامة ان يدعم ذلك القانون بآية قرآنية او حديث صحيح من الرسول الأعظم ولا يكتفي بالشعارات 
السياسية التي ولدت أثناء الصراعات العديدة بين أبناء الأئمة بعد وفاة كل واحد منهم. 


أضاف البدري الى هذه النقطة التي استوحاها من المتكلم أبو سهل النوختي في كتاب «(التنبيه في 
الامامة) وقلده من دون تفكير.. نقطة اخرى أطلق عليها (وثاقة الشيعة فيما يروون عن أئمتهم) وقال: 
في ضوء هاتين القضيتين يصبح البحث حول وجود ولد للحسن العسكري وكونه الامام الثاني عشر وهو 
الغائب » موضوعيا ومنتجاء اما اذا ألغينا التصديق بالقضيتين الآنفتي الذكر فان الطريق لاثبات الغائب 
المنتظر محمد بن الحسن العسكري سيكون مسدودا تماما. 


ويريد البدري منا بالطبع ان نؤمن بسرعة بكل ما نقله الرواة دون دراسة او تمحيص او تفكير او مقارنة 
او تأكد من السند » او اجتهاد في المسألة » جرد ان جماعة من أصحاب الامام العسكري الذين يعتقد 
البدري بسذاحة بصدقهم ووثاقتهم » قد نقلوا بعض الروايات الباطنية السرية التي تتحدث خلافا للظاهر 
عن وجود ولد للامام العسكري بعد وفاته .بالرغم من اتحم جميعا يعترفون بأن الامام العسكري لم 
يتحدث عن ذلك في حياته » وانحم كانوا يلفون دعاواهم بالسرية والكتمان ويحرمون التفتيش عن ذلك 


43 


الولد او ذكر اسمه او موضعه او مكانه او صفته. أي باختصار : ان القول بوحود الولد كان قولا باطنيا 


سريا مخالفا للظاهر والمعروف من حياة الامام العسكري. 


ولم يوضح البدري لماذا آمن بصدق النواب الأربعة الذين ادعوا النيابة الخاصة عن الامام الغائب » مع 
ان النائب الأول عثمان بن سعيد العمري عزى جعفر بن علي وهنأه بالإمامة؟ وكيف قبل دعاواهم بعلم 
الغيب واجتراح المعاجز؟ ولماذا لم يؤمن بأدعياء النيابة الآخرين العشرين؟ وكيف عرف الصادق من 
الكاذب منهم؟ وقد قال أهل البيت عليهم السلام :" خدامنا وقوامنا شرار خلق الله" وذلك حسبما 


يقول الطوسي: لأن فيهم من غيّر وبدل وحان. 


ولو كان أولئك النواب يشيرون الى ولد ظاهر غير مستور ويدعون بنوته للامام العسكري لما كان أحد 
يصدقهم في مقابل الامام الذي ينفي وحود أي ولد له » فكيف وان دعواهم بوحود ولد له في السر لم 
يظهر لها أي مصداق خارحي رغم مرور مئات السنين. ومن هنا فان المتكلمين السابقين كانوا يعتمدون 
فقط على الاستدلال الفلسفي طريقا لاثبات فرضيتهم ولم يكونوا يعيرون أقوال الرواة أهمية كبيرة » حيث 
يقول السيد المرتضى علم الحدى :ان الغيبة فرع لأصول ان صحت فالكلام في الغيبة أسهل شيء 


وأوضحه » إذ هي متوقفة عليها » وان كانت غير صحيحة فالكلام في الغيبة صعب غير تمكن. 


واللافت ان الأستاذ البدري يرفض القبول بنسبة ولد اليه في السر أو العلن دون معرفته او إقراره » في 
حين يقبل نسبة ولد الى الامام العسكري بعد وفاته و بالرغم من إرادته.. اعتمادا على المنطق الباطني 
الذي يقلب الأمور رأسا على عقب. 


ومن المعروف ان الباطنية الغلاة كانوا ينسبون كثيرا من الأقوال والأفعال والأولاد الى أهل البيت في 
حياتهم وبعد وفاتهم دون علمهم ويؤولون نفي أهل البيت لمزاعمهم الباطلة السحيفة» بالتقية والخوف. 


واذا جاز للأستاذ البدري استخدام المنطق الباطني ضد أهل البيت فليسمح لنا بتصديق الخبر الذي 
يقول ان البدري نفسه بارس التقية في قم خوفا من المحكمة الخاصة برحال الدين وضغط الحوزة » وانه في 
الواقع لا يؤمن بوجود الامام الثاني عشر ولا بنظرية الامامة وهو لا يزال سنيا كما كان في السابق وانما 
يقوم بمهمة خاصة ويهدف الى شق حزب الدعوة وإبقاء الشيعة في تخلفهم وتطرفهم. وكان السيد حسين 
الصدر قد طالبه في دار الاسلام في لندن عام ١145‏ بالإعلان عن حقيقة مذهبه. ولكي يغطي على 
حقيقته فانه يتظاهر بالرد الضعيف على أحمد الكاتب . 


44 


فماذا يقول الأستاذ البدري؟ هل يقبل هذه الدعوى الباطنية؟ أم يتبرأ منها ويتمسك بالظاهر؟ واذا 


كان يرفض هكذا أقوال باطنية فلماذا يقبل ويعتمد المنطق الباطنى في مسألة وحود الولد المستور المخفى 
الذي ١‏ يره أحل؟ 


ويهذه المناسبة أسأل السيد سامي البدري عن الحو العام في الحوزة العلمية في قم » هل يسمح بمناقشة 


موضوع وجود (الامام الثاني عشر)؟ وهل يطيق وجود من لا يؤمن بذلك في الحوزة او في قم؟ 


بعد سقوط دعاوى الإجماع والتواتر والاستفاضة على أحاديث وجود الولد للامام العسكري وإهمال 
البدري للأدلة التاريخية الأسطورية » واعتماده على الأدلة الفلسفية واعترافه بصعوبة إثبات ذلك ووصل 
الاستدلال الى طريق مسدود وقوله: ان الابمان بوحود ابن العسكري إنما هو فرع لنظرية الامامة وليس 
قضية مستقلة عنها » كما قال السيد المرتضى من قبل » فاني أسأل الأستاذ البدري: لماذا تعتبر 
الفرضيات والدعاوى الباطنية حقائق أساسية وانما من صلب الدين » وان التشكيك بها إثارة للشبهات 
ضد الاسلام والتشيع؟ 


ومع احترامنا لوجهة نظرك القائمة على الشبهات الباطنية والتقليد » لماذا تحرم على الآخرين من 
الشيعة والمسلمين إعادة النظر والاحتهاد في هذا الموضوع؟خاصة وان الامة الاسلامية تواحه تحديات 
عصرية كبيرة وتتطلب منها تحاوز الخرافات والأساطير. 

ان الشيعة والمسلمين عموما ملزمون بالتمسك بالمبادئ الأساسية للدين الموحودة بين دفتي القرآن 
الكريم » واذا كانوا يختلفون فيما بينهم في الفروع او ف تأويل بعض الأمور فيجب ان يتحمل بعضهم 
بعضا » ولا يجوز ان بجعل من احتهادات بعض العلماء في حقبة معينة او افتراضاتهم ونظرياتهم الكلامية 
مبادئ مقدسة فوق النقد والاجتهاد. 


وان الشيعة هم أتباع أهل البيت عليهم السلام يأحذون الدين عنهم ولا يضيفون الى أحاديثهم 


حديثا ولا ينسبون اليهم ما لا يدعون. 
أحمد الكاتب 
لندن في ١١‏ ذي القعدة ١5٠١‏ المصادف ٠٠٠.8/ 7/١‏ 
ونشر السيد سامي البدري تعقيبا على رسالتي هذه » نشره في موقعه على الانترنت» ينفي فيه أن 


يكون قد اتفق معي حول أن القول بوجود ولد للحسن العسكري فرضية فلسفية» وانما هذا من عنديات 


45 


الكاتب سبكا ومعنىء وانه ليس سوى محض افتراء وكتان. وأكد البدري: أن وجود الولد مسألة تارخية 
موثقة وصلنا خبرها حيلا بعد جيل من الثقاة أصحاب الحسن العسكريء وقال:إنه أثبت في كتابه الرابع 
حصول الاجماع بين الشيعة على ذلك. وان الشرذمة التي أشار اليها بعض المؤرحين هم جمهور الشيعة» 
وفيهم الثقل العلمي الذي نقل تراث الأئمة. وان الحيرة التي وقعت انما كانت بسبب الغيبة » لا بسبب 
عدم الولادة. ١‏ 


؟ ‏ مع السيد محمد الحسيني الشيرازي في كتابه: (الإمام المهدي)"؟: 


الاجتهاد في العقيدة مقدمة ضرورية للاجتهاد في الفقه 


- لطغط. 47ط0طاة/4ط طاو /طه حطس /1210/0000. 211 طالة .1715157// :خط 


مطغط. 7 5204/5004 /ط هط 5 /1210/0000. 01 2ط له .17371717 // :ماغط - 2 


46 





السيد الشيرازي مرحع ديني كبير » عاش في كربلاء» ثم هاحر الى الكويت في السبعينات»؛ ثم انتقل 

الى إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيهاء الى ان توفي سنة 5٠٠٠١١‏ ." 
ونظرا للصداقة الطويلة التي كانت تربطني معهء فقد كان من أوائل الناس الذين فاتحتهم حول نتائج 
دراستي حول الإمامة والمهدي. سنة 24١359٠0‏ وقد فاجأني عندما سألته فيما إذا كان قد درس الموضوعء 
بالإحابة بالنفي» مؤّكدا مطالعته بعض الكتب حول الموضوع. وهذا ما دفعنيى لإرسال بحثي اليه بعد 
إكماله وكتابته» ومن أجل أن يقرأه بتمعن ويرد عليه بدقة» قبل أن انشره» فلعلي أعثر على بعض الأدلة 


الخافية عني» فأتوقف عن نشر الكتاب. ثم أرسلت له هذه الرسالة: 
بسم الله الرحمن الرحيم 

سماحة المرجع الديني الكبير الإمام السيد محمد الشيرازي دام ظله 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأبقاكم لنصرة دينه الحنيف 
سيدي الكرتم 


لا شك أنكم تدركون أهمية موضوع التاريخ » والتاريخ الإسلامي الشيعي بالذات» وتشكيله جزءا من 
عقيدتنا حول أهل البيت (ع) وان هذه العقيدة التاريخية وما تحمله من نظرة الى أئمة أهل البيت تشكل 
مقدمة أو قاعدة أساسية للفقه » وان الاحتهاد في الفقه لا يمكن ان يتم بصورة صحيحة إلا بعد 
الاحتهاد في العقيدة التاريخ وخاصة فيما يتعلق بنظرية الإمامة الإلحية لأهل البيت ووحود أو عدم وجود 
الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري). 


" - توثقت علاقتي مع السيد محمد الشيرازي منذ صغري فقد نشأت في أحضان حركته و تعلمت في مدارس 
حفاظ القرآن الحكيم الابتدائية الدينية التي كان يرعاها في كربلاء في الستينات» وعندما بلغت الرابعة عشرة من عمري 
طلب مني ان التحق بالحوزة العلمية. و كنت من أوائل الشباب الذين انتموا الى تنظيم (الحركة المرحعية» أو منظمة 
العمل الإسلامي لاحقا) الذي شكله الشيرازني بعد انقلاب ١7‏ تموز ١974‏ وسيطرة حزب البعث على السلطة في 
العراق. وهكذا أحذت أدعو الى الفكر الشيعي الإمامي ومرحعية السيد محمد الشيرازي » الذي أصبحت وكيلا له في 
الثمانينات . وهذا نص وكالة السيد الشيرازي لي:" بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام 
على محمد وآله الطاهرين. وبعد» فان فضيلة العلامة الحاج الشيخ أحمد الكاتب دام عزه» وكيل عني في تصدي الأمور 
الحسبية وقبض الحقوق الشرعية» خاصة سم الإمام عليه السلام وصرف الى مقدار الثلث في المصارف المقررة» وإيصال 
البقية الينا. والمرحو منه أن يهتم لنشر الإسلام وهداية الأنام» ويتصدى للأمور الشرعية بكمال الاحتياط الذي هو 
سبيل النجاة. والله الموفق المستعان. محمد الشيرازي (الختم). 


41 





وكما تعرفون فقد تربينا على أيديكم منذ الصغر وآمنا بالمذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري, وقد قمنا 
منذ عدة سنوات بقراءة التاريخ الشيعي وأحاديث أهل البيت (ع) بدقة ووحدنا نوعا من الخلط بين 
تراثهم العظيم وبين أفكار الفلاسفة والمتكلمين والغلاة الذين كانوا يدعون تأييد الأثمة لهم أو ينسبون 
أقوالهم الباطلة إليهم (عليهم السلام) من خلال اصطناع الأحاديث الكاذبة ووضعها على لسانهم. 


وبالرغم من سهولة التمييز بين أحاديث أهل البيت (ع) وبين الأحاديث الموضوعة المنسوبة إليهم كذبا » 
وذلك من خلال عرضها على القرآن الكريم وعلى الأحاديث الصحيحة الثابتة » والتأكد منها من خلال 
دراسة سندها ومعرفة رجالا وإمكانية التعرف على الكذابين والوضاعين والغلاة وإسقاط رواياتهم.. 
وكذلك من خلال المقارنة التاريخية. بالرغم من ذلك فانه مع الأسف الشديد غلب التقليد على بعض 
علمائنا الذين تأثروا بالمتكلمين وآمنوا بأفكارهم الباطلة » فاستساغوا الروايات الضعيفة الكاذبة ولم يأبهوا 
لضعف سندها وانحراف رواتما » ولم يتعبوا أنفسهم كثيرا في دراسة تلك الروايات من جوانبها المختلفة 
تحت حجة انحا ضرورية وبديهية ومسلمة» كما أغمضوا أعينهم عن قراءة التاريخ» وراحوا يشيحون 
بوجوههم عن الحقائق البارزة ويحاولون إنكارها أو تأويلها أو إهمالما.. وراحوا يصرون على التشبث 
بنظرياتهم الفلسفية البعيدة عن أهل البيت. 


ودأب بعض العلماء امحتهدين في الفقه والأصول والمقلدين في موضوع العقيدة والتاريخ على ادعاء" 
الاحتهاد المطلق" ومعرفة أسرار الدين » فضلوا وأضلوا . 


وكانت ثقتي بكم - ولا تزال - كبيرة في ان تولوا التاريخ الشيعي العقائدي أهمية كبرى في مسيرتكم 
الاحتهادية وتقوموا بدراسة الروايات وتصفيتها من الدخيلة والضعيفة والموضوعة . ثم تقارنوا بين 
الأحداث التاريخية وتفسروها تفسيرا علميا صحيحا » بلا تأويل تعسفي ولا إنكار أولي.. 


واعتقد ان المشكلة الكبرى التي تحول دون التوصل الى احتهاد سليم واستنتاحات دقيقة هو التشبث 
بالنظرية التقليدية الموروثة منذ تكوّن الفرقة الاثني عشرية في القرن الرابع الحجري » والتصديق بالأحاديث 
التي وضعت ذلك الحين على لسان الرسول الأعظم والأئمة من أهل البيت في أن الأثمة اثنا عشر وهم 
فلان وفلان » كما ورد مثلا في: (كتاب سليم بن قيس الحلالي) الموضوع » الذي ظهر في ذلك العصر.. 
ولو قمنا أولا بدراسة أحاديث " الاثني عشرية" وتحققنا منها واحدا واحدا » وهي تبلغ حوالي مائتي 


رواية» ذكرها الخزاز في (كفاية الأثر في النص على الأثمة الاثني عشر ) لوحدنا اتما جميعا روايات ضعيفة 


48 


ومكذوبة ولم يكن لها أثر قبل ذلك الحين 04 ولأدركنا عدم صحة ذكر النبي للأئمة القادمين من بعده 
بأسمائهم وصفاتحم واحدا بعد الآخر ..؛ 


ولو راحعنا كتب الكلام الشيعية المؤلفة في القرنين الثاني والثالث الهجريين لوحدنا اتما لم تكن تعرف 
نظرية تحديد الإمامة في اثبي عشر إماما فقط » بل كانت تعتقد باستمرار الإمامة الى يوم القيامة» وكذلك 
لو راحعنا الروايات الكثيرة السابقة المروية عن الشيعة الامامية في القرون الثلاثة الأولى لوحدنا اتما أيضا 
تؤكد استمرار الإمامة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب الى يوم القيامة » و هذا ما يتناق مع تحديدهم من 


قبل في اثنى عشر واحدا فقط.. 


وان ما يؤكد هذه الحقيقة: ( حقيقة عدم تحديد أسماء الأئمة من قبل ) وتكوين النظرية الاثني عشرية 
في القرن الرابع » هو عدم معرفة الأئمة بالضبط لأماء خلفائهم » كما حدث مع الإمام الصادق (ع) 
الذي أوصى في البداية الى ابنه إسماعيل » ثم أحجم عن الوصية بالإمامة الى أي أحد من أولاده وترك 
الأمر غامضا ولحين الوفاة » مما أدى الى تفرق الشيعة الامامية وقول معظمهم - ما عدا الإسماعيلية 
والناووسية -- بإمامة ابنه الأكبر عبد الله الأفطح . وربما لو كان يكتب لعبد الله الحياة الطويلة من بعد 
الصادق أو كان له أولاد » لسارت النظرية الامامية في أعقابه وأعقاب أعقابه الى يوم القيامة بعيدا عن 


الإمام موسى بن جعفر » كما سارت في إسماعيل وأبنائه . 


وقد أدى عدم معرفة الأئمة لخلفائهم من قبل » الى ظهور نظرية (البداء) - حتى على حسب التفسير 
القائل : بالظهور من الله - وذلك لتفسير ظاهرة الوصية لرجل ثم العدول عنه بعد موته » وقد تكررت 
الظاهرة مع الإمام الحادي (ع) الذي أوصى الى ابنه السيد محمد . ثم عدل عنه الى ابنه الحسن 
العسكري . بعد وفاة أحيه مبكر » ولو كان ثمة قائمة مسبقة بأسماء الأئمة معروفة من قبل ومنذ أيام 
الرسول الأعظم (ص) لصعب جدا على أبناء الأئمة وإخواتحم ادعاء الإمامة دون المعينين المعروفين » 
ولَبَعْدَ جحدا اختلاف الشيعة يمينا وشمالا » ووقوعهم في حيرة وغموض.. ولما كان هناك أي داع للسؤال 
من أي إمام عن الخليفة من بعده والإلحاح عليه بشدة في طلب الحواب » ورفض الأئمة لواب عادة 
إلا بالعلامات والإشارات والمواصفات كقولم: انما في الأكبر » مثلا » ولما مات تلامذة عظام للأئمة 
كزرارة بن أعين » وهم لا يعلمون من هو إمام الزمان. 


؛ - اقرأ نقد الأحاديث السنية والشيعية الواردة حول الإنني عشرية في الموقع التالي: 
111 1خ ١‏ خا كا /1نا.م». طنأدكلله//:متخط 


49 


ولا بمكن ان نفسر ادعاء محمد بن الحنفية وزيد ومحمد بن عبد الله بن الحسن » وأحمد بن موسى بن 
جعفر » وجميع أبناء الأئمة وإخوانحم وأبناء عمومتهم للإمامة في القرون الثلاثة الأولى » بالعناد واتباع 
الحوى والشهوات ومخالفة أوامر الله والرسول وإهمال القائمة المحددة من قبل بأسماء الأئمة الاثني عشر .. 
وهم كانوا على درحة كبيرة من التقوى والورع والصلاح والجهاد في سبيل الله. 


وأخيرا فان عدم ظهور الإمام الثاني عشر وعدم وجود أدلة كافية وقوية وصحيحة عليه ينسف حكاية 
"الاثنى عشرية" ويعيدنا الى الوراء للتساؤل في ما إذا كانت نظرية الإمامة الإلمية هى حقا نظرية الأئمة 
من أهل البيت عليهم السلام؟ أم هي من صنع الفلاسفة والغلاة والمتكلمين؟ 


ومن المعروف ان نظرية الإمامة الإلهية ترتكز على فلسفة (العصمة) وضرورة اشتراطها في الإمام » أي 
الحاكم والرئيس والمنفذ للشريعة الإسلامية » وذلك بناء على القول في الإطلاق لولاة الأمر في الخير 
والشر والحق والباطل » حسبما يقول المتكلمون » وحاصة هشام بن الحكم الذي ابتدأ القول بالعصمة . 


وهذا ما يسميه المتكلمون : بالدليل العقلي » وهو في الحقيقة ليس دليلا عقليا بحتا وليس دليلا فطريا 
؛ وانما يقوم على تأويل نص معين » والقول بالإطلاق ورفض النسبية في الطاعة الواردة في الآية الكرمة ( 
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وعلى أية حال فقد قال المتكلمون 
الذين آمنوا باشتراط العصمة في الإمام بضرورة تعيينه من قبل الله بعد ان قالوا بعجز الأمة عن اكتشاف 
الإمام المعصوم وعدم إمكانية الشورى لأن تكون طريقا شرعيا لانتخاب الإمام » وضرورة حصر الإمامة 
في أهل البيت وانتقالها بالوراثة في ذرية علي والحسين الى يوم القيامة. 


وقد أوّل المتكلمون واتلقوا روايات تفيد النصب من الرسول للإمام علي بن أبي طالب (ع) ثم حصروا 
الإمامة في أولاد الحسين دون أولاد الحسن » بلا أي دليل مقنع.. 


ثم وقعوا في مشكلة التعرف على الإمام بعد الإمام » خاصة إذا لم يكن يوحد عليه نص واضح » كما 
لم يكن يوحد أي نص من الحسين على ابنه علي زين العابدين » فاخترعوا نظرية (المعجزة) كطريق 
لإثبات إمامة هذا أو ذاك » وادعى الغلاة نزول الوحي والملائكة على الأئمة والتحدث معهم » وقالوا 
بنظرية (الحفر والنكت والنقر وعمود النور والإلحام ) وما الى ذلك » وبالرغم من تناقض ذلك مع القرآن 
الكريم في أكثر من موضع » من حيث ادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه الله ولم يعلمه إلا بعض رسله » 
وفي بعض الأمور فقط ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير). 


30 


وإذا ابتعدنا عن نظريات الفلاسفة والمتكلمين والغلاة » واستطعنا ان نكشف كذب رواياتهم وزيفها ) 
وعدنا الى أهل البيت (ع) والى أحاديثهم المتواترة الثابتة في أمهات كتبنا » والتي تنفي العصمة عنهم 
وترفض الغلو وتحذر المتكلمين من (الكلام) ولم نؤوها تعسفا وعنادا » لوحدنا انحم أقرب الى نظرية 
الشورى القرآنية العقلائية واتهم كانوا يوؤكدون على ضرورة انتخاب الإمام من قبل الأمة ويلعنون من يقوم 


باغتصاب الأمة أمرها ويتولونها من غير مشورة .. 


ويكفي لترحيح نظرية الشورى والإبمان بوهمية نظرية النص مرور أكثر من ألف عام من تاريخ الأمة 
الإسلامية مع عدم وجود إمام ظاهر معين من قبل الله وعدم وجود حل آخر سوى نظرية الشورى» 
عمليا » وبما ستمضي مئات أو آلاف أو ملايين السنين الى يوم القيامة مع عدم ظهور مصداق واحد 
من مصاديق نظرية النص .. وهذا ما يدعونا الى التفكير بجدية وإعادة النظر مرة أحرى في عقائدنا 
الموروثة التقليدية ويدفعنا للاحتهاد في قراءة التاريخ والعقائد على أساس القرآن الكريم والعقل 
والأحاديث الصحيحة الثابتة. 


ومن هنا فاني اعتقد أنكم تتفقون معي في الرأي على ضرورة إطلاق لقب ١‏ المحتهد) على من يجتهد في 
العقائد والتاريخ » قبل ان يجتهد في اللغة والأصول والفقه » دون من يقتصر على الاحتهاد في المراحل 
السطحية الأخيرة التي تتأثر سلبا أو إيجابيا بالمراحل الأولى الأساسية » وان إعادة بناء الحضارة الإسلامية 
من حديد يتطلب القيام بعملية احتهاد كبرى أساسية وجذرية في العقائد والأصول الأساسية. 


كما أرى ان سماحتكم الكرمة بما عرف عنكم من حد واجتهاد وذكاء » أقدر الناس على القيام بذلك. 


وفقكم الله ورعاكم وأسألكم الدعاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 


لندن.ق 1 ريعب 418 


ومضت أكثر من خمس سنوات على إرسالي الكتاب والرسالة» دون جواب» حتى قدمت مطابع 
بيروت كتابا بقلم ماحة المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي» تحت عنوان (الإمام 
المهدي عجل الله تعالى فرحه الشريف) صادرا عن مؤسسة المحتى للتحقيق والنشر» بيروت» سنة ١5995‏ 


531 


وحاء في مقدمة الكتاب:"الإمام المهدي (عج) نور له حقيقته الكونية» والمقام التكويني العظيم» فبيمنه 
ترزق المخلوقات بأسرهاء هذا بالإضافة الى مقامه التشريعي وانه حجة الله على الأرضء فكما أن 
للشمس مكانتها الكونية» ولذا إذا لم تكن لساحت الأرضء كذلك الإمام المهدي المنتظر (ع).. ولولاه 
لساحت الشمس أيضاء حيث ورد أن بوحوده (ع) ثبتت الأرض والسماء» مع أن الشمس مادية 
فحسب والإمام المهدي مادي معنوي معاء فوجوده في غيبته لطف لا يستغنى عنه. 

والبشرية تنتظر ظهوره لكي بملاً الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجوراء ولا بد من يوم 
يظهر.. وحينئذ تتبدل الأرض غير الأرض» فلا هي كالأرض الحالية ولا هي كالحنة..". 

وبعد أن أعطى هذا الدور الخيالليي الأسطوري للإمام المهدي, دون أن يقدم أي دليل على مزاعمه أو 
بسك شه بأي آية من القرآن الكريم أو أي حديث ولو ضعيف» قام بتسجيل عنوان جديد في كتابه هو 
(ولادة الإمام (ع) وامه المبارك) وذكر مجموعة من القصص التي رواها الأولون مثل الصدوق والطوسي 
والمفيد حول ولادة "الإمام المهدي" دون أن يحقق فيها أو يذكر رواتما أو يعلق على الانتقادات التي 
وجهثها للكتب والمؤلفين والرواة» أبداً» ولو بنصف كلمة» وانما قال هكذا:" كانت ولادة الإمام المهدي 
في سامراء في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان سنة هه ١ه‏ . واسمه الشريف وكنيته المباركة نفس اسم 
رسول الله وكنيته كما ورد في الحديث. وقالوا" لا يجوز ذكر اسمه في زمن الغيبة» لكن هذا الكلام غير 
متيقن..". وف عنوان آخر مشابه (قصة الولادة المباركة) قال: "قال بشر: أتاني كافور الخادم فقال: مولانا 
أبو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك اليه" ثم نقل عن كتاب إكمال الدين للصدوق» قصة شراء 
الحارية الرومية (مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم) التي رأت في المنام النبي عيسى عليه السلام 
وشمعون وعدة من ا حواريين» والبي محمد صلى الله عليه وآلهى والإمام علي وعدد من أبنائه» وخطبة البي 
محمد لحا من النبي عيسى للزواج من ابنه الحسن العسكري, ثم رؤيتها للسيدة فاطمة الزهراء مع مريم ابنة 
عمران ودعوتما الى الإسلام. "فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد وكأني أقول له: جفوتني يا حبييبي 
بعد ان أتلفت نفسي في معالحة حبك" ورؤيتها للإمام العسكري كل ليلة في المنام» الى أن ذهبت مع 
الجيش الرومي لقتال المسلمين ووقوعها في الأسرء وبيعها في سوق النخاسة ببغداد» وشرائها من قبل 
الإمام الحادي. 

والغريب ان السيد الشيرازي الذي لم يبذل أقل حهد في التحقيق والتفكير في هذه الأسطورة 
المضحكة, لم يتجشم عناء ذكر مصادر هذه القصة ورواتحاء إلا ما نبه عليه من نقلها عن كتاب (غيبة 
الطوسي). وكأن ما ورد في هذا الكتاب أو الكتب الأخرى هو وحي منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه 
ولا من حلفه. 

وهكذا وبنفس الأسلوب نقل رواية أخرى عن (إكمال الدين للصدوق) عن شهادة حكيمة لمولد 
(الإمام المهدي) فقال:" عن حكيمة (عليها السلام) أتما قالت: كانت لي جارية يقال لها نربحس...". 


532 


وذكر قصة رؤية الإمام الحسن العسكري لما وطلبها منها ثم حملها دون علمهاء وعدم ظهور أي أثر 
عليها.. الى أن ينقل عن لسان حكيمة:قالت: غيبت عني نرحسء فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها 
حجاب.. .فرجحعت فلم ألبث أن كشف الحجاب الذي كان بيني وبينهاء وإذا أنا بما وعليها من أثر النور 
ما غشي بصريء وإذا أنا بالصبي ساجدا على وجهه: جائيا على ركبتيه» رافعا سبابتيه نحو السماء وهو 
يقول: (أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له» وأن جدي محمدا رسول الله وان أبي أمير المؤمنين» 
ثم عدد إماما إماما الى ان بلغ الى نفسهء فقال: اللهم أنحر لي وعديء وأتمم لي أمري» وثبت وطأقٍ» 
واملاً الأرض بي عدلا وقسطا)". 

ثم يسرد الشيرازي في الصفحات التالي مجموعة من القصص الأسطورية التي يخجل الكتاب المعاصرون 
من ذكرهاء لما فيها من أساطير عجيبة وغريبة» مثل ولادته من فخذ أمه الأمن وليس من رحمهاء وسطوع 
نور هائل عند ولادته وبلوغه أفق السماءء وتحليق طيور بيضاء ومسح أجنحتها على رأسه؛ وتسليمه 
على أبيه» وأخذه من قبل أحد الطيور الى جو السماء؛ وعودته بعد أربعين يوما وهو صبي يمشي ابن 
سنتين» ونموه خلال أيام قصيرة بحيئة رحل كبير. 

ورما كان كتاب الشيرازي ملخصا سيئا ومشوها لكتب الصدوق والمفيد والطوسي عن الإمام المهدي» 
وأضعف منها بكثير» لأنه حذف ما يوجد فيها من أسانيد ضعيفة» ولم يعلق عليها بشيء. ولم يذكر 
الدليل الفلسفي (الاعتباري) الذي أوردوه في محال الاستدلال على الموضوع, والذي قالوا أنه أقوى الأدلة 
امتوفرة. 

وعندما وقع بصري على كتاب الشيرازي» الذي جاء فيما يبدو ردا على كتابي» قلت انه لا يتناسب 
أبدا مع الذكاء الذي يتمتع به المرحع الكبير» فهو إما اعتراف بالعجزء وانه ربما كتبه في محاولة للتبرقؤ 
مني» تحت الضغوط الإيرانية التي اتممته بعلاقة معينة معي, أو انه يحاول التأكيد على ما توصلت اليه 
من خلال الرد الضعيف» والضعيف جدا. وإلا فان كل من اطلع على الكتاب استغرب من أسلوب 
الشيرازي في البحثء والذي لا يتناسب مع طالب مبتدئ» فكيف بمجتهد أو مرجع تقليد. خصوصا 
وان بين يديه كتاب شامل يرد كل تلك الروايات» ولا بد أن اطلع عليه قبل ان يتعب أنامله في الرد. 


الشيرازي والتنظير للمنهج الحشوي 


53 


ومن المفيد هنا التعرف على نظرية الشيرازي الأصولية وموقفه من المنهج الأخباري الحشوي؛ الذي 
أدى به الى التعامل مع قضية عقدية أصولية كقضية وجود الإمام الثاني عشر » بمذه الصورة الحشوية 
الفريدة. ” 

ان السيد محمد الشيرازي» وخلافا للفقهاء الأصوليين » يؤمن بحجية الظن » ويلتزم بحجية الخبر الواحد 
» ويقبل حتى الخبر الضعيف إذا كان مشهورا.' ويعتمد على الشهرة في الروايات والفتاوى » ويرى انما 
تحبر الروايات الضعيفة وتكسر الروايات الصحيحة » ويعتقد : أن "المشهور" وان كان ضعيف الطريق » 
أولى بالعمل لدى العقلاء من غير المشهور القوي الطريق الضعيف العمل به » ما يصطلح عليه 
بانكسار الرواية بسبب الشهرة ." ويقول:" ان الشهرة بمعنى كثرة نقل الرواية في قبال أخرى شاذة أو 
نادرة » جابرة كاسرة » للدليل فيهما » على المشهور المنصور » المؤيد من قبلنا".* وبناء على ذلك يفتح 
الشيرازي بابا واسعا على التراث الروائي الحشوي », ويأخذ بالروايات الضعيفة "التي تلقاها الأصحاب 
بالقبول" بناء على رواية المشايخ الثلاثة (الكليني والصدوق والطوسي) لما مما يجعلها في نظره في أعلى 
الروايات " لأن الكليني والصدوق قد ضمنا حجية ما في كتابيهما " ١.‏ 

وعلى رغم وحود مناقشة حادة بين فقهاء الشيعة حول وحود الإجماع » وحجيته وكذلك الإجماع 
المنقول بخبر واحد » فان الشيرازي يعتبر الإجماع المحصل والمنقول حجة » حتى إذا كان منقولاً بخبر 
الواحد » لأنه إخبار عن قول المعصوم » سواء كانت الدعوى مبنية على علم أو حدس برؤية الناقل 
للإجماع ٠١.‏ 


* - كانت مدينة كربلاء » التي نشأ فيها الشيرازي » مسرحا العركة طويلة بين "الأصوليين" و "الأخباريين" في القرن 
الثاني عشر الحجري . قادها (الأصولي) الوحيد البهبهاني ١١١(‏ - ه.١١ه/179م)‏ ضد زعيم الأخباريين 
الشيخ يوسف بن أحمد البحراتي الدرازني (صاحب : الحدائق الناضرة) وتابعها تلميذه الشيخ جعفر كاشف الغطاء 
(الذي انتقل الى النبجحف) ضد السيد محمد الأخباري. 

كن" الأطاريرة يعدو بسح شيع على عبتن الأحرارة الأزيجة المرودة عبد السيعة وهي والكافة ونين ل 
يحضره الفقيه» والتهذيب, والاستبصار) وان الروايات الواردة فيها إما قطعية السند أو موثوق بصدورها » فلا حاجة إلى 
البحث عن سندها » ولا يجوزون الرجوع إلى الأصول المأخوذة عن العامة كالعقل والإجماع » ويكتفون بالأخبار » 
ولذلك أطلق عليهم اسم "الأخبارية". 
' - الشيرازي » محمد: الأصول ص 5/ 
' - الشيرازي » محمد: الدولة الإسلامية » الفقه ص99-9"5 ج5١٠‏ 
* - الشيرازي » محمد: الأصول ص ه١7‏ 
- الشيرازي » محمد: الأصول ص 7٠‏ 


ا - الشيرازي » محمد: الأصول ص 7 


9 


534 


وهكذا يقبل دعوى التواتر » من دون حاجة للتأكد من الأمر ١١‏ 

و يعتقد الشيرازي بالتسامح في أدلة السنن » حسب المشهور » اعتمادا على بعض الروايات التي 
تقول : (من بلغه عن النبي (ص) شيء من الثواب فعمله كان له أجر ذلك » وان كان رسول الله لم 
يقله) .'' ومن هنا فانه يؤمن بحجية كتب الأدعية والزيارات والآداب . ككتاب (حلية المتقين) و (مرآة 
الكمال) و (١‏ مفاتيح الجنان) ونحوها مما أثبتت فيها الأحبار الواردة عن الأئمة » بغض النظر عن ذكر 
السند » اعتمادا على جريان السيرة على العمل بما."' ويؤمن أيضا بصحة رواية الطفل المميز وجواز 
الاعتماد عليه » خاصة إذا روى بعد البلوغ » وذلك اعتمادا على بناء العقلاء والسيرة ١4.‏ 

و عموما فان الشيرازي يعتقد بأن الحجية في الرواية قد تكون من جهة تمامية السند » وقد تكون من 
جهة قوة المقن مما تكون دليلا على الورود عن الأئمة » وان لم يكن قوي السند » وقد تكون من جهة 
قوة المؤلف » وان كانت خالية من السند » وقد تكون من جهة القرائن الخارحية » وقد تكون من جهة 
الشهرة المضمونية . وقد يتعامل مع الحديث المرسل كالتعامل مع الحجة من جهة التسامح في أدلة 
السنن.”' ولا مانع لديه من قبول الرواية حتى عن الجن "١.‏ 

ومن هنا فقد قبل الشيرازني عشرات المصادر الضعيفة المشكوك في صحة نسبتها إلى مؤلفيها أو غير 
المسندة إليهم أو المليئة بالروايات الموضوعة أو غير المعتمدة من قبل الفقهاء الأصوليين المحققين. 

وف الوقت الذي اعتاد الفقهاء الأصوليون على التحقيق في روايات الكتب الأربعة (الكافي ومن لا 
يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار) التي تعتبر في قمة التراث الشيعي من حيث السند » وإهمال 
وإسقاط أو تضعيف الآلاف منهاء فان الشيرازي تعامل مع الروايات الواردة في الكتب الأخرى 
الأضعف » بروح عالية من الثقة والاعتماد » وقلما شكك في رواية توحد فيها إلا ما ندر» وسلك 


'' - الشيرازي » محمد: الأصول ص4 7 

٠”‏ - الشيرازي » محمد: حول السنة المطهرة ص7 

7 الشيرازي » محمد: الاحتهاد والتقليد مسألة > ص‎ - ٠١ 
ج”‎ 71١-7٠0 الشيرازي » محمد: من فقه الزهراء ص‎ - '“ 








*' - الشيرازي » محمد: من فقه الزهراء ص 8-1 ج ١‏ 

'' - يذكر عن والده الميرزا مهدي عن الشيخ حسين النوري صاحب (مستدرك وسائل الشيعة) أنه كان منعزلا في 
غرفة وهو يكتب حطبة الي في غدير خم » فدخل عليه اثنان من الجن وصححا بعض فقرات الخطبة » حسبما سمعاها 
من رسول الله (ص) حيث كانا حاضرين في غدير خم . 

العلماء أسوة وقدوة ص ١ك‏ 


55 





منهجا قريبا جدا من المنهج الإخباري القددم الذي هجره حتى الأخباريين الذين راحوا يتأكدون من 
الأخبار قبل العمل بحماء ويصنفون الروايات الى صحيح وضعيف وحسن. ١"‏ 

وبغض النظر عن المناقشة في المباديء الأصولية والمنهج الأخباري الحشوي الذي يؤمن به السيد 
محمد الشيرازي » فانه يجيز الالتزام بذلك المنهج وتلك المباديء التي تشكل مقدمة ضرورية لعملية 
الاحتهاد » عن طريق التقليد » ولا يوحب الاحتهاد فيها ١4“.‏ 

ومع انه يستظهر حرمة التقليد في أصول الدين » إلا ان منهجه الأخباري يحول بينه وبين الاجحتهاد 
الدقيق في المسائل الأصولية والعقائدية ويحوله الى "مقلد" للسابقين ١5‏ 

وقد كان لتلك النوافذ الواسعة - أو في الحقيقة : الأبواب الواسعة - التي فتحها الشيرازي على 
الأخبار أثر مهم على موقفه من قضية وجود (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) حيث تقبل 
كل الروايات والقصص الواردة حول الموضوع » دون أي نقد أو تمحيص أو دراسة أو مراحعة أو تفكير. 
واعتبرها من الضروريات التي لا تحتاج الى دليل.'" ولذلك_ لم يستطيع التمييز بين الحقائق والأساطير 
الدحيلة في التراث الشيعي . 


و - مع السيد محمد تقي المدرسي في كتابيه: 
(الإمام المهدي والإبمان بالغيب) و (الإمام المهدي قدوة الصديقين)١'‏ 


هل يستمر نزول الوحي بعد رسول الله (ص)؟ 


عشت مع السيد المدرسي» الصديق والمفكر الإسلامي الكبير» عقودا من الزمن في خندق واحد 
وعملنا معا من أجل إقامة حكم إسلامي في العراق وبناء الحضارة الإسلامية من جديد » وكان شعارنا : 
لله والحق والحرية! 


٠١‏ - يضعف ابجحلسي (الأخباري) في كتابه (مرآة العقول) 40٠٠‏ رواية من روايات الكافي البالغة حواللي ١5‏ ألف 
رواية. 
“ - الشيرازي » محمد: الاجتهاد والتقليد مسألة /501 ص 37" 
*' - الشيرازي » محمد: الاحتهاد والتقليد مسألة ١‏ 
' - الشيرازي » محمد: حول السنة المطهرة ص 7/ 
0015/2313 لطتاه». أوع:1150200351ه. 1715/17 // :مط - 21 


56 


كنا نؤمن منذ الستينات بولاية الفقيه ونيابته العامة عن الإمام المهدي » وانتقلنا معا الى الجمهورية 
الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة في أواخر السبعينات» حيث بدأ يعد نفسه لتولي منصب الولي 
الفقيه قٍِ المستقبل والتحضير لتبؤ سدة المرجعية الدينية. 


في أواخخر الثمانينات أنميت بحثي حول وجود (الإمام محمد بن الحسن العسكري) حيث توصلت الى 
كونه نظرية افتراضية فلسفية » حسب المصادر الشيعية الامامية » أكثر منه حقيقة تاريخية أو دينية. وقبل 
أن أبوح بمذه النتيجة الى أي أحد طلبت من السيد المدرسي» المنغمس في العمل السياسي والبحث 
العلمي» أن يعطيني من وقته الثمين ساعة واحدة لأشرح له ما توصلت إليه من نتائج واطلب منه أن 
يقدم لي ما لديه من أدلة - إذا كانت هنالك أية أدلة أخرى - لم اطلع عليها وان يناقشني في ما 
توصلت إليه. أشار بسرعة واختصار الى كون موضوع الإيمان بالإمام المهدي جزءا من الغيب » وطلب 
مني أن اكتب البحث بدقة ليناقشني فيه بالتفصيل على الورق بعد ذلك . وافقته على هذا الطلب 
ووعدته بإحراء مزيد من البحث والتحقيق » وقلت له: أنا أؤمن بالغيب وبكل ما يقوله القرآن الكريم من 
الجن والملائكة والجنة والنار » ولكن موضوع الإمام الثاني عشر لا يوحد في القرآن الكريم» وبالتالي فإني 
لا أستطيع أن أؤمن بولادة الإمام بصورة غيبية » أي بلا دليل علمي, وإلا لجاز لي وللآحرين الإيمان بأية 
أسطورة والادعاء أتما من الغيب. 


انتهيت من تأليف كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) بعد ذلك 

بسنتين» وأرسلت إليه فورا نسخة منه » اطلب منه بإلحاح أن يناقش الكتاب وبقدم لي ما لديه من ردود 
حتى لا انشر الكتاب إذا ما اقتنعت بخطأ ما ورد فيه من نتائج وأفكار » ولم أتلق منه أي رد. التقيت به 
بعد سنوات في بيت الله الحرام وأقسمت عليه بالله أمام الكعبة المشرفة أن يصحح أي موضوع في 
الكتاب أو يدلني على أي خطأ فيه ولكنه لاذ بالصمت وقال لي : أنت حر بنشر ما تعتقد به. 


لى اكن احتاج الى إجازة منه » ولكني كنت أحاول أن القي الحجة عليه أمام الله » وهكذا فعلت مع 
كثير غيره من العلماء والمجتهدين. 


ومع كل هذه المقدمات والتفاصيل فوحقت به بعد فترة وحيزة وهو ينشر كتابا في الرد علي » أو 
بالأحرى : بالحجوم الشخصي على واتمامي بالكفر والفسق والضلال والانحراف واتباع الحوى والطغيان 
والشرك والفتنة.. ولم يدع مفردة سيئة في قاموس السباب والشتائم إلا واستخدمها بحقي . ولكنه لم 
يناقش الأفكار التي طرحتها في الكتاب ولم يقدم أي دليل علمي أو تاريخي على ولادة الإمام المهدي 


537 


(محمد بن الحسن العسكري) لأنه لو كان بملك هكذا دليل لقدمه إلي من قبل » ما عدا الترديد: إن 
الإيمان بالمهدي يشكل جزءا من الإبمان بالغيب وانه أصل الدين وفلسفته وحكمته. 


ويشكل موقفه هذا في حد ذاته ظاهرة ثقافية متميزة تستدعي الدراسة والانتباه والتفكير. 

تتألف هذه الظاهرة -كما رأينا- من عدة عناصر هي: 
-١‏ احتكار الإبمان بالله تعاللى والتقوى والورع والإخلاص وتحريد الطرف الآخر من كل ذلك. 
؟ - احتكار العلم والفهم والمعرفة واتمام الخصم بالجهل وعدم الإدراك وعدم التخصص. 


© - ادعاء الحرص على الدين والوحدة الإسلامية » واتمام الطرف الآخر بتمزيق الصفوف وإثارة 
الفتنة والتهجم على المقدسات. 


4 - ممارسة كامل الحرية في النقد والحجوم وعرض الأفكار الذاتية » وحرمان الطرف الآخر من التعبير 


ه - الحوار العشوائي غير المباشر وغير الممنهج وعدم وضع النقاط على الحروف أو تسمية الأمور 
بأسمائها » وتحوير نقاط الخنلاف بالتحدث عن قضايا أحرى متفق عليها. 


5 - انتهاج الأسلوب الخطابي العاطفي وتحنب الحوار العلمي الحادئ. 
ا - تضخيم بعض الأمور الحزئية والتطرف والغلو. 


وعندما يقوم مفكر إسلامي يعد نفسه لقيادة الأمة وتولي المرجعية العليا ورئاسة دولة إسلامية عظمى أو 
توحيه حركة إسلامية عالمية.. عندما يقوم بممارسة ذلك الأسلوب من الحوار اللا علمي والتهجم 
الشخصي على أقرب المقربين إليه بحرد انه حاء بنظرية حديدة تتعلق بالتاريخ الشيعي ولا تمس أسس 
الدين من التوحيد أو النبوة أو المعاد أو الحلال والحرام » وبحرد انه قال فقط: (بأن المهدي لم يولد بعد 
وسوف يولد في المستقبل) فان أسلوب ذلك العالم يتحول الى ظاهرة سلبية وخطيرة في امجتمع الإسلامي 
تنسف الشعارات التي يرفعها في العمل من أجل الله والحق والحرية » وتلقي بظلال من الشك حول 
جديته في الإصلاح والتجديد والتغيير وكيفية إدارته للصراع مع التيارات والطوائف والأحزاب المختلفة » 
خاصة إذا ما استلم مقاليد السلطة في أي بلد في المستقبل. 


58 


وتأتي خطورة هذه الظاهرة الغوغائية التي تعتمد التهريج الخطابي والتهجم الشخصي وتحنب الحوار 
العلمي المباشر والدقيق » في أنما قد ترتد على أصحابما وتشيع جوا إرهابيا يحول دون البحث العلمي 
ويصادر حرية الاجتهاد ويدعو الى التعايش مع البدع والخرافات والأساطير. 


وكانت هذه الرسالة الأولى التي أرسلتها إليه: 
بسم الله الرحمن الرحيم 
إيران -- طهران 
سماحة العلامة المجاهد السيد محمد تقي المدرسي حفظه الله. 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين. 


وبعد.. فان معرفتي الشخصية بكم تطول أكثر من ربع قرن » بحكم الصداقة المتينة والرفقة في العمل 
والتلمذة عليكم » ومن هنا فقد اكتشفت فيكم: العالم المجاهد العامل من أحل نحضة إسلامية شاملة 
وتحديد الفكر الإسلامي وإزالة ما علق به من أفكار دخيلة » وتطويره نحو الأفضل ليكون قادرا على 
قيادة الحياة وحل مشاكلها المعاصرة بصورة أبحح. فلقد كنتم من أوائل الدعاة الى نظرية ولاية الفقيه 
وكتبتم حول ذلك كتاب (القيادة الإسلامية) في الستينات » وبنيتم على ضوئها فكر منظمة العمل 
الإسلامي والحركة الرسالية الكبرى وكنتم بذلك أحد المساهمين في بناء الدولة الإسلامية في إيران » 
واعتقد أنكم لازلتم تتبنون تلك النظرية . 


وغني عن القول إن نظرية ولاية الفقيه تشكل ثورة في الفكر الشيعي الإمامي الاثني عشري الذي كان 
في القرون الماضية يحرم الثورة والدولة في عصر الغيبة الى أن قامت بالفعل عدة دول شيعية ثما دفع بعض 
العلماء لإبداع نظرية النيابة العامة عن الإمام المهدي الغائب وتطويرها الى نظرية ولاية الفقيه » بصورة 
مستقلة أو بالارتكاز على نظرية النيابة العامة » وبقدر ما كانت نظرية ولاية الفقيه تشكل ثورة في الفكر 
الشيعي الإمامي » فإنما كانت تحتاج الى ثورة أعمق لكي تحدد الأسس والقواعد التي تستند إليها » 
وذلك لأن التعامل السطحي السريع مع نظرية سياسية مهمة شكلت محورا للخلاف بين المسلمين عبر 
التاريخ ليس بالأمر المقبول ولا المنطقي » وخصوصا عندما نعرف أن كثيرا من النظريات البشرية القائمة 
على التأويل والتزوير قد تسللت الى تراثنا الإسلامي والشيعي.. وهذا ما يدعونا لمزيد من البحث 
والتحقيق من احل التأكد من حقيقة النظريات الموروثة والتمييز بين الحقائق والأساطير. 


539 


وان ما يدعونا بإلحاح لدراسة الأسس العقائدية والتاريخية لنظرية ولاية الفقيه والنيابة العامة هو محاولة 
وضع النقاط على الحروف وبلورة النظرية بشكل دقيق وتحصينها من السقوط في خطر الديكتاتورية 
والحكم الشمولي المطلق وكذلك إعادة النظر في جميع الأبواب الفقهية التي كانت معطلة في عصر الغيبة 
حسب نظرية (التقية والانتظار) البائدة » واتخاذ قرار شجاع بإعادة الحيوية والفاعلية لتلك الأبواب. 


وكما تعرفون فقد دفعني البحث في نظرية ولاية الفقيه » أصوليا وفقهيا قبل بضع سنوات الى اكتشاف 
حداثة عمرها وقيامها على أنقاض نظرية التقية والانتظار التي كان يلتزم بما سلفنا قرونا من الزمن طويلة 
» ثم دفعني ذلك الاكتشاف الى بحث نظرية (النيابة الخاصة) في (الغيبة الصغرى) واكتشاف ضعف هذه 
النظرية وعدم وجود أدلة علمية صحيحة وكافية لإثباتما » وان هذا الاكتشاف الأخير جرني الى بحث 
موضوع (الإمام المهدي) واكتشاف ضعف جميع الأدلة التي تساق لإثبات وجوده » وانه لم يكن سوى 
فرضية وهمية افترضها بعض المتكلمين الامامية » وانه لم يكن حقيقة يقول بما أهل البيت و لا يدعون 
إليها » وقد اختلق القول بوجود ولد للإمام الحسن العسكري قسم صغير من شيعته (فرقة من أربعة عشر 
فرقة) ثم حتموا نظرية الإمامة الإلمية التي كانوا يزعمون في السابق انما ممتدة الى يوم القيامة » باثي عشر 
إماما فقطء وقالوا بأن الثاني عشر المفترض هو المهدي الذي سوف يخرج ويملا الأرض قسطا وعدلا كما 
ملئت ظلما وحورا » وكانوا يتوقعون خروجه في تلك الأيام.. ولم يكونوا يحسبون انه سيبقى غائبا مئات 
السنين. 


ومن هنا وقع الذين آمنوا بوجود الإمام المعصوم المعين من قبل الله في شرك نظرية التقية والانتظار » 
حيث كانوا يعتقدون بحرمة القيام والثورة وتأسيس الدولة وتنفيذ أحكام الدين لغير الإمام المعصوم » وإلا 
فلماذا كانوا يشترطون العصمة ويفترضون وجود الإمام المعصوم بعد وفاة الإمام العسكريء بالرغم من 
عدم مشاهدتمم أي ولد له وعدم إشارته الى ذلك وعدم وجود أية أدلة على صحة الفرضية» وإذا كانت 
النتيجة التى أسفرت عنها النظرية المهدوية الاثنا عشرية: (التقية والانتظار)» خاطئة وغير معقولة » فان رد 
الفعل الذي أعقبها وقام على أساس النظرية المهدوية كان خاطنا أيضا.. إذ أن نظرية النيابة العامة وولاية 
الفقيه لا تقل سوءا عن نظرية (التقية) فبينما تعطل الأخيرة النشاط السياسي في عصر الغيبة » تعطي 
الأولى كل الحق السياسي لرجل واحد باسم النيابة عن الإمام المهدي؛ وهذا ما يؤدي الى قيام الأنظمة 
الشمولية الدكتاتورية باسم الدين. 


وعلى أي حال فقد بحثت معكم حول وجود (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري) قبل عدة 
سنوات وطلبت منكم أن تدلوني على مزيد من الأدلة والبراهين » حيث لم اقتنع بالأدلة المقدمة من 
علماء الكلام ولا بالروايات الضعيفة الموضوعة فيما بعد » وطلبت منكم مناقشة الدراسة التي قمت بما 


60 


في إيران وأثبت من خحلالها : أن نظرية المهدي المعروفة عند الشيعة الاثني عشرية » نظرية حادثة بعد 
وفاة الإمام الحسن العسكري » وأتما فرضية وهمية لم يعرفها أهل البيت (ع) ول يبشروا بحا » وقد طلبتم 
مني التريث في الحكم والاستنتاج أو كتابة نتيجة البحث إلا بعد مرور سنة على الأقل » ثم عرض 
الكتاب على مجموعة من العلماء لمناقشته والرد عليه . وقد فعلت ذلك حيث أمضيت عاما كاملا بعد 
مغادرقٍ لإيران عام ١134١‏ في المطالعة والتفكير والتدقيق » وأنا أتمنى أن أكون على خطأ في منهج 
الدراسة أو في المعلومات التي توصلت إليها أو اعتمدت عليها » وقمت بعد ذلك بكتابة البحث 
ووجهت رسالة مفتوحة الى مئات العلماء والمفكرين من أبناء الطائفة الثني عشرية لكي يناقشوا البحث 
ويردوا عليه » وتمنيت من أعماق قلبي لو يثبتوا حطأ ما توصلت إليه وصحة الأدلة على وجود الإمام 
المهدي » فلم يحبني أحد على رسالتي ما عدا قلة قليلة من العلماء حيث أرسلت إليهم الكتاب لإلقاء 
نظرة عليه.. وكنتم أحد الذين أرسلت إليهم الكتاب وانتظرت جوابهم » خاصة وأنكم وعدتموني بذلك 
قبل كتابته » ولكنني وبالرغم من مضي اكثر من عام لم استلم منكم أي رد أو جواب. 


ومع أنى اقدر ظروفكم الخاصة والأجواء التي تعيشون فيها والتي لا تسمح لأحد بالتفكير فضلا عن 
المناقشة أو المعارضة » فاني اعتقد أن مسعاكم لتبؤ مقعد المرحعية العليا وقيادة المسلمين يوحب عليكم 
الاهتمام يبحث موضوع وجود المهدي أو عدمه » إذ أن مستقبلكم ومستقبل الأمة مرهون بإثبات هذه 
القضية أو نفيها » ومن هنا فإنكم مطالبون بقول كلمة : "صح" أو "خطأ" واثبات ذلك بالدليل » 
ولستم والحمد لله مثمن هو بحاحة الى تذكيره بان البحث في الأسس أولى من البحث في الفروع 


والحزئيات . 


وإذا ١‏ يكن لديكم الوقت أو الاستعداد لبحث ا موضوع 3 فأرحو أن تتفضلوا بالطلب ممن تعرفون من 
العلماء والمفكرين بالرد على البحث » وذلك لأني لا أزال مستعدا لتقبل الحق وتغيير رأيي إذا اكتشف- 
أني على ضلال » كما إني على استعداد لإقامة حفلة وإحراق الكتاب في المستقبل متى ما قام أحد 


بتفنيد آرائه واثبات صحة نظرية وحود المهدي. 


واعتقد أن في إعلاني هذا حجة عليكم أمام الله يوم القيامة وعذرا في نشر الكتاب في المستقبل » وذلك 
لأني اعتقد أن قول الحق واحب على كل عالم وان كتمان العلم من أكبر المحرمات » خاصة وانا قد 
نذرنا أنفسنا للدعوة الى الإسلام والى خط أهل البيت عليهم السلام وإقامة حضارة إسلامية جديدة » 
فإذا اكتشفنا أمرا دخيلا على الإسلام وعلى خط أهل البيت » وسرا من أسرار انيار الحضارة الإسلامية 
» كموضوع (المهدي محمد بن الحسن العسكري) الموهوم » فنحن مطالبون بالإفصاح عن ذلك خدمة 
للإسلام والمسلمين وحطوة على طريق بناء الحضارة الإسلامية من حديد. 


61 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
أخوكم المخلص أحمد الكاتب 
لندن 20/10/1414 ه 


وقد أصدر المدرسي في الرد علي كتابين هما: (الإمام المهدي والإيمان بالغيب) في سنة ١41١1‏ و 
(الإمام المهدي قدوة الصديقين) سنة ٠٠٠١65‏ 

وقد ابتدأ كتابه الأول بجموعة شعارات خطابية مثل ان "حقيقة الإمام الغائب من الحقائق الكبرى... 
وان المنظومة الفكرية في عقائد التوحيد إنما تنتظم بالولاية» وهي الحبل المتصل بين مماء القيم وصعيد 
الواقع» فلو انقطع الحبل فان مفردات العقائد تبقى من دون نظامء وفائدتما تكون محدودة... وان انتظار 
الإمام الغائب انتظار يوم الدين» والإبمان بالوحي النازل من الغيب". 

ثم اعتبر الإمان بالإمام المهدي مسألة نفسية إيمانية على كل إنسان أن يؤمن بما إذا كان يؤمن باللهء 
ف' إن الإيمان لا يتجزأ » ومن أراد أن يكفر بحق ويؤمن بآخرء فانه بمثابة من يكفر بالحق كله. (أفتؤمنون 
يبعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا حزي في الحياة الدنيا ويم القيامة 
يردون الى أشد العذاب) البقرة 85 إن قدرة الإنسان على تحاوز ذاته هي واحدة في كل مكانء ومن هنا 
فانه يؤمن بكل حق لا تفريق بين حق وآخر. أما الذي يدعي الإبمان بالحق ثم يكفر ببعض الكفر فانه 
كاذب في إيمانه » لأنه لم يعرف كيف يتجاوز ذاته» ويخالف هواه. انه يتبع هواه في تقييم الحقائق» فما 
وافقت عليه نفسه آمن به» وما خالفته نفسه كفر» وكان كمن قال ربنا سبحانه عنه: "أكلما جاءكم 
رسول بما لا تموى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون" البقرة 4.0 وهكذا يلجئون الى ميزان 
العصبية والأهواء في تقييم الحقائق» وبأيها يؤمنون وبأيها يكفرون. فإذا انزل الوحي فيهم وكان الرسول 
من قومهم آمنوا به وإذا كان من غيرهم كفروا به. هؤلاء هم ف الواقع من أتباع الحوى". 

ورغم أني في حواري ومراسلاتي معه؛ طلبت منه تقديم الدليل الشرعي على "حقيقة" وجود المهديء أو 
الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري, فان السيد المدرسي اعتبر هذا الأمر من الأمور المسلمة 
المفروغ منهاء وراح يحلل نفسيتي» ويهاجمني دون أن يقدم أي دليل» فقال:'"اليوم بحد البعض يرتاب في 
حقائق كان بالأمس يؤمن بما ويدافع عنها أشد الدفاع. لماذا؟ لأنه تعرض لفتنة» وأصبحت هذه الحقيقة 
تخالف مصالحه وأهواءه» وغدا يكفر بالحقيقة التي لا يزال يؤمن بما اليوم» وهكذا يكفر ويؤمن حسب 
رياح الهوى» هو التحدي ضد جبت الذات. فإذا اتمارت مقاومة الإنسان الداحلية» فأية قيمة لإيمانه. بل 


كيف نسمى الإبمان بشرط موافقة الحموى» كيف نسميه إيمانا؟ 


62 


مثل هؤلاء الذين يتراجعون اليوم عما آمنوا به أمس الم يكونوا مؤمنين حقا. بل كانوا يزعمون أنهم 
مؤمنين» أو يتظاهرون به» وقد قال الله تعالى عن الفريق الأول:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن 
قولوا أسلمنا ولما يدحل الإيمان في قلوبكم" الحجرات 4 ١‏ ويقول سبحانه عن الفريق الثاني:"إذا جاءك 
المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسولهء والله يشهد أن المنافقين لكاذبون» اتخذوا 
إيماتهم جنة فصدوا عن سبيل الله اتحم ساء ماكانوا يعملون) المنافقون 7-١‏ ."7 

وهكذا وبكل جرأة راح يتهمني بالنفاق لا بل ويتنبأ بالغيب فيقول:"غداً يكفر بالحقيقة التي لا يزال 
يؤمن بما اليوم". 

وبدلا من أن يقدم أدلته على تلك الحقيقة الإيهانية التي يدعيهاء وحد السيد المدرسي أن أسهل الطرق 
للدفاع هي اهجوم الشخصيء وارتدى هذه المرة نظارات ا محلل السياسي والنفسيء» فقال: "عندما طبقت 
بصيرة الولاية في بعض البلاد وواجهت مضاعفات عند التطبيق » واصطدم البعض بماء تراه لم ينسب 
الخطأ الى البشر الذين هم بالتاللي غير معصومين, ولم يدر أن كل فكرة واحهت مضاعفات عند التطبيق. 
فالديموقراطية التعددية والديموقراطية الشعبية والملكية الدستورية والملكية المطلقة.. وكل النظم واحجهت 
مشاكل عند التطبيق. والعقلاء لم يحملوا كل المسؤولية على المبدأء بل عرفوا مواقع الضعف في المبدأء 
وميزوها عن مواقع الضعف في المنفذين لما. وعند هذا المنعطف اتمار وبدأ يرتاب في حقيقة الولاية 
الإلحية» ويدعو الى العلمانية (وفصل الدين عن السياسة) أو الى التطوير في فهم الدين... وترى بعضهم 
ابتلي بالشك الحارف فإذا بفيروس الارتياب ينخر في أصول عقائده؛ فأحذ يشك في الإمام المنتظر عليه 
السلام» زاعما أن الدليل الوحيد الذي دل على ولاية الفقيه هو الحديث المسند إليه. فإمعانا في فتنة 
نفسه وخداع ذاته أحذ ينفي وجود الإمام الحجة حتى ينهار أساس ولاية الفقيه.. تلك الولاية التي 
اصطدم بما ونصب نفسه لتسفيهها وضرب قواعدها وأسسها... ثم أحذ يرتاب في سائر أصول المذهب 
الحق» بل وبعض أصول الدين ذاته". "7 

وهل التشكيك بنظرية ولاية الفقيه» التي لا يؤمن بما كثير من العلماءء كالشيخ الأنصاري والسيد 
الخنوئي والسيد السيستاني» تشكل مقدمة للكفر بالإسلام؟ إضافة الى أن تشكيكي بوجود الإمام الثاني 
عشرء لم يكن منطلقا من الرغبة في تسفيه نظرية ولاية الفقيه» وذلك لأن كثيرا من منظري هذه الفكرة 
كانوا يرتكزون في اجتهادهم حولا على الأدلة العقلية والقرآنية» وإِنما كان منطلقا من حقائق موضوعية 
تكشفت لي أثناء البحث وتصريح مشايخ الطائفة الإثني عشرية الأوائل بأن عمدة أدلتهم على وجود 


7 


-دا ص ١8‏ 


570 


2 هن 51 


63 


ابن للإمام العسكري, هو الافتراض الفلسفي» في غياب الأدلة التاريخية التي تثبت ولادته ووحوده 
واستمراره. وقد قدمت أسئلة بريئة ومشروعة عن وحود ذلك الإمام المفترض» في محاولة للبحث عن 
الحقيقة» ولم تكن المسألة مسألة خداع نفسي أو رغبة شيطانية في السقوط في الفتنة» والعياذ بالله» أو 
محاولة لضرب قواعد ولاية الفقيه» حيث أن المسألة أكبر منها بكثير وغدت تتعلق بأساس الفكر 
الإمامي. 

وإذا سلمنا بكل قراءات المدرسي النفسية التي لا يعلمها إلا الله فلست أدري كيف تحرأ على اتمامي 
بالتشكيك بأصول الدين ذاته؟ وما هي تلك الأصول التي شككت فيها؟ هل كفرت بالله تعالى أو بالنني 
محمد أو باليوم الآخر؟ وما هو دليله ؟ سوى الاتحام العشوائي والظن بالسوء؟ 

ولست أدري ماذا أذنبت بحق السيد المدرسي؟ وإذا كان يمتلك هذا العمق الغيبي في قراءة قلوب 
الناس» ومعرفة المؤمن من المنافق» فلماذا لم يكتشف صديقا له عاش معه وعمل معه حوالي عشرين 
عاما؟ 

يقول المدرسي:" إن اكثر التشكيك في أمر المهدي جاء بدوافع سياسية» ولم يكن قائما على أسس 

ونقول له: إن أكثر المدعين لوحود المهدي يقومون بذلك بدوافع مادية وسياسية أيضاء ولا يملكون 
أسسا علمية سليمة على دعواهم؛ في حين أن الدليل على المدعي وليس على المنكر أو المشكك. ثم 
حسناء ومهما كانت الدوافع» ألا يحب على المدعين تقديم الأدلة العلمية السليمة على دعواهم؟ وكيف 
نفرق بين الحقائق والأساطير؟ بمجرد الدعاوى؟ أم بالأدلة والبراهين؟ 

ولا يجد المدرسي الحرأة لبحث أو تقدم أي دليل تاريخي على ولادة ابن الحسن العسكريء, كما فعل 
خاله السيد محمد الشيرازي» فهو يعرف جيدا أنما مجموعة أساطير مضحكة؛ وإشاعات بلا سند ولا 
دليل. ولذلك ينتقل الى الاستدلال بالأحاديث العامة (السنية) الواردة حول خروج مهدي في آخر 
الزمان» ثم يقول:" لم يتشكك في عقيدة المهدي إلا بعض المتأئرين بالثقافة العلمانية كابن خحلدون الذي 
حاول أن يؤسس نظرية نقدية للنصوص الدينية يعيدا عن الإبمان بالغيب والتسليم لحقائق الوحي» وقد 
أورد ؟ حديثا في عقيدة المهدي وحاول تضعيف أسانيد بعضهاء وكان واضحا أن تشكيكه كان قائما 
على نظرية في الاجتماع من قيام الملك بالعصبية» ومحاولة نسبة هذه العقيدة بتلك العصبية.. ولكن إذا 
حعلنا معيار تقييم العقائد السياسية والحركات الاجتماعية فلا تسلم حتى العقيدة بأصل الدين من هذا 
المعيار ذي البعد الواحد...ولم يعرف ابن خلدون أن سلامة سند حديث واحد تكفي لقبول عقيدة 
غيبية» ولا يضر ضعف سند غيره» لأن مجحرد الضعف لا يدل على كذب الحديث بل هو مؤيد له". 
ويستعين بقول للشيخ المحدث ناصر الدين الألباني:" إن عقيدة حروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه 
(صلى الله عليه وآله) يجب الإيمان بما لأنما من أمور الغيب» والإيمان بحا من صفات المتقين كما قال 


64 


تعالى :"ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب" وان إنكارها لا يصدر إلا عن 
جاهل أو مكابر» أسال الله أن يتوفانا على الإبمان بما وبكل ما صح في الكتاب والسنة". ؟" 


ونقول للمدرسي: حتى لو صحت تلك الأحاديث التي رفضها ابن خلدونء فانما أحاديث عامة؛ لا 
تشير الى ولادة أو وحود شخص باسم (محمد بن الحسن العسكري). ونحن إنما تتحدث عن الإمام 
الثاني عشرء وليس عن «الإمام المهدي) المطلق. فلماذا تتهرب من صلب الموضوع لتستجير بموضوع 
آنن ؟ 

ويا ليته تحدث أيضا بلغة علمية! انظروا كيف يحاول "إثبات" دعاواه» يقول:" كان أول من كتب من 
علماء السنة في هذه العقيدة الحافظ نعيم بن حداد المروزي» حيث عنون كتابه باسم "الفتن والملاحم" 
وتوحد نسخة من الكتاب في المكتبة البريطانية حيث سجلت فيها بتاريخ ام كما توحد نسخ منها 
في مكتبات الحند وسوريا. والمؤلف من مشائخ علماء السنة» وقد توفي سنة 5717". 

و ليس هذا في الحقيقة إلا تمريج إعلامي» فما ذا قال المروزي؟ ومن هم رواته؟ وما هو سند الكتاب؟ 
وما هو رقم الكتاب في المكتبة البريطانية؟ وفي أي مكتبة في بريطانية؟ وأين توجد النسخ الأخرى في 
مكتبات الهند وسوريا؟ ما هي عناوينها؟ وأرقامها؟ وهل اطلعت عليها مباشرة ورأيتها بعينك؟ أم تنقل 
عن أناس لا تعرفهم؟ وحتى إذا صحت الدعوى, من يقول إن نسخة المكتبة البريطانية هي نسخة 
مسندة وأصلية وصحيحة وسالمة من التحريف والتصحيف؟*”" 

مع الأسف الشديد إن السيد المدرسي لا يقول لنا شيئا عن ذلك » لأنه ببساطة لا يعرف شيئاء وم 
يقرأ الكتاب» ولم يطلع عليه ولكنه يحاول أن يوحي لنا بأن الحافظ المروزي الذي توفي سنة 771 قد 
قال شيئا عن الإمام المهديء ولما كان هذا التاريخ قبل ولادة الإمام الثاني عشر المفترضء فانه لا بد أن 
يكون إعجازا وتنبأ بالغيب وله علاقة بذلك. 


ل 1 


*" - وحدت في موقع رافد الإلكتروني إشارة الى هذا الكتاب كما يلي: هو كتاب « الفتن والملاحم» للحافظ نعيم 
بن حماد (وليس حداد كما ذكر المدرسي) المروزي المتوق سنة 5١1‏ ه . وهو من شيوخ البخاري وغيره من مصنفي 
الصحاح . وتوحد منه نسخة في مكتبة دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد الهند رقم83 - 3187 » ونسخة في 
الممكتبة الظاهرية بدمشق رقم 77 - أدب » ونسخة في مكتبة المتحف البريطاني تقع في نحو مائتي صفحة مزدوحة » 
وقدتم نسخها سنة 70١5‏ ه . ويوحد على بعض صفحاتما عبارة ( وقف حسين أفندي ) مما يشير إلى أتما أحذت من 
موقوفات تركيا . وقد سجلت ف المكتبة البريطانية سنة 4 ١957‏ م . 


65 





وهكذا يحاول المدرسي أن يدعونا للإيمان ب"الحقيقة الكبرى حقيقة الإمام الغائب » والوحي النازل من 
الغيب". 


دليل الاثني عشرية 

وعندما ينتبه بسرعة الى هشاشة "أدلته" الروائية» وعدم إنتاحها لأي مولود, يلجأ الى دليل آخر ليس 
أكثر من قشة لا تنقذ غريقاء وهو دليل "الاثني عشرية" وقد استعرضت هذا الدليل في كتابي (تطور 
الفكر السياسي الشيعي) ومع عدد من الاخوة المحاورين» وقلت انه لا يمكن الاستدلال بمذا الحديث إلا 
بعد إثبات وجود وولادة ابن الإمام العسكري, دليلا على صحة النظرية الاثني عشرية» أما قبل ذلك فلا 
يجوز ولا يمكن أن نستدل به على ولادة إنسان لم تثبت ولادته بالأدلة الشرعية القانونية التاريخية» ولكن 
المدرسي لم يتوقف عند الاحتمالات العديدة التي تحتملهاء ويقول:" كما هو واضح من مراجعة المصادرء 
أن هذه النصوص تبلغ حد الاستفاضة وربما التواتر» مما يجعل المسلم على ثقة بماء وبأنما صدرت عن 
النبي (ص) وهناك أكثر من شاهد على انه عنى بهذا العدد أئمة أهل البيت عليهم السلام وهي التالية: 
أولا: ليس هناك من ينطبق عليه هذا الوصفء وكذا العدد سمى أئمة أهل البيت فاتحم وحدهم الذين 
بلغوا الذروة في صفات الأنبياء وعددهم أيضا بلغ اثني عشرء ولم يشك أحد ممن أوتٍ حظا من العلم 
والتقوى في موهم ورفعة درحاتحم"... ولم يكد يتم كلامه حتى استدرك قائلا:"لعل منهج القرآن في 
امحكم والمتشابه هو القدوة في هذا المنهج. والرسول (ص) اتبع ذات المنهج أحياناء لإبلاغ المسلمين ان 
الأئمة من بعده هم اثني عشر وانهم من قريش. وقد صرح لخاصة أصحابه من هم أولئك كما حدثهم 
بأسمائهم. من هنا فان المنهج السليم في معرفة أقوال الرسول كما في فقه كلمات أهل البيت هو التقاط 
إشاراته والتنبه الى معاريضه وتوريته وألحانه. وانطلاقا من هذا المنهج نعرف أن الأئمة الاثني عشر الذين 
عناهم من بعده هم في الواقع الأئمة من أهل بيته" .'" ويضيف:"إن قائمة أسماء الأئمة كانت من 
أسرار آل محمد التي لم يطلعوا عليها إلا من ملك القدرة على حفظهاء والإيمان بما غيبا. وان 
النصوص التي كانت عند الشيعة كانت من أسرار آل محمد لظروف التقية الضاغطة؛ ولم يكن من 
كبار الشيعة العارفين بما يسمحون لأنفسهم بالبوح بما إلا لخاصة خواصهه"."” 

أي انه لم تكن هناك نصوص واضحة وصريحة وثابتة ومتواترة على الأئمة الإثني عشرء وإنما يحب أن 
نعرفهم بالتقاط إشارات الرسول الأعظم والتنبه الى معاريضه وتوريته وألحانه. 


54 


١15/8 دص‎ 


>” 


دص هه١اومه١‏ 


66 


فكيف نحصل من تلك النصوص الغامضة والسرية دليلا شرعيا على حقيقة إيمانية كبرى؟ وعلى ولادة 
ووجود "يرل بن الحسن العسكري"؟ 


الغلو في الإمام 

إن السيد محمد تقي المدرسي يعاني من مشكلة كبرى في تحديد مصادر المعرفة الإسلامية » فهو 
يعتمد كثيرا على تأويل القرآن التعسفي, وعلى الأحاديث الضعيفة» فيقع في مزالق الغلو الفاحش ويبتعد 
عن عقيدة التوحيدء حيث يعطي الإمام المفترض (المهدي المنتظر) أدوارا إلهية غير بشرية» ويرتفع به عن 
مقام الإمامة التي هي الرئاسة والخلافة» لينسب إليه إدارة الكون وإمساك الأرض» حيث يقول في كتابه 
(الإمام المهدي قدوة الصديقين):" من يحفظ سكان الأرض من الدمار والانميار والضياع؟ إنه الإمام 
الغائب؛ الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرحه. فهو الإمام لأهل الأرضء ولولاه لساحت الأرض 
بأهلهاء ولتحول كل شيء إلى كثيب مهيل. ولتعلم - أخخي المسلم - قبل كل شيء أن الإمام الحجة 
المفظر أقرب إليلك نا قظة» وهو عندك وأتت عنذه" 18 

أما من هو الإمام المهدي؟ وهل ولد فعلا ويعيش في حالة من الغيبة؟ فان السيد المدرسي يقفز على 
هذه الأسئلة المحرحة» ويغطي على عجزه بتضخيم دور الإمام المهدي, والخلط بين فكرة وعد الله 
بانتصار الخير ووراثة عباد الله الصالحين للأرض» وبين شخص محمد بن الحسن العسكري» فيقول: 
"الإيمان بوحود هذا الإمام العظيم والاهتمام الحدي بعقيدة انتظار ظهوره؛ يعتبران من أهم وصايا الأنبياء 
لأثمهم على مرّ التأريخ» حيث ل يبعث الله نبياً إل وبيّن له أن خاتمة هذه الدنيا ستكون الى خير 
وسعاذة :وأن العاقة للمتقين».وآن الأرطن سيورثيا الله“عبادة الضاطين» حبك سيمكن الله المسشتطعفيق 
في تحاية المطاف. ولقد آمن جميع الأنبياء والمرسلين والأئمة والصالحين بحقيقة ظهور الإمام الحجة المنتظر 
عليه السلام في آحر الزمان". 55 

ومن هنا فان المدرسي يعتبر التشكيك بوجود (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري) نوعا من 
الشرك والنفاق» فيقول بغضب:"قتل الخرّاصون. لقد ابتلي المؤمنون نخاصة» والمسلمون عموماً بأنصاف 
المثقفين الذين يصبون كل جهودهم للتدحل فيما لا علم لحم به. وللتجاوز على قدّسية العلم 
والاختصاصء وذلك لزعزعة موقع الإيمان والإسلام في القلوب» سواء علموا بتأثير ما يخْرصون أم لم 
يعلموا. فكم من صحيفة وكتاب وإذاعة وبوق إعلامي يحرض الناس على الشك بالعقيدة واليأس من 


67 


التغيير والتغيّره جاهلين بأن الشك واليأس والتشكيك والتيئيس ليس إلا شكلاً رهيباً من أشكال الشرك 
والنفاق". ثم يلمح الى أحاديث تلفزيونية عرضت فيها أسئلتي المشروعة عن وجود ابن الحسن العسكري» 
وأدلتي على اختلاق هذه الفرضية الأسطورية» فيقول:" معنا وتسمعون أكاذيب وافتراءات من يستهزئ 
- وبأعصاب باردة لما ما يبررها من مصالح ودوافع؛ كالجهل والطمع والكفر- من الحركات الإسلامية 
والثقافة الدينية والمقدسات» فلا يكون موقفنا منهم إلا التوحيه لحم أو الابتعاد عنهم والاستعاذة بالله 
القدير منهم فيما لو لم يثمر التوحيه أو ينفع النصح, لأتمم ليسوا إلا موحودات جهتّمية يحرقون كل من 
يقترب أو يركن إليهم. فالحذر كل الحذر منهمء ذلك أنمم آمنوا ثم كفروا وأنحم لن يضروا المؤمنين 
الصادقين شيئاً". *” 

ولست أدري كيف يجرؤ على وصف حديتي بالاستهزاء» وهو أبعد ما يكون عنه» وأقرب الى الحديث 
الجاد الذي يحاول أن يشذب التراث الإسلامي من الخرافات والأساطير؟ ثم كيف يتهم من يناقش في 
قضية يختلف فيها الشيعة الزيدية والإسماعيلية والفطحية مع الإثني عشرية» فضلا عن بقية المسلمين» 
كيف يتهمه بالانطلاق من الطمع والكفر؟ وكيف يصفه بالجهنمي والكفر وهو يشهد ألا إله إلا الله 
وان محمدا رسول الله ويلتزم بأركان الدين؟ وعلى أي أساس؟ 

إن المدرسي يحاول أن يؤول القرآن الكريم ويربط بين موضوعين, لا علاقة بينهماء مثل البحث عن 
وحود الإمام المهدي, والكفر بالعقيدة الإسلامية» فيقول:"إن كان البحث فيما يخص وجود وظهور 
الإمام الحجة عليه السلام» فليعلم الإنسان المؤمن أن الله قد عاب في كتابه على من يكفر بالعقيدة 
الإسلاسة سيرته هذه قفال» و أوكيت تكلتون ونث لي ل ءَايَاتُ اللَّه فيكم ان 
الرسول وإن مات جسداًء ولكنه حييٌ يرزق بين أظهر المسلمين» وذلك عبر خليفته ووصيه الذي هو 
القرآن الناطق» وهو الأمان لأهل الأرضء وهو الأمل التاريخي للبشرية جمعاء» وهو الإمام الحجة بن 
الحسن المهدي عليه السلام".١"‏ 

ولم يشرح لنا المدرسي كيف استخلص هذا لمعنى من تلك الآية الشريفة؟ وما هي العلاقة بين تلاوة 


آيات الله وولادة شخص بعد مائتين وخمسين سنة؟ 


استمرار الوحي بعد الرسول 


- ص ,7 
8 


- ص7 


68 


ويذهب المدرسي بعيدا » وهو يحاول الاستدلال على وجود (الإمام المهدي) بصورة تعسفية» فيطرح 
فكرة خطيرة مناقضة لخاتمية النبي محمد (ص) وهي ضرورة استمرارية الوحي الى يوم القيامة» فيقول:"إن 
الإنسان الذي يعتقد ب(الوحي) الذي هو بحل من تحليات قدرة الله تعالى ورحمته بالإنسان» لابد له أن 
يعتقد بالإمام الحجة عليه السلام» لأن الذي ربط الأرض بالسماء بفضل الوحي تأبى رحمته » ويأبى 
فضله العميم على الإنسان » ويأبى لطفه أن يترك البشرية دون رابط يربطها بالسماء بعد وفاة خاتم 
الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله. فالأرض ومنذ أن وُحد فيها الإنسان وحتى مبعث النبي 
الأعظم صلى الله عليه وآله لم تخل من حجّة إلهية» فكيف يترك الله جلّت أسماؤه» هذه الأرض من غير 
حجة؛ وهل كانت البشرية في السابق أقرب إليه تعالى لكي يبعث لها مائة وأربعة وعشرين ألف نبي عدا 
الأوصياء وثم يتركنا بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله دون أن تكون له حجة عليها؟.. إِنَّ 
الإنسان الذي يعتقد بالوحي لابد أن يؤمن أيضاً بامتداد هذا الوحي المتمثل في الأئمة عليهم السلام ؛ 
وان هذا الامتداد يتجسدء بل يرتفع» وينمو حتى يصل إلى قمته» وإلى ذروة امتداد الرسالة الإسلامية 
المتمثلة في الإمام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرحه"."" ويضيف:"إن هناك ليلة القدر» حيث يتنرّل 
الروح من السماء مع الملائكة الآخرين ليعرضوا على إمام عصرنا صحيفة أعمال كل واحد منا. وإلى هذا 
المعنى يشير قوله تعالى: ( وَقُلٍ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولهُ وَالْمؤْمنُونَ) " ."” ويقول:" إن الشيعة 
يعتقدون اعتقاداً راسخاًء ويؤمنون تمام الإيمان بوجود هذا الإنسان الغيبي الإلمي الذي ينزل عليه الروح 
الأعظم في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. والروح الأعظم هذا هو كيان اعظم من الملائكة 
ومن جبريل وميكال؛ ينزل على الحجة عليه السلام ".+" ويؤكد:" وليس هناك فوق هذا الكوكب الذي 
نحيا عليه ورغم ما تزدحم وتتصارع فيه آلاف الأديان والمذاهبء, بالإضافة إلى الأفكار والمبادئ 
والنظريات والفلسفات العديدة المنتشرة هنا وهناك؛ أقول ليس هناك دين أو مذهب أو مبدأ واحد يقول 
أن العلاقة بين الأرض والسماءء أو بعبارة أخرى؛ بين الإنسان وحالقه هي علاقة مستمرة كما هي 
عقيدة الشيعة» فنحن نؤمن باستمرار ودوام هذه العلاقة بين الإنسان وبارئه» ولا نرى انقطاعها كما هو 
الحال لدى اتباع المذاهب الإسلامية الأرى » حيث يقولون إتما انتقطعت بوفاة النبي صلى الله عليه وآله 


وانقطاع الوحي » ولا يعترفون بوحود إنسان يحبى على هذه الأرض ذي صلة بالله سبحانه» إلا أنه ليس 


.اس ه76 

ل دص ه 
0 00 
1 - ص1١‏ 
5 - صه ١‏ 


69 





اعتقد بقوة أن السيد المدرسي يخطي كثيرا في نسبة هذه الفكرة للشيعة والتشيع» وإنما هي فكرة من 
بنات أفكار الغلاة المنحرفين عن أهل البيت» وانحا تشبه قول الفرقة الضالة والمكفرة "الأحمدية" التي 
تعتقد باستمرار الوحي على أئمتها وشيوخها. ولست أدري كيف يقول المدرسي بمذه الفكرة الشيطانية 
الجهنمية المناقضة لصريح القرآن:" ما كان محمد أبا أحد من رحالكم ولكن رسول الله وحاتم النبيين..". 
الأحزاب 4٠‏ وهو الذي يدعي الاجتهاد والعناية بالقرآن؟ 

وفي الحقيقة انه لم يكن بحاحة الى الوقوع في هذا المنزلق الخطير» ولكنه كان كالغريق يتشبث بكل 

قشة» ومع ذلك فانه لا يستطيع أن يستدل بمهذه الفكرة على ولادة ووجود (محمد بن الحسن العسكري) 
لأنه بحاحة الى أن يثبت ولادته أولا حتى يطبق عليه تلك الفكرة» وليس بالعكسء تماما كما كان 
الإماميون الإثنا عشريون بحاحة الى إثبات وجوده وولادته» حتى يجوز لهم بناء نظريتهم على أساسه. 

وكلما يشعر المدرسي بتهافت منطقه واستدلاله» يرفع من درحة تمويله» ليغطي على عجزه؛ فيقول:" إن 
الإبمان بالمهدي عجل الله فرحه كامل مكمل للمنظومة الإمامية» فكما أن الطائرة لا يمكنها التحليق في 
الجو إذا أصابما عطب أو خلل في أحد جناحيها أو أجهزتما العديدة التي تكون بمجموعها وحدة واحدة 
لا يمكن الاستغناء عن إحداها أو إلغائهاء وكما أن الذي يؤمن بالركاة والحج والخمس ولكنه لا يؤمن 
بالصلاة وينكرها يعتبر كافراً وليس مسلماً لأنه يفتقد جزءاً رئيسياً من منظومة الإبمان .. كذلك الذي لا 
يؤمن بالإمام الحجة عجل الله فرجه فهو لديه مشكلة رئيسية وخلل عميق في ركن أساس من 
الإيمان ". 


ويقوم بمهاجمة الباحثين عن أدلة وجود الإمام الثاني عشرء فيقول:"إن أولئك الذين يختصمون في 
مصداقية إمامة الحجة المنتظر ووجوده وغيبته سلام الله عليه» بعيدون عن معرفة حكمة الوحود ولماذا 
خلق الله سبحانه الكون". دون أن يشرح لنا بالطبع ما هي العلاقة بين الاثنين. 

إن المدرسي هنا يعبر عن أزمته الفكرية بوضوحء فهو قد اصطنع له نظرية باطلة وهي ضرورة استمرار 
الوحي الى يوم القيامة» ثم ذهب يبحث عن ذلك المصداق الخارحي لمتلقي الوحي» ولم يكن بملك أي 
دليل على وجوده؛ ولكنه لا يريد أن يعترف بخطأ نظرياته» فيحاول افتراض وجود ذلك الشخص بصورة 
تعسفية» ولما كان منطقه ضعيفاء فانه يحاول أن يغلفه بستار من النيران الموجهة ضد كل باحث 
موضوعي أو متسائل بريء. 

ولنشاهده مرة أحرى وهو يتخبط ف أزمته الى درجة إنكار ضروري من ضروريات الدين» يقول:" هل 
من المعقول أن يخلق الله الخلق من أجل مجموعة من الأشخاص - وهو النبي وأوصياؤه من بعده- ثم 
يعمد الله أن يخلي الأرض منهمء حيث تبقى الدنيا دون أن تبقى الحكمة من خلقها؛ الحكمة التي تعني 
وجود النبي أو من ينوب عنه بالنص المباشر؟ بالتأكيد ليس من المعقول أبداً أن يحدث كل هذا". 


00 


وهكذا يصبح الجواب جاهزا لديه هنا حتماء وليس بحاحة بعد ذلك الى دليل:"أقول: إننا وبالاستناد 
الى الروايات المؤّكدة الصادرة عن النبي والأئمة من بعده, فإنٌ الإمام الثاني عشر قد ولد فعااً". 
وليس مهما بعد ذلك ما هى قيمة تلك الروايات العلمية؟ ومدى دلالتها؟ وفيما إذا كانت ثمة أدلة 


تاريخية معتبرة وشرعية على ولادته؟. 
دليل الغيب 


وبما أن المدرسي لا يزال يشعر بضعف منطقهء فانه يحاول أن يسنده بنظرية أحرى فريدة» هي دليل 
(الغيب) فيقول:"إن أبرز وأهم غيب في حياتناء هو الإيان بوجود وظهور وانتصار الإمام الحجة المنتظر 
عجل الله فرحه الشريف" .. وبناء على ذلك يرفض المدرسي الاعتماد في الإبمان بالمهدي المنتظر على 
أساس الرؤية. ويضيف: "يقول البعض: أؤمن بالإمام الحجة» ويسأل: من رأى الحجة ؟ ويجيبه رفيقه : 
لقد رآه بعضهم وقصته كذا وكذا. فهو يؤمن بالإمام المنتظر لأن أحدهم قد رآه في اليقظة أو في المنام» 
ولو كان ل يرَ عليه السلام في اليقظة أو في المنام لأصبح لا وجود له !!..إن الاعتماد على النقل الموّق 
أمر صحيح, ولكنه يعبّر عن إِيمانٍ جاهل وناقص ؛ جاهل من حيث أنه لم يصدر عن ذات عالمة بذاتما 
؛ وناقص بالمقارنة مع ما هو كامل. إن الإيمان الكامل والواعي والقوي هو الإيمان المتنامي من خلال 
دراسة القرآن وجوهره وروحه» ومن خلال دراسة الأحاديث النبوية الشريفة التي خرحت عن مصدر الحق 
والصدق الذي هو رسول الله صلى الله عليه وآلهء من خلال ذلك يؤمن الإنسان إيماناً أساسياً 
بحقائق الغيب, لا من خلال رؤية أحد الناس. 

إن الإيمان بالحقائق الغيبية ينبغي أن يكون تسليماً للأوامر الدينية؛ بمعنى أن هذين الأمرين ينبغي أن 
يكون الإبمان بمما من البديهيات في عقيدة الإنسان المسلم » وذلك قبل البحث عن الاستدلال أو 
الكشف عن أسبابهما ونتائجهما المادية. 

ثم إن من دون الاعتماد على الله والنصوص التي أوردها في قرآنه الحكيم وعلى لسان رسوله الكريم 
صلى الله عليه وآله يكون دين الإنسان المسلم أمراً معلّقاً على معرفة الأسباب قبل التأدية. 

إن الإمام الصادق عليه السلام يقول : "نحن - الأئمة - صِبّْرٌه وشيعتنا أصبر منّا" قلت (الراوي): 
جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: "لأنا نصبر على ما نعلم» وشيعتنا يصبرون على 
مالا يعلمون". إذن؛ فالقضية تكمن في ضرورة الارتفاع الى مستوى الإمان بالغيب وما يتطلبه » وليس 
الاتحاه نحو تحيير الحقائق الإبمانية لصالح المذاقات النفسية والمادية » وإنما يتم ذلك عبر تعويد الذات 
على عدم الاكتفاء بما تشاهده العينان وتحسّه الحواس. بل لابد من الإيمان بما يشهد عليه القلب 
والعقل» وما يطمئن إليه الضمير» وينصّ عليه الكتاب والرسول. 


711 


وببالغ الأسف أقول: إن بعض الناس من المسلمين أصبح لا يؤمن بحكم شرعي حتى يعرف سببه أو 
يفسر له العلماء ذلك» وهذا يعتبر تجاوزاً صارحاً على حقيقة القرآن والأحكام الشرعية القائلة بضرورة 
الإيمان بالغيب والتسليم بإخلاص الى أوامر الله ونواهيه » لاسيما وأنّ الآيات القرآنية الكريمة التي تلوتما 
على مسامعكم في مقدمة الحديث تشير بكل وضوح إلى أن الإبمان بالغيب أمر متقدم على إقامة 
الصلاة - وهي عمود الدين - وعلى الإنفاق في سبيل الله تعالى ذكره. 

وهكذا من كان يشك في وحود أو ظهور أو انتصار الإمام المهدي عجل الله فرحه الشريف فالمشكلة 
فيه هو لا غير. فالأدلة كثيرة للغاية » ولكنه هو بذاته أصبح - لضعف إيمانه - لا يؤمن بالشيء 


75 


دون أن تراه عيناه" . 
العودة الى نقطة الصفر.. الى الشورى 


والطريف ان السيد محمد تقي المدرسي» بعد كل هذا الجهد المضني في محاولة "الاستدلال" على ضرورة 
وجود (الإمام المهدي) واستمرار الخيط الرابط بين الأرض والسماءء يعود فيلتفت حواليه فلا يجد أثرا مما 
يقول» فيعود أدراجه حائباء لينظّر لولاية الفقيه» والنظام الديموقراطي كبديل عن (الإمام المهدي الغائب) 
فيقول:'إِنّه قد اضطدٌ الى الغيبة القسرية مرّتين» وإِنّه قد أناب عنه في غيبته الأولى أربعةَ من الوكلاء, إلا 
أنه أطلق الأمر في غيبته الكبرى الى العلماء بالدين... لقيادة الناس باعتبارهم وكلاءه العامّين في إفتاء 
الناس وقيادتهم نحو ما يريد الله لحم من خير وينهاهم عنه من شر... وهكذا كان جميع الناس مدعوّين 
الى البحث عن قائد يتبعونه» وهذا ما يمكن تسميته بالنظام المرجعي» حيث يسعى كل إنسان بالغ غير 
ومع انه استنكر فيما سبق التمسك بآية الشورى, إلا انه عاد فقال:"يعتبر مبدأ الشورى في الإسلام 
أصلاً أصيلاً في النظام الديني» فإذا كنا فيما مضى من الزمان نختار أئمتنا المراحع عن طريق الانتتخاب 
العفويء فإنّ عصرنا الراهن يوكد الحاحة الماسة إلى استبدال تلكم الطريقة بطريقة أخرى» وعبر صناديق 
الاقتراع مثلا". وأضاف:"إن طاعة ولي الأمر تعني طاعة الإمام المعصوم؛ وهو في عصرنا الإمام الحجة بن 
الحسن عجل الله فرحه» وطاعة الإمام الحجة تعنى طاعة الرسول التى تعنى بدورها طاعة الله سبحانه"."" 


١7ص‎ - 


فيضن 


دص 1 


12 


ول يتوقف المدرسي هنا ليسأل نفسه عن الفائدة العملية لافتراض وجود (الإمام المهدي محمد بن 
الحسن العسكري) وعن معن الارتباط به عبر المراحجع مع السماء؟ وما ذا يحدث لو قلنا مباشرة أن 
العلماء هم أوصياء النبي وأن طاعتهم تعني طاعة الرسول» وأننا يجب أن ننتخبهم بواسطة الشورى عبر 
صناديق الاقتراع؟ وما هو الفرق بعد كل ذلك مع من لا يؤمن بنظرية الإمامة من الأساس؟ 

وف الحقيقة ان السيد المدرسي يتهرب من التوقف عند كثير من الأسئلة والإحابة عليهاء ومما لا يتوقف 
عنده» هو الموقف الإمامي القديم الملازم والمتفرع عن القول بوجود الإمام الثاني عشرء وهو موقف التقية 
والانتظار السلبي» وحرمة إقامة الحكومة الإسلامية في عصر الغيبة» وذلك لاشتراط العصمة والنص في 
الإمام» حسب نظرية الإمامة الإلهية. وان هذا الموقف قد أدى الى خروج الشيعة من مسرح التاريخ قرونا 
طويلة من الزمن» وان القول بتولي المراحع لقيادة الأمة» حسب نظرية النيابة العامة أو نظرية ولاية الفقيه» 
هو قول جديد مناقض لنظرية الإمامة» وتخل عن اشتراط العصمة والنص في الإمام, مما يعني أن الامامية 
داروا دورة تاريخية طويلة وعادوا الى نقطة الصفرء وهي القول بعدم وجود إمام ظاهر معصوم منصوص 
عليه من قبل الله في هذا العصر. وان عليهم أن يبحثوا عن إمام عالم عادل يحل محل المعصوم ويقوم 
بمسؤولياته تحاههم. وهذا ما قال به كثير من أهل السنة» وكثير من الشيعة الأولين. وهو الذي ينسجم 
مع روح القرآن الكريم والعقل السليم. 


- مع "الكاتب السيستاني" في كتابه: (المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي): 


منهج القياس والتأويل والاستدلال الافتراضي 


من بين الرسائل الكثيرة التي أرسلتها الى العلماء والمراجع والمفكرين الشيعة» لمناقشة كتابي (تطور 
الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) وإعادة النظر في موضوع "وجود" الإمام الثاني 
عشر (محمد بن الحسن العسكري) وجهت إحدى الرسائل الى المرجع الديني الكبير السيد علي 
السيستافي» ولم أستلم منه ردا مباشراء ولكن مؤسساته العلمية نشرت عددا من الكتب حول الموضوع, 
ومن بينها كتاب بقلم مجهول؛ وهذا ما يقلل من قيمة الكتاب العلمية» ولكنه يحمل توقيع (مؤسسة 
الرسالة) التابعة لمرجعية السيستاني» ولست أدري فيما إذا كان الكتاب بقلم السيسعاق» أو أن الستستاق 
نفسه قد اطلع عليه أو وافق على نشره. ولكني سأصطلح على مؤلفه ب: "الكاتب السيستافي" نسبة الى 
ا مربحع السيستاني. 


13 


وعنوان الكتاب هو: (المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي). صدر في محرم الحرام ١4117‏ ه *" 

ومع ان الكتاب صدر عن مؤسسة علمية تعنى بشؤون الفكر والتراث والعقائد الدينية الإسلامية» وتم 
بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام» وتتبع إحدى أكبر المرجعيات الشيعية» وهي مؤسسة الرسالة التابعة 
لمؤسسة رافد» إلا ان الكتاب لم يقدم جديدا في بحث موضوع (الإمام المهدي) وانما كرر أو لخص ما 
كتب قبل ألف عام» لدى تأسيس المذهب الاثني عشري في القرن الرابع اللهجري» من قبل "مشايخ 
الطائفة": الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي» من دون أي نقد أو مراجعة أو إعادة اجتهاد فيه» وقد 
اعتمد الكتاب المناهج المعروفة في عملية "إثبات" وجود الإمام الثاني عشرء وهي: 

١‏ - الاستدلال الغيبي 

وهو اعتبار موضوع (الإمام المهدي) من الغيب» الذي لا يجوز السؤال عن حقيقته ولا حكمته. 
وتسليم الأمر حوله الى الله. فقال (الكاتب السيستاي):"الإيمان بالغيب جزءٌ من عقيدة المسلم إذ 
تكررت الدعوة قرآناً وسنّةَ...وهذا الإبمان بالغيب لا تصصخ عقيدة المسلم بإنكاره سواء تعقّله وأدرك 
أسراره وتفصيلاته أم لم يستطع الى ذلك سبيلاً كما هو الأمر مثلاً بالنسبة الى الإبمان بالملائكة وبالحنّ 
وبعذاب القبر» وسؤال الملكين في القبر» الى غير ذلك من المغيبات التي ذكرها القرآن أو أخبر يما نبينا 
محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونقلها إلينا الثقاة العدول المؤتمنون» ومن جملة ذلك بل من أهمها قضية 
الإمام المهدي الذي سيظهر ف آخخر الزمان ليملاً الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ماقت ظلماً وجوراً : 
فالمهدي قد نطقت به الصحاح والمسانيد والسنئن فلا يسع مسلماً إنكاره» لكثرة الطرق ووثاقة الرواة 
ودلائل التاريخ والمشاهدة الثابتة لشخصه كما حقق في محلّه من هذا البحث". 71 

ويردف الكاتب ذلك بالقول: "إن نظرة واحدة في أحاديث المهدي الواردة في كتب المسلمين تكفي 
للجزم بتواترها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دون أدن تردّد...ولا يخفى أن القدر المشترك في 
جميع هذه الطرق إلى حديث أبي سعيد الخدري فقط دون سواه هو ظهور الإمام المهدي عليه السلام في 
آخر الزمان". ويعترف الكاتب "بوجود الاختلاف في تلك الروايات التي تبدو متضاربة بعضها ببعض» 
حول نسب المهديء الى درحة التناقض والتضاد» ثما يشكل معوقا لتحديد هوية المهدي» بحيث يصعب 


-كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي. المؤلف والناشر: مركز الرسالة للدراسات والبحوث. 


1 #لصطخط. 1 عط طط ع 0 طه مط / عد عد / 015 0ص اعط. لع 1د 1. 7717177 مط 
العنوان: إيران . قم » بداية شارع سمية » ص. ب 717 / 771.6 


الهاتف: 1/8501 551 98.. » الفاكس 251 7730020 0098 
البريد الإلكتروني 12160.61 ©) 165212 


8 


١15” دص‎ 


14 


عا كو عم الثادى اميا ا ولقلة النيق لسرا علي انصبال ساق علره لتقيف العرن مع انهاه 
ما يُسهّل . إلى حد بعيد . وقوع ضعيف الإبمان منهم في شراك اللامهدويين سواء كانوا من المتسمّين 
بالإسلام أو من المعلنين العداء لهذا الدين". 


ولكي ينبت (الكاتب السيستاني) صحة نظرية خروج المهدي في المستقبل؛ استعان بمنهج القياس على 
عقائد سائر الأمم والشعوب الإسلامية وغير الإسلامية» فقال:' إِنّ فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي 
سينشر العدل والرحاء بظهوره في آحر الزمان» ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم» ويحقق 
العدل والمساواة في دولته الكريمة» فكرة آمن بما أهل الأديان الثلاثة» واعتنقتها معظم الشعوب. فقد آمن 
اليهود بماء كما آمن النصارى بعودة عيسى عليه السلام» وصدّق بما الزرادشتيون بانتظارهم عودة كرام 
شاه» واعتنقها مسيحيو الأحباش بترقبهم عودة ملكهم تيودور كمهديٌ في آخر الزمان» وكذلك المنود 
اعتقدوا بعودة فيشتوء ومثلهم المحوس إزاء ما يعتقدونه من حياة أوشيدر. وهكذا بحد البوذيين ينتظرون 
ظهور بوذاء كما ينتظر الأسبان ملكهم روذريق» والمغول قائدهم جنكيزحان. وقد وحد هذا المعتقد عند 
قدامى المصريين» كما وحد ف القديم من كتب الصينيين. وإلى جانب هذا نحد التصريح من عباقرة الغرب 
وفلاسفته بأنَّ العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ويوحّد الجميع تحت راية واحدة 
وشعار واحدء منهم: الفيلسوف الانحليزي الشهير برتراند راسل» والعلمة آينشتاين صاحب (النظرية 
النسبية)» والفيلسوف الابحليزي الشهير برناردشو حيث بشّر بمجيء المصلح في كتابه (الإنسان 
والسوبرمان)" . 


وينتقل (الكاتب السيستاني) الى دليل آخر» هو: 
©- منهج التأويل 


فيقول: ان "استجلاء هذه العقيدة من الآيات المباركة منوط بمن يفهم القرآن حق فهمه» ولاشك بأنّ 
أهل البيت عليهم السلام هم عدل القرآن بنصّ حديث الثقلين المتواتر عند جميع المسلمين» وعليه فإنَّ 
ما ثبت تفسيره عنهم عليهم السلام من الآيات بالمهدي لابد من الإذعان إليه والتصديق به. 


وف هذا الصدد قد وقفنا على الكثير من أحاديث أهل البيت عليهم السلام المفسرة لعدد من الآيات 
لمباركة بالإمام المهدي. فمنها:'ثْرِيدُونَ أن يُطَفُِوا ثور الله بِأفْواجِهِمْ وَيأبى الله إلا أن يدم ثوزة ولو كر 


15 


الكافؤون". و "مو الَّذِي أَرْسَلَ رَسُْولَهُ بالكدى وَدِينٍ الي لِيُظْهرُ عَلَى الدَّينٍ كُلّهِ ولو كرة المشركون". 


الم ل مهي . هل لقنن فر في ين رد له 1 او دك را 
و وَمَن يبتع غيْرَ الإسلام دينا فلن يُعَبَلَ مِنهُ وَهُوُ في الاحرّة مِنَ الْحَاسِرِينَ . 


- منهج الاستدلال الافتراضي 

وهو ما يعبر عنه بالاستدلال الفلسفي (أو الاعتباري أو العقلي) الذي يعتمد على مجموعة أحاديث 
تشكل فلسفة الإمامة الإلحية» وتحتم وجود "الإمام المعصوم" دائما في الأرضء مثل حديث:"إني تارك 
فيكم الثقلين» وانحما لن يفترقا حتى يردا عليَ الحوض" الذي يستفيد منه الاماميون: "ضرورة استمرار 
وحود إمام من العترة في كل عصر كاستمرار وجود القرآن الكريم" كما يقول (الكاتب السيستاني) الذي 
يرى فيه:" إشارة واضحة إلى عدم انقطاع متأهل من أهل البيت للتمسك به إلى يوم القيامة» كما أن 
الكتاب العزيز كذلك» ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرضء ويشهد لذلك الخبر:في كله حَلّفٍ من أمتي عدول 
من أهل بيتي". إضافة الى حديث :"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية". ما يدل في نظر 
السيستاني:" على وجود إمام حق في كل عصر وجيلء وهذا لا يتم إلا مع القول بوجود الإمام المهدي 
الذي هو حق ومن ولد فاطمة عليها السلام كما تقدم". "وما يؤيده: حديث: "إِنَّ الأرض لا تخلو من 
قائم لله بحجة" وعدم خلو الأرض من قائم لله بحجة لا يتم مع فرض عدم ولادة الإمام المهدي عليه 
السلام". وكذلك أحاديث :"الخلفاء اثنا عشر". 

ورغم ان هذا الدليل يعتمد على أحاديث نقلية» وتأويلات معينة» إلا انهم يسمونه دليلا عقلياء لأنه 
ينطلق من نظرية الإمامة» التي تبنى على تلك الأحاديث. ومع ان تلك الأحاديث لا تدل بالضرورة على 
ولادة ولد للإمام العسكريء إلا انهم يتوصلون الى ذلك عبر مجموعة أخرى من المقالات مثل ضرورة 
استمرار الإمامة في أهل البيت بصورة عمودية» أي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب» وعدم جواز انتقالها 
الى أخ أو عم. أو ابن أخ أو ابن عمء والاعتراف بوفاة الإمام العسكري وعدم رحعته الى الحياة مرة 
أخرى, وما الى ذلك من المقالات التي تفرد بما الامامية الاثنا عشريء وهو ما يؤدي بحم الى ضرورة 
افتراض وجود ولد للإمام العسكري؛ حتى مع عدم وجود أي دليل حسي أو تاريخي عليه وهذا ما يؤكد 
عليه (الكاتب السيستاني) حيث يقول: 
- "لسنا بحاحة إلى ما يبين ولادة الإمام المهدي ويثبتها تاريخياً بعد أن عرفنا اتفاق كلمة المسلمين على 
أنه من أهل البيتء وأنّ ظهوره يكون في آخحر الزمان» وعرفنا أيضاً النتيجة التي انتهى إليها البحث في 
طوائف نسب الإمام المهدي» وهي أنه لا محال للشك في كون المهدي الإمام الثاني عشر من أئمة أهل 
البيت عليهم السلام» وهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن 
على بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام» وانه حسيني الأب حسبي الآثم من جهة فاطمة 
بنت الحسن السبط أم الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام. 


16 


وهذا يعني إِنَّ البحث عن ولادة الإمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي لولا وحود 
بعض الملابسات التاريخية حول ولادته عليه السلام» كادعاء عمّه جعفر الكذَّاب بعدم وجود خلفٍ 
لأأحيه العسكري عليه السلام؛ وقيام السلطة الحاكمة بتسليم تركة الإمام العسكري بعد وفاته لأحيه 
جعفر الكذاب أخذاً بادعائه الباطل فيما رواه علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية أنفسهم ول يروه 
غيرهم قط إلا من طرقهم؛ وفي هذا وحده كفاية للمنصف المتدبر» إذ كيف يروي الشيعة أمراً ويعتقدون 
بخلافه لو ل يثبت لهم زيف هذا الأمر وبطلانه ؟!".40 


ه- منهج الاستدلال التاريخي 

وبعد نفي الحاحة للاستدلال التاريخي على ولادة ابن الحسن العسكري» يعود (الكاتب السيستاني) 
الى استخدام ما توفر من "معلومات" تاريخية» فيقول:"إِنّ ولادة أي إنسان في هذا الوحود تفبت يإقرار 
أبيه» وشهادة القابلة» وان لم يره أحد قط غيرهماء فكيف لو شهد المئات برؤيته» واعترف المؤرخون 
بولادته وصرح علماء الأنساب بنسبه, وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه» وصدرت منه وصايا 
وتعليمات» ونصائح وإرشادات» ورسائل وتوجيهات» وأدعية وصلوات» وأقوال مشهورة» وكلمات مأثورة 
وكان وكلاؤه معروفين» وسفراؤه معلومين» وأنصاره في كل عصر وجيل بالملايين. ' 

ثم ينقل (الكاتب السيستافي) مجموعة روايات عن 'إخبار الإمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهما 
السلام" مثل " الخبر الصحيح عن محمد بن يحبى العطار. عن أحمد بن إسحاق» عن أبي هاشم 
الجعفري قال: «قلتُ لأبي محمد عليه السلام: حلالتك تمنعبي من مسألتك فتأذن لي أن أسألك ؟ فقال: 
سل؛ قلث: يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال: نعم» فقلث: فإِنْ حدث بك حدث فأين اسأل عنه ؟ قال: 
بالمدينة. والخبر الصحيح عن علي بن محمد عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إلِي من أبي محمد 
قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده؛ ثم حرج إليّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من 
بعده". ويقول:"المراد بعلي بن محمد هو الثقة الأديب الفاضل ابن بندار» وأما عن محمد بن علي بن 
بلال فانه من الوثاقة والجلالة أشهر من نارٍ على علم بحيث كان يراجعه من مثل أبي القاسم الحسين 
بن روح رضي الله عنه» كما هو معلوم عند أهل الرجال". 

ويضيف الى ذلك "شهادة القابلة بولادة الإمام المهدي عليه السلام. وهي السيدة العلوية الطاهرة 
حكيمة بنت الإمام الحواد وأخحت الإمام الحادي وعمة الإمام العسكري عليهم السلام. وهي التي تولّت 


دص ه١٠١‏ 
دص ١١7‏ 


77 


أمر نربجس أم الإمام المهدي عليه السلام في ساعة الولادة, وصرحت بمشاهدة الإمام الحجة بعد مولده 
وقد ساعدتما بعض النسوة في عملية الولادة» منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الإمام 
العسكري عليه السلام فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحجبى» ومارية» ونسيم حادمة الإمام العسكري 
عليه السلام ". ويعقب على ذلك قائلا:" لا يخفى ان ولادات المسلمين لا يطلع عليها غير النساء 
القوابل» ومن ينكر هذا فعليه ان ينبت لنا مشاهدة غيرهن لأمّه فى مولده !". 

ثم يقول: "هذا وقد أجرى الإمام العسكري عليه السلام السُّئة الشريفة بعد ولادة المهدي عليه السلام 
فعقٌّ عنه بعقيقة كما يفعل الملتزمون بالسّنّة حينما يرزقهم الله من فضله مولوداً". 

ويؤكد:"شهد برؤية الإمام المهدي في حياة أبيه العسكري عليهما السلام وبإذن منه عدد من أصحاب 
العسكري وأبيه الحادي عليهما السلام» كما شهد آخحرون منهم ومن غيرهم برؤية الإمام المهدي بعد وفاة 
أبيه العسكري عليهما السلام وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة 770 ه) إلى سنة (879 
ه). ولكثرة من شهد على نفسه بذلك سوف نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم: الكليني 
والصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي. فمن تلك الروايات:ما رواه الكليني في أصول الكافي بسند 
صحيح: عن العمري... 5 

ثم يقول:" ولا يخفى إن مقام السّمري مقام أبي القاسم الحسين بن روح في الوكالة عن الإمام تتطلب 
رؤيته في كل أمر يحتاج اليه فيه» ومن هنا تواتر ما خرج على يد السفراء الأربعة الذين ذكرناهم في هذه 
الروايات من وصايا وإرشادات وأوامر وكلمات الإمام المهدي عليه السلام . وهناك روايات خرف كفيرة 
صريحة برؤية السفراء الأربعة كل في زمان وكالته للإمام المهدي ... ولقد ذكر الصدوق من وقف على 
معجزات الإمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهمء وقد بلغوا 
من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى". *؛ 

ويواصل حديثه فيقول:" كما شاهد الإمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه 
السلام في داره مع بعض الحواري والإماء» كطريف الخادم أبي نصرء وحادمة إبراهيم بن عبدة النيسابوري 
النتي شاهدت مع سيدها الإمام المهدي عليه السلام » وأبي الأديان الخادم» وأبي غانم الخادم وشهد 
بذلك أيضاً: عقيد الخادم» والعجوز الخادمة» وجارية أبي على الخيزراي التي أهداها إلى الإمام العسكري 
عليه السلام » ومن حواري اللّواق شهدن برؤية الإمام المهدي عليه السلام: نسيم» ومارية". 

ثم يقول:"كان الإمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة المهدي 
إل بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه السلام» مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة 
4 - ص5١٠١‏ 


١١١ دض‎ 


0 


قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه السلام» إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة 
وأمرهم بكتمان أمره". ؛؛ 
> ح الاعتماد على علماء الأنساب 

وكجزء من الاستدلال التاريخي على ولادة (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري)» يقوم (الكاتب 
السيستاني) بالاستشهاد بعلماء الأنساب في القرون اللاحقة » مثل النسابة أبي نصر سهل بن عبد الله 
بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع المجري» الذي كان حياً سنة 541١‏ ه)» والسيد 
العمري (من أعلام القرن الخامس المجري) والفخر الرازي الشافعي (ت 705 هم)» والمروزي الازورقاني 
(توقي بعد سنة 5١5‏ ه) وجمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِتَبَهِ (ت 8١8‏ ه) وأبو 
الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني (من أعيان القرن الحادي عشر)» ومحمد أمين السويدي (ت 
5ه والتستابة :العاض. محمد ويم اليدري السوري: 


- منهج الاستشهاد بالخصوم 

وأخيرا يتبع (الكاتب السيستاني) منهج الاستدلال بأقوال الخصوم واعترافاتهم» فيقول:" هناك اعترافات 
ضافية سجلها الكثير من أهل السنة بأقلامهم بولادة الإمام المهدي عليه السلام» وهناك اعترافات أخرى 
من علماء أهل السنة بخصوص كون المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان انما هو محمد بن الحسن 
العسكري عليهما السلام الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام".”؛ 


ولا ينسى (الكاتب السيستاني) في الختام» انتقاد أعداء الله وأعداء الإسلام الذين "حاولوا على مرّ 
التاريخ أن يُضعفوا العقيدة بالمهدي, وأن يُسكّروا الأقلام المأحورة للتشكيك بماء كما كان الشأن دائماً 
في خلق وإيجاد الفرق والتيارات الضالّة والدّامة لاحتواء المسلمين» وصرفهم عن التمسّك بعقائدهم 
الصحيحة. والترويج للاعتقادات الفاسدة مثلما حصل في نحلة البابية والبهائية والقاديانية والوهابية" ١‏ 

ثم يقول: "إن مما تسعى إليه بُوّر النفاق وبشكل دؤوب هو بحثها الحثيث بين صفوف المسلمين؛ لعلها 
تحد فيهم من تتلقفه وتحوطه برعايتهاء وتمنحه الألقاب العلمية الكاذبة التي يَشْرّهِ إليها؛ لكي تتخذه مطيّة 
لأغراضها وبوقاً لدعاياتما عبر الحلات والمؤمرات التي تندد بالإسلام وأصوله الشاعفة» ولن تحد بغيتها إلا 


١١9 اص‎ 4“ 
١٠١ اص‎ 4: 
١7مصا‎ 41 


19 


فيمن انحرف عن امحجة البيضاء» ورمى بنفسه كالطفل في أحضان مربية حمقاء تسكّره لكل لعبة قذرة» 
كما نلحظه اليوم في تقريب سلمان رشدي و من على شاكلته. على أمل أن تحد مومهم طريقها إلى 
كل ميد لم ابي 

وهذا مما يقتضي بالطبع أن يكون ما يبثه (الكاتب السيستاني) ومن هم على شاكلته» ليس سوى 
الرحيق المختوم» أو المن والسلوى التي أنزلها الله على قوم موسى (عليه السلام). وكأن من يحاول إعادة 
النظر والاحتهاد في موضوع دعوى ولادة الإمام الثاني عشرء قبل أكثر من أحد عشر قرناء واستمرار 
حياته الى اليوم» ليس مسلماء ولا ينطلق من الحرص على الإسلام فضلا عن حب أهل البيت؛ وائما 
يحاول أن يشكل له فرقة حديدة ضالة ضد الإسلام والمسلمين. ولم يصرح (الكاتب السيستافي) باسم 
أحد حتى يعطي لنفسه الحرية الكاملة بتوحيه ما يشاء من السباب والشتائم والتهم والافتراءات دون أن 
يطالبه أحد بتقدم الدليل. 

ولا أقول ان هذا أسلوب بعيد عن منطق العلماءء وانما هو بعيد أيضا عن منطق المتشرعة» ونوع من 
الإرهاب الفكري والإعلامي الذي يحاول منع أي أحد من إثارة الموضوع. وعلى أي حال فانه لم ينفرد 
به» واتما سبقه اليه آخرون » ولحقه آخرون» وسوف يلجأ الى هذا الأسلوب آخرون» وخاصة عندما 
يعجزون عن تقدتم الأحوبة الشافية الكافية وإسكات الأسئلة التي تكشف زيف أساطيرهم. 

ولست أدري في الحقيقة من أين أبدأ في الرد على (الكاتب السيستاني) ولكبي أربأ بمؤسسة تدعي 
الانتماء الى العلم والدين والاجحتهاد, أن تقدم دفاعا ضعيفا الى هذه الدرحة» مثل ما فعل أخونا 
(الكاتب السيستانفي). وكنت أفترض بمؤسسة علمية تنتمي الى المرجعية الدينية» أن تأخذ دعوقٍ لمناقشة 
موضوع وجود الإمام الثاني عشرء بقليل من الحدية والاحترام فتقيم ندوة علمية وتستمع الى الرأي 
الآخرء وتناقشه وتقدم ما لديها من حجج وبراهين» حتى تقنعه أو تقنع الأجيال الشابة المثقفة التي لا 
تسمح لنفسها بالتقليد الأعمى في الفروع فكيف بالأصول والعقائد» وذلك لأن أسلوب التهريج 
والإرهاب واللف والدوران لن يستطيع أن بمنع مسيرة التحرر والتجديد» ولن يفلح با محافظة على 
الخرافات والأساطير. 

إنني أعرف أن كثيرا من رحال الدين - على مر العصور- حريصون على مصالحهم المادية» التي تمنعهم 
من قول الحقيقة» وقد عانى منهم الأنبياء والمرسلون لكتمانتمم الحقائق وتلاعبهم بالأديان» ولذلك حذر 
الله تعالى منهم قائلا: 

" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً» فويل لحم ما 
كتبت أيديهم وويل لهم ما يكسبون".8؛ 


و5 


١75 دص‎ 


50 


"ومن اظلم ممن افترى على الله كذباء أو قال أوحي إلي» ولم يوح اليه شيء؛ ومن قال سأنزل مثل ما 
انزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم اخرحوا أنفسكم اليوم تحزون 
عذاب الحون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون". 45 
"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته؟ انه لا يفلح البحرمون» ويعبدون من دون الله مالا 
يضرهم ولا ينفعهم » ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في 
الآرضن؟ 'سبحائه وتعالى عا فونه 
"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلحة لولا يأتون عليهم بسلطان بِيّنء فمن اظلم ممن افترى على الله 
ا 
"فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لا يهدي القوم الظالمين". "* 
"فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئنك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا 
جاءتحم رسلنا يتوفوتحم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم انحم 
كانوا كافرين".”* صدق الله العظيم 


"إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والحمدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله 
ويلعنهم اللاعنون". :0 


"إن الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطوتمم إلا النار 


ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم وهم عذاب اليم" 5 


ولذلك لم أكن أتوقع أن يهب رجال الدين» الذين يعيشون على "خمس الإمام المهدي" للمبادرة 
بالاعتراف بحقيقة عدم وحوده. ولملمة "سفرة صاحب الزمان" التي يأكلون عليهاء ولكني في الحقيقة لم 


45 - البقرة ٠79‏ 
45 الأنعام 917 


١8-1١٠ يونس‎ * 


0 - الكهف ه5١‏ 
 *'‏ الأنعام ١55‏ 
؟* - الأعراف /ام 
:ه - البقرة ١9‏ 
*” - البقرة ١١1/5‏ 


51 





أكن أتوقع أن يأق ردهم متهافتا وضعيفا الى هذه الدرحة» وعنيفا الى هذه الدرحة» وهو ما يعبر عن 


ارتباكهم وحوفهم من افتضاح أمرهم واتميار أساطيرهم. 


ان محور موضوع كتابي كان يدور حول ولادة "محمد بن الحسن العسكري" الإمام الثاني عشرء لدى 
الشيعة الامامية الاثني عشرية» والذي يشكل أساس نظرية الإمامة الإلحية لأهل البيت. ولم يكن يدور 
حول موضوع المهدوية في العالم لا في الماضي ولا في المستقبل» وقد اتخذ صفة ثانوية بنسبة المهدوية اليه» 
وما لم نثبت وجوده أولاً» فان من العبث التحدث عن صفة الإمامة أو المهدوية له. 

وسواء كان الإيمان بالمهدي العام جزءا من عقيدة المسلم أو لم يكنء وانه يحتاج الى أدلة شرعية أو لا 
يحتاج» فان هذا ليس موضوعناء ولا يمكن الاستدلال بالأحاديث العامة حول المهدوية وخروج رجحل 
مصلح في آخر الزمان» على ولادة ابن للإمام العسكريء في أواسط القرن الثالث الهجري» وبقائه على 
قيد الحياة الى اليوم والى أن يظهر قبل قيام الساعة. 

ومن هنا فانه لا يهمنا كثيرا سواء كانت أحاديث المهدي أخبار آحاد أو متواترة أو نطقت بما 
الصحاح «المسانيد والسئن» كما كان يقول (الكاتب السيستاني). الذي أتعب نفسه كثيرا بمحاولة 
الاستدلال على هذه الفكرة» قياسا على الأمم والشعوب المختلفة المؤمنة وغير المؤمنة» وحاحتها للمنقذ 
المخلص» فان دين الله لا يبنى بحذه الطريقة» وانما ينهض على أساس القرآن الكريم والأحاديث النبوية 
الصحيحة, وان إثبات ولادة إنسان يعتمد على الأدلة التاريخية فقط. 

أما منهج تأويل القرآن الكريم, الذي اعتمده (الكاتب السيستاني) في محاولته الاستدلال على ولادة 
ابن الحسن العسكري» فبالإضافة الى ضعف هذا المنهج, فانه لا يدل على مطلوبه» لأنه أيضا عام 
ويتحدث عن أشخاص سابقينء ولا علاقة له بالإمام الثاني عشر المفترضء الذي لم تكن نظرية مهدويته 
قل وجدت بعد. 

ونأتِ الى الدليل الأقوى والأهم والأول الذي اعتمده القائلون بوحود الولد» في التاريخ» وهو ما يسمى 
بالدليل العقلي أو الاعتباري أو الفلسفي الافتراضيء الذي يقوم على أساس نظرية الإمامة وضرورة وجود 
إمام معصوم في الأرضء والذي اعتمد عليه (الكاتب السيستافي) كثيراء فان هذا الدليل» بالإضافة الى 
قيامه على أخبار آحاد ضعيفة» لا بشكل دليلا على ولادة أي إنسان» ولا وجود "محمد بن الحسن 
العسكري". وذلك لأن الذين استدلوا بمذا الدليل» أضافوا اليه مقدمات أخرى» وهي ضرورة الاعتراف 
بوفاة الإمام العسكري, وعدم رحعته» وعدم الوصية الى أحيه محمد» وضرورة انتقال الإمامة بصورة 
عمودية؛ الى يوم القيامة» وأخيرا فانه ليس سوى عملية افتراض تعسفية وهمية بلا دليل. 

ومن هنا فان الشيعة الامامية (الفطحية) الذين لم يكونوا يشترطون الوراثة العمودية ويجوزون إمامة 
الأخوين» والذين كانوا يتبعون الإمام الحسن العسكريء لم يقولوا بفرضية وجود الولد بعد وفاته» وائما 


52 


قالوا بإمامة حعفر بن علي الحادي, كما ان الشيعة الإسماعيلية والزيدية يقولون باستمرار الأئمة من أهل 
البيبت ولكن بشكل آخر» ولا يستنتجون من ذلك الدليل "وحود ابن الحسن". 

وأما الاستدلال بأحاديث (الاثني عشرية) فَإتما بالإضافة الى اختلاقها وعدم وحودها في القرن الثالث 
الحجري, لا تدل بالضرورة على ولادة ابن العسكري, إلا على طريقة الافتراض والظن والتخمين» ويمكن 
أن تنطبق على آخرين؛ إذا حسبنا مثلاء الإمام زيد بن علي من قائمة الأئمة. كما فعل بعض الشيعة. 
وهكذا يتهاوى أول وأقوى وأهم دليل قدمه المتكلمون (الاماميون الاثنا عشريون) على وجود الإمام 
الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" » والذي كان يعبر عن أزمتهم الفكرية التي وقعوا فيها بعد وفاة 
الإمام العسكري دون خلفء فاضطروا الى اختلاق ولد موهوم لا حقيقة له لكي تستمر فيه الإمامة الى 
يوم القيامة» كما احتلق فريق من الشيعة الامامية قبل مائة عام من ذلك التاريخ» أي في أواسط القرن 
الثاني الحجري؛ رحلا مشابماء قالوا انه المهدي المنتظر أيضاء وهو "محمد بن عبد الله الأفطح بن جعفر 
الصادق" وذلك بعد وفاة عبد الله دون حلف. وكان الأحدر بالفريق الذي اختلق الولد للإمام 
العسكريء أن يعترف بالحقيقة ويسلم أمره الى الله» وينتقل بالإمامة الى أخيه جعفر» كما انتقل الشيعة 
الفطحية من عبد الله الى أخيه الإمام موسى الكاظم. وإذا كان الشيعة الاثنا عشرية يتهمون ذلك 
الفريق الذي احتلق الولد الموهوم للإمام عبد الله الأفطح, تمربا من الاعتراف بالحقيقة» فلماذا لا يراجعون 
أنفسهم ويعترفوا بالحقيقة؟ 

وفي الواقع ان معظم الشيعة في تلك الأيام اعترفوا بالحقيقة» وانصرفوا يبحثون عن قائد جديد لحم؛ ولم 
يتشبث بتلك الفرضية الوهمية» إلا قليل منهم» كما اعترف بذلك مؤرحو الشيعة في القرن الرابع » 
كالنعماني والصدوقء وقد عرضنا لأقواللهم في كتابناء ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع. ولكن الغريب هو 
إصرار البعض على إغلاق ذهنه ورفضه للتفكير أو إعادة الاجتهاد والنظر في الموضوع بعد مرور أكثر من 
ألف عام على ذلك القول. والأغرب من كل ذلك أن يأتي رحل من صميم الحوزة العلمية (كالكاتب 
السيستاني) ليغمض عينيه ويقول:"لسنا بحاجة إلى ما يبين ولادة الإمام المهدي ويثبتها تاريخياً . 
وإِنّ البحث عن ولادة الإمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي"!!! 

إذن ما هو الطبيعي؟ 

هل تَقَبّل الأساطير بلا دليل هو الطبيعي؟ 

وهل التقليد الأعمى للمقلدين الذين يدعون الاحتهاد هو الطبيعي؟ 


ان الدليل التاريخى هو الدليل الوحيد والمعقول الذي يمكن بواسطته إثبات وجود إنسان أو ولادته في 
التاريخ» وبما أن القول بوحود "الإمام الثاني عشر" فرضية أسطورية وهمية لا حقيقة لما في الخارج» فان 


أصحاب هذه النظرية يحاولون التهرب من محكمة التاريخ» ويلجئون الى الافتراضات الفلسفية المتهافتة» 


53 


ويغلفوتما بغلاف العقلء أو يدعون أن ذلك من الغيب الذي يجب أن نؤمن به بلا سؤال ولا تفكير» أو 
يأتون بروايات مختلقة وإشاعات واهية وأحاديث كاذبة عن رؤية "ابن الحسن" عند الولادة وفي حياة أبيه» 
وف عصر الغيبة الصغرى, وربما يحبكون قصصا عن رؤيته في هذا العصرء كما كان الإيرانيون ينشرون 
خلال الحرب مع العراق» عن مشاركة الإمام المهدي في حبهات القتال. ولسنا ندري لماذا لم ينتصر 
(الإماج الواني )موحرم على حيط ودام حميون؟ 

أحل هناك كثير من الروايات التي ذكرها الأولون والمتأحرون. ولكن ما هي قيمة تلك الروايات 
العلمية؟ وهل علينا تقبلهاء بعد أن "اعتقدنا" بوجوده؟ أم علينا أن نحقق فيها وندرسها بدقة» لنتأكد 
فيما إذا كانت حقيقية أم أسطورية ومختلقة؟ 

ان من المفروض برحال الدين الحقيقيين الربانيين» أن يبادروا للكشف عن الحقائق وتقديمها الى الناس» 
وليس من مهمتهم تسويق الخرافات والأساطير باسم الدين. 

يقول (الكاتب السيستاي):"إنَّ ولادة أي إنسان في هذا الوحود تثبت بإقرار أبيه» وشهادة القابلة: 
وان لم يره أحد قط غيرهماء فكيف لو شهد المئات برؤيته» واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء 
الأنساب بنسبه. وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه وصدرت منه وصايا وتعليمات» ونصائح 
وإرشادات» ورسائل وتوجيهات» وأدعية وصلوات» وأقوال مشهورة» وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه 
معروفين» وسفراؤه معلومين» وأنصاره في كل عصر وجيل بالملايين". '* 

ونقول له: أحسنت..و بارك الله فيك» ولكن ما ذا نفعل إذا كان "والده" ينفي وحود ولد له في 
الظاهر؟ ولم نعرف "قابلة" تدعي الإشراف على ولادته؟ 

ولماذا أساسا شككنا بوجود ابن الحسن؟ وهل سألنا من قبل عن أية قابلة لأحد من الأئمة السابقين؟ 
أو لأي إنسان معروف في التاريخ؟ وهل سألنا عن اسم أمه ويوم مولده؟ أليس لأن هذه الدعوى تخالف 
الأعراف والتقاليد والظواهر الطبيعية» وتتميز بنوع من الأسطورية والكتمان؟ 

إننا عندما نرى طفلا يحبو ويلعب في كنف أبيه» يحصل لنا علم بوجوده وهويته وبنوته له» ولا نشغل 
أنفسنا بالسؤال عن تفاصل هويته إلا من باب الاستحباب؛ ولكن لماذا توقفنا في أمر "ابن الحسن 
العسكري'؟ الحواب: لأننا ل نر له أثراء ولأنه نفى وجود ولد له ف حياته» وأوصى بأمواله الى أمه ولم 
يشر الى وحود إمام من بعده. وهذا ما أيده أهل البيت كأخ الإمام العسكري جعفر بن علي الهادي» 
وان السلطان استبرأ حارية ادعت الحمل فلم يظهر عليها شيء., وهذا ما أدى الى تفرق شيعة الإمام 
العسكري - حسبما يقول المؤرخون الاماميون- الى أربع عشرة فرقة» كلها قالت بعدم وجود ولد للإمام 
العسكريء ما عدا فرقة واحدة هي الاثنا عشرية» التي استندت في قوها على بعض أدعياء النيابة الخاصة 


١١7 دص‎ 


54 


الذين بلغوا حوالي عشرين مدعياء كان كل منهم يكذب الآخر. ويدعي النيابة الخاصة له. وهذا ما دفعنا 
للتشكيك بصدقهم جميعا. خصوصا وان قولهم يخالف الظاهر والمعروف من حياة الإمام العسكري» وهو 
حجة شرعية وقانونية » لا يجوز رفع اليد عنها إلا بدليل علمي وشرعي قوي» وبشهادة أشخاص لا 
شبهة حولهم ولا مصلحة لديهم. وهذا ما لا بحده في أدعياء النيابة الخاصة كالنواب الأربعة وغيرهم» من 
الذين أصبحوا على مر التاريخ "ثقاة وورعين" لدى من اتبعهم, وأما من نظر اليهم بصورة محايدة 
ومستقلة» فقد توفرت لديه أسباب معقولة وشرعية للتوقف والبحث والتنقيب. 


وعندما راجعنا التاريخ» وسألنا علماء الشيعة الامامية الاثني عشرية السابقين» تمن عاشوا في القرون 
الأولى (كالقرن الثالث والرابع والخامس ) عن أدلتهم العلمية على وجود الولد للإمام العسكريء قالوا 
بصراحة وأمانة: أن لا دليل تاريخي لديهم, وانما هم يعتمدون على الافتراضات الفلسفية» بالدرحة 
الأولى» وانما يأتون بالروايات التاريخية (أو الإشاعات) من باب المساندة والتعضيد» وإلا فاتحم يعرفون أن 
تلك الروايات أوهى من خيوط العنكبوت» واتما لا تقاوم النقد التاريخي العلمي» وكما قال السيد 
المرتضى علم الحدى:" إن الغيبة فرع لأصول إن صحت فالكلام في الغيبة اسهل شيء وأوضحه » إذ هي 
متوقفة عليها » وان كانت غير صحيحة فالكلام في الغيبة صعب غير ممكن". أو كما قال أيضا عبد 
الرحمن بن قبة الرازي :" لا نتكلم في فرع لم يثبت اصله . وهذا الرحل (ابن الحسن) الذي تجححدون 
وحوده » فانما يثبت له الحق بعد أبيه .. فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال بالنظر معكم في 
وجوده » فإذا ثبت الحق لأبيه » فهذا ثابت ضرورة عند ذلك بإقراركم » وان بطل إن يكون الحق لأبيه 
فقد آل الأمر إلى ما تقولون » وقد أبطلنا ". ولم يقل المرتضى ولا ابن قبة الرازي ولا الشيخ المفيد ولا 
الشيخ الطوسي ولا غيرهم: أنمم يستطيعون إثبات وجود "ابن الحسن" بالطرق التاريخية» والروايات 
الضعيفة والمختلقة التي نسجها الأخباريون فيما بعد. "* 


كما لم يعتمد الشيعة الذين آمنوا بوجود الإمام الثاني عشرء على أقوال النواب الأربعة أو غيرهم ممن 
كان يدور حولم وانما اضطرارا واستنتاحا وانسجاما مع نظرية الإمامة» وإلا فاتهم كانوا يشككون 
بصحة ادعاء النواب الأربعة والعشرين الآخرين» ولذلك فقد كان هؤلاء يدعون احتراح المعاجز والمعرفة 
بعلم الغيب» وهذا ما كان يرفضه الشيعة ولا يصدقونه منهم. 


7 مت ا مرتضى» رسالة 5 الغيبة» ص ؟» والصدوق» إكمال الدين» ص 4ه 


55 





ولكن مشكلة "العلماء" المعاصرين أتمم لا يريدون الاحتهاد» ويفضلون التقليد الأعمى» ويدعون 
الصحة لأحاديث كان يضعفها السابقون» ولو أتهم درسوها بصورة محايدة » ولم يقلدوا فيها من سبقهمء 


وعموما » فان من يريد دراسة رواية أو راوء لا يمكن ان يقلد في تضعيفه أو توثيقه الآخرين» خحاصة 
إذا كانت هنالك شكوك جدية حوله؛ وانما يجب عليه» كما هو معروف في علم الرحال» أن ينظر اليه 
بصورة محايدة ومستقلة. وبالنسبة لرحال تلك المرحلة "مرحلة الغيبة الصغرى" التي ادعى فيها بعض 
أصحاب الإمام العسكري» وجود الولد له قٍُ السر» ونيابتهم عنه ثم قلدهم من جاءهم بعدهم وبى 
على توثيقهم, لا يمكن التسليم بصدقهم ولا صحة ما يروونه» اعتمادا على توثيق أتباعهم, فان أتباع كل 
مذهب ضال أو منحرف يوثقون مشايخهم ويقدسوهم» ولذلك لا بد من دراسة أحوالهم بصورة مستقلة 
والنظر اليهم بعيدا دعاوى التلاميذ والأتباع. 


وبكلمة أحرى: ان الشك فيهم معقول وضروري لعرفة الحقيقة» خاصة وانحم المتهمون باحتلاق تلك 
الأسطورة» وترويج الإشاعاتء وبالتالي فلا يمكن الاعتماد على رواياتحم حول رؤية ابن الحسن واللقاء 
به» ونقل الأحاديث والزيارات والتواقيع عنه. 


ان المشكلة الكبرى في مسألة وجود "الإمام الثاني عشر" تكمن في أننا لم نرَ أحداء وانما جمعنا همسا 
مريباً وحكايات سرية» تخالف الظاهرء وقوانين الشريعة الإسلامية» وقد مرت قرون وقرون ولم يظهر ذلك 
الولد المزعوم. وإذا كانت هذه القضية مسألة عقائدية ومهمة جداء فان طريق إثُباتما لا يممكن ان يتم بمذه 
الطريقة السرية الغامضة؛ فإن الله تعالى لا يمكن أن يحتج على البشر بإمام مستور كالشبح لا يرى 
بالعين. 


ان المحتهدين في كل مكان وزمان يبحثون السند قبل المضمون» فهل بحث (الكاتب السيستاني) سند 
تلك الروايات التي استشهد بما حول ولادة ابن الحسن؟ وهل عرف ما هو سند حكاية القابلة؟ ومن 
رواها؟ ومتى؟ وف أي كتاب؟ وهل كان صحيحا؟ أم جرد إشاعة؟ 


وهل من العلم والاجتهاد والتقوىء إلقاء الكلام على عواهنه وتضليل العوام والسذج والبسطاءء بالقول 
ان المؤرخين اعترفوا بولادته؟ من هم أولئك المؤرحون؟ وعلى أساس اعترفوا؟ وما هي أدلتهم؟ وهل يجوز 
لنا تقليد المؤرحين بصورة عمياء؟ أو تقليد علماء الأنساب في القرون اللاحقة؟ وهل نأحذ ديننا من 
هؤلاء الحشويين؟ أم من الفقهاء وا بمجتهدين والباحثين العلميين؟ 


56 


ثم ما هي فائدة "اعتراف" بعض الحشويين من الصوفية» الذين يقول (الكاتب السيستافي) انهم من 
علماء أهل السنة» بوجود (الإمام محمد بن الحسن العسكري) إذا لم يقدموا لنا أي دليل على وحوده؟ 
وهل يجوز تقليدهم في هذا الشأن؟ وإذا كانوا حقا يؤمنون بما يقولون, فلماذا لم يصبحوا شيعة إث: 


عشرية؟ ولماذا يرفضون أساس مبدأ الإمامة؟ 


ان مشكلة (الكاتب السيستاني) في الحقيقة» تكمن في أنه يتلبس مسوح العلم والاحتهاد والدين» وهو 
ننام على الخرافات والأساطير الموروثة» التي أصبحت منبعا لا ينضب للثروات اللا مشروعة» وقاعدة 


لنشوء ديكتاتوريات جديدة باسم الدين. 


إننا ندعو (الكاتب السيستاف) الى التفكير قليلاً فيما يقول» ونسأله سؤالا واحدا؟ ونطلب منه أن 


يجيبنا جوابا واحدا :هل كانت ولادة ابن الحسن المدعى» علنية؟ أم سرية؟ 


فإذا كانت علنية» كما يقول في رواية له *”.. فلماذا إذن الادعاء بأنما تمت بالسرء و أنه الإمام 
العسكري لم يبلغ إلا عددا صغيرا من خاصته؟ وانه اضطر الى نفي وحوده أمام الناس في الظاهرء خوفا 


وإذا كانت سرية» كما يقول في رواية أخرى 5”» فلماذا الادعاء إذن بأن الإمام العسكري أخبر الكثير 
من أصحابه من الخدم والحواري والأصدقاء بمولده حتى أنه عقّ عنه» وأراه الى المكات؟ وأنه صلى على 


أبيه أمام الناس؟ وأنه كان يستقبل الوفود ويأحذ الأموال منهم, وأنه كان يعيش في دار أبيه في سامراء؟ 
ألا يوحد تناقض في ذلك؟ 


ألا يدعونا ذلك الى التفكير وإعادة النظر والاحتهاد بصورة مستقلة؟ 


8ه - يقول (الكاتب السيستافي):"هناك روايات أخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الأربعة كاك في زمان وكالته للإمام المهدي ... ولقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الإمام 
المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلداتهم وقد أشرنا إلى بعضهم, وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى» ويواصل حديثه 
فيقول:" كما شاهد الإمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الحواري والإماءء» كطريف الخادم أبي نصرء وحادمة إبراهيم بن عبدة 
النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الإمام المهدي عليه السلام » وأبي الأديان الخدم وأبي غانم الخادم وشهد بذلك أيضاً: عقيد الخادم؛ والعجوز الخادمة» وجارية أبي علي الخيزراني التي 
أهداها إلى الإمام العسكري عليه السلام » ومن الحواري اللّواتي شهدن برؤية الإمام المهدي عليه السلام: نسيمء ومارية".ص ١١5‏ 

** - ويقول:"كان الإمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة المهدي إلا بين الخلص 
من شيعته ومواليه عليه السلام» مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد 
وفاته عليه السلام» إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره". ص ١١9‏ 


57 





لقد آمن الشيعة قرونا من الزمن بوجود الإمام الثافي عشرء وانتظروه طويلا ليخرج ويقيم دولة الحقء 
وكانوا يحرمون خلال انتظاره إقامة الدولة الإسلامية لأنحم كانوا يشترطون العصمة والنص في الإمامء 
ولكنهم تحرروا من هذه النظرية فيما بعد وابتدعوا نظرية (ولاية الفقيه) أو النيابة العامة للفقهاء عن 
الإمام الغائب؛ ثم قال الشيعة بعد ذلك بولاية الأمة على نفسها وبجواز النظام الديموقراطي» وتصدى 
المبحع السيد علي السيستاني (حفظه الله للدعوة الى إقامة النظام الديموقراطي في العراق» بعد سقوط 
نظام صدام حسين» متخليا بصورة عملية عن الفكر الإمامي المثالي الوهمي غير القابل للتطبيق» ولم يعرف 
عنه اشتراط العصمة أو النص في الإمام » أي رئيس الحمهورية أو رئيس الوزراء» بل لم يعرف عنه اشتراط 
الفقه والعدالة بالمعنى الأخص. ما يدل على حدوث تطور كبير في فكره السياسي» وانفصام الذين 
يدعون الانتساب اليه كصاحبنا (الكاتب السيستاني) الذي يدعي الانتماء الى حوزته والعمل في 


مرحعيته . 


وهذا ما يدل على أن الأمة تسير في واد وان الماضويين ينامون في واد آخر. 


ه-مع السيد محمد محمد الصدر, في كتابه (تاريخ الغيبة الصغرى والكبرى): 
افتراض صحة الروايات التي ذكرها علماؤنا الأوائل! 

سماحة السيد محمد الصدر حفظه الله 

الحوزة العلمية - النجف الأشرف» العراق 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


وبعد.. فقد اطلعت على كتابيكم عن تاريخ الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى » ودرستهما بدقة » وكان 
البحث بصورة عامة يدور حول (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري) مع مقدمة في البداية عن 
تاريخ الإمامين الحادي والعسكري » ومؤخرة عن تاريخ (النواب الأربعة) وغيرهم. 


وقد تركز الكتاب حول تاريخ ولادة (الإمام المهدي) وقصص مشاهدة بعض حواص الشيعة له في 
حياة أبيه ثم مشاهدته بعد وفاته حلال ما عرف باسم الغيبة الصغرى. وقد اعتمد الكتاب على 


58 


استعراض الروايات التاريخية حول ولادة الإمام المهدي ووجودهء وتجنب النوض في الأبحاث الكلامية التي 
تثبت وحوده وولادته بالأدلة الفلسفية أو (العقلية) أو (الاعتبارية) كما تجنب الخوض ف الأدلة الروائية 
(الأحبارية) التي تثبت وحوده » وذلك خلافا لما كان مشايخ الطائفة الاثني عشرية يفعلون في كتاباتهم 
القديمة حول الموضوع؛ حيث كانوا يعتمدون على الأدلة الفلسفية والروائية أكثر من الاعتماد على 
الروايات التاريخية. . 


وقد أشرتم في مقدمة الكتاب الى ضعف كثير من الروايات التاريخية الخاصة بالموضوع وجهل سندها 
وإهمال علماء الرحال لذكر أسماء الرواة والتحقيق في شخصياتهم على العكس من تحقيقهم في سند 
روايات المسائل الفقهية » تما أدى الى حدوث بعض المشاكل والصعاب في عملية البحث والتحقيق في 


3 


موضوع المهدي. ' 


وذكرتم اعتمادكم على الروايات "المتواترة" والمشهورة والتي لا يوحد لها معارض» وافتراض صحة 
الروايات التي ذكرها علماؤنا الأوائل» واقتصرتم في بحنكم التاريخي الذي وصفتموه بالعميق والحديد على 
مصادرنا الامامية الاثني عشرية باعتبار أن أهل البيت أدرى بما فيه ولم تبالوا بالطعن الصادر من غير 
الموالين لأهل البيت (ع)١7‏ واعتبرتم مسألة وجود الإمام المهدي من الضروريات في المذهب الاثني 
عشري » التي لا حاحة لبحثها ولا بد من تحاوزها.. كما اعتبرتم مسألة ضبط (السفراء الأربعة) والإيمان 
بصحة دعواهم من بين أدعياء النيابة الكاذبين الآخرين من المسائل الضرورية الواضحة في المذهب» 
ولذلك فلا حاحة لتجشم العناء في إثبات ذلك .3 


وبناء على ذلك فقد بنيتم منهجكم في البحث والتحليل على الإيعان بالنظرية المهدوية (الاثني عشرية) 
كما هي مذكورة في كتب مشايخ الطائفة (الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي والنعماني) وغيرهم من 
محدني الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى» باعتبار النظرية بكل تفاصيلها من المسائل الضرورية 
الواضحة؛ ولم تحدوا حاحة للتحقيق في الرواية التاريخية التفصيلية عن ولادة الإمام المهدي ومشاهدته 
واللقاء به في حياة أبيه أو في أيام النواب الأربعة. وقد انصب جهدكم على تحليل الروايات والتعليق 
عليها وتفسير المعضل منها وتأويل المتعارض والمخالف للقرآن الكريم والعقل والروايات الصحيحة 


الأخرى . 
““ حاوض 84) 


١ 


' - وص 19:) 
3 


3 -(ص 090) 


59 


وبالرغم من الحهود التي بذلتموها في صياغة الموضوع وتحليل الأحداث فإنٍ اعتقد أن موضوعا خطيرا 
كموضوع وجود (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري) تترتب عليه أمور كثيرة في الفقه والفكر 
السياسى والعقائدي » ويقوم عليه كيان الطائفة الاثنى عشرية بحاجة الى بحث أعمق وأدق وأشملء, ولا 
يجوز التقليد والاعتماد على آراء العلماء السابقين بدعوى الضرورة أو التواتر أو الشهرة سواء في أساس 
الموضوع أو في الأمور التفصيلية منه.. خاصة مع وحود التهمة من قبل عامة المسلمين وعامة الشيعة 
وعامة الامامية -- ماعدا الفرقة الاثني عشرية- باحتلاق موضوع وجود الإمام المهدي وابتداع القول به 
بعد وفاة الإمام العسكري وحدوث الحيرة من بعده. وقد استغربت من قولكم في المقدمة :"إن منهجنا 
يقوم على الأخذ بالروايات المشهورة". "3 


إن الأمانة العلمية تقتضي استعراض الصورة التاريخية الدقيقة والشاملة كما رواها مؤرخو الامامية 
الأوائل كسعد بن عبد الله الأشعري القمي في (المقالات والفرق) والنوبختي في (فرق الشيعة) والمفيد في 
(الإرشاد) وغيرهم » وعدم الاكتفاء باستعراض الرأي القائل بوجود المهدي, وحده من بين مجموعة 
الأقوال التي قال بحا شيعة الإمام الحسن العسكري في أيام الحيرة. 


إن الإجماع أو التواتر أو الشهرة أو الضرورة التي تتحدثون عنها في موضوع المهدي دلم يكن أي منها 
موجودا في حياة أهل البيت (ع) ولا بعد وفاة الإمام العسكري . ولذلك حدثت الحيرة في موضوع 
حليفة الإمام » وانقسم الشيعة الامامية الى أربعة عشر فرقة حول الموضوع.. وإِنما حدث ذلك فيما بعد 
حين قال فريق من الامامية بوحود ولد للإمام العسكري هو الإمام من بعده . ثم قالوا بعد حين انه 
الإمام المهديء واستندوا في قولحم هذا على مجموعة أقوال نظرية (فلسفية) واستعانوا ببعض الأحاديث 
العامة والغامضة وربطوا بعضها ببعض ثم احتهدوا فيها واستنتجوا منها حتمية وجود الولد للإمام 
العسكري. ولم يكن للقصص الأسطورية أي وجود في البداية.. وإنما بدأ بعض الغلاة يحبك تلك 
القصص الأسطورية لكي يدعم القول الافتراضي بوحود الإمام (الثاني عشر) ولذلك حاءت تلك 
القصص التاريخية التي تتحدث عن ولادته واللقاء به في أيام أبيه وفي أيام الغيبة خالية من السند الصحيح 
ومروية عن اشهر الكذابين والوضاعين كجعفر بن مالك الفزاري وآدم البلحي وأحمد الرازي. 


وإذا كان بعض العلماء السابقين قد ذكر تلك الروايات الضعيفة فليس لكي يقدمها دليلا على وحود 
المهدي وإنما ليتخذها دليلا مساعدا يعضد به الدليل الأول والأقوى لديه وهو الدليل الفلسفى 


0 


-(ص”5:) 


290 


(الاعتباري) ولكنكم أتيتم فيما بعد وأهملتم الدليل الفلسفي (الكلامي) واكتفيتم بتلك الروايات 


ومن هنا فان الروايات التاريخية التي اعتمدتم عليها في تأليف كتابكم لا علاقة لما بأهل البيت ولا 
بالمذهب الشيعي الإمامي ولا تعتبر من الضروريات » بل هي موضع شك عميق » وان من مقدمات 
البحث الموضوعي دراستها من كل جانب والتأكد من سندها بدقة وعد الاكتفاء بوحداتها في كتب 
العلماء السابقين » حتى إذا كانت خخالية من المعارض » وذلك لأن احتمال الوضع والتلفيق قائم حوها. 


كما أن احتمال قيام (النواب الأربعة) الذين ادعوا السفارة عن المهدي بتلفيق تلك القصص وترويجها 
أملا بدعم دعاواهم الفارغة قائم أيضا » وقد كان الشيعة الأوائل يشكون في صدق ادعائهم» وقد 
حدث صراع بين أدعياء النيابة المختلفين وكذَّب بعضهم بعضا ء ولا يجوز أن نعتمد على توثيق 
السابقين لهم ونقلدهم في ذلك» بل لا بد من بذل الجهد للاجتهاد في ذلك وتحشم عناء البحث من 
أجل كشف حقيقتهم.. 

إذن فان الحاحة الى إعادة النظر في الموضوع برمته ملحة جدا ولا بد أيضا من إعادة النظر في منهج 
البحث والتمييز بين الروايات الصحيحة والمزورة وذلك باعتماد علم الرحال ومبادئ الرواية ورفض أية 
رواية ضعيفة أو مجهولة أو مقطوعة السند حتى لو كانت مذكورة في كتب العلماء السابقين الذين كانوا 
يحاولون أن يدعموا نظريتهم بأية إشاعة» خاصة مع وجود الشك والتهمة باحتلاق نظرية (الاثني عشرية) 
في عصر الحيرة بعد وفاة الإمام العسكري بعقود من الزمن. 


ويسرن في هذه المناسبة أن اقدم لكم جهدي المتواضع الذي يثبت احتلاق النظرية المهدوية (الاثني 
عشرية) وافتراض وحود (الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري) الذي لا وحود له في الواقع » أتمنى 
منكم أن تلقوا نظرة فاحصة على الكتاب وتوافوني بما لديكم من ردود.. وأنا على استعداد لأن أغير 
وجهة نظري أو أعدلها إذا قدمتم لي أية أدلة علمية تثبت موضوع الولادة والوحود للمهدي (محمد بن 


الحسن العسكري) 
وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
احمد الكاتب 


لندن 51١‏ اه 


91 


5- مع السيد مرتضى العسكري: في كتابه "معالم المدرستين" 


بسم اللّه الرحمن الرحيم 
سماحة العلامة السيد مرتضى العسكري حفظه الله 


وبعد.. فقد أرسلت لكم العام الماضي 5١7(‏ ١ه‏ /337١م)‏ رسالة حول بعض دراساتي الأخيرة المتعلقة 
بالإمامة والمهدوية » وطلبت منكم مناقشتها » وقد أحبتمون في رسالة: أنكم تعتزمون القدوم إلى لندن 
للعلاج وسوف تلتقون بي هناك . وقد التقيت بكم فعلا » وكنت آمل أن أناقشكم وتناقشونني في كل 
نقطة حديدة توصلت إليها » خاصة أنكم تعتبرون من أكثر العلماء دراسة وكتابة واختصاصا في موضوع 
الإمامة » وقد طلبتم مني في اللقاء أن أوجز لكم الأفكار التي توصلت إليها » وعرضت بخدمتكم : إن 
النتيجة التي استخلصتها من دراستي في التراث الشيعي : أن نظرية الإمامة الإلحية لأهل البيت عليهم 
السلام هي من صنع المتكلمين ولا علاقة لما بأهل البيت » لأتما قامت على أساس نظرية العصمة 
كشرط في الإمام » ثم احتاجت إلى القول بالمعاجز للأئمة كطريق لأثبت الإمامة في كل واحد واحد » ثم 
تطورت بعد ذلك إلى نظرية النص ثم تشعبت وتعثرت وتوقفت عند الإمام الحسن العسكري الذي توفي 
دون أن يوصي إلى أحد بالإمامة » وهنا قال بعض المتكلمين الذين وقعوا في حيرة شديدة : بوحود ولد 
للإمام العسكري » افتراضا من عند أنفسهم . ثم حتموا الإمامة وحددوها في اثني عشر بعد أن كانت 
النظرية مفتوحة وتمتدة إلى يوم القيامة. . 


وقد سألتمونٍ عن رأبي في الأحاديث السنية والشيعية التي تقول: إن الخلفاء والأمراء بعد الرسول اثنا 
عشر .. فسألتكم فيما إذا كنتم قد تحققتم من تلك الروايات وبحثتم سندها ؟ فقلتم : لا حاجة إلى 
دراسة سندها بعد إجماع المسلمين من السنة والشيعة عليها » فقلت لكم: إن هذه الأحاديث ضعيفة 
وغامضة عند السنة وهي أضعف عند الشيعة » ولم تكن موحودة عندنا حتى حدوث النظرية (الاثني 
عشرية) فيما يسمى ب: (عصر الغيبة الصغرى) في نحاية القرن الثالث؛ أو بداية القرن الرابع الححريء وإنني 


قمت بدراسة الروايات واحدة واحدة » فوجدتما جميعا ضعيفة وغامضة ومتعارضة .. 


وقد طلبت منكم إلقاء نظرة على تلك الدراسة » ولكن صحتكم (البصرية) لم تكن حيدة » حيث كنتم 


على شفا إحراء عملية حراحية في العين » وقد طلبتم من أحد الاخوة الحاضرين والشاهدين على اللقاء 


52 


(الدكتور أبو نبوغ) أن يقوم بمراجعة الكتاب » وقد قام بذلك مشكورا ولكنه اعتذر عن مناقشة بحث 
الرحال وسند الروايات » لأن ذلك ليس من اختصاصه » كما اعتذر عن رد القضايا الأساسية بعدم 
وجود المصادر المختصة لديه. 


وكانت حجتي على حدوث النظرية الاثني عشرية تقوم على عدة أمورة: 
-١‏ ضعف الأحاديث التي تتحدث عن ذلك » وعدم وحودها تاريخيا قبل القرن الرابع المجري. 
؟- معارضتها للأحاديث الصحيحة المسلّمة لدى الشيعة والمشيرة إلى امتداد الإمامة إلى يوم القيامة. 


*- إجماع الشيعة على حدوث البداء حول خليفة الإمام الصادق والإمام الحادي » حيث أشار الأول 
في البداية إلى ابنه إسماعيل » وأشار الثاني إلى ابنه محمد » ثم وفاة كل من إسماعيل ومحمد في 
حياة أبويهما وقول الأئمة أو الشيعة بالبداء » سواء على الله أو بظهور العلم للناس. 


- عدم وصية الإمام الحسن العسكري لأحد من بعده سوى وصيته بأمواله لأمه "حديث" . 


هذا وان الأدلة على عدم تبني الأئمة من أهل البيت لنظرية الإمامة الإلحية وقولهم بنظرية الشورى 
كنظام للحكم الإسلامي هي: 


-١‏ عدم وصية النبي للإمام علي بن أبى طالب بالخلافة في وصيته المشهورة 


؟9- عدم وصية الإمام علي لابنه الحسن بعد استشهاده بالخلافة وترك المسلمينق وحريتهم في انتخاب من 
يشاءوك. 


1- عدم وصية الإمام الحسن للإمام الحسين بالإمامة. 

4- عدم وصية الإمام الحسين لابنه زين العابدين بالإمامة» ووصيته لأخته زينب بامحافظة على العيال. 
ه- عدم تصدي الإمام زين العابدين وعدم وصيته لأحد من ولده بالإمامة. 

5- عدم معرفة محمد بن الحنفية لوجود النص على الإمام زين العابدين » وتصديه لإمامة الشيعة بعد 


مقتل الإمام الحسين » ثم تصدي ابنه أبى هاشم لما من بعده. 


53 


- تصدي الإمام الباقر لقيادة الشيعة اعتمادا على آية (أولي الأرحام) واتحم أولى بالمعروف » وان (من 
قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) وذلك في اعتماد المطالبة بالثار للإمام الحسين. 


/- عدم وصية الإمام الباقر للصادق بالإمامة 34 وإِعا بالدفن والتجهيز فقط. 


9- إشارة الإمام الصادق لابنه إسماعيل » ثم إحجامه عن الإشارة إلى أي واحد من أبنائه » والوصية 
العادية لخمسة بينهم المنصور الدوانيقى. 

- ذهاب الشيعة إلى عبد الله الأفطح الابن الأكبر للإمام الصادق » وحيرتحم من بعد وفاته دون 
عقب تتسلسل الإمامة فيه. 

-١‏ عدم وصية الإمام الكاظم لابنه الرضا بالإمامة » وإنما بإدارة أمواله فقط. 

5- صغر عمر الحواد عند وفاة أبيه وعدم بلوغه سن التكليف الشرعى » وذهاب الشيعة إلى عمه 
الاين نوسي بن يمقر + 

-١‏ عدم وضوح أو ثبوت الوصية للإمام الحادي. 

" إشارة الإمام الحادي لابنه السيد محمد بالإمامة » ثم وفاته قبل وفاة أبيه بعدة سنوات » وقوله:‎ -١ 
لقد بدا لله في محمد كما بدا في إسماعيل " وقوله لابنه الحسن العسكري: " يا ببى أحدث لله‎ 
شكرا فقد أحدث فيك أمرا » أو نعمة " مما يعنى عدم معرفة الإمام الحادي بإمامة العسكري من‎ 
قبل » وكذلك عدم معرفة العسكري لإمامة نفسه قبل سن العشرين » أي قبل وفاة أخيه محمد.‎ 

ه١-‏ عدم وصية الإمام العسكري أو إشارته إلى وحود ولد له . 


ثما يدل على عدم صحة نظرية الإمامة الإلهية الوراثية وامتدادها في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى 
يوم القيامة.. وعدم صحة وحود القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثنيي عشر » وقد كان اسم الثاني عشر - 
على فرض وجوده -- بجهولا عند من قال بوجوده » وكان عثمان بن سعيد العمري الذي ادعى النيابة 
عنه يحرم التلفظ باسمه أو السؤال عنه. 


5- وما يوؤكد عدم وحود القائمة المسبقة بأماء الأئمة الاثنيي عشر من قبل » هو تفرق الشيعة إلى 
أربع عشرة فرقة بعد وفاة الإمام العسكري , وجهلهم بوجود ولد له » وعدم معرفة أقرب المقربين 
إليه كالعمري وغيره » وذهاب كبار الشيعة »كبني فضال » إلى القول بإمامة جعفر بن علي 


924 


المادي » وعدم اعتقادهم بالقاعدة التي تقول: ( لا تكون الإمامة في أخحوين بعد الحسن 
والحسين) وتفسيرهم لما بضرورة انتقال الإمامة في الأعقاب فيما إذا كان له ولد » وأما إذا لم 
يكن له ولد كالعسكري وعبد الله الأفطح فلا مانع من الانتقال إلى أخيه » كما تم الانتقال إلى 
موسى بن جعفر » أو التراجع عن القول بإمامة الأخ الأكبر الذي لا عقب له. إلى القول 
بإمامة أخحيه فقط . مباشرة بعد أبيه » كما تراحع قسم من الشيعة الموسوية عن القول بإمامة 


عبد الله الأفطح : 


7- إن عددا كبيرا من الأئمة لم يكن يوحد عليه أدلة واضحة (نصوص أو وصايا) ولذلك تم اللجوء 


-1 


إلى سلاح المعاحز » لإثبات إمامتهم » كما تقول حكاية التحاكم إلى الحجر الأسود بين محمد 


لقد كانت نظرية الإمامة الإلهية تقوم على اشتراط العصمة في مطلق الإمام ولا بحيز إمامة غير 
المعصوم » وقد اضطرت من اجل تعريف المعصوم » إلى القول بالنص والوصية أو المعاجز ) 
واخترعت قصصا وحكايات في ذلك » أو أولت بعض النصوص القرآنية والأحاديث العادية 
وقالت بالوراثة والوراثة العمودية في أهل البيت وفي بيت خاص هم أبناء الحسين فقط , إلى يوم 
الققامةة. 


وف الحقيقة لقد انقرضت نظرية الإمامة الإلحية في ( البيت الموسوي) بعد وفاة الإمام العسكري دون أن 
يعقب ولدا » وبالرغم من افتراض وحود ولد له فان النتيجة العملية هي بقاء الشيعة الامامية الاثني 


عشرية دون إمام معصوم يقودهم في دروب الحياة ويعلمهم ويرشدهم ويقيم دولتهم حتى يئسوا من 
ظهوره فاحترعوا نظرية النيابة العامة وولاية الفقيه وأقاموا دولتهم لأول مرة منذ ألف عام دون أن يشترطوا 
في الإمام المعاصر (الحاكم) العصمة ولا النص ولا الوراثة العلوية الحسينية » وعادوا إلى النظرية الأولى التي 
هربوا منها وهي نظرية الشورى القائمة على أساس القرآن الكريم والسنة والعقل وسيرة وأحاديث أهل 
البيت عليهم السلام. 


وهذا ما دفعكم إلى النظر إلى (الإمامة) ليس بعنى الحكم والإدارة والتنفيذ » بل بمعنى الوصية في المحافظة 
على الدين » كما قلتم في اللقاء » وهذه نظرية حديدة لم يكن يقصدها المتكلمون الشيعة الأوائل عندما 
قالوا بالعصمة ف الإمام أي الحاكم » وكان قولحم بالوصية كوسيلة للتعرف على الإمام ولم تكن نظرية 
مستقلة بحد ذاهها. 


55 


هذا ونرجو منكم أن تواصلوا الحوار والمناقشة أملا ف الوصول إلى حقيقة مذهب أهل البيت (ع) بعيدا 
عن آراء الفلاسفة والمتكلمين والغلاة. 


احمد الكاتب 


١5١5 رجحب‎ ١١ لندن‎ 


سماحة السيد مرتضى العسكري امحترم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


وبعد.. فإني اقدر أتعابك وجهودك لنشر الإسلام وخدمة مذهب أهل البيت وبناء أجيال مؤمنة صالحة 
ول اكن أريد أن أزعجك في رسائلي السابقة أو أتحداك » وكلما قصدته من الاتصال بك هو الحوار 
معك ومناقشة بعض الأمور التي تحمك والتي بذلت فيها جهدا كبيرا . 


وكنت قد قررت » بعد تبادل عدد من الرسائل معك » التوقف عن مراسلتك » لأنك لا ترد على النقاط 
الرئيسية التي أذكرها وتكتفي بالتعليق العام أو بالرد المفصل على المسائل الحانبية والحزئية » وقد قررت في 
رسالتك الأخيرة المرقمة )١١751(‏ اتمامك لي بإنكار صحة روايات أجمع المسلمون على صحتها » دون 
أن اذكر دليلا على عدم صحتها. بالرغم من أنى عرضت أدلتي مكتوبة وطلبت منك مرارا أن تلقي نظرة 
واحدة عليها » ولكنك رفضت باستمرار وكررت رفضك هذا في رسالتك الأخيرة أيضاء وقد طلبت مني 
أيضا أن أطالع كتبك لأنك نشرتها قبلي » وقد أحبرتك مرارا بأني قد طالعتها من قبل » وربما عدة مرات 
ول أحد فيها شيئا حديدا غير ترديد ما كتبه مشايخ الطائفة الاثني عشرية السابقون من أمثال المفيد 
والمرتضى والصدوق والطوسي . بل إن كتابك (معالم المدرستين) لا يتطرق إلى كثير من المسائل الحيوية 
والمهمة في نظرية الإمامة ويقفز عليها دون اكتراث » في الوقت الذي يسهب في الأمور الحانبية والحواشي 
الفرعية » وهو لا يقاس بكتاب (الشافي ) للمرتضى أو (تلخيص الشائي) للطوسي . من حيث مناقشة 
أهم أعمدة نظرية الإمامة الإلهية لأهل البيت من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية والبداء والتقية 
وعلم الأئمة والمعاحز والمهدوية . 


596 


وقد مررت مرورا سريعا وخاطفا في كتابك (معالم المدرستين) على تلك الأمور , وادعيت التواتر على 
أحاديث (الاثني عشرية) كما ادعيت الإجماع من السنة والشيعة. وهو غير صحيح : إذ أن تسعة وأربعين 
فرقة من الشيعة غير الاثني عشرية لا يؤمنون بصحة تلك الروايات » وكذلك عامة السنة الذين يضعفون 
تلك الروايات أو يفسروتما تفسيرا آخخر » ولم يعرف الشيعة الامامية تلك الأحاديث حتى بداية القرن 
الرابع المهجري . حيث كانوا يعتقدون حتى ذلك الوقت باستمرار الإمامة في نسل علي والحسين إلى يوم 
القيامة من دون تحديد في عدد معين » وقد نشأ القول بالوقوف على (اثني عشر إماما) بعد حدوث 
الجيرة التي أصابتهم في أعقاب وفاة الإمام العسكري وافتراض قسم من شيعته وجود ولد له » وانه الإمام 
من بعده . ولم يكن أي وجود للتواتر أو الإجماع بين المسلمين » ولا المعرفة بتلك الأحاديث قبل ذلك 


التاريخ. 


وعموما فان كتابك (معالم المدرستين) يغفل التاريخ الشيعي والامامي . لأن التاريخ الشيعي وخاصة 
موضوع انتقال الإمامة من الإمام السابق إلى الإمام اللاحق ينسف النظرية الامامية وخاصة حكاية 


القائمة المسبقة بأسماء الأئمة المعلنة منذ زمان رسول الله وص). 


كما انك تعتمد في كتابك منهجا أخباريا بدائيا يتقبل جميع الروايات والأفكار والنظريات المنسوبة إلى 
أهل البيت دون بحث أو تمحيص أو تحقيق في السند بدعوى التواتر والإجماع والضرورة » وهذا نوع من 
التقليد الأعمى الذي لا يناسب العلماء احتهدين. 


ولو قمت بعملية التحقيق في سند الروايات الشيعية الي تتحدث عن (الاثني عشرية) مثلا ودرستها 
تارخيا وقارنت بينها وبين الروايات الأخرى الصحيحة » لأدركت أنما موضوعة ومختلقة وليس لما أي 
وحود في القرن الثالث وما قبله » ولما ادعيت التواتر في أحاديث الرسول بالإشارة إلى الأئمة الاثني عشر 


والتنصيص على أسمائهم » كما قلت 3142 


وقد قمت أنا بمذا التحقيق وطلبت منك أن تطلع عليه حتى تقبل به أو ترده » ولكنك رفضت بحرد 
الاطلاع » ولا تزال مصرا على رفضك وتتحجج كل يوم بأعذار واهية » وهذا أمر غريب جدا ممن 
يدعي العلم والتحقيق. 


والقضية ليست هي من كتب ونشر أولاً » وإنما هي من بحث ماذا؟ وأنا ادعي أنى بحثت ما لم تبحثه 
أنت من الناحية التاريخية والرحالية » ومن هنا فإني أدعوك للاستماع إلي وقول كلمة الحق » إما سلبا أو 
“1 - (العسكري, معالم المدرستين» ج١‏ ص 54/8) 


2927 


إيجابا » وأنا أحملك المسؤولية أمام الله وسوف أحاسبك يوم القيامة على رفض الاستماع والحوار العلمي 
الدقيق. 


واعتقد انك لو بذلت شيئا من التفكير فيما تقول وفيما تكرر من نظريات عفا عليها الزمن لما تعصبت 
كثيرا لها أو اعتبرتها جزءا من الدين أو صلب الإسلام أو ما يتوقف عليه استمرار النبوة » كما أشرت إلى 


ذلك في كتاب (قيام الأئمة» ص .)3١‏ 
إن خلاصة كتبك أو خلاصة نظرية (الإمامة الإلحية ايل 
و لام و هية) هي : 


-١‏ ان الإمامة والخلافة هي بالنص والتعيين من قبل الله تعالى لقوله تعالى" إن جاعلك للناس إماما" 
وك الاغافة عهت مخ الله قبن .يه.يه عدن فيك الله إليد كما يبن عن “سائر 'الأوامر 
والعكاء” 


؟- وان الإمام يحب أن يكون معصوما لأنه لا ينال عهد الله من كان ظالما. 17 


- وان الشورى باطلة كطريق لانتخاب الإمام » فلا حق للأمة في تعيين الإمام والشورى عاجزة عن 
اتتخاب الأفضل والأصلح. 


وقد قلت إن الآيات القرآنية (وأمرهم شورى بينهم) ( وشاورهم في الأمر) لا تدلان على الشورىء فالآية 
الأولى لا يستفاد منها أكثر من رححان التشاور بين المؤمنين في أمورهم»وليست فرضا عليهمء ولو أراد 
الله الوحوب في هذا الأمر لقال: ( كتب الله على المؤمنين أو فرض عليهم ) إلى ما شابمها من الألفاظ 
الدالة على وحوب الفعل على المؤمنين. وان الآية الثانية في مقام توحيه الرسول أن يدعو المسلمين إلى 
القتال بأسلوب المشاورة» وليس بأسلوب الملوك الحبابرة.. وأما ما استدل به أتباع مدرسة الخلفاء في هذا 
الصدد من كلام للإمام علي حول الشورى » فانه كان في مقام الاحتجاج على معاوية وجماعته بما 


التزموا به 31 


58 


- (معالم المدرستين ص ول51) 
17 رص 57) 


د 2 (الصدر) 


58 


وقلت: إن أول من ذكر الشورى وأمر بما لإقامة الخلافة هو عمر بن الخطاب » غير انه لم يأت بدليل 
على أن الإمامة في الإسلام تقام بالشورى » ولم يستند في ذلك إلى دليل من الكتاب والسنة» واستدل 
المتأخرون بآيتين من كاب الله وهما تدلان على رححان الفعل فيهما وليس على وحوب التشاور» وإِنما 
يصح التشاور في أمر لم يرد فيه من الله ورسوله حكم . وقد ورد عن الله ورسوله في أمر الإمامة ما لا 
يبقى معه مورد للتشاور“' وان الرسول بلغ المسلمين ذلك كما بلغهم سائر أحكام الإسلام وعقائده 


518 


ولو تأملت في هذه النظرية لوحدتما مطلقة وعامة وممتدة منذ وفاة رسول الله (ص) إلى يوم القيامة؛ 
وهي لا تقبل التقيبد والتخصيص في فترة أو أخرى أو مكان دون آخر . 


وإذا سلمنا بصحة كل الأحاديث والتأويلات التي سقتها ويسوقها أصحاب نظرية الإمامة الإلحية لأهل 
البيت » لسألناهم السؤال التالي : 


- أين هم الأئمة المعصومون المعينون من قبل الله منذ اكثر من ألف سنة؟.. أي منذ وفاة الإمام 
العسكري؟ وما هو حكم المسلمين في هذه الفترة؟ هل هو الجلوس في البيت وانتظار الإمام الغائب ؟ أم 
المبادرة والتصدي وإقامة الدولة الإسلامية؟ وهذا يقودنا لطرح السؤال التالي: كيف نقيم هذه الحكومة ؟ 
هل تعين الأمة الإمام وتختاره عبر الشورى؟ وقد كانت الشورى باطلة ولا دليل عليها ومنافية لفلسفة 
تعيين الله للأئمة إلى يوم القيامة » وفاقدة لشرط العصمة الذي لا يعلمه إلا الله. ومن المعلوم أن النص 


إذا وجب قٍِ فترة وجب قِ -ميع الأوقات. 


وإذا قلتم : إن على الأمة أن تختار الفقهاء العدول كنواب عامين عن الإمام المهدي في عصر الغيبة» 
فنقول لكم: إن الفقه والعدالة هما شرطان تفصيليان في موضوع الشورى », وان اختيار الإمام الفقيه 
سيكون بالشورى بلا نص من الله ولا اتصاف بالعصمة » ولماذا كان محرما على الأمة أن تختار الفقهاء 
العدول بالنيابة عن رسول الله؟ وإذا كانت الشورى جائزة خلال أكثر من ألف عام » فلماذا كانت محرمة 
في البداية؟ 


50 


- (معالم المدرستين» ج١‏ ص )١54‏ 


55 


- (قيام الأئمة ص )٠١١”‏ 


59 





ونظرا لشعورك بعدم وجود واقع تاريخي لنظرية الإمامة الإلشية البديلة عن الشورى » طرحت: (نظرية 
الوصية) وذكرت في كتابك وصية الأنبياء السابقين كآدم وموسى وعيسى عليهم السلام » الذين قلت : 
انهم أوصوا إلى خلفائهم شيث ويوشع وشمعون . وقلت: لم يكن حاتم الأنبياء بدعا من الرسل ليترك 
أمته دون تعيين ولي الأمر من بعدهء كلا لم يترك حاتم النبيين والمرسلين المجتمعات الإسلامية للأبد دون 
أن يعين أولي الأمر من بعده » بل عينهم بألفاظ مختلفة وفي أماكن متعددة » منها ما حص بالذكر 
الإمام من بعده » ومنها ما ذكر فيها جميع الأثمة .*" 


وقلت: ما أشبه تعيين الوصي في هذه الأمة في أمة موسى'" » وقد جعل الله هارون ردأا لموسى ووزيرا 
وشريكا في النبوة استخلفه موسى في قومه » فلما نص خاتم الأنبياء على أن عليا بمنزلة هارون من موسى 
واستثنى من كل ذلك النبوة » وانه لا نبي بعده » بقي للإمام علي ردأ ووزارة ومشاركة في التبليغ على 
عهد رسول الله ومن بعده الخلافة في قومه » وحمل عبء التبليغ » وكذلك الأمر مع ولديه الحسنين » 
ونستثني النبوة مما كان للأسباط لأنه لا نبي بعد حاتم الأنبياء » ويبقى لهما حمل مسؤولية تبليغ الأحكام 
الإسلامية عن الله. "" وقد أكد رسول الله في رواياته على إمامة الإمام الأول على بن أبى طالب أكثر 
من سائر الأئمة وعلى البشارة بآخرهم وعلى أن عددهم اثنا عشر » لأنه إذا ثبت الأول والآخر والعدد 
» لا يبقى أدن شك في من هم الأئمة الذين عددهم اثنا عشر 2 وأولهم الإمام علي وآخرهم المهدي.'” 


وقلت: إن الوصية من الأنبياء والرسل أن يعهد الرسل إلى أوصيائهم حمل شريعتهم بعدهم إلى الناس 
ورعاية أمتهم من بعدهم » وفي هذه الأمة فعل حاتم الأنبياء مثل من سبقه من الرسل وعهد إلى الإمام 
علي تبليغ شريعته ورعاية أمته من بعده » بواسطة عهد إلى بنيه الأئمة الأحد عشر من بعده » وأخبر 
البي المسلمين بكل ذلك تارة بلفظ الوصي والوصية ومشتقاتما » وأحرى بألفاظ أحرى تؤدي المعنى 
نفسه » فلقب الإمام علي بالوصي.*" 


أوصيائه » كما وقع ذلك في شريعة الرسولين موسى وعيسى وكتابمما التوراة والإنحيل بعد تحريف 


* اك رمعا المدرسفين طن 5غ) 
'* - المصدرء (ص )5.6٠0‏ 

'" - وص157) 

5 كر م 


؛* - (لالمصدرء ص 9؟؟) 


100 





بعضهما وكتمان بعضهما الآخر » وبما أن حكمة الرب اقتضت بقاء شريعة خاتم الرسل (ص) إلى آخر 


يوم الدهر فقد أطال بقدرته ومشيئته عمر الثاني عشر من أوصيائه المهدي إلى آخر يوم الدهر. *" 


وقبل أن اقدم ملاحظات على هذه النظرية أود أن أذكرك بأمر غفلت عن الإشارة إليه» وهو استمرار 
الوصية في ذرية يوشع بن نون» ولو راحعت العهد القديم لوحدته يتحدث عن حصر الكهانة والوصية 
والقيمومة على الدين في بني لاوي » أو اللاويين من بقية الأسباط. 


أما الملاحظات فهي كما يلي: 


-1 


1ح 


-_ 


-_ 


06 


101 


إن وصية الأنبياء السابقين إلى نبي أو أنبياء محددين أو غير محددين لا يعني بالضرورة وصية 
الرسول الأعظم إلى وصي أو أوصياء من بعده للمحافظة على النبوة والرسالة. 


وقد كان الإمام علي فعلا" وصي رسول الله وتلك وصيته موجحودة حرفيا ومذكورة في كتب التاريخ 
» وهي تتحدث عن أمور شخصية وروحية وأخلاقية ولا تشير إلى موضوع الوصية على أمور 
ا 


ولا يوحد أي دليل على امتداد الوصية في ذرية الإمام علي إلى يوم القيامة. 
ولا يوحد أي أثر لوصية الإمام الحسين إلى ابنه زين العابدين. 


كما لم يوص عدد من الأئمة الآخرين إلى أولادهم » وكانت وصايا الآخرين عادية شخصية 
ومالية 2 ومشتركة بين جميع الأبناء » ويضيف بعضها الزوحات وأشخاص من خارج الميت 
كالمنصور العباسي أو والي المدينة. 


إن الإمام العسكري أوصى إلى أمه "حديث" بماله » ولم يوص إلى أي شخص آخر » كما لم 
يتحدث عن موضوع الإمامة أو الوصية على الدين . وهو ما يثبت اختلاق نظرية الوصية 
الممتدة إلى يوم القيامة من قبل المتكلمين. 


. أين أثر الوصية؟ وماذا تعنى في حالة الإمام الغائب المفترض؟ وما هو الفرق بين وجودها 


- (قيام الأئمة ص )1١‏ 





-/ 


و- 


ما هو الدليل الإسلامي على وصية البي عيسى لشمعون؟ وقد ادعى الوصية كثيرون. 


قلتم في مكان: إن النبي ذكر جميع أسماء الأئمة » وقلتم في مكان آخر: إن النبي عهد إلى الإمام 


علي وعهد إلى بنيه بواسطته. 


إن تحريف رسالة النبي موسى تم مع وحود الأنبياء في السبي وبعده . ولم يحدث مؤخرا » وقد 
تعهد الله تعالى أن يحفظ القرآن الكريم من التزوير والتلاعب ولم يشر إلى حفظ الدين عبر 
أوصياء » ول يمنع وجود الأئمة الأحد عشر من التزوير والتلفيق على رسول الله في القرون الثلاثة 
الأولى فكيف بمنع الإمام الغائب عملية الدس والتزوير بعد ذلك وفي ظل الغيبة التامة؟ ولماذا لم 
بمنع الشيعة الامامية من القول بنظرية التقية والانتظار قرونا من الزمن؟ 


لا يوحد أي دليل على الدنيا سوف تنتهي مع وفاة الإمام الثاني عشر المفترض » بل إن 


الصدوق والطوسي وغيرهما يروون روايات عديدة حول استمرار الإمامة في ذريته في المستقبل. 


إن صحة نظريتكم في استمرار الوصية» تعتمد على قدرتكم على إثبات وجود وولادة واستمرار 


حياة (محمد بن الحسن العسكري) ودون ذلك حرط القتاد. 


أما ما نقلت من التوراة حول ولادة اثنى عشر إماما لإسماعيل » فان الإمامة حسب تعبيرك 
تشمل النبوة » فأين هو إذن الرسول محمد (ص) من الاثني عشر؟ وكان يجب أن يقول » لو 
صحت الرواية والتأويل: (إثلاثة عشر). هذا إذا لم نحتمل وجود أثمة أو أنبياء آخرين من ذرية 


إجماعيل قبل النبي محمد (ص) . 
إن كلمة الأسباط لا تعني الأحفاد , وإِنما تعني اثنتي عشرة قبيلة كان يتكون منها امجتمع 


اليهودي » ومن هنا فلا مجال للمقارنة بين سبطي الرسول وبين أسباط بني إسرائيل الذين لم 
يكونوا أوصياء لموسى » وإِنما كان بعضهم يحمل ميراث النبوة. 


إن كل ذلك يدعوك إلى إعادة النظر في كتبك » ودراسة نظرية الإمامة الإلحية أو الوصية المنسوبة إلى أهل 
البيت » من جديد » والتأكد فيما إذا كانت هي نظريتهم حقا؟ أم ان نظريتهم السياسية هي (الشورى) 
؟ وهذا يستدعي منك نبذ التقليد » والتحقيق في مقدمات البحث » كدراسة الرحال الراوين للأحاديث 
والاطلاع على التاريخ الشيعي» وهما الأمران اللذان أغفلتهما وتحنبتهما في كتاباتك » والتفكير بصورة 
شاملة وواقعية بعيدا عن المثاليات الوهمية التي لا وحود لماء فان ما تحتاج إليه امتنا الإسلامية هو تكريس 


102 


نظرية الشورى وتعزيزها بين المسلمين الذين يعيشون تحت رحمة الأنظمة الديكتاتورية الرهيبة » 
والديكتاتورية المغلفة باسم الدين. 


وبحمذه المناسبة أدعوك للمرة الأخيرة إلى إلقاء نظرة على البحث الموسع الذي قمت به في هذا امجال 
أو تشكيل لحنة للقيام بذلك . عسى الله أن يوفقنا لخدمة دينه الحنيف والتعرف على مذهب أهل البيت 
الحقيقي الذي تعرض في حياتهم وبعد وفاتهم لكثير من التشويه والتحريف. 


احمد الكاتب » لندن ٠١‏ ؟/شوال/ 4 5١‏ ١ه‏ / 994١م‏ 


/ا - مع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي, في كتابه "المهدي.. الثورة الكبرى": 
الأدلة العقلية لا يمكن أبدا أن تضع إصبعا على شخص معين 
بسم الله الرحمن الرحيم 
جماحة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي امحترم 
الحوزة العلمية -- قم » الجمهورية الإسلامية الإيرانية 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


وبعد فقد قرأت كتابكم باللغة الفارسية ( المهدي الثورة الكبرى) الذي تتحدثون فيه عن فوائد نظرية 
الإيمان بوجحود مصلح عللمي وتردون الاتمامات القائلة بسلبية الانتظار » وذلك بتفسيركم لمعنى الانتظار 
بصورة إيجابية لا سلبية كما يسيء فهمها البعض حسب قولكم » وعن هوية المهدي وبعض الأسئلة التي 
تحيط به. 


وقد قلتم في مقدمة الكتاب بأنكم ترحبون بأية وجحهة نظر أخرى » ولذا فأرحو أن تسمحوا لي بتقدم 
بعض الملاحظات السريعة التي أرجو أن تأحذوا بما بنظر الاعتبار. 


103 


لقد كان كتابكم يحاول شرح وتفسير ظاهرة المهدي العامة والخاصة قبل أن يكون محاولة للغوص في 
بحث تحديد هوية المهدي » وقد أحلتم القراء الى مراجعة كتاب الشيخ لطف الله الصافي (منتخب الأثر 
في النص على الإمام الثاني عشر) ونقلتم منه بعض الفقرات والأحاديث» واعتقد أن من المهم جدا 
القيام بصورة دقيقة بيبحث موضوع وجود المهدي (محمد بن الحسن العسكري) الذي يعتقد به الشيعة 
الامامية الاثنا عشرية » والذي يختلفون حوله مع سائر المسلمين. 


وكما تعرفون فان المتكلمين الشيعة الأوائل استدلوا على وحوده بعدة أنواع من الأدلة : أولها الدليل 
العقلي وثانيها التاريخي وثالثها النقلي ورابعها المعاحز وخامسها الإجماع » ولكنكم لم تشيروا إلا الى 
الدليل النقلي الروائي وأعرضتم صفحا عن الإشارة الى الدليل العقلي الذي كان يعتبر الأول والأساس في 
بداية تكون النظرية المهدوية الاثني عشرية كما أعرضتم عن الإشارة الى الدليل التاريخي فضلا عن الأدلة 


الأخرى . 


وكان الدليل العقلي يعتمد على النظرية الامامية التي تقول : (بضرورة وجود إمام في الأرضء وان ذلك 
الإمام لا بد أن يكون معصوماء وان المعصوم لا يعرفه إلا الله» وبالتاللي فلا طريق لمعرفة الإمام من قبل 
الأمة» ومن هنا فان على الله أن يعيّف المسلمين بالإمام المعصوم عن طريق النص » وان الله قد عيّن 
الإمام عليا خليفة من بعد الرسول» وان الإمامة استمرت في ذريته الى يوم القيامة وانما لا تكون في 
أخحوين بعد الحسن والحسين» وانما وصلت الى الإمام الحسن بن علي العسكريء وانه قد مات وان أنحاه 
جعفر ليس بإمام فلا بد من افتراض وجود ولد له وان لم نر أثرا له » وانه الإمام بعد أبيه وانه المهدي 
المنتظر) ويبدو أنكم لا تؤمنون بمذا الدليل العقلي حيث قلتم في كتابكم:" إن الأدلة العقلية لا يمكن 
أبدا أن تضع إصبعا على شخص معين » وان نتائجها كلية".١"‏ 


أما الدليل النقلي فيعتمد على روايات عامة بخروج مهدي في آخر الزمان ويضيف إليها بعض 
الروايات الخاصة التي تحدد امه » كما يعتمد على رواية الاثني عشرية وان الثاني عشر الغائب هو المهدي 
المنتظر. 


أما الدليل التاريخى فيتحدث عن قصة ولادة (محمد بن الحسن العسكري) ومشاهدة بعض الشيعة له 
في حياة أبيه وعند وفاته وبعد ذلك » واعتقد إنكم تعرفون قيمة الروايات التاريخية التي تشبه الأساطير 


'" - (الشيرازي» المهدي الثورة الكبرى» ص ١؟)‏ 


104 


أما الدليل النقلي الذي الم تبحثوا فيه بعمق» واعتمدتم على ما نقل الشيخ الصافيء فانه يقول في 
مقدمة كتابه: "انه لم يبحثه بدقة اعتمادا على شهرة الروايات" ولو بحثتموه لوجدتم انه ليس إلا روايات 
مختلقة أو عامة لا تفيد تحديد شخص المهدي » وقد قدمت قبل حوالي سنتين بحنا مفصلا في تلك 
الروايات الى سماحة الشيخ الصافي واعتقد انه شكل لحنة لدراستها ولم يعطني أية إحابة مكتوبة حتى الآن 
» ويكفي في الرد على تلك الروايات عدم استطاعة أحد أن يثبت بالأدلة التاريخية العلمية وحود شخص 
(محمد بن الحسن العسكري) وولادته. ومن هنا فإنما قابلة للتأويل والتفسير والرد. 


أما الدليل العقلي الذي يعتمد على نظرية العصمة والنص ويحتاج الى مناقشة في كل جزء من تفاصيله 
الكثيرة والطويلة فهو في الحقيقة ليس دليلا عقليا ويرجع الى النقل في أهم فقراته » وبالإضافة الى ذلك 
فانه يشكل السبب الرئيسي في تخلف الشيعة قرونا من الزمان » وإذا قلتم لي كيف؟ فإني احيلكم على 
كتب الفقه التي كتبها الأولون والمشحونة بنظرية التقية والانتظار التي تحرم الثورة والحهاد وإقامة الحدود 
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصالة الجمعة وكل ما يتعلق بالدولة في عصر الغيبة بدعوى حرمة 
إقامة الدولة لغير الإمام المعصوم . وان ذلك الإمام المعصوم المعين من قبل الله موحود وهو يراقب 
الأحداث والتطورات ويستعد للثورة والخروج ف اللحظة المناسبة. 


وإذا كان انتظارٌ خحروج مصلح ما لا يحمل معنى سلبيا » فان الإيمان بإمام مسؤول ومكلف من الله 
حي موحود مراقب » وعدم 1 التصدي أو اتباع إمام غير معصوم؛ كان بالتأكيد يحمل معنى سلبيا 
مدمرا ومخدرا » ويمكنك مراجعة كتاب (جواهر الكلام) للشيخ حسن النجفي » باب القضاء » حيث 
يبحث نظرية ولاية الفقيه » إذ يقول بعدم مول الولاية لإقامة الدولة واتخاذ الأمراء والسلاطين» وذلك 
لاستحالة فعل ذلك في عصر الغيبة والتقية والخوف. وإذا ارتفع الخوف وجب على الإمام المهدي 
الظهور إذ لا سبب للغيبة إلا الخوف » ولما كان غائبا عرفنا انه خائف وان الظروف لا تسمح بإقامة 
الدولة. 


وبالرغم من محاولة بعض العلماء الالتفاف على نظرية التقية والانتظار باحتراع نظرية (النيابة العامة) 
والتخلي عن شروط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في (الإمام) المعاصرء وهو ما سمح لحم 
بإقامة الدولة الإسلامية الحديثة على أساس نظرية (ولاية الفقيه) فان المشكلة الكبرى التي تكمن في 
الإيمان بفرضية (وجود محمد بن الحسن العسكري) هي إعطاء الحاكم البشري صفات وصلاحيات 
الحاكم الإلحي (المعصوم) المطلقة» بما فيها الولاية التكوينية» وهو ما ينتج أسوء نوع من الحكم 
الديكتاتوري عرفته البشرية حتى الآن. 


105 


ولذا أدعوك بإحلاص الى أن تعيد النظر في هذه المسألة المهمة حدا وتبحث بدقة وموضوعية في أساس 
وجود المهدي (ابن العسكري) وما تخلفه من سلبيات » وليس (المهدي العام) الذي لا يضر الإبمان به 
ولا ينفع. 


احمد الكاتب 


١9945 / ١54١ ربيع الأول‎ / 


8 - مع الشيخ لطف الله الصافي, في كتابه (منتخب الأثر في النص على الإمام الثاني عشر): 


الخلط بين التواترء والشهرة فى القرون المتأخرة 


ماحة العلامة الكبير الشيخ لطف الله الصافي حفظه الله 


وبعد.. فقد كنت بعثت إليكم برسالة قبل أكثر من عام دعوتكم فيها لمناقشة كتابي (تطور الفكر 
السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) والذي أقول فيه : إن نظرية المهدي عند أهل البيت 
كانت عامة وغامضة وغير محددة من قبل » وان تحديدها في (محمد بن الحسن العسكري) قد حدث 
بعد وفاة الإمام العسكري », افتراضا واحتهادا من قسم من أربعة عشر قسما من الشيعة الامامية أتباع 
الإمام العسكري , وذلك في محاولة منهم للخروج من الحيرة والأزمة الفكرية التي وحدوا أنفسهم فيها 
عندما توق العسكري ولم يوص الى أحد من بعده ولم يتحدث عن مصير الإمامة ولم يكن له ولد ظاهر ) 
فاضطر ذلك الفريق من الشيعة الى افتراض وحود ولد له قالوا انه الإمام من بعده ثم قالوا انه المهدي 


106 


المنتظر. وزعموا: أن أباه قد أحفاه تقية وحوفا عليه وانه حى موحود وانه يتصل ببعض النواب الخاصين 
(السفراء الأربعة) 


وكانت هذه الخلاصة التي توصلت إليها بعد دراسة طويلة وعميقة » قد أقلقتني وأقضت مضجعي لأنما 
كانت مخالفة لكثير ما نشأت عليه وكنت اعتقد به من قبل .. ولكنني لم أحب التسرع في الالتزام يمذه 
الخلاصة والتبشير بما خحوفا من أن أكون مخطبا في منهجية البحث أو غافلا عن بعض الأدلة والبراهين 
التي ربما لم أتوصل إليها بالرغم من بحثي عن كل شيء.. وقد للنأت إليكم باعتباركم الأكثر علما 
والأغزر كتابة وبحثا عن موضوع (الإمام المهدي) في الوقت المعاصر » ولكم عدة كتب حول ذلك » كما 
توسلت الى كثير من المراجع والعلماء والأساتذة المختصين أن يناقشوا رسالتي » وتمنيت من أعماق قلبي 
أن أكون مخطئا أو مشتبها حتى لا انحرف عن خط أهل البيت (ع) الذين رضعت حبهم منذ طفولتي 
ولا زلت أؤمن بحم وأحلهم أعظم إجلال - والحمد لله - ولكني مع الأسف الشديد لم ألق إجابة 
مناسبة من معظم أولئك العلماء الذين رفض بعضهم بشدة محرد الاطلاع على الدراسة » وكنتم واجدا 
من الذين طلبوا الاطلاع عليها » وقد أرسلتها لكم بواسطة الشيخ علي العالمي إمام المجمع الإسلامي في 
لندن » وقد أحبرني سماحة الشيخ العالمي بعد ذلك: إنكم ألفتم لحنة من العلماء في قم لدراسة الكتاب 
والرد عليه » وقد سررت بذلك وانتظرت النتيجة طويلا » ومعت أنكم قد أعددتم جوابا شفهيا » وطلبتم 
سفري الى قم لعرض ردكم علي » وقد اعتذرت عن السفر لأسباب عديدة وطلبت من سماحتكم عبر 
اليد تخواد: الكلبايكاق أن تكبوا' ملاحطاتكم وترسلوها إلى 'لأي أنحب أن انشر رفكم علي بفلمكم 
سواء اقتنعت به أو ل اقتنع » ولكنني لم استلم منكم أي جواب مكتوب حت الآن. 


وقد نقل لي بعض الأحوة عنكم أنكم توصون بعدم طبع الكتاب وصرف النظر عنه » ولكن ذلك 
يصعب علي حيث يت معتقدا باختلاق نظرية وجود المهدي (محمد بن الحسن العسكري) وإدخالها في 
تراث أهل البيت (ع) وإلصاقها بحم » بيد أنى لا زلت مستعدا لتغيير قناعتي فيما إذا رددتم على كتابي 
وأقنعتموني بخطأ معلوماتي أو منهجيتي في البحث » وصدق الأدلة على وجود المهدي ابن الحسن 
العسكري وقوتماء خاصة وان المسألة لم تعد تقتصر على شخصي وإنما أضحت فكرة مطروحة في 
الأوساط الثقافية الشيعية وتبحث عن جواب.. ولذا اطلب منكم مرة أخرى أن تولوا الموضوع أهمية 
قصوى وان تشكلوا لحنة أخرى قادرة على الرد أو تطلبوا من احوتكم وزملائكم العلماء في قم أن يقوموا 
بذلك» وأنا مستعد للاستماع إليهم في ندوة حوار ومناقشتهم في الأدلة الجديدة. 


هذا وكنت قد اطلعت على مجموعة من كتبكم حول المهدي وبالأحص كتاب (منتخب الأثر في النص 
على الإمام الثاني عشر) الذي يحتوي على كثير مما كتبه الأولون منذ ألف عام » ولكنني لم استفد منه 


107 


شيئا إضافيا أكثر ما كتبه مشايخ الطائفة بعد وفاة الإمام العسكري ». وقد وحدته يهمل بعض أهم 
الأدلة التي ذكرها أولئك ويكتفي ببعض. 


وكانت لدي بعض الملاحظات الأساسية على طريقة تناولكم للبحث في هذا الموضوع » أرحو أن 
يسعها صدركم الكريم » كما أرجو أن تكون مناسبة لبدء حوار فعلي معكم شخصيا » وهي كما يلي: 


-١‏ لقد لاحظت أنكم تتبعون منهجا أخباريا متطرفا مرفوضا من أقدم الإخباريين» وهو قبول 
الروايات بدون أدى تمحيص في المتن أو السندء وذلك اعتمادا على رواية مشايخ الطائفة لا أو وحودها 
في كتبهم "المعتبرة". ومن المعروف أن المدرسة الأخبارية الحشوية كانت تفعل ذلك في قديم الزمان ولذلك 
قبلت الروايات التي تتحدث عن تحريف القرآن» ولكنها تطورت بعد ذلك على يدي الشيخ علي بن 
بابويه الصدوق وغيره من الرواة وامحدثين الذين قاموا بتمحيص السند وإسقاط الروايات الضعيفة 
والترحيح فيما بينها » وذلك قبل أن تولد المدرسة الأصولية الاحتهادية على يدي الشيخ المفيد والسيد 
المرتضى والشيخ الطوسي ومن بعدهم من العلماء. 


وقد كان موضوع (الإمام المهدي) ووجوده وولادته موضوعا شائكا محيرا وغامضا عند الشيعة الامامية 
بعد وفاة الإمام العسكري » لذلك أطلقوا على تلك الفترة اسم (الحيرة) ثم قام بعض المحدثين كابن أبى 
زينب النعماني صاحب (الغيبة) وتلميذ الكليني » في القرن الرابع المجري » بالاجتهاد والنظر في الأخبار 
القديمة والجمع بين عدد منها وإسقاط البعض الآخر والاستنتاج منها: صحة وجود المهدي وغيبته» كما 
يقول هو في كتابه» ولكنكم أحذتم الأمر وكأنه من المسلمات والبديهيات الثابتة المفروغ منها التي لا 
تحتاج الى مناقشة. 


؟9- لقد استعرضتم في كتابكم نظرية وحود المهدي وحاولتم الإتيان بالأدلة والبراهين (الأحاديث) 
على صحتها ول تشيروا الى وجحود احتلاف بين الشيعة» ولا الى الحيرة التي عصفت بالامامية وفيّقتهم الى 
أربعة عشر فرقة حول موضوع الخلف » وبالتاللي لم تناقشوا النظريات المهدوية الأحرى التي كان يقول بما 
الشيعة ذلك الحين والتي بلغت أكثر من عشرين نظرية. 


“-لم تناقشوا الأدلة الي سقتموها على صحة النظرية المهدوية للإمام الثاني عشر » من المعاحز التي 
ادعاها أو نسبت الى (النواب الأربعة الخاصين) أو القصص التارخية الى تحدثت عن ولادة المهدي 


ومشاهدته في حياة أبيه » وبعد ذلكء» بالرغم من وحود علامات استفهام كثيرة حوطا؟ 


108 


:- لقد أغفلتم الرواية التاريخية التفصيلية لظروف وفاة الإمام العسكري ومسألة الوصية بأمواله 
وأملاكه لأمه المسماة ب:"حديث" وادعاء أحيه جعفر بالإمامة وإقبال عامة الشيعة عليه في البداية ثم 
اختلافهم وتفرقهم » كما أغفلتم مسألة الخلاف داخل البيت العلوي بين أبناء الإمام الحادي وحدوث 
البداء في إمامة السيد محمد بن علي الحادي . وشك الشيعة في إمامة الحسن العسكري , وما الى ذلك 
من القضايا التاريخية النتي شكلت المقدمة والمدخحل للقول بفرضية وجود ولد للإمام العسكري » مع ما في 
ذلك من أهمية قصوى للوصول الى النتيجة المفترضة. 


ه- لقد قمتم بالخلط بين مجموعة من المقدمات العامة والخاصة بصورة غير علمية ولا منطقية فأشرتم 
الى اتفاق المسلمين وإجماعهم حول ظهور مصلح (مهددي) في آخر الزمان » وقلتم: إن الأحاديث 
الواردة حول ذلك متواترة.. ثم قفزتم بعد ذلك لتؤكدوا صحة النظرية الاثني عشرية الخاصة بالمهدي » 
وذلك بالرغم من احتلاف الشيعة والإمامة وحتى اتباع الإمام العسكري حول حقيقة المهدي أو الإمام 


من بعده » مما ينفي وجود أي إجماع أو شهرة أو تواتر حول المهدي (محمد بن الحسن العسكري). 


5- لقد أشرتم بصورة حاطفة في كتابكم الفارسي (نويد أمن وأمان) الى الدليل العقلي حول وجود 
المهدي ابن الحسن» ولكنكم لم تذكروا الدليل بدقة وبصورة كاملة وإنما اكتفيتم ببعض مقدماته وهي : ( 
ضرورة الإمامة الإلمية ووجحوب كون الإمام المعصوم في جميع الأعصار وعدم جواز خلو الأرض من وحود 
الحجة خوفا من سيخانما بأهلها) وقلتم: إن ذلك يدل على وحود صاحب الزمان وإمامته» كما قلتم: 
إننا إذا أحذنا في الاستدلال بالبراهين العامة على الإمامة فإنما تكنفي لإثبات وجود إمام العصر 


وغيبة 0 


ولكن علماء الكلام لا يكتفون بتلك المقدمات لإثبات وحود المهدي وإنما يضيفون إليها مقدمة مهمة 
حدا وهي: ( عدم جواز الإمامة في أحوين بعد الحسن والحسين » وضرورة انتقال الإمامة في الأعقاب 
وأعقاب الأعقاب بشكل وراثي عمودي الى يوم القيامة) و ( عدم كون الإمام العسكري هو المهدي 
الغائب واثبات وفاته وعدم عودته الى الحياة مرة أحرى) ثم الاستنتاج من كل ذلك: ضرورة وحود ولد له 


لكي تستمر الإمامة في عقبه » بالرغم من عدم إشارته الى ذلك أو الوصية الى أحد من بعده بالإمامة. 


وان موضوع (عدم جواز إمامة الأخوين) مبدأ لم يكن يجمع عليه الشيعة الامامية في ذلك الوقت فقد 
كان الشيعة الامامية (الفطحية) يجيزون انتقال الإمامة الى أحوين عند عدم إنحاب الإمام السابق لولد» 
كما فعلوا عندما توفي الإمام عبد الله الأفطح حيث انتقلوا الى القول بإمامة أخيه الإمام موسى بن جحعفر 


' - (المصدرء ص ١ه)‏ 


109ً 


الكاظم » وإذا أحذنا بقوهم لا تعود هناك أية ضرورة لافتراض وجود ولد للإمام العسكري والادعاء انه 
المهدي؛ كما رفض عامة الشيعة افتراض بعض الفطحية بوجود ولد لعبد الله الأفطح والقول إن اسمه 


(محمد بن عبد الله) وانه المهدي المنتظر الغائب. 


- ما هو مفهومكم للتواتر؟ هل تعنون به الشهرة والتواتر في القرون المتأحرة؟ وهذا -- كما تعلمون- 
لا ينفع في توثيق الأخبار التي قد تكون مختلقة في مرحلة زمنية سابقة وغير موجودة بالمرة في مرحلة زمنية 


ع 


وقد استغربت جدا من دعواكم التواتر في أحاديث (المهدي محمد بن الحسن العسكري) بالرغم من 
اختلاقها جميعا في عصر الحيرة أو بعد مائة عام من وفاة الإمام العسكري . ولست أدري لماذا لم تتوقفوا 
لحظة واحدة لتسألوا أنفسكم: إذا كانت القضية متواترة وثابتة وبديهية ومجمع عليها فلماذا وقع الشيعة 
في الحيرة؟ ولماذا افترقوا الى أربعة عشر فرقة أو أكثر من ذلك؟ 


8- ادعيتم في اكثر من مكان: ان أحاديث المهدي (محمد بن الحسن العسكري) كانت مسجلة في 
الأصول القديمة للشيعة منذ عصر الإمام أمير المؤمنين (ع) وقبل ولادة أبيه » ولكنكم لم تذكروا أسماء 
تلك الكتب والأصول ولا أصحابها » وم تتحدثوا عن مدى صحتها وصدقها. 


وف الحقيقة لا يوحد كتاب واحد يشير الى ذلك ما عدا كتاب (سليم بن قيس الحلالي) وهو كتاب 
مختلق اشتهر في فترة الحيرة » ويقول عنه ابن الغضائري والشيخ المفيد في (شرح عقائد الصدوق): انه 
كتاب موضوع ومختلق ولا يجوز الاعتماد عليه » فأين هي المصادر المعتبرة والموثوقة من السنة والشيعة 
والمؤلفة في القرن الأول الهجري؟ 


1- اعترفتم ضمنا بضعف سند بعض الأخبار الواردة حول المهدي وغرابة بعضها واستبعاد وقوع 
بعضها الآخرء وقلتم:" إن ضعف السند في بعضها لا يضر بغيره ثما هو في غاية الصحة والمتانة سندا 
ومتنا » ولا يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة لمكان الأخبار الضعيفة مع اشتهار مفادها بين 
كافة المسلمين وكون أكثر مخرحيها من أئمة الإسلام وكابر العلماء وأساتذة فن الحديث موحب للقطع 
عضموتما. هذا مضافا الى أن ضعف السند إنما يكون قادحا إذا لم يكن الخبر متواترا » وأما في المتواتر 
منه فليس ذلك شرطا في اعتباره"."" ولكنكم لم تميزوا بين الأخبار الضعيفة والصحيحة » ولم تبينوا ما 
هي الأخبار التي هي في غاية الصحة والمتانة سندا ومتنا » في حين لا يوحد في الحقيقة خبر واحد 


- (ص " منتخب الأثر) 


110 


صحيح سكا حول ولادة أو وجود شخص اسه ( محمد بن الحسن العسكري) وق هذه الحالة ألا يلزم 
التوقف ورفع اليد عن تلك الأخبار الموضوعة في الزمن المتأخر؟ 


ثم ما هي الأحبار الصحيحة التي اشتهر مفادها بين كافة المسلمين؟ هل تقصدون أخبار المهدي العام 
غير ا محدد؟ وهذه لا تفيد أية دلالة على وجود المهدي (محمد بن الحسن العسكري). 


ثم من تقصدون بأئمة الإسلام وأكابر العلماء والأساتذة في فن الحديث؟ هل تقصدون عامة علماء 
المسلمين؟ أم عامة علماء الشيعة؟ أم علماء الفرقة الاثني عشرية الأوائل؟ وهؤلاء بين متهم باحتلاق تلك 
الأحاديث وبين متهم بالضعف والتسامح في نقل الروايات عن الضعفاء والكذابين والغلاة وعدم التدقيق 
والضبط. 


ان علماء الرحال الشيعة الاثني عشرية يوّكدون ضعف مجموعة من الرحال تنتهي إليهم كل الروايات 
الواردة حول المهدي (محمد بن الحسن العسكري) والقائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشرء ومكنكم 
مراحعة البحث الرجالي المفصل الذي أحريته حول كل رواية رواية من تلك الروايات» والموحود لديكم. 


ولست أدري من أين استوردتم القاعدة التي تتسامح في شرط صحة السند إذا كان الخبر متواترا؟ 
وكيف يحصل التواتر وتحصل الثقة إذا كان الرواة جميعا ضعافا وكذابين؟ .. وقد قلنا: إن تلك الأخبار لم 


بالنظرية الاثني عشرية » فهي ليست متواترة أبدا ولا يوحد بينها خبر واحد صحيح! 


ويبدو أن هذه الشبهة قد أوقعت الكثير من الباحثين في موضوع المهدي وصرفتهم عن بحث السند 
(مهدي) عند انخطاط ا جتمع الإسلامي. 


-٠‏ وقد استبعدتم احتمال وضع تلك الأحاديث بعد ولادة المهدي في زمن (الغيبة الصغرى أو 
الكبرى) وقلتم: " انه غير معقول بصورة قاطعة » وذلك لأن الكتب التي تضمنت تلك الأحبار مؤلفة 
من قبل رحال لا يحتمل فيهم حعل كلمة واحدة » وكانوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة» اتحم أحذوا 
تلك الأحاديث عن شيوحهم وعن الأصول المكتوبة قبل ولادة الإمام المهدي وعبر وسائط معتمدة مائة 
بالمائة من قبل مشايخ الرواة المعاصرين للأثمة والتابعين والصحابة" واستنتجتم:" أن من يراجع تلك 
الأحاديث لا يبقى لديه محال الشك والشبهة في أن المهدي هو ابن الحسن العسكري". (ص " منتخب 
الأثر). 


111 


ولو قمتم بمراجعة سند تلك الروايات بدقة لأدركتم: أن احتمال وضعها ليس معقولا وواردا فحسب 
وإنما هو ثابت بصورة قاطعة وأكيدة.. وذلك لأن الرحال الذين يروون تلك الأخبار » وخاصة الذين 
ادعوا النيابة الخاصة والسفارة كانوا موضع تممة لأتمم كانوا يرون النار الى قرصهم وكانوا يحصلون على 
منافع مادية» وكانوا متهمين بوضع الروايات التي تؤيد ما ذهبوا اليه من افترض وجود ولد للحسن 
العسكريء ولم يكونوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة» وان كتب الرجال الشيعية تشهد بذلكء وانهم 
لم يرووا تلك الأخبار عن أي أصل مكتوب قبل ولادة المهدي المزعومة» ولا عبر أية واسطة معتمدة من 
مشايخ الرواة المعاصرين للأئمة.. ومن هنا فان من يراحع سند تلك الأحاديث لا يبقى لديه بجال للشك 
والشبهة ف عدم صدق وجود أي ولد للإمام العسكري. 


شيخنا الكريم.. لما ذا لا تتحدثوا بدقة وتضعوا النقاط على الحروف وتبينوا رواية واحدة - كمثل -مروية 
عن رحل موثوق عن أصل مكتوب أو واسطة معتمدة مائة بالمائة من قبل مشايخ الرواة المعاصرين 
للأئمة؟ حتى تقطعوا الشك وتستبدلوه باليقين؟ 


وقد قلتم: " يكفي حديث معتبر واحد" وادعيتم وحود مئات بل أكثر من ألف حديث في مئات 
الكتب المعتبرة الجامعة للأخبار والتاريخ والرحال".؟" فما هي تلك الكتب المصدرية التي تعد بالمئات؟ 
ولا يوحد لدينا من الكتب المعتبرة أكثر من أربعة والبقية غير مسندة ولا نستطيع القطع على صحة نسبة 
جميع ما فيها الى مؤلفيها فضلا عن التصديق بروايتهم عن غيرهم. 


-١‏ ولقد أشرتم في أحد كتبكم: الى أن الإيمان بالمهدي (محمد بن الحسن العسكري) جزء من 
الإيمان بالغيب الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقد به. "* 


ولكن إذا سقطت تلك الروايات الواردة حول الموضوع لا يبقى محال لربط الإيمان بقضية لا دليل عليها 
بمسألة الإيمان بالغيب الواردة في القرآن الكريم والمقصود منها: الإيمان بالآخرة والملائكة والمحن وما شابه 
من الأمور المذكورة في القرآن والسنة الثابتة» ولا أحسبكم تعتقدون بأننا يحب أن نؤمن بوحود المهدي 
غيبيا أي بلا دليل » كما يقول يعض من يدعي العلم » فان ذلك يفتح بابا للإيمان بأية حرافة أو 
أسطورة غيبيا ودون دليل. 


'" - (نويد أمن وأمان) ص 754 


'* - (نويد أمن وأمان) ص 754 


112 


- وأخيرا.. أود أن أناقش النتيجة العملية التي تممنا والمبنية على الإيمان بنظرية وجود الإمام 
المهدي (محمد بن الحسن العسكري) وهي الموقف العملي من إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة» 
فقد طرحتم نظرية (النيابة العامة للفقهاء) واعتبرتم حكومتهم هي الحكومة الشرعية الوحيدة» وحكمتم 
على الحكومات الأخرى المنتخبة من الشعب أو غيرها بالحرمة والبطلان “١١‏ 


وهذه نظرية حادثة وجديدة 2 وقد كانت النظرية الأولى السابقة هي نظرية (التقية والانتتظار) وحرمة 
إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة» ولا تزال آثارها ممتدة حتى اليوم في فتاوى الفقهاء المعاصرين الذين 
يحرمون أو يهملون كثيرا من الحوانب الحيوية في الإسلام بالرغم من قولحم بنظرية ولاية الفقيه. 


وكانت تلك النظرية تشكل الوجه الآخر الملازم للإبمان بوجود الإمام المعصوم الغائب وحرمة إقامة 
الدولة لغير الإمام المعصوم » ومن هنا فقد تحتم الالتزام بالتقية والانتظار » ولذلك كان العلماء الأوائل 
كالشيخ الصدوق يرفضون نظرية ولاية الفقيه بشدة. 


وفي الحقيقة: ان اضطرار الشيعة الامامية الاثني عشرية للإعان بنظرية ولاية الفقيه كان انقلابا في الفكر 
الشيعي الإمامي وتخليا عن أهم أركان النظرية الامامية وهي (العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في 
الإمام » أي الحاكم) وهذا ما يشكل تناقضا صارخا مع المقدمات الكلامية التي قادت الى افتراض وحود 
ولد للإمام العسكري » وإذا أجزنا قيام إمام فقيه عادل غير معصوم ولامعين من قبل الله لا تبقى هناك 
أية حاجة لافتراض إمام معصوم لا تراه الأبصار منذ أكثر من ألف عام » وهو ما يتناقض مع فلسفة 
الإمامة وضرورة وجود الإمام في الأرض. 

إن وجحوب وجود الإمام هو للقيام بمهمات الإمامة وليس للقيام بمهمة إدارة الكون حسبما يعتقد 
بعض الغلاة » وان الغيبة تتناقض ببساطة مع مهمة الإمامة. وقد أتعب المتكلمون الاماميون أنفسهم 
كثيرا في فلسفة الغيبة وحاولوا الخروج من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه بلا طائل. 

ثم إن نظرية ولاية الفقيه المبنية على نظرية النيابة العامة ا محدثة نظرية تحمل في طياتما مخاطر إقامة 
حكم ديكتاتوري مطلق يستحوذ على صلاحيات رسول الله باسم النيابة العامة عن الإمام المهدي » 
ويؤدي بالتالي الى إلغاء دور الأمة في تعيين الإمام أو تحديد صلاحياته» وهو ما يشكل حطورة توازي 
الخطورة الناجمة عن الانسحاب عن المسرح السياسي باسم التقية والانتظار. 


الكت (ف كتاب: الجواب عن عشرة أسئلة ص )١١‏ 


113 





ماحة الشيخ الصائي: 


إن كل ذلك يدعونا - على الأقل - الى إعادة النظر في مسألة وجود الإمام المهدي (محمد بن 
الحسن العسكري) والتأكد مما إذا كان القول بولادته واستمرار حياته حتى الآن مسألة حقيقية؟ أم فرضية 
فلسفية وهمية اجتهادية؟ إن الإجحابة الصحيحة عن ذلك كفيلة بمدايتنا الى الطريق الإسلامي السياسي 
الصحيح.. طريق أهل البيت الواقعي .. طريق الشورى والتوازن بين الحاكم وا محكوم. 


هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

احمد الكاتب 

١99 غ/ه١‎ 54١4 شوال‎ ٠ 

4 - مع الدكتور محمد حسين الصغير في كتابه (الفكر الإمامي من النص حتى المرجعية) ”” 


استبعاد نظرية تطور الفكر الشيعى, وتشكيك بالأمانة العلمية للكاتب 


لعل من أبرز الكتب التي تستحق التوقف عندهاء كتاب الدكتور الصغير» والدكتور - كما هو معروف 
- درس أكثر من عشرين عاما في حوزة النجف الأشرف من عام ١957‏ حتى 19175 » وتخرج على 
يدي الإمام الخوئي» وجمع بين الدراسات الحوزوية والحديثة» حيث أكمل دراساته العليا في الآداب في 
جامعة بغداد وجامعة القاهرة وجامعة درهام البريطانية» وحصل على الدكتوراه ودرحة الأستاذية 
(البروفيسور) عام 2.١5/8‏ وأسس الدراسات العليا في جامعة الكوفة عام ١9/4‏ » وأشرف وناقش 
أكثر من مائة رسالة ماجستير ودكتوراه في الدراسات القرآنية والبلاغية والنقدية» وله أكثر من خمسين 
بحنا علميا وعشرين مؤلفا. 

وهو ما يؤهله جدا لمناقشة كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) أفضل 
مناقشة علمية. وفي الحقيقة عندما رأيت كتابه وقرأته عنوانه سررت بقيامه بالرد» أكثر من الردود التي 
قرأتما لرحال دين آخرين» رغم أني فهمت من العنوان الفرعي (رداً لشبهات أحمد الكاتب) أنه يتخذ 
موقفا ناقدا» وحسبت أنه سوف يقوم برد علمي على ما ذكرت في كتابي من تطور الفكر السياسي 


"4 - د. محمد حسين الصغير» الفكر الإمامي من النص حت المرجعية » ردا لشبهات أحمد الكاتب . دار المؤرخ 
العربي لبنان 0-0 


114 


الشيعيء ويأقِ بما لديه من أدلة علمية لدحض ما طرحت من أفكارء بروح علمية أكاديمية. ولكن 
صدمتي به كانت كبيرة إذ أنه عبر منذ البداية عن موقف رافض لأي تفكير أو مناقشة أو نقد أو نقض 
لأي مبدأ من مباديء الفكر الإمامي» التي اعتبرها نسخة واحدة متكاملة وثابتة وحامدة» نازلة من 
السماء؛ ومجمع عليها منذ عهد رسول الله (ص) حت اليوم» وبالتالبي فلا محال لأي نقاش أو حوار فيها. 
فقد قال في الصفحات الأولى من كتابه» بعد أن استعرض أصول الدين عند الشيعة وهي التوحيد والنبوة 
والإمامة والعدل والمعاد:"هذه أوليات اعتقاد الإمامية» وهي مباديء أساسية وليست هامشية» فقد قام 
عليها إجماع الامامية منذ عهد رسول الله (ص) حتى اليوم" وأضاف:" ومن هناء فقد نشأ الفكر 
الإمامي في مبادئه الأولى التي لا تقبل نقضا ولا ردأء فهي ليست فرضيات تطرح على بساط 
البحث فيُقبل منها ما يُقبل» وُرفض منها ما يُرفض".”" 

وكان من الواضح ان الدكتور الصغير يعتبر الفكر الإمامي فكرا حيويا صامدا عبر القرون» فقد 
قال:"الفكر الإمامي عبر أربعة عشر قرناء عرضت له ضغوط سياسية عبر سلطات زمنية جائرة» ونصبت 
له الحرب على قدم وساق» سواء أكان ذلك نتيجة عصور التخلف ومصادرة الرأي» أم عبر سياسة 
الإبهاب الدموي والاضطهادء أم حصيلة الصراعات المذهبية التي مني بما التاريخ الإسلامي ضمن قنوات 
سخرتها قوى الشر والطغيان بين المسلمين» أم كان ذلك في نطاق التعصب الأعمى المرير. 

وما زال الفكر الإمامي غضا في حيويته وعطائه» نابضا بالنشاط والاستقامة رغم كل تلك الملابسات 
التاريخية» وفوق كل المضاعفات الطائلة.. أترى كل هذا البقاء الطويل يستند الى قوة ذاتية» أو انه يستند 
الى عناية إلية» أم انه مزيج متفاعل بين الأمرين؟ 

ان مئات من المبادئ والمذاهب والاتحاهات والأفكار عفا عليها الزمن نتيجة ممارسات لا إنسانية في 
الضغوط والتطويح والإبادة والاستئصال؛ وهي أقوى عدة, وأكثر عدداء وأمضى سلاحاء وبقي الفكر 
الإمامي صامدا أمام جميع تلك التفاعلات اللامشروعة» وما ذاك إلا بعناية اللطف الإلحي والغيبي والتأييد 
الإلمي يضاف اليهما صدق النية وسلامة القصد". ** 

ومن هنا فان الدكتور الشيخ الصغير اعتبر كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي) محاولة للنيل من 

الفكر الإمامي ومجموعة شبهات ليس إلاء وتعامل معه على هذا الأساسء, فقال:" ان حقائق الأشياء لا 
تزيفها أوهام الصنائع والمأحورين» وان مرتكزات العقائد لا تغيرها أهواء المبتدعين والعملاء» وان الفكر 
الصامد لا يزلزله الريح مهما عصف. 


م 


حاضن اح 11 


:م 


١7 داص‎ 


115 


ان النقد النزيه والمنهج التحليلي وحدة متكاملة الأجزاء في الأداء والتعبير» ووحدة ذاتية السلوك في 
معايير الرد والجدل سلبا وإيجاباء وهذه الوحدة في جوهرها المتأصل تأبى منطق المجوم والسباب والشتم 
والاستخفاف, وتأبى أيضا لغة التحريح والتوهين والاستفزاز» وتدعو الى البحث الموضوعي القائم على 
أساس الدليل والبرهان» وهذا ما لم نحده عند "الكاتب" فلقد تمادى باتمام الأئمة (ع) وشكك بالنص 
عليهم بل نفاه نفيا قاطعاء ورفض العصمة وتحاوز على المبدأ العام» وتمجم على القائلين بإمامة المهدي 
المنتظرء بل ذهب الى اعتباره فرضية فلسفية لا أصل لحاء فهو عنده لا وحود له بل وغير مولود أساساًء 
وكذَّب نوابه الأتقياء البررة» وتناول متكلمي الامامية بالسوء والانتهاك؛ واتمم المؤسسين الأوائل بالكذب 
والاتتحال» وعرض لسيرة العلماء بالتفنيد والامتهان» ونازع الفقهاء مسائل ليست من تخصصه. وليس 
له حق القول فيهاء وطمس الحقائق المسلمة» ورد الأحاديث الصحيحة؛ وشوه الوقائع الناصعة» وغاص 
الى الشبهات الباطلة غوصاء وخاض فينا لا يحسنه جزافا. 
ان المقطوع به ان كتاب الكاتب يعتمد الروايات الضعيفة والمراسيل» ويستجمع الأحاديث المنحولة 

والمتقطعة لتيسير شبهاته وتسييرهاء والتي لا يؤمن بأي منها الفكر الإمامي منذ عهد علي (ع) الى يومنا 
هذا بل وما بعده حتى قيام الساعة» وهي مناورة فاشلة في أبعادها كافة..". *” 
تضمن كتاب (الفكر الإمامي من النص حت المرحعية) اثني عشر فصلاء في 7/٠١‏ صفحة, وهي: 

02-١‏ مباديء الفكر الإمامي وشبهات الكاتب 

0-١‏ الغة الطعن والاتمام والتحريف عند الكاتب 

20-7 نظرية الشورى.. لا يؤمن بما أهل البيت 

2-5 من الشورى الى الحكم الوراثي/ رد وتعقيب 

ه-0 بوادر الفكر الإمامي/ مناقشة وتصويب 

2-5 أركان نظرية الإمامة/ التأكيد على المبدأ والنص 

2-0 مبدأ الإمامة في مواجهة التحديات 

20-4 الواقع الاثنا عشري.. لا التطور 

2-8 الإمام المهدي المنتظر.. حقيقة تاريخية 

-٠‏ النص على الأئمة 

-١‏ الفكر الإمامي في عصر الغيبة 

-١‏ المرجعية عند الامامية 


هم 


١5 دص‎ 


116 


117 


وبالإضافة الى ما سجله الدكتور الصغير في الفصل الأول» من امتعاض ورفض لكتاب تطور الفكر 
السياسي الشيعي» واعتباره له جرد شبهات وشتائم» قال في الفصل الثاني تحت عنوان (لغة الطعن 
والاتحام عند الكاتب): مفردات الطعن والاتمام» لغة الكاتب تقوم على أساس الطعن والاتمام 
والتكذيب ف حنايا كتابه "تطور الفكر السياسي الشيعي" وهي تقوم على أساس المفردات الآنية 
نموذجا ومثالا لا حصرا واستقصاء: 


عبارات الشك والاستبعاد يحشرها بأجواء من الحيرة والغموض وعدم الوضوح مقترنة 
بالمشكلة المدعاة حيناء وبا محاولة اليائسة حينا آخر... 

الطعن بكل ضررويات الامامية ومسلماتماء قولا وفعلا وعملا.. 

التناقض والتهافت الذي حفل به الكتاب لا تحده حدود باعتماده المراسيل وبتر 
الأحاديث؛ والتأكيد على الضعيف منهاء وطعن الصحيح من جهة» ونكران مبدا 
الإمامة من جهة أحرى. .فهو ينكر الأصل رأسا في المقدمة» فماذا تنفعه النتائج؟ 

لغة الطعن والتكذيب لكل علماء الامامية» بل للأئمة أنفسهم ووصفهم بما لا 
يليق وشأتهم» ونسبة الكذب لى النواب الأربعة عن الإمام المنتظر » فهم أدعياء لما لم 
يكن وتكذيب المؤسسين الأوائل للمذهب في أصوله العامة استنادا لفكر أئمة أهل 
البيت كالكليني والصدوق والصفار والمفيد والمرتضى والطوسي... أما علماؤنا 
المتأخرون فتناولهم بالتجريح ابتداء من المحقق الحلي فالعلامة الحلي وابن فهد 
وابن ادريس والاردبيلي والكركي والنراقي والشهيد الأول والشهيد الثاني وصاحب 
الجواهر حتى انتهى بالإمام الخوئي ومن بعده, كما في الجزء الثالث من كتابه. 

نسبة الفكر الإمامي لمتكلمي الشيعة وفلاسفتهم على حد تعبيره... 

لغة التهجم والاتهام لأبرز علماء الامامية من الرواة الموثقين كزرارة بن أعين» ويونس 
بن عبد الرحمن وأبي بصير ومعاوية بن عمار وابن أبي عمير وأضراحم من أصحاب 
الصحاح. 

خلطه في القول بولاية الفقيه» واكتشافه المزعوم أن العلماء السابقين يجهلون النظرية ولا 
دقرف مطلما ب 

يتهم الكاتب النواب الأربعة بالكذب في نيابة صاحب الأمر .. 6" 


١07-55 دص‎ 


ثم تطرق الدكتور محمد حسين الصغير الى مسألة اقتطاع النصوص والتحريف في كتاب (تطور الفكر 
السياسي الشيعي) فقال:" ويا ليت الكاتب أكتفى بالطعن والسب والاتمام» ولكنه عمد الى النصوص 
فاقتطعهاء والى الروايات فحرفها عن موقعهاء فأورد ما شاء إيراده» وحذف ما شاء حذفه» فالقضية عنده 
كيفية لا موضوعية» وفوضوية لا تنظيمية» فله إثبات ما يشاء وله حذف ما يشاءء وقد حرى هذا في 
أكثر من خمسين موضعا من كتابه العتيد!!! اكتفي بإيراد بعض النماذج على سبيل المثال لا الحصر 


والاستيعاب» 


1 


ليرى القارئّ أمانة الكاتب؟ 

نسب الكاتب للسيد المرتضى نصا يعرض فيه للعباس بن عبد المطلب مخاطبا أمير المؤمنين 
في مرض النبي (ص) الذي توفي فيه» وهو يتخوف الاستخلاف حشية التفرق. ولدى 
ملاحظة النص وجدنا الدعوى فيه للقاضي عبد الحبار المعتزلي» والمرتضى يورد ذلك للرد 
عليه فيقول المرتضى:"والذي يبين صحة تأويلناء وبطلان ما توهموه قول النبي (ص) في 
جواب العباس على ما وردت به الرواية:"انكم المقهورون" وفي رواية أخرى:" انكم 
المظلومون" والكاتب يحذف هذا النص الذي أورده المرتضى ردا على الكلام الذي ذكره 
الكاتب واستدل به» وهو للقاضي عبد الحبار وليس للسيد المرتضى. 

ويستدل الكاتب رواية تنسب للإمام الباقر (ع) بروضة الكافي أن عليا لم يدع الى نفسه. 
وأنه أقر القوم على ما صنعوا وكتم أمره» بينما نص الرواية بعد بيان أسباب امتناع الإمام 
عن البيعة أولاء ومبايعته لاحقا مع كرهه لذلك: "ولذلك كتم علي أمره» وبايع مكرهاء 
حيث لم يجد أعوانا" فأين هذا من ادعائه ان عليا أقر القوم على ما صنعوا وكتم أمره. 
وحرف الكاتب أيضا نصا واقتطعه ليستدل به على ان زين العابدين قد بايع يزيد بن 
معاوية بعد الحرة. بينما نحد الإمام مكرها بذلك بعد تحديده بالقتل بنص قوله الذي حذفه 
الكاتب " قد أقررت لك بعدما سألت» أنا عبد مكره". ”8 


وف الفصل الثالث يرد الدكتور الصغير مقولة أن الشورى هي نظرية أهل البيت» ويقول ان الأئمة لم 
يعينوا بالشورى» وان القرآن تحدث عن الشورى في حدود معينة» كما هو ظاهر النص القرآني في 
موردين» والآيتان لا يعطيان الحق في تعيين الإمامة أو الخلافة أو القيادة إطلاقا ولا يتحدثان عن 
نوع الحكم لا من قريب ولا بعيد» فالآية الأولى تتحدث عن خلق النبي ورقة قلبه» وتأمره بالعفو 
عنهم والاستغفار لحم؛ ومشاورتمم في الأمرء ولكن أي أمر هو؟... والآية الثاني تتحدث عن الذين 


استجابوا لله» وأقاموا الصلاة واتفقت كلمتهم, فأمرهم - لا أمر الله - شورى بينهم» فالآية 


تتحدث 


ام 


اصن 76 


115 


عن إيماتحم وتدينهم وطبيعة أدائهم للواحبات وتشير الى حياتهم وشؤوتحم الخاصة بحممء 


كالمشاورة وعدم الاستبداد بالرأي. فالسياق القرآني في الآيتين لا يساعد على نظرية الشورى بال معنى 
المطروح» وإذا ابتعد القرآن العظيم عن هذا الفهم الذي حمل عليه حملا قسرياء فلا عبرة بما سواه. 
ص 7ه 

وستفهد الدكتون' الضغير- حدية) العدين وأحاديت: أحرى ليبظل هنذا الشورئ 55 ويقول: 
"'عقدنا الفصل الثاني من هذا الكتاب للنصوص على إمامة الأئمة جملة وتفصيلاء فالنص على 
الاثني عشر إماما جملة» والنص على إمامة كل إمام باسمه هو التفصيل المراد". 87 

ويعقد الدكتور الصغير الفصل الرابع من كتابه للرد على موضوع (تطور الفكر السياسي الشيعي 
من الشورى الى الحكم الوراثي) من كتابي» والذي استعرض ثلاث مراحل هي المرحلة الكيسانية» 
وفكر الإمام الباقرء ومن بعده فكر الإمام الصادق السياسي» قبل أن يولد الفكر الإمامي» فيرفض 
الدكتور الصغير كل ذلك بجرة قلم ويقول:" الكيسانية حركة سياسية لا علاقة لما بأهل البيبت (ع) 
لا من قريب ولا من بعيد» وقد سبق القول أن المختار كان رحلا ذكيا علم من سيرة الإمام زين 
العابدين (ع) عدم القول بالتحرك السياسي بعد مصرع أبيه سيد الشهداءء» فاتكأ على محمد بن 
الحنفية» وادعى نيابته لاستقطاب الناس وتقوية أمره لا أكثر ولا أقل. ولم يتصد محمد بن الحنفية - 
كما يدعي الكاتب - لقيادة الشيعة في أعقاب مقتل الحسين» وم يأمر المختار بالثأر من قتلة 
الحسين. فكل هذا موضوع لا أصل له".'* ويقول:" لا علاقة للدولة العباسية بالشيعة الامامية؛ 
فكل له منهجه. وكل له دعاته» كما لا علاقة لأتباع عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جحعفر 
الطيار بالشيعة الامامية". '* 

وهكذا يفعل عندما يتوقف عند موضوع الإمام محمد الباقر والمعترك السياسي» فيقول:" ما أورده 
من نظرية سياسية مزعومة للإمام محمد بن علي الباقر فهو ما نسجته مخيلته» وهو مرفوض عند 
الامامية جملة وتفصيلا... واما ان الإمام الباقر قد قام بمحاولة تعزيز شرعية مطالبته بقيادة الشيعة - 
على حد تعبير الكاتب النابي -- فالإمام الباقر لا يحتاج الى محاولة لتعزيز وحوده الشرعي» وانما شأنه 
شأن الأئمة الطاهرين» يدفع خصوم الامامية بالحجج التي يشهرها الخصوم أنفسهم, والباقر يحتج 
بلغة العصر الكلامية لدرء الدعاوى الباطلة ضد منصب الإمامة» وهذا حقه الشرعي الذي لا 


ا ا 
دص 5ه 

ص /اه 

دص 18 

- ص 0 

دض 0786 - 1ه 





وهكذا يرفض الدكتور الصغير أيضا الحديث عن فكر سياسي خاص للإمام الصادق» ضمن تطور 
الكفر السياسي الشيعي» ويقول:"لم تكن للإمام الصادق (ع) نظرية سياسية بالمفهوم الذي طرحه 
الكاتب طرحا فجا بعيدا عن الأصالة والحصافة» وقريبا من الترف العشوائي في المنهج والطريقة 
والأسلوب". ويضيف:" ادعاء الكاتب أن الصادق يخوض معركة الإمامة مع منافسيه ادعاء لا يقوم 
على أساس اجتماعي أو تاريخي» فلم يكن للإمام منافس له من أهل بيته في المنصب وهو الإمامة؛ 
فلم ينافسه عمه زيد ولا ابن عمه ذو النفس الرّكية!!! فأين هي المعركة المزعومة؟". 7 

وينهي الصغير الفصل الرابع بالقول:" أما حديث الكاتب عن الجحارودية وعامة الزيدية وسواهم 
من المتطرفين الذين يبنون نظريتهم في الإمامة على مبدأ الخروج والثورة» فلا تخص مبحث الامامية 
الاثنئي عشرية لا من قريب ولا من بعيد» وليس هو من صلب الموضوع, والخوض فيه تطويل بلا 
طائل". 14 


ويكرس الدكتور محمد حسين الصغير الفصل الخامس من كتابه لمناقشة فصل (بوادر الفكر 
الإمامي) من كتابي» فينفي حدوث التشرذم والتطور "الوهمي" ويقول:" التشرذم المدعى موضوع لا 
أصل له» وانما نشأت بعض الموضوعات الصغيرة التي ضلت طريق أهل البيت فشرقت وغربت بعيدا 
عن السبيل الذي احتطه أثمتنا (ع). وأما التطور المزعوم فلا أساس له من الصحة... إذ أن مبدأ 
الإمامة منذ عهد النبي (ص) منحصر بتسعة من ذرية الإمام الحسين من بعده. وهو ما عليه الامامية 


في العالم أجمع, ومنذ عهد مبكر حت اليوم وغدا وحتى قيام الساعة". *1 


ويناقش الدكتور الصغير في الفصل السادس من كتابه» الفصل الرابع من كتابي (أركان نظرية الإمامة) 
والذي ذكرت فيه اعتماد الفكر الإمامي في البداية وحول عدد من الأثمة على الوصية» ثم اعتماده 
على النصء» وعند افتقاد النص يعتمد على العقل» وعند افتقاد العقل يعتمد على المعجزة» وحدوث 
النزاع بين الشيعة حول انحصار الإمامة في ذرية الحسين بلا دليل» ثم قولحم بقانون الوراثة العمودية» 
وقولهم في البداية باستمرار الإمامة الى يوم القيامة» ثم تطور نظرية الإمامة الى اثنيى عشر إماماء 
فيعتبر "كل ذلك تمحلا وتفريقا طويلا عريضا بين النص والوصية في الإمامة» وان الكاتب يأقِ 


داص ”7 
د ص 7١‏ 
دص 75 - ١م‏ 


100 


3,7 


بمباحث التفريق الواهمة» وتكثير العناصر المشترطة وترويج الشبهات الواهية» وكلها باطلة لا أساس لها 
من الواقعية أو الصحة» وهي بمنأى منعزل عن منهج البحث العلمي الرائد". 

وناقش الدكتور الصغير في الفصل السابع من كتابه (مبدأ الإمامة في مواجهة التحديات) وموقف 
الأئمة من العصمة» وعلق على رسالة الإمام الحسين لأهل الكوفة "فلعمري » ما الإمام إلا العامل 
بالكتاب» الحابس نفسه على الله القائم بالقسط الدائن بدين الله" والتي لا يذكر فيها شرط 
العصمة» بالقول:" إذا اجتمع للإمام العمل بكتاب الله وحبس النفس على الله والقيام بالعدل لا 
يزيغ عنه» والدائن بدينه الله وحده وهو الحق» فذلك الإمام هو الإمام المعصوم بعينه» بلحاظ الحابس 
نفسه على الله وحدها إضافة الى الصفات الأخرى, فان التحبيس على الله دون سواه يعنى عدم 
المحالفة لله في كل جزئية تتناق مع التحبيس عليه وهو دليل العصمة» فهذا القول للإمام الحسين لا 
شاهد فيه للكاتب» وهو عليه لا له كما رأيت".131 

أما في الفصل الثامن كتابه فقد رفض الدكتور الصغير مقولة (التطور الاثنا عشري) وقال : ان 
الأئمة منصوص عليهم بعددهم وأمائهم من قبل " وقد أثبتنا أن مبدأ الإمامة قائم عند الامامية 
منذ عهد مبكرء وهناك مئات الروايات المعتبرة في الموضوع, وإنكار ذلك لا يقوم على أساس عند 
الكاتب سوى الابتعاد والتشكيك". ”1 

ومر في هذا الفصل على موضوع طفولة عدد من الأئمة (كالحواد والحادي والمهدي) لدى 
تسلمهم زمام الإمامة» ومشكلة البداء التي حدثت في تسمية عدد منهم ثم وفاتحم قبل آبائهم 
كإسماعيل والسيد محمد بن الحادي. ودافع عن إلغاء العموم الوارد في آية الحجرء أو تخصيصهء 
فقال:" ان القرآن نفسه ألغى هذا العموم - لا الشيخ المفيد -- بنصه على نبوة عيسى وعمره يوم 
واحد» وعلى نبوة يحى وهو صبي» فإذا كان هذا الإلغاء لعموم الآية صحيحاء وهو صحيح» فقد 
صح بالنص القرآني إلغاء المفيد لعموم الآية". ص ١5/8‏ ورفض أخيرا تأثير نظرية الغيبة والإيمان 
بإمام غائب سلبيا على الشيعة» ثما أدى الى انسحاب الشيعة الاثني عشرية من المسرح السياسي 
وانقراضهم في القرن الرابع. فقال:" هذا الزعم مناقش في صحته فلم يفقد مبدأ الإمام أثره في الحياة 
للقول بوحود الإمام الغائب » فهو على نمج رتيب يتبنى مشكلات الزمن بالحل» ويعرض لتأريخ 
الأمة بالتطوير» وينشر من علمه ما تتسع له الآفاق» أما أنه قد فقد دلالته السياسية نتيجة الغيبة 
والانتظار» فالمبداً قائم سواء أترك سياسيا أم ١‏ يتحرك, ولا علاقة بين قيام المبدأ كحقيقة واقعة وبين 


تحركه السياسي» فالسياسة لا تخاض غمارها في كل وقت» ومن السياسة ترك السياسة الى حين» 


دص ه:١‏ 


121 


وليست السياسة كل شيء في حياة الفكر الإمامي. وأما أن ذلك قد أدى الى انقراض الامامية.. 
فقلة تدبر بتأريخ الحياة السياسية والدينية والفكرية والاجتماعية بالمبدأء فالإمامة كانوا بكل زمان 
ومكان, وقد بقوا حتى اليوم في كل زمان ومكان". 18 

وبعد كل هذه الرحلة الطويلة في مناقشة ورد نظرية تطور الفكر السياسي الشيعي» ومحاولة إثبات 
وحوده منذ اليوم الأول وبصورته الأخيرة» وحتى النهاية» يصل الدكتور محمد حسين الصغير الى أهم 
فقرة وهو موضوع وجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" الذي قلت انه لم يولد قط 
وانه ليس سوى فرضية فلسفية وهمية» فيقول في الفصل التاسع: «(الإمام المهدي حقيقة تأريخية)؛ 
وينفي أولاً وحود عصر الحيرة» بكلمات مختصرة» حيث يعده افتراضا: "وقد عرض فيه الى ما يسمى 
بعصر الحيرة دون وجود أية حيرة» ولكنها افتراضات وتمحلات لا يعضدها نص علمي ولا يوثقها 
سند تأريخي» وانما هو التشكيك المتعمد المتكيء على الاستبعاد» والاستبعاد أمر نفسي لا يشكل 
منهجا في الرد والجدل". 15 

ثم يستعرض الدكتور الدليل العقلي لحقيقة المهدي؛ فيقول:"الدليل العقلي قائم على أساس أن لله 
الحجة على عباده» وذلك يقتضي وجود الحجة في كل عصرء وهذا يقتضي وجود الإمام المعصوم, 
وهذا ينحل عقليا الى القول بالإمامة أولاً» والى ضرورة القول بالعصمة ثانيا... ويا ليت شعري ما 
ينكر الكاتب من هذا الاستدلال؟ وما هو الخلاف فيه؟وهل يناقضه الدليل النقلي أم يعضده؟ وقد 
أيده الشيخ الطوسي بقوله: ان كل من قطع على وحوب اعتبار الدليل العقلي قطع على وجود 
صاحب الزمان وإمامته". ٠٠١‏ 
ويأقِ بعد ذلك بمجموعة روايات عامة عن المهدي المنتظر» حتى يصل الى الدليل التأريخي على 
حقيقة المهدي» فيقول في صفحة واحدة:" وقد لحأ الكاتب الى الهمز واللمز في هذا الدليل» ونفى 
به ولادة المهدي بحجة الظاهر من حياة الإمام العسكري وسيرته النافية أن يكون له ولد. متجاهلا 
أن البرهان التأربخي كان قاطعا على وجوده بالولادة» وبمشاهدة أهل بيته له» وبمعرفة جملة 
من أصحاب أبيه له عندما شاهدوه, وهو صبي يدرج. وأما التكتم على ولادته فهو ثما ينبغي أن 
يكون لتعقب الدولة العباسية له» ولعلم سلاطينها بأنه سيولد» وانه الإمام الثاني عشرء والهجوم على 
دار الإمام العسكري في محاولة القبض عليه من قبل المعتضد العباسي أشهر من أن تذكر. ولأمر ما 
أوحى الله لأم موسى أن تتكتم على ولادة موسى (ع) بنص القرآن العظيم؛ وذلك الأمر هو الخنوف 


/ 


١6١9 أدص‎ 
١١8 أخدص‎ 


1 


9 


حاص 1 


102 


عليه من القتل من قبل فرعونء فإذا كان ذلك واقعاء وهو واقع لا شك فيه» فما يقال هناك يقال 
هنا. ثم لماذا يجوز الكتمان في ولادة النبي والنبوة أهمء ولا يجوز الكتمان في ولادة الإمام؟؟ 

وبعد الولادة يقول الإمام الحسن العسكري على ما يرويه الكاتب نفسه عن الفضل بن شاذان عنه 
(ع) أنه قال:" ولد ولي الله وحجته على عباده» وخليفتي من بعده..". 

وحينما ولد في النصف من شعبان سنة ه٠؟‏ هجرية هناك ظاهرتان عند الإمام العسكري: 
الأولى أنه أرسل أموالا الى بعض مواليه من الشيعة في أماكن مختلفة» وأمرهم أن يعقوا عن ولده 
المهدي. 
الثانية: ان الإمام العسكري كان يعرضه على أشخاص بمفردهم حين يزورونه» كعمرو الأهوازي» 
والحسن بن الحسين العلوي. 

وإذا أنكر الكاتب كل هذا » فهل باستطاعته نكران النواب الأربعة وهم العدول الثقاة عند 
جميع المسلمين» وتلك طرائحهم في بغداد يشاهدها الرائح والغادي". ١١١‏ 

وبعد أن يفرغ الدكتور الصغير كنانته» يرتدي زي المحلل النفسي فيقول:"يبدو لي ان الكاتب 
يعيش في صراع نفسي داخلي, فهو موزع بين نوازع اللاشعور التي تدفعه وتشده الى عقيدته 
الأولى» وبين المغريات في الجاه والمال والشهرة وما تحر اليه من انحلال وتبعية في المعتقد 
والسيرة» وهو لا يكاد يلمح حقيقة الأمر بحياد تام لأنه مزدوج الشخصية والتفكير والعطاء» وقد 
أدى به هذا التناقض الغريب الى القلق وعدم الاستقرار النفسي والذهني» فهو يدعو الى السير على 
مج الأئمة ولكن بأسلوب يبدو عليه الالتواء.. ويدعو أتباع أهل البيت للالتزام بطريق أهل البيت 
والسير على تمجهم لإرساء قواعد الشورى... ويدعو الشيعة الى السير على نمج أهل الأئمة 
بالتخلص من أوهام المتكلمين وفرضياتهم, من علماء الشيعة ومتكلميهم ..". ١١"‏ 


هذا هو أهم ما جاء في كتاب الدكتور (البروفيسور) الشيخ محمد حسين الصغير (الفكر الإمامي 
من النص حت المرحعية). 

وإذا ما أردنا أن نلخص كلامه في سطورء فانه يمكن القول: انه يعتقد بنشوء المذهب الشيعي 
الإمامي الاثني عشري في عهد الرسول الأعظم محمد (ص) واستمراره الى اليوم؛ وعدم حدوث أي 
تطور فيه وان الحركات الشيعية الأخرى التي بلغت السبعين» ما هي إلا انشقاقات جانبية عنه. 
على العكس مما قلت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) من تطور الفكر السياسي الشيعي 


١15 دص‎ 


:5 داص لالا١‏ 


123 


124 


من موضوع الولاء والحب لأهل البيت» الى القول بأحقيتهم؛ وحصر الحق في الإمامة والخلافة بحم؛ 
ثم انشقاق الشيعة »وحدوث فريق جديد يحصر الحق بالإمامة في البيت الحسيني» ثم ولادة فريق يقول 
بقانون الوراثة العمودية» وتذبذب الامامية بين الإسماعيلية والفطحية والموسوية والقطعية» ومواجهتهم 
للتحديات في رفض أهل البيت لنظريتهم» وحدوث مشكلة البداء» ووصول الإمامة الى أطفال 
صغار» وأخيرا وصول النظرية الى طريق مسدود بوفاة الإمام العسكري دون خلفء واختراع ولد 


موهوم له ثم انقراض الفكر الإمامي» وغيبة الشيعة. 


ويلاحظ أن الدكتور الصغير لم يأحذ الأفكار التي طرحتها فكرة فكرة بصورة كاملة» ليرد عليها 
بحذافيرها » وائما احتار بعض النقاط المتفرقة منهاء ليرد عليها بصورة منفردة» ولم يتوقف ليناقش 
الروايات والأدلة التي قدمتها على التطورء وانما اكتفى بما يحلو له ويسهل عليه. وردد دائما الصورة 
التقليدية الموروثة والمعروفة عن نظرية الإمامة» واعتبر أي نقد لهذه الصورة أو تشكيك بما هجوما 
على الشيعة والتشيع وأئمة أهل البيت والعلماء والمتكلمين والرواة والنواب» ولست أدري ماذا كان 
يريد مني ؟ أن أمحد وأقدس وأعظم الرحال الذين صنعوا الفكر الإمامي؟ 

ولكي يسوق الصغير النظرية الامامية فانه تجنب بالمرة أية عملية نقد للرواة والروايات التي ذكرها أو 
ساقها لإثبات ما يريد» واتبع منهجا أخباريا حشويا فريدا من نوعه» لا يقبل به أديى باحث علمي 
موضوعي. ورفض أن يفتح عقله على أي سؤال؟ أو التفكير في أية قضية أو أية مشكلة واجهت 
الفكر الإمامي في تاريخه الطويل» واضطر الى ان يغمض عينيه عن كثير من أحداث التاريخ» أو 
يقرأها بعيون إمامية منحازة سلفا. فقد رفض مثلا حدوث البداء في عملية تسمية الأئمة» وهي قصة 
يذكرها علماء الامامية الاثني عشرية» وتدل على عدم وحود القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني 
عشر من قبل» وعلى غموض تسلسل الأئمة حتى لدى الأئمة وأصحابهم وخاصة شيعتهم؛ فضلا 
عن عامة الشيعة أو عامة المسلمين. وكان يجدر بالدكتور الصغير التوقف عند هذه القصة قليلا 
ليدرسها أو يفكر فيها قليلاء ولكن تمسكه بأفكاره الموروثة عن قدم الفكر الإمامي» جعله يرتحف 
ويرفض النظر الى تلك الحقيقة التي تدسف كثيرا من موروثاته الساذجة والأسطورية. وكذلك رفض 
استماع الحديث عن (الحيرة) التي عصفت بشيعة الإمام العسكري, وألفوا فيها الكتب مثل (الإمامة 
والحيرة) لعلي بن بابويه الصدوق. وبدلا من أن يناقش موضوع الحيرة التي تدل على غموض الخلف 
والتي أدت الى تفرق الشيعة الى أربعة عشر فرقة حسبما يقول النوبختي والأشعري القمي والمفيد 
والطوسي والمرتضى وكل مؤرحي الشيعء فانه ارتضى لنفسه القول:" انما افتراضات وتمحلات لا 
يعضدها نص علمي ولا يوثقها سند تاريخيءوانما هو التشكيك المتعمد المتكيء على الاستبعاد". 


125 


ولست أدري من الذي يستبعد؟ ماذا؟ أنا الذي اعتمد على التاريخ الشيعي» الذي لا يحب 
الصغير قراءته؟ أم هو الذي يحاول قراءة التاريخ وكتابته حسبما يشتهي» وينسجم مع نظرياته الوهمية 
والأسطورية؟ 

وكنا نتوقع أن يتوقف الدكتور ولو للحظات عند ما يسمى بالدليل التاريخي الذي يثبت أو لا 
يثبت ولادة ووحود "محمد بن الحسن العسكري" والذي بحشناه في فصل كاملء فإذا به يختصر الكلام 
في سطور قليلة ويريح نفسه من عناء البحث والحديث» ويستعير نصوصا من السيد المرتضى والشيخ 
الطوسي تفترض بصورة "عقلية" وحود الولد للإمام العسكري, ليدعي بعد ذلك :" ان البرهان 
التأريخي كان قاطعا على وجوده بالولادة» وبمشاهدة أهل بيته له وبمعرفة جملة من أصحاب أبيه له 
عندما شاهدوه وهو صبي يدرج". ويستشهد ببعض الروايات التي تقول أن الإمام العسكري أخبر 
عددا من مواليه بولادته» وأنه أرسل أموالا اليهم ليعقوا عن ولدهء وأنه كان يعرضه على بعض 
أصحابه. 

ان الصغير يذكر هذه الروايات بدون أي تحقيق في أي سندء ويقول في نفس الوقت» بتناقض 
عجيبء ان الإمام العسكري قد تكتم على ولادة ابنه» فهو ثما ينبغي أن يكون لتعقب الدولة 
العباسية له» ولعلم سلاطينها بأنه سيولد» ويشبه الخوف الذي يدعي انه كان محيطا بولادته بالخوف 
الذي كان محيطا بولادة النبي موسى عليه السلام. 

ولا يفكر الصغير ذرة واحدة فيما ينقل ويقول» فهو من جهة يدعي الخنوف الشديد والكتمان» 
ومن جهة أخرى يشير الى اعلان الإمام العسكري لمولده والعق عنه. 

لقد استعرضت في كتابي جميع الروايات والإشاعات التي ذكرها المتأحرون في القرن الرابع والخامس 
» كالصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي والنعماتي وغيرهم» ودرستها رواية رواية وراويا راوياء وبينت 
التناقض الموحود فيها » وانعدام الإسناد» وصدورها عن كذابين ووضاعين وبجهولين» بحيث لا يجوز 
الاعتماد عليها مطلقاء ولكن الدكتور الصغير يرددها من دون تفكير» ويتعجب بعد كل ذلك 
قائلا:" وإذا أنكر الكاتب كل هذاء فهل يستطيع نكران النواب الأربعة» وهم العدول الثقاة عند 
جميع المسلميق" : 

وأقول للشيخ الصغير لماذا تتعجب من ذلك؟ فكر قليلا وسوف يزول عجبك؟ 

ولماذا تفترض الثقة بمؤلاء المدعين للنيابة» وقد كان ينافسهم عشرون آخرون» كل منهم يدعي 
النيابة لنفسه ويكذب الآخرين؟ فلماذا تصدق هؤلاء الأربعة وتكذب العشرين الباقين؟ وما هو 
دليلك على صحة كلامهم؟ خصوصا واتحم يؤسسون لعقيدة دينية بلا آية من القرآن الكريم » ولا 
حديث من الرسول» وخلافا لأقوال الأئمة من أهل البيت وخصوصا للإمام العسكري الذي توفي 


دون خحلف ودون ان ينص على أحد أو يذكر وحود ولد له في الظاهر؟ ولماذا ترفع يدك عن الظاهر 


126 


وتقبل قول مدعي النيابة الباطني» والذي يحمل شبهة لحم أن يكونوا يحرون النار لقرصهم؟ وإذا كنت 
تقبل قول هؤلاء النواب الأربعة» فلماذا لا تقبل قول أشخاص آخرين من أصحاب الإمام الصادق 
ادعوا وحود ولد لابنه عبد الله الأفطح, وقالوا انه المهدي المنتظر وانه سوف يظهر في المستقبل؟ لماذا 
ترفض قول هؤلاء وتقبل قول أولئك؟ وعلى أي أساس؟ 

ان التاريخ الشيعي يقول ان أخحا الإمام العسكري حعفر بن علي أنكر وجود ولد لأخيه » وان 
أمه (حديث) استلمت إرئه» ول تعرف له ولداء وان جارية له يقال لها نرحس ادعت اتما حامل» أو 
ظنت أتما كذلك » ربما لتأخر الطمث عنهاء ثم تبين كذبماء فمن هم أهل البيت الذين شاهدوه؟ 
وهل درست الروايات أو الإشاعات التي اختلقت فيما بعد وادعت ذلك؟ 

لقد كانت قراءتنا الخاصة عن تطور الفكر السياسي الشيعي» محاولة احتهادية لإعادة قراءة 
التاريخ الشيعي» وكان يفترض بالدكتور (البروفيسور) الشيخ الصغير أن يقوم برد علمي بارس فيه 
قدرا من التحقيق والاجتهاد, لا أن يردد كالببغاء المفاهيم والإشاعات الموروثة» بتقليد أعمى لا 
يناسب شهاداته التي يحملها على صدره. 

وإذا كان هو يلتزم بقدسية الفكر الإمامي الموروث الذي لا يقبل نقضا ولا رداء كما يقولء» فانه 
لا يستطيع أن يمنع الآخرين من طرح ذلك الفكر على بساط البحث والتحقيق العلمي» وقبوله كله 
أو رفضه كله؛ وليس فقط اختيار بعضه أو رفض بعضه. 

وإذا لم يستطع الدكتور الصغير ان يثبت وحود وولادة "محمد بن الحسن العسكري" فان كل 
"أدلته" الأخرى تذهب أدراج الرياح» لأنما تصبح افتراضات فلسفية وهمية وحيالية ظنية» وروايات 
مختلقة فيما بعد» وقد أثبت في فصل آخر من كتابي ضعف واختلاق كل تلك الروايات التي تتحدث 
عن الائني عشرية وعن الإمام الثاني عشرء ويمكنك مراحعتها على موقعي على العنوان التالي 
6.60.1119 أمكللة.187). 

يعتقد الدكتور الصغير أن الفكر الإمامي فكر حي وخالد» وينسى ان الشيعة يعيشون منذ أكثر 
من ألف عام بلا إمام معصوم معين من قبل الله» وانحم قد دحلوا من أجل ذلك في مرحلتين: 
الأولى: الغيبة والتقية والانتتظار» حيث حرموا إقامة الدولة في عصر غيبة الإمام» لاشتراطهم العصمة 
والنص في الإمام» وتحريمهم للشورى وولاية الفقيه» ورفضهم لنظرية الشيعة الزيدية الذين كانوا 
يدعونهم للثورة والقيام خصوصا ف أيام العهد البويهي (الزيدي) في القرنين الرابع والخامس 
الثانية: المرحلة الحديدة التي قالوا فيها بنظرية ولاية الفقيه» والنيابة العامة للفقهاء» وأجازوا لأنفسهم 
الانخراط في العمل السياسي والمبادرة الى تأسيس الدولة الإسلامية» وقبوهم بالنظام الديموقراطي» وهو 
ما يتعارض تماما مع الفكر الإمامي الذي كان يشترط العصمة والنص في الإمام ويحرم الشورى. 


فأين الحيوية والخلود في الفكر الإمامي؟ وماذا يعني الانقراض؟ 
نعم.. انه موحود في الكتب والأذهان» ولكن لا يمكن تطبيقه في الخارج» ولذلك فان الشيعة 
الامامية قبلوا أخيرا بما رفضوه من قبل. 
ألم يقل الشيخ الصدوق:"التقية فريضة واحبة علينا في دولة الظالمين» فمن تركها فقد خالف دين 
الامامية وفارقه. والتقية واحبة لا يجوز تركها الى أن يخرج القائم» فمن تركها فقد دحل في نمي الله عز 
وحل وني رسوله والأئمة (ع) ويجب الاعتقاد أن حجة الله في أرضه وحليفته على عباده في زماننا 
هذا هو القائم المنتظر ابن الحسن. ويجب ان يعتقد انه لا يجوز أن يكون القائم غيره بقي في غيبته 
ما بقي» ولو بقي عمر الدنيا لم يكن القائم غيره"؟ 
ألم يقل الشيخ محمد بن أبي زينب النعماني:"ان أمر الوصية والإمامة بعهد من الله تعالى 
وباختياره» لا من خلقه» ولا باحتيارهم» فمن اختار غير مختار الله وحالف أمر الله سبحانه» ورد 
مورد الظالمين والمنافقين الحالين في ناره"؟ 
رما سيقول الدكتور الصغير: ان المقصود ب:"الإمام" هنا هو الإمام المعصوم» وليس الإمام بمعنى 
الرئيس والخليفة والسلطان والأمير والزعيم؛ وأقول له: راحع كتب الكلام الشيعية الامامية بدقة حتق 
تعرف معنى "الإمام" ومحل الخلاف بينهم وبين بقية المسلمين؛ الذين كانوا يتحدثون عن ضرورة 
نصب الإمام من بعد الرسول لتطبيق الشريعة الإسلامية» وانه ليس سوى الرئيس أو أمير المؤمنين. 
ولا يسعفك أبدا تحوير معنى كلمة (الإمام). 
وقبل أن اخمي ردي على كتاب الشيخ الصغيرء الذي لم يحمل أي رد على كتابي» ولم يكن سوى 
"رفضا" ضعيفا. أود التوقف عند نقطة طرحها في طيات كلامه» وهي موضوع (الأمانة العلمية) واتمامه 
لي بتحريف كلام السيد المرتضى في نقله لرواية العباس بن عبد المطلب. وهي نقطه أثارها عدد ممن 
تصدى للرد علي» فأقول: 
ان كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) ضم ثلاثة أجزاءء وكان يقع في 
ألف صفحة » فاختصرته الى حوالي النصف » وقد ضم أكثر من ثمانمائة وسبع وعشرين إحالة الى مصدر 
» توحيت الدقة فيها والأمانة واعتمدت في كتابته في لندن » سنة ١59557‏ على قصاصات ورقية سجلت 
فيها ملاحظاتي ومصادري أثناء إحراء البحث في قم ومشهد وطهران » وكان الكتاب يتركز حول فرضية 
وجود الإمام الغائب (محمد بن الحسن العسكري) حيث عرضت في القسم الأول منه الأدلة الفلسفية 
العقلية والأدلة الروائية والتاريخية » وناقشتها في قسم آخر لأخلص الى ضعف جميع الأدلة » وان القول 
بوحود ولد ف السر للإمام الحسن العسكري كان افتراضا فلسفيا أكثر منه حقيقة تاريخية ثابتة وبجمع 
عليها بين الشيعة » وان الدافع الرئيسي لذلك الافتراض كان يرتكز على نظرية الإمامة الإلهية لأهل 
البيت الذين استعرضت أقوالحم وتاريخهم ووصاياهم وتحربتهم السياسية وقلت احم كانوا يؤمنون بنظرية 


127 


الشورى ٠‏ وان نظرية الإمامة الإلهية التي تقوم على العصمة والنص والوراثة العمودية كانت نظرية سرية 
باطنية تتستر بالتقية» و انما من احتلاق المتكلمين» ويرفضها أهل البيت في الظاهر » وقد واجهت منذ 
نشوئها في أواسط القرن الثاتي الحمجري تحديات كثيرة وانقسامات عديدة وتطورات مختلفة الى ان وصلت 
الى طريق مسدود بوفاة الإمام الحسن العسكري في منتصف القرن الثالث المحجري دون ان يشير الى 
وحود ولد له في السر يرثه في الإمامة أو يكون خليفة له. وان عامة الشيعة في القرون الثلاثة الأول لم 
يكونوا يؤمنون بنظرية الإمامة ومن آمن منهم بما اضطر للتخلي عنها بعد وفاة الإمام العسكري وانقطاع 
سلسلة الأئمة من أهل البيت. 


وفي معرض حديثي عن بعض الحوادث التاريخية المؤيدة لنظرية أهل البيت في الشورى » ذكرت محاولة 
العباس بن عبد المطلب لسؤال النبي عند الوفاة عن القائم بالأمر من بعده » ودعوته الإمام علي بن أبي 
طالب للبيعة بعد وفاته » ورفض الإمام لحاء وكذلك رفضه الاستجابة لطلب أبي سفيان بمعارضة أبي 
بكر والتأليب عليه » وعدم وصية النبي بالإمامة الى أحد » وقلت في كتابي: ان الشيعة الامامية ينقلون 
تلك الروايات والنصوص المناقضة لنظرية الإمامة» ولكنهم يؤولونها بالتقية أو يفسرونما تفسيرات أخرى » 
واستشهدت بالشريف المرتضى الذي يذكر بعض تلك الحوادث والنصوص في كتابه السجالي (الشاقي) 
دون ان ينكرها أو يردها لضعف في السند ولكنه يؤوها يما يتفق مع عقيدته في الإمامة » حيث يقول عن 
سؤال العباس رحمه الله للنبي (ص):" يحتمل ان يكون سؤاله للنبي عن حصول الأمر لهم وثبوته في أيديهم 
؛ لا عن استحقاقه ووجوبه » يجري ذلك بحرى رجحل نحل بعض آقاربه نحلا وأفرده بعطية بعد وفاته ثم 
حضرته الوفاة » فقد يجوز لصاحب النحلة ان يقول له: أترى ما نحلتنية وافردتني به يحصل لي من بعدك؟ 
ويصير الي؟ أم يحال بيني وبينه؟ ونع من وصوله الى ورئتنك؟ ولا يكون هذا السؤال دليلا على شكه 
في الاستحقاق بل يكون دالا على شكه في حصول الشيء الموهوب به الى قبضته » والذي يبين صحة 
تأويلنا وبطلان ما توهموه قول النبي في حواب العباس » على ما وردت به الرواية: إنكم المقهورون » وفي 
رواية أخرى: إنكم المظلومون" (الشافي ج؛ ص )١١7*‏ 


"وأما الخبر الذي رواه (صاحب المغني) عن العباس من انه قال لأمير المؤمنين: لو سألت النبي عن 
القائم بالأمر بعده » فقد تقدم في كتابنا الكلام عليه وبينا انه لو كان صحيحا لم يدل على بطلان 
النص" (المصدر ص )١٠١١‏ 


وقال المرتضى عن بيعة العباس :" يقال عن هذا جوابان : أحدهما : ان العباس لما بلغه فعل أهل 
السقيفة وقصدهم الأمر من جهة الأخبار » أراد ان يحتج عليهم بمثل حجتهم فسأل أمير المؤمنين بسط 
يده للبيعة ليبايعه فيكون آحذا للحجة من جميع جهاتًا ومضيعا لعذرهم فيما صنعوه » والجواب الآخر: 


128 


ان البيعة لا تناقض النص ولا تدل على بطلانه. واما امتناعه (أي الإمام علي ) عما بذله العباس من 
البيعة فلأنه كان يعرف الباطن » وكلام العباس على الظاهر » وليس يمتنع ان يغلب في ظنه ما لا يغلب 


في طن العباس فلا يكون امتناعه دلالة على صواب ما حرى" (الشافي ج ؛ ص ؟57١)‏ 


ويقول المرتضى عن قصة أبي سفيان وعرض دعمه للإمام علي :" هو خبر متى صح لم يكن فيه دلالة 
على أكثر من تحمة أمير المؤمنين لأبي سفيان وقطعه على حبث باطنه وقلة دينه وبعده عن النصح فيما 
يشير به ولا حجة فيه ولا دلالة على إمامة أبي بكر". 


ان الشريف المرتضى يعرب عن طريقته التأويلية في رفض الروايات والنصوص المخالفة لعقيدته في الإمامة 
إذ يقول :" لا بد ان نطرح كل حبر ناف ما دلت عليه هذه الأدلة القطعية » ان كان غير محتمل التأويل 
؛ ونحمله بالتأويل على ما يوافقها ويطابقها إذا ساغ ذلك فيه". ومن هنا فانه لا يرد الروايات التاريخية 
التي قدمها له القاضي المعتزلي عبد الحبار الهمداني في (المغني) ولا يرفضها لعيب في السند » وانما يحاول 


تأويلها بصورة تعسفية لأنما لا تدسجم مع عقيدته. 


وما يهمنا من الحديث هو موضوع الإمامة العلمية التي أثارها بعض المنتقدين الذين ادعوا بأني أهدف 
من وراء نقلي لتلك الأخبار عن الشريف المرتضى زعزعة الثقة والتشكيك في عقائد بعض الأفراد 
محدودي الثقافة وتضليلهم, أو التلاعب بالنصوص. فأقول: 


أولا : ان الشريف المرتضى رحمه الله ذكر فعلا تلك الروايات ولح يردها » وانما أولما » وهذا اعتراف منه 


ثانيا: حتى إذا لم يعترف المرتضى بتلك الروايات فانه لن يغير من التاريخ شيئا » ولن يؤثر على بجموع 
الروايات الأخرى الواردة في أصح الكتب الشيعية كنهج البلاغة والكافي. 


الثا: ان من يحاول تضليل الئاس والتشكيك في عقائد محدودي الثقافة لا يرسل كتابه أولا الى المراجع 
والعلماء وأساتذة الحوزة وينتظر سبع سنين ويطلب منهم الرد عليه ومناقشته وتنبيهه الى نقاط الضعف في 


بحثه قبل ان يقوم بنشره. 


رابعا: ان سقوط بعض الكلمات أو الإشارات » فرضا » لا يدل بالضرورة على النية السيئة أو الخيانة 
العلمية » ولا يؤثر على أساس البحث » خاصة إذا كان هذا يتعلق بموضوع هامشي جدا لا يقدم ولا 


129 


يؤخر في البحث » فسواء اعترف المرتضى بتلك الروايات أو لم يعترف وذكرها أو ل يذكرها أو نقلها عن 
المغني أو لم ينقلهاء لا يثبت ذلك ولادة ابن للإمام العسكري» ولا ينقذ نظرية الإمامة الإلهية ولا 
يسيدها الى أهل الببيته. 


خامسا: ان تركيز النقد على بضع مصادر في الكتاب فقط » بعد عشر سنين » ينطوي على اعتراف 
ضمني بصحة أكثر من 8٠١‏ مصدر آخر يحيل اليه الكتاب ويقدم شهادة علمية من ال حوزة بقيمة 


الدراسة. 


سادسا : ان التضليل العلمي والخيانة والتدليس يتمثل في إطلاق صفة التواتر والإجماع على حكاية سرية 
احتلف حولا الشيعة الامامية وكانت خلاف الظاهر وهي أسطورة ولادة ابن للإمام الحسن العسكري . 


سابعا : ان العجز عن مناقشة الدراسة والرد عليها أو إثبات وجود الإمام الثاني عشر يدفع بعض 
المتحاورين للبحث عن نقاط جانبية وتضخيمها للتغطية على تحربه من الاعتراف بالحقيقة. 


ولو راجع الدكتور الشيخ محمد حسين الصغير كتابه» لوحد نفسه يقوم بما اتحمني به مرتين: الأولى: 
عندما نسب لي في الصفحة ٠٠١‏ في السطر العاشرء القول بمعجزة تكلم الحجر الأسود وتسليمه على 
الإمام علي بن الحسين في مقابل عمه محمد بن الحنفية» بينما كنت أنا انقل الرواية عن الامامية؛ 
وانتقدهم فيهاء فكيف أقول بما؟ 


الثانية: عندما استشهد بحكاية حوار هشام بن الحكم مع الرحل الشامي في منى؛ وحواره مع ضرار وعبد 
الله بن يزيد الاباضي » في صفحة 85 » والتي ذكرتما في معرض نقل استدلال الامامية على العصمة» 
وليس الإيمان بما أو تبنيهاء بالطبع» ولكن الشيخ الصغير قال عن الرواية الأولى :" وقد أوردها الكاتب 
نفسه", وقال عن الثانية:" وقد ذكرها الكاتب نفسه أيضاء وهي عليه لا له" دون أن يشير بالطبع الى 
رفضي لها بقوة. 


فماذا يعتبر الشيخ الدكتور فعله المتعمد هذا ؟ هل هي أمانة علمية؟ أم ماذا؟ 
- مع الشيخ جواد التبريزي في (رسالة مختصرة في النصوص الصحيحة على إمامة الأئمة 
الإثني عشر). ٠١”‏ 


5005/2 تحع 71773171113 ع 01. اتختطه. 517لا // نم خط - 103 


1130 


في رده على كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي) اعتبر الشيخ جواد التبريزي» نقد نظرية الإمامة 
وفرضية وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري)» عملية تشكيك في المسلمات العقائدية 
الموحودة لدى المسلمين» وبالذات لدى الطائفة المحقة أتباع أهل البيت عليهم السلام» ومحاولة لإلقاء 
الشبهة في قلوب العوام من أتباع هذا المذهب وتشكيكهم في عقيدتهم. وأخذ التبريزي على من يطرح 
تلك الاشكالات نشرها بين عامة الناس من الذين لم يطلعوا بشكل دقيق على حدود تلك المسائل وم 
يفحصوا في أدلتها. وعدم طرحها على علماء الدين المتخصصين ف العقائد والقادرين على إثباتما 
بالدليل القاطع. 

وبالرغم من خلط التبريزي بين العقائد الإسلامية الثابتة كالتوحيد والنبوة والمعاد» وبين النظريات 
المذهبية الخاصة والخرافات والأساطير المتسربة في التراث» واعتبارها من المسلمات العقائدية التي لا يجوز 
التشكيك فيهاء واتحام كل نقد بناء لحاء بأنه "شبهة" فانه حاول مسبقا أن يتعالى على الأسئلة المعقولة 
التي طرحها الكتاب بالإدعاء بأن الكاتب توجه في حديثه الى عوام الناس ليضلهم ويجد بينهم سوقا 
نافقة» وتحرب من مواجهة علماء متخصصين في شئون الدين والعقائد. وهذا حلاف الحقيقة حيث يعلم 
الجميع بأني طرحت مواضيع الكتاب للمناقشة في صفوف الحوزة العلمية في قم وغيرهاء بصورة عامة 
وفردية» ولمدة سبع سنوات» وطلبت من عدد كبير من العلماء مناقشة المسودة قبل طبع الكتاب ونشره» 
ولكني واجهت إعراضا مريبا وتمربا مغلفا باستعلاء واستهانة بالكتاب. ولم يقم أحد بالتصدي للرد على 
الكتاب إلا بعد نشره وتأثيره الكبير على الناس الذين هبوا للضغط على "العلماء" للرد عليه» ومع ان 
بعضهم قد اهتم بالكتاب وقرأه على الأقل قبل أن يرد عليه» إلا ان بعض "العلماء" حاول الرد من دون 
أن يحمل نفسه عناء الاطلاع على ما جاء في الكتاب من مناقشة للأدلة المحتلفة والروايات التي يوردها 
أصحاب نظرية الإمامة ووليدتما فرضية وجود الإمام الثاني عشر. ويبدو ان الشيخ التبريزي كان أحد 
هؤلاء "العلماء" الذين اعتصموا بمسلماتهم الموروثة» رافضين أية محاولة للاجتهاد أو إعادة النظر في نظرية 
الإمامة» من قبل ومن بعد. ورغم أنه وعد بتقدعم إجابة شافية وافية على الأسئلة المطروحة» إلا انه لم 
يتمخض إلا عن (رسالة مختصرة) انطوت على أمور متناقضة واعترافات بوجود غموض ومبررات للشك 
والحيرة. في حين كان يفترض فيه» وفي من يدعي العلم والاجتهاد أو يتبوأ مقعد المرجعية الدينية» أن 
يبادر الى دراسة موضوع الإمامة الذي يعتبره جزءا مهما من العقيدة» ويرد على الإشكالات والأسئلة 


131 


المطروحة بدقة وتفصيلء لا أن يجعل من محرد الرد عنوانا دعائياء وذرا للرماد في العيون» وادعاء فارغا 
بتقدم الجواب الشافي الوائي. 

ولأن رد الشيخ التبريزي على كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي) لم يكن بالمستوى» فاني لم اسمع به 
مطلقاء لولا تنبيه أحد تلامذته لي اليه مؤحرء وادعائه بتقديم الشيخ روايات صحيحة على وجود الإمام 
الثاني عشر ونظرية الإمامة» وهذا ما دفعني للبحث عن الكتاب الى أن وحدته في موقع الشيخ على 
الإنترنت» وقد كان مفاحئة كبيرة لي لأنه لم يكن سوى كراس صغير جداً » أصغر ما توقعت من "مرحع 
ديني كبير" يتصدى لبحث أمر عقائدي يقول انه من المسلمات» ويستنكر من يشكك فيه. 

وبدلا من أن يبحث الشيخ التبريزني موضوع وجود (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) 
بصورة مستقلة» ويبني نظريته في الإمامة بعد إثبات ذلك» فضل اختصار الطريق بمحاولة إثبات نظرية 
الإمامة أو الاثني عشرية والاستنتاج من بعض الأحاديث صحة فرضية وحود الإمام الثاني عشر "ولد" 
الإمام العسكري. ورغم ان هذا طريق معكوس وغير منطقيء فانه لم يفلح في مسعاه هذا أيضا. 

لقد ادعى في البداية :"انه يتعرض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحة والصريحة التي تعين أسماء الأئمة 
(عليهم السلام) ما يقطع الطريق على من يدعي عدم وجود النص عليهم أو على بعضهم, ويثبت أن 
المدعي لعدم وجود النص . لو سلمت نيته . فإنه ضعيف الإطلاع جداً على أخبار أهل البيت وغير 
بصير بأحاديثهم. والتزم أن يكون النص الذي يورده صحيحاً من غير شبهة أو مناقشة". ووعد بأنه 
سيتعرض إلى ذكر النصوص الواردة بشأن إمامة كل إمام بخصوصه. وقال:"ان النص عليهم كان حاصلاً 
بطرق مختلفة" ولكنه اعترف مقدماً "بأن الظروف التي أحاطت بأئمة أهل البيت وشيعتهم الكرام في 
أدوار التاريخ كانت من الصعوبة بحيث كان نقل الحديث الذي ينص على إمامة المعصومين خصوصاً 
الذين كانوا في فترات متأخرة» كان أمراً في غاية الخطورة". 

ولكن هل استطاع الشيخ التبريزي أن يفي بوعده. أو أن يقدم نصا صحيحاً واحداً؟ أم حاول 
التشويش على عامة الناس الذين لا يميزون بين الأحاديث ولا يعرفون الصحيح من السقيم؟ 

قبل أن ننظر في "أدلته الصحيحة" يجدر بنا أن ننبه الى نقطة مهمة وهي ضرورة استقلالية الأدلة 
واتفاق جميع المسلمين عليهاء وإلا فان كل فرقة من الشيعة كالاماعيلية والواقفية» وكل طائفة من 
المسلمين تأ بأدلة وروايات خاصة من شيوحها وعلمائها ورجالحا على صحة مذهبهاء ولا يمكن ان 
تكون كل المذاهب والطوائف صحيحة في وقت واحد مع اختلافها حول أمر معين» ولا بد من النظر 
الى ما تنفرد به من روايات بعين مستقلة خارحة عن إطارها الخاصء فمثلا لو جاء الواقفية وقالوا بأن 
الإمامة محدودة في سبعة وان سابع الأئمة (موسى الكاظم) هو خاتم الأئمة وانه غائب وأنه المهدي 
المنتظر» وحاءوا على مزاعمهم بأحاديث كثيرة قالوا انه صحيحة لأتما مروية عن شيوخهم الثقاة العدول 
في نظرهم, فان قوهم لن يشكل حجة لبقية المذاهب » وان دعواهم بصحة أحاديثهم مشبوهة ومناقشة 


132 


ومردودة» ولا يجوز حتى لهم الاعتماد عليهاء وكذلك إذا جاء الاسماعيليون وقالوا بأن الإمامة في ولد 
إسماعيل بن جعفر الصادق وجاءوا كذلك بأحاديث قالوا عنها أتما صحيحة ومروية عن ثقاتهم وعدوهمء 
فان قوهم لن يشكل حجة بالنسبة لبقية المذاهبء؛ وذلك لأن دعواهم بالصحة والوثاقة مردودة ومشبوهة 
ومناقش فيهاء وكذلك إذا جاء الاثنا عشريون بأحاديث حول نظريتهم الخاصة في الإمامة» قالوا عنها اتما 
مروية عن ثقاتهم وعدوطهم فان ذلك لن يشكل حجة حت لهم فضلا عن بقية الشيعة أو عامة المسلمين» 
وذلك لوحود الشك والشبهة فيهاء ولا بد أن يأتٍ الجميع بروايات يعترف بصحتها جميع المسلمين 
والفرق الأخرى حتى يصح أن يحتجوا بحا لأنفسهم وعلى غيرهم. 

ان الثقة والعدالة التي يدعيها كل فريق لشيوخه ورواته» خاصة في المسائل التي ينفرد بماء لا يعترف بما 
الآخرونء ولا يجوز الاعتماد في التوثيق والتصحيح على رجال المذهب أنفسهم, وانما يجب النظر اليهم 
بصورة مستقلة فإذا ثبتت وثاقتهم وثبتت صحة رواياتحم نأخذ بما » وإذا لم تنبت بصورة مستقلة لا نقلد 
أحدا من أتباعهم فيما يدعون. 

وهذه مسألة واضحة وبديهية» ولكن الشيخ التبريزي يلتف عليهاء ويدعي الصحة والوثاقة لروايات من 
داخل المذهب الاثني عشري, فيقول:"يوحد في مصادرنا الحديفية العديد من الروايات التي تنص على 
تحديد أسماء الأئمة المعصومين (عليها السلام)» ولكن حيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذه 
الرسالة» لذلك سنكتفي بذكر رواية صحيحة صريحة في كل باب (أو روايتين)» وفيها لمن أراد الدليل 
كفاية وغنى. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى أقسام: 


ما ورد من الروايات قُُ تحديد أن الأئمة (عليها السلام) هم من وُلد الحسين (عليه السلام)... فمن 
تلك الروايات: (صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه الله عن محمد بن يحبى عن أحمد بن محمد بن 
عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) من كلام 


يذكر فيه الأئمة.. إلى أن قال "فلم يزل الله يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام, كلما 


مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هاديا". 


ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه الله عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد 
بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق 
النهدي؛ عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي» عن أبي جعفر (عليه 
السلام) قال سمعته يقول: "إن أقرب الناس إلى الله عز وحل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى اللّه 
عليه وآله» والأئمة فادحلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقواء عنى بذلك حسيناً وولده فإن الحق فيهم وهم 


133 


الأوصياء ومنهم الأئمة» فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإد أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم 
فاستغيثوا بالله عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبّوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم 
تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج". 

ويؤيدها ما رواه في كمال الدين» عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى 
عن عبد الله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الحلاللي عن سلمان الفارسي قال: "دخلت على 
النبى صلَّى اللّه عليه وآلهء فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: انف سيل 
ابن سيد» أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم 


إل 


قائمهم . 


القسم الثاني:الروايات التي تنصّ على أسماء الأئمة (ع) بدءاً من الإمام أمير المؤمنين (ع) حتى 
الإمام محمد بن علي الباقر (ع) 

وهي متعددة نكتفي منها بروايتين: 

الصحيحة الأولى: رواها الشيخ الكليني رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس» 
وعلي بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونسء عن ابن مسكان عن أبي 
بصير قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله اللّه عز وجل "'أطيعُوا اللّهَ وَأْطِيعُوا اليَسُولَ ل الأأمر 
منكم" » فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين (ع)» فقلت: إن الناس يقولون فما باله 
ل يسمٌ عليّاً وأهل بيته في كتاب الله عز وجحل؟ فقال: قولوا لحم: إن رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم 

يسمٌ الله لهم ثلاثاً ولا أربع» حتى كان رسول الله هو الذي فسر ذلك ونزلت الركاة ولم يسم لحم من كل 
أربعين درهماً درهم؛ حتى كان رسول اللّه هو الذي فسّر لهم ذلكء ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً 
حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك ونزلت 'أطيعُوا الله وَأَطيعُوا الدسُولَ وأُولي الأمر منكم" 

ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي (من كنت مولاه فعلي مولاه)» فقال (ص): 

أوصيكم بكتاب الله وأهل بي فإني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني 
ذلك؛ وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم, وقال إنهم لن يخرحوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب 
ضلالة. فلو سكت رسول الله فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان» لكن اللّه أنزل في 
كتابه تصديقاً لنبيه "لا يُريدُ اللّهُ لُذهب عَدَكُمْ التتحمن أهل البيت وَيُطَهكُم تطهير" فكان علي 
والحسن والحسين وفاطمة فأدخحلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال :اللهم إن لكل ني 
أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهلي وثقلي. فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير» ولكن هؤلاء 
أهلي وثقلي» فلما قبض رسول الله كان علي أولى الناس بالناس» لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته 
للناس وأخذه بيده فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي . ولم يكن ليفعل . أن يدل محمد بن علي 


134 


ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده.. إذن لقال الحسن والحسين إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما 
أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك» وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك؛ وأذهب عنا الربحس كما 
أذهبه عنك» فلما مضى علي له فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن 
ليفعل ذلكء واللّه عز وجل يقول: 'وَأُولُوا الأرحام بَعضّهم أولّى 'ببَئعض في كتّاب الله" فيجعلها في 
ولدم ]كن لقال لين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك» وبلغ ف زسول الله كنا بلغ 
فيك وف أبيك وأذهب الله عني البجس كما أذهب عنك وعن أبيك» فلما صارت إلى الحسين لم يكن 
أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه» لو أرادا أن يصرفا 
الأمن عن ول يكونا ليقعلام ثم ضارت حين أقضدت إل السين فجرى تأويل هذه الآية 'وأولُوا الأرخام 

َعضّهُم أولَ' يعض ف كتاب الله" ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد 
علي بن الحسين إلى محمد بن علي ثم قال: البحس هو الشكء والله لا نشك في ربنا أبدا". 


الصحيحة الثانية: ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ابن عيسى عن إبراهيم 
بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين حين 
أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع 
إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن: "يا بني أمرني رسول اللّه أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه 
وسلاحه. وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين, ثم أقبل على ابنه 
المونون قال امرك رجيول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثم أحذ بيد علي بن الحسين وقال: وأمرك 
رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول اللّه ومني السلام". 


القسم الغالث:ما نص على أسماء الأئمة (ع) جميعاً 

ومع هذه الروايات التي سوف نذكر بعضها ينقطع عذر كل متعلل لصراحتها وقوتهاء وما يحف بماء 
ففي الأولى نلتقي مع أسماء الأئمة (ع) في سجدة الشكر عقيب كل صلاة» حيث يشهد المصلي ربه 
والملائكة والخلق بمجمل اعتقاداته التي ينبغي أن يلقاه بماء ومنها تولّيه للأئمة الطاهرين من أهل البيت 
(ع) وأنه يتولاهم ويتبرأ من أعدائهم, ولا يخفى الارتباط بين الصلاة وبين ذكر الأئمة الحادين وفضلهم 
على الخلق في تعليمهم معالم الدين. وسنشير إلى هذه الجهة أيضاً في الخاتمة.. 
فمن هذه الروايات: 

الصحيحة التي رواها الصدوق بإسناده عن عبد اللّه بن جحندب عن موسى بن جعفر (ع) أنه قال: 
تقول في سجدة الشكر: "اللهم إن أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خحلقك أنك أنت 
الله ربي والإسلام ومحمداً نبيي وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد 


135 


وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن 
أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأً". 

والصحيحة الأخرى التي رواها الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبي هاشم 
داود بن القاسم المعفري عن أبي جعفر الثاني (ع) قال:"أقبل أمير المؤمنين (ع) ومعه الحسن بن علي 
وهو متكىء على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلسء إذ أقبل رجحل حسن الهيئة واللباس» فسلم 
على أمير المؤمنين» فرد (ع) فجلسء ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني يمن 
علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتحم» وإن تكن 
الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء! فقال له أمير المؤمنين (ع): سلبي عما بدا لك» قال: أخبرني عن 
الرحل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجحل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام 
والأحوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (ع) إلى الحسن» فقال: يا أبا محمد أحبه! قال: فأجابه الحسن؛ فقال 
الرحل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بماء وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بماء وأشهد 
أنك وصي رسول الله والقائم بحجته . أشار إلى أمير المؤمنين . ولم أزل أشهد بماء وأشهد أنك وصيه 
والقائم بحجته . أشار إلى الحسن .. وأشهد أن الحسين بن علي وصي أيه والقائم بحجته بعده» وأشهد 
على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن 
الحسين» وأشهد على حعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد» وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر 
بن محمد» وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن حعفرء وأشهد على محمد بن علي أنه 
القائم بأمر علي بن موسىء وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي واشهد على 
الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رحل من ولد الحسن لا يكّ ولا يستى 
حتى يظهر أمره فيملأها عدلاً كما ملقت جوراًء والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» ثم قام 
فمضىء فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه! فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي (ع) » فقال: 
ما كان إلا أن وضع رجله خارجاً من المسجد فما دريت أين أحذ من أرض اللّهء فرجعت إلى أمير 


المؤمنين فأعلمته» فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال هو الخضر". 


ونتوقف هنا لنقول للشيخ التبريزي ان جميع هذه الروايات الستء التي ذكرها غير صحيحة بل اتما 
ضعيفة جداء وذلك أولاً: لأن التبريزي ذكرها من مصادر الاثني عشرية المتهمة باختلاقهاء وثانيا: لوحود 
النقاش في وثاقة بعض الرواة» مثل أبان» أو وحودهم, مثل سليم بن قيس الحلالي» من قبل علماء الرحال 
الاثني عشريين أنفسهم, وثالثا لوجود الدور الباطل فيهاء حيث تنسب أقوالا أو آراء لبعض الأئمة من 
أهل البيت كالإمام الباقر والصادق» وهي حجة لمن يعتقد بإمامتهم بعد ثبوت ذلكء والمفروض ان 


136 


إمامتهم لم تثبت بعدء فكيف يحتج بأقوالهم على إمامة أنفسهم؟ هذا إذا صحت الرواية عنهم ول يثبت 
تزويرها عليهم من قبل الامامية. 

فالرواية الأولى من القسم الأول ينقلها الكليني عن الإمام الصادق» وهي تتحدث عن انحصار الإمامة في 
ذرية الحسين» وليس فيها تحديد عدد ولا ذكر أسماء بقية الأئمة» ولا حصر الإمامة في موسى بن جعفر 
أو ذريته» بل تشمل الأئمة الاسماعيليين. 

وأما الرواية الثاني من القسم الأول» رواية الصدوق عن أبي حمزة الثمالي» عن الإمام الباقر» فهي بغض 
النظر عن مناقشة سندهاء تشكل رأيا للإمام الباقر وتأويلا منه لبعض آيات كتاب الله وليست رواية 
منه عن رسول الله (ص) ومع ذلك فانما لا تنص على أحد بالإمامة» وتعترف بإمكانية غموض النص أو 
عدم وجود إمام في الخارج (وان أصبحتم يوما لا ترون منهم أحدا). وكذلك الرواية الأخرى التي 
يستعين بها التبريزي لتقوية تلك الرواية» وهي رواية الصدوق عن أبيه عن سلمان الفارسيء والتي لا يحرؤ 
التبريزي على تسميتها بالصحيحة, لوجود الضعف الظاهر فيها من حيث السند» وذلك لعدم رواية 
علي بن بابويه الصدوق لما في كتابه (الإمامة والتبصرة من الحيرة) قبل أن تظهر نظرية الاثني عشرية في 
القرن الرابع المجري. فضلا عن ضعف أبان. 

أما الرواية الأولى من القسم الثاني» فهي مدعاة من الامامية على لسان الإمام الصادقء, ول تثبت عنه 
بطريقة مستقلة» وهي مع ذلك لا تدل على شيء » وانما هي مجرد تأويل متعسف لبعض آيات الذكر 
الحكيم. حيث تدعي نزول آية الطاعة في علي والحسن والحسين» مع أن تتمة الآية تتحدث عن إمكانية 
النزاع مع أولي الأمرء وتأمر بالرجوع الى الله والرسول في تلك الحالة» ما ينفي صفة العصمة والإطلاق في 
الطاعة لأولي الأمرء وهو ما تحاول الرواية ان تثبته لأئمة أهل البيت. وتتضمن الرواية أيضا تأويلا لآية 
التطهير بمعنى العصمة» ومع افتراض صحة هذا التأويل فانه لا يعني الإمامة بصراحة» فضلا عن تحديد 
الأهل بأئمة معينين من أهل البيت» وهذا ما تعترف به الرواية التي تستعين بحديث منسوب الى النبي 
يشرح من المقصود به من الآية» وبعد كل ذلك فان الآية لا تشكل دليلا على الإمامة بالنص» وانما 
الأولوية كما تقول الرواية:" فلما قبض رسول اللّه كان علي أولى الناس بالناس, لكثرة ما بلغ فيه 
رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده". وتتضمن الرواية تأويلا ثالنا مكملا هو تأويل آية ولاية 
الأرحام؛ وهي واردة أساسا في الإرث » ولكن المتحدث يجرها الى الإمامة والسياسة بالقوة» ثم يدعي 
صيرورة الإمامة ف علي بن الحسين وابنه محمد الباقر» وهذا ادعاء بلا دليل» وحصر للإمامة في ذرية 
الحسين مقابل نفيها عن ذرية الحسن. ولا تدعي الرواية وحود نص على ذلك من أحدء بل ان هناك 
روايتين عن الإمام الباقر والصادق تؤؤكد عدم وصية الإمام الحسين لابنه زين العابدين في كربلاء. ولم يكن 
النص على علي بن الحسين معروفا لدى أوائل الامامية في القرن الثاني المجري. ولذلك فاتحم يبنون 
نظريتهم في انتقال الإمامة اليه على أساس المعجزة» وهو ما أكده الشيخ التبريزي الذي نقل رواية الكليني 


137 


(الصحيحة) حول احتجاج محمد بن الحنفية مع زين العابدين» ومنافسته حول الإمامة» ونفي وجود نص 
عليه من الله واحتكامهها الل الحجر الأسود "الذي تطق بقدرة الله: أن الوضية والآمامة بعد الجسين بن 
علي إلى علي بن الحسين". 

وبغض النظر عن صحة هذه الرواية أو كذبماء فاتحا تدل على عدم معرفة محمد بن الحنفية» بوجود 
النص على إمامة ابن أحيه علي بن الحسينء وعدم إذعانه له إلا بعد شهادة الحجر الأسود له بذلك. 
وهذا بالطبع ادعاء أحوف مخالف للحقيقة والتاريخ. 

وبعد تبين حال هذه الرواية» يتبين حال الرواية الثانية من القسم الثاني» وهي رواية الكليني عن سليم 
بن قيس الحلالي» والتي تدعي وصية أمير المؤمنين للحسينء أمام جميع ولده بمن فيهم محمد بن الحنفية؛ 
بوحوب نقل الكتب والسلاح (دليل الإمامة) الى ابنه علي زين العابدين» ثم الى ابنه محمد الباقر. وهو 
الأمر الذي كان ينفيه ابن الحنفية» الذي تصدى لقيادة الشيعة بعد مقتل أحيه الحسين, بعد اعتزال 
الإمام زين العابدين» ثم نقل قيادة الشيعة الى ابنه أبي هاشم عبد الله. وهو ما يكشف عن تأليف 
الامامية لحذه الرواية في وقت متأحرء ويكفي أن أحد رواتما أبان الضعيف باعتراف الشيخ الطوسي» 
فضلا عن سليم بن قيس الحلاي المشكوك بوجوده أصلا. 

وننتقل الى روايات القسم الثالث» وهي التي تنص بصراحة على أسماء الأئمة الاثني عشرء والتي 
يسميها الشيخ التبريزني بصحيحتي الصدوق والكليني» فانهما في الحقيقة روايتان موضوعتان في وقت 
متأخر ف القرن الرابع» بعد نشوء نظرية الاثني عشرية » ولم يكن لمما ذكر في القرون الأولى» يشهد على 
ذلك غموض أسماء الأئمة الاثني عشر في أيام حياتهم» بالنسبة لهم ولخاصة شيعتهم وعامتهم فضلا عن 
عموم المسلمين» ذلك الغموض الذي أدى الى تفرق الشيعة بعد وفاة كل إمام الى فرق عديدة نتيجة 
جهلهم بالإمام؛ وذهابهم يمينا وشمالاء وحدوث البداء في بعض الأئمة مثل إسماعيل بن حعفر الصادق 
ومحمد بن علي الحادي, اللذين أشار اليهما أبواهما ونصباهما ثم توفيا في حياة الصادق والهادي» واضطرار 
الشيعة الامامية للانتقال الى إمام حديدء أو وقوعهم في الحيرة بعد وفاة الإمام السابق» كما حدث 
بالنسبة للإمام الصادق عندما ذهب عامة الشيعة للقول بإمامة ابنه عبد الله الأفطح, ثم انتقلوا الى إمامة 
أخيه موسى بعد وفاته» وكذلك حيرة الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري وتفرقهم الى أربعة عشر فرقة» 


وعدم معرفتهم بحوية الإمام من بعده.*'' 


٠“‏ - يؤكد الصفار والكليني والمفيد والكشي : على ذهاب أقطاب النظرية الامامية كهشام بن سالم الحواليقي ومحمد 
بن النعمان الأحول في البداية الى عبد الله الأفطح “الذي اجمع الناس عليه انه صاحب الأمر بعد أبيه "وذلك لرواية 
الناس عن أبي عبد الله * ان الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة " وإصرار عمار الساباطي وهو من أصحاب الإمامين 
الباقر والصادق على القول بإمامته حتى النهاية. 


138 


ان تاريخ الشيعة يناقض بقوة وحود قائمة مسبقة بأسماء الأئمة من قبل» وهذا ما يدل على تأليف 
القائمة الاثني عشرية بعد رحيلهم بفترة من الزمن» ومن هنا فان تينك الرواتين غير صحيحتين بالمرة 4 
وانما هما موضوعتان ومكذوبتان على أئمة أهل البيت. وقد بحثنا هذا الموضوع بتفصيل في كتابنا (تطور 
الفكر السياسي الشيعي) لدى بحث موضوع الاستشهاد بأحاديث الاثني عشرية على وجود الإمام الثاني 
عشرء ومن أراد المزيد فليراحع» ولكن يبدو ان الشيخ التبريزي لم يلق نظرية على الكتاب» واستعان بما 
حضر في ذهنه من روايات» دون تمحيص ولا تثبت ولا تأمل» وادعى لما صفة الصحة جزافا واعتباطا. 

وبعد أن يعجز التبريزي عن إثبات أصل الإمامة» وحصوصا إمامة علي بن الحسين بالنصوص الصريحة 
والصحيحة» يحاول إثبات إمامة الأثمة الباقين بطرق أوهى وأضعفء فيقول:"بعد أن ذكرنا الروايات التى 
تذكر أسماء الأئمة الطاهرين» نعود ونذكر الروايات الخاصة التي تنص على كل إمام بشخصه.؛ وهي قد 
تذكر الإمام باسمه أرق بالقرينة والصفة» فإن بعض الروايات تعتمد على ذكر أمر» ذلك الأمر يلازم 
كونه إماماً كما سيأقٍ في وصية الإمام الباقر لابنه الصادق (ع) أن يغسله ويجهزه ويكفنه, فإن هذا من 
النص عليه, لما ثبت عندنا من النصوص والإجماع على أن الإمام لا يتولى تجهيزه إلا إمام مثله 
عند حضوره. وقد لا ينتبه لمثل هذه الإشارات إلا من كان على مستوى من الإحاطة بتعابير 
الأئمة. كما نرى أن هشاماً بن الحكم عندما ممع من علي بن يقطين قول الكاظم أن علياً الرضا سيد 
ولده وأنه قد نحله كنيته, فقد استنتج هشام من ذلك أنه نص عليه بالإمامة من بعده. ومثل ان 
يعطيه السلاح والكتب...". 

وهذا اعتراف من التبريزي بعدم وحجود النصوص الصريحة الصحيحة على إمامة بعض الأئمة» وانما معرفة 
ذلك بالقرائن والتأويلات والصفات والإشارات» وان كان بعضها غير صحيح بلمرة» مثل ما يزعم من 
تحهيز الإمام اللاحق للسابق وحضوره عند وفاته. فقد أثبت التاريخ ان الإمام الرضا توفي في خراسان 
وابنه الجواد طفل صغير في المدينة» وكذلك توفي الإمام الجواد في بغداد وابنه على الحادي طفل صغير في 
المدينة» فكيف حضر كل منهما عند وفاة أبيه وهو لم يعلم بما إلا بعد فترة من الزمن؟ وكيف حهز كل 
منهما أباه وصلى عليه وهو طفل صغير لم يتكلف بالصلاة؟ 

ول يستطع التبريزي إثبات إمامة الصادق إلا بالتأويل والجمع والطرح والاستنتاج الخفي» حيث أورد 
رواية وصية الإمام الباقر للصادق بتكفينه ف برده وتعميمه وتربيع قبره» والاستنتاج منها أن المقصود 
الوصية بالإمامة "وأن والوصية هي من علائم الإمامة ينتج ذلك النص على إمامة الصادق (ع)". 


الكلينى, الكافي» ج١1‏ »ص ١ه”‏ - 5ه والمفيد» الإرشاد» ص 255١‏ والصفار» بصائر الدرجات» ص .ه؟ - 


7 » والكشي » الرحال» ترجمة هشام بن سالم. 


139 





ولسنا بحاجحة بعد ذلك لمناقشة الروايات الأخرى التي حاول التبريزي من خلالها إثبات إمامة بقية 
الأئمة بالإشارات والعلائم الخفية» المشكوك في صحتهاء والمنافية للتاريخ الشيعي الذي لم يعرف إمامة 
الأئمة الباقين بوضوح وبصورة مباشرة بعد وفاة الإمام السابق» ما أدى الى نشوء الحركات المختلفة التي 
تشيكت بامافة كل ولد من أولاد الأكمة السابقين. 

وهذا ما اعترف به التبريزي نفسه من حيث لا يشعر عندما علق رواية تعيين الإمام الكاظم لابنه 
الرضا بقوله:"فأنت عزيزي القارئ:ترى هنا أن هشاماً بن الحكم لما كان متبحراً في العقائد, وعارفاً 
باشارات الأئمة في ما يرتبط بموضوع الإمامة» والصفات التي لابد من توفرها في الإمام, فإنه 
بمجرد أن سمع تلك الكلمات وضمها إلى الكبريات الموجودة في ذهنه المرتبطة بموضوع 
الإمامة» فقد انتقل فوراً إلى معنى نص الإمام الكاظم على الرضا (ع) وإن كان مثل علي بن يقطين 
على جلالته ربما لم يتوجه إلى ذلك المعنى بنفس السرعة". 

وعندما كان الشيخ التبريزي بحاول إثبات النص على إمامة علي الحادي؛ نسي الأحاديث السابقة التي 
وصفها بالصحة والتي تضمنت النص على أسماء الأئمة الاثني عشر من قبل» فذكر رواية مناقضة وصفها 
بالصحة أيضاء وهي تقول بأن إسماعيل بن مهران سأل الإمام الحواد عند خروجه من المدينة الى بغداد في 
المرة الأولى عن الإمام بعده» وان الإمام رفض التصريح بذلك. 

وينتقل الشيخ التبريزي الى الحديث عن إمامة الحسن العسكري» دون أن يشير مطلقا الى موضوع 
البداء الذي حدث في النص على السيد محمد بن علي الحادي» ثم وفاته في حياة أبيه» وقول الإمام 
المحادي للعسكري:" ياي أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمراء أو نعمة".”'! وهو ما يدل على عدم 
معرفة الإمامين الحادي والعسكري بإمامة الأخير إلا بعد وفاة أحيه الأكبر السيد محمد. 

ورغم كل ذلك لا يجرؤ الشيخ التبريزي على وصف الرواية التي ينقلها عن يحبى بن يسار القنبري 
حول النص على الإمام العسكري بالصحة» ولكنه يستشهد بحا ويقول:"أوصى أبو الحسن الى ابنه 


*'' - الكليني» الكافي. ج .١‏ ص 55” -- 05707 الصفار» بصائر الدرحات» ص 4775» المفيد» الإرشاد» ص 
07", الطوسي» الغيبة» ص ١77‏ 

وقد روى الكليني والمفيد والطوسي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن العسكري وقت 
وفاة ابنه أبي حعفر .وقد كان أشار اليه ودل عليه » واني لأفكر في نفسي واقول هذه قصة أب إبراهيم وقصة إسماعيل» 
فأقبل الي أبو الحسن وقال : نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي جعفر وصير مكانه أبا محمد كما بدا له في إسماعيل بعدما 
دل عليه أبو عبد الله ونصبه » وهو كما حدثتك نفسك وأنكره المبطلون ..أبو محمد ابني الخلف من بعدي عنده ما 
تحتاجون اليه » ومعه آلة الإمامة والحمد لله. 

الكليني الكافي. ج١‏ » ص7”7/8؛ والطوسي» الغيبةه ص ده و170١.‏ والمفيد» الإرشاد» ص 0273117 واجلسيء البحار» 


5١ صن‎ 


140 





الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر» وأشهدن على ذلك وجماعة من للمواللي". وإذا قبلنا هذه الرواية فاتما لا 


تتضمن تصريحا بالنص على العسكري بالإمامة. 


وبعد تمافت الروايات التي ينقلها الشيخ جواد التبريزني حول الإمامة والأئمة بشكل عام أو خاص» 
وعدم وجود رواية واحدة صحيحة بينهاء ينتقل للحديث عن موضوع وجود «الإمام الثاني عشر محمد 
بن الحسن العسكري) وإمامته» فينقل مجموعة روايات يتردد في وصف أية رواية منها بالصحة, لأنه يعلم 
اتما تأي عبر كذابين مشهورين مثل جعفر بن محمد بن مالك الفزاري» أو أدعياء النيابة الخاصة مثل 
محمد بن عثمان العمريء المتهم باحتلاق شخصية الإمام الثاني عشرء واستغلال اسمه لامتصاص أموال 
الشيعة» فيقول:"وأما الروايات الواردة في إمامة الإمام الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان عجل 
الله فرحه الشريفء وفي صفاته وعلامات ظهوره» وما يرتبط بخريطة تحركه بعد الظهورء وأنصاره» فهي 
كثيرة حداًء حتى لقد ألفت كتب ومجلدات خاصة في هذا الأمر" متغافلا عن قيمة تلك الروايات 
ودلالاتماء ومتهربا من مناقشتهاء كأن كثرة الروايات الموضوعة تشكل دليلا على صحتها. 

وتما يلفت النظر هنا أن بعض الروايات التي يذكرها تشير الى الغموض حول وجود الخلف», واختلاف 
الشيعة وحيرتهم؛ ولكنها تطالب الشيعة بالتسليم بصورة عمياء بلا دليل» بل تمدد من لا يؤمن بوحود 
الخلف بالكفر بالأئمة السابقين وبنبوة رسول الله (ص). 

يقول الشيخ جود التبريزي:"إن الإيمان بالأئمة كل لا يتجزأ وأن الاعتراف بهم من دون الإمام 
الحجة لا يساوي شيئاً وهو كإنكار أمير المؤمنين (ع): ما نقله في كفاية الأثر عن الحسن بن علي 
عن أحمد بن محمد بن يحى العطار عن سعد بن عبد الله عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت أبا 
محمد الحسن بن علي العسكري (ع) يقول:"كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ألا إن 
المقر بالأئمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقر بجميع الأنبياء والرسل ثم أنكر نبوة رسول الله 
(ص) لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أُوّلناء والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلناء أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها 
الناس إلا من عصمه الله" ٠١5‏ 


٠“‏ - وينقل التبريزي روايات أخرى في هذا المضمونء فيقول: قال رسول اللّه (ص) :المهدي من ولدي اسمه اسمي» 
وكنيته كنيتي» أشبه الناس خخلقاً وحُلقاً تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم". وما رواه الشيخ الصدوق 
في كمال الدين ... عن زرارة بن أعين» قال: معت أبا عبد الله (ع) يقول: «إن للقائم غيبة قبل أن يقوم. قلت له: 
ول؟ قال :يخاف وأومأ بيده إلى بطنه. ثم قال: يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من 
يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب, ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين» 
غير أن اللّه تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة, فعند ذلك يرتاب المبطلون". 


141 





وإذا صدقنا هذه الرواية فانحا تؤدي الى تكفير جميع الفرق الشيعية ما عدا الاثني عشرية» فضلا عن 
عامة المسلمين» مع ان الرواية نفسها تتحدث عن غيبة تسبب ارتياب الناس» ولكنها تطالب بالإعان 
بولد العسكري دون دليل. 

وكان يجدر بالشيخ التبريزي أن يتوقف قليلا عند تلك الروايات التي تتحدث عن وجود الولد للإمام 
العسكري» ودراسة أسانيدهاء بدلا من التصديق الساذج والسريع بما روى أدعياء النيابة الخاصة من 
أمثال العمري» الذي تحدث عن رؤيته للمهدي متعلقا بأستار الكعبة» خاصة بعد حدوث الحيرة لدى 
الشيعة الامامية وتفرقهم بعد وفاة الإمام العسكري دون خلف ظاهر الى أربعة عشر فرقة» وتفتيشهم عن 
الولد الى حد اليأس» ما عدا فريق صغير من أصحاب الإمام ادعى وجوده في السرء والنيابة الخاصة 
عنه. وهو أمر يخالف قوانين الشريعة الإسلامية التي تحرم نسبة ولد الى رحل لم يدعه بعد وفاته» مع 
إنكار أهله وعشيرته له وعدم وجود أي أثر له طوال أكثر من ألف عام. 

وكان يجدر بالشيخ التبريزي مرة أخرىء إذا لم يكن قد حقق بروايات وجود الولد للإمام العسكري» 
من قبل أن يحقق بما بعد صدور كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) الذي نسف كل تلك الروايات» 
وأن يلقي على الكتاب نظرة واحدة حتى يتأكد من صحة تلك الروايات» لا أن يبادر الى تكرارها بصورة 
بلهاء» ونشرها بين عوام الشيعة الذين لا يفرقون بين الصحيح والسقيم من الروايات» مستغلا لقبه 


7 ل 


لقد ادعى الشيخ جواد التبريزي في بداية كراسه :"انه يتعرض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحة 
والصريحة التي تعين أسماء الأئمة (عليهم السلام) ثما يقطع الطريق على من يدعي عدم وحود النص 
عليهم أو على بعضهم., ويثبت أن المدعي لعدم وحود النص . لو سلمت نيته . فإنه ضعيف الإطلاع 
جداً على أخبار أهل البيت وغير بصير بأحاديثهم. والتزم أن يكون النص الذي يورده صحيحاً من غير 
شبهة أو مناقشة". ولكنه اعترف في الخاتمة بوحود صعوبات تحول دون النص الصريح عليهم » فقال:" 
وفي الختام ينبغي ذكر ملاحظة هامة وهي: أن الوضع العام الذي عاش فيه الأثئمة (ع) خصوصاً بعد 
شهادة الإمام الحسين كان وضعاً ضاغطاً وعصيباً. وقد حاول فيه الظالمون بكل جهدهم أن 'يُطَفبُوا 
ُورٌ الله بأفواههم" فكانوا يتربصون بالأئمة الدوائر ويبغونحم الغوائل للقضاء عليهم. وهؤلاء الظالمون . في 
العهدين الأموي والعباسي وإن لم يكونوا يقدمون على قتلهم جهراً وعلانية» إلا أنحم كانوا يحاولون ذلك 
غيلة» وشاهد ذلك ما نحده من إقدامهم على دس السم للأئمة(ع) .وهذه الظروف والأوضاع غير 
حافية على المتتبع لأحوالحم؛ والعارف بتأريخهم» ويكفي لمعرفة ذلك» النظر إلى كيفية نص الإمام 
الصادق (ع) على إمامة الكاظم في وصيته له حيث كان العباسيون ينتظرون أن يعيّن بدحو صريح 
الإمام بعده ليقتلوه. فكان أن أوصى لخمسة؛ فضيع عليهم هذه الفرصة» ثم ما حرى على مولانا 


102 


الكاظم (ع) من سجنه ثم قتله» وأيضاً ما حرى من التضييق والاضطهاد للإمام الحادي (ع) ومن بعده 
ابنه الحسن العسكري» ومحاولتهم القبض على خخليفته الإمام المهدي وقتله . بزعمهم .. 
وهكذا ما عاشه الشيعة الكرام من ظروف القمع والتقية» بحيث كانوا لا يسلمون على عقائدهم في وقت 
كان يسلم فيه الكفار في بلاد الإسلام على ما كانوا عليه من ضلالة» ولا يسلم شيعة أهل البيت بما 
عندهم من الحدى. فكان الكشف في هذه الظروف عن أسماء الأئمة المعصومين خصوصاً من كان منهم 
في الفترات اللاحقة» وتناقل النصوص المصرّحة بإمامتهم بين الرواة أمراً في غاية الخطورة على الإمام وعلى 
شخص الناقل أيضاً. ولكنهم مع ذلك قد حفظوا لنا . جزاهم اللّه خير الجزاء . تلك النصوص وتناقلوها 
فيما بينهم بالرغم مما كان يكتنفها من المشاكل والضغوط حتى أوصلوها لناء بحيث تمت بواسطتها الحجة 
على من أنكرء والاحتجاج بما والاستناد عليها لمن آمن. ولهذا فقد أصبحت هذه القضية من 
المسلمات العقائدية لدى شيعة أهل البيت» ولمتواترة إجمالا» بحيث أنحم عرفوا حتى عند أعدائهم 
بتوليهم لؤلاء الأئمة الطاهرين» وميزوا بأنهم (الاثنا عشرية) في إشارة إلى اعتقادهم بإمامة الأئمة الإثني 
عشر. وصار الأمر عند الشيعة بحيث أن من كان لا يؤمن بأحدهم أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه 
الطائفة المحقة". 

وقد حلط الشيخ التبريزي هنا بين أمرين: بين قيام الطائفة الاثني عشرية على أساس مجموعة روايات» 
وبين صحة تلك الروايات» وثبوتحاء بالرغم من وجود الشك ولمناقشة في تلك الروايات بين الشيعة 
أنفسهم» ووجود الشك ولمبررات الشرعية والعقلية التي تحول دون الإبمان بوجود ولد في السر للإمام 
العسكري. وأراد أن يستغل تحول الإيمان بالاثني عشرية ووحجود الإمام الثاني عشرء الى "مسلمة" لدى 
عامة الشيعة » منذ القرن الرابع الحجريء الى تأكيد صحة النظرية» بالرغم من وحود الشك بصحة كل 
الأحاديث التي يوردها الاثنا عشريون واتمامهم باختلاقها في وقت متأخرء واختراع فرضية وجود الإمام 
الثاني عشر لأسباب فلسفية نظرية ظنية. علما بأنه ليس كل "مسلمة" صحيحة وتستند الى دليل 
شرعي» فما أكثر المسلمات الباطلة التي يعتقد بما هذا المذهب أو ذاك أو هذا الدين أو ذاك. وقد قال 
الإمام السيد محسن الحكيم وهو يوصي بعض طلابه:"إياك والمسلمات» ولا سيما في غير العبادات من 
أبواب الفقه. فان كثيرا من المشهورات عند الناس والطلاب, وكثيرا من المرتكزات في الأذهان إذا راجعها 
الفاضل في مظاتما وتأمل فيها وحدها لا واقع لا يعتمد عليه ولا أصل تستند اليه". وقال:" لا يصل 
الإنسان الى النتائج حتى يشكك فيهاء وإنما العثرات والأخطاء الى حسن الظن بما يقوله العظماء من 
المدرسين والمؤلفين" ٠١17‏ 


١9960 الطبعة الأولى بيروت»‎ ». ١58-1١97 كتاب حجر وطين» للشيخ محمد تقي الفقيه» ج4 » ص‎ - ٠" 


143 


-١‏ مع الشيخ محمد باقر الأيرواني في كتابه: (الإمام المهدي بين التواتر وحساب 
الاحتمال)5١٠‏ 


العقائد لا تبنى على الافتراضات 


الشيخ محمد باقر الأيرواني» هو أحد أساتذة الحوزة العلمية في النحف الأشرف وقمء وله 
اختصاص في علم الأصول والحديث» وقد استخدم علمه هذا في الرد على الأسئلة المشككة 
بوجود (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) وخصوصا كتاب (تطور الفكر السياسي 
الشيعي)» الذي ناقش بعض نقاطه » من دون أن يسميه صراحة» وقد ميز في البداية بين فكرتين» 
هما: المهدوية العامة» ومسألة ولادة الإمام الثاني عشرء فقال:" قد يسلّم بفكرة الإمام المهدي 
صلوات الله وسلامه عليه في الجملة» ولكن يدّعى أن هذه الفكرة بعد لم تولد» وإِتما تولد فيما 
بعد فشخص بعنوان الإمام المهدي لم يتحقق بعد» وإذا كان هناك مصلح يتحقق على يديه إزالة 
الظلم فذلك يتحقق ويولد فيما بعد". واعترف بعدم دلالة أدلة المهدي العام على الإمام الثاني 
عشر » فقال:"أؤكد لكم أن هذه الآيات لا تدل على أن هذا الشخص قد ولد الآن وهو موجود 
الآن وغائب عن أعيننا الآنء هذه تدل على أنه سوف يتحقق هذا الحلم وهذه الأمنية في يوم من 
الأيام» الأرض يرثها العباد الصالحون . جميع الأرض . ومن الممكن أن الإمام لم يولد بعد وسوف 
يولد في المستقبل» وتتحقق هذه الأمنية على يده في المستقبل من دون أن يكون مولوداً الآنء 
فمثل هذه الآيات لا تثبت ولادة الإمام وأنه غائب» بل من المحتمل أنه سوف يولد مثل هذا 
الشخص ف المستقبل". وكذلك قال عن الأحاديث العامة. ١١5‏ 

108 _ 

تمهيد0؟ ١‏ ؟ 1#[ متغط. 1/1 214/600161 كلم 14 /3ه 25 ص4 1 /منامء . جه كه م4 1 . 715717 //: خط 
طبع ونشر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب السيد علي السيستاني» قم ؛ إيران 
0 


١5 دص‎ 


144 


ثم تساءل: كيف نتمكن أن نثبت ولادة الإمام المهدي الآن وأنّه قد تحققت ولادته؟ 
وأحاب:"سأحاول إن شاء الله إثبات ولادة الإمام من خلال طريقين: طريق التواتر مرّة» وطريق 
حساب الاحتمال أخرى". ٠١‏ 
وأضاف:"إن أي مسألة تاريخية إذا ما أردنا إِثْباتمحا فهناك طريقان لإثباتما:أحدهما: التواتر. 
وثانيهما: حساب الاحتمال". ثم شرح معن التواتر» فقال:"التواتر كما تعلمون يعني: أن يخبر 
بالقضية مجموعة كبيرة من المخبرين بحيث لا نحتمل احتماعهم واتفاقهم وتواطئهم على الكذب» 
فإذا كان خبر من الأخبار جاء ثلاثمائة شخص أو مائتا شخص أخبرونا به» وكك واحد نفترضه 
من مكان غير مكان الآخرء في مثل هذه ال حالة لا نحتمل تواطؤ الجميع واتفاقهم على الكذب» 
مثل هذا الخبر يقال له الخبر المتواتر. هذا طريق لتحصيل العلم بالقضية والمسألة التاريخية. 

الطريق الثاني: أن نفترض أن الخبر ليس متواترأ» كما إذا أخبر به واحد أو اثنان أو ثلاثة أو 
أربعة أو خمسة من دون تواتر» ولكن انظمّت إلى ذلك قرائن من هنا وهناك» يحصل العلم بسببها 
على مستوى حساب الاحتمال".١١٠‏ وضرب لذلك مثلا بمريض يصاب بمرض عضالء ويأقٍ 
شخص ويخبر بأنَّ فلاناً قد شفي من مرضهء يحصل احتمال أنه شفي بدرجة ثلاثين بالمائة مثلاً 
لكن إذا انضمّت إلى ذلك قرائن فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية من ثلاثين إلى أربعين وإلى 
خحمسين وإلى أكثرء افترض أنّنا شاهدناه لا يستعمل الدواء بعد ذلك وكان حينما يحضر في مكان 
يستعمل الدواء» فهذا يقوّي احتمال الشفاء» وإذا كانت القيمة الاحتمالية للشفاء بدرجة ثلاثين 
الآن ترتفع وتصير بدرجة أربعين مثلا» وأيضاً شاهدناه يجلس في ا مجلس ضاحكاً مستبشرا هذه 
الظاهرة أيضاً تصعّد من القيمة الاحتمالية لهذا الخبر» وهكذا حينما تنضمٌ قرائن من هذا القبيل؛ 
فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية للخبر إلى أن تصل الى درحة مائة بالمائة. ويقول:"هذا الخبر هو 
في الحقيقة ليس خبراً متواتر لكن لانضمام القرائن حصل العلم. فهنا حصول العلم يحصل 
بحساب الاحتمال» يعني بتقوّي القيمة الاحتمالية بسبب انضمام القرائن. 

إذنء حصول العلم بأي قضية تاريخيّة يتم من خلال أمرين: من خلال التواتر. ومن طريق 
حساب الاحتمال بتجميع القرائن". ١١"‏ 

ويذكر الشيخ الأيرواني حقيقة معروفة لدى علماء الأصولء وهي:" أنه لا يلزم في الخبر المتواتر 
أن يكون المخبر من الثقاة» فان اشتراط الوثاقة في المحبر يلزم في الخبر غير المتواتر". 


1١٠١ 


داص ١5١‏ 
ل ع 
0107 ا 


15 





ويضيف:"أرجو أن لا يحصل خلط في هذه القضية بين الخبر المتواتر وبين الخبر غير المتواتر» إذ 
البعض يتصور أنّ مسألة الوثاقة ومسألة عدالة الراوي يلزم تطبيقهما حتى في الخبر المتواتر» هذا غير 
صحيحء بل الذي نشترط فيه العدالة والوثاقة هو الخبر غير المتواتر". ويشرح ذلك بقوله: "أن 
الخبر المتواتر حسب الفرض يفيد العلم, لكثرة المخبرين» وبعد ما أفاد العلم لا معنى لاشتراط 
الوثاقة والعدالة» إذ المفروض أنّ العلم حصلء وليس بعد العلم شيء يُقصدء فلا معنى إذن 
لاشتراط الوثاقة والعدالة في باب الخبر المتواتر» وهذه قضيّة بديهيّة وواضحة في سوق العلم". 

وبعد هذه المقدمة الأصولية يصل الشيخ الأيرواني الى بيت القصيد» فيقول:"على أساس هذه 
القضيّة ليس من الحق وليس من الصواب أن نأي إلى الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي 
(عليه السلام) أو أي قضية ترتبط به ونقول: هذه الرواية ضعيفة السندء الرواة مجاهيل» هذا مجهول 
أو ذاك مجهول» هذه الرواية الأولى إذن نطرحهاء الرواية الثانية الراوي فيها مجهول إذن نطرحهاء 
والثالثة كذلكء الرابعة هكذا و... 

هذا ليس بصحيح. فان هذا صحيح لو فرض أن الرواية كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو 
أربع أو خمس أو عشرء أما بعد فرض أن تكون الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي سلام 
الله عليه قد بلغت حدٌّ التواتر لا معنى أن نقول هذه الرواية الأولى ضعيفة السندء والثانية ضعيفة 
السند لجهالة الراوي والثالثة هكذاء فان هذه الطريقة وحيهة في الخبر غير المتواتر» أمّا في الخبر 
المتواتر فلا معنى لحا" ١١7‏ 

ثم يوضح الشيخ الأيرواني نقطة أصولية أحرى» فيقول:"إذا فرض أن لدينا مجموعة من الأخبار 
تختلف ف الخصوصيّات والتفاصيل» لكن الجميع يشترك في مدلول واحد من زاوية» كما لو فرضنا 
أنّه جاءنا مجموعة كبيرة من الأشخاص يخبروننا عن تماثل ذلك الشخص المريض للشفاء» لكن 
الشخص الأول جاء وأحبر بالشفاء في الساعة الواحدة» والثاتي حينما جاء أخبر بالشفاء أيضاً 
لكن في الساعة الثانية» والثالث حينما حاء أخحبر بشفائه لكن في الساعة الثالثة» فاحتلفوا في رقم 
الساعة» لكن الكل متفق على أنه قد شفي, والخامس أو السادس حاء وأخبر بالشفاء لكن بهذا 
الدواء» والآخر قال بذلك الدواءء» فكان الاختلاف بمثل هذا الشكلء أي: اختلاف في 
الخصوصيّات؛ لكن الكلّ متفق من زاوية واحدة» وهي أنه قد شفي. 

في مثل هذه الحالة هل يثبت الشفاء؟ نعم أصل الشفاء يثبت بنحو العلم". 

ويستنتج من ذلك:" أن الأحبار الكثيرة إذا اتفقت من زاوية على شيء معيّن فالعلم يحصل 
بذلك الشيء» وإن اختلفت هذه الأخبار من الحوانب الأحرى في التفاصيل". ثم يقول:"بعد هذا 


1١11 


-دا ص ١8‏ 


146 


فليس من حقٌّنا أن نناقش في روايات الإمام المهدي (عليه السلام) ونقول: هذه مختلفة في 
التفاصيل» واحدة تقول بأنّ أم الإمام المهدي اسمها نرجحس والثانية تقول أنّْ أم الإمام اسمها 
سوسن والثالئة تقول احمها شيء ثالثء أو أن واحدة تقول وُلد في هذه الليلة والثانية تقول وُلد في 
تلك الليلة أو واحدة تقول وُلد في هذه السنة والأحرى تقول في السنة الأخرى, فعلى هذا 
الأساس هذه الروايات لا يمكن أن نأحذ بماء وليست متواترة وليست مقبولة» لأنما تختلف في 
التفاصيلء ولا تنفع في إثبات التواتر وفي تحصيل العلم بولادة الإمام سلام الله عليه لأتما مختلفة 
ومتضاربة فيما بينها حيث اختلفت بهذا الشكل. 

إنه باطل» لان المفروض أن كل هذه الأخبار متفقة في جانب واحدء وهو الأخبار بولادة 
الإمام سلام الله عليه» ولئن احتلفت فهي مختلفة في تفاصيل وخصوصيات أخرى» لكن في أصل 
ولادة الإمام هي متفقة» فالعلم يحصل و«التواتر يثبت من هذه الناحية". ١١4‏ 

وقد حاول الشيخ الأيرواني الرد بذلك على الملاحظات التي طرحتها في كتابي (تطور الفكر 
السياسي الشيعي) حول غموض واضطراب التفاصيل المحيطة بقصة ولادة ابن الحسن العسكري. 

ثم انتقل الشيخ الى قاعدة أصولية ثالثة مهمة حداء وهي (عدم جواز الاحتهاد في مقابل 
النص) فقال:"النقطة الأحيرة التي أردت الإشارة إليها: ليس من حق شخص أن يجتهد في مقابل 
النص» فإذا كان عندنا نص صريح الدلالة وتام السند من كلتا الجهتين» فلا حق لأحد أن يأ 
ويقول أنا أحتهد في هذه المسألة". 

ثم بنى عليها قائلا:"على ضوء هذا أخرج بهذه النتيجة أيضاً: ليس من حق أحد أن يقول 
روايات الإمام المهدي أنا احتهد فيها كما يجتهد الناس في محالات أخرىء هذا لا معنى له. لان 
الروايات حسب الفرض هي واضحة الدلالة صريحة وتامة غير قابلة للاحتهاد» وسندها متواتر» 
فالاحتهاد هنا إذن لا معنى له أيضاء فان للاجتهاد مجالاً إذا فرض أن الدلالة لم تكن صريحة أو 
الشيد: م يكن قطعياًء أما بعد قطعية السند وصراحة الدلالة» فالاحتهاد لا معنى له» فانّه اجتهاد 


في مقابل النصّ» وهذه قضية واضحة أيضاً". ٠١‏ 


وبعد استعراض هذه المقدمات الأصولية» انتقل الشيخ الأيرواني الى التطبيق» فقال:" الآن أدحل 
ف البحث وأريد أن أبيّن عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي سلام الله عليه» وسوف نلاحظ 


01 
دص ٠٠١‏ 
ها 


17 


101 


أن هذه العوامل إما تفيد التواتر» أو تفيد اليقين بحساب الاحتمال» كما أوضّح لكم فيما بعد". 
ثم ذكر ثمانية عوامل حلقت لديه اليقين بولادة "الإمام المهدي". 


وكان العامل الأول عبارة عن "الأحاديث الكثيرة المسلّمة بين الفريقين الامامية وغيرهم؛ والتي 
تدلّ على ولادة الإمام سلام الله عليه» ولكن من دون أن ترد في خصوص الإمام المهدي وبعنوانه» 
فهي تدلّ على ولادة الإمام من دون أن تنصب على هذا الاتجاه مثل حديث البِقُلين أو التَقَلّين: 
"'إيّ تارك فيكم الثقلين: كتاب اللهء وعترقٍ أهل بيتي» أحدهما أكبر من الآخر» ولن يفترقا حقٌ 
يردا على الحوض" الذي هو حديث متواتر بين الامامية والاخوة العامة» ولا مجال للمناقشة في 


1 
سندهة . 


"وهذا يدل على أن العترة الطاهرة مستمرة مع الكتاب الكريم» وهذا الاستمرار لا يمكن توجيهه 
إلا بافتراض أن الإمام المهدي (عليه السلام) قد ولد ولكنه غائب عن الأعين» إذ لو لم يكن 
مولوداً وسوف يولد في المستقبل لافترق الكتاب عن العترة الطاهرة» وهذا تكذيب . استغفر الله . 
للبي» فهو يقول: "ولن يفترقا حتى يردا على الحوض" هذا لازمه أن العترة لحا استمرار وبقاء مع 
الكتاب الى أن يردا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)» وهذا لا يمكن توجيهه إلا بما قلت: إن 
الإمام المهدي سلام الله عليه قد ولد ولكنه غائب» وإلاً يلزم الأخبار على لاف الواقع. 

وهذا حديث واضح الدلالة» يدل على ولادة الإمام سلام الله عليه» لكن كما قلت هذا 
الحديث دلم يرد ابتداء في الإمام المهدي. وا هو منصبٌ على قضيّة ثانية: "وإتمما لن يفترقا" 


لكن نستفيد منه ولادة الإمام بالدلالة الالتزامية".7١١‏ 


"الحديث الثاني: حديث الاثني عشرء وهذا أيضاً حديث سل بين الفريقين» يرويه البخاري 
ومسلم وغيرهما من طرق أهل السنة» ومن طرقنا أيضاً قد رواه غير واحد كالشيخ الصدوق مثلاً في 
كمال الدين والحديق مقول عن حابر ين شفرة بزوهةا الحذييك«من المسلمات أيضا ليس له 
تطبيق معقول ومقبول إلا الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام). 

وجاء البعض وحاول تطبيقه على الخلفاء الراشدين واثنين أو ثلاثة من ببي أميّة واثنين أو ثلاثة 


من بنى العباس. إن هذا تطبيق غير مقبولء وكلتة شخص يلاحظ هذا الحديث يجده إحباراً غيبيا 


1 


دض 712 


1١1١/ 


-ا ص 5" 


145 


من النبي (صلى لله عليه وآله وسلم) عن قضية ليس لما مصداق وجيه ومقبول سوى الأئمة 
صلوات العلية الاني م 


وهذا الحديث يدل بالملازمة على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه إذ لو لم يكن مولوداً 
الآنء والمفروض أن الإمام العسكري توتيء ولم يحتمل أحد أنه موجود. إذن كيف يولد الإمام 
الملهدي من أب هو متوف. فلابدٌ وأن نفترض أن ولادة الإمام (عليه السلام) قد تحقّقتء وإلآ هذا 
الحديث يعود تطبيقه غير وحيه.فهذا الحديث بالدلالة الالتزامية يدل على ولادة الإمام صلوات الله 
وسلامه عليه. 

الحديث الثالث الذي أريد أن أذكره في هذا المحال حديث أيضاً سل شددا ون الفرشينه 
وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):"من مات ول يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة", هذا 
أيضاً يرويه أهل السنة» ويرويه الشيخ الكليني في الكافي» فهو مسلّم عند السنّة والشيعة. 

فإذا لم يكن الإمام المهدي (عليه السلام) مولوداً الآنء فهذا معناه نحن لا نعرف إمام زمانناء 
فميتتنا ميتة جاهلية.فالحديث يدل على أنّ كلك زمان لابدٌ فيه من إمامء وكله شخص مكلف 
بمعرفة ذلك الإمام ومكلّف بأن لا يموت ميتة جاهلية» فلو لم يكن الإمام مولوداً إذن كيف نعرف 
إمام زماننا؟. 

هذه أحاديث ثلاثة» وإن لم تكن منصبّة على الإمام المهدي صلوات الله عليه مباشرة» ولكتّها 
بالدلالة الالتزامية تدلٌ على أنّ الإمام سلام الله عليه قد ولد وتحققت ولادته". ١15‏ 

ان هذه الأحاديث في الحقيقة تشكل أساس النظرية الإمامية» والاثنئي عشرية» وهو ما عرف 
بالدليل العقلي الذي يفترض وجود الإمام الثاني عشرء وولادته» قبل النظر الى الواقع التاريخي» 
وربما كان الشيخ الأيرواني أول من يعترف بصراحة بعدم دلالاته بصورة مباشرة » وانما بالدلالة 
الالتزامية» ولكنه لم يكتف به فقطء وانما أضاف اليه سبعة عوامل أخرى يقول اتما ولدت لديه 
اليقين بمولد الإمام الثاني عشر. 


ومن تلك العوامل:" إخبار النبي والأئمة صلوات الله عليهم بأنّه سوف يولد للإمام العسكري 
ولد يملا الأرض قسطاً وعدلاً ويغيب» ويلزم على كل مسلم أن يؤمن بذلك". 

ويستعرض الشيخ الأيرواني مجموعة أحاديث بحذا المضمون نقلها الشيخ الصدوق في كتابه 
([كمال الدين)» ثم يقول" هذا فقط ما يرويه الشيخ الصدوق ...ولا أريد أن أضمٌ ما ذكره 


1١18 


حون 1 


11 


- ص 7" 


149 


الكليني في الكافي. والشيخ الطوسيء وغيرهما » وربما آنذاك يفوق العدد الألف رواية. وبمذا 
المضمون أو قريب منه أحاديث كثيرة» وبعض الأحاديث تذكر أسماء الأئمة صلوات الله عليهم... 
وهي تشكل في الحقيقة مئات الأحاديث في هذا المحال. وبعد هذه الكثرة فهي من حيث السند 
متواترة لا معنى للمناقشة فيهاء وهي واضحة غير قابلة للاحتهادء وإلا لكان ذلك اجتهاداً في 
مر مار 

وإضافة الى ذلك» اعتمد الشيخ الأيرواني في بناء يقينه» على "رؤية بعض الشيعة للإمام المهدي 
(عليه السلام)» كما حدّئت به مجموعة من الروايات ...رغم التعتيم الإعلامي الذي حاول الأئمة 
(عليهم السلام) أن يقوموا به رأى الإمام المهدي (عليه السلام)جماعة من الشيعة". 

ونقل رواية عن الشيخ الكليني عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحبى جميعاً عن عبد الله بن 
جعفر الحميري عن أحد النواب الخاصين للمهدي وهو أبو عمرو العمريء أنه رأى بنفسه الإمام. 
ثم علق الشيخ الأيرواني على سند هذه الرواية فقال:"وهذا السند في غاية الصحة والوثاقة» فالشيخ 
الكليني معروف إذا حدّث هو مباشرة بكلام يحصل من نقله اليقين» ومحمد بن عبد الله هو محمد 
بن عبد الله بن جعفر الحميري من الثقاة الأجلّة الأعاظم؛ ومحمّد بن يحبى العطار هو أستاذ 
الشيخ الكليني من الأعاظم الأجلّة» فاثنان من أعاظم مشايخ الكليني الكبار ينقل عنهم» وعبد 
الله بن جحعفر الحميري معروف بالوثاقة والحلالة". 

ثم تساءل:"فهل هذه الرواية قابلة للاحتهاد من حيث الدلالة؟ " 

وأحاب :"هذه الرواية لوحدها يمكن أن يحصل منها اليقين» وهي واضحة في الدلالة على أنه قد 
رئي الإمام صلوات الله وسلامه عليه. وهناك رواية أخرى تنقل قصة حكيمة بنت الإمام الحواد 
سلام الله عليه» وهذه القصة مشهورة» ولكن لا بأس أن أشير إلى بعض مقاطعهاء وهي مذكورة 
وكات كنال الدين وا 

وأضاف الى هذه الروايات قصة عرض الإمام العسكري لابنه أمام أربعين شخصا من أصحابه. 
قبيل وفاته» ثم قال:"هذه أربع روايات نقلتها لكم, والروايات في هذا الصدد كثيرة جدّاً» وحسبنا 
ما روي في رؤية الإمام الذي هو في الحقيقة يمكن أن يشكل مقدار التواتر". ١١١‏ 

وقال الشيخ محمد باقر الأيرواني : إن عوامل أخرى ساهمت في بناء يقينه حول وجود الإمام 
الثاني عشرء مثل توقع الشيعة في الأحيال السابقة لغيبة الإمام المهدي» ووحود أدعياء النيابة 


1١١ 


خض 51 
ا “00 
0 000 


1[0 





الكذابين» وخروج التواقيع على أدي السفراء الأربعة» وعدم تشكيك أحد من الشيعة بحمء 
وتفتيش الخليفة العباسي المعتمد لبيت الإمام العسكري بحثا عن الولد» واعتراف المؤرحين والنسابة 
السنة بولادته» وتباني الشيعة واتفاقهم منذ زمان الكليني والصدوق وإلى يومنا هذا على فكرة 
الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته» واعتبارها أصلا من أصول المذهب الشيعي» وعدم تشكيك 
أحد منهم في ولادته طوال التاريخ. وكل هذه قرائن على صحة هذه النظرية وتورث اليقين. ثم 
احتتم كلامه قائلا: 

" نحن إِمَا أن نسلّم بكثرة الأخبار وتواترها ووضوح دلالتها على الغيبة» ومعه فلا يمكن لأحد 
أن يجتهد في مقابلهاء لأنه احتهاد في مقابل النص. 

أو لا نسلّم التواتر» ولكن بضميمة سائر العوامل إلى هذه الأخبار . التي منها: تباني الشيعة, 
وكلمات المؤرحين» ووضوح فكرة الإمام المهدي وولادته بين طبقات الشيعة من ذلك التاريخ 
السابق» وتصّرف السلطة» ومسألة السفارة والتوقيعات» وغير ذلك من العوامل . يحصل اليقين 
بحقانية القضية. 

إذن نحن بين أمرين: 

أما التواتر» على تقدير التسليم بكثرة الأخبار وتواترها. 

أو اليقين» من حلال ضم القرائن على طريقة حساب الاحتمال".""١‏ 


بين الاجتهاد والتكرار 


ونقول للشيخ الأيرواني حفظه الل ان بحثه هذا هو عمل احتهادي» وقد سبقه اليه الشيخ 
النعماني والصدوق والمفيد والمرتضى والطوسيء والذين قالوا بوجود "الولد للإمام العسكري" على 
أساس الاحتهاد والنظر في مجموعة أخبار ومقالات ونظريات فاستنتجوا منها حتمية وحود الولد» 
وعدم جواز خلو الأرض من إمام معصوم. وان القضية لم تكن ف تلك الأيام بمستوى من 
الوضوح بحيث تمنع أحدا من التوقف عن الانصياع» وانما حصل فيها حدل طويل» وتفرق الشيعة 
الى فرق عديدة» وعانوا فترة من الحيرة» حتى سموا ذلك العصر :"عصر الحيرة" وألف الشيخ 
الصدوق علي بن بابويه كتابا بمذا الاسم (الإمامة والتبصرة من الحيرة). وقال أبو سهل إسماعيل 
بن علي النوختي في كتابه (التنبيه) - الذي ألفه فيما يسمى بالغيبة الصغرى -:"إن الشيعة قد 
علموا بوحود ابن الحسن بالاستدلال" وكذلك النعماني ابن أبي زينب في كتاب (الغيبة). 


1531 


ولو كانت النصوص واضحة وصريحة» وتمنع من الاجتهاد, لما وقع الشيعة في تلك ال حيرة المهلكة 
التي يصفها النعماني بقوله :"ان الجمهور منهم يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ والى 
متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ .. فمنهم من يذهب لى أنه ميت» ومنهم من ينكر ولادته ويجححد 
وحوده بواحدة» ويستهزئ بالمصدق به - الى أن يقول- أي حيرة أعظم من هذه التي أخرحت 
من هذا الأمر الخلق العظيم والحم الغفير؟ ولم يبق من كان فيه إلا النزر اليسير» وذلك لشك 
الا 

وهذا ما يؤكد أن الأخبار الكثيرة "المتواترة" التي يتحدث عنها الشيخ الأيرواني» لم يكن لما وحود 
في ذلك الزمان» وان القرائن التي يستشهد بما ويدعي أتما تورث اليقين» فلم يكن لما دور في 
"'عصر الحيرة" وانما اختلقت فيما بعد» وان من قال بوجود الولد للإمام العسكري فقد قال به عن 
طريق الاجتهاد المبني على الظن والتخمين والافتراض «التأويل والروايات الضعيفة والإشاعات 
المتهافتة. 

وإذا كان السابقون قد "اجتهدوا" وتوصلوا الى ما توصلوا اليه» فان من الضروري جدا ان 

نعيد النظر في احتهادهم, ولا نقلدهم تقليدا أعمى» ومن الممكن أن نصل الى نتيجة مغايرة. وإذا 
كان الشيعة الاثنا عشرية قد اتفقوا فيما بعدء أو تبانوا على فكرة معينة» فلا يجوز أن نعتمد على 
رأيهم» لأنه ليس حجة أمام الله ولا بد أن ننظر في أدلتهم وبراهينهم» فإذا وجدناها ضعيفة 
وبدون حجة قوية» فلا يجوز لنا اتباعهم» حتى إذا مشى آباؤنا عليها ألف عام. 

ولست أدري كيف يرفض الشيخ الأيرواني الاجتهاد في موضوع وجود الولد للإمام العسكري, 
ككذه الصورة القاطعة؟ هل خوفا من انكشاف الحقيقة؟ والحقيقة هدف كل مؤمن وعالم. أم ماذا؟ 

ان تعريف الشيخ الأيرواني للتواتر صحيحء ولكن تطبيقه على موضوع ولادة ابن الحسن 
العسكري, غير صحيح بالمرة» لأن التواتر يفترض وجود العلم القطعي» ولم توحد قضية غامضة 
ومشكوك فيها مثل قضية وجود الإمام الثاني عشر. وقد اعترف الشيخ الأيرواني نفسه "بأن أوّل 
من شكك في الولادة جعفر عم الإمام المهدي (عليه السلام)» لعدم اطلاعه على الولادة» ووجود 
تعتيم إعلامي قوي على مسألة ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)» نتيجة الظروف الحرجة المحيطة 
بالإمامة في تلك الفترة» حتى أنه لم يجر الأئمة التصريح باسم الإمام المهدي. فجعفر ما كان 
مطلعاً على أن الإمام العسكري (عليه السلام) له ولد باسم الإمام المهدي؛ لذلك فوجئ بالقضية 
وأنكر أو شكلة ف الولادة 150 


ع - النعماني» الغيبة» ص ١١”‏ و850١‏ 


1 


داص 1 7 


1032 


ومن هنا فانه يستحيل ادعاء التواتر حول موضوع الولادة أو حصول اليقين فيها. وبما أن خبر 
وحود الولد للإمام العسكري, كان سريا ومخالفا لأقوال الإمام الظاهرية» وسيرة حياته السابقة» وقد 
رفض الاعتراف به أهل بيت الإمام؛ فان الالتزام به يحتاج الى العدالة والوثاقة والاطمئنان التام. إذ 
انه حسب الفرض ليس متواترا وانما خبر آحادء ولم يحصل العلم به. "وهذه قضيّة بديهيّة وواضحة 
في سوق العلم". 

وقد قال الشيخ المفيد:"ما روي من سخبر الواحد... ولو رواه ألف إنسان وألف ألف لما حاز أن 
يجعل ظاهره حجة في دفع الضرورات وارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات". ١7‏ 

ومن هنا فان من الحق والصواب أن نأتي إلى كل رواية رواية وننظر في سندها بدقة» حتى نميز بين 
الحقيقة والأساطير. 

ولو كان التواتر موجودا وحاصلا حول دعوى وجود الولد» كما هو حاصل مثلا حول وجود الإمام 
العسكري نفسه. فانه لم يكن يجوز لنا التوقف عند التفاصيل واختلافهاء فلو جاءتنا عدة روايات مثلا 
تتحدث عن أسماء مختلفة لأم الإمام العسكريء لما توقفنا عندها طويلاء وذلك لأن الإمام العسكري 
موجود, والخبر حوله متواتر» ولكن الحال يختلف جذريا بين الإمام العسكري» وبين دعوى وجود ولد له 
ومن هنا فان توقفنا عند اختلاف الروايات المتناقضة حول هوية أمه. وتاريخ ميلاده» وطريقة تموه وما الى 
ذلك؛ ويشكل ذلك التناقض والاحتلاف دليلا عن أسطورية الخبر. 

ولو أمعن الشيخ الأيرواني قليلا » لأدرك أن اصل القضية غير متفق عليه» ويكتنفه الشك والغموض. 

ولقد أعجبني الشيخ الأيرواني باعترافه بصراحة بعدم دلالة أحاديث المهدي العامة» على ولادة ابن 
الحسن, كما أعجبني باعترافه الصريح بأن روايات «(الثقلين) تدل على ولادته بالملازمة » وليس بصورة 
مباشرة. أي بالتخمين والافتراض» وهو ما صرح به أيضا في تعليقه على الروايات واستنتاجه منها. حيث 
قال:" هذا يدل على أنّ العترة الطاهرة مستمرة مع الكتاب الكريم» وهذا الاستمرار لا يمكن توجيهه إلا 
بافتراض أن الإمام المهدي (عليه السلام) قد ولد ولكنه غائب عن الأعين ".""' وقال بالنسبة لحديث 
الائني عشرية:" وهذا الحديث يدل بالملازمة على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه إذ لو لم يكن 
مولوداً الآنء والمفروض أن الإمام العسكري توفي ول يحتمل أحد أنه موجود, إذن كيف يولد الإمام 
المهدي من أب هو متوق. فلابكٌ وأن نفترض أن ولادة الإمام (عليه السلام) قد تحقّقت". وكذلك 
بالنسبة لحديث:"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة" الذي يقول عنه يدل على أن كل 


.7 59 -المفيد, الفصول المختارة» ص‎ ٠5 


11 


--ا ص 5" 


153 


زمان لابدّ فيه من إمام» وكلّ شخص مكلف بعرفة ذلك الإمام ومكلّف بأن لا يموت ميتة جاهلية» فلو 
لم يكن الإمام مولوداً إذن كيف نعرف إمام زماننا؟. ١١4‏ 

ان هذه الأحاديث في الحقيقة تشكل أساس النظرية الإمامية» والاثني عشرية» وهو ما عرف بالدليل 
العقلي الذي يقوم على افتراض وجود الإمام الثاني عشرء وولادته. 

وهذا ما تعبر عنه الرواية التي ينقلها الأيرواني عن الكليني عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحبى العطارء 
عن عبد الله بن حعفر الحميري؛ الذي يقول فيها:" اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رحمه الله) عند 
احمد بن إسحاق » فغمزني أحمد بن إسحاق أن أساله عن الخلف, فقلت له: يا أبا عمرو إن أريد أن 
أسألك عن شيء وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه, فإِنَ اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من 
حجّة.... ولكن أحببت أن أزداد يقيناء فانٌ إبراهيم (عليه السلام) سأل ربه عز وجل أن يريه كيف 
بحبي الموتى فقال: أوم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئنٌ قلبي...فخرٌ أبو عمرو ماحد وبكى ثم قال: 
سل حاحتكء فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد؟ . يعني من بعد العسكري . فقال: إي 
والله.... فقلت له: فبقيت واحدة» فقال لي: هات» قلت: الاسم؟ قال: محرّم عليكم أن تسألوا عن 
3 

وهو ما يكشف عن ارتكاز القول بوحود الولد » أصلاء على أساس نظرية عدم خلو الأرض من 
إمام؛ مما يؤدي الى افتراض وحود ولد للإمام العسكري؛ رغم عدم مشاهدته » وعدم توفر الأدلة على 
وحوده؛ سوى دعوى "السفراء والنواب الخاصين" . 

وليس حخحافيا على الشيخ الأيرواني» ان هذه الرواية حبر آحاد» وتنطوي على دور بوجوب قبول خبر 
الآحاد» وقد أثارت أبحاثا طويلة في علم الأصول حول جواز قبول حبر الثقة. وإذا كان الاثنا عشرية قد 
قبلوا هذه الرواية» وصدقوا بخبر الآحاد لرواية من يعتبرونه ثقة وعظيما مثل الكليني ومحمد بن عبد الله 
ومحمد بن يحبى العطار والحميري» والسفير العمريء ولم يحتملوا بحقهم الكذب أو الخطأ. وحصل لديهم 
القطع بصحة كلامهم؛ فان من حقنا التشكيك بصدق العمري نفسه. الذي كان يجر النار الى قرصه 
ويدعي النيابة الخاصة عن إنسان لم تثبت ولادته» كما ادعى أصحاب عدد من الأئمة غيبتهم 
ومهدويتهم والنيابة عنهم. ونحن لسنا مكلفين من الله بتصديق كل من يدعي أمرا لا دليل عليه. ولا نقلد 
السذج الذين صدقوا أولئك الدجالين» خاصة بعد مرور أكثر من ألف عام على دعواهم الباطلة وعدم 
ظهور ذلك الولد المزعوم. 


1١18 


- ص 7" 


1215 


- ص م" 


1*4 


لقد ارتكب الشيخ الأيرواني» أستاذ الأصول والحديث في الحوزة العلمية في النجف وقم, مغالطة كبرى 
عندما ادعى "تواتر" أحاديث الولادة وأراح نفسه من معاناة نقل الإسناد والرجال ودراستهاء فراح 
يتكلم بطريقة خطابية حشوية بعيدة كل البعد عن لغة العلماء والمحققين واحتهدين» بحيث أحذ يحث 
الروايات حثأء ويكيلها كيلا كما فعل لدى استشهاده "بإخبار النبي والأئمة صلوات الله عليهم بأنّه 
سوف يولد للإمام العسكري ولد يملا الأرض قسطاً وعدلاً ويغيب» ويلزم على كل مسلم أن يؤمن 
بذلك". وادعائه وجود مئات الروايات» واتما من الكثرة والتواتر بدرحة " لا معنى للمناقشة فيهاء وهي 
واضحة غير قابلة للاجتهاد وإلآ لكان ذلك احتهاداً في مقابل النص". ٠١١‏ 

ورغم اعتراف الشيخ الأيرواني بوحود التعتيم الإعلامي حول ولادة ابن الإمام الحسنء إذ يروي عن أبي 
القاسم الجعفري :" معت أبا الحسن . يعني الإمام الحادي (عليه السلام) . يقول:"الخلف من بعدي 
الحسن ابني» فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟" فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال:" إِنُكم لا ترون 
شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه". فقلت: فكيف نذكره؟ قال: "قولوا الحجة من آل محمّد". ١١‏ إلا 
انه يقول ان بعض الشيعة رأى المهدي في حياة أبيه» ويقول أن الإمام العسكري أراه أربعين رحلا من 
أصحابه قبيل وفاته» دون أن يبحث الأيرواني مطلقا في سند هذه الروايات» التي بحثتها أنا في كتابي 
وأثبت ضعفها. كما روى قصة حكيمة» وهو يعرف اتما إشاعة مقطوعة لا ترقى الى حبر الآحاد." 
وحسبنا ما روي في رؤية الإمام الذي هو في الحقيقة يمكن أن يشكل مقدار التواتر". ٠”‏ 

وهذا ما يفسر رفض الشيخ الأيرواني للاحتهاد وإعادة النظر في مسألة وحود ابن الحسن. لأن عملية 
"الاستدلال" العشوائية تلك» تعاني من خلل كبير» وتنطوي على مؤامرة ضد الحقيقة. ولا يريد لما 
الكثيرون أن تبرز الى الضوء. 

وفي الحقيقة أن كثيرا ما يصطلح عليه الأيرواني بالأدلة اليقينية» هي ليست سوى أحاديث ضعيفة 
ومختلقة» وتأويلات تعسفية» وافتراضات وهمية وظنية» لا تورث يقينا ولا علما. والغريب أنه أحيانا يقلب 
الأدلة بالمعكوسء مثل أحاديث الغيبة التي اشتهرت في صفوف الشيعة منذ وفاة محمد بن الحنفية» ومن 
بعده الإمام الصادق وابنه إسماعيل وابنه الآخر موسى الكاظمء وغيرهم وغيرهمء من الأئمة الذين 
ادعيت لحم الغيبة والمهدوية» وبالتالي فاتما لا تحمل أي دليل على وجود ابن الحسن أو غيبته» ولكن 


"1 اص لمم 
١‏ - ص هل" 
بن دص 40 


155 





الشيخ الأيرواني» يتخخذ منها قرينا على صحة فرضية وجود الولد للإمام العسكري. ١"‏ وكذلك مثل وجود 
أدعياء النيابة الكذابين » الذين بلغ عددهم العشرين» والذين يلقون بظلالهم على "النواب الأربعة" الذين 
بدفعنا وجود الكذابين الى السؤال عن صدق هؤلاء» وعدم اتفاقهم معهم» والشك بأصل الدعوى السرية 
المشبوهة» ولكن الشيخ الأيرواني يدعي ان وجود النواب الكذابين زاده يقينا. أما حروج "التواقيع" 
المتناقضة والمريبة» على أيدي النواب الأربعة» فقد اعتبره الأيرواني أيضا دليلا على صحة النظري» رغم أنه 
لا يشكل أي دليل» بل ان حاحة النواب الأربعة لعلماء قم» وعدم قيامهم بأي دور علمي» كتصحيح 
كتاب الكافي وتنقيته من الخرافات والأكاذيب والأحاديث الضعيفة» يشكل دليلا على عدم ارتباطهم 
بأي إمام؛ وعدم وجود المنيب. 

ولست أدري كيف اعتبر الأيرواتي» تفتيش المعتمد لبيت الإمام العسكريء» بعد وفاته» بحثا عن الولدء 
دليلا على وحوده » وهو الذي ل يعثر على أحدء كما لم يعثر كثير من الشيعة الذين فتشوا عن الولد 
ولم يجدوا له أثرا. 

وربما كان غريبا جدا اتخاذ الأيرواني اتفاق الشيعة منذ ذلك الحين على فكرة الغيبة» دليلا على صحتهاء 
وهو يعرف أن شيعة الإمام العسكري تفرقوا الى أربعة عشر فرقة» ولم يقل منهم بوجود الولد إلا فرقة 
واحدة. ومع ذلك فقد أثبت التاريخ خطأ إيمانحم بتلك الفكرة أو اتفاقهم عليها. 

والأغرب من ذلك أن يستشهد الشيخ الأيرواني» باعتراف بعض السنة والنسابة في التاريخ» بأمر لم 
يجمع عليه الشيعة» ولم يعرفه أهل البيت» ولم يظهر له أي أثر في التاريخ. ٠"‏ ويعتبر ذلك قرينة تورث 
اليقين فيما يسميه حساب الاحتماللات. 

وف الحقيقة ليس من المفروض أن نتعصب لأخطاء أجدادناء خاصة بعد طول انتظارنا لذلك الإمام 
المفترضء الذي لم يولد قطء والذي لم يخرج الى الآن ولن يخرج في المستقبل. ولا بد أن نفكر بعقولناء 
ونتساءل ما فائدة إمام لا نعرفه ولا يعرفنا؟ وكيف ينقذنا الإيمان به من النار؟ ويميتنا ميتة إسلامية؟ وما 
هي قيمة مئات أو آلاف أو ملايين "الأدلة" إذا كانت النتيجة صفرا؟ ولماذا نصر على افتراض وحوده 
رغم غيبته الطويلة التي لا تنتهي؟ خاصة بعد التزامنا بالفكر الديموقراطي أو الشورى» وتخلينا عن الشروط 
المثالية في الرؤساء» كالعصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية» وقبولنا بالعدالة والكفاءة والإجان. 


”" - يقول:إذا راحعنا كتاب الغيبة للشيخ الطوسي بحده يذكر بعنوان الوكلاء المذمومين وهذا العامل أيضاً لا 
يكون سبباً لتضعيف فكرة الإمام المهدي وولادته وغيبته» بل هذا في الحقيقة عامل للتقوية» إذ يدل على أنّ 
هذه الفكرة كانت واضحة وثابتة» لذلك ادعى هؤلاء الوكالة كذباً وزوراً» وخرجت البراءة واللعنة في حقهم. ص 
.4 


5104 


دص 72 


1536 





- مع السيد صادق الحسيني الشيرازي في كتابيه (المهدي في القرآن) و (المهدي في 
السنة)”7١‏ 


تكفير من لا يؤمن بوجود المهدي 


لم يدرك كثير من القراء أهمية طرح موضوع وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) 
للنقاش؛ كما فعلت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) الذي نشرته 
قبل حوالي عشر سنوات ودعوت حينها لإعادة النظر في هذه الفكرة الموروثة منذ مئات السنين» ولا يزال 
كثير من القراء غير مدركين للعلاقة بين هذه الفكرة وبين المحازر الدموية التي تحدث في العراق اليوم» وربما 
يتساءل الكثير من الأحوة بتعجب: وهل نحن متفرغون لمناقشة هكذا أمور تاريخية قليمة وغيبية؟ 

ومع إيماني بتجاوز عامة الشعب العراقي للخلاف التاريخي القديم بين السنة والشيعة» والذي كان يدور 
في القرون الأول حول أحقية هذا البيت العلوي أو ذاك البيت الحاشمي أو القرشي بالخلافة» واتفاق 
جماهير الطائفتين حول الدستور الليموقراطي الحديد» مما يعني توحدهما حول فكر سياسي جحديد يضع 
جوهر الخلاف الطائفي على الرف؛ ويبشر بغد مشرق» ولكن تمسك بعض رحال الدين» أو بعض 
الحركات والأحزاب الدينية بالتراث السياسي القدم من دون معرفة حقيقة جوهر ذلك التراث» وتضخيم 
عناصر الاختلاف الطائفي الى حد إضفاء الصبغة الدينية عليها وتصويرها جزء من العقيدة الإسلامية 
وضروريات الدين» أدى الى إشعال نار فتنة طائفية عفنة غير ذات معنى معاصر. وبالرغم من رفض عامة 
الشعب للفتنة الطائفية» إلا ان المتطرفين من الفريقين راح يكفر بعضهم بعضاء ويؤحجون ناراً لا تحرقهم 
فقط وانما تحرق الكثير من الناس البسطاء الذين ليس لحم من الوية الطائفية إلا الاسم. 

ومن الواضح ان هؤلاء الطائفيين يجانبون القرآن الكريم الذي يدعو الى الوحدة ويقول:"واعتصموا بحبل 
الله جميعا ولا تفرقوا" أو "إن هذه أمتكم أمة واحدة » وأنا ربكم فاعبدون". ويمزقون الوحدة الإسلامية 
بأحاديث واهية أو تأويلات تعسفية أو اجتهادات مريضة» يحاولون من خلالها تشكيل هويات طائفية 
وعقائد متطرفة منغلقة لا يمكن ان تتعايش مع المسلم الآخر. 


مطغط. 01/01 طقصط روه هط / تق نتط نا /طام». أت ختطك 1ه -؟. 15تانةا// :ماغط - 135 


الطبعة الأولى 5٠.٠‏ ١ه‏ ١٠9١م‏ مؤسسة الوفاء بيروت لبنان 


1537 





وقد كانت عقيدة الإمامة الإلمية لأهل البيت أساس هوية الطائفة الشيعية الامامية» كما كانت عقيدة 
(المهدي المنتظر) وخصوصا (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) أساس وجود الفرقة (الاثني 
عشرية). 

وعلى ضوء هذه العقيدة اتخذ الشيعة الامامية الاثنا عشرية موقفا متميزا من بقية الشيعة وعامة 
المسلمين» كما اتخذ الآخرون موقفا مضادا منهمء وقد كان الخلاف بينهم سياسيا ولكنه اتخذ صبغة 
دينية فيما بعد وربما كان في البداية عنيفاء ولكنه ذاب عبر التاريخ حتى لم يعد له وحود أو مبرر أو 
معنى» إلا لدى المتطرفين الذين يتمسكون بعوامل الخلاف الفكرية ويضخمونما الى حد تأجيج الفتنة بين 
الشيعة والسنة اليوم» وخاصة عندما تتوفر ظروف سياسية مناسبة. 

وأبرز مثل على ذلك هو ما قام به ويقوم به تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» من محازر بشعة بحق 
الشيعة في العراق» بعد إعلان الحرب عليهم وتكفيرهم, استنادا الى فتاوى قديمة من علماء سنة أفتوا يما 
ضد الشيعة في أيام الصراعات السياسية الطائفية الغابرة. 

ولا شك ان فتاوى العلماء السنة اليوم بصورة عامة ترفض تكفير الشيعة» وتدعو الى الوحدة والتعايش 
معهم» كما ان فتاوى علماء الشيعة بشكل عام تدعو الى الوحدة الإسلامية» وترفض الرد على دعوات 
القاعدة بإشعال الحرب الطائفية» ولكن ذلك لا يعني عدم وجود أناس متطرفين يسيرون على حطى 
القاعدة» ونحمد الله أنمم لا يشكلون تيارا عاماء وانما يقبعون في جيوب صغيرة ومنعزلة» ولكنا نخشى ان 
تتاح لهم الفرصة لاختطاف القرار الشيعي يوماء لا سمح الله وترجمة أفكارهم الى أقوال وأفعال. 

ولكي نكون أكثر صراحة» فانا نشير الى تيار شيعي متطرف يضخم من درجة أفكاره ويرفعها الى 
مستوى العقيدة الإسلامية التي من آمن بما بحا ومن رفضها كفرء ولا يكتفي بالإيمان بما لنفسه واحترام 
من لا يؤمن بحا من سائر الشيعة والمسلمين. 

ومن المعروف ان عامة الشيعة والمسلمين لا يؤمنون بوحود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن 
العسكري) الذي يؤمن به الاثنا عشرية» ويعتقدون انه فرضية وهمية افترضها بعض شيعة الإمام العسكري 
بعد وفاته» وادعوها سرا بلا دليل» ثم انتتشرت في القرون التالية في صفوف الشيعة» لتشكل أساس هوية 
الشيعة وعقيدتحم في الإمامة. وقد كانت لها آثارا مضرة بالشيعة قبل غيرهم» حيث دفعتهم الى ريم 
العمل السياسي أو إقامة الدولة في (عصر الغيبة)» الى أن تخلصوا منها مؤخرا وأقاموا دوم المعروفة في 
إيران كالدولة الصفوية والقاجارية والجمهورية الإسلامية» وقبلوا بالنظام الديمقراطي في العراق وغير العراق. 

وكان من المفترض بعد قبول الشيعة بالفكر الديموقراطي, تحاوز الفكر الطائفي القديم والتخلي عنه » أو 
عدم التحمس الزائد له» إلا ان بعض رحال الدين لم يستوعبوا التطورات الجذرية التي حصلت في الفكر 
السياسي الشيعي» ولا زالوا يحاولون جر الناس الى الماضي السحيق» ويتشبثون بكل خرافة وأسطورة. 


138 


وبدلا من أن يعتمدوا على القرآن الكريم؛ والأحاديث النبوية الثابتة والصحيحة:» إذا بحم يعتمدون على 
التأويلات التعسفية والأخبار الضعيفة والمختلقة» ويبنون نظريات خاصة يتهمون من لا يؤمن بما بالخروج 
من الدين» وف هذا تطرف كبير وغلو وفتنة وفساد كبير وتمزيق لوحدة الأمة الإسلامية. 

ولحذا كانت دعوتنا الى الاهتمام بموضوع (الإمام المهدي) ودعوة العلماء الشيعة لإعادة النظر في 
الأدلة التاريخية التي تتحدث عن ولادته واستمرار حياته منذ أواسط القرن الثالث الحجري الى اليوم» أو 
على الأقل الى الاحتهاد في هذا الموضوع كما يجتهدون في مواضيع الطهارة والنجاسة والصلاة والصوم 
وسائر العبادات. ولكن مع الأسف الشديد قابل كثير من العلماء دعوتنا لدراسة الموضوع بالإهمال 
والإصرار على اتباع منهج التقليد» ومن هؤلاء العلماء المرجع السيد صادق الشيرازي الذي كتب ونشر 
عدة كتب حول الموضوع خلال السنوات الماضية» ولكنها خلت من أي مستوى من مستويات البحث 
والاحتهاد» وظلت تدور ف إطار الجمع والتأليف. ولم يكتفبٍ بذلك وإنما اعتبر من لا يؤمن بوجود 
(الإمام المهدي) كافراً بنبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)! 

ونظراً لأن السيد صادق الشيرازي يحتل موقع المرجعية الدينية لتيار كبير في العراق وإيران والخليج» هو 
التيار المعروف والمنسوب الى أخيه المرحوم السيد محمد الشيرازي» والذي يضم أيضا تيار منظمة العمل 
الإسلامي» والطليعة الرسالية وحركة الوفاق الإسلامي» ومرجعية السيد محمد تقي المدرسي» فان موقفه 
المتطرف القاضي بتكفير من لا يؤمن بالمهدي من الشيعة والسنة» يحتمل أن يؤدي الى فتنة خطيرة في 
العالم الإسلامي, تشابه فتنة الزرقاوي الذي يكفر الشيعة» كما يمكن أن تنعكس سلبا على المسيرة 
الديموقراطية والسلمية في العراق. 


لقد عرفت السيد صادق الشيرازي منذ الستينات مؤلفا وداعية للإسلام وأحد رواد النهضة الشيعية 
الحديثة» حيث كنت أحضر محاضراته الأسبوعية في أحد المسجد في كربلاء» » وهو على قدر كبير من 
التواضع والأخلاق الرفيعة» وقد ساعدني على إنحاز بحثي عن ولاية الفقيه سنة ١1/5‏ عندما وفر لي 
نسخا مصورة لكتب نادرة وقديمة في علم الأصول» تتحدث عن ولاية الفقيه. ومع أن لم أتابع معه 
نتائج ما توصلت اليه من أفكار» وحاصة أبحائي حول الإمامة ووحود الإمام الثاني عشر (محمد بن 
الحسن العسكري) وذلك لمغادرت إيران» إلا أن اعتقد أن فقيها متابعا مثله لن يمر على كتاب مثل كتابي 
"تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه" مرور الكرام» أو يغض النظر عنه بالمرة» ولا 
أدل على ذلك من اهتمامه بتأليف ونشر عدة كتب حول "إثبات" وجود الإمام المهدي» ومنها كتاب 
(المهدي في القرآن) و(المهدي في السنة). ورغم أن هاذين الكتابين قديمين ألفهما قبل حوالي أربعين عاما 


في العراق» إلا أن نشرهما حديثاء وخاصة في موقعه على الإنترنت» يدل على إيمانه المستمر بمما. 


1539 


وبانتظار أن أقرأ للسيد الشيرازي رأيا حديدا يرد على كتابي بالتفصيل أو أهم النقاط الحديدة الواردة فيه؛ 
فإني سوف أناقش كتبه القديمة - الحديدة» وأبين نقاط الضعف فيهاء عسى أن يلتفت اليهاء أو يعيد 
النظر من الأساس ف بحث موضوع وجود الإمام الثاني عشرء ومن ثم موضوع الإمامة. 

ان الملاحظة الرئيسية على كتب السيد صادق الشيرازي حول الإمام المهدي هي أتما تجميع روايات 
أكثر منها أبحاث علمية» أو دراسات احتهادية» اعتمادا على رسوخ الفكرة في الأذهان, ولذا فانه لا 
يطرح أي سؤال تشكيكي حول الموضوع بقدر ما يحاول تعزيز الصورة التقليدية الموروثة» ويقفز على 
الجدل العلمي الضروري بنوع من القفز العالي والعريض. وبكلمة أخرى انه يهرب من ممارسة الاجتهاد في 
هذا الموضوع الذي يعتبره جزء مهما من العقيدة» ويكفر من لا يؤمن به. 

يقول السيد صادق الشيرازي في مقدمة كتابه (المهدي في السنة):"الإمام المهدي.. اسم يتواحد في 
كل مكان. في الكتب السماوية الغابرة الزبور» والتوراة» والإنجيل وف القرآن الحكيم 
في عشرات الآيات الكريمة المفسرة» أو المؤولة به (عليه السلام). وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه 
وآله) في مختلف المناسبات» وشتى الأحاديث في مكة, وفي المدينة» وفي المعراج» وعند الوفاة وعلى شفاه 
عترة النبي (صلى الله عليه وآله) الأئمة الطاهرين كلهم جميعاً. فعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) ذكر 
ولده المهدي.. وفاطمة الزهراء بنت النبي (صلى الله عليه وآله) ذكرت المهدي والإمام الحسن (عليهما 
السلام) ذكر ابن أخيه المهدي والإمام الحسين (عليه السلام) ذكر ابنه المهدي والسجاد علي بن الحسين 
والباقر محمد بن علي والصادق جعفر بن محمد والكاظم موسى بن جعفر والرضا علي بن موسى والحواد 
محمد بن علي والحادي علي بن محمد والعسكري الحسن بن علي كلهم.. ذكروا ولدهم المهدي. 
وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكروا المهدي: أبو بكرء وعمرء وعثمان» وعبد الله بن عمرء 
وأبو هريرة» وسمرة بن جندب» وسلمان» وأبو ذر» وعمار وغيرهم كثير. وزوحات النبي (صلى الله عليه 
وآله) ذكروا المهدي: عائشة» وحفصة. وأم سلمة. وغيرهن أيضاً. والتابعون ذكروا المهدي: عون بن 
ححيفة» وعباية بن ربعي» وقتادة وغيرهم كثير". 

ويتابع:'وي كتب التفسير كلها تحد ذكر المهدي: تفسير الطبري» وتفسير الرازي» وتفسير الخازن» 
وتفسير الآلوسي» وتفسير ابن كثير» وتفسير الدر المنثور. وغيرها.. وغيرها.. كثير. وفي الصحاح الستة 
تحد ذكر المهدي: ف البخاري» ومسلمء وابن ماجة وأبي داود» والنسائي» وأحمد وفي كتب الحديث كلها 
ترى ذكر (المهدي) في مستدرك الصحيحين, وبمجمع الزوائد» ومسند الشافعي» وسنن الدار قطني» وسنن 
البيهقي» ‏ ومسند أبي ‏ حنيفة ‏ وكنز العمال» وغيرها.. ‏ وغيرها.. ‏ كثير. 
وف كتب التاريخ تحد ذكر «المهدي) في تاريخ الطبريء وتاريخ ابن الأثير» وتاريخ المسعودي» وتاريخ 
السيوطي» وتاريخ ابن خلدونء وغيرها.. وغيرها.. وعلماء المسلمين من مختلف المذاهب أذعنوا 


10600 


(بالمهدي) وذكروه في مجالسهم, وكتبهم» وخطبهم: علماء الحنفية» وعلماء الشافعية» وعلماء الحنبلية؛ 
وعلماء المالكية. وغيرهم من أئمة المذاهب الأخرى, وأتباعهم, والعلماء» والكتاب» والشعراء.. في كل 
مكان.. (المهدي). في كل كتاب.. (المهدي). وعلى كل شفة.. (المهدي). السماء تقول.. (المهدي). 
الأرض تقول.. (المهدي)" . 

وهكذا يحاول الشيرازي الإيحاء بأن موضوع (المهدي) من أهم العقائد الإسلامية» التي تقوم على 
الأخبار المتواترة» وبغض النظر عن المناقشة في هذه الأحاديث التي يعتمد عليهاء فانه يخلط بين أمرين 
أو مفهومين لكلمة (المهدي). الأول: المهدي العام بمعنى المنقذء الذي يؤمن به كثير من المسلمين. 
والثانى : المهدي الخاص» الذي يؤمن به الشيعة الاثنا عشرية» وهو (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن 
العسكري)» حيث يستعين الشيرازي بأحاديث المهدي التي تشبثت بما الفرق الإسلامية والشيعية 
المحتلفة عبر التاريخ» ليستدل بما على وجود وولادة "ابن الحسن العسكري" الذي كان موضوع خلاف 
بين أهل البيت وشيعة العسكري أنفسهم؛ فضلا عن سائر الشيعة وعامة المسلمين. 

وهذا منهج اتبعه كثير من كتب عن (الإمام المهدي) أو حاول الرد علي» أو تظاهر بذلك. وهو منهج 
أقل ما يقال فيه أنه غير علميء ولا أمين أو هادف لبحث الموضوع بصورة حدية. فلو سلمنا بصحة 
الأحاديث التي تتحدث عن خروج إمام مهدي يصلح ما فسد من أمور المسلمين» فاتحا لا تشكل دليل 
إثبات على ولادة ابن للإمام العسكري الذي لم يتزوج أبداء ولم يتحدث عن وجود ولد له في حياته. 
وتوقٍ بعد أن أوصى بأمواله الى أمه» في إشارة منه الى عدم وجود وارث له. 

يدعي السيد صادق الشيرازي وحود أكثر من مائة آية في القرآن الكريم تدل على المهدي» حيث 
يقول:" وردت مائة آية . بل وتزيد . بشأن الإمام المهدي (عليه السلام) بمختلف الأنواع» من التفسير» 
والتأويل» والظاهر» والباطن» وغير ذلك...وقد خحصصنا كتاباً حاصاً بذلك أسميناه (المهدي في القرآن)". 
وهذا أمر غريب حقاء فنحن لا نحد آية واحدة في القرآن تدل صراحة على ذلكء وانما هنالك بعض 
الآيات التي تعد المؤمنين بالنصر وبوراثة الأرض مثل هذه الآية " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في 
الأرض وبحعلهم أئمة ونجحعلهم الوارثين". القصص 5. ولكن لا يمكن الاستدلال بمذه الآية على وجود 
الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري, وإذا كان الشيرازي يتخذ من هذه الآية والآيات المشابمة لما » 
أو الأضعف منها في الدلالة» دليلا قاطعا على مبتغاه» فانه يكشف عن وحود خلل منهجي كبير لديه 
في طريقة الاستدلال والبحث والاجتهاد. 

وإذا كان الشيرازي يتعامل مع القرآن الكريم الواضح والصريح» بمذه الطريقة التعسفية» ويحاول تحميله 
ما لا يتحمل » فكيف يتعامل إذن مع الأحاديث؟ وهل يتوقف ليحقق في سند أو متن أي حديث؟ أو 


161 


لنستمع اليه وهو يتحدث قائلا:"(وأما في السنة) فالأحاديث الواردة بشأن الإمام المهدي (عليه 
السلام) في مختلف كتب التفسير» والحديثء والتاريخ» والصحاح,» وغيرهاء وكتب السنة» وكتب العامة 
لو جمعت هذه الأحاديث لزادت على الثلاثة آلاف حديث. (نعم) إتما أكثر من ثلاثة آلاف 
حديث. كلها بشأن الإمام المهدي (عليه السلام) تمل بجلدات عديدة". ويتوقف ليتساءل:"من هو هذا 
(المهدي) الذي و هذا الزحم من القرآن ومن السنة؟" ويجيب:"إنه أمل السماء إنه غاية الشرائع الإلحية 
إنه المأمول لتطبيق شريعة السماء على كل الكرة الأرضية لأول مرة في تاريخ الإنسان. 
(وهذا الكتاب) إلماع إلى بعض ما ورد في هذا الإمام العظيم لكي يفتح للقارئ (كوة) يستهدي بما 
الطريق إلي معرفة الإمام المهدي (عليه السلام) ولو بعض المعرفة". 
وبعد أن يذكر السيد صادق الشيرازي مجموعة من تلك الأحاديث يتساءل:"من هو الإمام 
المهدي)؟ ومتى ولد؟ ومن أي سلالة انحدر؟ومن أبواه» وأحداده؟ولماذا غاب؟ وما فائدته في غيبته؟ إلى 
غير ذلك من عشرات الأسئلة" ويقول:" ان كتابه يجيب عليها من خلال الأحاديث الشريفة المجموعة 
كلها من الصحاح الستة» ومن كتب التفسيرء والحديث, و«التاريخ التي ألفها غير الشيعة من علماء 
المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الشوافع) و (الحنابل) و (المالكية)... وذلك سداً للطرق على من زعمء 
أو بالأحرى أدعى أنه زعم أن ما يتعلق بالإمام المهدي (عليه السلام) مما يختص به الشيعة» وأن نقلته 
ورواته هم فقط الشيعة» لكي يعلم . أو تتم الحجة عليه» ويعلم غيره وتتم حجة الله عليه أيضاً . أن 
الكثير.. الكثير مما ورد ف الإمام المهدي إنما هو من كتب غير الشيعة» وبأقلام غير الشيعة» ورواة غير 
الشيعة» ونقل غير الشيعة". 
وهذه دعوى عظيمة جداً. 
وأعظم منها أن يقول:"لم نحاول جمع كل ما ورد في الإمام المهدي (عليه السلام) من كتب المذاهب 
الأخرى» بل الإلماع» والاختيار» وذكر تماذج» فقط وفقط. (وإلا) فالجمع» والاستيعاب يستدعي تدوين 
بحلدات.. ومجلدات وهذا ما نفسح به ابحال لغيرناء ممن يوفقه الله تعالى لذلك من بعدنا. (فإن) هناك 
جمهرة من أعيان علماء المذاهب الأخرى» وحفاظهم, وأثمتهم, ومؤلفيهم» قد خصصوا كتاباً خاصاً في 
الإمام المهدي (عليه السلام) وأفردوا مؤلفاً مستقلاً في بعض أحواله» وشؤونه. ونقل الأحاديث الشريفة 
عنه. مثل علامة (الشافعية) الشيخ جمال الدين يوسف بن يحبى بن علي بن عبد العزيز بن علي المقدس 
السلمي الدمشقي ألف كتاباً خاصاً في الإمام المهدي (عليه السلام) أسماه (عقد الدرر في أخبار المهدي 
المتتظر)". ويضرب لذلك مثلا آخر بما رواه " (البحاري في صحيحه) عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى 
الله عليه وآله) قال: يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش. و 
(ما رواه) محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون من بعدي 
اثنا عشر أميراً. ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش. (وما رواه) 


2ظ16 


مسلم بن الحجاج القيثري في صحيحه؛ عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلَى الله 
عليه وآله) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم 
بكلام حفي علي فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلهم من قريش. (وما رواه) صحيح مسلمء وعنه 
قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. ثم تكلم النني 
بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله؟ فقال: كلهم من قريش. (وما رواه) صحيح أبي 
داود السجستانء وعنه أيضاًء عن رسول الله قال: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر حليفة. فكبر 
الناس وضجواء ثم قال كلمة حفيت علي قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ قال: كلهم من قريش.و(مسند 
أحمد بن حنبل . إمام الحنابلة) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون لحذه الأمة اثنا عشر حليفة. 
و(الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين) عن عون بن ححيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي 
عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا يزال أمر أمتي صا حاً حتى بمضي اثنا عشر خليفة. ثم قال كلمة 
وحفض بما صوته فقلت لعميء وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: يا بني قال: كلهم من قريش. و(تيسير 
الوصول إلى جامع الأصول) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني 
عشر كلهم من قريش. قيل: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الحرج. و(منتخب كنز العمال): يكون لهذه 
الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلحم كلهم من قريش. و(الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة) 
عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبي عند النبي (صلَى الله عليه وآله) فسمعته يقول: بعدي اثنا عشر 
خليفة. ثم أحفى صوته فقلت لأبي: ما الذي أخحفى صوته؟ قال: قال: كلهم من بني هاشم. 

و(مسند أحمد . إمام الحنابلة) عن مسروق قال: كنا حلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن 
فقال له رحل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم بملك هذه الأمة من 
حليفة؟ فال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم ولقد سألنا 
رسول الله (صلى الله عليه وآلهم) فقال: اثنا عشر ععدّة نقباء بنى إسرائيل. 
(ينابيع المودة) عن ابن مسعود عن النبي قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل" . 

ويعلق الشيرازي على كل ذلك قائلا:" اتفقت كلمة المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم؛ وأجمعت 
كتبهم في التفسير والحديث والتاريخ» وخاصة (الصحاح الستة) على: أن رسول الله (صلى الله عليه 
وآله) تفوه بمذه الكلمة:"الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش" وإِن احتلف التعبير حسب اختللاف 
الرواة فبعضهم رواه (النقباء) وبعض نقله (الأئمة) وبعض ضبطه (اثنا عشر قيماً) وبعض أخرحه (وهم 
اثنا عشر رحلاً) وبعض أثبته (اثنا عشر أميراً) والمعنى في الكل واحدء والمقصود متحد وهو واضح لا 
غبار عليه". ثم يقول:" والكلام الذي ينبغي التأمل عنده هو: من هؤلاء الاثنا عشر؟ 
والجواب المقنع الحاسمء الذي لا يقبل النقاش: إتحم هم الذين ماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في 


163 


أحاديث أخرى بأسمائهم وهم: علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين 
(السجاد) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن 
موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الحواد) وعلي بن محمد (الحادي) والحسن بن علي (العسكري) والحجة 
المهدي (القائم)". 

ان الشيرازي يعتبر حديث (الاثني عشر خليفة أو أميرا) متواترا» ويستدل به على صحة النظرية الاثني 
عشرية الشيعية» وعلى وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) في حين يأحذ على أهل 
السنة الذين يروون ذلك الحديث أتمم لا يجدون تفسيرا صحيحا له؛ ما عدا الاثني عشر إماما من أهل 
البيت. رغم أن تفسير الاثني عشر للحديث غير صحيح وغير شافء لعدم ثبوت ولادة الإمام الثاني 

وكما فعل الشيرازي مع أحاديث (المهدي) العامة فعل هنا وأكثر» حيث لم يتوقف ليدرس سند أي 
حديثء بل لم يذكر أي سندء وانما التقط الأحاديث بسرور بالغ» واعتبرها متواترة» دون أن يتأى في 
تعريف التواتر» أو ينظر فيما إذا كان ذلك الحديث متواترا أو قويا أو ضعيفا وخبر آحاد. 

ولقد بحئت هذه الأحاديث (الاثني عشرية) السنية والشيعية » في كتابي (تطور الفكر السياسي 
الشيعي) والتي استدل بما القائلون بوحود الولد للإمام العسكري, ورددت عليها حديثا حديثاء وقلت 
إتما كلها أحاديث آحاد وضعيفة ومختلقة» وذلك لأن النظرية الإثني عشرية لم تكن معروفة عند الشيعة 
الامامية حتى القرن الرابع المجري, لأتحم كانوا -- سابقاً- يقولون باستمرار الإمامة الى يوم القيامة» ولم 
يكن يعقل ان تقتصر الإمامة على اثني عشر رحلاء أو اثني عشر ألف أو مليون رحل. هذا عند الشيعة 
؛ وأما عند السنة» فاتحم يقولون بأن النبي (ص) لم يتحدث عن الإمامة أساساء ولمى يوص الى أحدء 
والحديث عندهم لا يحدد الإمامة باثي عشر إماما فقطء وانما يتنبأ بحدوث المشاكل والفتن بعد الإمام 
الثاني عشر. 

ومن هنا فالحديث ضعيف ولا يتفق أبدا مع استمرار الإمامة في الأرضء وهو باطل يستدل به على 
باطل آحر. ولو فرضنا صحة الحديث فانه لا يتضمن بصراحة أسماء الأئمة الاثني عشرء الذين كانوا 
موضع حلاف بين الشيعة أنفسهم, ومحل رفض من قبل أبناء الأئمة وفرق شيعية عديدة» فلا يدل على 
المطلوب, وكذلك لا يدل على وجود ولد للإمام العسكري الذي توي دون أن يعلن أو يشير في الظاهر 
الى وحود ولد لهء وهو ما ينفي صحة رواية الاثني عشرية أيضاء إذ سوف يصبح عدد الأئمة أحد عشر 
» حسب القائمة الشيعية. ولا يمكن أن نستدل بالحديث على ولادة إنسان لم تثبت ولادته بطريقة 


صحيحة وعلمية وشرعية. 


164 


والغريب ان السيد صادق الشيرازي يستدل بأقوال بعض علماء السنة كالحافظ الحنفي» صاحب 
ينابيع المودة» الذي ينقل حديثا عن أبي طفيل عامر بن واثلة عن علي (رضي الله عنهما) قال قال 
رسول الله:" يا علي أنت وصي حربك حربي وسلمك سلمي وأنت الإمام وأبو الأئمة الأحد عشر 
الذين هم المطهرون المعصومون ومنهم (المهدي) الذي بملاً الأرض قسطاً وعدلاً فويل لمبغضيهم". 

ولا أدري كيف يسمي من ينقل هكذا رواية بالسني؟ فإذا كانت الرواية صحيحة فلماذا لا يؤمن بما 
ويصبح شيعيا إماميا إِنْني عشريا؟ وإذا كانت الرواية صحيحة وينقلها ولا يؤمن بما عنادا وتعصباء فكيف 
يمكن الاعتماد عليه والثقة به؟ وهل تصح نسبة الكتاب اليه؟ أم هناك تشابه في الأسماء. وتزوير في 
الكتب؟ وعلى أي حال لا يسأل الشيرازي عن الحافظ الحنفي متى عاش؟ في أي قرن؟ وممن أحذ 
روايته؟ وما هو سندها؟ هل أحذها من الشيعة الامامية؟ أم المصادر السنية؟ 

ولكن مع الأسف الشديد» يفضل السيد صادق الشيرازي أن يحطب بليل ويعمش عمش جهال» 
ويتنكب طريق البحث العلمي والاجتهاد والتحقيق. ولا غرابة بعد ذلك أن يقول الشيرازي انه يمكن 
تأليف بجلدات عديدة حول المهدي, إذ يمكن بهذه الطريقة فعلا تأليف موسوعات وموسوعات 
وموسوعات. فما أكثر الأحاديث الموضوعة والمختلقة» وقد بلغت في القرن الثاتي المجري حوالي مليون 
رواية. 

ولسنا بحاحة لمناقشة أية رواية يذكرها الشيرازي في كتابه (المهدي في السنة) لأنه لم يأت برواية واحدة 
مسندة» فضلا أن تكون صحيحة السند, وانما اعتمد على ذكرها في كتب السنة, غافلا أو متغافلا عن 
اختلاط كثير من الشيعة بالسنة في التاريخ السحيق حتى ليصعب الفصل بينهم في كثير من الأحيان» 
وان كثيرا من الفريقين كانوا حشويين ينقلون الروايات بلا تمحيص ولا تدقيق» وان بعضهم كان يزيد 
عليها وينقص منهاء ويختلق مئات الأحاديث بحيث لم نعد نصدق بأية رواية إلا إذا درسنا سندها ومتنها 
بدقة» وعرضناها على القرآن الكريم والعقل السليم والتاريخ المتواتر. 

وان التاريخ المتواتر الذي يذكره المؤرحون الشيعة والسنة يقول: بأن الإمام الحسن العسكري توفي دون 
أن يشير الى وحجود ولد له في الظاهرء وهذا الظاهر حجة عليناء لأنه لا يجوز شرعا وقانونا نسبة ولد الى 
إنسان بعد وفاته بالرغم من أنفه» وقد رفض أهل بيت الإمام العسكري ومعظم أصحابه الاعتراف أو 
التصديق بوحود ولد له. ما عدا فرقة صغيرة (واحدة من أربع عشرة فرقة) ادعت وجود الولد في السرء 
وهي لم تأت بدليل شرعيء وانما افترضت وجود ذلك الولد المزعوم افتراضاء خوفا من الاعتراف باتميار 
النظرية الامامية ووصوا الى طريق مسدود. ولما لم تحد ما تدعم به دعواها الباطلة» التفتت الى بعض 
الأحاديث الضعيفة عند السنة مثل حديث (الاثني عشر خليفة أو أميرا) وحاولت الاستدلال به على 
دعواهاء واصطنعت بذلك النظرية الاثني عشرية» دون أن يفيدها ذلك شيئاء لأنه لم ينطبق على القائمة 


165 


التي صنعتها في ذلك الوقت» حيث كان يمكن إضافة بعض الأسماء وحذف بعض الأسماء الأخرى 
لتأليف قائمة بأسماء اثني عشر إماما كما يريد أي إنسان. 

ولأن القضية كانت أسطورية من أساسهاء فان أصحاب النظرية الاثني عشرية لم يستطيعوا أن يبعثوا 
الحياة بالإمام الثاني عشر المزعوم والمفترض» وظل في غياهب العدم منذ ذلك الحين والى يوم القيامة. 

وإذا كانت تلك الأسطورة قد مرت على بعض المغفلين والسذج والبسطاء ردحا من الزمن؛ فانه كان 
لا بد ان تلفت العلماء وامحتهدين وتدعوهم للتوقف عندها » وبحثها بدقة» واستخدام أدوات الاجتهاد 
المعروفة لديهم مثل التحقيق في المتن والسند» ودراسة القضية من كل حوانبهاء وعدم تقليد الآباء 
والأحداد تقليدا أعمى» وإلصاق البدع والخرافات والأساطير بالدين» أو بمذهب أهل البيت بمذه الطريقة 
الغوغائية. 

ولكنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا. 

ويا ليتهم وقفوا عند الإيمان بمذه القضية ولم يذهبوا الى أبعد من ذلك. 

ومع الأسف الشديد ينقل الشيرازي قول (الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة):" عن حابر بن 
عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلَى الله عليه وآله): من أنكر خروج (المهدي) 
فقد كفر بما أنزل على محمد" ويعلق عليه قائلا:" الكفر درحات (الأولى) الكفر بالله تعالى بإنكاره» 
(الثانية) الكفر بما أنزل الله تعالى» (الثالثة) الكفر بنعم الله تعالى. وهذا الكفر المذكور في هذا الحديث 
هو من الدرجة الثانية لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي عين الإمام المهدي (حقاً) فإنكاره كفر برسول 
الله (صلَى الله عليه وآله) لأنه يتضمن تكذيب النبي (صلَى الله عليه وآله) بما أخبر عن الإمام المهدي 
(عليه السلام)' . 

وينسى الشيرازي بأن فرقة واحدة فقط من سبعين فرقة من الشيعة آمنت بوجود المهدي (محمد بن 
الحسن العسكري) كما يقول مؤرخو الشيعة الاثني عشرية مثل النوبختي والأشعري القمي والطوسي 
والصدوق والمفيد والسيد المرتضى وغيرهم وغيرهم» فضلا عن بقية المسلمين» فهل كانت القضية على 
درحة كبيرة من الوضوح بحيث يكفر من ينكرها؟ وهل يكفر جميع الشيعة والمسلمين ما عدا الفرقة الاثني 
عشرية؟ 

ان عامة الشيعة اليوم يعترفون بإسلام من لا يؤمن بإمامة أهل البيت» من أهل السنة» ويدعون للوحدة 
معهم والتعايش معهم بسلام؛ فكيف يريد الشيرازي تكفير من لا يؤمن بجزئية صغيرة فرعية وأسطورية؟ 
ألا يشيع بذلك جوا من العنف والتطرف والإرهاب ويهدد الوحدة الوطنية والسلام الأهلي والمسيرة 
الديموقراطية؟ 


166 


إنني أعرف في السيد صادق الشيرازي» رجلا مجتهدا عاقلا ومسالما وديموقراطيا ومحبا للخير» وربما كان 
كتابه هذا (المهدي في السنة) كتابا قديها لم يراجعه حديثاء وقد كتبه في أيام شبابه في كربلاء» وقبل ان 
يتعرف على أصول البحث والاجتهاد» ولحذا أطلب منه أن يعيد النظر فيه» وان يقدم لنا دراسة جديدة 
ومعمقة عن الموضوع» ويحذف ما ف كتابه من تطرف وتكفير للمسلمين الذين لا يؤمنون إلا بما ثبت في 
القرآن الكريم والسنة النبوية» بصورة صحيحة وواضحة؛ ويرفضون الإيمان بالخرافات والأساطير. 


ماذا يحدث عندما تمتزج الفلسفة الوهمية بالأساطير؟ 
الغلو بالإمام الى درجة الربوبية » والشرك بالله! 


اختلف المسلمون » والشيعة بالخصوص . كثيرا حول هوية (الإمام المهدي): من هو بالضبط؟ وهل 
ولد في الماضي؟ أم سيولد في المستقبل؟ وقال الاثنا عشرية من الشيعة الامامية بأنه ولد في منتصف القرن 
الثالث الحجري » وانه (محمد بن الحسن العسكري) وانه ظل حيا مختفيا الى الآن » وسوف يظهر في 
المستقبل. 

وبالرغم من أن مهمة الإمام في الفكر السياسي الشيعي الإمامي تعني القيام بدور التشريع في الحوادث 
الواقعة وتنفيذ الشريعة الإسلامية وقيادة الأمة » وان هذه المهمة قد تعطلت بغيبة الإمام » إلا ان بعض 
المؤمنين بوجود هذا الإمام الغائب (محمد بن الحسن العسكري ) دأب على نشر قصص عن قيام الإمام 
بإغاثة الملهوفين وإرشاد التائهين في الصحاري والقفار وحل المشاكل وإنقاذ المستغيثين به أينما كانوا في 


0 - مقتطفات ولائية» للشيخ الوحيد الخراساني» ترجمة عباس بن نخي» الكويت 


167 


العام . ولكن علماء الامامية لا يجمعون على صحة هذه القصص ولا يعطون للإمام هذا الدور الخارق 
البعيد عن مهمة الإمامة الأساسية» أو عملية الإعداد للظهور. 

إضافة الى ذلك كان موضوع الإمامة والإمام المهدي بالذات موضوعا لتطرف بعض الغلاة المندسين 
ف صفوف الشيعة الامامية الذين كانوا يغالون في مرتبة (أهل البيت) ويضفون عليهم صفات ومهمات 
وأدوارا من صنع خيالهم المريض » فيشركون بحم مع الله في خلق الكون وإدارته والقيام بعمليات الرزق 
والإحياء والإماتة وما الى ذلك » واتخاذهم أربابا أو محلا لحلول الله عز وجل في أجسادهم. 


وقد انتبه أئمة أهل البيت لذلك فحاربوا الغلو والغلاة ولعنوهم وتبرءوا منهم » وقاوموهم بشدة » وفي 
الوقت الذي كنا نظن أن الغلاة قد اندثروا في الزمن السحيق وذهبوا الى غير رجعة » خاصة بعد انتصار 
المدرسة الأصولية ضد المدرسة الأحبارية التي كانت تتلقف كل حديث وارد عن أهل البيت دون تمحيص 
أو نظر أو اجتهاد » نفاحأ بأحد أساتذة الحوزة العلمية في قم وهو (الشيخ محمد حسين الوحيد 
الخراساني) أستاذ علم الأصولء الشهير في الحوزة » يقوم باحترار بعض نظريات الغلاة ويمزجها مع أوهام 
الفلاسفة الباطلة ويضيف عليها بعض الحكايات الأسطورية المضحكة ليحدثنا عن إمام فاعل للوجود 
مشارك لله تعالى في الربوبية. في حين كنا نأمل منه أن يقوم بدراسة أساس نظرية وحود ذلك (الإمام) 
المفترض أو المحتلق الذي لا توحد أية أدلة علمية تاريخية على وحوده وولادته » بدلا من تقليد الآباء 
والأحداد تقليدا أعمى. 

ونعتقد انه بتبنيه لتلك النظريات المتطرفة المفعمة بروح الشرك والانجحراف » يسيء الى الإسلام والى 
التشيع والى الحوزة العلمية والى الثورة الإسلامية الإيرانية» وينحرف عن أداء دوره العلمي والتبليغي المتمثل 
في الدعوة الى الله ومحاربة البدع والخرافات والأساطير. 

وإننا إذ نحترم حقه في الاحتلاف ف الرأي والإيمان بما يشاء » لا يسعنا إلا أن نرفض أقواله المغالية في 
أئمة أهل البيت إلى حد الشرك بالله تعالى » ونستغرب من اتباعه للمنهج الأخباري الساذج في قبول 
الأحاديث الضعيفة والأدعية والزيارات الموضوعة والحكايات الأسطورية » خلافا لمبادئ المدرسة الأصولية 
التي يدعي الانتماء اليها » دون أي تحقيق أو احتهاد » ونستنكر خلطه لنظريات الفلاسفة الباطلة 
كنظرية الفيض » ومزجها مع فكر أهل البيت. ونطالب العلماء العظام ومراجع الدين الكبار » و طلبة 
العلوم الدينية » التصدي له بكل ما أوتوا من قوة » وعدم السكوت على أفكاره المنحرفة والمغالية » فد 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :"إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ومن لم يفعل فعليه 
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". 

يخاطب الوحيد الخراساني » الإمام المهدي , بالقول:" يا فاعل " ما به الوجود" ويا من أينما كان "ما 
منه الوجود" ( أي الله تعالى) كنت أنت أيضا هناك » فلا يخلو مكان - بحكم البرهان- من فاعل ما 


168 


منه الوحود » ولا يخلو مكان منك أنت أيضا » لأن أفعاله تعالى وان كانت أفعاله ولكنها بواسطتك » 
فمنه تعالى كل شيء » لأن كل شيء منه لا اله إلا الله » ومنك كل شيء » لأن كل شيء يكون 
بواسطتك. إننا موحدون... لا نعرف شيئا منك » بل نعرف أن كل شيء من الله تعالى» ولكن في عين 
الحال التي نرى أن كل شيء منه هو » نرى أيضا أن أنفاس صدورنا منه ولكن بك أنت » والنظرة والرؤية 
التي نتمتع بما » والخطوة التي نخطوها , كلها منه سبحانه وتعالى » ولكنها بك أنت... أيتها الرحمة التي 
ع ل ا 

و يقول الوحيد الخراساتي بصراحة مثيرة :" إن إمام العصر صار عبداً » وعندما صار عبداً صار ربا ف 
" العبودية جوهرة كنهها الربوبية" فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته - بالله تعالى لا بالاستقلال - 
بالنسبة إلى الأشياء الأخرى. ١١‏ 


وتأييدا لأقواله الباطلة في هذه النظرية » يستورد الوحيد الخراساني حديثاً من أحد أقطاب الفرقة 
الخطابية الملعونة والبائدة التي كانت تؤله الإمام الصادق » وهو (المفضل بن عمر) يقول فيه كذبا وزورا 
وكتانا: " انه مع أبا عبد الله (ع) يقول في قول الله تعالى (وأشرقت الأرض بنور ربما): رب الأرض إمام 
الأرض. قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون 
بنور الإمام". ١7"‏ 

واستنادا إلى أقوال الغلاة هذه يعتقد الشيخ الوحيد الخراساني: " إن إمام العصر هو صاحب مقام 
الإمامة المطلقة » أي العلم المطلق والقدرة المطلقة والإرادة المطلقة والكلمة التامة والرحمة الواسعة". ١4"‏ 
ويقول:" لا شك ان إمام الزمان جوال في زيارة أولياء الله ولا حجاب أمامه . فمن هو "فاعل ما به 
الوعطود؟" "الا يكون عي 1 


ومع ان الله عز وجل ينهانا عن دعوى غيره ويقول:" ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا 
يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون".'*' ويقول:"ولا تدعٌ من دون الله ما لا ينفعك 
ولا يضركء فإن فعلت فانك إذا من الظلمين"."؟' و"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم 


1١7ا/‎ 


دص 4١‏ 
“5 اص و8 
م نع 101 
“14 اص #ة 
!4!/ اص 45 


1ن اماه 


1 حدرو فين‎ ١ 


169 


فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين".*؟١‏ و"يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين 
تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف 
الطالب والمطلوب".**' فان الشيخ الوحيد الخراساني يوحه المسلمين وغير المسلمين إلى الاستغاثة 
بالإمام المهدي (الموهوم الذي لا وحود له) » فيقول:" من الضروريات والمسلمات: إن كل من تنقطع به 
السبل ويتيه في صحراء قاحلة لا يهتدي فيها إلى طريق » سواء كان يهوديا أو نصرانيا » أو مسلما شيعيا 
أو سنيا . لا فرق بتاتا » إذا ما ندب في ذلك الحين وقال: ( يا أبا صالح المهدي أدركني) فان النتيجة 
قطعية الحصول... والسر في ذلك إن الدعاء في تلك الحالة متوحه للإمام حقيقة لأنه نابع عن اضطرار 
واقعي يخرق الحجب . وفي غير تلك الحالة فان الندبة غير متوجهة اليه! والأمر سيان بين الله وبين سبيل 
الله "من منه الوجود" و "من به الوجود" والحكم في الحالين واحد » فكما إن التوجه بالدعاء إلى "من منه 
الوحود" يجب أن يتحقق حتى تتحقق الاستجابة » كذلك الأمر بالنسبة إلى "من به الوجود" فهو السبيل 
الأعظم والصراط الأقوم » فان التوحه اليه بالدعاء يحب أن يتحقق فتتحقق الاستجابة في ذلك الحين 
1 


" وإذا اضطر أحد فتوحه إلى (السبيل الأعظم) أي "من به الوحود" للنجاة من صحراء تاه فيها وبلوغ 
المعمورة » فانه عليه السلام يرشده إلى الطريق ويدله على ما يجب أن يفعله حتى ينجو ... لقد اضطرته 
تلك الحال فلجاً إليه وتوسل بهد فينظر عليه السلام إليه نظرة يكون فيها دواؤه وشفاقه" ١1417‏ 


ويغفل الوحيد الخراساني عن حقيقة ان النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وبقية الأئمة من أهل البيت 
كانوا في حياتهم محدودي القدرة ضمن أطر الزمان والمكان ولم يكونوا يخترقون الحجب ولا يمتلكون هذه 
القدرة الخارقة على نصرة أوليائهم أو المستغيثين بمم » وقد تعرضوا هم الى أشد ألوان العذاب واستغاثوا 
بالله تعالى وطلبوا منه النصر والعون. 

وربما كانت الاستغاثة العادية من جهلة الناس بالأئمة والأولياء أو بالإمام المهدي لا تحمل معنى 
الشرك الصريح» ولكنها عندما تقترن بتصور أن "الإمام رب الأرض » وانه فاعل ما به الوحود" فإتما 
تعطي للإمام المفترض (الموهوم) دوراً من أدوار الله تعالى » يريد الله عز وجل أن يحصره بنفسه ويطلب 
من الناس أن يوحدوه ويدعوه وحده لا شريك له في السراء والضراء. 


644 -الأعراف ١914‏ 
“64 الحج “0 
52 د ص 0ه 
/1 دص ١ه‏ 


100 





يقول الشيخ جعفر السبحاني (أحد كبار العلماء المعاصرين في قم ): " لو أن إنسانا اعتقد بأن الله 
قد فوض أفعاله - من الإرزاق والإحياء وغيرهما - الى بعض مخلوقاته » كالملائكة والأولياء » واتمم الذين 
يديرون شؤون الكون ويدبرون أموره » ولا علاقة لله سبحانه بذلك » ودفعه هذا الاعتقاد الى الخضوع 
ل هم » فما من شك أن حضوعه هذا عبادة وأن عمله هذا شرك بالله سبحانه".48؟١‏ 

و على أي حال » ولكي يثبت الوحيد الخراساني دعواه الأسطورية هذه ينقل قصة عن أحد الأطباء 
الإيرانيين » دون أن يذكر امه » يقول فيها: انه عالج رحلا من المقاومة الإيرانية ضد الغزو الروسي لإيران 
في الحرب العلمية الثانية » وأخرج رصاصة من حجسده دون مخدر » وذلك بعد أن أخرج الرحل المقاوم 
روحه من جسله أثناء العملية بواسطة ترديد جملة (باسم الله النور) عدة مرات (!!!) وعندما انتهى من 
العملية » علم الطبيب أن الرحل كان على علاقة بالإمام المهدي , وانه قال له إن الجيش الروسي 
سيرحل من إيران " قال هذه الكلمة فقط (ليرحلوا) ثم مضى » وفي عصر ذلك اليوم وصلت برقية من 
قيادة الروس تأمر الميوش بالعودة » ولم يتوان العسكر عن شيء واقفل راجعا في نفس تلك الليلة".*4! 

وبالطبع لم يذكر لنا الخراساني » اسم الدكتور الذي يقول انه كان يدرس معه » ولا اسم ذلك الرجل 
المقاوم » ولا تاريخ القصة الأسطورية ولا مكانماء كعادة مروجي الأساطير. 

ومن أجل أن يؤكد مزاعمه في بحدة (الإمام المهدي) لمن يستغيث به » يأتي الشيخ بقصة أسطورية 
أخرى فيقول:" إن رحلا صاحب حمام عمومي في مدينة الحلة كان يطعن في قاتلي فاطمة » فاعتقله 
حاكم الحلة » و أمر بضربه وتعذيبه حتى سقطت أسنانه وقلعوا عينيه ولسانه وجدعوا أنفه » ثم ربطوا فيه 
خيطا واخذوا يجولون به في الأسواق », ثم أعادوه إلى داره وألقوه فيها وذهبوا » ولما عادوا إليه في صباح 
اليوم التالي وجحدوه كأنه شخص آخر » فقد نبتت أسنانه وعوفيت أسقامه وزالت جراحاته وانقلب منظره 
القبيح بفعل الجراحات والتعذيب إلى صورة حسنة وهيئة جميلة » فسألوه عما حدث له » فقال: عندما 
القون هنا شاهدت الموت بأم عيني وكنت من الضعف بحيث يعجز لساني حتى عن النطق فندبته (أي 
الحجة بن الحسن) بقلبي وهتفت بضميري (يا صاحب الزمان) وما أن حدث ذلك حت رأيته جالسا إلى 
حواري فنظر الي نظرة » ووضع يده على حسمي وقال لي : انهض واذهب في تحصيل قوت عيالكء وم 
تكن ثمة حاحة ليمسح على جميع أعضاء ذلك الجسم المثقل بالجراحات والآلام » فقد وضع يده على 
بدن الرجل ولمس جسمه لمسا وقال له : انمض ١*١."‏ 


“4 - في كتابه (الوهابية في الميزان ص 4 7؟) 
125 ص 33 
56 


- ص18 


17/1 


وهنا أيضا دلم يجد الخراساني حاجة لذكر مصدر القصة الأسطورية » ولا تاريخها وأشخاصها ورواتما , 
فان الأساطير لا يمكن أن تمر إلا في أحواء من الغموض والتعتيم. 

وهكذا ينقل لنا الخراساتي "قصة عجيبة " أخرى عن المحدث المجحلسي» الذي ينقلها عن كتاب 
(السلطان المفرج عن أهل الإيمان) (لمؤلف مجهول؟) أنه حكي (...) عن نحي الدين الاربلي " انه حضر 
عند أبيه ومعه رحل (؟) فنعس فوقعت عمامته عن رأسه » فبدت في رأسه ضربة هائلة» فسألته عنها , 
فقال: هي من صفين! فقيل له: وكيف ذلك ووقعة صفين قليمة؟! فقال : كنت مساففرا إلى مصر 
فصاحبني إنسان من "غزة" فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين » فقال لي الرحل: لو كنت في 
أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه » فقلت: لو كنت ف أيام صفين لرويت سيفي من معاوية 
وأصحابه » وها أنا وأنت من أصحاب علي ومعاوية لعنه الله » فاعتركنا عركة عظيمة » واضطربناء فما 
أحسست بنفسي إلا مرمياً لما بي ... فبينما أنا كذلك » وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه » ففتحت 
عيني فنزل الي ومسح الضربة فالتأمت » فقال: البث هنا » ثم غاب قليلا وعاد ومعه رأس مخاصمي 
مقطوعا والدواب معه » فقال لي: هذا رأس عدوك » وأنت نصرتنا فنصرناك » ولينصرن الله من نصره » 
فقلت: من أنت؟ فقال : فلان بن فلان - يعني صاحب الأمر عليه السلام - ثم قال لي: وإذا سئلت 
عن هذه الضربة فقل ضربتها في صفين".'”' 

ولو عرضنا هذه القصة على محكمة شرعية لحكمت على ذلك الرحل المحهول بالقتل والسرقة وربما 
الجنون » ولكن الشيخ الوحيد الخراساني " أستاذ علم الأصول" يقبلها ويرويها دون نقاش وكأتما من 
المسلمات والحوادث التاريخية الثابتة. 

ولكن .. حسنا » إذا كان الخراساني يصدق ذلك الرحل الذي ذهب إلى أعماق التاريخ وشارك في 
معركة صفين وتلقى ضربة على رأسه ثم عاد بقطيع من الدواب » فلا تستغربوا من ذلك » لان الشيخ 
الوحيد يؤكد لنا " انه مع من أحد العظماء الذين يعتمد على قولهم: إن هناك رياضة روحية خاصة 
تمكن الذين يمارسوتحا من رؤية الزمن الماضي ومشاهدة وقائعه » مثل يوم عاشوراء » ويقول : إن هذا أمر 
تام وممضي وفقا للقواعد العلمية (...) لأن كل هذه الأمور محفوظة ومخزونة في (الحفر) لم تتلف ولم 
تمسح » ويمكن للروح بواسطة تلك الرياضة الخاصة أن تتصل بما وتراها". ويقول بناء على ذلك:" إن 
إمام الزمان (عليه السلام) يشهد منظر كر بلاء في كل صباح ومساء » هذه هي حياة ولي العصر ء 


ا ه١١‏ 


وهذا هو امتحانه . 


والغريب إن الشيخ الوحيد الخراساني » أستاذ علم الأصول في الحوزة الدينية في قم يعرف: " إن أصول 


١51٠١ شعبان‎ ١ 5 المحاضرة الثانية بتاريخ‎ . 9١ اص‎ 6*١ 


1١6 


لك 


1/2 


المعارف الدينية والمعتقدات لا يصح أن تؤحذ من أي أحد », وان مبدأها والمرحع فيها هما اثنان لا غير: 
القرآن والحديث " ويقول:" إنما تنشأ الانحرافات عندما نأحذ عن غير هذين المصدرين » فان أصل هذه 
القضايا يحب أن يؤحذ من القرآن الكريم وتؤحذ الفروع من الروايات".7*١‏ 

ولكنه مع ذلك ينسج نظريته حول «الإمام المهدي) من حبال الخرافات والأساطير والفلسفة الباطلة» 
حتى يصل إلى القول بربوبية الإمام المهدي والشرك باللّه تعالى» حيث يفتح بابا للمعرفة مناقضا لعلم 
الأصول » يقوم على الذوق الخاص المتقلب » فيقول:"إن تفقه حديث أهل العصمة يتطلب ذوقا خاصا 
» وهو غير المتعارف المعهود , انه ذوق إفاضي لا تحصيلي" ١”4.‏ 

ويستند إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة مثل زيارة الجامعة والناحية ودعاء الندبة وزيارة ياسين وما إلى 
ذلك من تراث الغلاة. فهو مثلا يستند إلى فقرة في دعاء يرويه عثمان بن سعيد العمري (أحد أدعياء 
السفارة الخاصة عن الإمام الغائب) وهي:" اللهم عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن 
ديي" ويتخذ من هذه العبارة حجر الأساس في تفكيره الأسطوري » إذ يعلق عليها بالقول:" هذه كلمة 
محفوفة بالأحطار! وقبل البدء لا بد من التنويه إلى أن المسألة من الأهمية بمكان بحيث اما خارحة عن 
إطار قدرات وإمكانية أمثالي وأمثالكم... إن الموضوع هو (معرفة الحجة) لا معرفة العبادات والمعاملات 
الشرعية » ولا معرفة (الصحيح والأعم) ولا معرفة (البراءة والاشتغال) فهذه يمكننا أن نلجها بإقدام 
ونبحثها دون وحل. أما في هذه الأبحاث فنحن ندحل بخوف ورهبة. إذ لا أهلية لنا ولا كفاءة فلا مناص 
من أن نقول (اللهم عرفني حجتك) إن معرفة حجته شأن أكبر من أن نبلغه. وهذه الأبحاث - في 
حقيقة الأمر - ل تتقح وم تخضع للتحقيق كما ينيشي". ٠“‏ 

وهذا اعتراف من الشيخ الوحيد الخراساني بعدم امتلاك الأدلة العلمية الشرعية على وحود الإمام الثاني 
عشر الغائب (المهدي المنتظر) وصعوبة التعرف عليه والتأكد من حقيقته وهويته. ولو بذل الشيخ جزءا 
يسيرا من حياته ونشاطاته العلمية لدراسة حقيقة دعوى وجود ولد للإمام العسكري لعرف أن الأمر من 
بدايته إلى تحايته ليس سوى فرضية فلسفية وأسطورة خيالية لا حقيقة حارحية لاء وأنما لم ترد في القرآن 
الكريم ولا في السنة الصحيحة الثابتة » ولَم يعرفها الشيعة ولا أهل البيت حتى وفاة الإمام العسكري في 
منتصف القرن الثالث الحجري. حاصة لو اعتمد الشيخ الخراساني على مناهج البحث العلمية الأصولية 
التي يعتمدها الشيعة والعلماء في الحوزات الدينية » وصدق أقوال الإمام العسكري الظاهرية التي كان 


ا دص ”5 
“1*4 اص 7ك 
0 دص /” 


1/13 


ينفي فيها وحود ولد له في حياته » ورفض دعاوى الغلاة الباطنية الذين كانوا ينسبون إلى أهل البيت ما 
يحلو لهم من دعاوى منكرة باسم التقية. 

ولكن مشكلة الشيخ الوحيد الخراساني وأمثاله » انه خلافا لما يوحي موقعه في الحوزة» وتدريسه لعلم 
الأصول » ينطوي على قدر كبير من السذاحة والتقليد الأعمى والاعتماد على أقوال الفلاسفة المنحرفين 
والمتكلمين والغلاة الذين اختلقوا أسطورة وجود الولد للإمام العسكريء وانه يكوّن نظرياته في معرفة 
الإمام أو الغلو فيه من خلال الأدعية الموضوعة والزيارات المختلقة والروايات الضعيفة والحكايات 
الأسطورية التي نسجها فريق من أصحاب الإمام العسكري بعد وفاته وادعى بعضهم النيابة الخاصة عن 
ذلك "الإمام الموهوم'" . 


يقول الوحيد الخراساني:" إن معرفة الولي الأعظم والسر الأكبر منوطة بأن يقحم العلماء » وعندما 
أقول "العلماء" فلا اقصد الطبقة الدنيا منهم » بل أولئك الذين قضوا سنين متمادية في معالحة القضايا 
الفكرية » أن يقحموا مضمار التعابير التي جاءت في الأدعية والزيارات وان يوظفوا أقصى قدراتهم 
وطاقاتهم العلمية لشرح وتوضيح تلك الكلمات » وبالطبع لو كان ذلك مقترنا بقلب عامر بالتقوى 
فالمأمول أن تفتح نافذة على المعرفة". 

وأخيرا يعترف بالعجز وانطفاء سراج العقل في السعي لمعرفة الإمام» يقول:" إن النكتة الأساسية في 
معرفته انه من هو؟ وماذا يكتنف ذاته؟ وعندما يبلغ البحث هذا الموضع فان سرج العقول تخبو 
وتنطفئع". 1١7‏ 

ومع ذلك يقول:" إن الارتباط بالله سبحانه وتعالى متعذر ومحال إلا إذا تحقق الارتباط بالإمام » إذ 
يحب أن يتحقق الارتباط ب " من به الوحود" حتى يتحقق الارتباط ب" من منه الوجحود" هذه هي حقيقة 
اك 

ولست أدري كيف يؤمن الوحيد الخراساني برب لا يعرفه ولم ير له أثرا في الحياة أو الخلق؟ ولا يمتلك 
أي دليل شرعي على وجوده وولادته؟ وكيف يشرك هذا "الرب المجهول" بخالق السماوات والأرض ؟ 

"'فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته؟ انه لا يفلح المحرمون» ويعبدون من دون الله مالا 
يضرهم ولا ينفعهم » ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في 
الأر ؟ اشيتحانة وهال اعم 1 


١هك‎ 


دص 175 
5 <ت#ضع 7 
“*' يونس ١8-١٠7‏ 


1/14 


"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلحة لولا يأتون عليهم بسلطان بِيّنء فمن اظلم ممن افترى على الله 
نا 

"'فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لا يهدي القوم الظالمين". ١١‏ 

"فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا 
جاءتحم رسلنا يتوفوتحم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم انمم 
كانوا كافرين". ١١١‏ صدق الله العظيم 


وربما كان الشيخ الوحيد الخراساني غافلا عما يخالط عقيدته بالله تعالى من الشرك بسبب الغلو في 
الإمام المهدي , والاعتقاد بأنه "فاعل ما به الوحود" أو انه "رب الأرض" أو انه يغيث المضطرين في أي 
مكان..رعا ظنا منه انه يقول ذلك لا بالاستقلال ولكن باستمداد القوة من الله تعالى» ولكن كلامه 
يوحي باحتلاط الحق مع الباطل. ولعله إذا التفت الى هذه الأمور الشركية المنكرة المناقضة لعقيدة التوحيد 
» لاستغفر الله من كل ذلك » فهو يعرف أن الشرك في الناس أحفى من دبيب النمل» و" إن الله لا 
يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاءء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما". ١٠١"‏ وان "إن 
الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا" ١١‏ 
"وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار 


وم آاللظالين من أنطار ا 


ولذا نطلب من الشيخ أن يبادر الى التوبة الى الله و تصحيح عقيدته » وان يراجع خصوصا نظريته 
حول "وجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" ويدرسها بعمق ويتأكد من الروايات التاريخية 
التي تتحدث عن ولادته واخحتفائه » وان يبتعد عن الفلاسفة المنحرفين الذين نسجوا نظرية (الفيض) 
واعتقدوا بوجود مساعدين لله تعالى في خلق الكون وإدارته » الذين يعبرون عنهم ب: " ما بحم الوحود". 
الى جانب: "ما منه الوجود" وهو الله عز وجل وتعالى عما يشركون علوا كبيرا. 


ونسأل الله أن يهدينا وإياه لما فيه الخير والصواب ويعرفنا على صراطه المستقيم ودينه الواضح القوتم. 


ند 2 لكهف ١١‏ 
٠‏ -الأنعام ١45‏ 
٠١‏ - الأعراف /ام 
6١‏ - النساء /4 
اك ال او 
614 -المائدة 7٠"‏ 





1/15 





-١ 4‏ مع الشيخ علي الكوراني (العاملي) في محاولات عديدة للحوار ١٠‏ 
ما هو دور الإمام؟ قيادة الأمة؟ أم إدارة الكون؟ 


كان الشيخ علي الكوراني (العاملي) أول شخص يلبي ندائي الأول الذي وحهته سنة ١9197‏ لعدد من 
المراحع والمفكرين والمثقفين الشيعة للحوار حول موضوع وجود الإمام الثاني عشرء وذلك في أعقاب إتمام 
مسودة كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) مباشرة» وقد طلب إرسال 
الكتاب اليه الى قم حيث يقيم» وأرسلت له نسخة منه وانتظرت أن يرد علي بكلمة فلم يفعل حتى 
مضت سنوات » وطبعت الكتاب» طلب مني بعض الاحوة في موقع هجر للحوار على الإنترنت» ان 
نبدأ حوارا مفتوحا حول الموضوع» شارك فيه العاملي الكوراني» ثم انسحب منه بسرعة» وقد طبع الحوار 
في مجلدين بعد ذلك عدة طبعات» الى ان حلت سنة 7٠١”‏ حيث قمت بالتحدث عن بحربتي مع 
الكتاب والمتحاورين في قناة المستقلة الفضائية» فتدحل الشيخ الكوراني على الحاتف من قمء مما دفع 
مدير الحوار الى الطلب من الكوراني القدوم الى لندن والمشاركة المباشرة في الحوار مع الكاتب على المواء» 
فوافق وحضر من يوم غدء ولكنه طلب أن يبدأ الحوار حول موضوع الإمامة والنص على الإمام أمير 
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم التدرج في الحوار حسب تسلسل محتويات كتاب تطور 
الفكر السياسي» الذي يتضمن ثلاثة أحزاء ويقع في 4٠5٠‏ صفحة. فقلت له ان هذا غير ممكن لأن مدة 
البرنامج التلفزيوني محدودة» وساعاته محدودة» ولكنه أصر على رفض الحوار أو بدئه من موضوع (وجود 
الإمام الثاني عشر) الى أن قارب البرنامج على الانتهاء» فطلبت منه في إحدى الليالي أن يأحذ وقتي 
كاملا ويعرض ما لديه من أدلة وبراهين ينتظرها الجمهورء وأعده أنني لن أتكلم في تلك الليلة» فرفض 
ذلك أيضاء ليعود ويطالب في الليلة الأخيرة من الحوار بمنحه تلك الفرصة» ولكني رفضت هله المرة أن 
أعطيه الوقت الأخير كاملاً لكي يقول ما يريد دون تعقيب مني» وعرضت عليه المناصفة في الوقت» 


فرفض وانتهى اللقاء دون أن يقدم أي دليل حول ما جاء لإثباته من قم الى لندن. 


65" - راجع شبكة العراق الثقافية: 


11511-60ع [طاعك 7-2539 مطام. لدع 1571م طاو /ط "؟ /اعط. اعخطعع مه 11 177377577// :خط 
0 2 0)2 117011-22 ]1 


مآان[0 1839615601 


106 


وبعد ذلك بشهور طلب عدد من الأحوة في موقع (شبكة العراق الثقافية) الذي كنت والشيخ الكوراني 
نتحاور فيه حول موضوع التوحيد والتفويض» أن يجري بيننا حوار حول (الإمامة ووجود الإمام الثاني 
عشر) كتابدّ فكتبت بتاريخ ٠٠٠١/7/١‏ قائلا: 


لا حاجة لمواصلة الحوارات الطائفية العقيمة 


هل التراث الطائفي ضرورة حضارية يجب ان نستوعبه بدقة وقوة ثم نورثه الى أجيالنا القادمة؟ 

أم انه عبأ ثقيل وكابوس مزعج يجب ان نتخلص منه في أقرب فرصة؟ 

لم أكن لأسأل نفسي هذا السؤال قبل أربعين عاما عندما نشأت في بيئة إسلامية شيعية متدينة 
وترعرعت ف حوزة علمية ناشطة ومتوثبة للدفاع عن الإسلام و التشيع في مواجهة التيارات الإلحادية و 
القومية و الليبرالية و الديموقراطية والوطنية » و البناء على أنقاضها حكومة إسلامية شيعية تحت قيادة 
الفقهاء المراحع. ولكن تحربة الدولة الإسلامية في إيران » التي امتنبحت بكثير من الديكتاتورية دفعتني 
لمراجعة الفكر السياسي الذي نشأت عليه و دعوت اليه » فوحدت انه يقوم على كثير من الأساطير و 
الخرافات و الفرضيات الوهمية. وأقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من عملية بناء الدولة و امجتمع في 
العراق » وأنا اعرف ان كثيرا من الاطروحات و البرامج التي يحملها البعض تنطوي على بذور التخلف و 
الديكتاتورية و التناحر و التمزق » التي تعيق عملية البناء و التوحيد و التجديد والنهوض. واعتقد ان 
الخلاف الطائفي أحد عوامل التخلف والتمزق والانحطاط . وذلك لأنه حلاف عقيم و يدور حول 
أحداث تاريخية لا يمكن إعادتما الى الحياة اليوم » و حول أشخاص لا يمكن إعادتمم الى الحياة اليوم. إذ 
ينشط المتحاورون الطائفيون الذين يتصارعون بعصبية ظاهرة و محتدمة حول من كان (لاحظوا: كان) 
أحق بالخلافة قبل أربعة عشر قرنا. وسواء قلنا بأن فلانا أحق بالخلافة وانه كان معصوما و منصوصا 
عليه من الله » أو لم نقل ذلك بل قلنا ان الرسول الأعظم ترك الأمر شورى » فاننا لن نستطيع ان نعيد 
عقارب الساعة الى الوراء » و لن نستفيد من هذا الخلاف أي شيء ء إلا التناحر في ما بيننا اليوم وزرع 
العداوة و البغضاء في نفوس بعضنا البعض» وصولا الى التكتل الطائفي شيعة و سنة حول قضية بائدة 
ومنقرضة وأشخاص لا وجود لحم اليوم. وحتى لو قلنا بوجود الإمام الثاني عشر و غيبته » فانه بحكم 
المعدوم إذ لا ظهور له و لا يمكن إقامة نظام سياسي معاصر يتبع قيادته ويخضع له ويستلم إرشاداته و 
توحيهاته وتعليماته. 


177 


وأرى ان السنة و الشيعة اليوم» يبحثون معا شكل النظام السياسي الذي يريدون إقامته في المستقبل» 
هل يكون جمهوريا أم ملكيا؟ وهل يكون رئاسيا؟ أم برلمانيا؟ وما هي صفات الرئيس؟ هل هي الوطنية و 
النزاهة؟ أم العلم و العدالة؟ وما هي علاقة النظام السياسي و الحيئة التشريعية فيه بفقهاء الدين من السنة 
و الشيعة؟ وهل يكون أساسا نظاما إسلاميا؟ أم علمانيا؟أم بين بين؟ وما الى ذلك من الأمور المشتركة 
التي تمم الجميع بلا فرق بين سنة أو شيعة . 

إذن فلماذا يحب علي ان أعود الى الماضي السحيق لأبحث من كان أحق بالخلافة يومئذ؟ وأغفل 
عمن يحق له و يجوز له ان يتولى السلطة اليوم في العراق وكيف بمارسها بعدالة؟ وكيف يحافظ على 
الحريات العامة و يلتزم بالقانون؟ 

ان نظرية الإمامة الإلهية لأهل البيت سالبة بانتفاء الموضوع . على فرض صحتها » و مهما جئنا 
عليها بأدلة » وبناء على ذلك أعتقد ان من الابتعاد عن العقل التحمس البالغ فيه في بحث موضوع 
الإمامة » إلا بقدر ما يبحث الإنسان قضية تاريخية. وان من الخطأ تحويلها الى قضية دينية أو مركزية 
والتطرف في طرحها كأنتما صلب المذهب الشيعي » وان أية مناقشة لما هي محاولة لضرب المذهب 
الشيعي » وذلك لأن نظرية الإمامة لم تكن شائعة عند عامة الشيعة في القرون الحجرية الأولى و انما 
كانت نظرية سرية يهمس بما بعض الغلاة و المتطرفين بعيدا عن أئمة أهل البيت الذين كانوا يصرحون 
بأقوال مخالفة لما و يمارسون سياسة بعيدة عنها و يتخذون مواقف متناقضة معها . و لذلك كان 
الاماميون ينسبون نظرية الإمامة سرا لأهل البيت و يدعون ان هؤلاء بمارسون التقية. 

هذا أولاً » و ثانياً: ان هذا البحث أو الحوار عقيم ولا ينتج أية نتيجة » إذ لا يمكن ان نذهب 
اليوم الى إمام من أئمة أهل البيت و نبايعه بالخلافة أو نأحذ منه العلم الإلهي أو حتى تفسير القرآن و 
تأويله. 

نعم يوحد تراث لأهل البيت و علوم واجتهادات وسيرة ونماذج خلقية رائعة وقدوات حية في الشهادة 
و الكرم و الزهد و الورع والتواضع » و هذه أمور نابعة من صميم الإسلام ولا نقاش حوها ويعترف بما 
كل المسلمين . ويمكن ان تفيدنا في عملية البناء الحضاري. 

ان المسلمين عامة يوالون أهل البيت و يأخذون من علومهم وأخحلاقهم و سيرتحم الفاضلة » 
ويشهدون اتحم أولياء الله » ولكن هذا شيءء والخلاف حول إمامتهم من الله وانحم معصومون أو 
منصوص عليهم من الله » شيء آخر . و هو غير مفيد ولا منتج لأي شيء. 

هذا إذا لم تتحدث عن الغلاة و المفوضة (لعنهم الله) الذين يدعون الى القول بمشاركة الأئمة لله تعالى 
في إدارة الكون وف الرزق و الحياة و الموت وما الى ذلك » فان الحديث عندئذ يخرج من دائرة الإمامة 
لكي يدخل في دائرة التوحيد » ويتطور من حوار طائفي سني شيعي » الى حوار بين الإسلام و المسلمين 


1/1 


و الغلاة و المفوضة.ولا اعتقد ان أحدا من المسلمين الواعين العارفين لما يقولون » مستعد للحديث عن 
دور الأئمة في مساعدة الله ومشاركته عز وجل. 

إذن فلنطو صفحة التاريخ السحيق و الخلافات الطائفية العقيمة » و لنفتح صفحة الحوار حول 
الفكر السياسي المعاصر وشكل النظام الحديد الذي نريد. 


وكتبت أيضا قائلا: 

"قبل الحوار مع العاملي في موضوع الإمامة » لا بد ان يكمل الحوار حول موضوع التوحيد ‏ 
ومشاركة الأئمة في إدارة الكون مع الله » و الذي يعتبر موضوعا أساسيا لكل مسلم » حتى يتم وضع 
حد بين الإسلام و المسلمين و بين المشركين و الغلاة والمفوضة. 

ثم عليه ثانيا ان يعلن تمسكه بالقرآن الكريم مصدرا أساسيا لأية عقيدة إسلامية » و يعلن تمسكه 
بصحة القرآن الكريم و سلامته عن التحريف. 

وعليه ثالثا: ان يلتزم بمبدأ الاحتهاد , و النظر في سند الأحاديث التي ينقلها » وكذلك يعلن 
استعداده لبحث رجال الروايات التي يعتمد عليهاء ولا يكتفي بالاعتماد على النقل و التقليد للسابقين. 

وعليه رابعا: ان يعلن موقفه من العقل » هل هو حجة دائما؟ أم في بعض الأوقات وحسب الحاجة؟ 
و ليس بحجة عندما يغلب عليه النقل الضعيف و أخبار الآحاد. 

وعليه خامسا: ان يعلن موقفه من المنهج الباطني؟ وهل يشكل الظاهر حجة لديه دائما ؟ أم في 
بعض الأحيان وحسب الحاجة » ليعود الى المنهج الباطني عندما يحتاج لإثبات ما يشاء من أمور؟ 

وعليه سادسا: أن يعرّف "التواتر" » ويميز بينه و بين أحبار الآحاد ؟ و يعلن موقفه منها حاصة في 
أمور العقيدة. 

وعليه سابعا: أن يعلن تمسكه بأخلاق القرآن الكريم في الحوار (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في 
ضلال مبين) ويعلن إمكانية حطأ تصوراته عن مذهب أهل البيت » و استعداده لتغييرها و إصلاحها و 
العودة الى مذهب أهل البيت » ان تبين له غير ما يعتقد بعد الحوار » دون تعصب أو حمية. 

وعليه ثامنا: ان يلتزم بالإحابة عن الأسئلة التي تطرح عليه » و لا يكتفي بطرح الأسئلة » ورفض 
الإحابة عن أسئلة الطرف الآخر. 

وعليه تاسعا: ان يتجنب الأمور الشخصية و التنابز بالألقاب وإطلاق التهم والافتراءات و البهتان» 
ونبذ السياسة الغوغائية اعتمادا على بعض الأحاديث الموضوعة » ويعلن تمسكه بالحوار الموضوعي. 


1/9 


وعليه عاشراً: أن يبحث الأمور حسب الاتفاق نقطة نقطة » ولا يمزج بين عدد من الأمور جملة 
واحدة » أو يقفز من موضوع الى آخر قبل إكمال بحث الموضوع السابق أو تلقي الرد و الإجابة عليه 
من الطرف الآخر. 

هذه نقاط مبدئية في الحوار » أعلن تمسكي بما . و اطلب من العاملي الالتزام بما في مقدمة الحوار 
حتى لا يصبح حوار طرشان أو بحثا عقيما ملا واطلب من الله العون و الحداية و الرشاد. 


واستجاب الشيخ علي الكوراني للحوار» ولكنه رفض الالتزام بمبادئ الحوار الأصولية التي قدمتهاء 
فوجحهت كلمة أخرى للمتحاورين في شبكة العراق الثقافية: 


الاحوة الأعزاء 


هذه ليست المرة الأولى التي يستعرض فيها الكوراتي عضلاته للحوار » ولم ادعه أنا اليه لأني اعرفه 
جيدا من خلال تحاربي السابقة معه » ومن أراد ان يطلع على حواراتنا السابقة فليراجعها ف شبكة هجر 
أو في موقعي أو في المواقع الأخرى . ولا أظنه سوف يضيف جديدا » و ليست لديه بضاعة سوى 
الاستهزاء و الكذب و البهتان و الافتراء كاستراتيجية إعلامية ثابتة » ومع أن لم اقترح الحوار وائما 
استجبت له تلبية لطلب الأحوة الكرام » فقد وضعت مبادئ أولية للحوار كقاعدة أو مرجعية للحوار 
وهي: أولا: القرآن الكريم » إذ لا يجوز ان نختلق أفكارا و عقائد لم يتحدث عنها القرآن الكريم » و لا 
يجوز ان نقبل بأية فكرة أو عقيدة يناقضها القرآن » والمشكلة ان الكوراني يبني كثيرا من عقائده المنحرفة 
المغالية بعيدا عن القرآن الكريم » ويستمدها من الأحاديث الضعيفة أو المختلقة. وحتى عندما نأي الى 
الأحاديث ونحاول الاستعانة بما لتكوين أية فكرة أو عقيدة » لا يجوز ان نغرف من الكتب غرفا من 
دون تحقيق أو تدقيق وانما يحب علينا ان بحتهد فيها كما يفعل العلماء في مواضيع الطهارة و النجاسة و 
الصلاة و الصوم وما الى ذلك ». و لكن الشيخ الكوراني يرفض المنهج الأصولي الاجتهادي ويروج 
للمنهج الأخباري الذي يعتبر كل الروايات صحيحة وانما صادرة عن أهل البيت» بل ربما يتمسك ببعض 
الروايات المزورة اكثر ثما يتمسسك بالقرآن الكريم. فهل يمكن ان نتحاور مع شخص لا يحدد موقفه مسبقا 
من القرآن الكريم كمصدر أساسي ووحيد للعقيدة الإسلامية؟ وهل يمكن ان نتحاور مع شخص لا 
يؤمن بضرورة الاحتهاد و التحقيق في الروايات والتمييز بينها؟ وكيف نصل الى نتيجة؟ 


ثم أيضا هناك المنهج الظاهري والمنهج الباطني . حيث كان الغلاة و المنحرفون وأعداء أهل البيت 
وأعداء الإسلام يضلون السذج و البسطاء والجهلة و العوام بأفكار و نظريات مغالية ومتناقضة مع 


160 


القرآن وينسبوتما زورا وكذبا لأهل البيت وهم منها براء » وعندما كان أهل البيت يلعنون أولئك الغلاة 
والمنحرفين الذي يرتزقون باسمهم » ويتبرءون من أفكارهم الضالة » كان أولئك الغلاة يدعون حلاف 
الظاهر و يتمسكون بالمنهج الباطني باسم التقية » فيقلبون أقوال الأئمة الظاهرة رأسا على عقب » 
ويفسرون أفعالهم بصورة معكوسة » بل كانوا ينفون وفاة بعض الأئمة ويدعون غيبتهم ١‏ ويختلقون 
لبعضهم أولاداً لم يولدوا ول يوحدوا » كذبا وزورا. 


وبما ان الكوراني يدعي انه يتبع أهل البيت ٠‏ فنقول له قبل أي حوار » هل تصدق بأقوالهم الظاهرة؟ 
أم تفسرها تفسيرا مقلوبا ومعكوسا؟ وهل تؤمن بوفاتحم بصورة طبيعية أم تؤمن بغيبتهم؟ وهل توافق 
بعض الفرق الشيعية التي قالت بالمنهج الباطني ونفت وفاة بعض الأئمة أو نسبت أولادا لبعضهم؟ ولماذا 
ترفض هنا و تقبل هناك؟ وعلى أي أساس؟ 


نسأله أيضا: هل تقبل بالاحتكام الى العقل دائما أو في بعض الأحيان؟ 


وذلك لأن الشيخ الكوراي» ومن يفكر مثل تفكيره » يبني نظرياته أحيانا على مقدمات عقلية » ثم 
ينقضها ويرفض الاحتكام الى العقل عندما يقع في أزمة أو طريق مسدود. مثلا: انه يقول: ان الإمامة 
واحبة على الله ولا يحوز ان تخلو الأرض يوما من إمام معصوم » بحكم العقل. ولكنا عندما نسأله :ولماذا 
غاب الإمام المعين من قبل الله على زعمك؟ ولماذا لا يظهر؟ وما هو حكمنا اليوم في ظل غيبته؟ هل 
نخلس مكتوفي الأيدي بلا عمل؟ أو نبادر الى تشكيل الحكومة الإسلامية عبر الشورى أو عبر انتخاب 
فقيه عادل؟ وهل يجوز ان نعطل إقامة الدولة وأحكام الشريعة انتظارا للإمام المعصوم؟ يسكت ولا يجيب 
ويقول لا تستخدموا عقولكم » ان عقل الإنسان قاصر ولا يستطيع ان يعرف الغيب . 


ونقول له: نحن نؤمن بالغيب الذي يتحدث عنه القرآن الكريم و الأحاديث الصحيحة الثابتة » ولكن 
ليس بلا دليل » فيحيلنا الى روايات ضعيفة ويمنعنا من الاجتهاد و التفكير فيه. 


انه يحاول ان يؤلف نظرية سياسية ممتدة من زمان رسول الله صلى الله عليه و آله الى يوم القيامة » 
وذلك اعتمادا على بعض الأحاديث و الروايات التي توحد فيها نقاشات كثيرة في المتن والسند» وتدور 
حول النص على الإمام علي بن أبي طالب وحقه بالخلافة. ونقول له: طيب عال إذا كانت نظريتك 
صحيحة وان الله يحب ان يعين الأئمة من قبله الى يوم القيامة ولا يجوز ان ينتخب المسلمون أئمتهم 
بالشورى وحسب مواصفات العلم و العدالة » فأين إذن هؤلاء الأئمة الذين عينهم الله منذ أواسط القرن 
الثالث الحجري؟ وما هو حكم الناس في هذه المدة الطويلة التي يمكن ان تمتد الى آلاف السنين؟ وأين 
هو الإمام اليوم؟ فيقول انه غائب؟ ونقول له: وما هو موقفنا العملي؟ ما هو حكمنا الشرعي؟ هل 


1651 


ننتظره وننتظره وننتظره ؟ِ والى متى؟ ولماذا هو غائب؟ هل يخاف من الناس ومن الحكومة العباسية؟ وقد 
ذهبت منذ مئات السنين » وقامت دول واتمارت دول أخحرى؟ ولماذا يخاف الإمام؟ ولماذا لا ينصره الله 


بصورةاغيية أو يستعل للشتهادة و الموت فق سبيل اللد؟ 
إنه لا يفكر ويريد منا ان بحمد عقولنا معه ولا نفكر في أي موضوع! 


ويقول أيضا: لا.. ليست مهمة الإمام إقامة الدولة وائما هو يعمل سكرتيرا عند الله أو مساعدا له في 


إدارة الكون. 


ونقول له : نستغفر الله على ما تقول , ان هذا شرك وغلو وتفويض مرفوض في الإسلام وي مذهب 
أهل البيت » ما هو دليلك عليه من القرآن الكريم؟ ومن الأحاديث الصحيحة؟ ولماذا لا تحتهد في 
الروايات؟ أو تخلط بينها بمذه الصورة؟ 


ولا يملك في الإحابة على هذه الأسئلة غير إطلاق الإشاعات و الأكاذيب و التهم و الافتراءات 
والسخرية و الاستهزاء و اللهمز و اللمز. 


وأخيرا .. نقول له: طيبء لا نريد ان نحاورك » و إذا كنت تبني نظريتك في التفويض والولاية 
التكوينية على وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) فتفضل واعرض ما لديك من أدلة 
تاريخية محققة للناس » ولا تكتفيٍ بتقديم الأدلة الفلسفية التي تقوم على ضرورة افتراض ذلك الولد الموهوم 
» خلافا للظاهر من حياة الإمام العسكري وحلافا لأهل بيته الذين أنكروا وجوده. 


فهل يفعل؟ طبعا.. لاء إذ أنه لا يريد الحوار» ولا يمتلك أي دليل » و انما يريد استعراض العضلات 
وإضاعة الوقت و التهريج ليس إلا. 


ولم يكن قصدي من طرح موضوع التوحيد والولاية التكوينية » فتح موضوع حديد وبعيد عن موضوع 
الإمامة » وانما بحث موضوع الإمامة من الزاوية التي يطرحها العاملي » فهو يطرح موضوع مهمة الأئمة 
في إدارة الكون ومشاركة الله تعالى في ملكه » ردا على سؤال: من هم الأئمة وما هو دورهم في الحياة؟ 
خاصة بعد غيبة (الإمام الثاني عشر) المفترضة الطويلة » والمناقضة لعملية نصبهم لإدارة المجتمع 
الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة. 

ان الغيبة المفترضة تتناقض مع فلسفة الإمامة التي تقول بأن من الواحب على الله تعالى ان ينصب 
لعباده أئمة معصومين » وهو ما كان يقول به فلاسفة الامامية السابقون » ويمكن مراجعة أي كتاب في 
الإمامة للشيخ المفيد أو السيد المرتضى أو الشيخ الطوسي أو العلامة الحلي » وخاصة كتاب الألفين» 


2ظ1 


للتأكد من فلسفة الإمامة ومعنى الإمام ودوره في الحياة في مفهوم الامامية. حيث يقول الامامية: انه لا 
يعقل ان يترك الله المسلمين بلا وال 22 أو إمام بعد الرسول» أو ان يتركهم لكي ينتخخبوا الإمام عبر 
الشورى . ولم يكن حديث الامامية عن الإمامة يدور حول إدارة الكون. 

وطبقا لهذا المفهوم فان الغيبة تشكل تناقضا صارخا مع نظرية الإمامة ووحوب تعيين الله للإمام في 
كل زمان » فقد مضى اكثر من ألف و مائة عام والمسلمون و الشيعة بالخصوص ليس لحم إمام من الله 
» ولذلك ذهبوا يبحثون عن إمام فقيه عادل ويكتفون به لإقامة دولتهم » بعد ان اضطرتهم النظرية 
الامامية السابقة الى الاعتزال السياسي والانتظار الطويل. 

ومن هنا اعتقد ان الشيعة اليوم هم حعفرية فقط وقد تخلوا عن نظرية الإمامة وشروطها المثالية 
التعجيزية في العصمة و النص » والاثني عشرية والتمسك بانتظار الإمام الغائب » وذلك على المستوى 
العملي » و ان كان البعض يبحمل في مخيلته بعض آثار الفكر الإمامي البائد. 

وقد عاد الشيعة بذلك الى فكر أهل البيت الأصيل القائم على الشورى وحق الأمة في الانتتخاب » 
وخرجوا من الفكر الدخيل الأسطوري الذي بثه الغلاة في تراثهم. 

لقد كانت مهمة الأئمة في الفكر الإمامي تنقسم الى أمرين هما التشريع في الحوادث الواقعة وتحصيل 
العلم بما من الله » والتنفيذ . وقد تخلى الشيعة عن الركن الأول من نظرية الإمامة بفتح باب الاجتهاد 
في القرن الخامس الحجري على يدي الشيخ المفيد والطوسي و المرتضى » بعد كفاح طويل مع الامامية 
الذين كانوا يعتبرون "الاجتهاد" متناقضا مع الإمامة » ثم تخلى الشيعة عن الركن الثاني من نظرية الإمامة 
بقولحم بولاية الفقيه أو الشورى » حيث أجازوا إقامة الدولة الإسلامية بدون إمام معصوم معين من الله. 
وأذكركم مرة ثانية بقراءة كتاب الألفين للعلامة الحلي لكي تتأكدوا بأنفسكم لماذا كان الامامية يعارضون 
نظرية ولاية الفقيه ويعتبروتها نظرية سنية زيدية متناقضة تماما مع نظرية الإمامة . 


أيها الاحوة الأعزاء 


نحن نعيش اليوم في القرن الخامس عشر الحجري » وقد ورثنا عن آبائنا و أحدادنا فكرا معينا » 
ودرسنا الإسلام وآمنا بالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه و آله وسلم » الذي ترك لنا القرآن الكريم » 
وكماً هائلا من الروايات و الأحاديث المنسوبة اليه و الى أهل بيته » وكان يوحد منها في القرن الثالث 
المجري حوالي نصف مليون رواية » فقام علماء الحديث عند أهل السنة كالبخحاري و مسلم بتصفية 
تلك الأحاديث الى بضعة آلاف » وقام علماء الشيعة بتصفية الأحاديث الواردة في الكافي وغيره 
وضعفوا معظمها » و لا تزال توجد في كتب السنة والشيعة أحاديث ضعيفة غير منقحة» وينفرد الشيعة 


الامامية بذكر أحاديث وقصص عن ولادة شخص يقولون انه الإمام الثاني عشر و انه غاب منذ حين 


163 


ولادته وسوف يظهر في المستقبل » ونحن لم نكن موحودين حين ولادته ولم نشهد قصته » وانما وصلتنا 
كتب تتحدث عن ذلك » و لكن لا يوجد له ذكر في القرآن الكريم » ونريد ان نتحقق من صحة تلك 
الروايات التي شكلت نظرية معينة يعتبرها البعض عقيدة ثابتة وضرورية من ضروريات الإسلام وأصلا من 
أصول التشيع » فأعدنا قراءة القرآن ولم بحد فيه شيئا من ذلك واعدنا من قراءة الروايات فوحدنا ها 
ضعيفة ومكذوبة ومزورة ومختلقة بعد عشرات السنين من تلك الحادة المفترضة. 

قلنا ان من حقنا بل من واحبنا الاجتهاد في تلك الروايات و القصص التاريخية » ولكن البعض 
عتعض ويرفض ممارستنا لهذا الحق ويطالبنا بالتقليد الأعمى لكل ما ورثنا عن آبائنا و أجدادنا. 
قلنا لهؤلاء: طيب» هل لديكم دليل علمي تاريخي قاطع على ولادة الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن 
العسكري) ؟ قالوا: لا» ليس لدينا دليل تاريخي قاطع؛ وليس من حقكم ان تطالبوا بالدليل التاريخي انما 
يحب عليكم ان تقبلوا بالدليل الفلسفي الافتراضي؟ 

قلنا لحم: إننا نقبل الأدلة الفلسفية حول القضايا الكلية الفلسفية » و لكنا نطالب بالأدلة التاريخية 
حول القضايا التاريخية » كما نطالب بالأدلة العلمية المادية حول القضايا العلمية الفيزيائية و الكيماوية 
المادية » التي لا يجوز ان نؤمن بما بالفلسفة كما كان يفعل فلاسفة الإغريق الذين كانوا يعتقدون ان 
العالم كالبصل طبقات بعضها فوق بعض و الأرض في مركز البصل. 

ويقولون: بصراحة إذا لم نؤمن بحذه الفرضية (فرضية وجود الولد للإمام العسكري) فان نظرية الإمامة 
الإلمية ستنهار وتنتهي » ونقول لهم: ومن قال لكم ان نظرية الإمامة هي من أهل البيت ؟ ولماذا لا 
تكون نظرية وهمية مختلقة لا علاقة لما بأهل البيت وهي كذلك؟ 

الخلاصة اتحم ف أزمة وق ورطة » بعد أن وقعوا في أسر نظريات وفرضيات وهمية أسطورية لا علاقة لها 
بالإسلام ولا بالتشيع » ويحاولون فرضها علينا و على العالم الإسلامي » وهي نظريات و فرضيات 
أضرت بالشيعة قبل غيرهم وعزلتهم عن مسرح الحياة قرونا من الزمن » ويحاولون اليوم الارتداد عما 
حصل من تطور سياسي فكري عند الشيعة باتمام العلماء الذين يقولون بنظرية الشورى أو ولاية الفقيه 
بأنهم التقاطيون ومتأثرون بالسنة و الغرب. 

وإذا كان بعضهم يجرؤ على توحيه نقدهم بصراحة الى السيد محمد باقر الصدر » فانه في الحقيقة 
يحمل نفس الملاحظات و الانتقادات ضد رموز النهضة الشيعية الحديثة وعلى رأسهم الإمام الخميني » 
ولكنه لا يجرؤ على توجيه أصابع الاتحام بالالتقاطية اليه. 


أيها الاخوة الأعزاء محبي أهل البيت عليه السلام 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
وأعوذ بالله من الشيطان الرحيم 


1654 


بسم الله الرحمن الرحيم 

لا أريد ان اجحعل من هذه الفرصة مناسبة لتبادل السباب و الشتائم مع من لا يلتزم بشرف الحوار» 
ومع انه يكذب علنا ويراوغ جهارا » و لكنه يلقي باتحاماته يمينا و شمالا ويتهم الآخرين بما ينطوي عليه 
من صفات قبيحة. دعوناه الى بحث موضوع التوحيد » وقلنا له انه يشرك بالله بنظريات استقاها من 
المفوضة الغلاة الملعونين على لسان أهل البيت عليهم السلام » وقلنا له من أين تأحذ عقيدتك؟ من 
القرآن الكريم الذي يقول ( ان الله لا يغفر ان يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء » ومن يشرك 
بالله فقد افترى إثما عظيما) 48 النساء ؟, أم تأخذها من الغلاة والمنحرفين و المدسوسين في مذهب 
أهل البيت » و من الروايات الضعيفة و الموضوعة و المختلقة؟ ودعوناه الى التحقيق في تلك الروايات 
والعودة الى القرآن الكريم » فرفض. 

قلنا له: انك تبني عقيدتك على مجموعة روايات موضوعة ومؤولة ومجموعة خرافات و أساطير 
وفرضيات وهمية » ولا بد ان تدرس وتحتهد » فرفض » و أصر على طرح موضوع الإمامة وموضوع النص 
على الإمام علي عليه السلام » قلنا له حسنأء ولكن بشرط ان تبحث موضوع ولادة الإمام الثاني عشر 
(محمد بن الحسن العسكري) فرفض. 

وإنني متأكد انه لم يدرس نظرية الإمامة بدقة وبصورة شاملة ويجميع فقراتما » وائما يتشبث ببعض 
الروايات فقط » فهو لا يريد ان يبحث موضوع النص على كل إمام » وهو غير موجود إطلاقا » وهو لا 
يريد ان يبحث موضوع الوصية بالإمامة على كل إمام » و هي غير موحودة أيضا » ولا يريد ان يبحث 
موضوع علم الأئمة» وكيفية انتقال الإمامة من واحد الى آخخر » خاصة و ان بعض الأئمة كانوا أطفالا 
صغارا عند وفاة آبائهم » وقبل ان يتعلموا منهم » وهو لا يريد ان يبحث موضوع البداء الذي ينسف 
نظرية النص نسفا » و لا يريد ان يبحث موضوع التقية التي تتهم الأئمة بالازدواحية في حياتحم و 
أقوالهم بين الظاهر و الباطن. 

وإذا سلمنا له بكل ما يقول » فانه مع ذلك لا يستطيع ان يثبت وحود وولادة (الإمام الثاني عشر) 
المفترض » و ذلك لأن كثيرا من الامامية الذين كانوا يؤمنون بإمامة الإمام الحسن العسكري لم يستطيعوا 
ان يتأكدوا من ولادة ولد له » فكيف يأتي هو بعد اكثر من ألف عام ليؤمن به؟ إلا عن طريق الوهم و 
الخيال والافتراض التعسفي المناقض للأدلة الشرعي. وليست له ولمن قال بضرورة افتراض وجود الولد في 
السر » من حجة سوى شعار (لا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين) وهذا شعار باطل ما 
انزل الله به من سلطان » و لم يكن كثير من الشيعة الامامية الأولين والأفاضل كعلماء بني فضال 
والشيعة الفطحية يؤمنون به » لأنحم يقولون بحواز الانتقال الى الأخ إذا لم يكن للإمام السابق ولد » 
كما انتقل الشيعة بعد قولهم بإمامة عبد الله الأفطح بعد الإمام الصادق ثم انتقلوا الى إمامة أخيه موسى 
بن جعفر » بعد وفاته دون عقب. أما الذين أصروا على التمسك بذلك الشعار الباطل » فاضطروا الى 


1655 


اختراع ولد موهوم للإمام عبد الله الأفطح . و قالوا ان امه محمد وانه المهدي المنتظر » وقد شطوا 
بذلك شططا كبيرا. وهكذا فعل الاثنا عشريون الذين قلدوا ذلك الجناح من الفطحية الذين احترعوا 
لإمامهم السابق ولدا في السر عن طريق الخيال والافتراض والوهم و الأساطير » وقالوا بضرورة وجود ولد 
للإمام العسكري » من دون الحاجة الى تقديم الدليل » وانما اعتمادا على شعار (لا تكون الإمامة في 
أخوين بعد الحسن و الحسين). ولم يسألوا أنفسهم: ولماذا لا تكون؟ هل هناك آية أو حديث يمنع من 
إمامة الأخوين؟ك هذا إذا كان الله تعالىى ‏ قد نص على الإمامة؟ 
وإذا كان العاملي يصر على افتراض وحجود الولد للإمام العسكري » فنحن نسأله: لماذا لا يؤمن بالإمام 
(محمد بن عبد الله الأفطح , حفيد الإمام الصادق)؟ ولماذا يتهم من يقول به بأنه باطني يخالف الظاهر 
من حياة الإمام عبد الله الأفطح الذي لم يشر الى وجوده ولم يعترف به؟ ولماذا يكون ظاهريا هنا وباطنيا 
هناك؟ وما هو الفرق بينه و بين ذلك الفريق من الفطحية؟ 

ان مشكلة العاملي انه لا يقرأ التاريخ الشيعي ليعرف وجود فرق امامية عديدة » و ان القول بالنص 
على الإمام علي لا يؤدي ول يؤد بالضرورة الى القول بفرضية وجود الولد للإمام العسكري » وان هذا 
القول مبني على خيطٍ واهٍ أوهن من خيط العنكبوت؟ فأية عقيدة هذه تقوم على خيوط واهنة و لا 
تعتمد على آية من القرآن الكريم أو حديث متواتر أو قصة تاريخية ثابتة؟ 

ان كنت لا تدري فتلك مصيبة » و ان كنت تدري فالمصيبة اعظم. 

ورعا كان العاملي يعرف ولكن تأحذه العزة بالإثم... 


وفي مداحلة لاحقة للعاملي » لخصها المشرف المنهال » اقترح ان نبدأ الحوار من موضوع الإمامة» و 
اقترحت ان نبحث موضوع وجود الإمام الثاني عشر مباشر. ثم عاد الأخ المنهال جزاه الله لاقتراح بحث 
موضوع التوحيد ثم النبوة ثم الإمامة ثم موضوع الإمام الثاني عشر » ويبدو ان العاملي وحد في هذا 
الاقتراح خخشبة الخلاص للتهرب من الموضوع الأساسي ليغوص في مواضيع بعيدة وطويلة حتى يمل 
الأحوة القراء وينتهي الحوار أو لا ينتهي » و لكن من دون بحث الموضوع الأساسي. 
ولكي احفف عنه المؤونة » أقول : 

سأعود الى الوراء خمسة عشر عاما » حينما عدت من السودان ومعي بعض الاخوة السودانيين 
المتشيعين ليدرسوا في حوزة القائم في طهران. وأنا الآن أؤمن بالأئمة الاثني عشر وبنظرية الإمامة التي 
كتبت عنها ودعوت اليها من قبل. فلا حاحة اليك لكي تتعب نفسك يإثبات موضوع الإمامة أو 
النصوص حول الإمام علي. طيب؟ 


156 


ولكني اقرأ الآن كتابا للشيخ الطوسي اسمه (الغيبة) يستعرض فيه النظريات المهدوية الشيعية السابقة 
التي تبلغ حوالي عشرين نظرية ويفندها واحدة تلو الأخرى » ينتقد المنهج الباطني » ويضعف الأحاديث 
التي يستند اليها الواقفية والناوسيية و الكيسانية و غيرهم » ويحاول إثبات وجود الإمام الثاني عشر » 
وأقرأ في كتابه: ان الشيعة الامامية شكوا في الخلف واختلفوا وتفرقوا » ولكن بعضهم جاء بأدلة وقصص 
عن رؤية الإمام الثاني عشر في حياة أبيه وبعد وفاته » ولكنه ينقل تلك القصص و الروايات عن 
أشخاص ضعفاء و مشهورين بالغلو والاختلاق و الكذب . إلا انه يتدارك ليقول بأن الدليل الاعتباري 
هو أهم الأدلة. واقرأ أيضا للشيخ المفيد و السيد المرتضى والشيخ الصدوق والنعماني ,» وغيرهم من 
علماء الاثني عشرية » لأحدهم يصرحون بعدم وحود أدلة تاريخية قوية تثبت وجود الولد للإمام 
العسكري » واتمم يستدلون على ذلك بالأدلة الفلسفية الاعتبارية الظنية » فأشك في أقوالهم وأنكر ان 
يتم إثبات وجود إنسان عن طريق الافتراض و الظن والفلسفة » وأطالب أساتذي بتقديم الأدلة العلمية 
الشرعية القاطعة حتى تستمر نظرية الإمامة في الوقوف , و إلا فسوف تنهار ف نفسي كما اتحارت لدى 
معظم الشيعة الامامية بعد وفاة الإمام العسكري. فهل لديك من دليل على وحود ذلك الولد؟ وهل 
أنت مستعد لبحث الموضوع بدقة رواية رواية وقصة قصة و كتابا كتابا؟ ودليلا دليلا؟ وهل تقبل 
الاحتهاد في الموضوع ؟ أم لا؟ أم تطالبنا بالتقليد الأعمى؟ 

أرجوك يا عاملي لا تضيع اهتمام الناس والاخوة المثقفين » فان ذلك لن ينفعك وسوف يثير في 
قلويهم الشك اكثر فأكثر» وإذا كان صحيحا ما قلت سابقا من انك أحضرت الأدلة التاريخية لتعرضها 
في المستقلة » فتفضل و اعرضها هنا . و الوقت أمامك متسع جدا فلماذا لا تفعل؟ وإذا كنت مصرا 
على بحث أمور أخرى » فليكن بعد طرح ما لديك من أدلة تاريخية علمية شرعية قاطعة على وجود 
الولد. 
وشكرا. 


وعلق المشرف على الموقف الأخ (المنهال) قائلا: 

"النتيجة أن الأخ أحمد الكاتب يعتبر نفسه يؤمن بالإمامة كما كان قبل ه١سنة‏ ولكنه يقف أمام 
أدلة وحود الإمام المهدي المنتظر وولادته ويدعي أن لا أدلة صحيحة على ذلك! 

ماذا يقول الأخ العاملي ؟" 


وبعد برهة من الصمت أجحبت : 


ماذا عساه ان يقول؟ ومن أين يستطيع الإتيان بالأدلة والبراهين؟ هل لديه مصنع ينتج أدلة؟ كل ما 


1537 


في الأمر ان المؤرحين السابقين الذين عاصروا وفاة الإمام العسكري » وشهدوا (عصر الحيرة) كانوا 
يعترفون بعدم إشارة الإمام العسكري في الظاهر الى أي حلف له من بعده » و عدم تحدثه عن مصير 
الإمامة » ووصيته بأمواله الى أمه المسماة ب:"حديث". وان الذين قالوا بوجود "الولد" كانوا يهمسون في 
السر ويطلبون من الناس عدم التحقيق أو السؤال عن الاسم » ووحدوا بعض السذج والبسطاء من 
الناس الذين صدقوهم لفترة من الزمن » ثم عرف عامة الشيعة بعد مضي زمن طويل ان الحكاية لم تكن 
سوى إشاعة وأسطورة افترضها رحال حاولوا استغلال الأزمة وجني الأموال من الشيعة » فتراجعوا عن 
هذه الفكرة الدخيلة في التراث الشيعي والتي لم يعرف أهل البيت لما أساسا من الصحة. وقد آن لكل 
شيعي محب لأهل البيت ان ينفض عنه غبار الخرافات و الأساطير ويعود الى فكر أهل البيت الصافي و 
السليم » ويتمسك بمداهم الذي هو هدى الإسلام. 

الى هنا واعتبر الحوار منتهيا مع هذا الرحل الذي يحاول إعادة عقارب الساعة الى الوراء » ويرتد عن 
الثورة الإسلامية المباركة ثورة الشورى وولاية الفقيه » التي انتفضت على الفكر الأسطوري المخدر فكر 
الانتظار السلبي الطويل للإمام الموهوم » وأعادت الشيعة الى مسرح الحياة من جديد. 

وأحمد الله تعالى ان عامة الشيعة اليوم قد وعوا دورهم وواحبهم و مسئوليتهم في إقامة دولة الحق و 
العدالة و الشورى أو الدبموقراطية في العراق وفي العالم الإسلامي » ووضعوا الأفكار الخرافية المغالية و 
المفرقة بين الأمة جانبا » و عملوا ويعملون مع احوتحم من عامة المسلمين على بناء نظام سياسي جديد 
وواحد . نظام جمهوري إسلامي عادلء» يقوم على إرادة الأمة في اختيار حكامها بلا شروط مثالية 
تعجيزية كالعصمة و النص » أو السلالة العمودية العلوية الحسينية. 


وهنا اعتبر العاملى كلمتى هذه انسحابا عن الحوار» فوجحهت هذه الكلمة الى الاخوة المشاركين في 


الحوار» والذين كانوا يتابعونه بشوق: 


أيها الاحوة الأعزاء 

السلام عليكم 

من بديهيات الإسلام انه يقوم على العلم واليقين » و لا يقبل ان يعتئق الإنسان أية فكرة خاصة إذا 
كانت أساسية على الظن و التخمين والافتراض و الوهم » ولذلك فان الله تعالى يلوم النصارى على 
إيمانهم بصلب المسيح عليه السلام » لعدم تأكدهم تماما من العملية » رغم وحود عدد من المؤشرات 
التي تشير الى ذلك » ويقول: ( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ ان تتبعون إلا الظن » و ان انتم 
إلا تخرصون) الأنعام .54 ١‏ » ويقول: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم و آباوكم » ما أنزل الله بما من 
سلطان. إن يتبعون إلا الظن وما تموى الأنفس ». و لقد جاءهم من ريحم الحدى). النجم 7؟, 


166 


ويقول: ( وما لحم به من علم » إن يتبعون إلا الظن » و إن الظن لا غني من الحق شيئا). النجم 5/7 


وان الإيمان بولادة (الإمام الثاني عشر) اضعف بكثير من الإيمان بصلب المسيح » و رغم ذلك يرفض الله 
عز وجل ان يؤمن الناس بحدث لم يتأكدوا منه ولمى يحصل لديهم علم به » إذ ان الإيمان بوجود الولد 
ليس إلا ظنا و تخمينا ووهماً و افتراضا تعسفيا مخالفا للقوانين الإسلامية التي لا تحيز نسبة ولد الى أي 
إنسان من دون علمه و اعترافه وبعد وفاته وبالرغم من رفض أهل بيته له. هذا في القضايا العادية؛ 
فكيف يجوز ان نقبل مثل هذه النسبة في قضية يعتبرها البعض عقائدية و دينية؟ وإذا عرضنا القضية 
على أية محكمة إسلامية شرعية لتفصل فيها فان أي قاض سيرفض الاستماع الأولي لحكذا دعوى , 
ويسخر منها اشد السخرية » إذ كيف يجوز ان ننسب إنسانا لا يُرى أشبه بالشبح, الى إنسان آخر بعد 
وفاته » و إذا كان ذلك الشخص (الولد) ظاهرا وحيا و مشاهدا » فانه لا يمكن نسبته الى أبيه المدعى 
إذا لم يعترف به في حياته بشكل ظاهر أمام الناس » و لم يشر الى وحوده في وصيته ولم يوص له بشيء 
من المال » ونحن نعرف ان الإمام العسكري قد أوصى بأمواله الى أمه حديث. فكيف يجوز لنا بعد كل 
هذا ان نستمع الى أقوال الدجالين والكذابين الذين ادعوا وحود الولد في السر وادعوا النيابة الخاصة عنه 
2 ليقبضوا أموال السذج و البسطاء بدعوى إيصاها اليه؟ 
وكيف يجوز لنا ان نبي عقيدة على أساس هذه الدعوى الشاذة الغريبة؟ ثم نذهب و نخاصم الناس الذين 
لا يؤمنون بحذه الأسطورة ونتهمهم بمعاداة أهل البيت؟ ونقوم ببناء فكرنا السياسي عليها » فنحرم إقامة 
الدولة الإسلامية الى ان يظهر ذلك الولد المفترض الموهوم » وندعو الشيعة لانتظاره والنوم في السراديب؟ 
أيها الاخوة الأعزاء 
هناك اليوم نمضة إسلامية شيعية مشهودة يخشى منها الأعداء والطغاة و المستكبرون » وقد حاولوا 
ويحاولون إحهاضها من كل جانب » و لكنهم فشلوا و الحمد لله » والآن جاءوا ليهدموا حصوننا من 
الداخل » و يبثوا الأفكار المخدرة السلبية في صفوفنا من حديد. ويتهموا رواد النهضة بالالتقاطية والتأثر 
بالسنة » وهم يعرفون ان الشيعة ل يتأخروا إلا بسبب تلك الأفكار المخدرة. 

وان من يعود الى الوراء قبيل بحيء نظام حزب البعث في العراق » ليجد كثيرا من الأفكار السلبية 
المحدرة مخيمة على الحوزة في النجف . و يعرف انحا هي المسؤولة بنسبة ما عن قيام الديكتاتورية 
والاستبداد » إذ ان أصحابها كانوا يدعون الناس الى الانسحاب السياسي وانتظار الإمام المهدي » 
ولذلك فقد شن الإمام الخميني في محاضراته التي ألقاها في النجف عام ١3555‏ هجمما عنيفا على تلك 
الأفكار المخدرة وتعجب من أصحابها قائلا: الى متى ننتظر ظهور الإمام المهدي؟ ولنفترض انه ل يخرج 
إلا بعد آلاف السنين فهل نعطل الشريعة الإسلامية ونحمد الحدود؟ 


169 


وها هو العاملي اليوم ينكص على عقبيه وينظر (للحجتية) وينتقد رواد النهضة العظام ولكنه لا يحرؤ 
على انتقاد الإمام الخميني فينتقد الشهيد الصدر ويصفه بالالتقاطية » ويرفض التفكير أو الاجتهاد أو 
الإحابة على الأسكلة الرئيسية؟ مثل: ماذا نفعل اليوم ؟ وليس لنا وسيلة للوصول الى الإمام المعصوم 
المعين من قبل الله » على فرض وجودهء هل بلس في بيوتنا؟ أم نبادر الى تشكيل الحكومة الإسلامية؟ 
وإذا قلنا بحواز أو وحوب تشكيلها » فعلى أي أساس؟ على أساس القهر و الغلبة؟ أم على أساس 
الشورى وانتخخاب الناس؟ وإذا جاز لنا اليوم إقامة النظام الإسلامي على أساس الشورى فلماذا ل يجز 
لنا من قبل؟ ولماذا نفترض شروطا تعجيزية مثل العصمة و النص من الله؟ ولماذا نضرب رؤوسنا بالجدران 
إذا لم نحد يوما إماما معصوما معينا من قبل الله ونفترضه افتراضا ونختلقه الحتلاقا؟ 


وهنا قام أحد الأحوة المتابعين للحوار» واسحمه (مالك) بالتعليق: 
الاخوة الكرام 
لقد حدث ما كنت أتوقع فإن كل المؤشرات كانت تدل على أن النقاش لن يتم » وقد اعتبر العاملي 
انسحاب أحمد الكاتب هروبا وفرح به واعتبره انتصارا » وأيده من كان يصفق له منذ البداية» وفرحوا به 


واعتبروه انتصارا على شخص أحمد الكاتب .» وحرمنا نحن من المناقشة وقراءة الأدلة. 


ان موضوع ولادة المهدي يهمني بصفة حاصة وهو يهم احوة آخرين في المنتدى كما ذكره الأخوان 
المنهال وصيهود » وكنت أتمى أن يبدأ به » ولم أفهم حت الآن لِمَ أصر الأخ العاملي على تأخيره مع 
أنه ذكر للأخ صيهود أن لديه نصوصا صحيحة في ولادته » فهل صحة هذه النصوص لا تثبت إلا 
بالمقدمات الثلاثة التي ذكرها وأراد أن يبدأ بما النقاش أم أتما غير مرتبطة بما ؟ هذا سؤال قد وحهته إليه 
ولم يحبني عنه ولعله لم ينتبه إليه » وإذا كان جوابه بعدم ارتباطها بما قبلها فلم تأخير عرضها وهي أحطر 
مسألة ذكرها الأخ أحمد الكاتب في كتابه » وهي التي حاء ليناقش عليها » فهل هناك ما يبرر تأخير 
العاملي لمناقشة هذه المسألة أم أنه كما يدعي الأخ أحمد الكاتب ليس لديه نص واحد صحيح على 
ولادته وأنه إنما يريد أن يخوض ف المسائل الأخرى ويبدأ بما هروبا من هذه المسألة؟ فإذا كان كذلك 
فيصعب إذا تفسير انسحاب أحمد الكاتب على أنه هروب بل كما هو الظاهر من كلامه من أنه ملل 
وأنه يرى أنه يضيع وقنه بما لا طائل وراءه . 

انسحب الأخ أحمد الكاتب وانسحبت معه شخصيته» وبقيت المشكلة التي أثارها قائمة : هل 
توحد نصوص صحيحة على ولادة الإمام المهدي أم ليس هناك نص واحد على ولادته ؟ فهل يتفضل 
الأخ العاملي ويعرض علينا هذه النصوص الصحيحة التي عنده ؟ 


والسلام عليكم 


0ظ1 


وقال البدري: 
الأستاذ احمد الكاتب» ما ذكرته أنت من أدلة من اتما ضعيفة » فهناك كما قال الشيخ العاملي » في 


قناة المستقلة » أدلة أخرى صحيحة فما ردك ؟؟ 


أحمد الكاتب: 
أهلا وسهلا 
ليعرض ما لديه من أدلة » يقول اتما صحيحة. 
المشكلة انه يقلد فيما يقول ويرفض الاحتهاد ولا يفرق بين الصحيح و الضعيف كالإخباريين الأوائل» 
وينقل عن غيره » و يعتبر كل ما نقله الأولون صحيحا », في حين اننا يحب ان نقف على الحياد ولا 
نقبل من أحد المتخاصمين بسرعة كما لا يجوز ان نرد أحدا بسرعة » و انما علينا ان ننظر في الأدلة و 
البراهين في هذه القضية المشكوكة كما يفعل أي محقق أو قاض . ولا يجوز لنا شرعا ان نرفع اليد عن 
الظاهر من حياة الإمام العسكري الذي كان ينفي وحود ولد له » إلا بدليل قاطع شرعي » و لا يجوز 
ان نعتمد على الظنون و الخيالات الواهية والافتراضات التعسفية القائمة على النظريات الاجتهادية 
الظنية و الأحاديث الضعيفة. 

وف الحقيقة كما قلت سابقا لو كان هناك طفل ظاهر موجود يراه الناس » و ادعى أحد انه ابن فلان 
» وكان ذلك الرجحل ينكره أو لا يتبناه » لا يحوز نسبة ذلك الطفل اليه إلا بدليل علمي قاطع » فكيف 
ان القصة كلها كانت خيالات في خيالات ودعوى حول شخص لا وجود له ولم يظهر طوال اكثر من 
ألف عام؟. 

والمصيبة الأكبر اننا نعلق عليه كل أمور المسلمين » و نحرم على غيره إقامة الحكومة الإسلامية. فهل 
توحد مصيبة اكبر من هذه المصيبة؟ وهل يوجد مخدر أشد من هذا المخدر؟ 


مالك: 

الأخ أحمد الكاتب 

هل يمكنك أن تتناول النص الأخير الذي نقله الأخ عبد الله محمد في إثبات ولادة الإمام الثاني عشر 
وتعلق عليه نقطة نقطة ؟ 

والسلام. 


أحمد الكاتب: 


الأخ العزيز مالك 


101 


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 

لم افهم بالضبط ماذا تعني بقولك (النص الأخير ) الذي نقله الأخ عبد الله » ولعلك تقصد هذا النص 
التالي » فان العاملي كثيرا ما يرتكز عليه » وهو:" أقرٌ الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) أُمَامَ 
الكثير من أصحابه بأن له ولد, ممّاه محمداًء ونصٌ على أنه هو المهدي الموعود به في آخر الزمان. روى 
محمد بن يحبى» عن أحمد بن إسحاقء عن أبي هاشم الجعفري» قال:" قلت لأبي محمد (عليه السلام): 
جحلالتك تمنعني من مسألتكء فتأذن 3 أن أسألك؟ فقال: سَلْ . قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: 


١551 


وهذا النص منقول عن أبي هاشم الجعفري الموثق عند الشيعة الامامية مثله مثل "النواب الأربعة" 
الذين ادعوا السفارة عن الإمام الغائب » وقد ادعى الجعفري النيابة كذلك فيمن ادعاها وكان يبلغ 
عددهم الأربعة و العشرين مدعيا » وكان كل واحد منهم يكذب الآخرين. 

وفي هذا النص لا يذكر الجعفري انه رأى الولد وانما يقول ان أباه قال ان لديه ولدا. 

وحسبما أعتقد فإن العفري من الغلاة وكان ينسب الى الإمام العسكري العلم بالغيب وقراءة ما في 
القلوب » وإتيان المعاحز المخارقة. 

ولكن مشكلة المقلدين المعاصرين انم يقلدون السابقين في توثيقهم و تضعيفهم للرحال الرواة 
يحققون في مدى صدقهم », في حين ان أي باحث محقق ومحايد عليه في البدء ان يخرج من إطار طائفته 
الضيق ويدرس الرحال الرواة بحيادية» خاصة في القضايا المختلف عليها والمشكوك فيها » مثلا انك لا 
تستطيع ان تثق براو مثل أبي هريرة على ما يكتبه علماء رحال السنة » بل يجب ان تدرس حالته بصورة 
بحردة و مستقلة قبل ان تكون سنيا أو شيعيا » فإذا وحجدته ثقة تأحذ منه و إذا وحدته ضعيفا تترك 


ولا 


. 


أحاديثه. وكذلك النواب الأربعة الذين ادعوا السفارة » فاتحم بالطبع ثقاة يقاربون درحة العصمة عند 
الشيعة الامامية الاثبي عشرية » ولكن ماذا يقول عنهم بقية الامامية؟ وبقية الشيعة؟ وبقية المسلمين؟ 
يجب ان تدرس حالتهم بصورة مستقلة وليس اعتمادا على ما يقوله اتباعهم وأصحاب مذهبهم » حتىق 
تتأكد من حقيقتهم ومن حقيقة دعواهم. 

ثم ان القضية برمتها يحب ان تدرس بصورة متكاملة و شاملة » و ليس اعتمادا على رواية أو خبر من 
أخبار الآحاد » ويجب ان ننظر الى نتيجة البحث والتحقيق » ونعثر على الإمام الذي يفترض فيه ان 
يقود المسلمين و يقيم دولتهم في الأرض » فالقضية لا تتعلق بيبحث نظري تاريخي وانما هي تمس الواقع 
والحياة الخارجية و السياسية للمسلمين » وهي تشبه حدا قصة رجحل يقول لك : ان في هذا القدر لحما 


)546./ ١ (دفاع عن الكاقي:‎ - ٠“ 


2ظ1 





وطبيخا و عليك انتظار نضجه » فتجلس أياما و أياما وشهورا و سنين وأنت جائع ثم لا تحد شيئا في 
القدر » ولكنه يحلف لك بالله ويأى لك بالأدلة و البراهين العقلية و النقلية على وحود الطعام في القدر 
» ولكنك تستمع الى صرير معدتك وتنظر الى ساعتك وتكاد تموت جوعا » فماذا تفعل؟ هل تنتظر 
مزيدا من الوقت؟ أم تذهب و تعدّ لك ما تيسر من الطعام » ولا تستمع الى ذلك الرحل الأحمق حتى 
لو جعاء نك ليون ليا؟ 

هذه هي حالتنا مع أولئك المدعين الذين خدعونا بزعمهم وحود ولد مكتوم و مخفي للإمام 
العسكري » فجلسنا ننتظر السنين والقرون » و لما لم بحد شيئا قمنا بإقامة الدولة على أساس الشورى 
وولاية الفقيه » ولم نحصل من أدلتهم و براهينهم على غير الجوع و العطش والانتظار العقيم؟ 


من هو أبو هاشم الجعفري؟ وهل هو ثقة؟ 


أود التنبيه الى حقيقة لا اعتقد انما تغيب عن ذهن أحد » وهي كثرة تفرق الشيعة في القرنين الثاني 
والثالث المجريين واحتلاق كل فريق ما يشاء من الروايات ونسبتها الى الأئمة من أهل البيت تأييدا لما 
يذهب اليه » وقيام بعض الفرقاء بنسج روايات لما طابع الزمان الماضي وتتحدث عن المستقبل الذي 
يصوره ذلك الفريق كما يشتهي », في محاولة لإضفاء صفة الإعجاز وعلم الغيب على الرواية » ومن 
الأمور التي حدث فيها الخلاف بين الشيعة الامامية مسألة إمامة الحسن العسكري » التي اختلف فيها 
شع أنة الإمام علي الحادي بين من قال بإمامة محمد بن علي المادي وعدم وفاته في حياة أبيه » ثم 
قوله بغيبته ومهدويته وانتظار ظهوره في المستقبل » وإنكار إمامة الحسن العسكري » وبين من قال بإمامة 
جعفر بن علي الحادي بالنص عليه من أبيه أو بالنص عليه من أيه السيد محمد (المدفون في بلد) وبين 
من قال بإمامة الحسن العسكري », الذي اعترف بأنه لم يحدث حلاف على أحد من الأئمة مثلما 
حدث في الاختلاف عليه. 

وقد لعب أبو هاشم الجعفري دورا كبيرا في تثبيت إمامة العسكري . وبما انه كان يعترف بأن الإمام 
المادي كان قد أشار الى السيد محمد ودل عليه فقد نقل حديثا عن الإمام الحادي انه قال له : "بدا لله 
ف أبي جعفر وصير مكانه أبا محمد كما بدا لله في إسماعيل بعد ما دل عليه أبو عبد الله ونصبه". ١7‏ 

ومع ان الجعفري في هذه الرواية يعترف بإشارة الإمام الحادي الى ابنه السيد محمد » والدلالة عليه » في 


البداية» إلا انه يروي رواية أحرى عن أبي جعفر الثاني (محمد الحواد) ينقل فيها رواية عن الإمام الحسن 


1١ /ا5‎ 


- (راجع الغيبة للطوسي ص 5ه و١١١).‏ 


153 


المحتبى ويذكر أسماء الأئمة الى الحسن العسكري » من دون ان يشير الى مسألة البداء والتعيين المسبق 
للسيد محمد ثم تنصيب الإمام العسكري مكانه. ١١4‏ 

وإذا كانت هذه الرواية صحيحة فكيف لم يعرفها الإمام الحادي فأوصى الى ابنه محمد بالإمامة ثم 
عدل عنها الى ابنه الحسن بعد وفاة أحيه وحدوث البداء فيه؟ إذن لا بد ان تكون إحدى الروايتين 
كاذبة وغير صحيحة . 

وهكذا يظهر لنا موضوع الحتلاق الروايات على لسان الأئمة تأييدا للمذاهب المختلفة. 

وبما ان النص على الإمام الحسن العسكري كان غامضا ومحل شبهة ونزاع بين الشيعة الامامية وبين 
أولاد الإمام الحادي » فقد لحأ أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري الى احتلاق مجموعة من الروايات 
الأسطورية القائمة على دعوى علم الإمام العسكري بالغيب » والتي يرويها الحعفري بنفسه ويقول انما 
حصلت له ء ولا يمكن التأكد منها بصورة مستقلة ومحايدة » غير دعواه بعلم الإمام للغيب . 

يقول الجعفري انه مع الإمام أبا محمد (العسكري ) يقول ذات مرة ان (من الذنوب التي لا تغتفر 
قول الرحل ليتني لا أو احذ إلا بمذا) فقلت في نفسي: ان هذا لهو الدقيق ينبغي للرحل ان يتفقد من 
أمره ومن نفسه كل شيء » فأقبل أبو محمد فقال: يا أبا هاشم صدقت فالزم ما حدثت به نفسك » 
فان الإشراك في الناس أخحفى من دبيب الذر على الصفا. ١15‏ 

وهكذا يتحدث الجعفري عن علم الإمام الحادي لما يفكر فيه (الجعفري) غيبيا في مسألة البداء ووفاة 
السيد محمد » حيث يقول: ( فإني لأفكر في نفسي وأقول : هذه قضية أبي إبراهيم وقضية إسماعيل؛ 
فأقبل علئ أبو الحسن فقال : نعم يا أبا هاشم ... هو كما حدئتك به نفسك وان كره المبطلون). ٠١١‏ 

ويروي أبو هاشم الجعفري رواية أحرى مشابحة تقوم على مادة علم الأئمة بالغيب » يقول : (كنت 
محبوسا مع أبي محمد في حبس المهتدي بن الواثق فقال لي : يا أبا هاشم ان هذا الطاغي أراد ان يعبث 
بالله قي هذه الليلة » وقد بتر الله تعالى عمره وقد جعله للقائم من بعده » ولم يكن لي ولد وسأرزق ولدا 
» قال أبو هاشم : فلما أصبحنا شغب الأتراك على المهتدي فقتلوه وولي المعتمد مكانه وسلمنا) ١١.‏ 

وهنا يتحدث عن علم الإمام العسكري بمقتل المهتدي قبل حدوث الشغب عليه. وهذا من علم 
الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. 


) 99 (الغيبة للطوسي ص‎ - ٠“ 
)١١7 (الغيبة للطوسي ص‎ - '“ 
)١١١و (الغيبة صد هه‎ - '"' 

٠‏ - (الغيبة للطوسي ص ١١7”‏ و554١‏ راجع أيضا بحار الأنوار ج٠5‏ ص 75٠١‏ و7175 و58؟ عن مختار الخرايج 
ص 79 ومناقب آل أبي طالب ج4؛ ص 57”5 4779 وكشف الغمة ج* ص 2/9 و595١‏ وأعلام الورى ص 


4 وهه؟) 


104 


ويضيف أبو هاشم الجعفري الى حكايته رتوشا أخرى فيقول انه كان يحتاج الى المال ولم يطلبه من 
العسكري استحياء فأرسل اليه الإمام مالا دون ان يطلب منه » وكذلك يقول ان الإمام علم بنية أبي 
هاشم في طلب فص فأعطاه خاتما. ٠"‏ 

ويعتبر المعفري إخبار الإمام العسكري له عن مشادة حصلت له في الطريق نوعا من الإعجاز والعلم 
بالغيب الدال على إمامة الإمام. ١7"‏ 

ويتحدث أبو هاشم الحعفري عن علم الإمام العسكري بأدق التفاصيل السرية كمعرفته بإفطار أبي 
هاشم ونوع الخبز الذي أكله » كما يتحدث عن معرفة الإمام بحقيقة رحل كان يتجسس عليه وكشفه 
هويته لأبي هاشم. 4" 

وتأتي هذه الروايات في سياق الروايات التي يسوقها القائلون بإمامة العسكري لإثبات إمامته بالمعاجز 
بدلا من النص » ويتحدثون عن علمه غيبيا بحقيقة غني سائل كان يتظاهر بالفقر » أو علمه بموت فرس 
بعد أيام وإشارته على صاحبها ببيعها سريعا قبل ان تموت » واكتشاف نوايا بعض الخدم وعزمهم على 
شرب الخمر واللواط » ومعرفته بعطش إنسان وطلب الماء له دون ان يطلبه هو.”"١‏ 

ولكن أبا هاشم الجعفري يضيف عليها انه رأى الإمام العسكري يحك الأرض ويخرج الدنانير الذهبية 
منها ويعطيها له ومعرفة الإمام بحاحته الى المال بصورة غيبية. ١15‏ 


ولا يكتفي أبو هاشم الجعفري بذلك بل يقول انه شاهد يوما الإمام العسكري وهو يكتب كتابا » ثم 
يترك القلم ويقوم الى الصلاة » فإذا بقلم الإمام ينهض بنفسه ليكمل الكتاب أثناء قيام الإمام 
للصلاة. !! ١77‏ 

وعندما توفي الإمام الحسن العسكري دون ان يخلف ولدا ظاهرا تستمر الإمامة فيه بصورة عمودية الى 
يوم القيامة » وحد أصحاب جعفر بن علي الحادي في ذلك دليلا على عدم صحة إمامة العسكري» 


٠"'‏ - (الكافي للكليني حذ ص 5.07 و بحار الأنوار للمجلسي ج ٠ه‏ ص 777 ومناقب آل أبي طالب لابن 
شهرآشوب ج؛ ص 432 ومختار الخرايج ص 5١؟)‏ 

٠"‏ -(لمجلسي: بحار الأنوار ج٠5‏ ص 787 عن مناقب آل أبي طالب ج؛ ص 477؛ و478) 

4 - (مناقب آل بي طالب ج؛ ص 477 ومختار الخرايج ص 7١9‏ وأعلام الورى ص 754 وهه*) 

)5.07 -لالكاتي ج١ ص‎ ٠": 

'" - (الكاثي ج١‏ ص 507 والبحار ج ٠ه‏ ص ١54‏ والإرشاد للمفيد ص2 32 ) 


٠"‏ حر المجلسي: البحار ج ٠ه‏ ص "0٠4‏ عن عيون المعجزات) 


105 





كما وحد أصحاب الإمام موسى الكاظم في وفاة عبد الله الأفطح دون ولد ظاهر » دليلا على عدم 
صحة إمامته » وانتقلوا الى القول بإمامة موسى الكاظم . كذلك انتقل قسم من القائلين بإمامة 
العسكري الى القول بإمامة أحيه حجعفر » خاصة بعد وفاته دون حلف ظاهر. ولكن قسما آخر أصر 
على افتراض وحود ولد له ورفض إمامة جعفر » وكان منهم أبو هاشم الجعفري الذي قال في البداية ان 
الإمام الحواد ذكر له أسماء الأئمة واحدا واحدا حتى الحسن العسكري وانه قال (أشهد على رجحل من 
ولد الحسين لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا). ولم يحدد هوية 
الإمام الأخير.*"٠‏ ونقل عن الإمام الحادي انه قال: (الخلف من بعدي الحسن » فكيف لكم بالخلف 
من بعد الخلف؟! فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره » 
فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا الحجة من آل محمد). ١١5‏ 

وكما يلاحظ فان أبا هاشم الجعفري لم يحدد في هاتين الروايتين هوية الإمام الجديد بعد العسكري , 
ولكنه عاد بعد ذلك ليقول ان الإمام العسكري قال له من قبل عندما كان معه في السجن أيام 
المهتدي: انه سيرزق ولدا . ١40‏ 

وي هذه الرواية ما هو ظاهر من دعوى علم الإمام بالغيب وإخباره عن ولادة ولد له في المستقبل ( 
وهذا ما لا يعلمه إلا الله). 

ومع ذلك فان الجعفري يكاد يعترف بجهله بوحود ولد للإمام وتاريخ ولادته فيقول في رواية أخرى انه 
قال للإمام العسكري يوما: حلالتك تمنعني عن مسألتك فتأذن لي في ان أسألك؟ قال : سل» قلت: يا 
سيدي هل لك ولد؟ قال : نعم ؛ قلت : فان حدث حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة. ١8١‏ 

وهنا لا يقول انه شاهد ابن الإمام العسكري » ولا أنه الإمام بعد أبيه . وإذا لم يكن الجعفري يدعي 
مشاهدته أو اللقاء به فكيف عرف أنه الإمام؟ وكيف اصبح باباً له أو نائباً عنه؟ وإذا كان هو يقول بأن 
ابن العسكري لا يُرى فكيف ادعى النواب الخاصون اللقاء به والنيابة عنه أيضا؟ 

والمشكلة في هاتين الروايتين ان الشيخ الطوسي يرويهما بلا سند عن سعد بن عبد الله الأشعري وهو 
من أقطاب الفريق القائل بوحود الولد والمتحالف مع أدعياء النيابة الخاصة (النواب الأربعة) ما يحتمل 
اختلاقه لتلك الروايات ونسبتها الى الخعفري. 

ويقول السيد ابن طاووس في (ربيع الشيعة):ان أبا هاشم داود بن القاسم الجعفري كان من سفراء 
صاحب الأمر وأبوابه المعروفين الذين لا يختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (ع) فيهم. ١١"‏ 


- (الطوسي : الغيبة ص 15) 

عد - (الغيبة للطوسي ص ١١١‏ وأكمال الدين للصدوق ص )”/١‏ 
1 - (الغيبة للطوسي ص ١77‏ و4١١)‏ 

ل - (الغيبة للطوسي ص )١759‏ 


156 





ومع ان علماء الاثني عشرية اعتبروا أبا هاشم الجعفري من الثقاة » ولم يتوقفوا عند رواياته الأسطورية 
المحالفة لكتاب الله امحيد » والتي تدعي علم الأئمة بالغيب » ول يحققوا في دعاواه الأحرى التي لا يمكن 
إِثُباتها من أي طريق لأنما تتحدث عن علم الأئمة بما في داحل نفسه ., إلا ان الكشي ذكر في ترجمته 
(أن روايته تدل على ارتفاع في القول) أي غلو , وان الطوسي ذكر في ترجمته في الفهرست: انه كان 
مقدما عند السلطان! وهاتان الشهادتان تخدشان في عدالته فكيف تقبل شهادته بعد ذلك؟ وكيف 
يمكن بعد ذلك ان نطمئن الى رواياته الغامضة والمشكوك فيها وان نصدق دعواه بوجود ولد للإمام 
العسكري؟ وأنه الإمام المهدي؟ حاصة إذا ثبت انه كان يدعي النيابة عن ذلك الولد الغائب الذي لم 
يظهر له أي وجود طيلة أكثر من ألف عام؟ 

وكيف يمكن ان نعتبره شخصا موثوقا ونسلم برواياته في موضوع شائك كموضوع وجود ولد للإمام 
العسكري الذي لم يعترف بهذا الأمر أمام الناس ليكون حجة عليهم؟ 

ألا يجدر بنا ان نقول كما قال الشيخ الطوسي في الرد على روايات الفرق الشيعية الأحرى التي ادعت 
مهدوية وغيبة عدد من أثمتها » وحاءت بروايات مختلقة أو ضعيفة: بأن (هذه كلها أخبار آحاد لا 
يُعَوّل على مثلها في هذه المسألة » لأنما مسألة علمية)؟ ١8”‏ 


ان كل الدلائل التاريخية تشير الى عدم وجود ولد للإمام العسكري , وان القول بوجود ولد له تم بعد 
وفاته على سبيل الافتراض الفلسفي الظني » وكان يلف القائلين بذلك شك كبير لوجود مصالح مادية 
لهم. وكان بعضهم يحتج بروايات الجعفري وهو لم يدع رؤية الولد أو اللقاء به » فضلا عن وجود الشك 
بشخصه وبرواياته المليئة بالغلو والمعاجز الأسطورية. 


-١©‏ مع الشيخ محمد رضا الجعفري في محاضرته عن (حتمية الغيبة)؟*1: 


لا يجب على المسلمين الإيمان بوجود الإمام الغاني عشر 


٠"‏ - (راجع الفائدة الثانية من خاتمة مجمع الرحال للقهبائي » طبع دار الكتب العلمية بقم) 


ندا 


- (الغيبة ص )٠١8‏ 


+4 - 36ع211/600125/04/22055 احا /حطم». 360 .1771757 // :اط 


1057 


مع انتشار الصحوة الإسلامية في العقود الأخيرة ونمو الحركات الإسلامية ووصول بعضها الى سدة 
الحكم » نشأت مخاوف من عودة الصراعات الطائفية البغيضة وتفشي الفكر السلبي الذي كان سببا من 
أسباب اتميار الأمة الإسلامية وتخلفها عن ركب الحضارة الإنسانية في مختلف ابحالات العلمية والسياسية 
والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما حتم العمل من أحل تشذيب التراث الديئي وتنقيته ما علق به من 
خرافات وأساطير وبدع وإعادة قراءته بروح احتهادية موضوعية ومحايدة » وعدم التشبث بكل ما وصل 
إلينا من أفكار وعادات وتقاليد وحاصة ما يتعلق منها بالنظرات الطائفية » أو إعطائها صفة الحق 
المطلق والوحي المنزل. 


وعلى رغم ان هذه المهمة هي من مسؤولية كل مسلم وكل حركة إسلامية » فان مسئولية دراسة 
التراث تقع بالدرحة الأولى على عاتق الفقهاء أو "رجال الدين" المختصين بالدراسات الإسلامية » 
باعتبارهم أقرب الناس الى فهم التراث والدين. وقد قام كثير من علماء الدين فعلا بجحهود جبارة 
ومشكورة في بلورة كثير من المفاهيم وتصحيح الخاطئ منها وممارسة الاحتهاد وتطوير الفكر الديني والرد 
على التحديات المعاصرة. ولولا حهود أولئك العلماء العاملين والربانيين لما انطلقت النهضة الإسلامية 
الحديثة » ولضاعت الأجيال تلو الأجيال في تيه الأفكار الإلحادية والمبادئ الحدامة. 


ولكن ذلك لا يعني بجاح جميع رحال الدين وفي كل طائفة ومكان , في فهم الإسلام الصحيح والتحرر 
من الاجتهادات الخاطئة والأفكار الدحيلة » وذلك بسبب تركيز قسم منهم على بعض الأمور الحزئية 
كالفقه والأصول , وإهمال الحوانب العقائدية أو المرور عليها مرور الكرام باعتبارها ثوابت ومسلمات 
بديهية » أو بسبب ارتباطهم بأجهزة حكومية أو قواعد شعبية تفرض نمطا معينا في التفكير وترفض ما 
يخالف معتقداتما التقليدية ومفاهيمها الموروثة. أو بسبب سوء المناهج العلمية في البحث والتحقيق. 


ولعل تأسيس (مركز الأبحاث العقائدية) التابع لمرجعية السيد علي السيستاني » والذي يتخذ من مدينة 
قم قاعدة له » يشكل حطوة متقدمة على طريق الفهم الصحيح للعقائد الحقة » والالتزام بالبرامج 
والمناهج العلمية في البحث والتحقيق » وذلك لما يعتمده من أسلوب عقد الندوات العقائدية المختصة 
واستضافة الأساتذة والمفكرين المرموقين » وبحث الموضوعات الحامة بالعرض و«النقد والتحليل والحوار 
المفتوح والمناقشة الحرة. 


وقد استضاف هذا المركز مؤحرا أحد كبار أساتذة الحوزة العلمية في قم سماحة الشيخ محمد رضا 
الجعفري » ليلقي محاضرة حول (حتمية الغيبة للإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) 


158 


ونظرا لرغبة المركز المذكور بإثراء الحوار حول الموضوع ومناقشته بصورة أعمق فقد كانت لنا هذه المداحلة 
العاحلة : 


هناك ملاحظة أولية وأساسية تتعلق بمنهج البحث الذي اعتمده الشيخ الجعفري في بحث موضوع 
(الغيبة) وهي مبادرته الى إبداء وجهة نظره حول ضرورة الغيبة وحتميتها » قبل الحديث عن وجود (الإمام 
الثاني عشر الغائب محمد بن الحسن العسكري) واثبات كونه حقيقة تاريخية وليس فرضية فلسفية 
احتهادية ظنية » ثم عرض النظريات المختلفة حول الغيبة » التي قدمها المتكلمون الاماميون الاثنا 
عشريون من قبيل : امتحان الشيعة أو الحكمة المجهولة أو الخوف من الأعداء » والمبادرة بدلا من ذلك 
الى التركيز على حتمية الغيبة. وهذا في نظرنا منهج غير علمي لا يزيل الشك ولا يوقي الموضوع حقه. 


ان أساس الغيبة والتفسيرات المختلفة لما كانت فرضيات ظنية افترضها المتكلمون الذين قالوا بوحود 
الولد للإمام العسكري وافترضوا انه الإمام المعصوم المعين من قبل الله بعد أبيه الحسن العسكري. وإذا لم 
يستطع أحد ان يقدم الدليل العلمي التاريخي على وحود هذا الولد (الغائب) » فان الحديث عن («الغيبة) 


يصبح غير ذي أثر ولا فائدة. 


ثم ان (الغيبة) كانت تتناقض مائة بالمائة مع نظرية الإمامة التي تحتم وجود الإمام المعصوم في كل 
زمان » ووجوب تعيين الله للإمام ليقود المسلمين ويطبق الشريعة ويحفظ الأمن ويقيم الحدود ويشكل 
الحكومة الإسلامية. إذ ان الغيبة تعنى عدم وحود ذلك الإمام وعدم تمتع المسلمين بلطفه. وهذا ما 
حدث للشيعة الامامية الاثني عشرية الذين ظلوا لقرون طويلة يعيشون على أمل ظهور ذلك الإمام 
الغائب ثم يئسوا منه وصرفوا النظر عنه وقاموا بانتخاب الإمام (الفقيه العادل) بأنفسهم . ولا يزال 
الشيعة محرومين من لطف ذلك الإمام المفترض وكأنه لم يكن شيئا مذكورا. 


وبما ان الغيبة كانت تتناقض مع نظرية الإمامة فقد كان المتكلمون السابقون يشعرون بالإحراج وكانوا 
يفسروتما بأعذار واهية ويلقون اللوم على عاتق الظلمين الذين أحافوا الإمام وألحئوه الى الغيبة أو يحملون 
الشيعة المسئولية بسبب تقاعسهم عن نصرة الإمام » ويطالبوتهم بإعداد أنفسهم لنصرته والذب والدفاع 


عنة. 


ومع ان الخوف من الأعداء ليس سببا معقولا ولا مبررا للغيبة أو الحروب من مواحهة الحياة » ولا توحد 
أدلة تاريخية تثبت وحود الخوف أو الظروف الأمنية الشديدة طوال ألف عام » فان الشيخ المفيد والسيد 


المرتضى والشيخ الطوسي اعتبروا : "ان لا سبب للغيبة ولا علة تمنعه من الظهور إلا خوف الإمام على 


159 


نفسه من القتل » لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار » وكان عليه ان يتحمل المشاق والأذى فان 
منازل الأئمة إعما تعظم لتحملهم المشاق في سبيل اللّه". ١65‏ 


ومن الواضح أنه لا يعقل ان نلقي باللوم على الله سبحانه وتعالى ونقول انه عين لنا إماما معصوما ثم 
نقول ان حكمته اقتضت ان يغيب ذلك الإمام كل هذه المدة الطويلة . وإذا كنا نؤمن بخروج إمام 
مهدي في آخر الزمان فيمكننا ان نقول: ان الله لم يعين إماما معصوما قبل ذلك الموعد وانه سوف 
يخلقه عند الحاحة والضرورة. أما إذا قلنا بأن الله قد عين فعلا إماما هو الثاني عشر بعد الحسن 
العسكري » وحرم على الناس انتخخاب إمام غيره لا تتوفر فيه صفة العصمة أو النص » فلا يجوز ان نقول 


: ان الله قد أحفاه عن الناس وغيبه ومنعه من أداء مهامه الكبرى . 


وربما كان الشيخ الجعفري ينظر الى الواقع الذي قامت فيه دول شيعية مستعدة لنصرة الإمام المهدي أو 
دول دعوقراطية لا تمنعه من التعبير عن نفسه ولا تقيد حركته ولا تشكل خطرا عليه » ولذلك قال:" ان 
الله قدر للإمام الثاني عشر ان يغيب من بيننا وهو حي وان يظهر في ألزمن الذي احتاره الله سبحانه 
وتعالى بحكمته وقدره بعلمه شتنا أم أبينا". ١5‏ 


يعترف الشيخ الجعفري:" ان الإمام المهدي لم يملك مدة الإمامة ولا يوما واحدا » ولم يتمكن ولا يوما 
واحدا من هداية الأمة حتى بالقدر الذي كان يتمكن منه آباؤه حتى في أحلك الظروف وأشدها عليهم" 
ثم يفترض :' ان الإمام المهدي لا بد ان بمارس إمامته في فترة أخرى بعد الغيبة » ويجد نفسه مضطرا الى 
القول بحتمية الغيبة. ولكنه لا يقدم دليلا على ولادة الإمام الثاني عشر ولا على غيبته أو ظهوره في 
ا 00 11 


كل ما يقدمه الشيخ الجعفري هو مجموعة أحاديث أو أفكار غير مترابطة يجمعها في بوتقة واحدة 
لكى يؤلف منها دليلا على وحود إنسان وإلصاق صفة الإمامة والغيبة والمهدوية به. يقول: "ان الله قد 


وعد بظهور دينه على الدين كله" ١48‏ ثم يحاول ان يسيج من ذلك وجحود ولد غير معروف للإمام 
العسكري الذي لم يتحدث عنه ولم يوص اليه » ويفترض استمرار حياة ذلك الولد حتى تحقيق ذلك 


4 - راجع الإرشاد الأمالي والفصول المختارة للمفيد ص 555 والشافي للمرتضى ج؛ ص 55 ١‏ و«الغيبة للطوسي 


. 5٠١5 ص‎ 

“54 - رص 68) 

"4 - رفي صفحة )١١‏ 
“6# - رص )١١‏ 


200 


الوعد الإلمى. يقول: "إذن فما وعد الله سبحانه وتعالى وعدا قاطعا وهو ان يظهر دينه على الدين كله 
» لا بد وان يكون على يد مهدي هذه الأمة », لماذا ؟ لأن عدد الأئمة عندنا عدد معين » اثنا عشر 


إماما » استوق أحد عشر منهم مدته".(ص١؟)‏ 


ولم يأت الجعفري بأي دليل على ولادة الإمام الثاني عشر . وانما اعتمد على نظرية (الاثني عشرية) 
وهي لا تحتم وحود ولد للإمام العسكري مع احتمال انطباق النظرية على أشخاص آخرين. وهذا نوع 
من التأويل التعسفي الذي لا يرضى به أهل البيت عليهم السلام » خاصة وان الله تعالى لم يقل بأنه 
سيظهر دينه على الدين كله بواسطة الإمام المهدي أو أي إمام آخر. 


ومع ان الجعفري يؤمن برحعة الأئمة الى دار الدنيا فانه يستبعد فكرة وفاة الإمام الثاني عشر » على 
فرض وحوده » وقيامه بعد الموت » وهي الفكرة التي قال بما قسم من الشيعة الامامية في (عصر الحيرة) 
الذي أعقب وفاة الإمام العسكري. 


ان الشيخ الجعفري يعرف جيدا ان فرضيته بحتمية الغيبة قائمة على أساس القول بأن الإمام المهدي هو 
الإمام الغائب الثاتي عشر » وان عدد الأئمة لا يزيد ولا ينقص » وان هذا القول محل بحث ونقاش 
ويرفضه عامة المسلمين وطوائف من الشيعة والشيعة الامامية » كالزيدية والواقفية والفطحية والإسماعيلية 
والمحمدية وغيرهم. ولذلك يختصر الحديث ويعترف: بأن حديثه خاص بالامامية الاثنيى عشرية » وانه لا 
يلزم من لا يقول بالإمامة الإلحية ولا من لا يلتزم بحصر الأئمة في عدد معين*" » ويقول:" لا أتكلم مع 
الذين قالوا بأن الإمام السابع غاب ول يمت بالسم في سجنه , وانما أتكلم مع الذين يقولون بأن الأئمة 
اثنا عشر لا يزيدون واحدا ولا ينقصون , وهم نحن» أعنى من آمن وأقر على نفسه والتزم بأنه إمامي اثنا 
عشري » وهذا لا يمكنه إلا ان يقر بغيبة الثاني عشر وظهوره بعد غيبته... فمن يلتزم بأنه إمامي اثنا 
عشري لا يسعه إلا ان يؤمن بأن هذا العدد قد اكتمل ... فحصر عدد الأئمة بالاثني عشر يلزمه لزوما 
قطعيا واضحا صريحا ان يكون الثاني عشر له ظهور » وان هذا الظهور قطعا يكون بعد الغيبة » لأنه لم 
كوا سوريل القنايءة 


ولم يوضح الشيخ الجعفري لماذا لم يتحدث مع غير الامامية أو غير الاثني عشرية؟ ولماذا لا يستطيع ان 
يلزمهم برأيه؟ وكيف يكون الدليل دليلا لمجموعة خاصة فقط هم (الاثنا عشرية)؟ ولماذا لم يبحث 
موضوع الإمامة أو الاثني عشرية من الأساس؟ 
خياد 990 وص 0 


- وص ١5و5"5)‏ 


لك 


201 


لقد مر الشيعة الامامية بفترة غموض وحيرة بعد وفاة الإمام العسكري نتيجة عدم إشارته الى وحود 
ولد له في حياته » وادعى فريق من وكلائه وجود ولد له في السر . ثم قالوا انه الإمام من بعده » ونم 
نعرف دليلا على ذلك . وبما انه لا يجوز لنا تقليد ذلك الفريق تقليدا أعمى فنحن لا يمكننا شرعا الإيمان 
بوحود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) فضلا عن الإبمان بغيبته. وكان من الأحرى 
بالشيخ الجعفري » الأستاذ الكبير في الحوزة العلمية في قم » ان يناقش هذا الموضوع ثم ينتقل الى المواضيع 
المتفرعة عنه. ولكنه سامحه الله ابتسر بحنه وأهمل ما هو ضروري وأساسي. واكتفى بالقول بوجود أحاديث 
متواترة حول المهدي بصورة عامة » ولكنها لا تحدد هويته بالاسم.'*' ولاحظ ان منهج تفسير الروايات 
عند السنة قد يختلف عن منهج التفسير عند الامامية » وان النتيجة قد تنتهي عندهم الى ما لا تنتهي 
اليه بحوث الامامية العقائدية. وقال الشيخ الحعفري:" أنا حينما أتكلم عن المهدي سلام الله عليه » 
أتكلم عن موقعه الخاص في عقيدتنا نحن الامامية الاثنا عشرية ... لا أن أتناول حديث غيرنا تناولا 
مباشرا فأحل العقد وأبين جهة الإشكال وأشرح جهة النقض وحل هذه المشكلة , هذه كلها أتحنبها في 


0000 


وانتقل الجعفري الى موضوع آخر هو (حديث الثقلين) ليستنتج منه أيضا على طريقته حتمية الغيبة 
للإمام الثاني عشر. وهنا أيضا الم يشبع الموضوع ولم يعطه حقا من البحث والتحقيق. واعترف اللحعفري 
في البداية انه لا يلزم الذين يروون الحديث بصيغة : (كتاب الله وسنتي) ولم ينف صحة هذه الرواية التي 
يأحذ بحا أهل السنة » ولكنه بنى قوله على من يرويها بصيغة : ( كتاب الله وعترقي). 


وبالرغم من وحود مناقشات كثيرة في معنى (العترة) وتحديد هويتهم فان الشيخ الجعفري بادر الى 
افتراض انحم الأئمة الاثني عشر » وان الثاني عشر مولود وموجود وغائب » ثم مضى يبرر غيبته ويصفها 
بالحتمية . وهذا في نظرنا أسلوب غير علمي في البحث والتحقيق ولا يؤدي بالضرورة الى المطلوب. 


ان الامامية عندما رووا بأن الرسول الأعظم قال: (إِن تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترق وانمما لن 
يفترقا حتى يردا علي الحوض) كانوا يدعمون نظريتهم ف ضرورة وجود الإمام المعصوم المعين من قبل الله 
الى جانب الكتاب ليترجمه للناس ويفسره ويأوله لهم » وان الناس لا يستطيعون فهم القرآن لوحدهم ولا 
يجوز لهم الاحتهاد بمفردهم » وهو ما يقوله الأحباريون اليوم . وبغض النظر عن صحة هذه النظرية فان 


ين 5 وص 6 
11 


)٠١صو‎ - 


202 





التاريخ أثبت طوال ألف عام عدم وحود أي شخص الى جانب القرآن الكريم » وقد قام المسلمون 
والشيعة بالمخصوص همارسة الاجتهاد بأنفسهم دون أي استعانة بأي مترحم سوى سنة الرسول » وهذا 
ما يؤيد حصر الصحة برواية (كتاب الله وسنتي) وعدم وجود أي مصداق أو أي تفسير صحيح لرواية 
(كتاب الله وعترقي). وحتى على فرض التسليم بوجود الإمام الثاني عشر الغائب فانه لم يقم بأي دور 
الى جانب القرآن الكريم طوال الفترة الماضية. وقد اعترف الشيخ الحعفري:"بأن الإمام الغائب لم يقم 
حتى الآن بأي دور في الهداية والإرشاد". ١7‏ 


ومن هنا نود من الأستاذ الشيخ محمد رضا الجعفري ان يبذل جهدا أكبر في البحث والتحقيق 
خاصة في مسألة مهمة كمسألة وحود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) التي تشكل أساس 
وجود الفرقة الاثني عشرية » وأساس نظرية (النيابة العامة وولاية الفقهاء) » وعدم الاستعجال في بحث 
هكذا أمور أو محاولة الرد بأية صورة كانت من أجل المحافظة على بعض العقائد الموروثة والتي لا تتمتع 
بأدلة شرعية كافية » ونطالبه كما نطالب (مركز الأبحاث العقائدية) باتباع المناهج العلمية الكفيلة 
بالوصول الى الحق. 


وف هذه المناسبة نقدم الى المركز طلبا بنشر أية مقالة أو محاضرة أو كتاب للمرجع السيد علي 
السيستاني حول وجود الإمام الثاني عشر أو الإمامة » فانه أولى وافضل من الجميع باعتباره مرجعا دينيا 


ثميزا يفترض ان يولي الأمور العقائدية درحة عالية من الاهتمام وا لبحث والتحقية 


وإذا لم يكن قد بحث هذه الأمور من قبل فإنا نقدم له رحاء ملحا بدراسة قضية وحود الإمام الثاني 
عشر وتبيان الرأي السليم . ولسنا بحاجة الى التأكيد على ان الاجتهاد في الأمور العقائدية أهم وأولى 
من الاجتهاد في المسائل الفرعية الحزئية » وانه يشكل مقدمة ضرورية وأساسية لأية عملية اجتهادية » وان 
المسلمين اليوم أحوج ما يكونون الى الاحتهاد في القضايا الطائفية الموروثة التي تفرقهم » وتحاوز الخلافات 
التاريخية البائدة التي تزرع العداوة والبغضاء في صفوفهم » من أجل التوصل الى فكر سياسي إسلامي 
موحد يقوم على الشورى وينظم عملية تبادل السلطة بشكل سلمي ويضمن الحرية والعدالة والمساواة 


د - (صفحة )١١‏ 


203 


5- مع السيدين كمال الحيدري ونذير الحسني» في كتاب (دفاع عن التشي ا 


دفاع عن الشيعة؟ 
أم دفاع عن الغلاة المفوضة؟ والمنهج الأخباري الحشوي الحديث؟ 


رما كان هذا الكتاب أكبر كتاب من حيث الحجمء صدر للرد على كتابي (تطور الفكر السياسي 
الشيعي) فهو يتألف من أكثر من 5٠.٠‏ صفحة من القطع الكبير» وقد نشرته مؤسسة تبليغية إيرانية في 
الحوزة الدينية في قم» والكتاب يدعي (الدفاع عن التشيع) كما يتضح من عنوانه الصارخ» الذي يتضمن 
أيضا عنوانا فرعيا هو (الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب» وكشف التزوير والتحريف والكذب 
المتعمد على التشيع وعلمائه). 

وقبل أن نرى فيما إذا ممح الكتاب في مهمته هذه. أم قدم خدمة جديدة للكاتبء واعترافا باتميار 
الأساطير التي يحاول الدفاع عنهاء لا بد أن نقدم بكلمة موجزة عن مصادرة شعار (الدفاع عن التشيع) 
في مقابل (الشبهات) » هذه العملية التي قام بما عدد من الذين انبروا للرد على أحمد الكاتب, في قراءته 
الجديدة لفكر أهل البيت والتشيع. 

ورغم أن الإسلام اتسع ويتسع لوجحهات نظر عديدة قائمة على الاحتهاد, كما ان التشيع عبر التاريخ 
اتسع ويتسع لقراءات مختلفة» ثما سمح لكل مذهب بالانتماء للإسلام أو التشيع؛ ووفر مساحة كبيرة من 
الحرية والتعددية الفكرية في الحضارة الإسلامية» رغم ذلك فان بعض الرادين على ضاق صدرهم بالرحابة 
الإسلامية» وبادر فورا الى اعتبار ما يعتقده. أو ما ورئه من أفكار ونظريات وعقائد» أنما تمثل الإسلام 
الصحيح أو التشيع الصحيح, وان كل وجهة نظر أخحرى, أو محاولة لتقدهم قراءة أخحرى للتراث والتاريخ 
وفكر أهل البيت» انما هي شبهات وخروج على مذهب أهل البيت أو الإسلام. 

ان هذا البعض يقوم بمصادرة الإسلام والتشيع» على طريقة احتكار النجاة للفرقة الوحيدة الناحية من 
بين اثنتين وسبعين فرقة هالكة في النار. 

ولو أنصف هذا البعض قليلاء لأدرك ان الأمر لا يعدو أن يكون محاولة لإصلاح بعض الأمور ‏ 
وتشذيب التراث من بعض الخرافات والأساطير التي دخلت في الإسلام أو ف مذهب أهل البيت» وان 
الاحتلاف على كون هذا الأمر أو ذاك من الإسلام أومن التشيع؛ أو لا » يتوقف على الحوار الحاديء 
والتفكير العميق في الماضي والحاضر والمستقبل. خاصة واننا أمام تحربة طويلة لفكر مضى عليه أكثر من 
ألف عام ونحاول أن نتلمس ما فيه من قيم أصيلة أو تسرب لأساطير» ولا يمكننا أن نخلط الأمور كلها 


“64 - الطبعة الأولى ١‏ الناشر : المؤسسة الإسلامية العامة للتبليغ والإرشاد» قم إيران 


204 


جميعا فنقول ان كل ما وصلنا من آبائنا وأحدادناء وكل ما قاموا به من اجحتهادات وافتراضات وتلفيقات 
كان وحيا منزلا لا يأتيه الباطل من بيد يديه ولا من خلفه» إذ ليس لدينا من تراث ثابت مائة بالمائة 
سوى القرآن الكريم الذي تعهد الله تعالى حفظه الى يوم الدين. ولذلك فان من حقنا الاجتهاد وإعادة 
النظر في كثير من المسائل الموروثة» ولا يجوز أن نشكل عائقا أمام أي أحد يحاول الاحتهاد والتفكير» أو 
نبادر الى اتمامه بإثارة الشبهات» فمن يدري لعل ما ورثناه من آبائنا ليس سوى شبهات وأساطير؟ 

والآن كيف نعرف أن ما نؤمن به من صميم الدين؟ أو أنه ليس سوى بدعة أو شبهة دحيلة فيه؟ 

ان هذا السؤال يقودنا الى أمر أصولي حيوي جداء وهو تحديد مصادر المعرفة في الإسلام. 

فقد اتفق المسلمون على مرحعية القرآن الكريم» واختلفوا على مصادر أخرىء» فقال المعتزلة والأحناف 
بالاكتفاء بالقران» وبلمتواتر من الحديث» وهو قليل جدا في نظرهم, بينما توسع آخرون في قبول 
الأحاديث المنسوبة للنبي (ص) في حين اقتصر الشيعة على أخذ الأحاديث من طريق أهل البيت» ثم 
انقسم أهل الحديث بين حشوية يأخذون كل حديث بدون نقد أو تمحيص أو نظر الى راويه» وبين من 
يدقق ويتثبت ويدرس الرحال الرواة» وبمعن في متن الحديث. 

وقد كان أئمة أهل البيت يحرصون على تعليم شيعتهم التثبت حتى من الأحاديث المنسوبة اليهم 
وعرضها على القرآن الكريم؛ وضرب كل حديث يخالف القرآن عرض الحدار. ولكن المنافقين والغلاة 
الذين كانوا يستأكلون باسم أهل البيتء كانوا يكذبون عليهم ف حياتهم» ويدسون ما يشاءون من 
روايات في صفوف الشيعة» مما خلقوا مشكلة كبيرة لحركة التشيع » وتشويهها وتحريفهاء وإبعاد الناس 
عنها. وعندما كان أهل البيت ينفون تلك الأقوال المنكرة التي كانوا ينسبوتما اليهم» كان هؤلاء يدعون 
(التقية) لتمرير أكاذيبهم على أهل البيت أمام السذج والبسطاء. 

ومن هنا نشأ المذهب الباطني الذي كان يفسر ويئول كل حديث أو عمل أو موقف لأهل البيت» 
بشكل مقلوب رأسا على عقب؛ ومن هنا نشأت المذاهب المنحرفة عن أهل البيت باسم أهل البيت. 

وقد جتنا نحن اليوم بعد ألف وأربعمائة سنة من ذلك التاريخ» ووحدنا تراثا يسمى باسم أهل البيت» 
وهناك من يستفيد ماليا وسياسيا من هذا التراث» فهل نصدقه كله؟ أو نرفضه كله؟ أم نقف منه موقف 
الشك والبحث والدراسة والتنقيب والتفكير» ونحتهد فيه من جحديد؟ 

ان المستفيدين من ذلك التراث يرفضون الاحتهاد أو التفكير أو الاقتراب من أي نقد لهء ويطالبون 
الشيعة بالتسليم المطلق لكل ما فيه» خوفا على مصالحهم من الاتميار» ولكن المصلحة الشيعية الشعبية 
العامة» تقتضي التحرر والبحث عن حقيقة مذهب أهل البيت» أو حقيقة الإسلام» بكل موضوعية 
وعلفية وشجاعة: 

ولم يكن كتابنا إلا محاولة أو خطوة على هذا الطريق.. 

ماذا قلت في الكتاب؟ 


205 


قلت: ان فكر أهل البيت يقوم على الشورى واحترام إرادة الأمة في اختيار أئمتهاء وان الفكر 
المنسوب اليهم؛ وهو ما يسمى بنظرية (الإمامة الإلهية القائمة على العصمة والنص والوراثة) لا يمت 
اليهم بصلة» وانه واجه رفضا منهم في حياتهم وتحديات عملية عديدة » ووصل الى طريق مسدود بوفاة 
الإمام الحسن العسكري دون خلف ظاهرء وان فريقا من الشيعة اخترع "ولدا" موهوما له في السر. قال 
انه الإمام الثاني عشر وانه المهدي المنتظرء ودعا الشيعة الى انتظاره أكثر من ألف عام وحرم عليهم 
الثورة أو إقامة أية حكومة في (عصر الغيبة)» وان هذه الفكرة سبب تخلف الشيعة عبر التاريخ» ولذا 
فانحم اليوم تخلوا عمليا عن فكر الإمامة والانتظار» ونححوا في إقامة دول لهم على أساس الشورى » أو 
ولاية الفقيه. وآن لمم أن يتخلوا عن ذلك الفكر السلبي المحدر الذي ضرهم ول ينفعهم. 

ولكن بعض من يرتدي عباءة التشيع والإسلام» ويتضرر من الاجتهاد والبحث والتحقيق» لا يملك إلا 
شن هجمة شعواء على كل من يهدد الأساطير أو الأصنام التي يعيش عليها. 

وت الحقيقة ان من حق أي أحد ان يرد على أي كتابء وهذا ما طلبته من عامة المراحع والمثقفين 
والمفكرين والكتاب الشيعة الذي أرسلت لهم كتابي قبل أن انشره وتوسلت اليهم أن يردوا عليه 
ويصححوا ما يرون فيه من أخطاء» فربما عدلت عنه وتخليت عن نشره أو تراجعت عما توصلت اليه 
ولكن أحدا منهم لم يفعل ذلكء وانما قام بعضهم » وخصوصا بعض المؤسسات السياسية والاستخبارية 
التي تتستر باسم الحوزة والعلم والدين» بشن حملة إعلامية شعواء لتشويه سمعة الكاتب» وتحذير من 
يحازف بالاحتهاد في مثل تلك الأمور. 


ولعل كتاب (دفاع عن التشيع) يشكل نموذجا واحدا من الكتب التي تصدت للرد على كتابي» وهي لا 
تملك ما ترد به سوى كيل السباب والشتائم » والتنظير لمنهج جديد يرفض الاحتهاد والتفكير السليم. 

ورغم أن الكتاب صادر عن إحدى مؤسسات الحوزة العلمية في قمء إلا انه يقدم نظرية حديدة في 
(الاحتهاد) قائمة على الأخبارية والحشوية التي تسمح بتسرب الخرافات والأساطير والنظريات المغالية 
المخالفة لعقيدة التوحيد» وامحافظة عليهاء واستيلاد المزيد منها. 


وعلى أي حالء ماذا قدم السيد نذير الحسني؛ في كتابه الضخم؟ وهل رد على كتاب (تطور 
الفكر السياسى الشيعى)؟ 
هل أثبت مثلا الإمامة الإلحية لأهل البيت؟ أو أثبت وجود الولد للإمام العسكري, أي الإمام 


الثاني عشر ؟ أبدا لم يفعل أي شيء. سوى أنه وحه الى الكاتب اتمامات لا تحصى (بالكذب» 


206 


والمخالفات العلمية لأبسط قواعد البحث العلمي» وصياغة نظرية شيعية من أعداء التشيع؛ وعدم 
توحي الأمانة في النقل من المصادرء والبناء على أغلاط النساخ» وإنكار المسلمات بدون بحث 
وتحقيق» وتضعيف الحديث ثم الاحتجاج به» ومخالفة جمهور المحدثين والمفسرين» والكذب على 
الترباث السني» وإنكار أحاديث صحيحة بدون علة» وإنكار علائم الظهور بدون بحث 
وتحقيق»والاشتباه في فهم ألفاظ الروايات»ومخالفة المفسرين واتمامهم.وادعاءات إعلامية فارغة» 
والإهمال المتعمد لكثير من الروايات»وتفسير الحديث برأيه.والكذب المتعمد على علماء الشيعة» 
وعدم التميبز بين موقع العقل والنقل في الاستدلال» والخلط في معاني الاجتهاد» وعدم فهم معنى 
الاحتهاد في مقابل النص» و توجيه الافتراءات والأكاذيب على مصاديق الإمامة الإلهية» وتحدث 
عن نظرية الشورى في مواجهة التحديات» وإفلاس الشورى من الوثائق» و النص أم الشورى في فكر 
الصحابة» و أهل البيت ونظرية النص» والعدو يعترف بإمامة أهل البيت» والنص والتعيين في الفكر 
الإسلامي» والعصمة في القرآن» والعصمة في حديث رسول الله والإمامة في ولد الحسين» وحديث 
الخلفاء اثنا عشر» ومصاديق الحديثء والنص على الاثني عشر إماما من غير طريق سليم» والتسرع 
في الأحكام من دون بحث ودراية» وجهل الكاتب بوارد التقية وعلم الأئمة بالغيب) وما الى ذلك 
من الأمور الي ةتفك أ شيء. 

ان السيد نذير الحسني لم يبحث أية رواية يدعيها من ناحية السند» حتى يعرف هو قبل غيره» 
فيما إذا كانت الرواية صحيحة أم موضوعة. وبالتاللي جاء كتابه عبارة عن عمل خطابي لا يقدم ولا 
يؤخر. كما لم يبحث نظرية الإمامة من كل جوانبهاء ويدلنا على مصداق حي خارجي ظاهر لا 
اليوم؟ فماذا يحدي أن تثبت بألف دليل ودليل أمرا ثم لا تستطيع أن تضع إصبعك عليه؛ أو تحل 
به مشكلة؟ انه يقول ان نظام الشورى باطل وغير صحيح؟ ويجب ان يعين الله الأئمة المعصومين 
للأمة بالنص من قبله» دون أن يلتفت الى أنه لا ينتج إلا وهما في وهم! 


الإمامة ليست من أمور الشورى 

وعندما حاول أن يرد على حديث أوردته في كتابي عن التزام أئمة أهل البيت بنظرية الشورى» 
واستشهدت بحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) يرويه عن أبيه عن حده؛ عن آبائه عن رسول الله 
(ص) يقول فيه:"من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الأمة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه, 
فان الله قد أذن ذلك" لم يشكك الحسني بمذا الحديث المطمورء وانما حاول أن يأوله ويفسره كما 
يشتهي» فادعى تناقضه مع روايات أخرى تؤكد أن الإمامة في ولد الحسين.”١١‏ 


اا 


حصن 211 


207 


وأنا لم أنكر ولا أنكر وحود روايات أخرى كثيرة حول نظرية النص» ولكن أقول انما موضوعة وغير 
صحيحة » وانما تتناقض مع روايات أخرى في تراث أهل البيت تنفي نظرية العصمة والنص» وانما على 
أي حال وحسب التجربة التاريخية» نظرية مثالية غير قابلة للتطبيق» وهذا ما أثبت ويثبت بطلاتما. 

وقلت في كتابي: ان نظرية الإمامة اخثلقت في أواسط القرن الثاني الحجري»؛ وان النصوص حول أئمة 
أهل البيت الم تكن معروفة لدى الشيعة » ولم يكن يعرفها حتى كبار أصحاب الأئمة مثل زرارة الذي 
توق وهو لا يعرف من هو الإمام بعد الصادق. 

وقد حاول الحسني أن يلف ويدور» ولكنه اعترف أخيرا بغموض النص على الإمام الكاظمء فقال: 
"الذي يظهر من بعض الروايات أن الموقف يحتم على الإمام كتمان أمره ولو استلزم ذلك عدم معرفة 
الشيعة به» وهذا ما صرح به الإمام موسى بن جعفرء عندما سأله أحد أصحابه. قال له: جعلت فداك. 
شيعتك وشيعة أبيك ضلأل - أي لا يعرفونك - فألقي اليه وادعهم اليك؟ فقد أحذت علي بالكتمان. 
قال: من آنست منهم رشداء فالقٍ عليه وخذ عليه بالكتمان» فان أذاعوا فهو الذبح» فان أذاعوا فهو 
الذبح. 

وقال: ان الحو الحاكم في هذه الرواية هو جو الإرهاب السائد في عصر الإمام موسى بن جعفرء 
وصرح الكليني واصفا هذا الإرهاب: ( ان أبا جعفر المنصور كان له بالمدينة جواسيس ينظرون الى من 
اتفقت شيعة حعفر فيضربون عنقه). فالإمام في الرواية أعلاه قسم شيعته الى قسمين: الأول: ( من 
أنست منهم رشدا) » الثاني: (من لم تؤنس منهم رشدا)... 

وهذا القسم (الأول) كان يعرف الإمام جيداء ولكن في بعض الحالات يشتبه عليه بداية إمامة 
اللاحق بعد وفاة السابق» وسبب هذا الاشتباه بعده عن محل إقامة الإمام السابق الذي توفي» وهذا ما 
نص عليه الصادق عندما سأله أحد أصحابه: أ فيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال 
الإمام: أما أهل هذه البلدة - يعني المدينة - فلاء وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم. 

وأضاف الحسني: إذن القسم الأول يعرفون الإمام جيداء وعدم معرفتهم في بعض الحالات ليس 
بالإمام» كما اشتبه أحمد الكاتب» بل ببداية إمامته» كما نص الصادق على ذلك. 

وأما القسم الثاني (من لم تؤنس منهم رشدا) فهم عوام الشيعة» فأولئك لا يستبعد منهم حتى عدم 
معرفتهم بالإمام» فضلا عن بداية إمامته» لما يلزم من معرفتهم محذور ذبح الإمام» كما نص على ذلك 
موسى بن جعفر » فهم يعرفون الإمام من الشيوع العام» من دون امتلاك النص الصريح لأن معنى هذا 
الامتلاك تعريض الإمام للخطرء وهذا ما صرح به الصادق لعبد الأعلى عندما تكلم الإمام عن صففات 
صاحب الأمر؛ فسأله عبد الأعلى: هل هذه الصفات مستورة مخافة السلطان؟ قال: لا يكون في ستر 
إلا وله حجة ظاهرة؛ ان أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة» قال: ادع لي شهوداء فدعوت أربعة 


من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمرء قال ااكتنة:. فالباقر ( وبتصريح الصادق يوضح إمامة ولده 


208 


بأمور عامة - أي بمجرد الوصية - خشية عليه» ولكن هذا البيان ليس للجميع على حد سواءء بل 
للخاصة بيان آخر من نوع "هذا خير البرية". ولم يستطع أحمد الكاتب أن بميز بين هذين القسمين من 
الشيعة» كما ميزت رواية موسى بن جعفر بينهم» فاتحم عامة الشيعة بالجهل بالإمام اللاحق »ووضع 
ذلك تحت عنوان (ماذا يفعل الشيعة عند الجهل بالإمام؟)".. ١11‏ 

وسواء ميزت بين القسمين أو لم أميز» فالنتيجة واحدة: وهي غموض النص لدى عامة الشيعة» وحتى 
على الخواص؛ الذي يعترف الحسني بغموض النص لديهم على ما يسميه بداية الإمام. وهذا ما يثنبت 
عدم وحود قائمة مسبقة بأسماء الأئمة» وبعدم إعلان الأئمة لنظرية النص» وانما هي إشاعات كان يبثها 
بعض الناس ف السرء وينسبوتما الى أهل البيت. 

ونتيجة لعدم وحود النص الواضح الصريح على أئمة أهل البيت» في حياتهم» فان أدعياء نظرية 
الإمامة» الذين قاموا باحتلاقهاء كانوا يبنون نظريتهم على أساس دعوى علم الأئمة بالغيب» وهذا ما 
كان ينفيه الأئمة أنفسهم بشدة ويتبرءون الى الله من قائله» وقد أوردت في كتابي عددا من أقوال الأئمة 
في هذا الشأن» والتي ترد في كتب الشيعة. والتي يعترف الحسني بصحتهاء ولكنه يضطر الى تأويلها 
والالتفاف عليهاء في محاولة مستميتة لإنقاذ نظرية الإمامة. 

وقد حاول الحسني أن يلتف كذلك على القرآن الكريم الذي يقول بصراحة:" عالم الغيب فلا يظهر 
على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول"؛ فقال:"شنع الكاتب على الشيعة في قولمم ان الأئمة يعلمون 
الغيب»ء ول يميز الكاتب أي أنواع العلم بالغيب يعلمه الأئمة» بل أطلق الكلمة من دون تحديد. ومن 
المعلوم ان علم الغيب له قسمان: الأول : اختص الله تعالى به» الثاني: اطلع الله رسوله وأوليائه عليه 
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) وغير ذلك من الشواهد التي تؤكد علم 
الغيب الذي اطلع الله رسوله ومن ارتضى من الأولياء عليه. فالفكر الإسلامي لا ينكر مسألة اطلاع 
أولياء الله ورسله على بعض الغيوب التي علمها الله ل هم» وما أثبته الأئمة لأنفسهم من العلم هو القسم 
الثاني الذي أذعن المسلمون بإمكانه لأولياء الله وهذا ما قالت به الشيعة. 
يقول الإمام علي: سلون قبل ان تفقدوني» فان عندي علم الأولين والآخرين... 
ويقول أبو عبد الله: إن لأعلم ما في السماوات وما في الأرضء وأعلم ما في الجنة وما في النار» وأعلم ما 
كان وما يكون, قال الراوي: ثم سكت هنيئة فرأى ان ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك 


من كتاب الله عز وجل يقول: (فيه تبيانا لكل شيء). وغير ذلك من الروايات التي حفلت بما كتب 


1 


دص لاوم ووم 


209 


الشيعة...وهذه الروايات التي أثبتت علم الأئمة بالغيب ولم بحد أحدا في التاريخ استنكر عليهم ذلك؛ 
لمي خير شاهد على علمهم بالغيب الذي اطلع الله أولياءه عليه وأنكره الكاتب".17١‏ 

وأضاف الحسنبي:"أما رواية الإمام الصادق (يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب) فلم يترك الإمام 
الصادق الفرصة لأحمد الكاتب وغيره كي يستغل هذا الحديث» فذكر الصادق في ذيل هذا الحديث 
مباشرة» وبعد ما قام من مجلسهء ذكر لأصحابه بعدما سألوه: لماذا هذا القول؟ قال لمم: ان لديه علم 
الكتاب كله وان الذي حاء بعرش بلقيس الى سليمان علمه من علم الكتاب» وان نسبة علم هذا الى 
علم الإمام كقدر قطرة من المطر في البحر الأخضر". ١18‏ 

ولم يقل لنا الحسني كيف أدخخل الأولياء» أو الأئمة من أهل البيت في إطار الرسل الذين يستثنيهم الله 
تعالى من المعرفة بالغيب؟ وعلى أي أساس؟ ألم يكن الإمام الصادق يعلن بصراحة عدم علمه بالغيب؟ 
وهل يشكك الحسني بصحة الرواية؟ طبعا لاء ولكنه يشير الى إضافة موحودة في ذيل الرواية» تقول: ان 
الإمام الصادق عاد فادعى علم الغيب بعد ما قام من مجلسه وبصرة سرية للراوي. وهذا ما كان يقوله 
الغلاة الباطنية الذين كانوا يحرفون أحاديث أهل البيت العلنية ويضيفون اليها ما يشاءون» ويمكننا التأكد 
من ذلك بعرض الرواية على القرآن الكريم» حيث يصدق على حديث الإمام الناقي للعلم بالغيب» 
ويكذب ذيل الرواية الذي يثبته. 

ولكن الحسني لا يستطيع التمييز بين أحاديث الأئمة الصحيحة المطابقة للقرآن» وبين الأحاديث 


الموضوعة المدسوسة في تراثهم» ويريد منا أن نصدق بكل حديث دون تحقيق أو تدقيق. 


ومن الأمور التي عرضتها في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) دليلا على بطلان نظرية الإمامة 
الإلحية» وعدم تبني أهل البيت هاء هو صغر عمر بعض الأئمة عند وفاة آبائهم؛ كالحواد والحادي» اللذين 
كان يبلغ كل واحد منهما الخمس أو السبع سنوات» وذهاب الشيعة الى أئمة آخرين من أهل البيت» 
مثل أحمد بن موسى وغيره» وذكرت في كتابي بالتفصيل كيف واجه الامامية هذا التحدي الكبير» وكيف 
حاول المتأخرون منهم, وخاصة الاثنا عشرية» ان يحلوا المشكلة بالتنظير لحواز اتباع الإمام الطفل الصغير» 
قياسا على النبي يحبى (عليه السلام) الذي آتاه الله الحكم صبياء وقلت إن هذا القياس غير جائز شرعاء 
لأنه بلا دليل» ولا يعني حدوث شيء للأنبياء السابقين جواز القياس عليهم اعتباطاء واستشهدت بتعيين 
الإمام الحواد نفسه وصيا على ابنه الحادي وهو (عبد الله بن المساور)» وعدم تسليمه الإرث حت يبلغ 
ويرشدء حسبما يقول القرآن الكريم:"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا 


1١5ا/‎ 


-ص 458-5477 عن (الكافي ج١‏ ص )5١9‏ 


دلا 


حصن 1ه 


210 


اليهم أموالهم" النساء 25 وعدم جواز الخروج عن عموم هذه الآية إلا بدليل قوي؛ ولكن الحسني الذي 
حاول الرد علي» لم يتوقف عند هذه الآية الكريمة» وقال: "لما كانت الإمامة الإلهية تحري محرى النبوة» 
وأن أمر الإمامة ليس بيد أحدء بل بيد الله يضعه حيث يشاءء كما يقول أبو بصير...إذن فلا ضير أن 
يكون الحواد أو غيره من الأئمة بأعمار معينة ويستلمون الحكم والقيادة للشيعة...إذن مسألة تصدي من 
هو دون سن البلوغ أمر واقع ولا مانع منه الحجج الله تعالى أبدا". ١15‏ 

وذلك رغم أن كون (الإمامة تجري مجرى النبوة ) هو أول الكلام؛ ويحتاج إثباته الى دليل» وقد 
أدى وصول الإمامة الى أطفال الى تراجع الشيعة» أو من كان يقول منهم بنظرية الإمامة» عنها في ذلك 
الوقت. 

ومن الأمور التي طرحتها في كتابي» التحديات التي واحهت نظرية الإمامة لدى نشوئهاء وخاصة مسألة 
انحصار الإمامة ف أبناء الحسين» وإخراج أبناء الحسن منهاء رغم أنمم كانوا عمليا يقودون الشيعة في 
ميادين الثورة والسياسة» وقلت: انه لا يوحد أي دليل على ذلك. 

فكيف رد السيد الحسني على ذلكء وكيف أثبت انحصار الإمامة في ذرية الحسين؟ 

لقد استشهد ببعض الروايات التي يرويها الشيعة الامامية الاثني عشرية؛ وينسبوتما الى رسول الله (ص) 
وأنه قد نص على قائمة الأئمة من قبل أو ذكر عددهم» وأضاف اليهم أسماء بعض المحدثين الحشويين » 
المتأحرين الضعفاء والمجهولين » من السنة » دون أن يذكر الحسني أية رواية أو يحقق في سندها ويتأكد 
منهاء فقال:"لقد اتفقت الكتب الشيعية وبعض الكتب السنية الحديثية على أن الإمامة سارية في ولد 
الحسين» وأشار الى تلك الحقيقة المقدسي الشافعي» والقندوزي الحنفي والخوارزمي والحموئيني الشافعي 
وغيرهم من أهل السنة» وكذلك الكليني والصدوق وغيرهم من علماء الشيعة ومحدثيهم. .وتناقلت هذه 
الحقيقة ألسن الصحابة والفقهاء والمؤلفين من لسان رسول الله.واتفق سلمان مع الحسين في نقله هذا 
بقوله...". 50١‏ 

هكذا باحتصارء يريح نفسه من عناء البحث والتحقيق» والاحتهاد في الروايات والرحال الرواة لماء أو 
ذكر المصادر الدقيقة لحا. ومع ذلك فانه يتهمني بتجنب البحث والتحقيق. علما بأن المدعي لأمر عليه 
هو أن يقدم الدليل» وليس المنكر له. 


113 اص 55م ابم 


000 


دص ١ه"‏ 


211 


ولا يجد الحسني ما يفعله عندما يواحه الأزمة الكبرى التي واجحهت الفكر الإمامي» وحكمت عليه 
بالزوال والاتميار» وهي مسألة عدم وجود الخلف للإمام العسكري» وبدلا من أن يقدم الأدلة على 
وحودهء يقوم بإلقاء الكلام على عواهنه» وإلقاء اللوم على الكاتبء فيقول:" أراح الكاتب نفسه عناء 
البحث عن فصل مهم., نقله الثقاة الينا من فصول دراسة الإمام الثاني عشرء وهو الاعترافات الصريحة 
والصحيحة من قبل العشرات» بل المئات الذين شاهدوا الإمام المنتظر في حياة أبيه العسكري وبعدها. 

ونحن هنا نكتفي بنقل بعض الأسماء والثقاة الذين شاهدوا الإمام » والذين ضرب الكاتب عنهم 
صفحا فلم يشر لحم بكلمة واحدة؛ منهم إبراهيم بن إدريس أبو أحمد» وإبراهيم بن عبده النيسابوري» 
وإبراهيم بن محمد بن أحمد الأنصاريء وإبراهيم بن مهزيار أبو إسحاق الأهوازيءوأحمد بن إسحاق بن 
سعد الأشعري...وأبو الأديان.. وحعفر بن علي» وجعفر الكذاب...والحسين بن روح أبو 
القاسم...وحكيمة بنت الإمام الجواد» وسعد بن عبد الله القمي وأبو سورة...وغيرهم» هذا فضلا عن 
المشاهدات الجماعية في حياة العسكري وبعدهاء وآمن بتلك المشاهدات ونقلها ثقاة الشيعة ومؤلفوهاء 
أمثال المفيد والطوسي والكليني والصدوق وغيرهم من أقطاب الفكر الشيعي» كل ذلك تجاهله الكاتب 
ول يذكره إلا بعبارة إعلامية حالية من أي مصدر قائلا: (ان عامة الشيعة لم يكونوا شاهدوا أي ولد 
للإمام العسكري) وأهمل الكاتب هذا الكم الحائل من الاعترافات من دون تأويل أو تضعيف وما شابه 
ذلكء والذي تعودناه من الكاتب أمام كل دليل خلاف ما ادعاه". "١١‏ 

ويبدو ان الحسني الم يقرأ كتابي» ولم يطلع على المبحث الرابع من الحزء الثاني منه» والمحصص لنقد 
الدليل التاريخي» والذي احتوى على عدة مطالب: الأول: تناقض الروايات» والذي استعرضت فيه رواية 
حكيمة» ورواية أبي الأديان» والمطلب الثاني» الذي قيمت فيه روايات حكيمة وأبي الأديان ورحل من 
أهل فارس» ويعقوب بن منقوش وعثمان بن سعيد العمري وسعد بن عبد الله القمي» والمطلب الثالث» 
الذي تضمن التحقيق في شهادة النواب الأربعة» والمطلب الرابع» الذي تضمن التحقيق في رسائل 
المهدي» ومشكلة التعرف على الخط» وكذلك المبحث الخامس الذي يتحدث عن حكايات المعاجز التي 
ادعاها النواب الأربعة.؟*” 

ودرست الروايات واحدة واحدة؛ والرواة واحدا واحداء وأثبت تناقضها وعدم وجود أسانيد لماء وأنه لم 
تكن هناك أية مشاهدة للولد» حسبما تقول روايات أخرى تفسر ذلك بجو الخنوف والكتمان الشديد. 


فكيف يقول الحسني أنه شاهده العشرات والمئات بصورة جماعية؟ وهل حقق في أية رواية؟ 


6 


دص ١١”‏ 
''' - وقد اعترف الحسنى في الصفحة التالية بذكري لرواية أبي الأديان ومناقشتى لما » فقال:"قال الكاتب بحق رواية 
أبي الأديان: (وأما رواية أبي الأديان البصري التي ينفرد بنقلها الصدوق ويرسلها دون سند... ولا يعرف أحد شخصا 


بهذا الاسم ما يوؤكد احتلاقه من بعض الغلاة) فما حدا ثما بدا بالأمس..". ص ١١4‏ 


212 





صحيح انه يقول: لقد آمن بتلك المشاهدات ونقلها ثقاة الشيعة ومؤلفوهاء أمثال المفيد 
والطوسي والكليني والصدوق وغيرهم من أقطاب الفكر الشيعي. 

ونحن لا ننفي ادعاء هؤلاء للرؤية» ولكن نقول أنحم يقولون أيضا : ان تلك الروايات ضعيفة ولا يعتمد 
عليهاء وان معوّلنا في إثبات وجود الولد للإمام العسكريء هو الدليل الفلسفي (العقلي أو الاعتباري) 
ونحن لا نقبل بهذا الدليل غير الشرعي وغير العلمي» ونبحث عن أدلة تاريخية قاطعة تخرجنا من الحيرة 
الى شاطيء العلم واليقين. وهذا ما لم يقدمه لنا أحدء ولم يستطع الحسني الإشارة اليه. وإذا كان الكليني 
والصدوق والمفيد والطوسيء قد اجتهدوا في أمر » ثم تبين بطلانه» فنحن لسنا بمضطرين لتقليدهم بصورة 


عمياء» أو اتباعهم على غير هدى. 


وأخيرا يكشف السيد نذير الحسني» عن منهجه الأخباري الحشوي الخطير» الذي يمنعه من ممارسة 
الاحتهاد الحر السليم» ويدفعه أو يسمح له بابتلاع الخرافات والأساطير» والخلط بينها وبين أحاديث 
الأئمة من أهل البيت» حيث ينفي الحاجة للقيام بأي بحث في سند أية رواية تخص التاريخ أو القضايا 
الاعتقادية» ويستشهد بأحد أساتذة هذه المدرسة المعاصرين» وهو السيد الحلالي» الذي ينقل عنه 
قوله: "إن اعتبار السند, وحاجته الى النقد الرجالي بتوثيق الرواة أو جرحهم انما هو لازم في مقام 
إثبات الحكم الشرعي للتعبد به. لأن طريق اعتبار الحديث توصلا الى التعبد متوقف على اعتباره 
سندياء بينما القضايا الاعتقادية والموضوعات الخارجية لا يمكن التعبد بهاء لأنها ليست من 
الأحكام الشرعية"."*:7 


وهو ما يؤكده أستاذه الآخر السيد كمال الحيدري» الذي قدم لكتابه» وسوف نستعرض أقواله في هذا 
امخال» ثم نراحع ما كتبه في الرد على الأفكار التي طرحتها في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) 
بتلك المنهجية الأخبارية الحشوية» وكيف ترب من الرد الحقيقي عليه ليلجأ الى احتراع نظريات جديدة 
لعلها تنقذ نظرية الإمامة الي يعترف ف النهاية بفشلها وصعوبة إثباتها. 


الحيدري والمبهج الحشوي 


''' - ص 477- 458 ويقول: قام السيد الجلاللي ببحث مستقل حول علم الأئمة بالغيب نشر في محلة تراثنا 
(العدد لال ص 7 7) 


213 


كتب السيد كمال الحيدري في مقدمته لكتاب الحسني ما يلي:" ان الكتاب الماثل بين أيديناء وهو 
كتاب (دفاع عن التشيع) فقد طالعته وسرني ما وجدت فيه من الهد العلمي والتحقيق الذي بذله أحد 
أعزة تلامذتنا المتتبع» السيد نذير الحسني» حيث تصدى فيه للرد على بعض الأسئلة والاستفهامات» بل 
جملة من الاتمامات التي جاءت في كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي) لأحمد الكاتب)".**” 

وقد أصاب في جزء من كلامه بأن الحسني تصدى للرد على بعض الأسئلة» حيث ل يرد على كثير من 
النقاط الأخرى الواردة في الكتاب» ولكنا لم نفهم ماذا يعني بالجهد العلمي والتحقيق الذي بذله تلميذه 
العزيز الحسني» بعد أن أهمل دراسة الرحال والسند في كل الروايات التي نقلها من بطون الكتب» وقال 
بصراحة أتما لا يحتاج الى النقد الرحالي بتوثيق الرواة أو حرحهم. ولسنا متأكدين: هل قرأ الحيدري كتاب 
تلميذه بدقة؟ أم مر عليه مرور الكرام» وإلا لأعطانا رأيه في كثير من النقاط التي ذكرهاء مثل موضوع 
غموض النص على الأئمة» الذي أكده الحسني» خصوصا حول الإمامين الصادق والكاظم, وإذا كان 
وافقه على رأيه » فكيف يقول الحيدري بعد ذلك : ان موضوع النص كان واضحا وثابتا ومعروفا منذ 
عهد رسول الله (ص)؟ ومثل موضوع (الشورى) والمقصود منها في القرآن الكريم» هل هو الحكم 
والخلافة؟ كما يعتقد الحيدري» أو أمور أخرى, كما يقول الحسني؟ 


وقبل أن يغرق الحيدري نفسه في لحة البحثء قدم اعتذارا رميا عن التحقيق في الروايات التي تعتمد 
عليها نظرية الإمامة الاثنا عشرية» فقال:"قد يستشكل البعض على جملة من هذه الروايات التي ترد في 
مثل هذه البحوث بأنها ضعيفة السند» إلا ان هذا الإشكال غير تام بحسب الموازين العلمية الثابتة في 
محلهاء لأن هذه الروايات ليست هي آحادء حتى يمكن الإشكال السندي فيهاء وانما هي من الكثرة 
بمكان» بنحو إما أن تكون متواترة» أو قريبة من ذلك. ومن الواضح أنه في مثل هذه الحالة لا مجال 
للبحث السندي فيهاء طبعا مع مراعاة الخصوصيات والعوامل الموضوعية والذاتية التي أشار اليها أستاذنا 
الشهيد الصدر (قدس) في نظرية حساب الاحتمالات» فانه مع الأخذ بعين الاعتبار تلك العوامل» فلا 
ريب في حصول الاطمئنان للباحث المنصف, في صدور كثير من هذه الأحاديث عن النبي الأكرم (ص) 
وأئمة أهل البيت (ع)". *'" 

ومع ان السيد كمال الحيدري نفسه لم يستطع أن يصفها بالتواتر بقوة» فان كثرة الروايات لا تعني 
التواتر» وقد قال الشيخ المفيد:"ما روي من خبر الواحد... ولو رواه ألف إنسان وألف ألف لما جاز 


داص أه 


ه.؟ 


ل 


214 


أنّ يجعل ظاهره حجة في دفع الضرورات وارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات".''" وبالتالي فاتما لا 
تغني عن التحقيق والبحث في السند. وذلك لأن التواتر الذي يسقط البحث في وثاقة الربحال» هو 
ذلك الإحبار الذي يورث اليقين» مثل الإخبار عن وجود الإمام الصادق, مثلاء فانه لا يشك أحد 
بوحوده بغض النظر عمن يروي خبر وجودهء وكذلك وجود الرسول الأعظم أو الإمام علي أو أي 
شخص آخر في التاريخ» وأما إذا حدث شك في الأخبار» وحيرة وغموض وتردد في التصديق أو 
التكذيب» فان تلك الأخبار لا تعود تسمى متواترة» وانما تسمى بأخبار آحاد» حتى لو كانت 
بالعشرات والمئات والآلاف» وتعظم الحاجة للتحقيق والتأكد من كل خبر خبر» وصولا الى العلم 
بصحتها أو كذبها. 

وف مسألة الإمامة» أو وجود الإمام الثاني عشرء نحن أمام مجموعة أخبار آحاد» لم يحصل العلم بما 
لدى عامة الشيعة » فضلا عن عامة المسلمين» وكانت محلا للنقاش والأخذ والرد» إذن فهي ليست 
أخبارا متواترة» ولا يجوز القبول بما هكذا بلا دراسة ولا تمحيص. ثم لا يجوز البناء عليها والاستنتاج منها 
أفكارا ونظريات أخرى بالتلازم. 

ولكن السيد كمال الحيدري» يغمض عينيه عن كل ذلك التفصيل المهم؛ ويواصل استدلاله على نظرية 
الإمامة» فيقول:"حديث الثقلين» هذا الحديث يكاد يكون متواتراء بل هو متواتر فعلاء إذا لوحظ 
مجموع رواته من الشيعة والسنة في مختلف الطبقات» واختلاف بعض الرواة ف زيادة النقل ونقيصته؛ 
تقتضيه تعدد الواقعة التي صدر فيهاء ونقل بعضهم له بالمعنى» وموضع الالتقاء بين الرواة متواتر قطعا" . 
0" 

ويهذه الروح اللاعلمية » والمنهج الحشوي (المستلهم من أستاذه الوحيد الخراسافي) راح السيد كمال 
الجيدري يستدل كتلميذه النجيب نذير الحسني» على بقية فقرات نظرية الإمامة» فقال:"تبنى أتباع مدرسة 
أهل البيت (ع) حصر عدد الأثمة باثي عشر إماماء تبعا لما بين أيديهم من الروايات الصحيحة الدالة 
على ذلك" ؛ **7" 

ول يحد حاجة لذكر تلك الروايات» وأسانيدهاء وانما قال:"ذكر المحقق آية الله الصافي في كتابه القيم 
(منتخب الأثر) أن الروايات التي ذكرت أن الخلفاء من بعد النبي الأكرم (ص) هم اثنا عشرء قد تصل 
الى ما يتجاوز 7١(‏ رواية) من طرق الفريقين. ولعل العدد أكثر من ذلك بكثير» كما يقول في (معجم 
أحاديث الإمام المهدي) ان مصادر حديث الأثمة بعد النبي (ص) اثنا عشرء وأنمم من قريش أو من 


''" -المفيد» الفصول المختارة» ص 59 7. 


1 


5 


06 


-ا ص 5" 


215 


أهل البيت كثيرة» وقد أفرد لها بعضهم كتيبا خاصاء وقد جمعناها فرأيناها تبلغ مجلدا كاملاء لذلك اخترنا 
منها هذه النماذج..". 6 

ولو قام السيد كمال الحيدري بإلقاء نظرية على كتابنا المللحق بتطور الفكر السياسي الشيعي» وهو 
الذي يتعلق بنقد أحاديث لذن عشرية لدى السنة والشيعة حديثا حديثاء لما قال ذلك» ولكنه أراح 
نفسه من البداية بعدم حاحته للبحث والتحقيق. فكل حديث لديه متواتر» أو يكاد يكون كذلك. 

ولذلك تابع قائلا:"ان هذه الروايات لا يمكن لأحد ان يتهم أتباع أهل البيت بوضعها واختلاقهاء بعد 
أن آمنوا بأن عدد الأئمة اثني عشرء وذلك لورودها في أهم الصحاح والمسانيد السنية قبل ذكرها في 
المضادن الشيعيوا 11 

وقد أصاب الحيدري في قوله (قبل ذكرها في المصادر الشيعية) » لأن هذه النظرية لم تكن معروفة لدى 
الشيعة الامامية في القرون الثلاثة الأولى» وانما نشأت في القرن الرابع» وقد قدمت في كتابي الأدلة على 
ذلك» وقد ألفها الإماميون بعد توقف استمرار الإمامة» وغيبة الإمام الثانى عشرء واستعاروا لذلك بعض 
الأحاديث الضعيفة والمجهولة والغامضة الواردة في بعض كتب الحديث السنية التي لا يعترف الامامية 

وبدلا من نقد تلك الأحاديث سندا ومضموناء على ضوء تراث أهل البيت وتاريخهم الثابت» قام 
الجيدري بالاستعانة ببعض القرائن الهامشية غير الصحيحة والتي لا يمكن الاعتماد عليهاء فقال:"قد أشار 
الى هذه الحقيقة جملة من المحققين منهم سيدنا الشهيد الصدر حيث يقول: ( قد أحصى بعض المؤلفين 
روايات هذا الحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء بعده» أتمم اثنا عشرء فبلغت 
الروايات أكثر من 77١‏ رواية» مأحوذة من اشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة» بما في ذلك 
البخاري ومسلم والترمذي ومسند أحمد ومستدرك الحاكم على الصحيحين. 

وليست الكثرة العددية لحذه الروايات هي الأساس الوحيد لقبوهاء بل هناك إضافة الى ذلك مزايا 
وقرائن تبرهن على صحتهاء فالبخاري الذي نقل هذا الحديث» كان معاصرا للإمام الجواد والمحادي 
والعسكري. وف ذلك مغزى كبير » لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سجل عن النبي (ص) قبل ان 
يتحقق مضمونه» وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاء وهذا يعني أنه لا يوحد أي محال للشك في أن 
يكون نقل الحديث متأثرا بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاسا له, لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب 


216 


الى النبي (ص) هي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياء لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب 
الحديث» ذلك الواقع الذي يشكل انعكاسا له. 

فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على ان الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشرء 
وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشريء أمكننا أن نتأكد من أن هذا الحديث 
ليس انعكاسا لواقع» وائما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بحا من لا ينطق عن الهوى, فقال: ان الخلفاء 
بعدي اثنا عشرء وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداء من الإمام علي وانتهاء بالمهدي ليكون 
التطريق الوتعية تقول لذللف تايف اللو اين الى 713 

وأغفل الحبدري كل الملاحظات التي قدمناها على هذا الحديث واستحالة الاستشهاد به على ولادة 
إنسان» أو إمامته» وذلك لتضمن الحديث في الروايات السنية معنى الأمير أو الخليفة» وليس الإمام بالمعنى 
الشيعي» ووجود الاحتمالات المتعددة للقائمة الاثني عشرية» بضم الإمام زيد بن علي أو عبد الله 
الأفطح أو جعفر بن علي الحادي أو غيره من أئمة أهل البيت اليهاء وقول الشيعة سابقا باستمرار 
الإمامة الى يوم القيامة» بمعنى عدم جواز حصرها باثني عشر إماما أو أثني عشر ألف أو اثني عشر مليون 
إمام. 

ومع وحود كل هذه الملاحظاتء وغيرهاء فان الحيدري يقفز الى القول افتراضاً:"الواقع ان الأحاديث 
التي أشارت الى ان الخلفاء اثنا عشرء عينت بنحو واضحء من هم أولئك الخلفاء؟ وهذا مقتضى 
القاعدة في المسألة» لأنه من الطبيعي عندما يصرح الرسول الأعظم (ص) بأن خلفاءه من بعده اثنا 
عشرء لا بد ان يذكرهم مباشرة أو بعد السؤال على الأقل؛ وهذا ما نجده واضحا في التراث الشيعي 
الذي تكلم عن هذه الحقيقة» ونحاول هنا الوقوف على بعض النماذج من هذه الروايات الكثيرة في 
المقام". ويواصل نقله للأحاديث بلا أي سندء وائما هكذا:"عن سلمانء قال قال رسول الله... عن أبي 
د 

ولم يتوقف الحيدري لحظة ليفكر ما نقله وأكده تلميذه الحسني من غموض النص على الأئمة حتى 
لدى الشيعة وخاصتهم» فيفترض حسب مقتضى القاعدة أن يكون الرسول قد ذكر أسماءهم بعد السؤال 
منه عنهم. 

وهذا منهج غريب في صناعة الأحاديث الافتراضية. 

وإذا أضفنا اليه الاعتماد على المنهج الأخباري الحشويء في تقبل الروايات بلا تمحيصء فاننا نصل 
الى نتائج أغرب» وهذا ما يقوله السيد كمال الحيدري. 


510 


دص م؟ - و" 


1 


خرص 


انه يدعي بكل جرأة وحود النص على الأئمة الاثني عشر بطريقين: 

"الطريق الأول: هو الطريق المباشر لتعيينهم من خلال الروايات المنقولة عن النبي الأكرم (ص) والتي 
تنص عليهم بأسمائهم. منها ما ذكره في (ينابيع المودة) عن كتاب (فرائد السمطين) بسنده عن بمجاهد 
عن ابن عباس (النبي يذكر أسماء الأئمة واحدا بعد واحد).."٠'وقد‏ أحصى الصافي الكلبايكاني في كتابه 
(منتخب الأثر) أكثر من خمسين رواية في هذا البحال» وقال بعد ذلك:"النصوص الواردة في ساداتنا 
الأئمة الاثي عشرء بلغت في الكثرة حداء لا يسعه مثل هذا الكتاب» وكتب أصحابنا في الإمامة وغيرها 
مشحونة بهاء واستقصاؤها صعب جدا". 1١4‏ 

ولم يشعر الحيدري بأية حاحة لذكر السند» ولا التحقيق في تلك الروايات» بعد أن نقلها الصافي 
الكلبايكاني» ولا التساؤل عن صحة الرواية التي ينسبها من ينسبها الى مجاهد (السني) في القرن الثاني 
الحجريء والتي لا يعرفها زرارة وخاصة أصحاب الإمامين الصادق والكاظم. ويتابع استعرض الطرق 
فيقول: "الطريق الثاتي: وهو طريق نقلي أيضاء ولكنه طولي» ونعني به: أن النبي الأكرم يعين بعضا من 
هؤلاء الأئمة من بعده؛ ثم يقوم كل واحد من هؤلاء بتعيين الخليفة الذي يأ بعده وهكذا". ”71 

ورغم عدم صحة هذا الطريق» وعدم وحود نص بالإمامة من أحد على أحد من أئمة أهل البيت» 
واعتراف مشايخ الطائفة الامامية بالغموضء واضطرارهم للاستعانة بدليل (المعاحز وعلم الأئمة بالغيب) 
لإثبات إمامتهم؛ فان الحيدري يعقب قائلا:"مع كل هذه النصوص وعشرات غيرهاء تأت بعض الأقلام 
لتقول: أن أئمة أهل البيت وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالبء» لم يدعوا لأنفسهم العصمة» وم 
يقولوا ما قالته الشيعة عنهم, وانما هي من اخحتلاقات فلاسفة الشيعة ومتكلميههو".١'”"‏ 

ثم يستعين الحيدري بمنهجه الأخباري الحشويء فيقول:"لا يقال ان بعض هذه الروايات إما هي ضعيفة 
السند» وعلى فرض صحتها فهي آحاد, لا يمكن الاعتماد عليها في الأصول الاعتقادية كمبحث 
الإمامة. فانه يقال: حتى لو سلمنا ما يقوله المستشكلء فانه لا نعتمد على خصوص هذه الروايات 
لتعيين الأئمة من السجاد الى القائم وانما يضاف اليها عشرات الروايات التي تحدثت عن أسمائهم جميعاء 
كما فب الطريق» الأول" 57 


وإذا كان هذا الطريق (الأول) أضعف من الطريق الثاني» فماذا يقول؟ 


كمض 
1 و 
2 دص /” 
3 10 
100" دص 8؛ 


215 





وكيف يثبت وحود (الإمام الثاني عشر) حتى يصحح روايات (الاثني عشرية)؟ وأساس (نظرية 
الإمامة)؟ 

انه يعتمد على نفس تلك الروايات والنظريات لإثبات وجود (الإمام الثاني عشر) في عملية دور 
مكشوفة. فتلك الروايات صحيحة إِذن فالإمام الثاني عشر موجود؛ والإمام موجود إذن فتلك الروايات 

يقول:"لا بد أن ينصب الحديث على إثبات ان المهدي المنتظر حي أم لا» ومكن ذكر طريقين: 

الأول: وهو الطريق غير المباشر» ان صح التعبير» وذلك بأن يقال: بعد أن ثبتت ضرورة استمرار وجود 
معصوم, لا يفارق الكتاب ولا يفارقه الكتاب» كما هو نص حديث الثقلين» وأن هؤلاء المعصومين لا 
يتجاوز عددهم ١١‏ كما هو مقتضى أحاديث (خلفائي اننا عشر) وأن هؤلاء هم علي والحسن والحسين 
وتسعة من صلب الحسينء ينتهون بالمهدي المنتظر» كما هو نص عشرات الروايات من الفريقين. إذن 
ينبت بالدلالة الالتزامية العقلية» أن الإمام الثاني عشرء حي يرزق» لكنه غائب مستور عن الخلق 
لحكمة إلهية في ذلك". 

ثم يستدرك:"من الواضح ان هذا الطريق يثبت لنا وجود إمام معصوم غائبء هو المهدي المنتظر ابن 
الإمام الحسن العسكريء الذي ينتهي نسبه الى الإمام الحسين بن علي. ولكنه لا يتعرض لتفاصيل سنة 
ولادته وكيفية ذلك؛ ومن هي أمه» ومتى غاب, وهل له غيبة واحدة أم أكثر» إلا ان هذا لا يؤثر في 
أصل إثبات وجوده؛ وانه حي غائبء لأن الضرورة النقلية» وما يلزمها عقلا تنبت هذه الحقيقة". 7١‏ 

ويتابع: "الطريق الثاني: وهو الطريق المباشر, ولكي يتضح ذلك جيدا لا بد من الإشارة الى التسلسل 
الوارد في الروايات لإثبات هذه الظاهرة الإلحية (ويذكر هنا أرقام مجموعات من الروايات العامة التي تبشر 
بظهور المهدي ومختلف الأمور المتعلقة به بشكل عام وخاص) ثم يذكر ما يشير الى ولادته وتاريخها 
وبعض حالات أمه ( 5١4‏ رواية 5١1.)‏ 


ويقول:"ولا يخفى أن هناك طرقا أخرى لإثبات حياته (عج) كشهادة من رآهء وهم حم غفير» وفيهم 
الثقاة والعلماء» فقد أحصى البعض عدد من شاهد الإمام المهدي فبلغوا زهاء 5 ٠١‏ شخصء ولعل ما 
فاته أكثر ثما ذكره. 


18 


د ص ١ه‏ 


- ص "8ه 


219 


ومن هنا جاءت اعترافات عدد كبير من علماء السنة» تبين ولادة المهدي . وقد صرح بعضهم أنه هو 
الإمام الموعود بظهوره في آخخر الزمان. وقد أحصت بعض المؤلفات المعاصرة وهو (المهدي في نمج 
البلاغة) للشيخ مهدي فقيه إيماني ما يزيد عن ٠٠١‏ شخصية صرحت بولادته (عج)". '"" 
ويضيف:"وبهذا تخرج مسألة الإبمان بالمهدي المنتظر وانه حي يرزق» عن دائرة اتمام الشيعة» باحتلاقها 
وإيحادها في الفكر الإسلامي. 

وبإضافة هذا المحور الى المحاور الثلاثة المتقدمة» ونعنيى بما: استمرار الإمامة» وعدد الأثمة 
ومصاديقهم؛ يتم بحث الإمامة بشكل منطقيء وننتهي من خلاله الى نتائج قطعية لا ينكرها أي عالم 
باحث عن الحق والحقيقة". "١‏ 

بحذه السطور التي لا تتجاوز الصفحتين يختصر السيد كمال الحيدري الرد على الحزء الثاني من كتاب 
(تطور الفكر السياسي الشيعي) الذي يدور حول موضوع وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن 
العسكري) ليثبت أنه حقيقة قاطعة وليس أسطورة وهمية مختلقة. 

وكما لاحظنا فقد اختصر في البداية ما يسمى بالدليل العقلي» أي نظرية الإمامة» وخاصة حديث 
الثقلين والاثني عشرء ليثبت بالدلالة الالتزامية العقلية: أن الإمام الثاني عشر.ء حي يرزق» وأنه ابن 
الإمام الحسن العسكري. مع أن المتكلمين الامامية السابقين لم يكونوا يقولون بذلكء وانما كانوا يضيفون 
الى هذه المقدمة مقدمات أخرى حتى يصلوا الى هذه النتيجة التي قفز اليها الحيدري بسرعة» وذلك 
لوجود احتمال أن يكون الإمام المعصوم شخص آخرء وان تكون قائمة الأئمة الاثني عشرء التي لم 
تكن معروفة في ذلك الوقت بعد تنطوي على اسم شخص آخر. ومن تلك المقدمات إثبات وفاة 
العسكري التي كان يشكك فيها بعض الشيعة» وإثبات وفاة أيه السيد محمد الذي كان بعض آخر 
يقول باستمرار حياته» وإثبات عدم جواز انتقال الإمامة الى أخحوين بعد الحسن والحسين» حيث كان 
يقول بعض الشيعة (كالفطحية) يجواز ذلك» وإثبات عدم عودة العسكري الى الحياة مرة أخرى» أو 
حدوث الفترة في الإمامة» كما كان دائما من يوحد من يقول بذلك. 

أما إذا ثبت العكسء وتحقق عدم وجود ولد للإمام العسكري, كما كان هو يقول ويعلن» فان 
استنتاج وحود له بالالتزام العقلي» يصبح نوعا مجا من الافتراض الفلسفي الظني العقيم. ويصبح 
السؤال عن حقيقة دعوى ولادته سؤالا معقولا جدا وضرورياء لأنه يكشف تمافت (الضرورة النقلية وما 
يلزمها عقلا) ويثبت بطلان الاستنتاجات الافتراضية. 


رن 


دص 1ه 


101- 


تصن :9:6 


2320 


ونأني الى الطريق الثاني الذي أشار اليه باختصار» وذلك بذكر أرقام الروايات التي تحدثت عما يتعلق 
بالمهدي العام؛ ومن بينها الروايات ( 5 ١؟‏ رواية) التي تحدثت عن ولادته وتاريخها وبعض حالات أمه. 

ولست أدري من أين جاء بمذه الأرقام؟ وهل اطلع على بعض تلك الروايات المزعومة» ولا يوحد في 
كل كتب الصدوق والنعماني والمفيد والطوسي والمرتضى والطوسي والمؤرحين والمتكلمين الذي عاشوا في 
القرنين الرابع والخامس » والذين أسسوا لهذه الحكاية أكثر من بضع حكايات أو إشاعات بلا سند 
متصل » وبعضها منقول عن أشهر الكذابين والوضاعين. فكيف أصبحت 5 ١؟‏ رواية» ورواية صحيحة 
حسب الفرض؟ 

وهل هذا منهج علمي في البحث والاجتهاد والتحقيق؟ 

أم أن الأمر لا يحتاج الى شيء من ذلكء فكل رواية هي متواترة ومجمع عليها تورث القطع واليقين؟ 

وعلى أي حالء ما هي النتيجة التي نخلص من كل ذلك الحديث؟ هل نحصل على إمام يقودنا في 
دروب الحياة؟ ويتصدر ليطبق لنا الشريعة الإسلامية» أو يغمرنا بعلمه الواسع؟ 

ان هذا السؤال ينسف بالطبع كل تلك الروايات والأدلة والبراهين التي يأتون بما لإثبات وجود (الإمام 
الغائب) . وهذا ما يشعر به السيد كمال الحيدري بقوة» ولكنه بدلا من أن يعترف بالحقيقة» ويتخلى 
عن النظريات الأسطورية الدخيلة في مذهب أهل البيت» يصنع نظرية جديدة في الإمامة» لم يعرفها 
الذين أسسوا لنظرية الإمامة ولا الاثني عشرية ولا الذين احتلقوا (الإمام الثاني عشر). 

وتقوم نظرية الحيدري الجديدة على أساس التلاعب بمعنى كلمة "الإمام" وإعطائه دورا أكبر من الإمامة 
السياسية والروحية والتشريعية والعلمية» التي كان يدور حولها الحديث في القرون الأولى» وهو دور (الوحود 
والتكوين) أو ما يسميه بعض الغلاة بالولاية التكوينية. ومن هنا فانه الحيدري يضطر لانتقاد المتكلمين 
الامامية السابقين على مسايرتهم للفكر السني في قصر تعريف كلمة "الإمام" على البعد التشريعي 
والسياسي» وإهمال البعد الآخر (الوحودي والتكويني). 

يقول تحت عنوان (تحرير محل النزاع):" انطلقت المدرسة السنية من نقطة مركزية في تكوين نظامها 
الفكري لفهم نظرية الإمامة تمثلت في أن الإمام أو الخليفة» يعني القائد والزعيم السياسي المسؤول عن 
إدارة شؤون الناس على مختلف الأصعدة والمستويات...وحيث لم يتجاوز دور الإمام في النظام الفكري 
لحذه المدرسة تخوم القيادة والزعامة السياسية» فقد كان من المنطقي» بقطع النظر عن دلالات الوحي 
الإلحي» أن يولوا وجوههم صوب نظرية الشورى وانتخاب أهل الحل والعقد» وذلك: 
أولاً: لأن هذه النظرية أقر ب الى الذوق العرق. 
ثانيا: ان الحكومة شأن من شؤون الناس وعهد بينهم وبين الإمام القائد» وإذ يكون الأمر كذلكء فلا بد 


ان يكون للأمة دور في إدارة الشؤون والنهوض بماء لأن القرآن ينص (وأمرهم شوري بينهم) ومن 


221 


الواضح ان الإمامة بمعنى القيادة داخلة في أمر الناس. لهذا اتجهت المحتمعات البشرية صوب نظرية 
الاتتخاب لا النص... 
وعندما انتقلوا الى الشروط التي لا بد من توافرها فيمن يتصدى للنهوض بهذا الدور » ل يجدوا مناصا 
من الالتزام بأنه لا يشترط أن يكون معصوماء بل تكفيه من الناحية السلوكية العدالة بمعناها المتداول في 
البحث الفقهي» ومن ناحية التأهيل العلمي تكفيه قدرة علمية ترفعه الى مستوى أداء المسؤوليات التي 
أنيطت به. وهكذا انتهت عناصر النظام الفكري للمدرسة السنية في الإمام الى المكونات التالية بشكل 
عام: 
-١‏ لا تعني الإمامة غير الحكم والقيادة السياسية. 
-١‏ تتم هذه العملية بالاتتخاب والشورى 
#وته افيا ملتقفظعة ابش داقدة 
5 - لا يشترط فيها غير العدالة والعلم بمعناهما المألوف".""7 
وهنا يوحه نقده للمنهج الكلامي الإمامي» فيقول:"عند الانتقال الى الجانب الآخر من المشهد» نلمس 
أن المنهج الكلامي في المدرسة الشيعية» لم يبادر الى تحرير محل النزاع وتحديد الخلاف بين المدرستين» بل 
دخل الى تضاعيف البحث مباشرة» فأشهر نظرية النص بازاء نظرية الشورى» وذهب الى ان الإمامة 
متصلة ومستمرة الى ان يرث الله الأرض ومن عليهاء في مقابل أولئك الذين أنكروا ديمومتهاء كما اشترط 
العصمة المطلقة على مستوى الاعتقاد والأخلاق والسلوك قبل البلوغ وبعده» والعلم الكامل التام من غير 
كسب. 
لكن ولما كانت انطلاقة الطرفين المتنازعين» تبدو وكأنما تبدأ من نقطة شروع واحدة» فقد وحد بعضّ 
أن هناك ضربا من التهافت وعدم الانسجام بين المسؤولية الملقاة على عاتق الإمام» وهي الزعامة والقيادة 
السياسية» وبين الشروط والمواصفات التي ذكرت له» فالشروط تبدو أضحم وأوسع بكثير من المهمة التي 
ينهض با الإمام. وبما أن هذه النقطة والمفارقة التي استتبعتهاء هي التي تفسر لنا التداعيات التي راحت 
تتهاوى اليها بعض الكتابات المعاصرة حتى داحل الصف الشيعي ذاته. 
فمن هؤلاء من حاوز تخوم الشك الى حد رفض نظرية النص ف الإمامة» وما يستتبع ذلك من لوازم» 
ومنهم من احتمل أن العصمة تكفي بحد معين لا تتجاوزه؛ لعدم الحاجة الى ما هو أزيد من ذلك. وفريق 
رفض العصمة بنحو كلي» محتجا أتما لو كانت شرطا أساسيا في القائد» فلماذا لا يلتزم أصحاب هذه 
النظرية بمذا الشرط الى آخر الشوط؟ بل تخلوا عنه واكتفوا بالقول بأنه يكفي في الإمام - أي القائد - 
أن يكون عادلا لا أكثر في زمن الغيبة. 


537 


دص “7 -م 


222 


كما ان منهم من ذهب الى ان النزاع في: من هو أحق بالإمامة بعد رسول الله (ص)؟ نزاع تاريخي 
عقيم لا طائل من ورائه. ومنهم من راح يتساءل عن الفائدة المترتبة على وجود إمام غائب عن الأنظار 
ليس بمقدوره أن يواحه مشكلات العصر ويجيب عما يثيره من تحديات» ويتحمل مسكوليته فعلاء فان 
وحود مثل هذا الإمام يُعد لغواً لا فائدة منه» وهو محال على الحكيم سبحانه. 

لقد نشأت هذه التساؤلات والاستفهامات على أرضية تلك الانطلاقة التي أسس لما نظام الفكر 
السني في فهم الإمامة» وتبعتها بعض الاتجحاهات في الكلام الشيعي". """ 

ومع ان الفكر الكلامي الإمامي الشيعي كان يدور فعلا حول محور الإمامة بمعنى الخلافة والحكم 
والزعامة» وهو نفس محور الحديث عند الفكر السني» ولم يكن الطرفان يختلفان حول أصل الموضوعء 
بقدر ما كانا يختلفان حول شروط الإمام» فيشترط الفكر الإمامي العصمة والنص» ويرفض الفكر السني 
القبول بذلك الشرط. وبالتالي فان كل تلك الأسئلة التي طرحها الحيدري قبل قليل» هي أسئلة واردة 
ومعقولة» خاصة السؤال الأخير عن دور الإمام الغائب وعجزه عن أداء مهمة الإمامة المطلوبة» وهو ما 
ينسف نظرية الإمامة والغيبة. ويضطرنا للأحذ بنظرية الشورى قديما وحديثا. إلا ان السيد كمال الحيدري 
يذهب الى تراث الغلاة (المفوضة) ليستعين بمقولاتحم الباطلة التي تصل الى حد الشرك بالله» ويعطي 
"الإمام' دورا آخر » فوق سياسيء دورا وحوديا وتكوينياء فيقول:"ان الذي نستوحيه من القرآن الكريم؛ 
والسنة النبوية الشريفة» والروايات الصحيحة الواردة عن أئمة أهل البيت.. أن الإمامة التي تعتقد بما 
مدرسة أهل البيت تختلف اختلافا جوهريا عن دور الإمامة التي تنحصر في الخلافة والحكم» وذلك لأن 
هذا الاتحاه يرى أن للإمامة دورا فوق دور القيادة والزعامة» وهو الدور الذي بينه القرآن الكريم من 
خلال قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)...وهي التي قال عنها الإمام السجاد:" نحن الذين بنا 
يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه» وبنا هسك الأرض أن تميد بأهلهاء وبنا ينزل الغيث» 
وبنا ينشر الرحمة ويخرج بركات الأرضء ولولا ما في الأرض منا لساحت بأهلها". لذا عندما يسأل الإمام 
الباقر ويقال له: لأي شيء يحتاج الى النبي والإمام؟ فيقول: "لبقاء العالم على صلاحه» وذلك أن الله عز 
وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام» قال الله عز وجل: (وما كان الله ليعذبهم 
وأنت فيهم) من هنا عبر الرسول الأعظم عن هذا الدور لأهل بيته بقوله: (النجوم أمان لأهل السماء 
وأهل بيت أمان لأهل الأرضء فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون» وإذا ذهب أهل بيتي أتى 
أهل الأرض ما يكرهون). 

ولعل تشبيه انتفاع الناس بالحجة في زمان غيبته» عندما يسأل الإمام الصادق» فكيف ينتفع الناس 


بالحجة المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب" يشير الى حقيقتين أساسيتين: 


1 ل 


223 


الأولى: ان الانتفاع به لا يختص بعالم التشريع والاعتبار» بل يتجاوز ذلك الى عالم التكوين. 

الثانية: أن هذا الأمر غير محسوس ومرئي للناس» بل يرتبط بعالم الغيب لا نشأة الشهادة. 

وتأسيسا على ما تقدم فنحن نعتقد أنه لا يمكن الوقوف على فلسفة ما اشترطناه في الإمامة من 
العصمة والنص والديهومة والعلم الخاص» إلا إذا أدركنا المهام والمسؤوليات التي أنيطت بدور الإمامة 
والخلافة في النظرية القرآنية» وخصوصا ما نصطلح عليه ب (الدور الوجودي) للإمام (ع) وهو غير (الدور 
التشريعي) و (القيادة السياسية) و (القدوة الصالحة) بل ان صح التعبير فان هذه الأدوار انما هي ثمرات 
ذلك الأصل التي عبر القرآن الكريم ب (الشجرة الطيبة) التي أصلها ثابت وفرعها في السماءء تؤتٍ أكلها 
كل حين بإذن ربما » ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون). (إبراهيم 5 ؟١-‏ © 5).؟"" 

وكما لاحظنا هنا مرة أخرى» فان الحيدري؛ يعتمد على تأويل القرآن بشكل تعسفيء وعلى بجموعة 
أحاديث ضعيفة» دون أن يذكر الرواة أو يلاحظ السند» أو يدرسها بصورة دقيقة» فهي عنده صحيحة 
لأنما تنسجم مع نظريته الجديدة التي يحاول بما حل أزمة نظرية الإمامة. 

ولذا فانه يعود للتأكيد على هذه الفكرة قائلا:" أود الإشارة هنا الى أن البحث في مسائل الإمامة 
يمكن ان يكون من خلال بعدين: 

الأول: البعد الوجودي والتكويني 

الثاني : البعد السياسي والفقهي والتاريخي 

والمراحع لكتاب (تطور الفكر السياسي...) يجد أن المؤلف تجاهل البعد الأول تماماء وأغفل الحديث 
عنه بالكلية» وانما حاول أن يقرأ الإمامة من خلال البعد الثاني» وهذا ما أوصله الى جملة من النتائج 
الخاطئة» وهذه هي النكتة التي أومأنا اليها في بداية هذا البحثء وقلنا بأن المدرسة السنية» انطلقت من 
نقطة مركزية لفهم نظرية الإمامة» تمثلت في أن الإمام والخليفة» يعني القائد والزعيم السياسيء لذا بينا أننا 
ما لم نحدد محل النزاع في الإمامة» ونقف على المسؤوليات التي أنيطت بماء فإن البحث لا يمكن أن 
ينتهي الى نتائج صحيحة". "5 

وف الحقيقة أن بحث الإمامة عقيم ولا يمكن أن ينتهي الى نتيجة عملية» بيد أنني لم أتجاهل البعد 
الأول الذي يسميه الحيدري (البعد الوحودي والتكويني) لأنه غير موجود أصلاًء ولا علاقة له با موضوع 
بتاتاء وهو شرك وكفر بالله العظيمء ولم يتحدث عنه متكلمو الامامية السابقونء وانما يحاول الحيدري» 
احتلاقه وإضافته اليوم الى موضوع الإمامة الذي كان يدور بإجماع الفريقين السنة والشيعة حول الإمام 


377 


١ -.١ دص‎ 


- صأاه 


224 


والخليفة» أي القائد والزعيم السياسي» ولم يكن يدور يوماً حول (مساعد الإله) الجديد الذي يتحدث 
عنه الغلاة المفوضة (لعنهم الله) وذلك بعد وضوح عقم وانميار نظرية الإمامة. 

وإذا استغفر الحيدري من كلامه هذا » فانه سوف يكتشف بأنه لا حقيقة لنظرية الإمامة» ولا لأسطورة 
(الإمام الثاني عشر) وانه ل و لا يوحد طريق أفضل من الشورى لاختيار الإمام العادل الكفء. 


١١‏ - مع الشيخ محمد مهدي الآصفي في كلمته عن (الإمام المهدي): 


ألقى الشيخ محمد مهدي الآصفي كلمة عن (الإمام المهدي) في مؤتمر عقد في لندن حول الموضوع؛ في 
المركز الإسلامي الإيراي» في شهر تشرين الثاني سنة 4١9395‏ واحتج لوجود (الإمام المهدي محمد بن 


الحسن العسكري) بثلاث قضاياء هي: 


-١‏ الانقلاب الكوني الشامل » أو الوعد الإلهي باستخلاف المؤمنين» والذي يشير إليه القرآن 
في أكثر من آية. 

5 قيادة الإمام المهدي لذلك الانقلاب . 

+« "أن المهدي المنتظر عجل الله فرحه الشريف الذي اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلّم هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الحادي عليهم السلام » ولد سنة 558 ه . 
بسامراء » ثم غيّبه الله تعالى » وهو الذي يرسله الله حيث يشاء لإنقاذ الناس من الظلم » 
وإزالة الشرك من على وجه الأرض » وتقرير التوحيد وعبودية الإنسان لله » وتحكيم شريعة 
اله وحدوده في حياة الناس . وهو الذي يقود هذا الانقلاب الكوني الشامل الواسع » في 
انتقال القوة من الطبقة المترفة المستكبرة الفاسدة إلى الطبقة الصالحة المستضعفة ( ونريد أن 
نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونحعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ). وقد تواترت الرواية 
عن أهل البيت عليهم السلام بان المهدي المنتظر عجل الله فرحه الشريف الذي بشّر به 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو ابن الحسن العسكري » والثاني عشر من أهل 
البيت عليهم السلام" . 


225 


ووحه الآصفي حديثه الى" الذين يؤمنون بحجية حديث أهل البيت 1 السلام » ويبحثون عن أدلة 
كافية وواضحة وصريحة في الإثبات العلمي لما يدعيه الإمامية من تعيين وتشخيص المهدي المنتظر عجل 
الله فرحه الشريف".ثم قال:"ان الاحتلاف بين الشيعة الامامية وبين سائر الفرق الإسلامية ليس في أصل 
قضية ( المهدوية ) ... وإِنما في التشخيص والتعيين فقط. فان الشيعة الأمامية يذهبون قولا واحدا إلى أن 
الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرحه الشريف هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الحادي المولود سنة 
هه ه . وقد غيّبه الله تعالى لحكمة يعرفها » وهو الذي ادّخره الله تعالى لنجاة البشرية » وبشّر به 
الأنبياء والكتب الإلهية من قبل » بينما يذهب الآخرون إلى أن المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله 


إل 


عليه وآله وسلّم لم يولد بعد » أو ولد في عهد قريب ". 


ثم انتقل الشيخ الآصفي الى استعراض الأدلة " التي تثبت عقيدة الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام 
المهدي " فذكر اتما ضّ طائفتين : 


الطائفة الأولى : الروايات العامة التي لا تخص الإمام» مثل حديث الثقلين:"أيها الئاس إنما أنا بشر 
أوشك أن ادعى فأجيب ., وإني تارك فيكم الثقلين . وهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وانهما 
لن يفترقا حتى يردا على الحوض ., فلا تسبقوهم فتهلكوا , ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم" 


وحديث:" من مات ولم يعرف إمام زمانه" و حديث" "أن الأرض له تخلو من حجة". 


وقال:"انما تنطبق بصورة قهرية على عقيدة الأمامية في المهدي عجل الله فرحه الشريف » ولا نعف 
توحيها ولا تفسيرا لما إذا أسقطنا من حسابنا عقيدة الإمامية في هذا الموضوع » وهذه الروايات صحيحة 
بالتأكيد وبعضها بالغ حد التواتر في المصادر الإمامية من ناحية رحال السند في مختلف طبقاته ولا مجال 
للمناقشة فيها من حيث الإسناد . والإيمان بصحة هذه الأحاديث يؤدي إلى الإثبات العلمي والقطعي 
لعقيدة الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام المنتظر عجل الله فرحه » وذلك بسبب تطابقها أولا مع ما 
هو المعروف عند الإمامية - كما سوف نرى ذلك إن شاء الله - ولانتفاء حالة أخرى تصلح أن تكون 


مصداقا وتفسيرا لحذه الأحاديث ثانيا . 


ونتيجة هاتين النقطتين» هي التطبيق القهري والحتمي لهذه الأحاديث على عقيدة الأمامية في 
تشخيص الإمام المهدي عجل الله فرحه الشريف" 

وقال عن حديث الثقلين ال ل 0 
هما القرآن وأهل بيته لحداية الأمة. وانحما باقيان لن يفترقا عن بعض إلى يوم القيامة. والتمسك بمما معاً 
يعصم الأمّة من الضلال . وإذا ضممنا النقطة الأولى (إِنٍ تارك فيكم الثقلين ) إلى النقطة الثانية (واتهما 


226 


لن يفترقا حتى يردا على الحوض) استنتجنا أصلاً هاماً وهو وجود حجّة وإمام من أهل البيت عليهم 
السلام في كل زمان لا يفترق عن كتاب الله قط" . 


وأضاف:"ليس لهذا الحديث تفسير أو تطبيق غير ما يعتقده الأمامية من وجود الإمام المهدي عجل 
لله فرحه الشريف وحياته وبقاؤه وعصمته وإمامته على المسلمين .وإذا أسقطنا هذا الأمر عن الاعتبار » 
لم بحد تطبيقا وتفسيرا له قط في هذه القرون من حياة المسلمين. فليس في المسلمين اليوم » ولا قبل اليوم 
من يدّعي أنه أعلم الناس » وان على الناس أن يتّبعوه ولا يتقدّموه » وأن يتعلّموا منه ولا يعلّموه» كما في 
نص الحديث الشريف الذي لا يختلف فيه من يعبأ بقوله ورأيه من علماء المسلمين . 


وإذا قيل فما نفع إمام غائب عن الناس للناس ؟ نقول إِنَّ الله تعالى لم يطلعنا من أسرار غيبه إلا على 
القليل » وما أحفى الله علمه عنّا كثير» وما عرّفنا منه قليل . وقد أخبرنا الصادق الأمين صلى الله عليه 
وآله وسلّم ببقاء حجة من أهل بيته في الناس على وجه الأرض إلى يوم القيامة » فنتعبّد بحديثه » ونحيل 
علم ما لا نعلم إلى من يعلم ...وليس كل ما في شريعة الله مفهوم معروف لنا » وما يخفى علينا من 
أسرار دين الله اكثر مما نعلم بأضعاف مضاعفة". 


وقال عن الحديث الثاني:" من مات ولم يعرف إمام زمانه" بعد أن رواه بعدة طرق سنية وشيعية 
وبألفاظ مختلفة:"روى الحديث ثقاة المحدّئين من أصحابنا الأمامية وطرقهم إليه كثيرة وطائفة منها 
صحيحة » وهي في الحملة قريبة من التواتر ...ورحال السند كلهم ثقاة . ولسنا نحتاج إلى توثيق 
السدد في أمثال هذه الروايات التي تظافرت روايتها عن الطريقين والروايات واضحة الدلالات 
صحيحة السند » وهي تدلّ على الحقائق التالية: أن الأرض لا تصلح إلا بإمام. ولا بد في كل زمان أن 
يعرف الإنسان إمام زمانه. ولا بد من طاعة الإمام لكل أحد في كل زمان ولا يجوز لأحد أن يخرج عن 
طاعة إمام زمانه. ومن يموت وليس عليه إمام يموت ميتة جاهلية. ومن بموت وليس في عنقه بيعة لإمام 
يموت ميتة جاهلية. وهذه الحقائق تثبت جميعا أن سنّة الله تعالى قد اقتضت وحود إمام عدل في كل 
زمان » قد فرض الله طاعته على الناس » ولم يأذن بالخروج عن طاعته فهي حكم شرعي يستبطن تقريراً 
لسنة إلهية . أمّا الحكم فهو وحوب طاعة الإمام في كل زمان وأما السنّة الإلحية التي يستبطنها هذا الحكم 
فهو وحود إمام في كل زمان » وإلاً فكيف يطلب الله تعالى من الإنسان أن لا يموت إلا وهو في طاعة 
إمام زمانه» وعلى عهدته البيعة له » غير ناقض ولا ناكث لما » وغير جاهل به » فإذا حرج عن الطاعة 
أو نكث البيعة أو جهل به مات ميتة جاهلية» بحذه الدرحة من التغليظ والتشديد في الجزاء والعقوبة ؟ 
ومن نافلة القول أن نقول أن الحكام الظلمة وأئمة الكفر والذين يحاربون الله ورسوله لا يكونون مصداقاً 


للإمام الذي يفرض الله على الناس معرفته وطاعته في كل زمان ... وبعد هذا الإيضاح نقول إن التفسير 


22 


الوحيد لحذه الروايات هو ما تعرفه الأمامية وتعتقد به من استمرار الإمامة في أهل البيت عليهم السلام ؛ 
منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى اليوم» وعدم انقطاع الإمامة بوفاة الإمام الحسن 
العسكري عليه السلام . وأي فرض آخر لا يستطيع أن يقدّم تفسيراً معقولاً هذه الروايات » إلا أن 
نقول بوحوب الطاعة لكل برّ وفاحر » كما يقول به بعض الناس . ولسنا نعتقد أن الطاعة التي تساوي 
الإسلام » ويساوي خلافها الجاهلية هي طاعة هؤلاء الذين امرنا الله تعالى بعدم الركون إليهم والكفر 


1 


بحم". 


ثم انتقل الشيخ الآصفي الى الحديث الثالث"أن الأرض لا تخلو من حجة" فقال:"روى هذا الحديث 
من أصحابنا الإمامية محدّثون ثقاة مثل ا محمدين الثلاثة الكليني والصدوق وأبى جعفر الطوسي رحمهم الله 
بطرق كثيرة تبلغ حدٌ التواتر في مختلف طبقات إسناده ...وهي صريحة بان الأرض لا تخلو من حجة لله 
ظاهراً أو مغموراً » والحجة في كلمات أهل البيت عليهم السلام مصطلح معروف لمن يألف كلماتحم 
عليهم السلام » وهذه الأحاديث لا تحتاج إلى تعليق كثير وتأمّل وتوقف » فهي صريحة ف ضرورة وجود 
الإمام في كل زمان, ولا تفسير لهذه الروايات بغير ما تعرفه الشيعة الأمامية وتعتقده من وجود الإمام 
وحياته وغيبته » وإذا أسقطنا هذا الأمر من الاعتبار فلا بحد تفسيراً لحذه الروايات » البثّة » وهي كثيرة » 
بالغة حدٌ التواتر" . 


وتطرق أخيرا الى حديث :"الأئمة الإثني عشر" فذكر رواية البخاري عن جابر بن سمرة قال : "سمعت 
النبي ص يقول يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها , فقال أبي : انه قال كلهم من قريش" ٠‏ 
ورواية مسلم عن جابر قال:" معت النبي (ص) يقول لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رحلا 
؛ أو لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة» ثم تكلم النبي (ص) بكلمة خفيت علي فسألت أي : 
ماذا قال رسول الله فقال : كلهم من قريش". وهي الرواية التي يرويها أيضا الترمذي في السئن؛ وأبو 
داود في السئن» والحاكم في المستدرك, وأحمد في المسند» وكثير من المحدثين السنة والشيعة الإمامية " 
بطرق كثيرة لا بمحد ضرورة في سردها على نحو التفصيل أو الإجمال".ثم قال:"ان الأحاديث ظاهرة في أن 
الأمراء المذكورين في هذه الرواية أمراء الحق ليس أئمة الظلم والحور من أمثال معاوية ويزيد والوليد 
والمتوكل واضرابهم. وأن عدتمم اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل. ولا يخلو منهم زمان.ولا نعرف لحذه 
الأحاديث بمجموعها تطبيقاً قط غير الأئمة الاثني عشر المعروفين عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية » 
وآخرهم المهدي المنتظر (عج) وهو الإمام الثاني عشر..فلا نعرف تطبيقاً قط ينطبق بالتمام وبدقة على 
هذه الروايات في غير عقيدة الشيعة الإمامية وبضمنها ولادة الإمام عجل الله فرحه الشريف وغيبته. ولو 
أسقطنا هذا الواقع من الحساب لم يبق تفسيراً لهذه الروايات التي هي من أنباء الغيب التي أخبر عنها 


2258 


وبشّر بحا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم" . وأضاف:" هذه أربع طوائف من الروايات » لا يتطرق 
إليها الشك من حيث السند » ولا من حيث الدلالة في معانيها ومضامينها. وتنطبق على ما تعتقده 
الإمامية وتعرفه من إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام وولادة الإمام الثاني عشر 
وغيبته وظهوره بعد ذلك انطباقا تامّاً . وينحصر الانطباق عليهم » فلا نعرف لذه الروايات تطبيقاً آخر 
في تاريخنا المعاصر والقديم غيرهم . فلم يدّع غيرهم لنفسه العصمة » ولم يقل غيرهم أنه حجة الله على 
الخلق » وإمام » طاعته هدى ودين » ومخالفته ضلال وجاهلية » ولم يدّع غيرهم أتمم هم المقصودون 
بالأئمة الاثنئي عشر » وأتمُم هم الثقل الآخر المقارن للقرآن » المذكور في حديث الثقلين . وهذا المعنى 
بالضرورة يؤدي إلى الانطباق القهري لهذه الروايات عليهم عليهم السلام ...وهم حلقات متصلة 
من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أن تقوم الساعة » لم تخل منهم الأرض ولم يخل منهم 


زماك . 


وإذا ضممنا هذه النقاط إلى الطوائف الأربعة من الروايات المتقدمة أنتجت بالضرورة الإثبات 
اليقيني العلمي لمذهب أهل البيت عليهم السلام . ولذلك قلنا ان انطباق هذه الروايات على الأئمة 
الاثني عشر من أهل الببت عليهم السلام ومنهم الإمام الثاني عشر الغائب المنتظر » انطباق قطعي 
وضروري ولا يحتاج إلى جهد علمي بقدر ما يحتاج إلى رؤية صافية غير مثقلة بالشكوك والأهواء 
والعصبيات أعاذنا الله منها" . 


الطائفة الثانية:الروايات التى تخصضٌ الإمام المهدي. 


وقد اعترف الشيخ الآصفي:"إن هذه الروايات في الغالب واردة عن أهل البيت عليهم السلام" 
ولكنه قال:"قد علمنا أن مخاطبنا في هذا البحث هم الذين يعتقدون بحجية حديث أهل البيت عليهم 
السلام » ويعتقدون أن حديث أهل البيت هو امتداد ورواية لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلّم". ثم استعرض طائفة من الروايات "المتواترة" الواردة حول تشخيص وتعيين الإمام المهدي وولادته 
وغيبته وظهوره . وأن المهدي هو الثاني عشر من أثمة أهل البيت عليهم السلام والتاسع من ذرية 
الحسين عليه السلام » وابن الحسن العسكري بن علي الحادي عليهما السلام » المولود بسامراء سنة 
هه ه.وقال: إنما روايات تبلغ بالتأكيد حدٌ التواتر في كتب أصحابنا القدماء في جميع طبقات 
إسنادها » وف مختلف أدوار المعصومين عليهم السلام . وقد جمع طرفاً من هذه الروايات السيد صدر 
الدين الصدر في كتابه المهدي » والتجليل التبريزي في كتابه » والصافي الكلبايكاني في منتخب الأثر» 
والشيخ علي الكوراني في معجم أحاديث المهدي . والذي يراجع هذه الأحاديث بأسنادها لا يشك في 


تواتر هذه الأحاديث في مختلف طبقات إسنادها ممن أسميناهم من المحدّثين القدماء إلى المعصومين 


229 


عليهم السلام. وان لم تكن أحاديث المهدي عجل الله فرحه الشريف في كتب الشيعة الإمامية بالغة حدٌ 
التواتر » فليس لدينا حديث متواتر في المجاميع الحديثية". 


وتوقف الشيخ الآصفي هنا ليعرف "التواتر" فقال:إن "تعريف التواتر هو: ما يمتنع معه تواطؤ الرواة 
على انتحال الرواية . يقول الشهيد رحمه الله في الدراية في تعريف التواتر ( هو ما بلغت رواته في الكثرة 
مبلغاً أحالت العادة تواطؤهم على الكذب » واستمر ذلك في جميع الطبقات ) . والتواتر من الطرق 
القطعية إلى السئة وحجيته ثابتة بالفعل . وإذا بلغ الحديث حدٌ التواتر فمن نافلة القول البحث الروائي 


عن صحة طرق الحديث". 


ثم انتقل الآصفي إلى الحديث عن الروايات "الصحيحة" الواردة في إمامة وغيبة وظهور الإمام محمد 
بن الحسن العسكري بن علي الحادي » من طرق أهل البيت عليهم السلام .ولكنه اعتذر عن إتمام 
البحث» اعدم سعة الوقت لإتمامه, على إتامه في المستقبل القريت. 


مناقشة كلمة الشيخ محمد مهدي الآصفي في مؤتمر الإمام المهدي 


وقد نقل هذه الكلمة أحد الأخوة في شبكة هجرء أثناء الحوار مع عدد من العلماء» في بداية سنة 
٠‏ فعلقت عليها قائلا: 


كنت انتظر كلمة الشيخ محمد مهدي الآصفي منذ زمان لأني تحدثت معه هاتفيا عندما زار لندن قبل 
سنوات وطلبت منه اللقاء والبحث حول موضوع دراستي حول المهدي قبل ان انشرها فرفض اللقاء 
ووعدنيٍ بكتابة رد علي.وكنت أتمنى من عالم جليل مثله ان يرحب بصاحب وجهة نظر مخالفة له يقول 
انه درس جميع الروايات ولديه ملاحظات عليها فيسمعها ثم يقوم بنقضها بما لديه من معلومات أو 
يرحب بنظريته إذا عجز عن الرد عليها ولكن الشيخ الآصفي رفض برد اللقاء والحوار معي. 


لم اعرف أين عقد مؤتمر الإمام المهدي؟ ومتى؟ وكنت افترض في أي مؤتمر جاد ان يدعو أصحاب 
النظريات المتقابلة للحوار» كما كنت أتمنى ان أشارك في هذا المؤتمر لأني كنت قد وجهت دعدة الى الحوزة 
العلمية ف قم قبل سبع سنوات لعقد هكذا مؤتمر لمناقشة نظريتي ولم اسمع منها أي جواب » حتى ان 
الشيخ الآصفي دلم يشر الى وحود بحث مضاد يعتمد على أحاديث أهل البيت والتراث الشيعي التاريخي 
» نوفا من لفت الانتباه الى وجود احمد الكاتب وكتابه » مع ان من المفروض في أي باحث علمي جاد 
ان يدرس مختلف النظريات ويعلق عليها ويردهاء ولا اعتقد انه لم يسمع بكتابي وقد حدثته مباشرة 
وطلبت منه الرد والتعليق . 


230 


وعلى رغم أني ناقشت هذين الدليلين (الانحصار والمطابقة) في كتابي مناقشة مفصلة» وفي فصلي' 
خاصينء فاني اعتقد ان الشيخ الآصفي لم يستدل هما بصورة حيدة إذ أغفل أهم الفقرات التي استند 
اليها المتكلمون السابقون الذين استدلوا بمما على فرضية وجود الإمام المهدي. 


ادعى الشيخ الآصفي وجود تواتر في الرواية عن أهل البيت بأن المهدي المنتظر هو ابن الحسن 
العسكري والثاني عشر من أهل البيت. وهو ادعاء غير صحيح بالمرة » إذ أن فكرة المهدوية خلال 
القرون الثلاثة الأولى كانت عامة وغامضة وغير محددة في أحد من الأئمة» ولذلك كان عامة الشيعة 
وخحواص الأئمة وبعض الأئمة أنفسهم يتوقعون ان يكونوا هم القائمين بالأمر » وقد اعتقد عامة الشيعة 
ما عدا فئة قليلة بأن الإمام الكاظم هو المهدي المنتظر وقالوا انه غاب غيبتين الأولى في السجن والثانية 


وإذا راجعنا الروايات الواردة عن أهل البيت والتي تتناقض مع مهدوية الإمام الثاني عشر يتضح عدم 
وجود أية إشارة فضلا عن وجود إجماع قِ القرون الأولى حول مهدوية الإمام الثاني عشر. وهذا ما يؤكد 
على افتراض المهدوية للإمام الثاني عشر » واحتلاق الروايات بعد حين. فضلا عن انه لا يجوز نسبة صفة 
المهدوية لرحل لم تثبت ولادته بعد » أو الحديث عن غيبته وظهوره في المستقبل. 


قال الشيخ الآصفي:' ان الشيعة الامامية يذهبون قولا واحدا الى ان الإمام المهدي المنتظر هو محمد 
بن الحسن العسكري". وقد خلط في ذلك بين فرق الشيعة الامامية المختلفة كالإسماعيلية والواقفية 
والفطحية وا محمدية الذين قالوا بأئمة مهديين آحرين » ولم يلاحظ ان شيعة الإمام العسكري أنفسهم 
انقسموا الى أربعة عشر فرقة ومنهم من قال بمهدويته وغيبته» ولم يقل بمهدوية محمد بن الحسن العسكري 
إلا فرقة واحدة من عشرات الفرق الامامية والشيعية والإسلامية التي قالت بنظريات أخرى عبر التاريخ. 


ثم حاول الشيخ الآصفي ان يجتهد في تطبيق الأحاديث العامة الى تتحدث عن ظهور مهدي غير 
محدد الحوية على الإمام محمد بن الحسن العسكري .وقال: انتما تنطبق بصورة قهرية على عقيدة الامامية 
في المهدي . وهذا غير صحيح أولا » وهو ظن وافتراض ثانيا . وإذا لم يكن الآصفي يعرف توجيها لتلك 
الأحاديث فكيف يطبقها على إنسان لم تثبت ولادته ولا وجوده بعد ؟ فان ذلك أبعد الفرضيات. 


وهل بملك هو علم من الله؟ أو نص صريح من القرآن الكريم أو النبي الأعظم حتى يقطع انه فلان؟ 
ولماذا لا يفترض ان الله سوف يخلق إنسانا في المستقبل ويكلفه بمذه المهمة؟ إذن فلا مطابقة ولا انحصار 
ولا حتم ولا قهر في دلالة الأحاديث العامة حول المهدي على ابن الحسن العسكري. 


231 


كذلك حاول الشيخ الآصفي الاحتهاد في أحاديث أخرى وعصرها واستخراج معاني غير واضحة منها 
كحديث الثقلين الذي يقول فيه الرسول الأعظم: ان الكتاب والعترة لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. 
وبالرغم من أننا لا نملك عمليا سوى الكتاب مرجعا نرحع اليه منذ ألف ومائة سنة على الأقل ول يخرج 
أي رحل من العترة لكي يفسر لنا آية أو يذكر لنا حكما أو بحل لنا مشكلة » فان المقصود من كلمة 
العترة غامض وعام وغير صريح بأسماء الأئمة » وقد استخدمه العباسيون لتثبيت حكمهم بدعوى انهم 
من العترة » والعترة هم أقرباء الربحل حسب اللغة. 


ونتيجة لغياب الركن الثاني المفترض «(العترة) فقد لحأ الشيعة الامامية الى الاحتهاد واصبح لديهم 
حجج الإسلام وآيات الله وهم من غير العترة. 


وربما كان المقصود من العترة هم الأئمة السابقون وترائهم وليس بالضرورة ان يكون واحد منهم 
موجودا طوال التاريخ الى يوم القيامة » وهم بالتأكيد لم يفترقوا عن الكتاب. ولكن الشيخ الآصفي يحاول 
ان يستتشع قسرا مر هذه الرواية وجود حجة وإمام من أهل الببرت ف كل زمان وان يفترض وجود الإمام 


محمد بن الحسن العسكري افتراضا محضا. 


إذا كانت لدى الشيخ الآصفي مشكلة نظرية سببت له الحيرة كما سببت الحيرة لبعض الشيعة الامامية 
بعد وفاة الإمام الحسن العسكري » فلكي يخرج منها عليه إما ان يعيد النظر بسند تلك الروايات أو 
مفاهيمها أو يبحث عن أي شيء آخر قبل ان يفترض وحود شخص لم يظهر في التاريخ لا في حياة 
أبيه ولا بعد ذلك. 


علما بأن الشيعة الامامية الإسماعيلية (البهرة) يعتقدون أيضا بوحود إمام مخفي ومستور ولكنهم 
يقولون بأنه يعيش عمرا طبيعيا وبتوئي ويوصي الى أبنائه الذين لا يتصل بمم إلا شيخ الإسماعيلية الأكبر 
النائب الخاص عن الإمام الغائب. 


فلماذا يرفض الشيخ الآصفي النظرية الإسماعيلية ولا يبحث عن تطبيق الحديث لدى أثمتهم 
الملعصومين قُ نظرهم والمستمرين على قيد الحياة حسب ادعاءاتهم؟ 


ان معنى الإمام وفلسفته في الفكر الإمامي هو المطبق للدين والقائد والمنفذ والخليفة والحاكم وهو ما 
يعنوه بقولحم:"لا بد في الأرض من إمام" » وإلا فان الله عز وجل لديه ملائكة كثيرون وهو ليس بحاحة 
الى أحد لكي يحفظ الكون كما يقول بعض الغلاة» إذن فان الغيبة الطويلة تتناقض مع مهمة الإمامة 
وفلسفتها » ولا يجوز ان نحتم على الله ان يعين إماما من عنده للامة ثم نقول انا لا نعرف ما هو وحجه 


232 


الحكمة في اختفاء هذا الإمام . إذن لماذا افترضنا وجوب تعيين الإمام ورفضنا ان تقوم الأمة باختيار 


الإمام العادل؟ 


ان مثل الشيخ الآصفي كمثل من يقول بضرورة تعيين الدولة شرطيا للمرور في تقاطع طرق ثم يقول: 
ان الشرطي غائب » وعندما نسأله عن الحكمة من وراء غيبة الشرطي الذي ترك الشوارع في حالة 
اضطراب » يقول: ان علم ذلك عند الدولة » أو انه ينظم السير من وراء حجاب. 


إما ان يكون وجود الشرطي المعين من قبل الدولة ضروريا أو لا يكون » ولا يعقل ان نقول : انه 
ضروري وانه معين ولكنه غائب وعلم ذلك عند الله » أو لا بد ان نريح أنفسنا بالقول ان على البلدية 
ان تنتتخحب شرطيا لتنظيم السير وان ذلك من أعمالنا وليس من أعمال الملك أو رئيس الوزراء. 


وبمضي الشيخ الآصفي في استدلالاته الفلسفية الاحتهادية الافتراضية على وجود ابن الإمام العسكري» 
تعرفه الامامية وتعتقد به من استمرار الإمامة في أهل البيت منذ وفاة رسول الله » وان أي فرض آخر لا 


يستطيع ان يقدم تفسيرا معقولا لهذه الرواية إلا ان نقول بوحوب الطاعة لكل بر وفاحر. 


ونقول للعلامة الحليل والمفكر الإسلامي الكبير آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي: 


أولا - انه بقوله هذا يعترف ضمنيا بأنه يقوم بعملية افتراض. 


وثانيا -- ان الفرض المعقول الآخر هو لا هذا ولا ذاك .وانما هو الطاعة للإمام العادل , كما هو 
الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية » مثلا » حسبما يعتقد الشيخ . وهل الإمام هناك معصوم؟ أو 


جائر؟ أو امر بين أمرين؟ 


لماذا تقفز على الفرضيات الأخرى المعقولة وتحصرها بالحاكم الجائر أو الإمام المعصوم ثم تفترض 


وجوده وولادته؟ 


ان المتكلمين السابقين الذين استدلوا بحذه الرواية على ضرورة وحود الإمام المعصوم المعين من قبل الله 
واستمرار الإمامة في ولد الحسن العسكري » اعتمدوا على فقرة مهمة في عملية الاستدلال أهملها الشيخ 
الآصفي وهي ضرورة استمرار الإمامة وراثيا بصورة عمودية وعدم جواز انتقالها الى أخ أو ابن أخ أو عم 
أو ابن عم » ولذا فان قسما من شيعة الإمام الحسن العسكري الذين لم يكونوا يؤمنون بحتمية هذا 


القانون لم يجدوا بأسا بالقول بإمامة حعفر بن علي الحادي » كما قال قسم من الشيعة سابقا بإمامة 


233 


موسى بن حعفر بعد وفاة أيه الإمام عبد الله الأفطح .ولم يضطروا الى افتراض وحود ولد للعسكري 
خلافا للظاهر والحقيقة كما لم يضطروا من قبل الى افتراض وحجود ولد للإمام عبد الله الأفطح. 


إضافة الى انه يمكن تطبيق الحديث على أئمة الشيعة الامامية الإسماعيلية المختبئين اليوم فلماذا ترفض 
ذلك؟ 


هناك تفاسير عديدة للرواية وتطبيقات مختلفة فلماذا تختار تفسيرا معينا وترفض التفاسير والتأويلات 


الأخرى؟ 


ونصل الى أحاديث (الاثني عشرية) التي حاول الشيخ الآصفي ان يعتمد عليها من أجل استنتاج 
وحود الإمام الثاني عشر وافتراض حياته الى اليوم. 


وقد ادعى الشيخ الآصفي صفة التواتر على تلك الأحاديث بالرغم من أتما ضعيفة عند السنة وغير 
محددة ولا واضحة» وهي اضعف عند الشيعة ومختلقة كلها في القرن الرابع المجري عند تأسيس الفرقة 


وهي مع ذلك تتعارض مع أحاديث كثيرة تؤّكد على استمرار الإمامة الى يوم القيامة دون تحديد بعدد 
معين » كما تتعارض تماما مع نظرية البداء التي كان يستند اليها بعض الأئمة أو بعض الشيعة الامامية في 
تغيير شخص الإمام الذي يخلف أباه بعد وفاة أخيه المعين من قبل» كما حدث مع إسماعيل بن جعفر 
الصادق والإمام محمد بن علي الحادي اللذين توفيا في حياة والديهما فانتقل الشيعة الامامية الى أحويهما 


وقد روى الصفار والكليني والمفيد والطوسي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي 
الحسن العسكري وقت وفاة ابنه أبي جعفر وقد كان أشار اليه ودل عليه واني لأفكر في نفسي أقول : 
هذه قصة أب إبراهيم وقصة إسماعيل » فأقبل الي أبو الحسن وقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي جحعفر 
وصيّر مكانه أبا محمد كما بدا لله في إسماعيل بعدما دل عليه أبو عبد الله ونصبه » وهو كما حدثتك 
نفسك وأنكره المبطلون ..أبو محمد ابني الخلف من بعدي عنده ما تحتاحون اليه ومعه آلة الإمامة والحمد 


لله كن 


''" - (لكليني: الكافي ج١‏ ص "١/8‏ والطوسي: الغيبة ص 5ه و١١‏ والمفيد : الإرشاد ص 5١17‏ والمجحلسي: بحار 


لايع عن 0 


234 


وروى الصفار والكليني والمفيد والطوسي حديثا عن الإمام الحادي يقول فيه لابنه الحسن : يا بني أحدث 


لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا: 17" 


وإذا صحت فرضا أحاديث (الاثني عشرية) فيمكن ان نحسب الإمام عبد الله الأفطح أو زيد بن علي 


ان ذلك الاستدلال من الشيخ الآصفي يسميه المتكلمون : الدليل العقلي أو الاعتباري أو الفلسفي» 
وهو كما يلاحظ يقوم على مقدمات نقلية وظنون وتأويلات تعسفية وليس دليلا عقليا محضا بحيث 
يستطيع أي إنسان عاقل ان يتوصل اليه. وهو دليل افتراضي ظبي لا يستطيع ان يثبت وحود إنسان في 
الخارج. 


يضيف الشيخ الآصفي اليه دليلا آخر هو الدليل الروائي الذي يتضمن أحاديث تشير الى ان المهدي هو 
الثاني عشر أو التاسع من ولد الحسين أو ابن الحسن العسكري ويدعي صفة التواتر على تلك 
الأحاديث. ورغم انه يعرّف التواتر بأنه ما يمتنع معه تواطؤ الرواة على انتحال الرواية وما بلغت رواته في 
جميع الطبقات من الكثرة بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب » إلا انه يتقبل الروايات دون تمحيص أو 
بحث ودون مقارنتها مع أحداث التاريخ والأحواء السياسية المحيطة بما والصراعات الطائفية التي أدت الى 
احتلاقهاء» ويرفض الإشارة ولو من بعيد الى حدوث اللاختلااف والحيرة لدى الشيعة الامامية من 
أصحاب الإمام العسكري» وتفرقهم الى أربعة عشر فرقة وعدم معرفة كبار القوم بتلك الأحاديث في 
الزمن الأول وتعزيتهم لحعفر وتحنئتهم له بالإمامة بعد وفاة أحيهء و لا يلتفت الى احتمال الوضع 
والكذب في فترة متأخرة » وخاصة من قبل الفرقة الاثني عشرية التي ولدت في القرن الرابع الهجري 
واختلقت كل تلك الروايات لتدعيم مذهبها. 


وهذا غريب جدا من باحث بسيط فضلا عمن يدعي العلم والاجتهاد وهو ما يفسر التهرب من الحوار 
الجدي وإقامة المؤتمرات العلمية الحرة امحايدة من اجل بحث هكذا أمور. 


وعندما يصل الشيخ الآصفي الى بحث وجود الإمام المهدي وولادته عن طريق الأدلة العلمية التاريخية 
يعتذر عن إتمام البحث بحجة عدم توفر الوقت » وهذا يصح ان كان طلب منه الحديث فجأة, أما وانه 


'"" - (الصفار : بصائر الدرحات ص 75؛ والكليني: الكافي ج١‏ ص 55/89٠575‏ والمفيد: الإرشاد ص 71317 


والطوسي: الغيبة ص )١١7‏ 


235 


قد أعد لبحثه إعدادا مسبقا فانه يبدو اقرب الى العذر من احل التهرب من مناقشة الأدلة التاريخية بما 


يتضمن اعترافا بضعفها وأسطوريتها. 


لهذا أستطيع ان أقول واكرر القول: ان الإيمان بوحود الإمام محمد بن الحسن العسكري كان فرضية 
فلسفية ظنية اجتهادية أكثر تما كان حقيقة تاريخية ثابتة. 


ومن هنا لا بد ان نعيد النظر فيها حتى نعيد ترتيب أوراقنا الداحلية وعلاقاتنا الخارحية ولا بجعل من 


قضية الإمام المهدي قصة نتناحر عليها الى يوم القيامة. 


احمد الكاتب 


وبعد نشر ردي على الشيخ الآصفي» ف موقع شبكة هجر للحوار» قام الشيخ بالتعقيب عليه قائلا: 


تحدثت ف مؤتمر الإمام المهدي (عج)عن الطوائف الأربعة من الروايات ودلالتها على ان المهدي الموعود 
ا منتظر هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام المولود بسامراء سنة 5 6ه من حلال ثلاث 


أولا - التأكد من وثاقة أسناد كل من هذه الأحاديث الأربعة . 


ثانياً - دلالتها على وحود إمام وحجة لله تعالى على عباده من أهل البيت في كل عصر وأن الأرض لا 


ثالغاً - انطباق هذه الأحاديث على ما يقوله الشيعة الامامية الإني عشرية عن الإمام محمد بن الحسن 
العسكري عليهما السلام . وعدم وحود مصداق آخر يتطابق مع هذه الأحاديث بشكل كامل . 


احور الأول في التوثيق : 


المحور الأول في توثيق الطوائف الأربعة المتقدمة ( الأحاديث الأربعة ) من حيث السند . وقد تحدثت في 
البحث السابق بإيجاز عن توثيق هذه الروايات من حيث السند . واعجب من تضعيف الكاتب لحديث 


الاثنى عشر إماما أو أميرا عند أهل السنة وفي حديث الشيعة . فقد رواها البخاري بطرق عديدة في 


236 


الصحيح كما رواها مسلم بطرق عديدة في الصحيح وقد ذكرت بعض طرق محدثي أهل السنة في 
الأحاديث الإثني عشر إماماً (أو أميرام واخرج أصحابنا الامامية الحديث بطرق كثيرة جدا بالغة حد 
التواتر » وفيها الصحيح الذي لا يمكن فيه التشكيك من حيث السند . فقد روى الجر العاملي صاحب 
الوسائل رحمه الله في الحزء الثاني من كتابه القيم ( إثبات الحداة ) تسعمائة وسبعا وعشرين حديثاً 
(470) من النصوص العامة لإثبات إمامة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام » في الكثير منها تصريح 
بعدد الاثني عشر بشكل صريح وبأسماء الأئمة عليهم السلام » وجملة من طرق هذه الروايات صحيحة 
بلا إشكال » وهي بالغة حدّ التواتر أيضاً بلا إشكال . 


منها 45 رواية أخرجها الكليني في الكافي . و57 رواية أخرحها الصدوق في عيون الأخبار . و١5‏ رواية 
أخرحها الصدوق في معانى الأحبار . و35 رواية أخرحها الصدوق في إكمال الدين . و 5١‏ رواية 
أخرجها الصدوق في الأمالي . و ١8‏ رواية أخرجها الشيخ أبو جعفر الطوسي ف الغيبة .و١١‏ رواية 
أخرحها الشيخ أبو حعفر الطوسي في مصباح المتهجد . وغير ذلك . ولست اعرف وجها علميا 
موضوعيا للتشكيك في رواية يرويها ا محدثون عن 33717 طريقا. 


امور الثاي في الدلالة : 


١‏ - أما حديث الثقلين الذي تضافرت على روايته صحاح الفريقين فقد دل بشكل واضح على 
اقتران الكتاب بحجة وإمام من أهل البيت من بعد رسول الله (ص) . فان رسول الله (ص) ترك فينا 
الكتاب والعترة من بعده » وصرّح بانهما لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض . وأمر المسلمين بالتمسك 
بالحجج من أهل بيته » كما أمرهم بالتمسك بالكتاب. ومعنى التمسك هو الأتباع والطاعة . وهذا هو 
أهل البيت كما في متن الحديث » ومع القرآن حنباً إلى حنب في كل عصر » لا يفترقان والحديث مما 
تحال عليه المسلمون: 


: واما حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة الجاهلية ) فيدل على‎ - ١ 


أ. ان معرفة أولئك الأئمة والحجج من أهل البيت من الدين » ورفضهم والجهل بمم من الجاهلية » 
بحيث يدور الإسلام والجاهلية معهما إيجابا وسلباً . ومن يمت وهو لا يعرف إمام زمانه يموت ميتة 
جاهلية . 


237 


ب . ويدل على وجود إمام منهم في كل زمان » تحب طاعته ومعرفته » وعلى استمرار حلقات الأثمة 


(ع ) في كل زمان » وانه لا يخلو منهم زمان . 


ومن يضع هذه الطائفة من الروايات الى جنب الطائفة الأولى من الروايات يجد تطابقا واضحا فيما 
بينهما. فقد ورد في حديث الثقلين من الطائفة الأولى انهم حجج الله على عباده ويجب التمسك بحم » 
وهم العدل الآخر للكتاب » وما ان تمسك الناس بمم لن يضلوا أبدا . وورد في الطائفة الثانية ان 
معرفتهم من دين الله والجهل بمم من الجاهلية والضلالة » والحديث ما تسالم عليه الفريقان » وقد ذكرنا 
بعض ألفاظه وطرقه من قبل » وبمن أخرحه الشيخان في الصحيحين . 


* - واما حديث ( أن الأرض لا تخلو من حجة ). 


فقد أخرحه أصحابنا بطرق وألفاظ كثيرة » بالغة حد التواتر وبعض طرقها صحيح . كما ذكرت في 
المقال . والحديث يدل على وحجود حجة لله تعالى في كل زمان منذ وفاة رسول الله و(ص) الى ان تقوم 
الساعة » سواء كان ظاهرا مشهورا » أو خائفاً مغموراً » كما ورد في (نمج البلاغة ) . ومن يألف لغة 
حديث أهل البيت (ع) يعرف ان المقصود من الحجة هو الإمام المعصوم ( راجع كتاب الحجة من 
أصول الكافي ) . 


- والطائفة الرابعة روايات ( الاثني عشر إماما » أو أميرا » أو وصياً ) من بعد رسول الله (ص) التي 
تضافرت روايتها من طرق الفريقين . وهي تدل على ان الأئمة من بعد رسول الله اثنا عشر فقط » وانحم 
من قريش » وفي طرق أصحابنا الامامية أنمم من ذرية علي عليه السلام . 


احور الثالث في التطبيق : 


ا حور الثالث ف تطبيق هذه الروايات على الواقع في تاريخ الإسلام . وهو المحور الثالث للبحث الذي 
قدمته إلى مؤتمر الإمام المهدي (عج) . فأننا إذا تأكدنا من صحة الأحاديث الأربعة من حيث السند 
أولاً . وتأكدنا من دلالتها على وجود اثني عشر إماما وحجة من أهل البيت من جانب الله . فلا يبقى 
تطبيق حقيقي ودقيق لحذه الأحاديث غير ما تعرفه الشيعة الامامية ( واقصد بحم الاثني عشرية) من القول 
بإمامة أئمة أهل البيت عليهم السلام في اثني عشر حلقة متصلة » وولادة وغيبة الإمام الثاني عشر منهم 
» وهو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام . وإذا ألغينا عقيدة الشيعة الامامية من الحساب لم 
يبق معنى ولا تطبيق لحذه الأحاديث البتة . 


238 


أما المذاهب التي لا تتببى مسألة ( الغيبة والانتظار ) فلا يمكن تطبيق هذه الأحاديث عليها لانقطاع 
حلقات الإمامة عنها في أدوار كثيرة ومراحل طويلة من التاريخ » حتى لو أخذنا بتمحل السيوطي في 
ترتيب الاثني عشر إماما. وعليه تتخلف معهم الطائفة الأولى والثانية والثالثة من الأحاديث . واما 
المذاهب التي تتببى مسألة ( الغيبة والانتظار ) في الإمام » كالإسماعيلية فهي أيضا غير قادرة على إعطاء 
تفسير صحيح لهذه الطوائف الأربعة من الأحاديث لتخلف الطائفة الرابعة عنها ( وهي الروايات التي 
تصرح بان عدد خلفاء رسول الله (ص) من بعده اثني عشر إماما أو أميرا ) . فينحصر الأمر في تطبيق 
هذه الروايات في تاريخ الإسلام على ما تقول به الشيعة الامامية » وليس له من تطبيق آخر » ولا نعرف 
تطبيقاً آحر لهذه الطوائف الأربعة من الروايات غير ما يقول به الامامية من الإيمان بولادة الإمام محمد 
بن الحسن العسكري عليهما السلام وغيبته » وهذا هو معنى ( المطابقة والانحصار ) 
وعندئذ يتم الاستدلال بمذه الطوائف الأربعة من الروايات بشكل كامل » لانحصار الأمر في تطبيق هذه 
الروايات على ما تقول به الامامية » وعدم وجود أي تطبيق آخر معروف في تأريخ الإسلام لها . 


وقد ذكرت لذلك مثالا في المقال وقلت إذا عثر شخص على مال في دار لا يدخلها غير أربعة - مثلا 
- فادعاه أحدهم » لا يعرف له كذب . وعْرِض المال على الآخرين فلم يدعه غيره » فان الذي عثر 
على المال يدفعه إلى من ادعاه دون ان يطالبه بيمين أو بينة » بموحب سيرة العقلاء . والأمر الذي بين 
أيدينا يشبه هذا المثال بعض الشيء . ويقول كاتب النقد : ( إذا لم نعرف توحيها لتلك الأحاديث 
فكيف نطبقها على إنسان لم تثبت ولادته ولا وجحوده بعد ) . أقول نحن لا نشك في ولادة الإمام عليه 
السلام وغيبته وكذه العقيدة يؤمن أمة واسعة وكبيرة من الناس » وعريقة في التاريخ ... ولكن للكاتب 
ان يشك في صحة هذه العقيدة » فيكون أمامه افتراضان كأي قضية علمية أخرى تخضع للبحث العلمي 


الافتراض الأول : صحة عقيدة الإمامة . 
الافتراض الثابي : عدم صحة هذه العقيدة 9 


وله أن يخْضِعْ هذين الافتراضين للدراسة في ضوء الطوائف الأربعة المتقدمة من الحديث التي لا يمكن 
إنكارها ولا تكذيبها كما تقدم . عندئذ يجد ان الافتراض الأول يقدم بسهولة تفسيرا واقعيا تاريخيا 
للطوائف الأربعة المتقدمة من الحديث ., لانطباقها الكامل عليه . بينما الافتراض الثاني يؤدي به الى 
إنكار الأحاديث الأربعة أو تكذيبها » والأول منها يعارض النهج العلمي المعروف للفريقين في توثيق 


239 


الحديث » والثاني منهما تكذيب لرسول الله (ص) وأهل بيته الذين اذهب عنهم الرحس » وجعلهم 
رسول الله (ص) العدل الآخر للكتاب . 


ويحاول الكاتب ان يقلل من قيمة العمق التاريخي والمساحة التي تغطيها هذه العقيدة في العالم بتكثير 
الفرق الشيعية التي لا تؤمن بحذه العقيدة فيقول ( وقد خلط في ذلك بين فرق الشيعة الامامية المحتلفة 
كالإسماعيلية والواقفية والفطحية والمحمدية الذين قالوا بأئمة مهديين آخرين). وهي محاولة ضعيفة بطبيعة 
الحال » ولا يمكن ان يصفها القارئ المنصف بالإنصاف » فلا يجوز مقارنة الشيعة الامامية في التاريخ 
والحاضر بفرق بائدة » ليس لما أي حضور ثقافي وفقهي واجتماعي على وجه الأرض كالواقفية والفطحية 
وا محمدية . فان الشيعة الامامية الاثني عشرية أوسع المذاهب الإسلامية بعد مذهب أهل السنة والجماعة 
( ونقصد بحم أهل السنة بجتمعين ) وهم اليوم على وجه الأرض مراكز علمية وحوزات ثقافية وجامعات 
وفقهاء ومفسرون ومحدثون وموسوعات في الفقه والحديث والتفسير ونّد تاريخهم الى أصول عريقة من 
الفقهاء وا محدثين والمتكلمين والمفسرين » ويغطون مساحة واسعة جداً من العالم الإسلامي . 


وتكثير الفرق الشيعية بمذه الصورة لا يؤدي الى تقليل قيمة عقيدة الشيعة الامامية في ولادة وغيبة الإمام 
المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام . وكنت أتمنى ان اذكر طائفة من الروايات الصحيحة 
التي رواها أصحابنا الامامية بطرق صحيحة ومتواترة عن ولادة وغيبة الإمام المهدي عجل الله فرحه » 
كما وعدت من قبل غير أن النقد وصلبي وأنا في السفر ولم يكن معي من مصادر الحديث ما أتمكن 
معه من إبحاز الوعد السابق .على ان فيما كتب علماؤنا رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين كالحر 
العاملي في إثبات الحداة و السيد صدر الدين الصدر في كتابه (المهدي) والتجليل التبريزي ف كتابه عن 
الإمام المهدي والصافي الكلبايكاني في منتخب الأثر والشيخ علي الكوراني في موسوعة الإمام المهدي 
وغيرهم كفاية في هذا الباب. على أمل العودة ان شاء الله الى متابعة الموضوع . 


وإننى كنت أتمى لكاتب المناقشات شيئا اكثر من الموضوعية في النقد . فليس يعاب على أحد ان 
بخص عقيدة أمة من المسلمين واسعة الانتشار على الأرض ومعروفة. 


وقد رددت على رد الآصفي » بما يلي: 


العلاقة بين الإيمان بالمهدي ورفض الشورى 


210 


سماحة العلامة الشيخ محمد مهدي الآصفي حفظه الله 


اطلعت على ردكم العاحل وانتم في السفر على مناقشتي لكلمتكم عن (الإمام المهدي) التي ألقيتموها 
في أحد المؤتمرات التي عقدت مؤخرا حول هذا الموضوع. وقد لخصتم في ردكم ما سبق ان شرحتموه في 
كلمتكم .ولم تأتوا بشيء حديد ولم تردوا على النقاط التي ذكرتما في مناقشتي من تعارض دعوى التواتر 
والإجماع على مهدوية الإمام الثاني عشر مع التاريخ الشيعي وأحاديث أهل البيت الكثيرة والحركات 
المهدوية الشيعية العديدة التي ظهرت في القرون الأولى . وبدلا من ان تثبتوا ولادة ابن الإمام الحسن 
العسكري المفترض تاريخيا انشغلتم مرة أخرى بتكرار الحديث عن النظرية الامامية الإلهية » واستنتجتم 
منها صحة فرضية وحود (الإمام محمد بن الحسن العسكري) ووعدتم أيضا ببحث الروايات التي تتحدث 
عن ولادته في المستقبل » وهذا ما يدعونا الى انتظار نتائج أبحائكم حول الأدلة التاريخية على ولادة 
الإمام المهدي . 


وبالرغم من أنكم وصفتم تلك الأدلة التاريخية - مسبقا وبسرعة - بالصحة والتواتر » ربما اعتمادا على 
المكوز في ذهنكم » فاني أؤكد لكم مرة أحرى ان تلك الروايات التاريخية ليست سوى إشاعات سرية 
ضعيفة ومتناقضة لا ترقى الى مستوى حبر الآحاد الصحيح فضلا عن كونها صحيحة أو متواترة » خاصة 
واتما تخالف الظاهر وإجماع المؤرحين الشيعة الذين تحدثوا عن وقوع الحيرة بعد وفاة الإمام الحسن 
العسكري وقيام كبراء الشيعة بتعزية جعفر وتحنئته بالإمامة في البداية » ثم تفرق الشيعة الى أربع عشرة 
فرقة » وعدم معرفة علماء قم في تلك الأيام بوجود ولد للإمام العسكري وإرسالحم وفدا الى سامراء 
ليحقق في الموضوع » وان عامة الشيعة الامامية بحثوا عن الولد فلم يعثروا عليه ولم يتأكدوا من وجوده , 
فكيف تكون الروايات حول ولادته متواترة؟ وماذا يعني التواتر لديكم؟ وهل لديكم مصطلح جديد في 
معنى التواتر؟ علما بأنكم تقولون بانعدام صفة التواتر مع احتمال الكذب والوضع . 


ويبدو أنكم تحاولون إضفاء صفة الصحة والتواتر على إشاعات الغلاة الغريبة والعجيبة » في محاولة 
منكم للخروج من الحيرة التي لا زلتم تترددون فيها نتيجة إيمانكم بنظرية الإمامة الإلهية وضرورة وجود 
الإمام المعصوم المعين من قبل الله » التي استنتجتموها من بعض الأحاديث التي وصفتموها أيضا بالصحة 
والتواتر » وأؤلتموها تأويلا خاصا . ولا تريدون ان تفسروها بشكل آخر كما فسرها بعض الشيعة 
الامامية (الفطحية) الذين خحرجوا من الحيرة بنقل الإمامة الى جعفر بن علي الحادي. 


241 


المشكلة هي في طريقة استنتاجكم لنظريتكم الخاصة من تلك الأحاديث وفي تركيب فرضية ولادة ابن 
للإمام العسكري عليها » مع انه لا تلازم بين النظرية الأولى والفرضية الثانية » وان القول بذلك نوع من 
التحمين والظن والقول يلا دليل. 


ان حيرتكم تتجسد في محاولتكم العثور على مصاديق خارحة لبعض الأحاديث الغامضة كحديث 
الاثني عشرية » وقد قدمنا لكم عدة حلول أخرى ممكنة لم تناقشوها ولم تأحذوا بما وأصررتم على افتراض 
وجود ولد للإمام العسكري مع ان هذه الفرضية أسوء من تمحلات السيوطي. 


نم إنكم لم تحيبونا على السؤال عن معنى الإمامة وكيفية الارتباط بالإمام وطاعته وتوليه وهو في الغيبة 
مع إنكم في كتابكم (علاقة الحركة الإسلامية بولاية الأمر) ترفضون محرد الولاء الاسمي أو الصوري للولي 
الفقيه وتطالبون حزب الدعوة الإسلامية بالطاعة الحركية والولاء الحضاري والانقياد السياسي » فكيف 
يمكن تحقيق هذا النوع من الطاعة للإمام الغائب الذي لا يفتي ولا يفسر ولا يأمر ولا ينهي ولا يارس 
دوره القيادي؟ وكيف بيمكن ان نسميه إماما؟ وقد قال الإمام الرضا في أحاديث كثيرة : ان الإمام يحب 


ان يكون حيا ظاهرا معروفا. 


ولو كان الإمام العسكري قد ادعى ولادة ولد له وأظهره للناس لم نكن نشترط ان يأتينا بدليل على بنوة 
ذلك الولد له » كما لم نسأل أحدا من الأئمة السابقين أو غيرهم عن إثبات نسب أي شخص إليهم » 
بالرغم من شك بعض أهل البيت ببنوة الإمام الجواد (الذي كان أسمرا ) للإمام الرضا في حياته » وعرضه 
على القافة » واكتفينا بإعلان الإمام الرضا لبئوة ابنه الحواد اليه. فكيف تريد منا ان ننسب ولدا الى 
الإمام العسكري وهو يعلن أمام الملأأ أن لا وحود لولد لديه؟ ونقبل بالرواية السرية المتهمة والمشكوك 
فيها؟ 


نعم توجد روايات كثيرة يرويها الغلاة والضعفاء والوضاعونء ولكنها غير محققة ولا مدروسة ولا توحد 
فيها رواية واحدة صحيحة » ومشكلتها الرئيسية هي انما تدسب ولدا لرحل لم يعترف بوحود هكذا ولد 
؛ وهو أمر لو حدث مع أي شخص لرفضه بشدة » فهل تقبل ان ينسب إليك أحد وحود ولد لك في 
السر في حياتك أو بعد ماتك بالرغم من إنكارك لذلك؟ وهل يجوز شرعا إلحاق هذا الولد المدعى بك 
؟ وهل يجوز إعطاؤه الإرث مثلا؟ 


ان الشيعة الامامية لم يجمعوا على وحود الإمام الثاني عشر ماعدا الفرقة الاثي عشرية» وقد وصل القول 
بذلك الى طريق مسدود فتخخلى الشيعة ومنذ قرون عن نظرية الإمامة وعن انتظار الإمام المفترض الغائب 
» وأقاموا لهم دولا بأنفسهم على أساس الفقه والعدالة وليس العصمة أو النص . 


2012 


ومع ان الكثرة والانتشار ليست مقياسا للحق والصواب*"", وإلا فان المسيحيين وأهل السنة أكثر من 
الشيعة » فنحن لا نحاول التهجم على أية بجموعة بشرية مهما كانت صغيرة » وانما نحاول مناقشة فرضية 
ظنية اجتهادية قال بما بعض المتكلمين قبل ألف عام وسببت للشيعة والمسلمين أضرارا كثيرة » ولا تزال 
تعقد حياتهم الاحتماعية وتحول دون تطور نظامهم السياسي. 


ومن هنا أطالبكم ببذل المزيد من الوقت والجهد لمراجعة تلك الفرضية بدقة والتأكد من حقيقتها » 
واعتقد اتما تستحق ان توقفوا من أحلها كل أعمالكم الثقافية ونشاطاتكم التنظيمية والسياسية لكي 
تخرحوا بنتيجة واضحة وأكيدة » وذلك لآثارها الكبيرة على مسيرتكم الشخصية ومسيرة الحزب الرائد 
حزب الدعوة الإسلامية ومسيرة الشعب العراقي والأمة الإسلامية... 


فضيلة الشيخ الآصفي 


لقد بذلتم جهودا كبيرة في مختلف ابحالات الفقهية والفكرية والسياسية والاجتماعية .. وتقفون اليوم أمام 
قضية جذرية ترتبط بموضوع الشورى وحق الأمة في اختيار أئمتها وممثليها في مجالس الشورى » وتحم 
العلاقات الدولية والداحلية بين المسلمين » وانتم مدعوون من موقع المسؤولية الى دراسة موضوع وجود 
الإمام الثاني عشر الغائب » والقيام بثورة ثقافية تصفي التراث من الخرافات والأساطير والفرضيات الوهمية 
والنظريات البشرية الدخيلة » إذ لا بمكن من دون ذلكء الانطلاق بقوة وثبات لبناء الحضارة الإسلامية 


وإذا كنا مطالبين بالعودة الى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة و أحاديث أهل البيت الصحيحة » فانه 
ليس من الحائز التشبث بكل ما هو موروث من عصور الانخطاطء» أو التعصب لعقائد الآباء والأحداد » 
فان هدفنا هو البحث عن الحق والحقيقة والتمسك بما هو ثابت وأكيد » ومراجعة النظريات التي أضرت 
بوحدة المسلمين ودمرت فكرهم السياسي ودفعتهم الى الجمود والتخلف والانتظار وألقت بحم بين برائن 
الاستبداد. 


احمد الكاتب 


لندن ه شوال ١5٠١‏ المصادف ٠..0/١/١17‏ 


*'" - وقد قال الشيخ المفيد:"ما روي من حبر الواحد... ولو رواه ألف إنسان وألف ألف لما جاز أن يجعل ظاهره 
حجة في دفع الضرورات وارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات". المفيد» الفصول المختارة» ص 545 7. 


243 


- مع الشيخ المنتظري في كتابه "موعود الأديان": 


المنتظطري يعاني من الاستبداد ويشيد قواعده! 


للثورة الإيرانية بعدان» بعد سياسي تحقق بإسقاط الشاه» وبعد ثقائي تمثل بالثورة على الفكر الإمامي 
الإثنني عشري القدهم الذي كان يكبل شيعة إيران ويمنعهم من إقامة حكومة إسلامية في عصر غيبة الإمام 
الثاني عشر (المهدي المنتظر)» والذي كان يدعو الشيعة الى الصبر وانتظار "الإمام الغائب» المعصوم 
والمنصوص عليه من الله" . ولكن فكر (ولاية الفقيه) تحرر من عقيدة الانتظار وشرط العصمة والنص» 
وأحاز للشيعة إقامة الدولة تحت قيادة الفقيه العادل (غير المعصوم وغير المنصوص عليه من الله). وكانت 
هذه الخطوة ثورة فكرية بكل معنى الكلمة» وكان من المتوقع أن تمتد بآثارها الى أبعد من إيران لترمم 
العلاقات الشيعية السنية المتدهورة تاريخياء وتقيم نظاما دبموقراطيا مثاليا في إيران» ولكنها مع الأسف 
الشديد توقفت في منتصف الطريق فانتكست على صعيدين: 

الأول: الصعيد الداخلي» حيث انتكست العملية الديموقراطية بميمنة المرشد الأعلى على مجلس 
الشورى ورئاسة الجمهورية وامجتمع بصورة عامة , دون أن يسمح لأحد بانتقاده أو محاسبته أو تغييره. 

الثاني: الصعيد الخارحي» حيث تقمصت الثورة الإيرانية ثوب الطائفية ولم تستطع تحقيق الوحدة 
الإسلامية» بالرغم من سعيها وطموحها نحو ذلك. وقد سددت الثورة الإيرانية ضربة قاصمة للجماهير 
الإسلامية (السنية) التي التفت حوطا في البداية» بسنها قانونا دستوريا يميز بين السنة والشيعة ويضع 
السنة في إيران في الدرحة الثانية» ويشترط على رئيس الجمهورية أن يكون ملتزما بالمذهب الشيعي 
الإمامي الإثني عشري» ومدافعا عنه. 

وبالرغم من أن إيران في ظل الثورة كانت قد تحولت جذريا نحو الفكر السياسي الإسلامي العام (أو 
السني) القائل بالشورى» وتخلت عن الفكر الإمامي الاثني عشري, وكان يمكن أن تحظى بتعاطف 
والتفاف الجماهير الإسلامية (السنية) إلا اتما بسنها لذلك القانون المميز دفعت السنة داخل إيران 
وحارجها عنها. 

وهناك بالطبع رابط بين الموضوعين يتمثل بالاقتصار على نقد آثار فكر الانتظارء وعدم نقد الفكر 
الإمامي من الجذور. فقد كان ثمة في إيران عشية الثورة» شعور بوحود أزمة في الفكر الإمامي تحول دون 
التقدم في عملية الثورة السياسية. وهذا ما دفع الشيخ حسين علي المنتظري الى محاولة تحاوز الفكر 
الإمامي والتقرب من الفكر السني والخروج بنظرية ثالثة جديدة. 


244 


وحسبما يقول الشيخ المنتظري في مذكراته فانه طرح على الإمام الخميني في بداية الستينات فكرة الخط 
الثالث بين نظرية الشيعة في النص ونظرية السنة في الشورى » وذلك باللجمع بين النظريتين والالتزام 
بالنص في زمان وجود الأئمة المعصومين المنصوص عليهم من الله والعمل بالشورى في حالة عدم 
وجودهم .*'" ولكن الإمام الخميني أصر على ضرورة الانتظار وحرمة إقامة الدولة في (عصر الغيبة) أو 
إقامتها على أساس الشورى» وأكد على ان المذهب الشيعي يرى ضرورة كون الإمام معصوما ومنصوبا 
(من الله) وقال له:ان المسؤولية تقع على عاتق الناس في زمان الغيبة» ويحب علينا إعداد الظروف المناسبة 
لظهور الإمام الغائب. 

وعندما قال له المنتظري: هل يعني ذلك ان يعيش الناس ف (عصر الغيبة) في هرج ومرج؟ قال الإمام 
الخميني: " لقد أتم الله النعمة » وهذه مسؤولية الناس الذين يحب عليهم توفير الشروط المناسبة لظهور 
الإمام (صاحب الزمان) إذ ان الإمام حسب رأي الشيعة يجب ان يكون معصوما ومنصوبا فقط "2١."‏ 

كان هذا الحوار في بداية الستينات» أي قبل حوالي عشر سنوات من تبني الخميني لنظرية ولاية الفقيه» 
التي أعلنها في النحف سنة ١9759‏ قبل عشر سنوات من تفجر الثورة ف إيران. 

وكان معظم فقهاء الشيعة في ذلك الوقت يحرمون إقامة الدولة في (عصر الغيبة)» وظل مرحع كبير 
كالسيد الخوانساري (توفقي عام ه١٠1١‏ هجرية / 9/85١م)‏ يصر على ضرورة انتظار الإمام الغائب 
(محمد بن الحسن العسكري) وعدم جواز تطبيق الحدود الشرعية » أو التدخل في الشؤون السياسية» حتى 
بعد انتصار الثورة بسنوات. 

وقد بدأت ملامح الثورة الفكرية تتبلور في إيران على يدي الشيخ المنتظري الذي بادر في وقت متقدم 
بإحياء صلاة الجمعة التي كانت معطلة عند غالبية الشيعة الامامية الاثي عشرية في (عصر غيبة الإمام 
المهدي (لعدم توفر شرط الأذن الخاص بما من الإمام ) حيث بدأ الشيخ بإقامتها في مدينة (نحف آباد) 
قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران. 

ونظراً لحرأة الشيخ المنتظري في نقد كثير من الظواهر السلبية في الثقافة الشيعية» فقد اتممه المحافظون 
بالوهابية والعمل على هدم التشيع وقبض الأموال من المملكة العربية السعودية» و ذهب أحد الخطباء في 
قم الى تحديد رقم بثر النفط التي زعم ان المنتظري يأحذ عوائدها من السعودية! ""١‏ 


“” -(ص ٠١‏ ملف رقم 1/8) 
عرض :8ه 
'"" -(ص ١"‏ من ملف رقم 3١‏ من مذكرات الشيخ المنتظري) 


215 





وقد فرض الفكر الثوري الإيرائي نفسه في تماية المطاف» واستطاع إقامة نظام سياسي يقوم على 
اتتخاب الإمام ورئيس الجمهورية ونواب مجلس الشورى . وكان يمكن لهذا النظام أن يشكل ملتقى 
لجميع المسلمين بغض النظر عن هوياتهم الطائفية » ولى تكن ثمة حاحة ماسة لتحديد هوية الدولة ورئيس 
الجمهورية » الطائفية : "الشيعية الامامية الاثني عشرية" إذ لا أثر لتلك الحوية في السياسة الداحلية أو 
الخارحية أو الاقتصادية أو الاحتماعية . بل اتما متناقضة في الحقيقة مع واقع النظام الجديد» الذي يقوم 
على الشورى ويكتفي بشرط الفقه والعدالة» بدلا من العصمة والنص. ولذلك فقد رفض المحلس 
التأسيسي «الخبراء) الذي سن الدستورء إضافة الحوية الطائفية الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية» أو 
اشتراط التزام رئيس الحمهورية بالتشيع الإثني عشريء كما رفض الاعتراف بولاية الفقيه» أو إعطاء الإمام 
صلاحيات واسعة تسمح له بالهيمنة على النظام الديموقراطي» في عمليات التصويت الأولى على بنود 
الدستور المقترح» ولكن الشيخ المنتظري الذي كان يرأس (مجحلس الخبراء) التأسيسي لعب دورا كبيرا في 
إقرار بندين مهمين كان لمما الأثر السلبي على مسيرة الثورة» ودفعها للتوقف في منتصف الطريق. فقد 
كشف الشيخ المنتظري نفسه في مذكراته التي نشرها قبل خمس سنوات عن دوره في تثبيت الأصل الثاني 
عشر » والأصل الخامس عشر بعد المائة في الدستور » اللذين ينصان على هوية الدولة الإيرانية ورئيس 
الجمهورية: (الشيعية الاثني عشرية) وذلك بعد فشل المؤيدين في الحصول على أغابية أعضاء مجلس 
الخبراء » وإصرار الشيخ المنتظري على تهرير ذينك الأصلين في عملية تصويت أخرى.""” وذلك انطلاقا 
من كون المذهب الشيعي مذهب غالبية الشعب الإيراني » وكون الدستور الإيراني السابق الموضوع منذ 
مائة عام » يتضمن بندا صريحا بذلك » وتحت ضغط مراحع الدين في قم كالسيد الكلبايكاني 
والشريعتمداري والشيخ مرتضى الحائري. وفي الحقيقة لم يقدم ذلك الشرط من واقع إيران شيئا ونم يؤخر 
شيئا» سوى أنه ألب عليها السنة في الداحل والخارج» وفصلهم نفسيا عنها. 

وقد أحس الشيخ المنتظري بعد حين بخطئه هذا فوعد زعماء أهل السنة المحتجين على شرط الموية 
الشيعية في الرئيس » بمراجعة هذا الأمر في أي تعديل دستوري قادم؛ حسبما يقول في مذكراته. """ ولكن 
هذا الوعد لم يتحقق حتى الآن» رغم تعديل الدستور سنة ١3/5‏ 

وإذا كان شرط الموية الشيعية في الرئيس الإيراني» قد عكر علاقات إيران الخارحية مع أهل السنة» كما 
أثر على علاقاتما معهم في داخل إيران (يبلغ تعدادهم حوالي ستة ملايين نسمة) فان القرار الآحر الذي 
اتخذه رئيس بجحلس الخبراء الشيخ حسين علي المنتظري» وهو منح مسئولية قيادة القوات المسلحة الإيرانية 
الى الإمام (الولي الفقيه) في الدستور الإيراني» بعد فشل التصويت عليه في مرة سابقة داحل مجلس 


7 رو ص 16” من ملف رقم عار 
”” -(ص هه ملف رقم 50) 


246 


الخبراء» لعب دورا كبيرا في نقض النظام الديموقراطي الذي أقامته الثورة الإيرانية» وذلك بالسماح للفقيه 
الولي بالحيمنة على مجلس الشورى ورئاسة الجمهورية وا مجتمع الإيراني بصورة عامة» وبناء ديكتاتورية دينية 
باسم (النيابة العامة للفقهاء عن الإمام المهدي الغائب). 

وكما قلنا في البداية» كانت هذه خطوة سلبية وانتكاسة حطيرة في مسيرة الثورة» وقد عانى الشيخ 
المنتظري نفسه منها » وذهب ضحيتهاء فبعد أن كان منتخبا من مجلس الخبراء ليكون خليفة الإمام 
الخميني؛ إذا به يحبر على الاستقالة برد قيامه بنقد بعض تصرفات الإمام » ويمنع حتى من التعبير عن 
وجهة نظره في وسائل الإعلام الإيرانية» وتفرض عليه الإقامة الحبرية والعزلة عن الناس لسنوات طويلة. 

ومع ان نظرية الشيخ المنتظري حول (ولاية الفقيه) كانت تختلف قليلا عن نظرية الإمام الخميني, إلا أن 
إيمان المنتظري با ودفاعه عنها صبًا في مصلحة الأخير. 

الاختلاف الرئيسي بين النظريتين كان يدور حول مصدر شرعية نظام ولاية الفقيهء هل هو الله؟ أم 
الشعب؟ ففي حين كان الإمام الخميني يعتقد بأن مصدر الشرعية ينبع من توكيل الإمام المهدي للفقهاء 
ليكونوا حكاما على الناس» حسبما ورد في "التوقيع" المروي عنه والذي يقول فيه: "وأما الحوادث الواقعة 
فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانحم حجتي عليكم وأنا حجة الله" . وكذلك من "مقبولة" عمر بن حتظلة 
» والتي يقول فيها الإمام الصادق:" إن قد جعلته عليكم حاكما". ثما سمح للإمام الخميني باعتبار ولاية 
الفقهاء على الناس مجعولة من قبل الله كولاية الرسول والأئمة من أهل البيت » وانحا ولاية دينية إلهية . 


وقد ترتب على ذلك اعتقاد الخميني بعدم حاحة الفقيه إلى احذ رضا الأمة في أية مسألة » وأن له 
الحق ان يعمل بما يتوصل إليه في احتهاده » وعلى الأمة ان تطيعه بلا مناقشة أو تردد » وهو ما يمنحه 
صلاحيات مطلقة أخرى » ويجيز له و لأي فقيه ان يستولي على السلطة بالقوة أو الانقلاب العسكري 
أو يحتكرها بعد ذلك ويصادر الحريات والحقوق العامة ويلغي الأحزاب ويعطل مجلس الشورى »© أو 
يصدر قوانين حديدة تتعارض مع الدستور أو الشرع » كما اصدر الإمام الخميني قانون (المحاكم الخاصة 
لرحال الدين) والمنافية للمساواة الإسلامية والقوانين الوضعية » والتي تحكم بما تشاء على من تشاء كيفما 
ا 


ولكن الشيخ المنتظري ناقش الإمام الخميني في دلالة مقبولة عمر بن حنظلة والأحاديث الأخرى على 
الء لنصب والجعل والتعيين 2( وقال اما تدل على الاتتخاب ولا يصح الاستدلال كما لإثبات الولاية المطلقة 
بالقيته: 


ورغم صوابية منطق الشيخ المنتظري » المدعوم من قبل كبار المحققين الشيعة» في رفض نظرية النيابة 
العامة للفقهاء عن الإمام المهدي, إلا انه هزم في معركة (ولاية الفقيه) لأنه توقف في نقدها في منتصف 


الطريق» ولم يقم بنقد نظرية الإمامة والاثني عشرية من الجذور» ولم يبحث مسألة وحود الإمام المهدي 
الغائب بدقة. وكما قلت سابقاء فقد كانت نظرية ولاية الفقيه بنفسها ثورة على الفكر الإمامي الاثني 
عشري» لأنما كانت تتخلى عن شرط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الإمام» وترفض نظرية 
انتظار الإمام الغائب» ولكن الشيخ المنتظري لم يبحث في أصل نظرية الإمامة ووجود الإمام المهدي. 


ولكي لا نظلم الشيخ المنتظري» يجب أن نعترف بشجاعته الفكرية» وقيامه بخطوات جريئة في نقد كثير 
من المظاهر السلبية في التراث الشيعي. فهو ينقل عن أستاذه المرجع الديني السيد حسين البروحردي 
(توفٍ سنة )١37٠0‏ دعوته الى التحقيق في الكتب الروائية » والتركيز على علم الرحال والحديث وتصفية 
الأخبار الدخيلة » والانفتاح على مجاميع أهل السنة الروائية » ورفض الكتب الشيعية الضعيفة غير 
المسندة.*"" وينقل عنه أيضاء قوله بعدم جواز الخنضوع لهيبة العلماء السابقين الى درحة الامتناع عن 
ممارسة التفكير .519 


وقد دحل الشيخ المنتظري في حوار مع أستاذ آخر له في الحوزة العلمية (هو السيد مهدي الحجازي) 
حول صحة رواية معينة » قال الأستاذ : ان العلامة المحلسي يعتبرها (رواية معتبرة) قال الشيخ المنتظري: 
ان اعتبار أحد العلماء لرواية معينة بأكما صحيحة » لا يشكل حجة شرعية لنا » إذ يجب ان نتحقق من 
الصحة بأنفسنا ونرى فيما إذا كانت معاييره للتصحيح متطابقة مع معاييرنا » ولذا فان تصحيح البمحلسي 
لتلك الرواية لا يكفي », وان علينا ان نتحقق بأنفسنا.' "" هذه العقلية الاجتهادية المنفتحة دفعت الشيخ 
المتتظري الى مراجعة كثير من الأمور التاريخية » والنظر في التراث الروائي الضخم المشحون بالأحاديث 
الضعيفة الموضوعة , والتركيز على القرآن الكريم ونج البلاغة . مما كان يؤهله لإحداث ثورة ثقافية كبرى 
في التراث الشيعي تتجاوز الخلاف الطائفي الموروث والمزمن . 


وكان المنتظري قد انتقد خلال السنوات الماضية بعض الحوانب التطبيقية السيئة لنظرية ولاية الفقيه » 
ولكنه لم يتطرق الى بحث حذورها العقائدية » وخاصة لحهة ارتكازها على نظرية الإمامة ووجود الإمام 
الثاني عشر الغائب) محمد بن الحسن العسكري) الذي يعطي الفقهاء (النواب العامين) هالة قدسية 
وصلاحيات واسعة تخل بالتوازن الضروري المطلوب بين الأمة والإمام. 


2( ضن1181:537 من ملق رقم :"من هذكراته) 
© - رص ١7‏ ملف117) 


)١7/1١ وص‎ 


20158 





ان الحرص على تطور النظام الإسلامي وصون التجربة الرائدة يقتضيان فتح الحوار بحرية مطلقة حول 
جميع القضايا الفكرية والعقائدية السنية والشيعية » وتذويب الرواسب التاريخية » من أجل تحقيق درجة 
أعلى من الوحدة والمزيد من الحرية لجميع أبناء الأمة الإسلامية. لا سيما وان التطورات السياسية 
المتلاحقة في إيران بعد فشل الحركة الإصلاحية وسعيها للتحرر من حكم رجال الدين» تقتضي مواصلة 
الثورة الثقافية وترسيخ عملية الاجتهاد والفرز بين الروايات الصحيحة والموضوعة. وهذا ما دفع عددا من 
الإيرانيين للمطالبة من الشيخ المنتظري بإعادة النظر ف نظرية الإمامة وبحث فرضية وجود الإمام الثاني 
عشر "محمد بن الحسن العسكري" المهدي المنتظر الغائب. ولكنه لم يجد الظروف المناسبة » أو الوقت 
الكافي» أو القدرة الصحية والذهنية الكافية لبحث ذلك الموضوع؛ فكتب ردا سريعا » تحت عنوان 
(موعود الأديان) كرر فيه النظرية الشيعية الاثني عشرية التقليدية» وقال :"ان موضوع المهدي الموعود من 
أهم المواضيع والأبحاث التي طرحت لدى المسلمين في القرون الأولى» منذ عهد الرسول الأعظم والأئمة 
المعصومين.وأكدت عليه الأديان المختلفة. وتوحد عليه أدلة نقلية وعقلية. وقد حاءتني رسالة عبر 
الإيميل تنكر وحود الإمام المهدي (إمام العصر) وغيبته التي تعتبر من أصول المذهب الشيعي". وأشار 
المنتظري في المقدمة الى أن كتابه " لا يعبر عن دراسة متكاملة حول الإمام المهدي. وذلك لأن هذا 
الموضوع يحتاج الى تأليف كتب مؤلفة". 


كتتاب "موعود الأديان" 


وفي الوقت الذي كنا ننتظر من الشيخ حسين علي المنتظري» أن يقوم ببحث موضوع (المهدي) باعتباره 
واحدا من أكبر فقهاء إيران» وأحد قادة الثورة الإيرانية والمهتمين بتذليل العقبات الفكرية أمام تقدم الثورة 
ومسيرتها الديموقراطية. خاصة وأنه يعتبر موضوع (المهدي) أصلا من أصول المذهب الشيعي» ولكن كتابه 
الذي جاء في أكثر من أربعمائة صفحة خلا من أي بحث جدي حول الموضوع. 


وقد اعترف فيه بسرية الحمل والولادة للإمام المهدي المفترض» وقال:" ان الظروف السياسية كانت 
تقتضي إحفاء حمل وولادة الإمام المهدي» حتى عن العلويين والهاشهميين» حوفا من تسرب الخبر الى 
العباسيين".""" و "ان الإمام العسكري لم يكن يطمئن الى أحد سوى الخاصة» حتى يطلعهم على 
ولادة ابنه".*"" وأضاف: "ان سبب عدم ذكر المهدي في وصية الإمام الحسن العسكريء هو الشعور 


”” - (المنتظري» موعود الأديان» ص 35؟) 
بد - (المصدرء ص )٠١”‏ 


249 


بالخوف والخطر على حياة ذلك الإمام. لأن العسكري كان يخضع لراقبة شديدة عند وفاته. ولذلك لم 
يذكر اسم ابنه في الوصية".3"" 


وبعد كل هذه السرية والغموض في حياة الإمام العسكري » وعدم اعترافه بوحود أي ولد له في حياته» 
أو عدم ظهور أي ولد له عند وفاته» حسبما يقول جميع مؤرحي الشيعة» فان الشيخ المنتظري يدعي 
ثبوت وجود ولد للإمام العسكري يزعم أنه ولد في السرء وانه المهدي المنتظرء وانه حي الى اليوم.'*" ثم 
يعود فيناقض نفسه ليقول ان ذلك الولد المستور ظهر ليصلي على جنازة أبيه أمام الناس "4١‏ 


ومن المعروف ان هذه هي عقيدة الشيعة الاثني عشرية» وهي تقوم على افتراض وجود الولد للإمام 
العسكري » لكي تستمر الإمامة فيه» دون أن تقدم أدلة تاريخية علمية على ولادته ووجوده. ولكنها 
تتشبث بنظريات واهية و افتراضات فلسفية» وأحاديث ضعيفة لا تصمد أمام البحث العلمي. وبدلا من 
أن يقوم الشيخ المنتظري ببحث تلك "الأدلة والبراهين" التي يقدمها أصحاب النظرية الاثني عشرية» والتي 
أوقعت الشيعة في أزمة سياسية أكثر من ألف عامء حتى جاءت نظرية (ولاية الفقيه) فأنقذتهم منها. 
والتي لا تزال تعرقل المسيرة الديموقراطية للشعب الإيراتي.. بدلا من ذلك فان الشيخ المنتظري لا يملك 


سوى أن يكرر دعاوى الفرقة الاثنى عشرية دون تمحيص أو مناقشة لسند أية رواية. 


انه يقول في البداية:" لا يوحد شك حول أصل وجود إمام العصر (عج) حتى نحتاج الى إثباته عن 
طريق النواب الأربعة. فبالإضافة الى أن الموضوع يقبت عن طريق الأدلة التي تؤكد ضرورة الإمامة في جميع 
العصور والأزمان» فانه يثبت أيضا عن طريق الأخبار المتواترة الواردة عن النبي الأكرم (ص) والأئمة 
المعصومين» والمروية عن طريق الفريقين (السنة والشيعة). وهناك أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول 
الإمام المهدي؛ بحيث تفيد التواتر الإجمالي» وتوجحب القطع واليقين. وهي تتحدث عن المهدي وانه ابن 
الإمام الحسين» وله غيبة ويعمر طويلاء ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن تملأ ظلما وجورا. 


در 0 
رص )5١5‏ 


-(ص ؟5١٠١)‏ 


220 





ونستطيع إثبات وجود المهدي بالأدلة العقلية والنقلية» والأحاديث المتواترة منذ زمان النبي الأكرمء التي 
تورث العلم واليقين. وبناء على ذلك فان وجود الإمام المهدي ليست فرضية قائمة على القمع 
والإرهاب» بل قائمة على العقل السليم والنقل الثابت"."*" 


ويشرح ذلك بمزيد من التفصيل فيقول:"هناك روايات متعددة تشكل محل اتفاق بين الشيعة والسنة» 
وبتعابير مختلفة» تدل على أن حلفاء الرسول أو أئمة المسلمين» أو نقباء الرسول هم اثنا عشر. وحسب 
هذه الروايات فان المهدي هو أحدهم. وآخرهم. وان جملة "لا يزال هذا الدين" أو "ما دام هذا الدين 
قائما" الواردة في بعض الأحاديث تدل بصراحة على وحجود خليفة للرسول ما دامت الأمة الإسلامية أو 
الدين الإسلامي قائما. وبما أن الأئمة الأحد عشر قد استشهدوا بصورة مؤّكدة فلا بد أن يكون خليفة 
الرسول الثاني عشر حياء وغائبا. وهو الإمام المهدي الموعود. 


وإذا قال الكاتب بأن المهدي الموعود لم يولد بعد, وبعدما يولد سيكون خحليفة رسول الله فان ذلك 
يتناقض مع حديث "من مات وا لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية" المروي عن طريق السنة 
والشيعة. وان هذا المعنى يستفاد من جملة "لن يفترقا حتى يردا على الحوض" الواردة في حديث الثقلين 
المتواتر» والذي يقبل به أهل السنة» وذلك لأن مفهوم عدم افتراق العترة عن القرآن يقتضي وجود العترة 
ما دام القرآن موجوداء وان المهدي الموعود هو مصداق العترة اليوم". 


ويتابع الشيخ المنتظري قائلا:"ان من جملة الشواهد التاريخية على صحة الأخبار حول كون المهدي ابن 
الإمام الحسن العسكري» هو انتظار خروحه في أيام الأئمة المعاصرين للأمويين والعباسيين» وتشدد 
المعتمد العباسي في البحث عن ولد الإمام العسكري» حيث قام بسؤال القوابل وفتش دار الإمام 
العسكري و دور الحاشميين بحثا عنه. يقول الصدوق: ان جارية للإمام العسكري ظلت تحت المراقبة لمدة 
سنتين حتى اطمأن المعتمد من عدم حملها.”* ' وإذا كان المعتمد يعتقد بأن تلك الأخبار (التي تتحدث 
عن ظهور المهدي) كاذبة ومختلقة فلماذا يخاف من وجود ولد للإمام العسكري بمذه الصورة؟ 


وبناء على ذلك فان الإمام المهدي هو ابن الإمام الحسن العسكري. ومن صلب الإمام الحسين » وان 


مدعني "لود « اموس امس "بودن "عبن هيد ال 


- رص 438) 
1 - (كمال الدين و تمام النعمة) الشيخ الصدوق» ج21 ص 17) 


251 


وإذا رفض الكاتب وأشباهه في الفكرء تصديق ذلكء فإما أن يرفض تلك الروايات الصحيحة» وهذا 
يؤدي الى رفض أحاديث النبي. ومن البديهي أنه لا يقول بذلك. وإما انه يشكك بتلك الروايات 
وبصحتهاء وهذا ما لا يمكن لأن تلك الروايات كثيرة ومتواترة» وقد اعترف بما كبار علم الحديث. 
ورفضها نوع من العناد. وإما أن يقول بأن الإمام العسكري حي لم يمت, وهو غائب حتى يلد الإمام 
المهدي. وهذا ما لا يقول به أحد لأنه يتناقض مع وفاة الإمام العسكري سنة 55١‏ وإما أن يقول بوفاة 
الإمام العسكري, وان الله سوف يحيه ويرزقه ولدا هو المهدي,» أو يعتقد بأن المهدي ابن الإمام 
العسكريء وانه قد ولد» ثم مات. وهذا يتناقض مع حديث "من مات و لم يعرف إمام زمانه ..." الذي 
يرويه السنة أيضا. ويخالف إجماع الشيعة والسنة. إذن فلا طريق سوى الاعتراف بحياة وغيبة الإمام 
رن 


ان هذا هو كل ما يقدمه الشيخ المنتظري في معرض إثبات وجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن 
العسكري" في منتصف القرن الثالث الحجري وبقائه حيا الى اليوم» والى أن يظهر في المستقبل. ولو أمعنا 
النظر في "الأدلة النقلية والعقلية" التي قدمها لوجدناها بجحرد افتراضات واستنتاحات تقوم على رؤى 
ومفاهيم وتأويلات مستنبطة من بعض الأحاديث الضعيفة» التي يدعي تواترهاء مثل حديث "الاثني 
عشر خليفة" أو " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" وذلك طبعا بعد تفسيرها بالإمام 
المعصوم» وإلا فاتما لا تنتج بالضرورة دليلا على ولادة ولد للإمام العسكريء ولا تقول بأنه سوف يغيب 
ويكون المهدي المنتظر. وقد حاول في البداية الاستشهاد بفكرة (المهدي الموعود) الواردة في الأديان 
السابقة» أو الواردة في بعض الأحاديث المنسوبة الى النبي الأكرم محمد (ص) والتي تتحدث عن المهدي 
بصورة عامة » ولا تحدد هويته بالضبط» ثم طبق تلك الأحاديث والمفاهيم العامة على الشخص المزعوم 
محل الجدال. 


وعندما يعجز الشيخ المنتظري عن إثبات وحود "ابن الحسن العسكري" عبر الطرق العلمية التاريخية» 
التي لا يتطرق اليها أبداء يحاول أن يعضد كلامه بالاستشهاد بأقوال بعض الصوفية والحشوية من أبناء 
أهل السنة» الذين وافقوا الشيعة الاثني عشرية في عقيدتمم حول المهدي, دون أن يبحث في أقوالهم؛ أو 
يحقق في معتمدهم, أو يلاحظ الفارق الزمني بينهم وبين زمن الإمام العسكري, لا سيما وانحم ينسبون 
ولداً لرحل ل يدعه في حياته ولا عند مماته» ويقال أنه أخفاه وكتمه حتى عن أقرب المقربين اليه من 
الهاشميين والعلويين وأهل البيت» كما يقول الشيخ المنتظري نفسه. فيقول: "يتحدث كثير من علماء 
السنة عن ولادة الإمام المهدي وكونه ولد الإمام العسكري, وانه حي وينتظر الإذن الإلمي بالظهور» كما 


144 - (المنتذا يح موعود الأديان» ص 5" ع( 


252 


يعتقد الشيعة. وتحدون أسماء كثير من أولئك العلماء في كتاب "منتحب الأثر" وكذلك "من هو المهدي" 
وعكنكم مراحعتها". ولا يكتفي المنتظري بذلك بل يقول:" ان التوراة تتحدث عن الأئمة الاثي عشر 
"اثنا عشر رئيسا من ولد إسماعيل" وهو ما لا ينطبق إلا على الأئمة الاثبي عشر".*4" 


وبغض النظر عن صحة هذا النص » ونسبته الى الله تعالى» أو انطباقه على الأئمة الاثنئي عشر 
المعروفين لدى الشيعة الاثني عشرية» وعدم شموله للنبي الأكرم محمد (ص) فان الشيخ المنتظري يفسره 
كما يشاء بدون دليل» ليفترض من خلاله ولادة الإمام الثاني عشره» في حين كان يجب عليه أن يثبت 
ولادة ووحود ابن الحسن العسكري قبل أن يضع امه في قائمة الاثنيى عشر. علما بأن هذه القائمة 
وحتى الفكرة الاثنبي عشرية لم تظهر عند الشيعة الامامية في القرنين الثاني والثالث» وانما تبلورت في القرن 
الرابع الحجريء ثم أذ أقطاب المذهب بتأليف الأحاديث حوطاء وبمحاولة الاستشهاد على صحتها 
بكل ما تيسر لديهم؛ ومقارنتها بكل ورد في التاريخ من رقم اثني عشر» حتى وان كان عدد أسباط 
اليهود الذين آمنوا بموسىء والذين لم يكونوا سوى اثنتي عشرة قبيلة. 


ومن الغريب ان الشيخ المنتظري المعروف بتحقيقه ومستواه العلمي العالي» وخاصة ف "دراساته عن 
ولاية الفقيه" يتناول هنا قضية وجود الإمام الثاني عشر»ء بسطحية وسرعة واختصار» وبصورة مخلة جدا لا 
يصح اتباعها لدى بحث مسألة جزئية فكيف لدى بحث أصل من أصول المذهب مثل موضوع وحود 
المهدي المنتظر. 


وعلى أي حال فان عملية إثبات وجود الإمام الثاني عشرء التي يقوم بما الشيخ المنتظري كبقية 
مشايخ الفرقة الاثني عشرية» لا تنتج وجود إنسان في الخارج فضلا عن أن يكون إماما أو مهدياء ولكنها 
تشكل فقط قناعة في أذهان الناس (الشيعة الامامية الاثني عشرية) وتؤدي الى عرقلة تفاعلهم مع الحياة» 
وذلك برفع المسئولية الشرعية عنهم في الثورة وإقامة الدولة» التي يعتقدون ان المسئول الوحيد عن إقامتها 
هو "الإمام المعصوم المعين من قبل الله محمد بن الحسن العسكري" أو (المهدي المنتظر الغائب) وقد 
عانى الشيخ المنتظري نفسه من هذه المعضلة حتى مع الإمام الخميني في بداية الستينات» عندما طرح 
عليه مسألة الخط الثالث» حسبما قال الشيخ في مذكراته, التي نقلناها في بداية هذا المقال » حيث قال 
له الإمام الخميني :" ان المذهب الشيعي يرى ضرورة كون الإمام معصوما ومنصوبا (من الله) وان 
المسؤولية تقع على عاتق الناس في زمان الغيبة» ويجحب علينا إعداد الظروف المناسبة لظهور الإمام 
الغائب." وعندما قال له المنتظري: هل يعني ذلك ان يعيش الناس في (عصر الغيبة) في هرج ومرج؟ قال 


58 ىٍِ (ص 1ه ") 


2253 





الإمام الخميني: " لقد أتم الله النعمة » وهذه مسؤولية الناس الذين يجب عليهم توفير الشروط المناسبة 
لظهور الإمام (صاحب الزمان) إذ ان الإمام حسب رأي الشيعة يحب ان يكون معصوما ومنصوبا فقط 


5” 


ولكن الشيخ المنتظري يتغافل عن هذه الأزمة الفكرية الملازمة للاعتقاد بوجود الإمام المعصوم الغائب» 
ويقول: "لا يعتقد أي عالم شيعي بتعطيل الأحكام في عصر الغيبة» وكل ما يوجد هو ان بعض علماء 
الشيعة يربطون تنفيذ بعض الأحكام مثل الحدود بالحكومة والقدرة على تنفيذهاء وما لم توحد القدرة فلا 
يحب تنفيذها". وذلك خوفا من اتخاذ هذا الأمر دليلا على عدم ولادة المهدي. ثم يتراحع فيقول:" لا 
انفي وحود الفهم الخاطئ للغيبة عند البعضء من الذين يربطون تنفيذ كثير من الأمور السياسية كالثورة 
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإمام المهدي"."؛ 7 


وإذا لم يكن الموقف السلبي من الثورة وإقامة الدولة في عصر الغيبة» بحد ذاته دليلا على عدم الولادة» 
فانه يشكل مظهرا من مظاهر الأزمة الناتحة عن القول بفرضية وهمية هي "وحود الإمام الثاني عشر محمد 
بن الحسن العسكري". وان أحد مظاهرها اليوم» حتى بعد إقامة الدولة» ادعاء حكام الجمهورية 
الإسلامية الإيرانية بكونهم نوابا عامين عن الإمام الغائب» واستمداد شرعيتهم الدستورية منه » ثم من 
لله وليس من الشعبء هما يدفعهم للتعالي عليه والاستهانة بإرادته» والحيمنة على ممثليه» وعرقلة المسيرة 
الديموقراطية برمتها. 


ولو أمعن الشيخ المنتظري قليلا بالخطوات الثورية التي أبحزتما نظرية ولاية الفقيه» بعد الانفكاك عن 
شروط الإمامة المثالية من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية» وعدم انتظار الإمام المعصوم المعين 
من قبل اللّه ليقود الثورة ويقيم الدولة» والاكتفاء بشرط الفقاهة والعدالة» لأدرك أن الثورة لا تكتمل» وان 
الشعب الإيراني لن يأحذ حقوقه الديموقراطية كاملة إلا بعد التحرر من الإيمان بأسطورة (الإمام الغائب) 
التي لا يوحد عليها أي دليل شرعيء ولا أي دليل تاريخي قاطع. 


“" -( مذكرات المنتظري » ص 78 ملف 80) 


"؟" - (المنتظريء موعود الأديان» ص؟77”) 


254 





4- مع الدكتور محمد التيجاني السماوي: 
ما هو مذهب أهل البيت؟ 
بسم الله الرحمن الرحيم 
حضرة الأستاذ الكريم الدكتور محمد التيجاني السماوي امحترم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم في خدمة الاسلام والمسلمين 
اما بعد فانه ما يسر المرء ان يهتدي انسان الى حط أهل البيت (ع) ويقتدي بسيرتهم. 


واعتقد ان بحربتك في البحث عن الحقيقة والتفتيش عن مذهب أهل البيت تحمل في طياتما علائم 
الشجاعة والايمان والإخلاص والصبر والتضحية » إذ ليس من اليسير ان يقول المرء كلمة الحق (او ما 
يعتقده الحق ) في وجه ابمجتمعات المتعصبة المقلدة التى اعتادت على ما ورثته من الآباء والأجداد. 


وان حبك للحقيقة وصفاتك الكريمة تلك تدفعني بكل صدق واخلاص لكي اعرض عليك ما 
توصلت اليه حلال بحثي المشابه عن الحقيقة وعن خط أهل البيت الصحيح من بين الركام الحائل الذي 
اختلط به طوال قرون » ومن بين التيارات العديدة التي اكتنفت خط أهل البيت في حياتهم وبعد وفاتهم. 


لقد كنت من أشد المتحمسين لنظرية الامامة الالهية (الاثني عشرية) وقد كتبتُ عدة كتب في هذا المجال 
وكرست حياتٍ للدفاع عنها والدعوة اليها » وكنت أؤمن بما إيمانا عميقا حتى استطعت ان احول عددا 
من الوهابيين في السودان سنة ١94/5‏ في حلسة واحدة الى شيعة. ولكن بعد تعمقي في دراسة التاريخ 
الشيعي ونظرية الامامة الالمية لأهل البيت بصورة شاملة لجميع أركان النظرية وتفاصيلها الدقيقة أدركت 
انما مرت في عدة مراحل من التطور » وقد انطلقت في البداية في أواسط القرن الثاني المجري على أيدي 
المتكلمين الشيعة في الكوفة كنظرية سياسية ورائثية ردا على النظريات الورائية الأموية والعباسية » وكانت 
تختلف عنها في انما تشترط الوراثة في البيت العلوي الحسيني . ونتيجة الصراع بين الخط الزيدي والخط 
الجعفري أضاف المتكلمون شرط الوراثة العمودية لكي يحرموا زيدا من حق الامامة والقيادة للشيعة وقالوا 
بضرورة انتقال الامامة في الأعقاب واعقاب الأعقاب الى يوم القيامة وعدم جواز انتقالحا الى أخ او ابن 


2255 


وقد أدى هذا التشدد في قانون وراثة الامامة الى عدة أزمات في تاريخ الشيعة الامامية » وكانت الأزمة 
الأول عند وفاة الامام عبد الله الأفطح الذي كاد الشيعة يجمعون على إمامته بعد وفاة أبيه الامام 
الصادق » ولكنه توفي بعد فترة وحيزة دون ان يعقب ولدا تستمر الامامة في عقبه » وهذا ما أدى الى 
تفرق الشيعة الامامية الذين قالوا بإمامته الى ثلاث فرق قالت إحداها: بانتقال الامامة الى أخيه موسى 
بن حعفر . جامعة بينه وبين أخيه ومؤولة للقانون الذي لا يؤمن بحواز احتماع الامامة في أخوين بعد 
الحسن والحسين » وشطبت فرقت ثانية اسم الأفطح من قائمة الأئمة » ورفضت الفرقة الثالثة الانتقال 


الى موسى بن جعفر زاعمة وجود ولد للأفطح حفية )» وقالت بإمامته ومهلويته. 
وكانت الأزمة الثانية بعد وفاة الامام الرضا وتركه لابنه الجواد صغيرا لم يبلغ سن التكليف الشرعي بعد. 


اما الأزمة الثالثة فقد كانت عند وفاة الامام الحسن العسكري دون ان يعقب ودون ان يوصي الى أحد 
بالإمامة او يذكر وجود أي ولد له. وهذا ما أوقع الشيعة الامامية في حيرة شديدة في شأن الامامة وأدى 
الى تفرقهم الى أربعة عشر فرقة » وقول فرقة منهم بوجود ولد مولود حفية وسرا وانه الامام من بعده وانه 
المهدي المنتظر. 


وقد دفعت الأزمة الشيعة الى تساؤل: اذا كان واحبا على الله ان ينصب الامام المعصوم ويحرم على الأمة 
اختيار الامام بالشورى » وكان الامام فعلا موجودا , فملاذا يغيب تلك الغيبة الطويلة ويترك شيعته 
والمسلمين حيارى بلا راع؟ ولماذا ينجح المهدي الفاطمي (الإسماعيلي) في تأسيس الدولة الفاطمية في 
شمال أفريقيا وينجح الزيدية في اليمن ولا يخرج المهدي ابن الحسن العسكري؟ 


ولذلك فقد تراحع معظم الذين آمنوا بوجود المهدي في البداية وانتقل بعضهم الى المذهب الإسماعيلي 
او الزيدي او تراجع عن نظرية الامامة الالحية بالمرة. 


وبالرغم من مرور عقود من الزمن على الايمان بوجود ابن الحسن فان الامامية (القطعية) لم يكونوا 
يعرفون النظرية (الاثني عشرية) حيث كانوا لا يزالون يؤمنون باستمرار الامامة في أعقابه الى يوم القيامة » 
ويمكن ملاحظة ذلك لدى الشيخ الصدوق الذي توفي في أواحر القرن الرابع المجري. 


وعندما طالت المدة ولم يظهر (المهدي) المفترض نشأت فرقة واقفية جديدة في صفوف الامامية وقالت 
بحصر الأئمة في (اثني عشر اماما) وان الدنيا ستنتهي مع نماية الثاني عشر. واستعارت حديثا ضعيفا من 
أحاديث الآحاد المغمورة عند العامة ثم الفت مجموعة من الأحاديث المزورة ونسبتها الى الرسول الأعظم 
او الأئمة السابقين من أهل البيت وادعت وجود قائمة مسبقة بأسماء الأئمة الاثي عشر منذ عهد رسول 


256 


الله. كما قال بعضهم بأن الأئمة ثلاثة عشر » وروى بذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 
(راحع الكافي وكتاب سليم بن قيس الهلالي) 


لقد كانت نظرية الامامة الالهية في البداية موازية لنظرية الشورى » وكلتاهما ممتدتان الى يوم القيامة وم 
تكن إحداهما تقبل التحديد والتقييد في عدد من الخلفاء او فترة من الزمن » ولكن غياب الامام الثاني 
عشر الذي لم يولد قط هو الذي دفع الامامية الى اختصار نظريتهم وتطويرها وإنحائها عند الرقم )١5(‏ 
وقام مجموعة من الرواة الضعاف والكذابين والوضاعين » حسب علم الرحال الشيعي » بوضع عشرات 
الروايات المزورة على لسان رسول الله تتحدث عن القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر واحدا 


واحدا. 


ولو راحع أي أحد التاريخ الشيعي وتاريخ أهل البيت (ع) وأحاديثهم الصحيحة وقام بتمحيص 
الروايات على ضوء علم الرحال الشيعي (الطشي والنجاشي وابن الغضائري والطوسي والحلي) لوجد ان 


ولو مر على قصة البداء في تعريف الأئمة السابقين لخلفائهم اللاحقين وما يلحق ذلك من تبدل وتغيير 
بعد موت بعضهم في حياة آبائهم لأدرك عدم صحة وحود هكذا قائمة مسبقة. ولو اطلع عل أدلة 
القائلين بوحود الامام الثاني عشر لأدرك تمافتها وعجزها عن إثبات وجود او ولادة (محمد بن الحسن 
العسكري) وهذا ما ينسف النظرية (الاثني عشرية) من الأساس » فضلا عن انه يلقي بظلال من الشك 
على نظرية الامامة الالحية ايضا » وذلك لانقطاعها عمليا وعدم استمرارها تاريخيا » وإفساح ذلك 
للمجال أمام نظرية الشورى التي كان يؤمن بما أل البيت ويؤيدها القرآن الكريم ويقول بما العقل السليم. 


وقد كانت حصيلة ذلك البحث التاريخي والعقائدي في نظرية الامامة الالحية هو (كتاب تطور الفكر 
السياسى الشيعى من الشورى الى ولاية الفقيه) الذي يتألف من الكتب التالية: 


١ط-‏ نظرية الامامة الالحية لأهل البيت عند الشيعة الامامية الاثني عشرية 


وقد استعرضت فيه جميع أدلة النظرية وناقشتها ورددت عليها على ضوء أحاديث أهل البيت الموحودة في 


تراث الاثني عشرية. 


؟- النظرية المهدوية عند الشيعة الامامية الاثني عشرية 


وقد استعرضت فيه ايضا جميع أدلة القائلين بوحود المهدي ( محمد بن الحسن العسكري) الفلسفية 
والتاريخية والروائية وغيرها » وناقشتها ورددتما » وأثبت انحا ليست سوى فرضية وهمية اجتهادية ابتدعها 
فريق من المتكلمين الذين وصلوا الى طريق مسدود بعد وفاة الامام العسكري دون ان يخلف ولدا ودون 
ان يوصي الى أحد بالإمامة. 


__- تطور الفكر السياسي الشيعي في عصر الغيبة 


وبالطبع فان النتيجة التي توصلت اليها هي معاكسة للنتيجة التي توصلت اليها أنت » وان كانت تلتقي 
حول أهل البيت » إذ اعتقد انا ان نظرية أهل البيت هي الشورى » وتعتقد أنت ان نظريتهم هي الامامة 
الالحية التي اعتقد انا اتما من صنع المتكلمين ولا علاقة لها بأهل البيت » وبما انك قطعت رحلة طويلة 
من البحث والتنقيب وفعلت انا كذلك فاعتقد اننا كفوئين لمناقشة الموضوع بجحدارة وتقييم أدلة الطرف 
الآخر » ومن هنا فأرجحو منك ان تلقي بنظرة على كتبي بعد ان ألقيت نظرة على كتبك » وتقول رأيك 
بصدق وصراحة وانا على استعداد ان أغير رأيي فيما اذا اقتنعت بخطأ رأبي السابق » وأرحو بذلك ان 
يوفقنا الله لخدمة دينه الحنيف وإظهار مذهب أهل البيت الحقيقي. 


أحوكم المحلص احمد الكاتب 


١555/5/5 لندن‎ 


٠‏ - مع الشيخ الدكتور فاضل المالكي في كتابه (الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة): 
عدم جواز سرية القيادة, والامام العسكري أعلن ميلاد ابنه! 
تعرفت على الشيخ فاضل لمالكي» في بداية السبعينات في كربلاء» ورأيت فيه الأخلاق الفاضلة 
والعلم والذكاء» وتوسمت أن يوفق الشيخ في الجمع بين العلوم الدينية التي كان قد بدأ في دراستهاء وبين 
العلوم الحديثة التي كان يواصلهاء وقد مح الشيخ في الحصول على درحة الدكتوراه والاجتهاد فأصبح 


الشيخ الدكتور المالكي. ومن هنا فان مشاركته في الندوات التي أقامها مركز الابحاث العقائدية التابع 


258 


لمكتب السيد السيستاني» في قم ايران» كان يفترض أن تكون مشاركة متميزة» وكان يمكن - وربما لا 
يزال- أن يوفق لتقديم المزيد في ا حال الاسلامي. ومع ان اختصاصه الرئيسي الخطابة المنبرية» وهذه 
تقتضي بجحاراة العامة في الحديث» وعدم التعمق في الأبحاث الأكاديمية أو العلمية الاختصاصية مثل 
الأصول والدراية والرحال» الا ان تصديه لإلقاء بحث في ندوة علمية في الحوزة الدينية» كان يفترض أن 
يبحمل طابعا خاصا أكاديميا يرتفع فوق مستوى العامة والخطابة المنبرية. ويبدو أن الشيخ المالكي حاول 
ذلك قليلاء ولكن الأجواء الإرهابية المخيمة على ال حوزة» والمهمة التبليغية التي انبرى لمماء وطبيعة الموضوع 
اللبحوث؛ كانت عوامل مشتركة أبعدته عن تناول موضوع (الغيبة) بصورة علمية» ولذلك جاءت 
محاضرته عن (الغيبة) بعيدة عن أعمال الدكاترة والمجتهدين. حيث ادلم يتوقف ليدرس أو يناقش أية رواية 
من ناحية السندء أو يلاحظ التناقضات الصارخة التي تزخر بما الروايات التي تتحدث عن (ولادة الامام 
الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري وغيبته). ورغم أنه حاول الجمع بين الروايات المتناقضة» بصورة 
تعسفية الا انه كان ذكيا في طرح أسئلة مهمة في الموضوع. 

ابتدأ الشيخ الدكتور المالكي» حديثه عن الغيبة» برواية عن كتاب الغيبة للطوسي » عن الامام جعفر 
بن محمد الصادق (عليه السلام) يقول فيها: "للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والاخرى طويلة: فالأولل 
يرحع فيها إلى أهله يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته, والأحرى يظهر فيها ولا يُدرى أين هو؟ يشهد 
الموسم يرى الناس ولا يرونه ولا يعلم بمكانه إلا مواليه في دينه ويقال فيها: هلك في أي واد سلك".*74 

ودون أن يناقش في سند هذه الرواية» وفيما اذا كانت صحيحة وصادرة فعلا عن الامام الصادق» أو 
مختلقة من قبل الشيعة الواقفية» الذين كانوا يقولون بغيبة الامام موسى الكاظمء ويعنون بالغيبة الأولى 
دخوله في السجنء وبالثانية :هربه من السجنء وعدم موته» واستمرار حياته الى وقت الظهور. فان 
الشيخ المالكي سارع لتطبيق هذه الرواية على (ابن العسكري) بالرغم من أتما لا تشير الى اسم معينء 
وذلك تبعا لمؤسسي المذهب الاثني عشري (مشايخ الطائفة: الكليني والصدوق والمفيد والطوسي) الذين 
استفادوا من الرواية (الواقفية) السابقة لتأييد دعواهم في وجود الامام الثاني عشر وغيبته. وبالرغم من 
عدم ثبوت (الغيبتين) لا للامام الكاظم ولا لولد العسكري, المشكوك في وحوده أساساء فان الشيخ 
الدكتور المالكي أغفل كل هذه الملاحظات» ودخل مباشرة في الحديثء» فاعتبر حديث الامام الصادق 
حول (الغيبتين): "نوعا من الإخبار الغيبي قبل مولد صاحب الأمرء وانه جزء من مخطط متكامل في 
الشريعة الاسلامية» بدأ بالنبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ف قضيّة التبشير والانباء والاخبار عن 
أصل قضية ظهور صاحب الامر (عليه السلام) وغيبته » وان العمليّة عمليّة إعداد للامّة لكي تستقبل 


- ص م 


2259 


هذا الامام الثاني عشر » صلوات الله وسلامه عليه بما يحف إمامته من خصوصيات» ومن أهم وأبرز 
هذه الخصوصيات قضية غيبته (عليه السلام)". 43" 

ويبدو ان الشيخ الدكتور المالكي. كان يحاضر اعتمادا على حافظته» ولذلك اختلطت عليه الأمور 
جداء بحيث اعتبر (أبو الأديان البصري) أحد نواب الامام المهدي الشخصيين ف فترة الغيبة الصغرى» 
وهذا ما لم يقله أحد لا من قبل ولا من بعد وإنما ورد في كتاب (إكمال الدين) للصدوقء» أن أبا 
الأديان البصري كان وكيلا للامام العسكريء الذي أرسله في مهمة خاصة قبيل وفاته » الى المدائن» 
وأعطاه مواصفات الامام القادم» وأخبره بتصادف عودته الى سامراء مع وفاته (أي العسكري) في نفس 
اليوم» بعد أسبوعين. 

وهذا الرجل (أبو الأديان البصري) رحل مختلق موهوم وبجهول (لا يعرف اسمه ولا اسم ابيه ولا 
عشيرته) الم يعرفه أحد ولم يشر الى وحوده أي مؤرخ . ول يذكره غير الصدوق, الذي قال انه أحد خدم 
الامام العسكري وحامل كتبه » ورسوله الى الأمصار وجامع أمواله. وتتضمن روايته دعوى بعلم الامام 
العسكري غيبيا بموعد وفاته بعد اسبوعين» وبما سوف يحدث عند تشييع جنازته» رغم أن الله تعالى 
يقول:" وما تدري نفس ماذا تكسب غداء وما تدري نفس بأي أرض تموت". لقمان 5" وهو ما 
يضعف الرواية جدا جدا. 

ولكن ماذا يفعل آية الله الدكتور المالكي» وهو مضطر للدفاع عن فكرة الغيبة ووجود الامام الثاني 
عشر؟ وهل يملك غير تلك الروايات الأسطورية للإعتماد عليها وعرضها على الجمهور؟ 

وبدلا من البحث في حقيقة هذه الروايات وفضحهاء وقد كتبت عنها مفصلا في الجزء الثاني من 
كتابي تطور الفكر السياسي الشيعي (الإمام محمد بن الحسن العسكري.. حقيقة تاريخية؟ أم فرضية 
فلسفية؟)» فان المالكي يقفز عن هذه الأمور» ويلهي نفسه والمستمعين والقراء يبحث تفاصيل أخرى غير 
مهمة. مثل: ما معنى الغيبة؟ ومن أهل الامام الغائب الذين يعود اليهم ؟ وهل يعلم مواليه بمكانه؟ وهل 
يمكن أن يراه أحد في ظل الغيبة؟ 

ويؤكد:" في الحملة» هنالك لقاءات» ولكن هذه اللقاءات إِنا هي حجة على أصحاباء لأنه في زمن 
الغيبة الكبرى نعلم أنّ الامام سلام الله عليه لم يعيّن سفيراً خاصًّء فلا يسعنا كلما جاءنا شخص وقال: 
أنا سفير الامام» أنا رأيت الامام» أن نرئّب الاثر» نعم لا يسعنا أن نكذّبه» خاصّة إذا كان مؤمناً ظاهر 
الابمان والعدالة» لا نواحهه بالكذب», ولكن في نفس الوقت لا يترتب أثر شرعي على دعواه أنه رأى 
الامام سلام الله عليه". ويعترف:" أحياناً ربما تقوم قرائن على كذب بعض المدّعين» وما أكثر المدّعين 


لك 
1 


260 


للرؤية» سواء في الغيبة الصغرى أو في الغيبة الكبرى» كما أن هنالك من ادّعى المهدويّة» وهنالك من 
ادُعى السفارة» وهنالك من ادّعى الرؤية".*5 

وخلال تقدم الشيخ المالكي لمداخلته» ينتبه بأن بحث تفاصيل الغيبة» متأخحر عن بحث إثبات وجود 
الغائب وولادته» فيقول:"هنالك أبحاث سابقة على هذا البحث: من قبيل مسألة ولادته(عليه السلام)» 
والمفروض أن الحديث عن غيبته بعد أن تحرز ولادته» وأن يحرز وجوده, وأنّه غائب وليس بميّت » والنقطة 
الثالثة هو إحراز أن له سفراء في هذه الغيبة. وهنالك أسئلة أحرى ترتبط في موضوع أصل الغيبة وفي 
أصل إمامته أنه كيف يتونّ الامامة في سن مبكر". ولكنه يقفز عليها ويفترضها من اتناك 
ويقول:"كل هذه الابحاث كما لا يخفى تفترض في حديثنا الآن» بعنوان أصول موضوعيّة مسلّمة؛ لا 
تكلم عنها ونفترضها أمور مسلّمة» فمحط ركابنا في واقع الأمر هو عبارة عن نفس الغيبة الصغرى في 
مفهومهاء وكذلك في سفراء الامام سلام الله عليه في هذه الغيبة» وطريقة تماس الامام سلام الله عليه 
بقواعده الشعبية". 59١‏ 

وتلمع في ذهن الدكتور المالكي» وهو يقدم مداخلته» نقطة مهمة أحرى» هي عدم جواز السرية في 
القيادة الاسلامية» وهذه نقطة طللما أثارها المالكي ضد بعض الأحزاب الاسلامية العراقية التي كانت 
تخفي قيادته في ظروف من الكتمان في أيام النضال ضد الدكتاتورية (الصدامية) وكان المرحع الديني 
الراحل السيد محسن الحكيم قد أفتى بعدم جواز اتباع القيادات السرية المجهولة» في الستينات من القرن 
الععشرين. وهكذا يقول الشيخ الدكتور فاضل المالكي: "السريّة رما تكون في العمل» أما السرية في القيادة 
لا وحود لما في الاسلام, ولهذا نحد أن الائمة صلوات الله عليهم يصرّون في مختلف مراحلهم ورغم 
ظروف التقية التي كانوا بمرّون بماء على قضية أن ينص السابق على اللاحق. نعم ربما كان هذا النص في 
ضمن إطار تقية في ضمن الخواصء أما أن تكون سريّة بتمام المعنى فهذا في واقع الامر ليس من شؤون 
الامامة» أو الحجة بوجه عام نبوةً أو إمامةّ» فاصرار الائمة سلام الله عليهم على قضية أن يشخص 
السابق منهم اللاحق ولو في أحلك الفترات وأدقٌ الظروف, هذا الواقع متفرع على قضية علنية القيادة 
قدر الامكان» لما في سرية القيادة من مشكلات مبسوطة في محلّها له بحث علمي آخر في باب النظام 
السياسي الاسلامي". 

وهنا وجد المالكي نفسه في مواجهة روايات كثيرة تدعي سرية الولادة والوحود للامام الثاني عشرء 
فقال :" إن الظروف الخانقة الارهابية التي كان يمر بما الامام العسكري, دفعته لكتمان أمر الامام 
المهدي من حمله إلى ولادته إلى نشأته » فقد تم كتم حمله بقضية كرامة كما كتم حمل أم موسى بموسى 


"ه٠‎ 


تضرع 1 


1 


د دنا 


261 


(عليه السلام) بالقصّة المعروفة» وهكذا ولادته أيضاً ما كانت بشكل علنيء إِنما كانت بتمام الواقع 
والحيطة والحذر". وأضاف:"انّ الامام سلام الله عليه في الغيبة الصغرى كان ينهى عن التسمية". ولكنه 
استدرك قائلاً: ان ذلك في بجحالات التقية فقط» لا في مطلق البحالات» يعني لا دليل عندنا أن الامام 
(عليه السلام) نمى عن مطلق التسمية» ونا نمى عن التسمية لغرض الحفاظ عليه بدليل أنه إذا وقع 
الاسم مثلا دلّ على المكان» هذا قرينة» يعني هو أشبه بالواقع» بيان العلّة للنهي» فإذا لم يلزم من ذكر 
الاسم الدلالة على المكان فلا إشكالء باعتبار أن القضية في أوجها والسلطة العباسية كانت تبحث عن 
الامام سلام الله عليه وتحاول رصده والقضاء عليه» وجرت محاولات عديدة لاغتياله (عليه السلام) 
وفشلتء فلهذا الامام كإجراء في تلك الحالة وثٍ تلك الظروف كان ينهى عن التسمية فيما يرتبط 
بالحفاظ عليه وعدم الدلالة على مكانه؛ أما إذا لم يلزم منه هذا امحذور فلا بأس بالتسمية» فقد سمّاه 
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونص عليه الأئمة السابقون"."”7 

وبما أن الشيخ الدكتور المالكي كان بميل مسبقا الى رفض الرواية السرية» فقد مال الى الرواية العلنية؛ 
وقال"رغم هذا الكتمان فان الامام العسكري سلام الله عليه كان حريصاً على قضية إثبات ولادته 
ووجوده..لأننا لما تتكلم عن موضوع الغيبة لابد أن نعرف أن هذا الغائب مولود موحود. (ولذلك فإن) 
أوّل إحراء اتخذه الامام العسكري سلام الله عليه فيما تفيد الروايات: أنّه أكثر من العقائق عن الامام 
المهدي (عليه السلام)» وهذه من خواصه أنه لم يُعقَّ عن مولود على الاطلاق كما عقّ عن الامام 
صاحب الامر (عليه السلام)» حٌّ ورد في رواياتنا: أنه عُْقٌ عنه ثلاثمائة عقيقة. بل ان الامام العسكري 
(عليه السلام) أمر عثمان بن سعيد أن يشتري كذا الف رطل . الرطل قرابة ثلث كيلو غرام . من اللحم 
وممًا شاكل ويورّعه على الفقراء» والشيء الملفت للنظر أنّ الامام نوّعَ وعدّد الاماكن؛ مثلاً كتب إلى 
خواصّه في قم أن يعقّوا وأن يقولوا للناس أن هذه العقيقة بمناسبة ولادة المولود الجديد للامام العسكري 
(عليه السلام) وأنّه محمد. وهكذا مثلا كتب إلى خواصه في بغداد وفي سامراء. هذه عناية من الامام 
سلام الله عليه» كثرة العقائق وإخبار الناس بمناسبة هذه العقائق ومن ذبحت عنه هذه العقيقة مثلاً» هذا 
كلّه إحراء أوّل أراد منه الامام سلام الله عليه عملية إعلامية بأنَّ هذا الامام الثاني عشر المنتظر صلوات 
الله وسلامه عليه قد ولد وقد تشرفت البشرية والعالم باشراق نور وجهه المقدس". 

وهذه الرواية بالطبع تناقض الرواية السرية تماماء بل تنسفها نسفاء ولا يمكن الجمع بينهما أبداء 
خحصوصا اذا أضفنا الى ذلك ما ذكره الشيخ المالكي من " أن الامام العسكري (عليه السلام) كان 
يحضر بجاميع من خواصّه وشيعته ويعرفهم على ولده الامام المهدي سلام الله عليه". 
3 


1١ دص‎ 


2062 


يعتمد الشيخ المالكي في رأيه هذا » على مجموعة روايات نقلها الشيخ الصدوق في (إكمال الدين) 
والطوسي في (الغيبة) ويقول:"إذن فان غيبة الامام سلام الله عليه في واقع الامرء كانت غيبة بعد ثبوت 
مولد» وثبوت وجود". '”" 

ولكن الدكتور المالكي» لا يستطيع أن يغفل تماما الرواية الأخرى السرية» فيقول:"ان الغيبة الصغرى 
بدأت بمولده (عليه السلامم)» حيث كان مولده مبنيّاً على الكتمان» فكان الامام سلام الله عليه غائباً 
منذ ذلك الحين وإلى أن يظهر للعيان بشكل علني عام". ثم يعود الى روايته الأولى فيقول:"إِنّ الامام 
سلام الله عليه لم يكن غائباً بالمعنى المتعارف منذ ولادته» نعم كان محفوظاً إل عن الخاصّة وكان هناك 
تكتم على اللقاء به على الاجمال بالنحو الذي بيّناه سابقاً» كانت هناك محدوديّة في قضية رؤيته» أما 
غيبة بتمام المعنى وبالمعنى الذي نفهمه بحسب الظاهر من مولده لم تشرعء وان الامام سلام الله عليه كان 
يأت إليه بجاميع من أصحابه فيطلعهم عليه» فالغيبة إذن لم تبدأ من حين مولده ".4*" ويحاول الشيخ 
المالكي أن يقدم نظرية جديدة ثالثة متوسطة في بدء الغيبة» فيقول:" ان غيبته بدأت بعد مولده بفترة» 
وأعلن عن غيبته نفس والده الامام العسكري (عليه السلام)".*”" 

ولكن هذه النظرية في الحقيقة تتناقض مع الروايات التي استند اليها المالكي في إثبات ولادة ابن الحسن 
العسكريء والتي كانت تتحدث عن غيبته مباشرة في أول يوم من ولادته» وعودته صبيا بالغا أو رجلا 
كبيراء كرواية حكيمة وغيرها من الروايات» والتي كانت إحداها تتضمن نمو الوليد السريع في الشهر بمثل 
ما ينمو غيره في السنة. 5*1 

ان الرواية العلنية» هي إحدى الروايتين المتناقضتين حول الموضوع. والتي انتتشرت في محاولة لإثبات 
وحود الولد للامام العسكري» في بعض الأوساط البعيدة عن سامراء» وتحدثت أيضا عن صلاة (الامام 
المهدي) على حثمان أبيه أمام الحشود» وجلوسه في داره واستقباله للوفود وأخذه للأخماس والرّكوات» وما 
الى ذلك. وهي ليست سوى اشاعة متأخرة تخالف الثابت المجمع عليه بين مؤرحي الشيعة مثل النويختي 
وسعد بن الله الأشعري القمي والمفيد والطوسي والمرتضى والنعماني والطبري» من عدم إعلان الامام 
العسكري عن وجود ولد له» ووصيته بأمواله الى أمهء وتفسير المؤرخين الشيعة لهذا الموقف بالخوف 
الشديد من السلطة العباسية. فكيف يمكن أن بمجمع بين دعوى الخوف والتكتم الشديد» الى درحة 
إنكار الولد» وبين الإعلان وإقامة الحفلات (العقيقة) هنا وهناك ابتهاحا بمولده؟ وكيف بجمع بين سرية 


5 


دص /” 
ل دض 5١‏ 
5*5 اص 2# 


كه 


"دص" 


263 





الولادة وإعجازهاء بحيث لم تعلم بالحمل حتى أم المهدي المفترضة؛ حتى ساعة الولادة» كما تقول رواية 
حكيمة» وبين ظهور الامام وصلاته على أبيه أمام الشرطة والوزراء والنواب في عقر دار الخلافة؟ 

ولو كان الدكتور الشيخ فاضل المالكي» يبذل جزءا صغيرا من عقله العلمي الأكاديمي لينظر في هذه 
الروايات المتناقضة » وأسنادها المجهولة والمرسلة والمقطوعة, لأدرك أنه يسبح في عالم من الخيال 
والأساطير» ولوفر على نفسه عناء الجمع بين هذه الإشاعات. 

ولو عاد الشيخ الدكتور المالكي الى القوانين الشرعية» لوحدها ترفض بشدة نسبة ولد الى إنسان» من 
دون معرفته» هذا اذا كان الولد حيا ظاهرا ملموساء فكيف بنسبة شبح موهوم؟ 

وكما قال المالكي, ان القائد الاسلامي يجب ان يكون ظاهرا علنيا معروفاء ولا يجوز أن يكون سرا 
بجهولاء فهل يستطيع أن يدلنا على ذلك الامام المدعى؟ 

ولو درس الشيخ المالكي تاريخ الشيعة السابق خلال القرن الثاني المجري» لوحد قصة مشابحة. هي 
قصة ادعاء ولد مستور للامام عبد الله الأفطح» من قبل بعض الشيعة» والتي رفضت من عامتهم لأتما 
قصة باطنية مخالفة للظاهر من وفاة الأفطح دون حلف. 

ولو ألقى الدكتور المالكي نظرة عامة على قصة ادعاء فريق من أصحاب الامام العسكري لوحود ولد 
له ف السرء وعدم امتلاكهم لأي دليل سوى الافتراض الفلسفي» وبعض الاشاعات عن رؤيته واللقاء 
به وعدم ظهوره منذ ذلك الحين والى اليوم» في حين أن الامام المعين من قبل الله لا يحوز عليه الاختبا 
كما يقول الامام علي بن موسى الرضا الذي واحه الواقفية الذين ادعوا غيبة والده الامام الكاظم. 
لأدرك أنه أمام قصة أسطورية محبكة لا أساس لما من الصحة. ولعرف ان "السفراء الأربعة" ليسوا سوى 
جزءا من أدعياء النيابة الكذابين الدجالين الذين انتشروا في تلك الأيام» وأخذوا يستغلون البسطاء من 
الشيعة ويأحذون أموالهم باسم الامام المهدي. 

ولكي يصل الى هذه النتيجة» على الشيخ المالكي أن يضع جانباء ولو بصورة مؤقتة» الصورة المقدسة 
لأدعياء النيابة ومشايخ الطائفة الذين روحوا لتلك الأسطورة» ويفترض كذبمهم, لأنه لن يستطيع أن يحقق 
في صدقهم ويتأكد من كلامهم وهو يقدسهم ويثق بكلامهم مائة بالمائة. 

ويبدو ان الشيخ المالكي قد خطا خطوة على هذا الطريق , عندما قال:"إن مسألة السفراء من 
المسائل المهمّة في واقع الامر» يعني كيف نعرف أن هذا الشخص سفير عن الامام سلام الله عليه» لا 
سيما وأنّنا نعلم أن هنالك من ادعى السفارة كذباً وزورأ» وهذا باب واسع فتحه جملة من العلماء» وقد 
عقد مثلاً الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه أو الشيخ الصدوق أو العلامة المجلسي أعلى الله مقامهم , 
فصولاً في أسماء الذين ادعوا السفارة كذباً وزوراً» والحال يقتضي أنّ الوضع والكذب وارد» باعتبار أن 


مقام السفارة عن الامام مقام مقدس وعظيم أعظم من مقام المرحعية في زمانناء فلا يبعد أن يتنافس 


2064 


عليه الكثير وأن يذّعيه الكثير» فلابد من مثبتات في قضية السفارة حتى نستطيع أن نعرف الصادق 
من الكاذب". 57" 
" وكان من السفراء الذين ادعوا السفارة كذباً وزوراً: 

١‏ الحلالي أحمد بن هلال العبرتائي» (منطقة من بغداد والكوت). 

؟ . البلالي محمد بن علي بن بلال. 

" . النميري محمد بن نصير النميري. 

5 . الحسين بن منصور الحلاج الصوفي المعروف, الذي قتله الملك العباسي. 

ه.أبو محمد الحسن السريعي أو الشريعي. 

5 . محمد بن علي بن أب العزاقر الشلمغاني المعروف» الذي كان من أعلام الشيعة 
وألّف كتباً في التشيع؛ ولكنه لمنافسة جرت بينه وبين الحسين بن روح النويختي أعلى الله 
مقامه الشريف النائب الثالث للامام المهدي سلام الله عليه»؛ خرج عن طوره وأحذ يدّعي 
دعاوى غير صحيحة؛ وحكم الامام سلام الله عليه في توقيع من توقيعاته المقدسة بضلاله 
وانحرافه» وأعلن عن ذلك أيضاً سفيره الحسين بن روح النويختي. 

ويروي بعض العلماء رواية تقول: سأل رحل الحسين بن روح أعلى الله مقامه الشريف فال له: 
ما تقول في كتب محمد بن علي الشلمغاني؟ 

ومحمد بن علي الشلمغانيٍ دل يكن رحلاً من السوقة أو رجلاً من العاديين» نما كان عللماً من 
علماء الطائفة» ووجهاً من وجوه المذهبء وكان قد صدرت عنه تصريحات ضالّة وانحرافات» 
فوقف منه الامام سلام الله عليه ونوابه موقفاً صارماًء وكان كثير التأليف». بحيث كانت كتبه تملا 
المكتبات الاسلامية» فكانت مشكلة للشيعة في ذلك الزمن» رجحل يملك هكذا قدسية وهكذا 
علمية وهكذا فضيلة ينحرف بهذا الشكل» يصعب على كثير من الاذهان أن يتقبل هذه الفكرة» 
فلهذا سألوا الحسين بن روح النويختي عن هذا الموضوع أنّه يسأل الامام سلام الله عليه. فخرج 
التوقيع بتحريم قراءة كتبه وأنما كتب ضلال» حينئذ سألوه: ما نصنع وبيوتنا مليئة من كتبه؟ 

يعني ما من بيت إلآّ وفيه كتاب من كتب ابن أبي عزاقر. 

قال: أقول لكم كما قال الامام العسكري سلام الله عليه في بني فضال. 

وبنو فضال بيت من البيوت العلميّة الشيعيّة» ولكن هؤلاء ابتلوا بأتمم صاروا واقفية من الشيعة 
المنحرفين. "حذوا بما رووا وذروا ما رأوا". رواياتنا الموحودة في كتبهم خذوهاء لا سيما وأنما كانت 
يام استقامتهمء وأما آراؤهم فلا تأحذوا بماء خذوا بما رووا وذروا ما رأواء فكان في الواقع أزمة 


/اه 


حصن 


265 


واجحهتها الطائفة» أزمة من ادعى السفارة كذباًء ومنهم محمد بن علي بن أبي عزاقر الشلمغاني". 
52 

إذن»ء فما هي المثبتات التي تؤكد وجود الامام وراء هؤلاء النواب» أو أدعياء النيابة؟ وما هو 
المانع من كذيمم جميعا؟ وما الذي يؤكد صدق النواب الأربعة؟ ليس في ادعاء النيابة فقط» وانما في 
وحود الامام الغائب الثاني عشر؟ 

يجيب الشيخ الدكتور فاضل المالكي:" كان ثبوت نيابتهم (النواب الأربعة) بشهادة الثقات» 
وهم بالمئات في مجاميع كثيرة فيما تروي الروايات» أن هنالك اتفاقاً من الرواة والعلماء على شهادة 
الامام العسكري (عليه السلام) بوثاقة عثمان بن سعيد العمري رحمه الله وأنّ الامام المهدي 
سلام الله عليه أقرّه في منصبه وفي زمن غيبته الصغرى؛ وكان يقول:"اسمعوا له واطيعوا" وهذا المعنى 
في واقع الامر أذ يتداول باعتبار النصّ عليه "امعوا له واطيعوا". ثم لا يخفى أن مما يطاع فيه 
نصه على من بعده» فقد نص على ولده محمد بن عثمان من بعده".**" 

ولست أدري من أين جاء الشيخ المالكي بهذه الرواية؟ وكيف عرف ان الامام المهدي قد عين 
العمري سفيرا له؟ في حين ل يشاهده أحدء ولم ينقل عنه بالطبع قوله» الا ان يكون العمري نفسه 
قد قد نقل النص على نفسه.» بعد أن ادعى رؤية الامام» كما في قصة الحميري وأحمد بن اسحاق 
اللذين سألاه: هل رأيت الامام؟ فبكى وقال نعم ورقبته مثل هذا. 

وكان يفترض الشيخ المالكي أن يتوقف هنا قليلا ليتأكد من دعوى العمري الذي نقل النيابة 
بعد وفاته الى ابنه محمد بن عثمان العمري» والذي نقلها بدوره الى النويختي ثم السيمري. وهذا أول 
الكلام» فكيف نصدق العمري في دعواه انه سفير الامام» ونحن لم نتأكد من وجود الامام؟ ولم 
نعرف له أثرا؟ وهل نبني ديننا على حبر آحاد مشبوه كهذا؟ 

ان الشيخ المالكي يعود فيؤّكد:"الطريق الاول لاثبات نيابتهم اتفاق ثقات الرواة والعلماء على 
نص الامام المعصوم (عليه السلام) على أولهمء ثم شهادتمم على نص السابق على اللاحق 
باعتبار أن مما تحب طاعة النائب واحب الطاعة فيه هو تعيينه لمن يأت من بعده". وهو يعرف ان 
منح الثقة المتبادلة بين أعضاء أية جماعة» هي ثقة مشكوك بماء ولا يجوز الاعتماد عليهاء وانما 
يجب النظر اليها من الخارج وبصورة محايدة» ثم انما ثقة منقولة عبر مئات السنين» ومن قال اتما 
كانت موجودة في تلك الأيام؟ ولم يكن أحد من الشيعة يشكك بمم؟ هذا وقد احتلف شيعة 
الامام العسكري الى أربعة عشر فرقة» وكما تقول الروايات التي ينقلها الكليني والنعماني والصدوق 


1 


دص 7: - مع 


لحي 


د ص ١ه‏ 


266 


: " ان الشيعة في ذلك العصر كان يتهم بعضهم بعضا بالكذب والكفر» ويتفل بعضهم في وجوه 
بعض» ويلعن بعضهم بعضاء وانتحم انكفأوا كما تكفأ السفينة في أمواج البحر» وتكسروا كتكسر 
الزحاج أو الفخار".'' وقد اشتهر عند الشيعة تلك الأيام حديث عن أهل البيت يقول:"خدامنا 


وقواهنا شراز كيلق النو "51 


لقد اعتمد الشيخ الطوسي في توثيق عثمان بن سعيد العمري على عدة روايات » وكان بعضها » كرواية 
احمد بن اسحاق القمي » ينص على توثيقه من قبل الامام الحادي والامام العسكري في المحيا والممات » 
وانه الوكيل والثقة المأمون على مال الله » وليس فيها ما ينص على نيابة العمري عن الامام (المهدي) 
ولكن بعض الروايات كان ينص بصراحة على اعلان الامام العسكري خلافة العمري للامام المهدي » 
الا ان سند هذه الرواية ضعيف حدا وذلك لاشتماله على (حعفر بن محمد بن مالك الفزاري) الذي 
يقول عنه النجاشي وابن الغضائري : : انه كذاب متروك الحديث وكان في مذهبه ارتفاع (غلو) ويروي 
عن الضعفاء وا بجحاهيل وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه » وقد روى في مولد القائم اعاحيب » وكان يضع 
الحديث وضعا »ء وانه كان فاسد المذهب والرواية . 


أما الرواية السابقة التي تتحدث عن وثاقة العمري وأمانته ووكالته فاتحا مجهولة » ويوحد في سندها الغاللي 
(الخصيبي) وهي تنطوي على دعوى علم الامام العسكري بالغيب ومعرفته بوفد اليمن قبل ان يراهم (9) 
وهذه الدعوى من مفاهيم الغلاة » وان الرواية الأولى تقول: ان العسكري أحبر باستقامة العمري في 
المستقبل بعد وفاته » وهذا ما لا يعلمه الا الله » وهو من علم الغيب ايضا. 


ومن هنا » وبعد سقوط هذه الروايات لضعفها متنا وسندا » فانا نكاد نحصل على نتيجة واحدة » هي: 
ان العمري الذي كان وكيلا للامامين الحادي والعسكري في قبض الاموال » قد استصحب الوكالة وادعى 
وحود (ولد) للامام العسكري , ليدعي الوكالة له » دون ان يقدم دليلا واضحا وأكيدا على ما يقول . 
ولذلك لا يؤكد المؤرحون بصراحة على توكيل (المهدي) له » وهذا الطبرسي الذي كان حريصا على 
تدوين كل ما وصل اليه لا يقول في كتابه (الاحتجاج) أكثر من : ( ان العمري قام بأمر صاحب الزمان 
؛ وكانت توقيعاته وجوابات المسائل تخرج على يديه) . ٠١‏ 


5 


- الكليني» الكافي» ج١‏ ص 55" و5848 و8“5.8 والنعماني» الغيبةه ص 85 و5١٠5‏ و08٠2‏ 
والصدوق» أخبار الرضاء ص 2١5/8‏ واكمال الدين» ص /50 

"٠‏ - أكده الشيخ الطوسي في الغيبة» ص 544 ”2 ولكنه قال:" انه ليس على عمومه؛ وانما قالواء لأن فيهم من غير 
وبدل وحان" 


2067 





ولم يذكر المؤرحون الشيعة اية (معجزة ) له تثبت دعواه في النيابة » بالرغم من قول السيد عبد الله شبر 
في :(حق اليقين):" ان الشيعة ل تقبل قول النواب الا بعد ظهور آية معجزة تظهر على يد كل واحد 
منهم من قبل صاحب الأمر » تدل على صدق مقالتهم وصحة نيابتهم" . ١١‏ 


فكيف يقرأ المالكي التاريخ من جانب واحد ويهمل وجهات النظر الأخرى؟ 
ألم يعرف أن الشيعة أو بعضهم كان يشك بصدق دعوى "السفراء الأربعة" 


وقد ندم بعض الشيعة على اعطاء الاموال الى العمري كما شكوا بوحود المهدي والتواقيع التي كان 
يخرحها العمري وينسبها اليه » وكان منهم قسم من أهل البيت » وهذا ما دفع العمري الى ان يصدر 
كتابا على لسان المهدي يندد بالشاكين والمنكرين لوحود المهدي . كما شك قسم آخر بصحة وكالة 
النويختي وتساءل عن مصرف الاموال التي كان يقبضها باسم الامام المهدي . وقال : ان هذه الاموال 
تخرج في غير حقوقها . 


وقد نقل المالكي نفسه بعضا من تلك القصص حيث يقول:" روى الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه 
في إكمال الدين أنه : جاءت أمرأة .. فدحلت على أبي القاسم بن روح النويختي» وكانت معها حقيبة 
أو محفظة فيها جملة من ا مجوهرات » فسألته : أحبرني بما تحت عباءق؟ قال لما: القيه في دجلة ثم اقبلي 
إلينا لوحهكء يقول أبو علي البغدادى: والله أيّ شاهد هذه القضية ما زدت فيها ولا نقصت حرفا 
فذهبت وألقتها في دحلة ثم رجعت بسرعة إلى الحسين بن روح, وإذا بما تحد محفظتها بين يدي الحسين 
بن روح وبعدها على قفلها ل تفتح» قال: أو أخبرك بما فيها؟ قالت: وما؟ قال: فيها كذا بجوهرات» كذا 
خلقات ذه كذ سوانه كذا سصوطيات: :إل" الخروه: يقول : تخوالله. لفك :دعقت أن والمراة "وعتجبنا 
وسألناه مم علمت ذلك؟ قال: دلَني على ذلك سيدي صاحب الامر صلوات الله عليه". 
ويضيف: "هناك كرامات كثيرة من هذا القبيل ذكرت» وهي تعرّز صدق نيابة هؤلاء النواب وسفارتهم عن 
الامام سلام الله عليه". 


ولكن الشيخ الدكتور المالكي لا يقول لنا كيف صدق هذه "المعجزة" التي رواها البغدادي» ربما على 
سبيل الدعاية والإعلان؟ وكيف صدق بحدوث المعاجز على يدي السفراء؟ وكيف صدق النويختي في 
دعواه علم الغيب بما في المحفظة؟ والغيب لا يعلمه الا الله؟ ولماذا لا يصدق دعاوى بعض الصوفية 
المشابمة» مثل ما ينقل عن عبد القادر الكيلاني؟ وهل يعتبره سفيرا للامام المهدي؟ 


268 


ان الشيخ المالكي يعتبر دعوى الإتيان بالمعاحز وعلم النواب بالغيب» دليلا على صحة دعاويهم 
بالنيابة» وعلى وجود الامام الغائب» فيقول:" كان الامام سلام الله عليه تحري المعجزة والكرامة على يديه 
تارة عن طريق السفراء وتارة عن طريق بعض الخواص الابدال من الناس» من قبيل محمد بن شاذان بن 
نعيم رضوان الله عليه» الذي يقول: احتمع عندي من الحقوق الشرعيّة خمسمائة درهم إل عشرين 
درهماء فاستحييت أن أبعث بما للامام (عليه السلام) دون أن أتمهاء فأتممتها بخمسمائة وأوصلتها إلى 
الامام سلام الله عليه . الظاهر عن طريق نائبه لانّ القضية في زمن الغيبة» والمفروض اللقاء المباشر في 
مثل هذه القضايا عن طريق النواب» وإن كان يمكن أن يكون التقى به سلام الله عليه مباشرة . فجاء 
الجواب عن الامام: وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما". ويعلق:"مثل هذه الكرامات كانت 
نطو ديات لعل بكادت تعزن قرس ل 30 


ويقول:" وهنالك توقيع من توقيعات الناحية المقدسة لآحر نائب وهو النائب الرابع وهو السمري» 
يوصيه فيه بأن لا يوصي من بعده لشخحص آخر فقد انتهت الغيبة الصغرى» وهذه الرسالة تشهد عباراتما 
على صدورها من تلك الناحية المقدسة» يقول:"بسم الله الرحمن الرحيم» يا علي بن محمد السمري» 
أعظم الله أحر إخوانك فيك فانّك ميّت ما بينك وبين سنّة أيام". فالامام سلام الله عليه نعى إليه نفسه 
في حياته» وهذه القضية رواها كل من مرٌ بحا من علماء الطائفة» كالصدوق والطوسي وأمثال هؤلاء 


قدس الله أسرارهه". 557 


ويعترف الشيخ المالكي بأن هذا يرتبط بموضوع علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله عز وحل» ولكنه 
يضيف :"ان الله يطلع على بعض المعلومات الغيبيّة مَن ارتضى من حلقه". 764 


وفي الحقيقة ان المؤرخين الشيعة يذكرون قصصا كثيرة عن اجتراح النواب الأربعة للمعاحز وإخبارهم 
بالغيب» في محاولة منهم للتمييز بين مدعي النيابة الكاذبين وبين أولئك الأربعة الذين يصفوتهم بالصدق 
. وذكر الطوسي خبرا عن علي بن احمد الدلال : ان العمري اخبره بساعة وفاته من يوم كذا وشهر كذا 
وسنة كذا » فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي ذكره من السنة التى ذكرها » وكان ذلك في آخر 


جمادى الأولى من سنة ٠8‏ ه 


- ص ىه 
م 000 
1 00 


269 


ولكن هذا القول يخالف القرآن الكريم ومباديء التشيع وأحاديث أهل البيت (ع) الذين كانوا ينفون 
علمهم بالغيب او استخدام الطريقة الاعجازية الغيبية لاثبات امامتهم. يقول الشيخ الصدوق في 
(إكمال الدين):" الامام لا يعلم الغيب وانما هو عبد صالح يعلم الكتاب والسنة » ومن ينحل للأئمة 
علم الغيب فهذا كفر بالله وخروج عن الاسلام عندنا » وان الغيب لا يعلمه الا الله وما ادعاه لبشر الا 


مشرك كافر" 15" 


وقد قال الامام الصادق (ع) :" يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب!.. والله لقد هممت بضرب 
جاريتي فلانة فهربت مني فما علمت في اي بيوت الدار هي" . وسأل يحبى بن عبدالله الامام موسى 
الكاظم (ع) فقال:" حجعلت فداك اتمم يزعمون انك تعلم الغيب؟ فقال: سبحان الله! ضع يدك على 
رأسي » فوالله ما بقيت شعرة فيه وفي جحسدي الا قامت . لا والله ما هي الا وراثة من رسول الله ". وفي 
رواية اخرى ينقلها الحر العاملي » يقول فيها الامام:" قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح 
البعوضة ارحح منه... اني بريء الى الله والى رسوله من يقول انا نعلم الغيب ". 557 


وكان يفترض بالشيخ الدكتور المالكي أن يطلع بدقة على آراء الشيعة وأقوال أهل البيت (عليهم السلام) 
قبل أن يصدق الإشاعات والأساطير التى كان ينسجها أدعياء النيابة الخاصة عن أنفسهم» فاذا كان 
أئمة أهل البيت لا يعلمون الغيب وينفونه عن أنفسهم فكيف يعلمه أدعياء النيابة؟ 


وقد استوقفني الشيخ المالكي وهو يحاول تصديق تلك الدعاوى؛ وتسويقهاء بقوله:" ان الله يطلع 
على بعض المعلومات الغيبيّة مَن ارتضى من خلقه" وكان الأجدر به أن يتلو الآية الكريمة كما هي , لا 
أن يشوهها بمذه الصورة» وإذا لم يكن يحفظها كان الأولى به العودة الى القرآن الكريم الذي يقول:" عالم 
الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً » الا من ارتضى من رسول..." (الجن 77 -7172) وليس "من أرتضى 
من خلقه". والفرق شاسع بين الرسل» وبين "من ارتضى من خلقه" الذين يحاول المالكي إدخال النواب 


الأربعة فيهم. 


إذن فلا يمكننا ان نصدق بدعوى أولئك النواب بالنيابة عن الامام المهدي . ونعتبر قوهم دليلا على 


*6" - الصدوقء اكمال الدين» ص ٠١5‏ و59١١‏ 


6" -المفيد» الأمالي» ص 7١‏ والحر العامليءإثبات الهداة» ج” . ص 785 و؟لالاو/751 و54 


200 


وإذا كنا نتهم أدعياء النيابة الكاذبين بجر النار الى قرصهم » وبالحرص على الاموال والارتباط بالسلطة 
العباسية القائمة يومذاك » فان التهمة تتوحه ايضا الى اولئك (النواب الاربعة) الذين لم يكونوا بعيدين 
عنها . إذ يقول محمد بن علي الشلمغاني الذي كان وكيلا عن الحسين بن روح النويختي في بني بسطام » 
ثم انشق عنه وادعى النيابة لنفسه :"ما دخلنا مع أبى القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر الا ونحن نعلم 
فيما دخلنا فيه » لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على اليف" . 37" 


وبعد اتميار كل هذه "الأدلة" لا يجد الشيخ الدكتور فاضل المالكي» دليلا على وجود (الامام 
المهدي) الا التشبث بقشة (الخط) الذي يقول ان الامام كان يكتب به تواقيعه للنواب " فهنالك للامام 
خط خاصء هذا الخط الخاص مألوف ومأنوس في زمن أبيه الامام العسكري (عليه السلام)» وقد نص 
الصدوق رحمه الله بأنّه من جملة الطرق التي كان يعرف الناس يما وجود الامام سلام الله عليه وصدق 
دعوى سفارة مَن ادّعى السفارة» كان ذلك من خلال معرفة خطه (عليه السلام)» لان الرسائل كانت 
تصدر بخطه وتوقيعه مؤرّحة بتأريخها أيضاًء مما كانت تؤكّد لكك مَن كان له تماس بالامام سلام الله عليه 
وبواسطتهم لبقية الطبقات كانت تؤَكّد وجوده (عليه السلام). وهذه الكتب الصادرة كانت بخطه (عليه 
السلام)» لم تكن بخط غيره» ولم تكن مطبوعة مثلاآً حسب الفرضء وفٍ ذلك الزمن لم تكن هنالك 
أدوات طبع بالنحو الموجود اليوم» المهم أنه لم تكن بخط غيره, إَِا كانت بخط نفسه (عليه السلام) 
وموقعة بتوقيعه. فإذن قضية خط الامام وتوقيع الامام الذي كان ينفرد به هذا السفير الصادق الامين» 
كانت أيضاً طريقة من طرق الاثبات". 754 


ولا أعرف كيف اعتبر الشيخ الدكتور المالكي » موضوع الخط دليلا على وجود الامام» مع أن حط 
التواقيع كان سريا وغامضا وبجهولاء ولم يعرفه أحدء ولم يطلع عليه أحد. وكان أدعياء النيابة يحرصون 
على إخفائه عن عيون الناس » لأنه لم يكن سوى حطهم بأيديهم . وهذا ما يقوله (التوقيع ) الذي 
يرويه الطبرسي في (الاحتجاج) عن اسحق بن يعقوب عن العمري » يقول :" ولا تظهر على حطنا 
الذي سطرناه أحدا" . ولذلك فقد أشار الشيخ الطوسي الى (خط المهدي) بصورة مريبة » حيث قال: 
"قال ابو نصر هبة الله: وجدت بخط ابي غالب الرازي: ان العمري كان يتولى هذا الأمر (النيابة) نحوا من 
خمسين سنة . يحمل الناس اليه أموالهم ويخرج اليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن 
(ع) بالمهمات في أمر الدين والدنيا » وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة". ولم يقل أن العمري 


00 بم الطوسى» الغيبة» 72 


لدنا 


اصن 11 





كان يخرج التواقيع بخط المهدي الذي لم يعرفه أحدء ولم يره أحد فكيف يعرفون حطه؟ وانما قال انه كان 
يخرج التوايقع بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن. ومن المعروف ان التعرف على خط الامام الحسن 
بذاته كان مشكلة في حياته » اذ كان يلجأ بعض ادعياء النيابة عنه » الى تزوير خطه » وقد وقع الشيعة 
بسبب ذلك في مشكلة التعرف على خط الامام العسكري والتأكد من خطه » في حياته » فكيف يمكن 
التعرف على خط (الامام المهدي) الذي ل يره أحد ول يرَ خطه ولم يُتأكد من وجوده؟ ولا يملك عامة 
الناس وسيلة للتحقق منه ؟ 


ومع وجود هذه الاشكالية الكبيرة » فان العمري لم يكن يسلم الخطوط والتواقيع الى أحد » بل كان 


و لذلك يمكننا اتخاذ (سرية الخط او الحرص على إخفائه ) دليلا إضافيا على عدم وحود (محمد بن 
الحسن العسكري) الذي ان كان موجودا فعلاً وكان مختفيا وغائبا لأسباب أمنية » لكان لحأ بصورة 
قاطعة الى اثبات شخصيته عند الشيعة » وقيادتمم عبر الرسائل الموقعة التي لا تقبل الشك والنقاش » 
ويمكن معرفتها وتمييزها بواسطة التعرف على الخط » والمقارنة بينها » كواحدة من الوسائل العديدة التي 


يثبت بها نفسه. 


وفي الختام أطلب من الشيخ الدكتور فاضل المالكيء, الذي ربما يطمح لتبؤ منصب المرحعية الدينية» أن 
يعيد دراسة قضية (وحود الامام الثاني عشر) بروح علمية أكادية محايدة» حتى يصل الى جوهر مذهب 
أهل البيت» ويزيح عنه ما تراكم عليه من خرافات وأساطير. 


١‏ - مع السيد علي الحسيني الميلاني في كتابه عن (الامام المهدي)55"” 
ما معنى "الامام" ؟ وهل الامام الثاني عشر غائب؟ أم حاضر؟ 


قرأت كتاب أو محاضرة السيد علي الميلاني التي نشرها مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب 
السيد السيستاني » في قم» وذلك ضمن سلسلة من الكتب والمحاضرات التي أعدها ونشرها المركزء 


5 - نشر مركز الأبحاث العقائدية . سلسلة الندوات العقائدية »)١9(‏ سلسلة الكتب العقائدية )8١(‏ إعداد 
مركر الأبحاث العقائدية: 19 17175/71.20260.6010/51113115/600125/211/22057576// :خط 


2آ2 


للرد على كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) والذي قلت فيه: ان 
الفكر السياسي الامامي وصل الى طريق مسدود بوفاة الامام الحسن العسكري» وغاب مع القول 
بغيبة الامام الثاني عشرء وان الفكر الشيعي عاد فنهض وتخلى عن نظرية التقية والانتظار» فقال 
بنظرية ولاية الفقيه» وأخيرا بالشورى أو الفكر الدبموقراطي الحديث» وانه بذلك وضع نظرية 
الامامة الالمية لأهل البيت وراءه تماماء حيث لم يعد يشترط العصمة ولا النص ولا السلالة العلوية 
الحسينية في الامام» بل يقبل بالشروط الاعتيادية من الكفاءة والأمانة» أو الفقه والعدالة» ولذلك 
فانه أعطى للأمة الدور الطبيعي في اختيار الامام» على العكس ماما من الفكر الامامي البائد 
الذي كان يلقي بمذه المهمة على الله تعالى» ويرفض قيام الأمة بأي دور في عملية الاتتخاب 
والشورى. 

وقلت أيضا: بأن الشيعة المعاصرين لم يعودوا إماميين» بل مسلمين دبموقراطيين. 

وما يؤيد كلامي هذا ,» هو تصدي المرحع الأعلى السيد علي السيستاني لقيادة مسيرة 
الديموقراطية في العراق» بشكل بعيد تماما عن الفكر الامامي القديم. وذلك إدراكا منه للواقع 
العراقي (الشيعي) الذي يسير بابحاه المستقبل» ومحاولة منه لقيادته وترشيده. ولكن بعض امحيطين 
بالسيد السيستاني لا يدركون ذلك التحول العميق الحادث في المجتمع الشيعي» ويحاولون جره الى 
الوراء أو إبقاءه في الثلاحة (ا محمدة). وبدلا من أن يتفهموا كتابي بعمق» راحوا يهاجموه بسرعة» 
وينضمون المحاضرات وينشرون الكتب ضدي» وقد اضطر بعضهم الى تحوير عدد من المفاهيم 
السياسية الاسلامية حتى يوقف عملية التفكير السليم بالماضي والحاضر والمستقبل» وكان من 
هؤلاء السيد علي الميلاني الذي حاول التلاعب بعنى كلمة "الامام" حتى يحافظ على سلامة 
النظريات البائدة من الزوال. 

لقد عرضت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) الى مسيرة هذا الفكر منذ انطلاقته في 
أيام الامام علي بن أبي طالب والامام الحسن والحسين (عليهم السلام) واشتراطه العدالة والعمل 
بالقرآن في الامام» مطلق الامام» وقلت: ان الحركة الشيعية في تلك الأيام لم تكن تعرف شرط 
العصمة والنص» واتما كانت تلتزم بمبدأ الشورى» ولكنها في القرن الثاني أحذت تقول تدريجيا 
بنظرية العصمة والنص» واتما كانت تعني بذلك ضرورة اشتراط الخليفة أو الحاكم الاسلامي 
بالعصمة, ولما كان هذه الشرط المثالي لا يعرفه الا الله فقد انتهى الفكر الشيعي (الإمامي) الى 
ضرورة النص والتعيين للامام من قبل الله تعالى » عبر النبي أو الإمام السابق. وان الإمامية قالوا 
نتيجة لذلك بأن الامامة (أي الخلافة) تنحصر في أهل البيت من ذرية علي والحسين الى يوم 
القيامة. ولكن هذه النظرية (الامامية) اصطدت بعقبات كثيرة منها رفض أئمة أهل البيت لماء 
ومنها وصوها الى طريق مسدود بوفاة الامام الحسن العسكري دون خلف. مما أدى بما الى الوقوع 


2013 


بالحيرة» التي كانت تضطرها إما الى التراجع والتخلي عن الفكر الامامي» غير الواقعي وغير 
الصحيح, وإما الى احتلاق ولد وهمي للامام العسكري لتستمر فيه الامامة الى يوم القيامة. وان 
عامة الشيعة الامامية قد تراجعوا وتخلوا عن الفكر المثالي الذي لا يمت الى أهل البيت بصلة» ما 
عدا فريق منهم أصر على افتراض وجود ولد للامام العسكريء بالرغم من أنفه» وبالرغم من عدم 
وحود أية أدلة شرعية وعلمية تثبت ذلك. وقال أنه غائب وسوف يظهر في المستقبل. 

وهكذا ولدت الفرقة الاثنا عشرية. 

ولكن هذه الفرقة كانت أول المتضررين من تلك الفرضية الوهمية» حيث اضطروا الى الانسحاب 
من الحياة السياسية لإبمائهم بعدم جواز اتباع أية قيادة لا تتصف العصمة والنصء وإيماتحم بوجود 
تلك القيادة الالحية (الغائبة)» في الوقت الذي كان احواتهم الشيعة الا"جماعيلية والزيدية يواصلون 
عملهم الثوري وينجحون في إقامة دول لمم هنا وهناك» في القرن الثالث والرابع الحجريين. 

ومضت قروك وقروك وقروك... 

الى أن أدرك عامة الشيعة الامامية بأن مشكلتهم تكمن في فكرهم السلبي الأسطوري» وان 
عليهم أن يتخلوا عنه» فقاموا بثورة اجحتهادية أدت بحم الى التحرر من فكر الامامة والانتظار» 
وآمنوا بنظرية ولاية الفقيه» التي التفوا فيها على ذلك الفكر القديم بادعائهم أن الفقهاء هم نواب 
الامام المهدي العامون» ويحق لهم إقامة الدولة باسمهء ولكن هذا الفكر كان يحمل بعض السلبيات 
التي أدت الى إقامة ديكتاتورية رحال الدين في ايران. 

ومع التزام الشيعة أخخيرا في العراق وغير العراق» بالفكر الديموقراطي الحديث» تخلوا عمليا عن 
الفكر الامامي البائد والمحدر» وانطلقوا في الحياة. 

ومن هنا فان تحديد مفهوم كلمة "الامام" المستخدمة في الفكر السياسي الاسلامي العام؛ وفي 
التراث الامامي بالخصوصء يلعب دورا مهما في فهم الفكر الامامي ومعرفة التناقض الكبير الذي 
وقع فيه بين القول بضرورة وجود الامام في الأرض» وبين القول بغيبة الامام. وهذا يتضح من 
مراحعة أي كتاب إمامي قد.م مثل الشافي للسيد المرتضى أو تلخيص الشافي للطوسيء او الألفين 
للعلامة الحلي» أو غيرها من عشرات بل مئات الكتب المؤلفة حول الامامة وشروطها ومحلها. 

وكنت أحسب ان هذه مسألة بديهية» ولا تحتاج الى نقاش. ولذلك استغربت من محاولة البعض 
الجدال فيها. كما فعل السيد علي الميلاني في كتابه أو محاضرته التي تركزت حول الموضوع. 


قال الميلاني:'إِنَه لابدٌ في كلك زمان من إمام يعتقد به الناس أي المسلمونء ويقتدون به 
ويجعلونه حجة بينهم وبين رهم...يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في نحج البلاغة:"اللهمّ 
بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجّة إِمّا ظاهراً مشهوراً وإِمّا خائفاً مغموراء لثلاً تبطل حجج الله 


2/14 


وبيّناته". والروايات الواردة في هذا الباب أيضاً كثيرة» ولا أظتّ أن أحداً يحرؤ على المناقشة في 
أسانيد هذه الروايات ومداليلهاء إكما روايات واردة في الصحيحين» وف المسانيد» وفي السنن» وفي 
المعاحم» وفي جميع كتب الحديثء والروايات هذه مقبولة عند الفريقين. فقد اتفق المسلمون على 
رواية:"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة". 

وأضاف الميلاني:" وذكر المؤرحون: أن عبد الله بن عمرء الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين 
سلام الله عليه طرق على الحجّاج بابه ليلا ليبايعه لعبد الملك؛» كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام؛ 
وكان قصده من ذلك هو العمل بمذا الحديث كما قال» فقد طرق باب الحجّاج ودخل عليه في 
تلك الليلة وطلب منه أن يبايعه قائلاً: سمعت رسول الله يقول:"من مات ولا إمام له مات ميتة 
جاهلية"؛ لكن الحجّاج احتقر عبد الله بن عمر» ومدّ رحله وقال: بايع رحلي» فبايع عبد الله بن 
عمر الحجّاج بهذه الطريقة. فقضية وجوب معرفة الامام في كل زمان والاعتقاد بإمامته والالتزام 
ببيعته أمر مفروغ منه ومسلّم» وتدلٌ عليه الاحاديث» وسيرة الصحابة» وسائر الناس» ومنها ما 
ذكرت لكم من أحوال عبد الله بن عمر. 

ونا أردت أن أذكر لكم نماذج من الكتاب والسنة وسيرة الصحابة على أن هذه المسألة . 
مسألة أن في كل زمان ولكل زمان إمام لابدٌ وأنْ يعتقد المسلمون بإمامته ويجعلونه حجةً بينهم 
وبين رهم . من ضروريات عقائد الاسلام". 1 

وبغض النظر عن المناقشة في اعتبار مسألة الامامة من ضروريات الاسلام؟ أم لا؟» وفيما اذا 
كان أحد يجروٌ على مناقشتها أو رفضها؟ أو لا؟, وفيما اذا كان حديث ابن عمر صحيحا؟ أو 
لا؟» فان من الواضح ان المقصود به هو الحاكم والخليفة والسلطان» أي مطلق الامام» كما فهم 
عبد الله بن عمر الذي بايع الحجاج لعبد الملك» واعترض على ثورة عبد الله بن مطيع في المدينة 
ضد يزيد. 
كما ان من الواضح من تلك الأحاديث - إن صحت - ان المقصود من (المعرفة) الإتباع 
العملي والانقياد السياسي» وليس المعرفة النظرية المحردة» وهو ماكان يشكل المقدمة الأولى لنظرية 
الامامة الالية» التي كانت تنطلق من هذه لتضيف مقدمة أخرى في عملية بناء فكرها السياسي» 
فتشترط (العصمة) في الامام» أي الخليفة أو الحاكم أو السلطانء ثم تقول في مقدمتها الثالثة: ان 
العصمة أمر لا يعرفه الا الله» ولذلك تستحيل الشورى كطريق لمعرفة الامام وانتخابه» ويجحب النص 
عليه من الله. ثم تقول بعد ذلك: ان الله عز وحل قد نص على إمامة أهل البيت» وان الامامة 
متسلسلة في ذرية علي والحسين الى يوم القيامة. 


١5١ -اص‎ 


215 


إذن فقد كان الحديث عن الامامة السياسية بالدرجة الأولى. ولكن السيد علي الميلاني يرفض 
هذا الفهم» ويقول:"نشير إلى بعض الخصوصيات الموحودة في لفظ الحديث:"من مات ولم 
يعرف". لابدٌ وأنْ تكون المعرفة هذه بمعنى الاعتقاد أو مقدمة للاعتقاد» "من مات ولم يعرف" 
أي: من مات ول يعتقد بإمام زمانه» لا مطلق إمام الزمان» بإمام زمانه الحق» بإمام زمانه الشرعي» 
بإمام زمانه المنصوب من قبل الله سبحانه وتعالى. "من مات ولم يعرف إمام زمانه" بحذه القيود 
"مات ميتة جاهلية": وإلآّ لو كان المراد من إمام الزمان أي حاكم سيطر على شؤون المسلمين 
وتغلّب على أمور المؤمنين» لا تكون معرفة هكذا شخص واحبة» ولا يكون عدم معرفته موحباً 
للدحول في النارء ولا يكون موته موت جاهلية» هذا واضح. إذنء لابدٌ من أن يكون الامام 
الذي تحب معرفته إمام حق, وإماماً شرعياء فحينئذ» على الانسان أن يعتقد بإمامة هذا 
الشخصء ويجعله حجةً بينه وبين ربّه» وهذا واحبء, بحيث لو أنه لم يعتقد بإمامته ومات» يكون 
موته موت جاهلية» وبعبارة أخرى : "فليمت إِنّْ شاء يهودياً إن شاء تعترانيا : 

وهنا قام السيد الميلاني بتحوير مفهومين في الحديثء, هما : (لمعرفة والامام) استنادا لعجز 
الحديث :"مات ميتة جاهلية" حيث استعبد أن يكون المقصود مطلق الامام. وقد فسر المعرفة 
بالمعرفة النظرية والاعتقاد» لا الاتباع والانقياد السياسي» تحربا من استحقاق مهم يفرض نفسه 
وينسف نظرية الغيبة» وهو : كيف يجب أو يمكن اتباع إمام غير معروف وغائب؟ وهل يمكن 
تسميته بإمام أصلاٌء وهو لا يوم المسلمين ولا يحكمهم ولا يقودهم؟ كما أفرغ مفهوم كلمة 
(الامام) من المعنى السياسي» وفسرها بالامام الحق المعين من قبل الله حتى يحافظ على نظرية 
الامامة من الانهيار» في حين أن النظرية في أساسها كانت تدور حول الخلافة والحكم والسلطان» 
ولم تكن تتحدث عن أئمة يشبهون الملائكة أو الجن الذي يجب الإيان بمم غيبا في الاسلام.١""‏ 


واذا كان السيد الميلاني يستبعد أن يكون المقصود من (معرفة الامام) الواردة في الحديث مطلق 
الإمام» لصعوبة قبول النتيجة لمن لا يعرف الامام» وهي الموت ميتة جاهلية» فنحن في الحقيقة 
نشكك لهذا السبب في أصل الحديث الذي ينسب الموت الجاهلي ( أو اليهودي أو النصراني) لمن 
يموت بلا إمام» مع ان القرآن الكريم لم يشر الى هذا الموضوع "المهم جدا في الاسلام' ولم يعتبره 
جزءا من العقيدة الاسلامية» ولا من ضروريات الدين. ولذلك يصعب علينا قبول اعتبار أمر 


'"" - وقد عاد السيد الميلاني بعد ذلك فقال:" إِنَّ لكك زمان إماماً يحب على كل مسلم معرفته والابمان به 
والالتزام بطاعته والانقياد له". ص ١5‏ 


206 


ضروريا من ضروريات الدين رغم عدم ذكره في القرآن الكريم. هذا اضافة الى عدم الوضوح في 
الحديث من كلمة "الامام" وامكان تطبيقه -- كما فعل عبد الله بن عمر - على يزيد بن معاوية 
وعبد الملك بن مروان. 

واذا أصر السيد الميلاتي على اعتبار الحديث صحيحاء فنحن نصر على فهمه بصورة مطلقة 
وعامة» كما فهمه عبد الله بن عمر وعامة المسلمين» الذين يستشهد الميلاني بمم في تصحيح 
الحديثء؛ وهم بالطبع لا يفهمون المعنى الخاص " الامام المعصوم" الذي يحاول الميلاني تركيبه عليه. 

وعلى أي حال» يريد السيد الميلاني» من خلال تفسيره التعسفي هذاء أن يستدل بمذا 

الحديث على وجود (الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) فيقول:" إِنَّ لكل زمان إماماً 
يحب على كل مسلم معرفته والايمان به والالتزام بطاعته والانقياد له.'"".. وان الشيعة الامامية 
الاثنئي عشرية قالت: إِنَّ الذي عرفناه مصداقاً لذلك هو ابن الحسن العسكري". '"7 

وبعد أن يصل الميلاني الى هذه النتيجة التقليدية» يطرح عددا من الأسئلة من قبيل: لماذا الغيبة؟ 
وما الفائدة من إمام غائب ؟ وما هو تكليف المؤمنين تحاهه وتحاه الاحكام الشرعية في زمن 
الغيبة؟ 

وهنا يقع الميلاني في أزمة حقيقية» فلا يدري ما يقول» هل يقول ان الامام المهدي فعلا غائب 
ومنقطع عن شيعته؟ وهنا يكون قد رد بنفسه على نفسه. فكيف يمكن الالتزام بطاعة إمام غائب 
والانقياد له؟ ثم ما ذا يكون موقف الشيعة في حالة الغيبة؟ هل هو انتظاره وعدم القيام بأي ثورة 
أو حكومة, كما كان يقول الشيعة الاثنا عشرية من قبل؟ أم يجب عليهم الانخراط في الحياة 
السياسية وتفجير الثورات وتشكيل الحكومات» على أساس ولاية الفقيه أو الشورى؟ ولكن في 
هذا محذور كبير مناقض لنظرية الامامة» هو: إقامة إمام غير معين من قبل الله. 

أم يقول ان الامام الثاني عشر حاضر ويتفاعل مع شيعته؟ وفي هذا مخالفة صريحة لنظرية 
الغيبة» ولرواية تكذيب من يدعي رؤية الامام الغائب قبل الظهور. 

ولم أكن أتصور ان السيد علي الميلاني سوف يختار الجواب الأخير! ولا يكتفي بذلك بل يتهم 
من يعارضه بالنفاق والعداء للاسلام! 

أحل انه يقول بكل جرأة:" هؤلاء لا يعلمون» لان هذه الأمور لا يتوصّلون إليها ولا يمكنهم 
الاطّلاع عليها: إِنَّ الثقات من أبناء هذه الطائفة من علماء وغير علماء» لهم قضايا وحوادث 
وقصص وحكايات» تلك القضايا الثابتة المروية عن طرق الثقات مدوّنة في الكتب المعنيّة» وكم من 


نفس 


١١ دص‎ 


0 


١7ص‎ - 


ك2 


قضية رحع الشيعة» عموم الشيعة» أو في قضايا شخصية» رحعوا إلى الامام (عليه السلام) وأحذوا 
منه حك تلك القضية ورفع تلك المشكلة, إلا أن أعداء الائمّة سلام الله عليهم والمنافقين لا 
يوافقون على مثل هذه الاحبار» وطبيعي أن لا يوافقواء ومن حقّهم أن لا يعتقدوا". *"” 
يظهر إذن ليقيم بنفسه دولة الحق» اذا كان عامة الشيعة وخاصتهم يلتقون به ويعرضون عليه 
مشاكلهم؟ هل هو الخوف؟ وقد زال والحمد لله بعد أن أقام الشيعة دولا عديدا لهم» وأصبح 
العالم ديموقراطيا يسمح بظهور أي إمام حتى لو قال انه (المهدي المنتظر) وها هي أوربا وأمريكا 
يوحد فيها العديد تمن يدعي أنه المهدي المنتظر وله محطات إذاعية وتلفزيونية ووسائل إعلام؛ ولا 
يحول يخاف من أحدء, فلماذا لا يظهر (محمد بن الحسن العسكري) اذا كان حقيقة موحجودا؟ 
يحيبنا السيد الميلاني بشيء من الحيرة والفلسفة والتناقض» ويقول:" لاحظوا إذا كانت غيبة 

الامام (عليه السلام) لمصلحة أو لسببء, ذلك السبب إِمّا وحود المانع وإِمّا عدم المقتضيء غيبة 
الامام (عليه السلام) إِما هي لعدم المقتتضي لظهوره أي لعدم وحود الارضية المناسبة لظهوره» أو 
لوجود الموانع عن ظهوره. وجحود الموانع وعدم المقتتضي كان الْسَيِتب في غيبة الامام (عليه السلام)» 
هذا واضح. إِنَا لا نعلم أن المانع متى يرتفع» ولا نعلم أن المقتضي متى يتحقق ويحصلء ولذا ورد 
في الروايات: 'إَِا أمرنا بغتة". فظهور الامام (عليه السلام) متى يكون ؟ حيث لا يكون مانع 
وتتمٌ المقدمات والارضية المناسبة لظهوره. وهذا متى يكون ؟ العلم عند الله سبحانه وتعالى» 
فيمكن أن يكون غداً ويمكن أن يكون بعد غدء وهكذا". 7" 

ونقول له: ألم تقل قبل قليل: ان الامام يلتقي بعامة الشيعة وخاصتهم؟ أم ان هذه روايات 
أسطورية مثل الروايات الي تحدثت عر ولادته ووجوده؟ 


- مع الشيخ جعفر كاظم المصباح في كتابه (الامام المهدي حقيقة لا خيال)""" 


فق اص م 
حقيض 


صن 11 
'"" - الطبعة الأولى ١93/.‏ مؤسسة الأعلمى للمطبوعات» بيروت 


215 


رفض الشك المنهجي, والتشبث باليقين الموروث 


قال الله تعالى في كتابه امحيد: "والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا الى الله لحم البشرى فبشر عبادٍ 
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئفك هم أولوا الألباب". الزمر ١1/‏ - 
١‏ 

هذه الآية الكريمة تنطبق على كل من يستمع الى حكاية وحود (الامام الثاني عشر) سواء آمن بما أو 
لم يؤمن» ولكن عليه أن يتجنب عبادة الطاغوت» أي عبادة الحوى والتعصب والخرافات والأساطير» 
وتنطوي كلمة "يستمع" على شيء من التفكير ثم اختيار الصالح من السيء من القول» وهذا هو عين 
العقل وصفة العقلاء "أولوا الألباب" ولن يتوصل الى هذه العملية (الاستماع» التفكير» انختيار الأحسن) 
الا من هداه الله تعالى. 
وأزعم أنني استمعت الى حكاية وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) جيداء ويكل 
تفاصيلهاء ونبذتما لأنما كانت سيئة جدا بكل المعايير» أملا بحداية الله تعالى. 

وكنت أفترض بمن يقرأ كتابي عن الموضوع (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) 
أن يستمع قليلا الي ثم يفكر فيما أقول» ويتجنب التعصب وعبادة الطاغوت» فيقبل كلامي أو يرفضهء 
وإذا رفضه يقدم لي الأدلة المقنعة بحدوء واحترام» لكي يهديني الى ما اعتقد هو انه طريق الهداية 
والصواب. 

هكذا فعل بعض من حاول أن يرد علي» ولكن بعضا آخر تجحنب طريق الحوار العلمي الحاديء؛ 
وأطلق لعواطفه العنان» وحمل القلم ليرد» قبل أن يفكرء ودون أن يفكر في أي نقطة من نقاط الحكاية. 
ولو تمهل قليلا ودرس الأمر من جوانبه المتعددة لأدرك أن الأمر ليس كما ورثه من آبائه وأجداده, وأن 
القضية كثيرا من الخرافة والخيال. 

ان ما يحول دون أي انسان ودون التفكير السليم» هو تقديس الآباء والأحداد» أي عبادة الطاغوت» 
ولو تحرر الانسان قليلا منها » ولو لفترة قصيرة هي فترة البحث والتنقيب» لتنعم بفضل الله وهدايته 
ونوره. 

وف الحقيقة شاهدت بعض الردود على كتابي» يتصف بصفة التقليد الأعمى بصورة رهيبة» بحيث 
يقدس كل شيء من الروايات الى الرواة الى العلماء السابقين واللاحقين» ولا يعتقد بإمكانية خطأ أو 
انخراف أو كذب أي أحدء كأنتهم كلهم ملائكة معصومون لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من 
خلفهم, ولا يحتمل أن يكون مذهبه خاطئا من الأساس» وهذا ما يجب أن يفترضه أي باحث محايد من 


البداية» ثم يعيد دراسة مذهبه على أساس الشكء وربما يصل الى اليقين أو لا يصلء» أما أن يتشبث 


2019 


الباحث باليقين الموروث» ويرفض الشك في أي موضوع, فهذا عين التقليد ولا يمت الى البحث امحايد 

ومن الكتب التي صدرت للرد علي» ولا يعطي مؤلفها لنفسه مساحة للشكء ولا لطرح أي سؤال» هو 
كتاب المرحوم الشيخ كاظم حجعفر المصباح (الامام المهدي حقيقة لا خيال) الصادر سنة ١99/7‏ من 
مؤسسة الأعلمي في بيروت. وكنت أفضل عدم الرد عليه لأنه لم يرد على شيء من الكتابء وانما أعاد 
احترار الحكايات القديمة» دون أي نقد أو تمحيصء وأفضل رد عليه هي إعادة قراءة كتابي من أوله الى 
آخره. ولكن نظراً لاستغلال بعض المناوئين لمثل ذلك الكتاب في الإدعاء بأنه قد تم الرد على كتابي» 
ارتأيت أن أقوم بعرض بعض ما ورد فيه» للتدليل على نوعية الردود المتهافتة التي ترفض التفكير 
والاجتهاد. 

وقد لاحظت أنه كلما شعر الكاتب بعجزه عن تقديم الدليل المقنع» كلما لحأ الى سلاح العاحزين: 
(السب والشتم والاتمام الباطل والتهريج والتهديد والترهيب). وقد كان كتاب الشيخ المصباح (غفر الله 
له) نموذجا متقدما في هذا ا مجال. 

يقول رحمه الله: "زعم بعض الضالين المضلين أنه حصل له شك بولادة الامام الثاني عشر لعدم توفر 
الأدلة الكافية» أو لعدم قناعته بما.. وهذا الشك لا يساوي شيئًا بالقياس الى الأدلة النقلية والعقلية 
والعلمية» لاسيما مسألة الايمان بولادة المهدي اذ أتما تعد جزءا من العقيدة الشيعية وقد تم اثباتما بأدلة 
قطعية: وياجماع علمائنا فلا تأثير للشك والقناعة الشخصية في نفيها قبال تلك الأدلة خحصوصا اذا 
لى يكن الشخص من اصحاب الاختصاص في علم الحديث والرحال". """ ويضيف:' أجمع علماؤنا 
على ان السفراء الأربعة للامام المهدي بلغوا من الجلالة ورفعة الشأن ما فوق الوثاقة» فليس بمقدور هذا 
المتطفل أن يطعن بوثاقتهم, فاذا ثبتت وثاقتهم بإجماع العلماء ثبت ارتباطهم وصلتهم بالمهدي". 24" 
ويقول:"على فرض ان بعض النصوص التي ذكرت تاريخ ولادة المهدي ضعيفة أيستلزم هذا إنكار ولادته 
وتكذيب الروايات الصحيحة المتواترة التي تنص عليه بكونه (محمد بن الحسن العسكري) وتكذيب 
سفرائه الثقات بإجماع علمائنا ومراجعنا العظام؟ غريب جدا هذا الاسلوب الاستدلالي الذي يمارسه هذا 
النفر الضال حيث ينفي اليقين بالشك» ويدع الاحاديث الصحيحة المتواترة ويعتمد على الأقاويل 
النابعة من الحقد والتعصب الطائفي» وينقض إجماع علمائنا العظام بأقوال من شذ وانحرف عن جادة 


64ل 


حاس 11 


يكس 


-دا ص 55117 


200 


الحق والصواب".*"" ويؤكد:"الاستدلال غريب شاذ مناف لأسس الاستدلال الأصولي العلمي» 
والاستقراء المنطقي» اللذين يعتمدان على نفي الشك باليقين وليس بالعكس". 75١‏ 

ويقول: "اما قولهم بضعف كل الروايات التي تتحدث عن هوية المهدي وتاريخ ولادته» فهذا افتراء آخر 
بلا دليل» لأن معظم روايات تعريف المهدي الواردة عن سائر المعصومين» والتي ذكرت امه واسم ابيه 
وكنيته صحيحة متواترة بإجماع علمائنا ومراجعنا العظام. وكذا الروايات التي تذكر كيفية الولادة 
وتاريخها فمعظمها أيضا صحيحة ومسندة؛ ذكرها علماؤنا في كتبهم المتعلقة بالمهدي. فنفي صحتها 
بالجملة مجازفة حمقاء منشأها الجهل بعلم الرواية والرجال معا".'“ ثم يستدرك:"ولنفرض انما 
ضعيفة فلا ضير في ضعفها بعدما عرفنا من الروايات الصحيحة المئات التي نصت على اسم المهدي 
واسم ابيه واسماء آبائه مع ذكر كنيته وتشمائله وأوصافه. فقد أجمع المعصومون على انه محمد بن الحسن 
العسكري". "18 

يقول رحمه الله: "زعم بعض الضالين المضلين أنه حصل له شك بولادة الامام الثاني عشر لعدم توفر 
الأدلة الكافية» أو لعدم قناعته بما.. وهذا الشك لا يساوي شيئًا بالقياس الى الأدلة النقلية والعقلية 
والعلمية» لاسيما مسألة الايمان بولادة المهدي اذ أتما تعد جزءا من العقيدة الشيعية وقد تم إثباتما بأدلة 
قطعية: وياجماع علمائنا فلا تأثير للشك والقناعة الشخصية في نفيها قبال تلك الأدلة خحصوصا اذا 
لى يكن الشخص من اصحاب الاختصاص في علم الحديث والرحال". "*" ويضيف:' أجمع علماؤنا 
على ان السفراء الأربعة للامام المهدي بلغوا من الحلالة ورفعة الشأن ما فوق الوثاقة» فليس بمقدور هذا 
المتطفل أن يطعن بوثاقتهم, فاذا ثبتت وثاقتهم بإجماع العلماء ثبت ارتباطهم وصلتهم بالمهيد" 535 
ويقول: "على فرض ان بعض النصوص التي ذكرت تاريخ ولادة المهدي ضعيفة أيستلزم هذا انكار ولادته 
وتكذيب الروايات الصحيحة المتواترة التي تنص عليه بكونه (محمد بن الحسن العسكري) وتكذيب 
سفرائه الثقات بإجماع علمائنا ومراجعنا العظام؟ غريب جدا هذا الاسلوب الاستدلالي الذي يمارسه هذا 
النفر الضال حيث ينفي اليقين بالشك» ويدع الاحاديث الصحيحة المتواترة ويعتمد على الأقاويل 


585 


داص 517 
“4 لاص 54" 
لحيس اص 56؟ 
0 
107 حرو 0 
“544 ناص 7”” 


251 


النابعة من الحقد والتعصب الطائفي» وينقض إجماع علمائنا العظام بأقوال من شذ وانحرف عن جادة 
الحق والصواب".”*" ويؤكد:"الاستدلال غريب شاذ مناف لأسس الاستدلال الأصولي العلمي» 
والاستقراء المنطقي» اللذين يعتمدان على نفي الشلك باليقين وليس بالعكس". 556 

ويقول: "اما قومحم بضعف كل الروايات التي تتحدث عن هوية المهدي وتاريخ ولادته» فهذا افتراء آخر 
بلا دليل» لأن معظم روايات تعريف المهدي الواردة عن سائر المعصومين» والتي ذكرت امه واسم ابيه 
وكنيته صحيحة متواترة باجماع علمائنا ومراجعنا العظام. وكذا الروايات التي تذكر كيفية الولادة 
وتاريخها فمعظمها أيضا صحيحة ومسندة, ذكرها علماؤنا في كتبهم المتعلقة بالمهدي» فنفي صحتها 
بالجملة مجازفة حمقاء منشأها الجهل بعلم الرواية والرجال معا"."*" ثم يستدرك:"ولنفرض اما 
ضعيفة فلا ضير في ضعفها بعدما عرفنا من الروايات الصحيحة المئات التي نصت على اسم المهدي 
واسم ابيه واسماء آبائه مع ذكر كنيته وشمائله وأوصافه. فقد أجمع المعصومون على انه محمد بن الحسن 

إذن فمسألة وجود المهدي المنتظر (محمد بن الحسن العسكري) تشكل لدى الشيخ المصباح» جزءا 
من العقيدة الثابتة بإجماع علمائناء وأي شك فيها ضلال وإضلال» لا يساوي شيئا في قبال الأدلة النقلية 
والعقلية والعلمية» وان الروايات التي تنص على محمد بن الحسن العسكري هي صحيحة ومسندة 
ومتواترة ومجمع عليها. كما ان وثاقة "السفراء الأربعة" ثابتة بإجماع العلماء. ومن هنا "فإن الأفكار 
والعقائد الفاسدة التي يحملها هذا الشخص لا تمت الى الاسلام والتشيع بصلة» بل هي افرازنات بعض 
الطائفيين المتعصبين من علماء الوهابية وخريجي مدرسة المستشرقين من عملاء الدوائر الاستكبارية" 545 


هل يمكن في هذا الحو من التعصب والانفعال والإنغلاق التفكير في أي شيء؟ أو النظر في أقوال أحمد 
الكاتب والرد عليها بعلمية وموضوعية وحياد؟ 


ان الشك اذا جاءء ينتفى اليقين» ولن يعود اليقين مرة أحرى الى القلبء الا بأدلة يقينية» فكيف اذا 
كان اليقين المدعى قائما أساسا على شك تاريخي؟ صحيح ان "علماءنا" يجمعون على وجود الامام 


ديلا 


1 

54 لاص 54* 
يك اص 56” 
اص 55* 
دن 0 


202 





المهدي, ولكن السؤال هو: متى أجمعوا؟ وهل ان إجماعهم حجة؟ ألم يحدث الغموض والحيرة والشك 
لدى عامة الشيعة بعد وفاة الامام العسكري دون خلف ظاهر؟ فكيف حدث اليقين بعد ذلك؟ وعلى 
أي أساس؟ وهل ينفع أحدا ادعاء اليقين؟ وهل حقا يمتلك علماؤنا السابقون أو اللاحقون يقينا حول 
الموضوع؟ أم أنهم يشكون في قلوهم ولا يعبرون عن شكهم أمام الناس خوفا وطمعا؟ ألم يشك حتى 
بعض من ادعى الوكالة عن الامام المهديء مثل (محمد بن ابراهيم بن مهزيار الأهوازي) الذي يقول انه 
ورث أموالا من أبيه وقرر الذهاب الى بغداد واستئجار دار على شاطيء دجلة والاستمتاع بالاموال» قبل 
أن يدعي حصول اليقين بعد لقائه بالعمري؟ 

لنستمع الى الشيخ المصباح وهو يحدثنا عن الحيرة والشك الذي اعترى عامة الشيعة في أواسط القرن 
الثالث الهجري, فيقول:" لم يختلف المسلمون في شيء كاحتلافهم في مسألة ولادة الامام المهدي ونسبه 
وحسبهء وهل انه مولود أم سيولد فيما بعد. واشتد التنازع بعد وفاة الامام الحسن العسكري بين عشرين 
فرقة كما يقول ابن حجر العسقلاني في صواعقه» فبعضهم ينفي أن يكون للحسن العسكري ولدء لأن 
أخذ ميرائه من قبل أحيه جعفر لدليل قاطع على ما يذهب اليه المنكرون حسب اعتقادهم, اذ لو كان 
له ولد لورثه بدلا من حجعفر. وزعم البعض الآخر أن المهدي مولود من أب آخر ليس هو الحسن 
العسكري...وانه حي يرزق يعيش في مكان ما .. ومنهم من يقول بعدم ولادته» وانه سيولد فيما 
بعد..".'*" ويعترف بحدوث "ملابسات مبهمة» وظروف غامضة رافقت ولادة الامام المهدي التي 
حصلت في أحواء متشنجة» شديدة الحرج» مفعمة بالسرية والكتمان» لان الخليفة العباسي الذي كان 
يترقب الحدث بوجل قد شدد حينها الخناق حول بيت الامام العسكري» وفرض عليه الرقابة ا محكمة» 
وبث من حوله العيون كي يحاط علما بالوليد في ساعة ولادته » ليتسنى له القضاء عليه في المهد". !9" 

ويقول:"ان وقوع الشيعة في حيرة واضطراب بعد وفاة الامام العسكري» مسألة طبيعية» لعدم رؤيتهم 
للامام المهدي» ولجهلهم سبيل الاتصال به ولظهور من يدعي الامامة زورا وكتانا كعمه جعفر 
الكذاب"."7' ويفسر الحيرة والغموض بقوله:" كان الامام العسكري قد طبق سياسة الاحتجاب على 
نفسهء وجعل بينه وبين القواعد الموالية له وكلاء كأبي الأديان والعمري وغيرهما ليقوموا باحكام الصلة بينه 
وبين مواليه» وقد تحول بعضهم فيما بعد الى وكلاء لابنه المهدي. ان هذا العمل الذي قام به الامام لمدة 
طويلة قبل رحيله قد مهد السبيل لمسألة الغيبة وجعلها أمرا مستساغا""'. 


لسن 


0 
9 - ص“ 

'51 اص 54* 

رحن د ص١8م١‏ 


203 





ويعبر الشيخ المصباح نفسه عن وحود قدر من الحيرة في داحله. إذ يقول متسائلا:"إذا توفي العسكري 

ولم يترك ولدا ... فمن عسى يكون المهدي ومتى سيولد على صعيد المستقبل؟ ثم اليس لازم هذا القول 
تكذيب الرسول والأئمة الاطهار؟".*؟' ويعيد نفس السؤال مرة أحرى:"اذا كان الامام الحسن بن علي 
العسكري آخر الأئمة من أهل البيت فمن خلفه في تولي مهمة الامامة من بعده؟ فان قلنا ان الأمر ترك 
سدى فلم يخلفه أحدء انتقض قوله (ص) "لن يفترقا" حيث حصل الافتراق فعلا باستشهاد الامام 
العسكري, وعدم وحود من يخلفه» وسيعقب هذا الافتراق ضلال لا محال. وهذا ما لا يرتضيه الله 
سبحانه وتعالى لعباده» اذ كيف يتركهم ليضلوا بعد أن هداهم للإيمان. فاذا كان هذا غير معقول , 
ومنافيا لحكمة الله ولطفه. فلا بد إذن ان يكون امام معصوم من أهل البيت يحل محله وينجز مهامه. 
فمن عسى أن يكون غير الامام المهدي . وان بطلان ثبوت الاحتمال الثاني يثبت الاحتمال الأول وهو 
كن 

إذن فإن يقين الشيخ المصباح» والقائلين بوجود الولد, منذ أول يوم» لم يقم على أساس الأدلة الشرعية 
العلمية المنتجة لليقين الشرعيء وانما على أساس الاحتمال والظن والافتراض» وهذا ما لا يولد يقينا لدى 
أحد. واذا كان الشيخ المصباح يدعي وحود اليقين لديه » فهذا أمر شخصي يخصه. ولكنه لا يستطيع 
بذلك أن يبي عقيدة دينية ويصفها بالثبات واليقين والاجماع. 

ونظرا لأن الشيخ المصباح يدرك وجود الشك المعقول في قضية دعوى وجود الولد للحسن العسكري» 
اذا لم نقل أسطورة المهديء فانه يحاول أن يغطي عليه (على الشك) بالتحذير من الشك بالأمور الغيبية 
كلهاء والتهديد بالضلال والانحراف والكفرء فيقول:"ليست هذه القضية الوحيدة التي تعرضت لإثارة 
الاشكالات والشبهات» بل شأنها شأن القضايا الغيبية الأخرى التي كانت معرضا لحملات التشويش 
والتشكيكء, كقضية البرزخ والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والحنة والنار... فهي ليست أمورا 
مادية حسية يمكن إحضارها في المختبر» وإخحضاعها للتجارب وللتأكد من صحتها. ان هذه القضايا 
الغيبية ونظائرها لا يمكن فهمها من خلال السياق المادي التجريبي» بل لا بد من وضعها ضمن اطار 
الدراسة الغيبية التي تعتمد بالدرحة الأولى على إثبات الأمور العقائدية بالنصوص القرآنية والأحاديث 
النبوية والدلائل العقلية» والمؤيدات التي تفرزها التجارب العلمية بمرور الزمن. فبهذا الفهم الواعي للعامل 
الغيبي» والقدرة الالحمية غير المتناهية يستطيع ان يفهم المرء قضية المهدي وغيرها من القضايا الغيبية » 
وبدونه سيكون فهمها أمرا عسيراء وسيقود الباحث حتما الى الكفر بها في نهاية المطاف, 
ويخرج من دائرة المؤمنين بالغيب. 


53 


حون 711 


دل 


دص 57 - ا و" 


204 


فالمنهج المادي الذي بمارسه المستشرقون في دراسة عقائد المسلمين والقضايا الغيبية لا يصلح تطبيقه على 
مثل هذه الأمور لأتما ليست مادية تخضع للتجارب. 

لذا يحب على الباحث المسلم ان لا يقلد المستشرقين في دراسة قضية المهدي وما ماثلها من الأمور 
الغيبية بعيدا عن الفهم الواعي للعامل الغيبي المشار اليه» لأن ذلك سيقوده الى متاهات الضلال والضياع 
ويبعده عن صلب عقيدته الاسلامية رغما عنه» وتلك هي النتيجة الحتمية للانسياق وراء المنهج المادي 
في دراسة القضايا الغيبية والعقائدية". ". 541 


وقد ناقشنا هذه الدعوى (غيبية موضوع المهدي) في أكثر من محاورة في هذا الكتاب؛ ونعيد تلخيص 
القول هنا: 

ان الإبمان بالمسائل الغيبية التي يذكرها القرآن الكريم» هو من أول ضروريات الإبمان بالاسلام» ولكن 
النقاش في ثبوت كون وحود (محمد بن الحسن العسكري) وولادته ضروريا من ضروريات الاسلام أو 
التشيع؛ أو كونه أمرا غيبيا يجب الإيمان به بصورة عمياءء» فهذا أول النقاش», ولا يمكن أن نؤمن بوحود 
انسان بصورة غيبية» أي بلا دليل علمي شرعي» وقد اعترف الشيخ المصباح في حدوث الغموض 
والشك والحيرة حول موضوع الخلف للامام العسكري» فكيف يدعي بعد ذلك أنه جزء من الغيب» 
ويحذر من الشك به خوفا من الشك بالله والكفر والضلال؟ 

ولم أفهم ماذا يعني الشيخ المصباح "بالمنهج المادي الذي بمارسه المستشرقون في دراسة عقائد 
المسلمين" مع ان هذا الموضوع مطروح للنقاش في أوساط المسلمين والشيعة منذ حوالي ألف ومائتي عام. 
ولكني أعرف وجود منهج حشوي باطني مغال أسطوري» كان يحاول دس نفسه في صفوف الشيعة منذ 
الفجر الأول للإسلام. 

نعود الى مسألة الشك واليقين» فنقول: ان كل المذاهب والأديان الباطلة في العالم تعتقد وتنطوي على 
يقين» فهل يجوز لأبنائها التسليم بما ورثوه من آبائهم وأحدادهم؟ أم يجب عليهم طرح الشك الابتدائي؛ 
والتفكير بموضوعية وحيادية في كل عقيدة» حتى يعرفوا الحق ويعذروا أمام الله؟ 

وهل نزل علينا أو على علمائنا جبرئيل (عليه السلام) ليخبرنا أو يخبرهم أتمم على صواب مائة في المائة 
» في كل شيء؟ واذا كنا نؤمن بالاسلام بيقين» فهل يعني أن علينا تقبل كل الأفكار الموروثة باسم 
الاسلام والتشيع حزمة واحدة؟ ولا يجوز التشكيك أو رفض أية مسألة » حتى لو كانت مثل مسألة 


350 


دص 789 ممم 


205 


وحود ابن الحسن» الذي حام حولها الشك ف القرون الأولى » وأصيب الشيعة بسببها بالحيرة 
والاضطراب؟. 

والغريب ان الشيخ المصباح الذي لم يتوقف ليدرس أية رواية أو راوء وقبل جميع الحكايات الأسطورية 
الواردة حول الموضوع بكل يسر وسهولة (ما عدا حكاية الاختباء في السرداب) ادعى ان الكاتب الذي 
يشكك في تلك الروايات " ليس من اصحاب الاختصاص في علم الحديث والرحال. وان بحثه مناف 
لأسس الاستدلال الأصولي العلمي» والاستقراء المنطقي» اللذين يعتمدان على نفي الشك باليقين 
ولبمن بالعكس. /9 

ويا ليته عرّف لنا "الاجماع" و "التواتر" في ظل الشك والحيرة والاضطراب؟ ودلنا على "أصول 
الاستدلال الأصولي العلمي» والاستقراء المنطقي". وشرح لنا "مباديء علم الحديث والرحال". 
ضعف السند بقوة المتن» اذا كان مطابقا لمباني الشيعة". *735 

وإضافة الى ذلك» فقد قدم لنا رؤية أصولية جديدة حول جواز القياس والتشبيه التعسفى في مسائل 
العقيدة والتاريخ» مثل قياس حفاء مولد (الامام المهدي) وغيبته» على حفاء مولد النبي موسى (عليه 
السلام) وغيبته» أو طول عمر (الامام المهدي) على طول عمر النبي نوح (عليه السلام)؛ أو صغر عمر 
ابن الحسن عند وفاة أبيه وتوليه الامامة» بصغر عمر النبي يحبى (عليه السلام) الذي آتاه الله الحكم 
صبياء فقال:"ما يوكد جهله (الكاتب) أيضا منعه للقياس في الأمور العقائدية والعقلية والتارخية» ظنا منه 
بحرمته في مثل هذه الموارد حلافا لما عليه علماوّنا في حليته فيها وحرمته في الفروع فقعل" 199 وتابع 
قائلا:"ألم يذكر القرآن الكريم قصة ممائلة لقصة المهدي والخليفة العباسي» تلك هي قصة موسى 
وفرعون.. أليس هذا دليلا قاطعا يغبت ما نقول؟ فمثلما أبحى الله موسى (ع) من كيد فرعون رغم شدة 
بطشه وإصراره على استباحة النساء وذبح الأبناء» أنحى الله المهدي المنتظر من كيد الخليفة 
العباسى..وعاش المهدي تحت ظل الحكومة العباسية الغاشمة بالرغم من شدة بطشها واستبدادهاء كما 
عاش موسى ف قصر فرعون بالرغم منه» لكن الفرق بينهما أن موسى عاش ظاهرا مرئياء بينما أدركت 
عناية الله ورحمته المهدي فأحفته عن أنظار حصومه المتربصين به» فكانت الغيبة الصغرى والكبرى. 


نا 


دص 515 
5" - حيث يقول :" ان في قوة المقن اذا كان مطابقا لمباني الشيعة يحبر ضعف السند» فالذي لا علم له في الرواية 
والربحال يشكل مثل هذه الاشكالات الدالة على جهله وعدم معرفته بقواعد العلم ومبانيه". ص 537 


لحك 


دص 55117 


256 





ان الظروف السياسية المشبعة بالخوف والارهاب جعلت الامام العسكري يحيط الولادة بحو في غاية 
السرية والكتمان» ويخفي ولادة وليده عن أقرب المقربين اليه عدا أخته وخادمه العمريء لثئلا يعلم 
الحاكم الجائر بالوليد وهو بالمهد".”7” 

وكنت قد رفضت في كتابي قياس تلك الأمور المدعاة في ثنايا أسطورة المهدي. وفرقت بين الإيمان 
بالقصص التي يذكرها القرآن الكريم من باب الإعجاز الالمي» وبين الدعاوى الباطلة التي لا تستند الى 
دليل» وبعدم جواز القياس والتشبيه بحرد الامكان العقلي أو حدوث بعض الأمور في التاريخ» ولذلك لا 
يمكن أحدا أن يدعي مثلا ان المهدي ولد أو سيولد من دون أبء, لأن النبي عيسى (عليه السلام) قد 
ولد كذلك. 


حجية الإجماع 

لقد اعتمد الشيخ المصباح في بناء "يقينه" بوحود (محمد بن الحسن العسكري) على "إجماع علمائنا 
العظام الذين أجمعوا على وثاقة السفراء الأربعة". ولكنه لم يشرح لنا حجية هذا الإجماع المدعى والمتأخر 
(بعد حصول الشك والحيرة والاضطراب) في حين ان الإجماع أساسا ليس بحجة عند الشيعة الامامية 
الاثني عشرية» الا اذا كشف يقينا عن قول المعصوم, والمفروض حدوث الشك» حسبما يعترف المصباح» 
فكيف يكون الإجماع المتأخر حجة؟ واذا كان الشيعة بعد الامام العسكري قد تفرقواواحتلفوا وتفل 
بعضهم ل وجوه بعض ولعن بعضهم بعضاء وكان الذين ادعوا النيابة والوكالة عن (الامام المهدي) 
يكذب بعضهم بعضاء فكيف حصل الوثوق والاطمئنان بأقوال "السفراء الأربعة" والاطمئنان اليهم من 
بين السفراء الكذابين مدعي النيابة؟ وعلى أي أساس؟ 

ان الشيخ المصباح لا يريد أن يفكر في هذه الامور. 

وربما لا نعدو الحقيقة . اذا قلنا ان المرحوم الشيخ المصباح كان حاصلا على درحة تلميذ مقلد 
بامتياز . فقد كان شاطراً بنقل أقوال مؤسسي المذهب الاثني عشري القدماء» دون تفكير أو تمحيص أو 
نقد او تساؤلء وما ينقله لنا في هذا ا محال هذا القول الافتراضي:" اذا ثبت بطلان كل أقوال اصحاب 
الفرق المحالفة بأدلة الشيخ الطوسي علمنا بصحة ما قاله الشيعة الامامية من ان المهدي مولود» وهو ابن 
الحسن العسكري لا غير» وانه حي يرزق من يوم ولدته أمه الى الوقت الحاضرء غير انه غائب عن 
الأبصار".١'”‏ 


ومع انه ادعى قبل قليل » وف اكثر من مكان من كتابه "وجود الخنوف والارهاب الذي دفع الامام 
العسكري الى إحفاء ولادة ابنه عن أقرب المقربين اليه ما عدا أثنين".''" فانه عاد ليناقض نفسه بنفسه 
ويقول:"تحقق الأمل المنشود بولادته الي حصلت في عاصمة الدولة العباسية» وشاعت أخبارها لا أقل 
بين الموالين لأبيه الامام الحسن» وشهد الكثير منهم شخصه: وعرف همائله» وبعد استشهاد ابيه 
واستلامه للامامة شهد سفراؤه الأربعة ونقلوا للحم الأموال وتبادلوا الرسائل المرسلة الى الناحية المقدسة 
والصادرة منها لمدة سبعين سنة" "0" 

وبالرغم من أنه ذكر حدوث الاحتلاف بين الشيعة أنفسهم, قبل سائر المسلمين» حول مسألة وحود 
ابن الحسن وولادته» الا انه عاد فادعى حصول الاجماع بني المسلمين على ولادته» فقال: "ذكرت كتب 
العامة والخاصة تاريخ ولادة المهدي وأجمعت على أن ولادته في النصف من شعبان سنة 755 وبينت 
نسبه وحسبه وسبب احفائه من قبل أبيه". 4'” 

ولكي يبرر حكاية شيوع أخبار ولادة ابن الحسنء عاد فنفى استمرار الخوف والإرهاب والتفتيش أو 
الاهتمام العباسي بالوليد» فقال:"ان الاخطار المحدقة بالدولة العباسية حينذاك» قد أرغمتها على أن 
تغض النظر بصورة مؤقتة عن مسألة المهدي لتقوم بمواجهة الأحطار الجدية التي تمدد وجودها بالفناء 
حاليا» فكانت تلك الظروف عاملا مهما من العوامل التي مهدت السبيل لغيبة المهدي وتثبيت سفرائه» 
وتوثيق الصلة بشيعته ومواليه من خلالهم".”'” 

وقد استشهد الشيخ المصباح بقول للسيد محمد باقر الصدرء في كتابه (بحث حول المهدي):" لقد 
قيل قليما ان حبل الكذب قصير ومنطق الحياة يثبت أيضا ان من المستحيل عمليا بحساب الاحتمالات 
أن تعيش اكذوبة بمذا الشكل» وكل هذه المدة» وضمن كل تلك العلاقات والأحذ والعطاء» ثم تكسب 
ثقة جميع من حولها. وهكذا نعرف ان ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن ان تعتبر بمثابة تحربة علمية لاثبات ما 
لما من واقع موضوعيء والتسليم بالامام القائد بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي 
استتر بموحبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد".":” 

ولا يبمكننا الا تصديق مقدمته الأولى:"ان حبل الكذب قصير" والتوقف عند استنتاجه دوام تلك 
الحكاية؛ لأتما انقرضت وبادتء ولم تكن أكثر من أسطورة دخيلة في التشيع والاسلام. لم تحلب سوى 
الغيبة والعزلة للشيعة على مدى التاريخ» ولذلك تخلى عنها الشيعة اليوم وانخرطوا في الحياة الديموقراطية. 


- ص م 
57 داص ١١"‏ 
3 دص ١٠١‏ 
*" اص ١85‏ 
501 اص ١/7‏ 


208 





قفة أخيرة مع اتمامات المصباح وافتراءاته 
وفعة اخيرة مع ماج واقارا 


وفي الختام» لا يسعنا الا التوقف قليلا عند الاتمامات الباطلة التي ملا بما كتابه من بدايته الى تحايته 
ضد المشككين بوحود (الامام الثاني عشر) بعد أن عجز عن تقديم الأدلة العلمية على ذلكء والتي 
ساقها بناء على منهجه القائم على الظن والتخخمين والتحليل والافتراض» والتهرب من ذكر الأدلة 
والبراهين. وكيل السباب والشتائم والدعوة للقتل والإرهاب. 

فقد قال:"ظهر في الآونة الأخيرة كتاب مأحورون وظفوا أقلامهم لخدمة أغراض أسيادهم المستكبرين 
الذين ما فتروا برهة من الزمن عن محاربة الاسلام وعقائده السامية. فزعم هؤلاء الكتاب أن مسألة 
المهدي قصة خرافية منسوحة من حيوط الوهم والخيال» لا أصل لما ولا حذور تاريخية» متغافلين عما 
جاء به الرسول الأعظم من الروايات المتواترة التي روتما كتب الفريقين من المسلمين على حد سواء".":” 
"والذي يهمنا هنا معرفة الدوافع الكامنة وراء هذا التحرك المشبوه والنشاط المريب الذي تقف وراءه دوائر 
الاستكبار العالمي المسيرة من قبل الصهيونية العالمية".*'” "ولأجل ان تكون هذه الحملة التحريفية ذات 
أثر فعال سخرت أجهزة المخابرات الاستكبارية عددا من عملائها المتسترين بالتشيع ليكون كلامهم 
أكثر تأثيرا في نفوس السذج من الشيعة المتأثرين بأفكار المستشرقين التحريفية الضالة".3'” 


ثم قال متأسفاً ومحرضا على الإرهاب:" ان الامام الخميني أصدر فتوى بإهدار دم سلمان رشدي 
ونظائره» وأوجب قتله. فلو نفذت الجماهير المؤمنة تلك الفتوى ف حينها لما تحرأت هذه العناصر الضالة 


أن تحذو حذوه وتمارس نفس الدرب التحريفي الذي مارسه سلمان وأشباهه". "١١‏ 

3” - مع السيد إدريس الحسيني في كتابه: (من الشك الى الشك)١١”‏ 

كال دص 8 

لا د ص ١١‏ 

لحن دص ٠١‏ 

١١ دص‎ 5٠ 

'" - إدريس الحسيني» من الشك الى الشك حينما يكون السير القهقرى سؤال الامامة بجدداء دار الخليج العربي» 
بيروت» ٠..1١‏ 


209 





الخلط بين النبوة والإمامة» والفصل بين الإمامة والخلافة 


رما كان كتاب السيد إدريس الحسيني» وهو صحفي مغربي متشيع؛ كتابا متميزا من بين الكتب التي 
تصدت للرد على كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) فهو يصدر من شخص متشيع حديثاء ولكنه 
يتهمني ليس بعدم معرفة المذهب الإمامي الآنء وانما بعدم معرفته سابقاء رغم أني نشأت في أحضان هذا 
المذهب » وكتبت منذ السبعينات عدة كتب للدعوة اليه» وقمت بتشييع عدد من الاخوة السودانيين» 
وتأسيس حركة شيعية إمامية في السودان في أواسط الثمانينات. 

ومع أن أعتقد أني وصلت الى جوهر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) بعد إزاحة غبار الأساطير 
المتراكمة عليه» فانه يقول وبكل ثقة بأني انطلق في نقدي للفكر الإمامي من الجهل وعدم المعرفة. 
وبالطبع فانه يعني بذلك عدم التطابق مع الصورة التي يحملها عن نظرية الإمامة. 

يقول في مقدمة كتابه:"لئن كان الكاتب لم يفهم المغزى الفلسفي العميق وراء فكرة المهدي المنتظرء 
فتلك مشكلته؛ لأنه ظل طيلة هذه الفترة جاهلا بعقائده, حتى إذا شب ضرب أخماسا بأسداسء فلو أنه 
بقي حاهلا مقلدا لكان ذلك خيرا له وأفضل من أن ينقلب باحثا ضالا. ان أولى تلك الأوهام التي وقع 
فيها الكاتبء أنه وضع الامام المهدي والوصية والامامة» نقيضا للشورى والديموقراطية. ولهذا انزلق عقله 
الضيق الى أن يضحي بإحدى المعتقدات لصالح الأخرى.. والكاتب كثيرا ما يسء فهم "الغيب" لذلك 
فإن جل انتقاداته في هذا الاتحاه تكشف أن العقيدة الاسلامية بمنطلقها الأصيل لم تحد لما في ذهن 
اللكام ا 5 

ويضيف:"حتى وان ادعى الكاتب بأنه إمامي في الأصلء» فققد كان من عامة الناس الذين ورثوا اعتقادا 
دون أن يفهموا فلسفته.. انه بجرد رد فعل عن معتقد غامضء وساذج عن الامامة» وليس رد فعل علمي 
عن عقيدة مدركة بفكر ونظر". 1" 

ونقول للسيد إدريس الحسيني» بأن مفهومنا للإمامة» يعني الحكم والخلافة والزعامة والرئاسة والإمارة» 
وما الى ذلك من معان السلطة؛ التي احتاج اليها المسلمون بعد وفاة رسول الله (ص) واحتتام النبوة 
وانقطاع الوحيء. لتطبيق الشريعة الاسلامية» وهو ما دار حوله علم الكلام الشيعي والسني في القرون 
الأولى» واختلف الشيعة الإمامية عن غيرهم باشتراط العصمة والنص في الإمام» وعدم الاكتفاء بالعلم 
والعدالة والكفاءة. ولا معنى للإمامة غير هذاء الا ما ادعاه الغلاة والمتطرفون من الإمامية بأن الامامة 
كالنبوة أو امتداد لحاء أو نيابة عن الله في إدارة الكون. (كما رأينا الوحيد الخراساني وتلميذيه العاملي 


كاده 
دص 6 
١‏ 


١١7 دص‎ 


200 


وكمال الحيدري يعتقدون). أما عامة الشيعة الإمامية عبر التاريخ فلم يكن لحم مفهوم للإمامة سوى 
الخلافة والحكم والرئاسة. ولذلك قلنا بأن الغيبة تناقض الإمامة» وأن هذه النظرية وصلت الى طريق 
مسدود وانقرضتء وتخلى عنها الشيعة اليوم ليلتزموا بنظام الشورى أو ولاية الفقيه. 

وبدلا من أن يستوعب السيد إدريس الحسيني هذه التطورات» ويتجاوز النظريات التاريخية البائدة» فإنه 
يحاول أن يعلمنا نظرية الإمامة من جديد. وخاصة بعدما تحول الى "التشيع" (...) وبالخصوص بعد ما 
تخلينا نحن عن تلك النظرية المثالية الوهمية. فيقدم لنا تصورا جديدا مقتبسا من تراث الغلاة يخلط بين 
الامامة والنبوة» ويفصل بينها وبين معنى الخلافة. وإذ يقوم بذلك فانه يتهمنا بالفصل بين النبوة والإمامة» 
والخلط بين الامامة والخلافة! وبمحاولة تأسيس مذهب خاص في التشيع» على أنقاض الإمامة يسميه 


"'بالديموقراطية الكاتبية". لم 


ويقول:"إن أكبر الأوهام التي أقام الكاتب عليها كافة مهاتراته» هو الخلط بين الإمامة ككفاءة 

والخلافة كحكومة زمنية خالصة. وهذا الوهم قديم في تاريخ الجدل الفكري والكلامي ما بين أنصار 
الإمامة وحصومها. بل هو صراع زاد من شحنته الإسراف والتجهيل والأجواء الطائفية والمذهبية التي 
جعلت خصوم الإمامية لا يبذلون أدن حهد لتفهم حوهر الإمامة وفلسفتهاء تلك الفلسفة التي تلحص 
لنا الإمامة كامتداد طبيعي للنبوة. أي ان الحاجة الى الامامة هي حاجة تشريعية أولاً وقبل كل شيء. 
فاذا كان الناس أحرارا في احتيار حكامهم حتى ولو أدى اختيارهم الى اطراح حكومة الامام» فان 
الكفاءة لا تدرك بالاحتيار» فهي تماما كالنبوة» جملة من الصفات والشروط» ولا تثبت ولا تلغى 
بالاختيار. لقد وجهنا الخالق على نحو الارشاد الى أنه حيثما وجدت الكفاءة فعلى العاقل المكلف أن 
يختارها. 

ومن هنا نلاحظ أن كل الأفكار التي صاغها الكاتب أو بالأحرى اجترها من خصوم الإمامية» إنما 
كانت قائمة على أساس ذلك الخلط بين الامامة ككفاءة جوهرية راسخة في حقيقة الشخصء سواء 
حكم أو لم يحكمء وبين الحكومة الزمنية بما هي ثابتة بالاحتيار. 

واذا كان المكلفون غير مكرهين على اختيار معين في دنياهم» فلا ينبغي أن ننسى بأن الجانب 
التكليفي من الاسلام يشغل ذمة أولئك الرافضين للإمامة "الكفاءة" بحرد أتما لا تلبي مصالحهم 
الشخصية» فهم آثمون بإقصائهم الإمامة التي أناط المشرع بما بيان التشريع وتأويله» بعد أن اكتمل تنزيله» 
ويتطلب الأمر بمنا أن لا نكون متشرعين ولا مؤمنين حتى نستسيغ كون الشريعة متروكة لغير المعصومين 
في إدراك أحكامها الواقعية. 


1 


دص ١5١‏ وص ”"” 


201 


إذن الإمامة هي جوهر النبوة ذاتهاء انما حقيقة لحا سندها في روح التصور الاسلامي لقضية التشريع 
واستمرارية بيانه» هذا اذا كان المطلوب أن تختار الأمة الشريعة الاسلامية حكما لها. 

ان مسألة الإمامة لم تنتظم كإشكالية كلامية» لعب التاريخ دورا كبيرا في تكاملها وتناسقهاء بل هي 
مطلب ظهرت أهميته للوهلة الأولى بعد أن التحق صاحب الدعوة بالرفيق الأعلى" "٠5‏ 

ويستدل على كلامه بالقول:"ان حقيقة الإمامة تكمن في نقطة واحدة. ان الله تعالى يقول في كتابه 
الكريم: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) النحل 84» ولا أحد يملك أن يكشف عن كل ما في 
الكتاب» بل ولا أحد يستطيع أن يتحدث عن كل شيء من خلال القرآن.. ولا بملك ذلك الا الامام.. 
فهو الناطق عن القرآنء العال بتأويله الراسخ في العلم» عدل القرآن» والثقل الأصغر".١١”‏ 


ونظرا لفصل السيد الحسيني بين الامامة والخلافة» فانه لم يجد مانعا من قبول الأحاديث الواردة عن 
أهل الببيت والتي تتحدث عن الشورى:"نقول للكاتب: نعم» ان فكر أهل البيت السياسي لا يناقض 
الشورى وحق الاختيار» ولكن لا يعني ذلك أن دعمهم للشورى مناقض لحقيقة الإمامة والنص 
والشرعية. بل ان الامامة خارجة تخصصا عن اختصاص أو حق الشورى» ليس شرعاء بل تكوينا"."١"‏ 

ويقول:" نعم» هناك نصوص تتحدث عن الامامة وأخرى عن الشورى. والأثمة لم يروا أي تناقض بين 
ذلك. ان الأئمة لم يتحدثوا عن أن الامامة تتحقق بالشورى؛ ولو كان الكاتب يقصد ذلك فهو متقول» 
فليأت بدليل. ان القول بالامامة لا يناقض القول بالشورى في مذهب أهل البيت. ولهذا نلاحظ أن 
سقوط حيار الإمامة في التاريخ الاسلامي» رافقه سقوط لخيار الشورى أيضا. ان الامامة والشورى معا 
كانا ضحية الخلافة والخلفاء منذ السقيفة. وانه لا وحود لأي نص لدى الامامية يناقض القول 
بالامامة". 518 

وعندما يمر على موضوع تنازل الامام الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية» والذي يدل على كون 
الخلافة أمرا دنيويا وليس أمرا دينيا منصوصا عليه من الله» يحاول الحسيني أن يفصل بين الإمامة والخلافة» 
فيقول:"الامام الحسن لم يتنازل عن الإمامة وانما عن الخلافة الزمنية".*١"‏ ثم يقول:"من قال ان الحسن 
تنازل عنها؟ ومتى كان المرء قادرا على التنازل عن كفاءته؟ فهذا كمن يرى أن المشمش قابل للتنازل 


ذا 


حا ا 11 
0 دص ١١6‏ 
يك دص 4” 
8 داص ده 
88 - ص مام 


202 





عن مشمشيته. فعل نفهم أن عليا تنازل عنها هو أيضا؟ ان عدم قبول الناس بحكم الامام أو النبي لا 
يعني سلب الامامة أو النبوة عنهما". ويضيف:"ان الكاتب يخلط هنا بين الامامة والخلافة الزمنية. وهو 
ما يؤكد لي أنه جاهل تماما بجوهر الامامة. ان تنازل الامام الحسن كان إكراها مثلما أكره الامام علي » 
بل ومثلما أكره أنبياء كثيرون على الانسحاب و«التراجع» وقتلوا وذبحوا.. ولم يكن ذلك ليلغي نبوتهم 
فالنبوة كفاءة وملكة وكذلك الامامة. والأئمة لم يتنازلوا عنهاء بل أكرهوا على الانسحاب". *'" "ان 
الامامة بغض النظر عن أهل البيت (عليهم السلام) هي لطف وضوورة ثابتة وراححة بحكم العقل» 
والدين بلا إمامة لا حصن له عن الانمحاق". ""١‏ 


ان السيد إدريس الحسيني » كما قلناء يلتزم بتصور معين عن الإمامة يقارب أو يشابه النبوة» ويحول أن 
يقرأ التاريخ على ضوئه؛ ولكنه عندما يمعن النظر في سيرة الامام علي بن أبي طالب, يجد أنه يخالف 
تصوراته»ولا يجد أثرا لها في ثقافة الحيل الاسلامي الأول» فيقول:"لقد أدرك علي أن الشورى في المهاحرين 
والأنصار من باب القوة والشوكة» فمن لم يعينه هؤلاء لا محال أمامه كي بمضي بعيدا. كذلك كان موقفه 
بعد مقتل عثمان» بل ان تلك شهادة كبرى على أن الامام زهد في الخلافة حينما أدرك أن الظروف لا 
تسمح له بأكثر من ممارسته الخلافة السياسية, ولذا كان في قراره ما يذكر بأن زهد علي بن أبي 
طالب في الخلافة الزمنية» لا يعني أبدا زهده في الإمامة. وحيث أن البيعة التي تمت لعلي يومهاء لم تأخذ 
بعين الاعتبار الحق الشرعي لإمامته, فقد كان بخيار أن يقبلها أو يتركها. 

ان الامام عليا فرض عليه بعدها أن يحكم بمنطق الخلافة وليس بمنطق الإمامة» والفرق بين 
المفهومين كبير حدا. انها خلافة إمام مرفوض الإمامة. 

ان الخلافة فعلا لم تعد تمثل شيئا بالنسبة لعلي بن أبي طالب» وكفى بذلك شاهدا على أن الأمر شهد 
انحرافا حقيقيا عن قدسية الخلافة وشرعيتها. والامام كان قد وقف موقفه ذاك يوم السقيفة» حرصا على 
كفاءته كإمام. أما وقد اغتصبت الامامة وغيبت» فان عليا م يعد مصرا على خلافة سياسية» الا أن 
يقيم بما حقا أو يزيل بما باطلا. 

ثم لا زلت أتساءل بعد ذلك» كيف يذهب علي بن أبي طالب» الذي رفض الخلافة للأولين» فيعرضها 
على طلحة والزبير؟ وهو يدرك أن لا حق له في أن يسلمها لهما... 


203 


هادفا الى الزام أولئك الخصوم بالبيعة» أي الزامهم بما ألزموا به أنفسهم. لقد ادرك علي أن أمثال طلحة 
والزبير ومعاوية لم يؤمنوا بإمامته» فلم الاحتجاج عليهم بأمر لا يعتقدونه ولا يقرون له به؟ ولا يعقل أن 


يحتج علي على القوم بالإمامة» وهو يدرك أنه لم يبايع كإمام وانما كخليفة".""” 


ولكن السيد إدريس الحسيني يرتبك عندما يواحه أحاديث أهل البيت الصحيحة التي تمزجح بين 
مفهومي الامامة والخلافة أو الولاية» وتعتمد مبدأ الشورى ولا تشترط العصمة في الإمام» مثل حديث 
الامام علي:"انه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم وإمامة المسلمين» البخيل.. ولا 
الجافي.. ولا المرتشي.." حيث يحاول الحسيني أن يتلاعب بالألفاظ ويفسر معنى (العصمة) تفسيرا 
حديداء فيقول:"ان حديث الامام عن الشورى لا يناقض العصمة".""” وان "هذه الأخبار تدل على أن 
الامام ينبغي أن يتحلى بصفات لو اجتمعت في واحد لكان معصوماء إذ ما العصمة الا ذلك.ولماذا لا 
يحتمل أن يكون معنى الوالي هنا عماله وأمراؤه في البلدان؟ لماذا يصر الكاتب على أنتما تعنبي شخص 
الامام» أي الإمام الأكبر". +" مع ان نص الامام هنا صريح بالحديث عن 'إمامة المسلمين". 


وبدلا من استنطاق التاريخ والتعرف على فكر أهل البيت» والنظر الى سيرتهم» فان الاستاذ الحسيني 
يقتبس تصوراته عن الإمامة من الغلاة» ويعتقد بأتما درحة تقارب النبوة وفوق السياسة» وأن طريقها 
النص وليس الشورى» ولذلك يهاجمني قائلا:"الكاتب ينظر الى الامامة باعتبارها محرد خلافة زمنية أو 
رئاسة دولة. ونحن نقول له: نعم» لو كان الأمر كذلكء؛ لكانت الشورى هي الطريق المسلكي لاختيار 
الخليفة. لكن هيهات أن تكون الامامة جرد رئاسة دولة أو خلافة زمنية. وقد رأينا كيف أن أمير المؤمنين 
حينما استأصل المغتصبون حقه في الامامة الكاملة» زهد فيها واعتبر مجرد الخلافة الزمنية لا تكفي. 

إذن تلك شهادة أخرى على أن صاحبنا لا يفقه في أمر الامامة شيئاء وقد سبق وذكر أمير المؤمنين 
بأنه لا بد للناس من امام بر أو فاحرء فالأرض لا تخلو من ذلك على الاطلاق. لكن الامامة أمر 
مختلف تماماء انما تملا ثغرة كبرى في دنيا الناس» الثغرة التي تحدث بوفاة الرسول (ص)... ان الرسول قال: 
ان موت العالم ثغرة في الاسلام لا يسدها الا عالم مثله» فاذا كان هذا ثابتا في حق عامة العلماء» فان 


ذهاب الرسول لهو أكبر ثغرة في الاسلام لا يسدها الا امام".*"" 


0 عراف 4ت ها 
م صو اما 
0 ضض نا 
ع حاض ١25‏ 


204 





ولا يسعنا هنا أن نناقش السيد إدريس الحسيني في أدلته حول نظريته المغالية في الأمامة » فوق 
السياسية» القريبة من النبوة» فهو يعترف في كتابه بأنه كتب ما كتب على وحه السرعة » حيث يقول: 
"كانت تلك باختصار ملاحظات سريعة كتبت على عجل في خضم اطلاعنا على ما حفل به كتاب 
أحمد الكاتب من شبهات أكل الدهر عليها وشربء» نحن أعرف بما منه» وما كانت لتمنعنا من الوصول 
الى حقيقة الامامة الكبرى» أو بالاحرى الى جزء من سرها المكنون ليس الا". 71" 

ومع ذلك فهو يعتقد أن نظريته هذه تمثل الحق المطلق» وان أية قراءة أخرى مخالفة لما تمل شبهات 
باطلة» وعندما نسأله أين مصاديق هذه النظرية » بغض النظر عن صحتها؟ ولماذا توقفت منذ وفاة 
الامام الحادي عشر (الحسن العسكري) إذا كان يجب أن تستمر الى يوم القيامة؟ وسواء كان (الامام 
الثاني عشر) موجودا أم لاء ألا تشكل الغيبة تناقضا صارخا وعمليا مع هذه النظرية؟ بمعنى هل لدينا 
منذ ألف عام من يقوم بمهام الإمامة الالحية؟ يجيبنا السيد الحسيني بالأجوبة التقليدية التي اعتاد الامامية 
مواجهة تلك الأسئلة بماء وهي أنه لا تناقض بين ضرورة الامامة» والغيبة» وان الغيبة مسؤولية الأمة وليس 
الامام. 

وبدلا من أن يبحث حقيقة وجود الامام الثاني عشرء ليتأكد من حطأ نظريته المثالية الوهمية» فان 
الحسيني يقفز على هذه المسألة» ويحاول انقاذ النظرية العقيمة. 

يقول:" الغيبة تأحيل لدور الامام فرضته ظروف انعدام الأمن» وان الكاتب يتوهم حينما يخلط بين 
غياب الامام وعدم وحوده مطلقاء نعم » الامامة مستمرة الى يوم القامة» وغياب الامام هو مصداق 
كبير على تلك الاستمرارية". ""” و"ان ادعاء الكاتب بأن الغيبة تناقض فلسفة الامامة صحيح لو 
كان الامام انما غاب لغرض الاستمتاع بغيبته» أما والظروف الأمنية لم تكن تسمح له وهو الذي يوكل 
بالقيام في الأرضء فان وحوده يومئذ وفي كل زمان لا يتوفر فيه أنصار له يبقى خطرا على العالم. لم لا 
بد أن نوحه هذا السؤال الى الكاتب: هل غيبة النبي أو موته يناقض فلسفة النبوة".*" "ومع ان كلاما 
كهذا يعيدنا الى اشكالية الخلط بين الامامة وقيادة الدولة» فاننا نلاحظ أن شيئا مهما يغيب عن ذهن 
الكاتب» فاذا كان غياب الامام يتناقض مع فلسفة الامامة » فنحن نرى أن غيابه لا يناقضها بل 


للم" 13" 
200 دص ١84‏ 
5 دص ١١٠١‏ 
“" اص ١٠54‏ 
1" اص ١55‏ 


205 





وينسى الحسيني هنا ان الامامة تختلف عن النبوة» على الأقل في مسألة واحدة» وهي التعامل المباشر 
مع الناس بصورة مستمرة» وان النبوة مكرسة في القرآن الكريم» وقد ختمها الله محمد (صلى الله عليه 
وآله) وان الامامة» حسب الفرض » حاجة مستمرة بعد النبوة الى يوم القيامة» ولا تحتمل الغيبة أو 
التأحيل أو البعد عن الناس» سواء بسبب من الناس أو من الأئمة» ولذلك فقد انتقد الامام الرضا 
الواقفية الذين ادعوا غيبة والده موسى بن حعفر وقال لهم:"من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية.. إمام 
حي يعرفه» وقد قال رسول الله (ص) : من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية" وهو 
ما يتناقض مع غيبة الأئمة بأي شكل من الأشكال؛ على العكس من غيبة الأنبياء أو وفاتحم» بعد أداء 
رسالتهم.. ان الحسيني ينسى كل ذلك فيقول:" ان الكاتب هنا لا يأقِ بما يناقض دليل الغيبة» بل بما 
يناقض ادعاءهء فهو يرى أن مهمة الامام هي هداية الناس وتنفيذ الأحكام..أقول: ما دام دور النبي 
(ص) هو هداية الناس» وتنفيذ الاحكام وإخراج الناس من الظلمات الى النور» فلماذا ينتهي دور الأنبياء 
إذن في دنيا الخلق؟ وهل فعلا حرج الناس من الظلمات» وهل خرجوا من الحيرة؟ اذن مثل ذلك تماما 
سؤال الكاتب: لماذا غاب الامام إذن؟ ..أقول: ان وجود الامام هو ايضا حجة تكليفية على من 
أقصوه". ' "" و"يقول الكاتب: وقد رد الامام علي بن موسى الرضا على الواقفية (... من مات وليس 
له امام حي يعرفه يسمع له ويطيع..) وهذا كلام امامي وليس هناك من ينكره, ونحن نقول: نعم لا بد 
أن يكون الامام حيا متعينا حتى يعرفه الناس بالطرق المتسالم عليها في معرفة الأنبياء والأوصياء. 
نعم المهدي حي يعرف, وهو غائب, وليس مجهولا أصلا. القضية أنه غائب» وفرق بين أن أقول 
لك: لا أدري من سيطرق علينا الباب غداء وبين أن أقول : سوف يطرق علينا الباب غدا زيد من 
الناس» فالأول مجهولء والثانى معلوم, وكلاهما في محك الغيبة". "١‏ 

وهكذا يحل الحسيني مشكلة الغيبة» بالادعاء ان الامام الثاني عشر حي معروف! ويكاد يقول أيضا انه 
ليس بغائب "فان أمر الامام لم يخف عن كل الناس» بل هناك خاصة الخاصة وفي طليعتهم النواب 
الأربعة" ."77 

ولم يقل لنا لماذا عاب الامام الرضا على شيعة أبيه (الواقفية) الذين كانوا يعتقدون أن الامام الكاظم 
حي ويعرفونه حق المعرفة؟ ولماذا استنكر عليهم القول بالغيبة؟ ورفض ادعاءاتحم الباطنية باستمرار حياة 
الكاظم خلافا للظاهر من وفاته؟ 


"5 اص *ه١‏ 
ا باص 4و١‏ 
“ساون نا 


206 


ولو توقف السيد إدريس الحسيني هنا قليلا » وتأمل حديث الامام الرضاء لأدرك بعمق حطورة المنهج 
الباطني الذي كان يسوق ما يشاء من النظريات ضد أئمة أهل البيت في حياتهم» واصطنع ما يشاء من 
نظريات وفرضيات أخرى بعد وفاتهم» تحت غطاء (التقية). ولعرف الفاصلة الكبيرة بين فكر أهل البيت» 
وأساطير الغلاة العجيبة والغريبة. ولأيقن بأن نظرية الإمامة لا علاقة لما بأهل البيت ولا علاقة لحم بما. 

ولكن السيد الحسيني يجمد عقله» ويؤحره للغلاة الباطنيين» ويأخحذ على" الكاتب أنه يستنكر مقولة 
التقية في فهم الكثير من المعاني".""” 

أجل ان مقولة التقية تعطل فهم كثير من الأمور» و ذلك بما تقوم به من قلب للأحداث والأقوال 
والأفعال. حيث يصبح الميت حيا والحي ميتاء والحق باطلا والباطل حقاء وأبرز مثال على ذلك هو 
موضوع وفاة الامام العسكري دون خلفء فلو قرأ الانسان التاريخ بصورة طبيعية» لأدرك مضي الامام 
الى ربه وقسمة إرئه بين أمه وأحيه» واستحالة نسبة ولد اليه لم يذكره في حياته» ولم يشر اليه في وصيته. 
ولكن عندما يرفض المرء التاريخ الظاهري» ويحاول أن يقلبه رأسا على عقبء فانه يسمح لخياله 
بالنشاط» ويجيز لنفسه افتراض ما يشاءء وهكذا قام الباطنيون بافتراض ولد للامام العسكري» وفسروا 
عدم التصريح به بوحود ظروف سرية أحاطت بولادته» ومع ان هذه الظروف غير صحيحة ولم تكن 
موجودة» فعلى فرض صحتهاء لا يمكن أن توفر أدلة على ولادته. الا ان الذين أرادوا ان ينسجوا حكاية 
وحود الولد لينقذوا نظرية الإمامة من الاتميارء لم يترددوا بادعاء ما يشاءون دون أن يقدموا على 
مزاعمهم أي دليل. 

والغريب أن يأتي رحل بعد أكثر من ألف عام ليصدقهم في كل ما يقولون! ويتحدث عن أساطيرهم 
وكأنما حقائق غير قابلة للجدال» ويصب لعناته على من يكفر ككا. 

يقول السيد الحسيني بكل ثقة واطمئنان :"ان كتمان ولادة الامام (عج) وإحاطته بحزام من السرية» في 
لحظة حنّ فيها حجنون السلطة في أن تضع يدها على المولود الخطير".*"” ويدعي وحود "مضايقات 
وحصار ضربته السلطة حول أثمة أهل البيت (عليهم السلام) وقد كان خلفاء بني العباس يقيمون ألف 
حساب لؤلاء الأئمة رغم موقفهم الصامت قبل أن يقيموا حسابا واحدا لكل الثورات المناهضة لهم في 
مختلف البلاد. وهذا انما يعني أن الخلفاء أدركوا أن خطر هؤلاء هو حطر استراتيجي», ما داموا يملكون 
برنابجحا حقيقيا وحذريا". “" وينتقد الكاتب لأنه "أقام كل أفكاره على التاريخ العام. ولو شئنا لقلنا 


التاريخ الرسمي. ونحن نقول له: ان المسألة كان يراد منها أن تحدث بعيدا عن عيون البلاط ومؤرخيه. 


50 دص 4 
11 دص ١١‏ 
ا 


فالذي يبحث عن الدقة في مثل هذه الأمور في التاريخ العام» هو لا شك مغالط. ومتى كان التاريخ 
الرسمي» الذي يقصده الكاتب يثبت كل شيء. واذا كانت الغيبة قابلة لأن يثبتها التاريخ الرسمي إذا لما 
كانت الحاحة اليها أصلاء ولما ميت غيبة. وكيف لحدث خاص مثل الغيبة محاط بمذا السياج الكبير من 
التقية أن ترصده عدسة المؤرخ العامي. فالقضايا الواضحة التي يدوتما المؤرخ العامي هي تلك القضايا التي 
تكون واضحة في دنيا الناس. والغيبة كانت أمرا خاصا وسريا". 75" 

وبعد التزامه بالمنهج الباطني» ورفضه للتاريخ الرمي العام لم يجد الحسيني حاحة أو امكانية لبحث 
موضوع الروايات التاريخية السرية التي تحدثت عن ولادة (الامام الثاني عشر) إذ أنه يفترض أنما سرية غير 
قابلة للبحث, ولا يجحد حرجا من التصديق بها بعيون مغمضة في ظلام السرية والكتمان. 

واذا كان ثمة أي محال للتفكير فلا بد أن يفكر بالدليل العقلي (الافتراضي) و"ان الدليل العقلي لا يقوم 
على الفراغ» كما يحاول الكاتب هنا أن يثبت» بل هو دليل يقوم على أدلة نقلية ونصوص"."” "ان أمر 
الغيبة هو أمر غيبي تم بكيفية غيبية. ولأنه غيبي» فان الموقف العقلي منه هو التسليم» ولا يعتبر ذلك 
عجزا في تفسير أسباب الغيبة. ان المسألة في حقيقتها غيبية فلا مجال للتعليل» وان كل ما فسروا به الغيبة 
انما يصلح من باب المقتضي وليس العلة التامة. فان حكمة الله وتدبيره مما لا تحجيط به العقول الناقصة". 


للا 


وعلى رغم شرعية الشك في هكذا ظروف سرية ملفوفة بالكتمان» وعدم جواز التيقن بشيء قبل 
الحصول على الأدلة والبراهين القطعية» وضرورة التمسك بالتاريخ الظاهري الرحمي» فان الحسيني 
يقول:"ان قصارى ما يمكن أن يؤدي اليه هذا التحليل هو موقف الشك ليس الاء وفي أكثر الحالات 
فهو يدعونا الى الاحتمال وليس الى الحكم اليقيني» وقد ذكرنا أن موقف الشك الذي لا ينبني على 
منهج قويم ورؤية نافذة للأمور» هو شك دهمائي لا يليق بمقام الباحثين» بل هو تطوح وتذبذب وقصور 
ذهني» على صاحبه التمرس أكثر في دروس المنطق وباقي ضروب الصنعات العقلية".*"” 

ان وحود الشك في الحقيقة حول الموضوعء ينسف الحكم اليقيني الذي يدعيه الباطنيون الاثنا 
عشريون» ويحول دون بناء عقيدة دينية على أساس أمر افتراضى غامض مشكوك فيه. وما دام الشك 


معقولا ومبررا وموجوداء فانه بمنع شرعا من تبني أية مقولة بلا دليل. ولكن مشكلة المؤمنين بنظرية الإمامة 


ضف دص ١6.‏ 
يفف دص ١84‏ 
لي -د ص ١17‏ 
كف دص ه٠١‏ 


208 





امهم يبنوتما على أوهام ويرفضون الاعتراف بحقائق التاريخ, وهم مستعدون لقلب كل الأمور» ونسبة 
أولاد لمن مات وم يخلف. ويسمون ذلك عقلا ومنطقا وحكمة. 


4 - رسالة الى المرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني 
بسم الله الرحمن الرحيم 
سماحة المرجع الديني الامام السيد محمد رضا الكلبايكاني دام ظله 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم في صحة وعافية لخدمة الاسلام والمسلمين. 


وبعد.. فقد اطلعت على كتاب للميرزا أحمد الصابري الحمداني باسم : (الهداية الى من له الولاية) وهو 


تقرير بحنكم في درس الخارج مطبوع في سنة ١87‏ هجرية ف قم ايران 


وكانت لدي بعض الأسئلة أرجو من ماحتكم توضيحها » وكذلك بعض الملاحظات أرجو الرد عليها 
ولكم جزيل الشكر سلفا » لقد تحدثتم في ذلك الكتاب عن نظرية ولاية الفقيه » وكنتم ف طليعة 
العلماء المعاصرين الذين أيدوا تلك النظرية. وقلتم: لا بد للأمة من زعيم ورئيس وقيم وحاكم, وان لم 
يكن نبيا أو وصياء وان القدر المتيقن من الأمة والرعية للرئاسة والزعامة في الحملة هو العالم الفقيه العادل 
(ص )4١‏ واستشهدتم بقول الفضل بن شاذان في روايته المنسوبة الى الامام الرضاء والتي تقول:" انا لا 
نحد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل عاشوا وبقوا الا بقيم ورئيس لما لا بد منه في أمر الدين والدنيا" 
وقلتم :" ان الظاهر منها ان عدة من الأمور ثما لابد منها في قوام الملة ونظم الرعية» بحيث لولاها لاحتل 
النظام وفسدت معيشة الأنام وكثرت الفتنة وازدادت الحيرة وانحذم حبل الدين والدنياء إذ ليست تلك 
الأمور ما يمكن صدورها من أي شخص وفرد» بل لا بد في إحرائها من وحود الزعيم وحكم القيم الذي 
ا 0 
في باد الأمر الى زعيمهم". وص +1) 


وذهبتم الى القول : ان من المناصب ابحعولة للفقهاء : إجراء الحدود وتنبيه الغافل وإرشاد الجاهل» 
واستدللتم على ذلك بوجوه ثالاثة. وص )2 واشترطتم تسليم الخمس للفقيه باعتباره مبرثا للذمة. 


209 


ولكنكم توقفتم في مسألة الحدود وقلتم:" ان الحدود من الأمور التي يشك في اعتبار الإذن من الامام 
(ع) ويحتمل ان يكون الإذن دحيلا في أصل الوحوب وتعلق الإرادة به » وترتيب المصلحة عليه". 


رص )"١‏ 
فما هو رأيكم بالتحديد؟ هل هو اشتراط إذن الامام المعصوم في إجراء الحدود؟ أم لا ؟ 


وقد كان رأيكم واضحا بالنسبة إلى الجهاد وصلاة الجمعة » حيث اشترطتم حصول الإذن من الامام 
المعصوم او نائبه» فلم تحيزوا الجهاد الابتدائي للفقيه رغم قولكم بأنه القدر المتيقن للرئاسة والزعامة . 
وأحزتم صلاة الجمعة بإذنه» ولكنكم احتطتم وحوبا بأداء الظهر يوم الجمعة. 


وقد شككتم في أصل وجوب الجمعة في عصر الغيبة وقلتم : ( لو شك في اعتبار الإذن في شيء » 
واحتمل كونه دخيلا في أصل وجوبه» وتعلق الإرادة به وترتب المصلحة عليه » كإجراء الحدود واقامة 
الجمعة وغيرها » مما يحتمل كونه من الوظائف التي يقوم بما شخص الامام » أو من هو مأذون منه » 
فحينئذ يكون الشك في أصل التكليف فيجري فيه البراءة » وبالجملة: الإذن المشكوك اعتباره قد يحتمل 
كونه من مقدمات وجود المكلف به » وشرطا فيه » كما لو علم ان الشارع أراد وجود شيئا في الخارج وم 
يرض بتركه » ولكن يشك في انه يعتبر الإذن فيه من نائبه العام او الخاص ؟ أم لا؟ فيرجع الشك الى 
القيد الزائد فيحكم بالأصل على عدم اعتباره. وقد يحتمل الإذن دخيلا في أصل الوحوب وشرطا له » 
كما في صلاة الجمعة لقوله تعالى (اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله ...) لاحتمال 
كون المنادي هو الامام » او المأمور من قبله » فيكون الشك في أصل التكليف والجواز » ومقتضى 
الأصل عدمه). 


وقد ألغيتم وحوب صلاة الجمعة في (عصر الغيبة) من الأساس » باحتمال ان يكون المراد من المنادي 
في الآية: الامام » وان المقصود بذلك الامام ا محتمل هو الامام المعصوم », وان الامام المعصوم هو الامام 
المفترض الغائب (محمد بن الحسن العسكري) ولما لم يغبت منه الإذن في نظركم فقد ألغيتم وحوب صلاة 
الجمعة في هذا العصر » وذلك بالرغم من بناء فعل النداء في الآية على صيغة ا مجهول " اذا نودي" وليس 
المعلوم » بحيث لا يقبل التخصيص بواحد معين » إمام او غير إمام » وانما يكتفى بحصول النداء وتحققه 
في الخارج » كما لا يوحد في الآية أي إشارة الى كون المنادي اماما. 


وهنا أود ان أسأل سماحتكم عن أسباب هذا الاحتمال؟.. وهل يجوز رفع اليد عن إطلاق الآية 
الشريفة بحرد احتمال؟.. وألا يعتبر هذا احتهادا مقابل النص؟.. واحتمالا تعسفيا؟.. مع ان الظاهر من 


300 


الآية هو النداء ا جرد غير المنسوب الى أحد فضلا عن كونه اماما » أو اماما عادلا , أو اماما معصوما 


فما هي أدلة او دوافع تفسير المنادي المحهول بالإمام او الامام المعصوم؟ وحصر النداء به؟ 


واذا حاز لنا اعتبار الفقيه العادل - حسب رأيكم - رئيسا وزعيما فلماذا لا نفسر الآية به » ونعتيره 


الامام الذي يعطي الإذن بصلة الجمعة؟ وما المانع من ذلك؟ 


وهكذا القول في الجهاد الذي يخاطب القرآن الكريم المسلمين للقيام به » ولا يلقي مسئوليته على 
(الامام 46 فضلا عن (الامام العادل أو المعصوم). 


وان شرط العصمة في الامام الذي يعلن الجهاد قد حدث مؤخرا » ومن خلال دليل الإجماع على إذن 
الامام 9 


فاذا اعتبرنا الفقيه العادل رئيسا وزعيما (أي اماما شرعيا) فلماذا لا نربط الجهاد به ونعلق جوازه على 


إذنه؟ 


ألا تعتقدون أننا بحاحة الى إعادة النظر في مسالة الجهاد وصلاة الجمعة والحدود وسائر الأمور التى علقها 
بعض العلماء السابقين الذين كانوا يقولون بنظرية (التقية والانتظار) في عصر الغيبة » حتى ظهور 
المهدي.. كما أعدتم النظر في مسألة الدولة والولاية وأجزتم للفقيه العادل ان يقوم بمهمة الرئاسة والزعامة 
فان إجراء الحدود وإعلان الجهاد والأمر بصلاة الجمعة جزء من أعمال الامام » أي إمام » فلماذا 
تشترطون فيها إذن الامام المعصوم » وقد سمحتم للفقيه ان يقوم بدور الامامة؟ 

وقد لاحظت أنكم استندتم على رواية الفضل بن شاذان عن الامام الرضا (ع) لتبيان أهمية الامامة » 


واستنتجتم منها ضرورة الامامة والرئاسة في عصر الغيبة »؛ رغم ان الرواية تنفي بصراحة وبقوة جواز 
القيام بمهمة الامامة لغير الامام المعصوم المعين من قبل الله تعاللى. 


ولكن لحسن الحظ ان هذه الرواية ليست رواية بالمعنى الصحيح » وانما هي -- كما يقول الفضل بن 
شاذان في العلل - من تأليفه » وهو لم يلتق الامام الرضا » ولا أبوه (شاذان) الذي كان من أصحاب 
الامام الجواد » وكان الفضل معاصرا للامام العسكري وتوف سنة ٠‏ ١هجرية.‏ 


301 


وأخيرا أود ان أسألكم عن فقرة وردت في الكتاب المنسوب إليكم (الحداية الى من له الولاية ) في معرض 
الاستدلال على وجوب طاعة البي وص) والأئمة رع : «ان وجود الأنام وما يعيشون به كله من منهم 
وتمم) رص 507) 


ما المقصود بهذه العبارة التي يشتم منها رائحة الغلو؟ وكيف يكون وجود الأنام ورزقهم من النبي والأئمة 
ويمم؟ وما هو الدليل على ذلك من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ؟ وما هو مصدر هذه الفكرة 
من كتب علمائنا السابقين؟ وهل تتبنون هذه الفكرة الآن؟ أرحو من سماحتكم توضيح هذه النقاط 
والإحابة على هذه الاسئلة » ولكم من الله الأحر الحزيل ومنا الشكر والثناء. 


وأطال الله عمركم وأبقاكم ذحرا للإسلام والمسلمين 


احمد الكاتب 


لندن ١5١5/١/1١‏ لمصادف «١‏ /ب/ "5و١‏ 


5" - رسالة الى فضيلة الشيخ حسن الصفار حفظه الله 
القطيف 


قرأت لكم ف موقعكم على شبكة الانترنت كلمة عن الامام المهدي تحدثتم فيها في البداية عن ضرورة 
الاحتهاد والنظر في المعتقدات التي قلتم انه لا يصح فيها التقليد والاتباع » وذلك لأن الاسلام دين 
العقل وعقائده قائمة على النظر والتفكير » وانه يرفض الخرافات والأساطير وينهى عن الأخذ بشيء قبل 
التأكد منه ( ولا تقف ما ليس لك به علم). 


وانا اتفق معكم في ذلك. 


302 


واتفق معكم ايضا في ضرورة التسليم بالظاهر الإعجازية التي ذكرها القرآن الكريم كتحول النار التي 
أشعلها نمرود بإذن الله بردا وسلاما على إبراهيم (ع) أو ولادة النبي عيسى (ع) من دون أب » أو 
الإسراء والمعراج او طول عمر النبي نوح عليه السلام. 


وتفضلتم بأن الاعتقاد بالإمام المهدي يأت ضمن هذا السياق وانه ثبت بالنقل الذي يقره العقل . 
وان الأحاديث الواردة عن النبي محمد (ص) وأهل بيته فاقت حد التواتر » واستشهدتم على ذلك بأقوال 
الشيخ ابن تيميه والمحدث المعاصر الشيخ محمد بن ناصر الألباني والشيخ يوسف البرقاوي » كما أشرتم 
الى كتاب الشيخ لطف الله الصافي (منتخب الأثر في الامام الثاني عشر) الذي قلتم انه جمع فيه 
7 حديثا حول الامام المهدي من كتب الفريقين السنة والشيعة. 


وقلتم: ان خروج المهدي المنتظر في آخر الزمان مسألة ثابتة عند المسلمين على اخحتلاف مذاهبهم وان 
علماء المسلمين يتفقون على ان المهدي من عترة الرسول ومن ولد فاطمة » لكن هناك اختلافا في 
تفاصيل هذه العقيدة بين المذاهب الكلامية المحتلفة يأحذ كل فريق بما يصح ويثبت لديه. 


وقلتم: بأن الشيعة الامامية يعتقدون بأن الامام المهدي قد ولد في ١١‏ شعبان سنة ه75 من أبيه الامام 
الحسن العسكري وانه لا يزال ينتظر أمر الله لممارسة دوره العالمي ليملا الأرض قسطا وعدلا كما ماقت 
ظلما وجورا. 


وأضفتم : ان النص ثبت لدى الشيعة الامامية من جهة معصومة بذلك فهم ملزمون بقبوله والايمان به. 
ودعمتم قولكم هذا بما قلتم من وجود أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله يتحلاك “فيها' اثى خش 
اماما أو أميرا أو حليفة لهذا الدين . وان هذا العدد لا ينطبق الا على الأئمة الاثنى عشر من أهل 
البيت: 


ولم تحدوا في طول عمر الامام المهدي الممتد منذ منتصف القرن الثالث الحجري حتى اليوم اية استحالة 
عقلية وقلتم: اذا ما ثبت النص الشرعى على وجود الامام المهدي فاننا نقبله كظاهرة إعجازية ينه 
ممتنعة عقلا وائما هى خارقة للعادة ومخالفة للمألوف فقط. 


وقد عقبتم على ذلك الحديث عن الامام المهدي بكلمة قيمة عن عصور التخلف التي عاشتها الامة 
الاسلامية وسادت فيها حالة التعصب المذهبي والنزاعات الطائفية » ودعوتم الى ضرورة بحاوز المسلمين 
لتلك الحالة المزرية وتحمل كل فرقة مسؤولية معتقداتما أمام الله تعالى » كما دعوتم الى ضرورة البحث عن 


303 


الحقيقة عبر الدراسة الموضوعية لموارد الخلاف والحوار البناء البعيد عن التهريج والتشنج والشتم 


والاستهزاء. 
فضيلة الشيخ الموقر 


لا يسعني الا ان أشكركم واكبر فيكم روح الأخوة وامحبة وصوت العقل والاجتهاد والنظر والتفكير ) 
واقدر فيكم روح التسليم للآيات القرآنية الكريمة والنصوص الاسلامية الثابتة والايمان بالغيب والظواهر 
الإعجازية الخارقة للعادة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم , واذا كنت اختلف معكم حول هوية الامام 
المهدي وولادته في الماضي السحيق », بالرغم من اتفاقي معكم حول ظهوره في المستقبل عفاني اعتقد بأن 
الاحتلاف حول هذا الموضوع بين الشيعة الاثني عشرية وبقية الفرق الشيعية والإسلامية لا يتخذ طابع 
الاختلاف العقائدي », إذ أنه لا يتعلق بالتوحيد او النبوة او المعاد او أي اصل من أصول الدين وانما 
حول قضية جزئية تاريخية بسيطة وهي ولادة الامام المهدي في القرن الثالث الحجري أو قبيل ان يأذن الله 
له بالظهور في المستقبل. ومن هنا فاني ارفض بالطبع أي توتر او تشنج او تضحيم لهذه المسالة من هذا 
الطرف او ذاك » او اعتبار قضية وجود الامام المهدي وكونه الثاني عشر من أئمة أهل البيت قضية 


عقائدية كبرى أو ضرورة من ضروريات الدين تدخل صاحبها الحنة او تخرحه من النار. 


ولولا تفاعل هذه القضية مع سلسلة من النظريات السياسية والأحكام الفقهية وتأثيرها على العلاقات 
الشيعية الداحلية والخارحية » وارتباطها خاصة بنظرية ولاية الفقيه الحاكمة في ايران » لما كانت هنالك أية 
ضرورة لبحثها او إثارتما الآن. 

صديقي الفاضل الشيخ الصفار 

لقد لمست فيكم منذ السبعينات حيث تعرفنا على بعضنا البعض في مدرسة الرسول الأعظم في الكويت 
» حب العمل للإسلام والبحث عن مصادر الثقافة الاسلامية النقية ورفض الخرافات والأساطير والتفتيش 


عن الحق والصواب » وكانت محاضراتك القيمة وخاصة أيام عاشوراء نموذجا مثاليا للأحاديث الرسالية 
الموثقة والمنطقية والمعقولة الحادفة الى بناء جيل إسلامي جديد مؤمن بالله والحق والحرية. 

وانطلاقا من ثقتي العظيمة بكم وبنواياكم المخلصة لتوحيد الأمة الاسلامية وتحديد التراث الاسلامي 
وتنقيته ثما علق به من خرافات وأساطير عبر القرون الطويلة » واعادة بناء الحضارة الاسلامية على أسس 
علمية ثابتة.. انطلاقا من ذلك أدعوكم الى مواصلة التفكير واعادة النظر في قضية وحود الامام الثاني 
عشر (محمد بن الحسن العسكري) وولادته في منتصف القرن الثالث الحجري وبقائه على قيد الحياة الى 


304 


يوم والى ان يأذن الله بالخروج. وذلك ليس من منطلق استحالة العمر الطويل او إنكار الظاهر 
الإعجازية الخارقة للعادة ولا من منطلق رفض الابمان بخروج المهدي ف آخر الزمان » واثما من منطلق 
التثبت من ولادة ابن للامام الحسن العسكري فعلا رغم نفي الامام العسكري لذلك ووصيته الى أمه 
وعدم إشارته علنا الى وحود ولد له » والتحقق من دعاوى بعض أصحاب الامام العسكري بوجود ولد 
له في السر والخفاء » والنظر في رواياتحم التاريخية التي يكتنفها التناقض والغلو والخيال الأسطوري. 


عزيزي الشيخ حسن 


ان الشيعة والشيعة الامامية قالوا خلال القرون الثلاثة الحجرية الاولى بنظريات عديدة حول المهدي 
فاعتقد بعضهم ان الامام المهدي هو علي بن ابي طالب واعتقد بعض آخر انه محمد بن الحنفية او ابنه 
أبو هاشم او محمد بن عبد الله بن الحسن ذو النفس الرّكية او الامام الباقر او الامام الصادق او ابنه 
إجماعيل او محمد بن عبد الله الأفطح او الامام الكاظم او عبد الله بن معاوية الطيار او محمد الديباج او 
محمد بن القاسم او يحيلا بن عمر او محمد بن علي الحادي او الامام الحسن العسكري او القائم المجهول 
الذي يظهر في المستقبل » ول يجمعوا على مهدوية شخص معين ماعدا الفرقة الاثني عشرية التي قالت 
بوحود ولد مخفي للامام العسكري وانه المهدي المنتظر. 


ومن هنا يمكننا القول بعدم وحود نص ثابت وصريح من جهة معصومة على ولادة (محمد بن الحسن 
العسكري) ولا توحد ضرورة للالتزام بالإبمان بذلك » حصوصا وان القول بوجوده كان ملفوفا بالسرية 
والكتمان ومخالفة الظاهر. وان الله تعالى لا يحتج على عباده بأمر حفي كهذا . وله الحجة البالغة. 


أما ما تفضلتم به من الاستدلال بأحاديث الاثني عشرية وعدم انطباق هذا العدد الا على أئمة اهل 
البيت فتوحد فيه مناقشات كثيرة من حيث صحة السند والمضمون وامكانية تطبيق العدد على عدد آخر 
من الأئمة كزيد بن علي او الامام عبد الله الأفطح الذي كان يقول بإمامته قسم كبير من الشيعة 
الامامية الفطحية بما يغنينا عن افتراض وجود ولد للامام العسكري خلافا للظاهر وبحرد استكمال العدد. 


شيخنا الكريم 


قبل ان نحدد هوية الامام المهدي او نقول انه محمد بن الحسن العسكري لا بد ان نثبت أولا ولادته 
ووحوده في التاريخ » إذ لا يجوز ان نفترض وحوده بناء على أحاديث عامة او نظريات كلامية فلسفية 


3205 


واذا كان معظم الشيعة الامامية ومعظم شيعة الامام العسكري قد رفضوا التصديق بدعوى فريق صغير 
منهم بوحود ولد له في السر هو الامام من بعده وانه المهدي المنتظر » ورفضوا القبول بحكاياتهم الغريبة 
والغالية والمتناقضة التي تتحدث مرة عن ولادته بصورة إعجازية بحيث لم تعرف أمه بالحمل به حتى 
ساعة الولادة ولم يكن عليها أي أثر للحمل » وان الملائكة او الطيور قد حطفته فورا ولم يعثر على أثر له 
بعد ذلك » وتتحدث مرة اخرى عن رؤيته في حياة أبيه وقيامه بالصلاة على جثمانه واستقباله للوفود في 
سر من رأى على مقربة من الخليفة العباسي المعتمد الذي يقال انه كان يبحث عنه ويحاول قتله.. اذا 
كان معظم الشيعة الامامية فضلا عن عامة المسلمين قد رفضوا التصديق بتلك القصة المشكوك فيها 
لعدم توفر الأدلة الشرعية الكافية والحجج العلمية القاطعة في ذلك الزمان » فماذا يمنع شيعة أهل البيت 
وانحبين لحم من البحث والتحقيق ومواصلة التفكير والنظر والاحتهاد في هذه القضية التي فرقت بين 
الاثني عشرية وعامة الشيعة والمسلمين »أدت الى خروج الاثني عشرية من مسرح التاريخ قرونا طويلة بعد 
التزامهم بانتظار الامام الغائب وتحريمهم العمل السياسي واقامة الدولة الاسلامية في عصر الغيبة الا مع 
حضور الامام المعصوم .وذلك قبل ان يتوصل العلماء البمحددون الى نظرية ولاية الفقيه او الشورى ويقوموا 
بثورة عظمى سمحت لهم بالاحتهاد وتولي الفقيه العادل. 


ألا تتفقون معي بأن الشيعة الحعفرية اليوم قد تحرروا من كثير من نظريات المتكلمين السابقين الوهمية 
وفرضياتهم العقيمة »وانحم باتوا اليوم يقفون في طليعة القائلين بنظرية الشورى؟ ومن هنا فاتحم ليسوا بحاجة 
الى افتراض إمام معصوم يعيش خلف ستار الغيب » وان من الضروري إعادة بحث موضوع وجود الامام 
الثاني عشر وولادته في التاريخ . والتأكد مما اذا كان حقيقة تاريخية؟ أم فرضية فلسفية » وذلك من أجل 
تعزيز الاتحاه الديموقراطي الشعبي في الفكر السياسي الشيعي وإزالة أية عقبات أمام الوحدة الاسلامية؟ 


أمام الجماهير في الطليعة وأنكم من علماء هذه الأمة وروادها الذين يحملون مشعل الإصلاح والتجديد. 


أحمد الكاتب 


١999/١7/7. المصادف‎ ١57١ رمضان‎ 7١ لندن‎ 


306 


56 - مع السيد أمير محمد الكاظمي القزويني في كتابه (الإمام المنتظر) 
سماحة العلامة أمير محمد الكاظمي القزويني حفظه الله الكويت 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 


سيدي الكريم » لقد سررت بردكم العاحل على رسالتي حول الدعوة لبحث ومراجعة دراستي عن الامام 
المهدي » وأشكركم على الكتب القيمة التي أرسلتموها معها.. 


وقد ذكرني كتاب (شبهات حول الشيعة) الذي قرأته يافعا قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما » في 
أيام الحماس الحائل للدفاع عن الاسلام والتشيع في العراق في مواحهة المد الإلحادي والمعادي » وقد 
اطلعت على كتاب (الامام المنتظر) الذي ألفتموه قبل حوالي أربعين عاما » للرد على الشبهات الواردة 
حول وجود المهدي », وقد واصلتم مسيرة العلم والجهاد » وكان لي شرف اللقاء بكم عام ١91748‏ في 
البصرة » وكنت اعتبركم ولا أزال أستاذا كبيرا للحركة الاسلامية والشيعية التي وفقني الله ان أكون جنديا 
صغيرا فيها منذ نعومة أظافري » حيث كتبت عدة كتب عن الامام الحسين (ع) والإمام الصادق (ع) 
والإمام السجاد (ع) والولاية والتشيع والسيدة فاطمة الزهراء وفكر أهل البيت عموماء منذ أكثر من 


ولم تكن الدراسة التي قمت بما في السنوات الماضية والتي ملت الامامة والمهدي والمرجعية الا عملا 
متواضعا في خدمة الاسلام ومدرسة أهل البيت (ع) وبالاعتماد على المصادر الشيعية القديمة فقط ء 
واكتشفت خلانها وحود عدة تيارات فكرية في الحركة الشيعية المعاصرة لأهل البيت » وعدة تيارات 
ولدت بعد رحيل الامام الحسن العسكري » وحاولتا التعرف بدقة وعلمية وأمانة على خط أهل البيت 
بصورة ثابتة ومؤكدة بعيدا عن تخرصات الغلاة وأباطيل المنحرفين » وقد دعوت العلماء والمفكرين الشيعة 


307 


وأساتذة الحركة الاسلامية الشيعية المعاصرة أمثالكم لإلقاء نظرة عليها قبل الطبع ومناقشة ما جاء فيه 
أولا قبل ان تصبح بين أيدي العوام » وأعلنت استعدادي لتعديل اية نقطة فيها أو إلغاء الدراسة 
وإحراقها اذا ثبت لي حطأ المعلومات الواردة فيها » أو طبع الردود في المقدمة اذا لم أقتنع بما » وذلك 
إنصافا للحقيقة وتحاشيا لخداع أحد . ولكني مع الأسف الشديد لم أحظ منكم بكلمة رد شافية أو 
إبداء استعدادكم لإلقاء نظرة على دراستنا او المشاركة في مؤتمر لإبداء وجهة نظركم. وقد كانت رسالتكم 
الحوابية تلخيصا لكتابكم حول (الامام المنتظر) الذي يبدو انه تلخيص لكتاب (الشافي) او (تلخيص 
الشافي) وغيره من كتب الأقدمين . 


ولقد تحدثتم في رسالتكم الحوابية المختصرة عن عدد من الاجماعات بين صفوف الشيعة والمسلمين 
حول (المهدي) و (ولاية الفقيه). واسمحوا لي سيدي الكريم ان أقول لكم بتواضع: انما دعاوى غير 
علمية وغير صحيحة. فاذا كان المسلمون يتفقون على خروج مهدي في آخر الزمان » فان ذلك لا يعني 
إجماعهم على ولادة (محمد بن الحسن العسكري). واذا كان الشيعة يجمعون على انه من أهل البيت 
ومن أولاد الحسين » فانه لم يحدث ان أجمعوا على ولادته بعد وفاة أبيه » حيث انقسموا الى أربعة عشر 
فرقة » ووقعوا في حيرة شديدة » وعكنكم مراجعة كتاب (فرق الشيعة ) للنوختي » و «المقالات والفرق) 
لسعد بن عبد الله الأشعري القمي و(الفصول المختارة » والإرشاد ) للمفيد و (إكمال الدين ) 
للصدوق » و(الغيبة) للنعماني و (الغيبة) للطوسي » وغيرها من الكتب التي تحاول تفنيد آراء الفرق 


واذا كان الشيعة الامامية الاثنا عشرية يجمعون على ولادته ووجوده » فان إجماعهم - حسب علم 
الأصول - غير احجة ) لأن الإجماع المتقدم المقارب لعصر المعصوم هو الحجة لديهم فقطاءع وهذا لا 
يوحد , وقد ناقشنا ذلك مفصلا في الكتاب. 


وكذلك موضوع ولاية الفقيه » الذي يشكل انقلابا على فكر الامامة الالمية واشتراط العصمة والنص 
قي الامام ) لم يكن يوما موضوعا مجمعا عليه بين الشيعة. 


ان كثيرا مما يطرحه بعض الفقهاء والمتكلمين من آراء ويقدمونه للناس على انه : " حكم الله » أو دين 
الله" ما هو في الحقيقة الا من بنات أفكارهم » وربما كان بعيدا عن جدا عن القرآن الكريم والعقل ودين 
الله الحقيقي. ولذا أرحو من سماحتكم ان تقبلوا بوصف «(النظريات) حتى لا نقول (البدع والأباطيل 
والأساطير ) لكثير من (العقائد والأحكام). 


308 


وأرجو ان أجد لديكم الصدر الرحب لمناقشة أية فكرة بموضوعية واحترام وعدم تسرع لمن يرد بعض 
"المسلمات" بوصمه بسرعة بالردة والعمالة وخدمة الاستعمار وخدمة الوهابية » وأنتم أحل من ذلك. 
خاصة انه لا يحق لأي أحد ان يعلن نفسه وصيا على الدين » والا لسمحنا للطرف الآخر ان بمارس 
نفس الدور ويقوم بشن حرب إعلامية شرسة ضد كل من لا يوافق آراءه.. إذن فان المصلحة الاسلامية 
» وروح الموضوعية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم بقوله (وانا أو إياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) 
تدفعنا لاحترام الرأي الآحر » والتشكيك قليلا بموروثاتنا الثقافية التي لم ندرسها دراسة علمية ولم نجتهد 
فيها. وان من المهم والضروري الدفاع عن الحق وعن الاسلام وعن خط أهل البيت (ع) ولكن من 
الأهم الرد العلمي الموضوعي غير المتعصب القائم على أسس منطقية وعلم الرحال وعلم الأصول » 
والاستعداد النفسى لتقبل الحق . 


ومن هنا فاني - وأنا تلميذكم الصغير - أدعوكم مرة احرى لإعادة النظر في الفكر الإمامي برمته » 
كما ندرس مسائل الطهارة والنجاسة والصلاة والصوم. 


واعتقد أنكم بما تتمتعون به من إخلاص وإيمان وعلم وسعة اطلاع » من أقدر الناس على القيام 
بذلك ءواذا لم يكن لديكم الوقت الكافي فأنا أدعوكم لإلقاء نظرة على دراستنا (تطور الفكر السياسي 
الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) والتي لا أبالغ اذا قلت اتما قد قامت على أصول ثقافتنا وفكرنا 
الشيعي ومؤلفات مشايخ الطائفة من أمثال الأشعري القمي و«النويختي والكليني والصفار والبرقي 
والصدوقين والمفيد والطوسي والكراجكي والنعماني وغيرهم » ثم إبداء وجهة نظركم القيمة حول 
الموضوع. 

واعتقد أنكم مسؤولون أمام الله تعالى اذا طبعت تلك الدراسة التي تنقض كثيرا من الأفكار السائدة 


اليوم في صفوف الاثني عشرية » وكانت في علم الله غير صحيحة » لأنكم لم تقوموا بواحب التصحيح 
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 


واذا كنتم قد اهتممتم بالرد على أوراق دعائية كتبها موسى الموسوي » أو اهتممتم بالرد على ما كتبه 
الدكتور علي شريعتي » وألف ولدكم كتابا في الرد على الموسوي , فأنا أدعوكم أدعو جميع العلماء 
والمفكرين الذين يهمهم الدفاع عن خط أهل البيت ان يشاركوا في الحوار حول الموضوع ويناقشوا دراستي 


قبل الطبع. 


3209 


وأجد نفسي معذورا أمام الله بعد بذل أقصى جهودي لدراسة فكر أهل البيت عليهم السلام ودعوتٍ 
للعلماء والمفكرين جماعة ومنفردين » سرا وجهارا ليلا وكارا » للحوار والمناقشة » مع استعدادي 


للتصحيح والتعديل الآن وفي المستقبل. 


وأحد من واحبي الشرعي ومسئوليتي في خدمة الاسلام وحط أهل البيت ان أقوم بنشر ما توصلت اليه 


من أنكاربواان وقد اعد رون اللاي 
احمد الكاتب 


١41 رمضان‎ ١5 لندن‎ 


7 - مع الشيخ علي آل محسن في كتابه: (من هو خليفة المسلمين في هذا العصر؟)٠*"11]‏ 
التردد بين الحقيقة والوهم, والغيبة واللاغيبة 


يطرح الشيخ علي آل محسن السؤال أعلاه: (من هو خليفة المسلمين في هذا العصر؟) ليجيب 
بالطبع:" انه الامام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري". 


وقبل أن نتابع معه رحلة الإحابة» التي استغرقت منه حوالي مائة صفحة.» يجدر بنا التوقف عند 
المنهجية التي اتبعها في عملية الاستنتاج. فقد اتبع منهجية الاستدلال "العقلي" التي استخدمها الأولون» 
وحاول أن يقترب من الاستدلال التاريخي» لكنه شعر بضعفه الفاضح فابتعد عنه سريعا وهو يستنكر 
الحاجة اليه ما دام قد أنمى مسألة وجود الامام الثاني عشر عن طريق العقل. وبالرغم من عدم صلاحية 
الاستدلال الفلسفي أو العقلي لإثبات أمر خارحي هو وحود إنسان معين في التاريخ» فان ما يسمى 
بالدليل العقلي لم يقم بالطبع على العقل امحرد. وانما على مجموعة روايات تشكل نظرية الامامة الالهية) 
وبالتالبي فائما لا تمت الى العقل بصلة. ومع ذلك فقد وقع الشيخ علي آل محسن في مأزق واضح وهو 


340]1[ _ 


12562261100-5110777610-2 0286-00 2112015111.01:5/7. 1771737177 / :مط 


310 


يحاول إثبات وجود الخليفة المعين من قبل الله في هذا العصرء حيث لا يوحد له أثر منذ مئات السنين 
على الأقل» وهو ما يناقض دعواه بضرورة تعيين الله للامام» فراح يتخبط في تفسير "الغيبة" ويدعي قيام 
هذا الامام بإسعاف أتباعه وإنقاذهم من المآزق في شتى بقاع الأرض وبمجرد مناداته. 


وفي الحقيقة لم يأت الشيخ علي آل محسن بحديدء فقد سبقه الى هذا الادعاء كثير من السابقين 
واللاحقين» بحيث نستطيع القول ان كتابه نسخة مصغرة ومشوهة ما كتبه المتكلمون الإمامية السابقون. 
وهو لذلك يخلو من أية عملية فكرية أو اجتهاد حديثء أو حتى تأمل وإدراك لما ينقل من روايات 
و"أدلة وبراهين". ولو مح لنفسه بساعة تفكير واحدة لما غالط نفسه, ولأدرك بوضوح عدم وجود 
حليفة معين من قبل الله في هذا العصرء ولذلك بادر الشيعة الى تشكيل الحكومات الاسلامية 
والديعوقراطية لإدارة شئونهم بأنفسهم؛ بصورة تتناقض مع الاعتقاد بوحود الخليفة المعين من قبل الله. 


ومع ان الشيخ علي اقترب كثيرا من الحقيقة عندما عنون كتابه بالسؤال عن الخليفة في هذا العصر, مما 
يعني أنه فسر كلمة "الامام" بالخليفة» أي الحاكم والسلطان والرئيس» على العكس مما فعل آخرون 
حاولوا التهرب من هذا المفهوم السياسى» وتفسير كلمة "الامام" بمعان أخرى بعيدة جدا عن معنى 
الخليفة» ولكن الشيخ علي لم يوضح الموقف الشرعي من الخليفة المعين من قبل الله » والذي يدعي 
وجوده قُ هذا العصرء هل هو انتظاره وتعليق إقامة الدولة الاسلامية على ظهوره» كما كان يقول الشيعة 
الامامية الاثنا عشرية طيلة ألف عام, أو هو المبادرة الى إقامة الدولة على أساس نظرية ولاية الفقيه» أو 
الشورى والانتخاب الليموقراطي. وذلك لأن إدعاءه بوحود الخليفة الشرعي في هذا العصر يقتضي 
بالضرورة انتظار تعليماته والتوقف عن ممارسة أي نشاط سياسى الا بأمره» وان المبادرة الى الثورة وإقامة 


الدولة تعنى عدم الاعتراف بوجود مثل ذلك الخليفة أو الامام. 


إنه فعلا مأزق كبير» وبدلا من أن يحاول الشيخ علي آل محسن الخروج منه. وذلك بإعادة النظر 
الجدي والاحتهاد العميق فيما ورثناه من آبائنا من تأويلات وحكايات واجتهادات وأحاديث مشكوك 
فيها وأساطير» فانه راح يردد كل ذلك بسذاجة أخبارية» ويدعو الشيعة والمسلمين للوقوع معه في المأزق 


الكبير. 


ولأن كتاب الشيخ علي كان تكرارا لما كتبه آخحرون» فتعالوا نقرأ نتائج بحثه في حاتمة الكتاب» لنرَ 
كيف يركب المقدمات وكيف يأحذ النتائج: 


311 


يقول: 
-١‏ أن علماء أهل السنة قد أوجحبوا على كافة المسلم:: قُ جميع الأعصار والأمصار أن ينص | هم 
حليفة واحداً لكل المسلمين» وأوحبوا المبادرة إلى ذلك من دون تأحير أو تماون فيه. 


-١‏ أتحم أوحبوا أيضاً مبايعة خليفة المسلمين في كل عصرء ولا يحل لمسلم أن يبيت ليلة وليست في عنقه 


+- أتحم اشترطوا في إمام المسلمين أن يكون قرشيًا فقيهاً مجتهداً عادلاً غير فاسق» واختلفوا في خلع 
الفاسق» فمنهم من أوحبه» وأكثرهم على منعه. 


4- أن المسلمين اتفقوا على أنه لا يجوز نصب خليفتين في عصر واحد» بل يجب أن يكون للمسلمين 
إمام واحد لجميع الممالك الإسلامية وإن تباعدت» وحاءت أحاديث أهل السنة ناصّة على أنه يحب 
على الناس أن يبايعوا الخليفة الأول» ويقتلوا الخليفة الآخر. 


ه- أن أهل السنة في هذا العصر تحيّروا حيرة شديدة» ولم يمتثلوا ما دلت عليه أحاديثئهم الصحيحة؛ وم 
يعملوا بأقوال علمائهم في هذا الشأن» فصاروا تائهين» لم ينصبوا لهم خليفة» مع وجوبه عليهم» وصارت 
بلادهم متقسّمة» يحكمها سلاطين مختلفون لم تتوفر فيهم الصفات التي اشترطوها في خليفة المسلمين. 

وبعد أن يقدم هذه المقدمات الخمس يأنٍ الى المقدمة السادسة؛ وهي إثبات وحود إمام للمسلمين في 
غلا العصني" فقو ل" أن الكدله”اتسميحة فق مد لع غلك آذ زعام التسلنية: 3 ها العصير تقو الماع 
المهدي محمد بن الحسن العسكري عجل الله فرحه » لأن نفي إمامته ( ع ) يستلزم محاذير كثيرة لا يمكن 
التتخلص منها". ]2154١‏ 


وقبل ان يتطرق الى تفاصيل الأدلة التي أشار اليها سابقا يقول في المقدمة:" ان الإشكال الذي كثر 
المّق عليه والتشنيع به قد انصبٌ على اعتقاد الشيعة بإمامة الإمام المهدي د بن امسن العسيكرئ 
( ع ) المولود في سنة 5ه ١هء‏ وقولهم باستمرار حياته وإمامته إلى هذا العصرء فإن أهل السنة رأوا في 
هذا المعتقد دلالة على ضعف الأفهام وسخافة العقول» فلا يمكن التصديق بإمام قد وُلِد قبل حوالي ألف 
ومائة وتسع وستين سنة» وهو لا يزال حيًّا إلى يومنا هذاء فإن العمر الطبيعي لا يبلغ إلى هذا الحد بأي 
حال من الأحوال". ويرد على أهل السنة بالقول:"مع أن أهل السنة قد شنّعوا بمذا على الشيعة 
الإمامية» إلا أكمم لم يجيبوا على كثير من الأسئلة التي كانت ولا تزال تدور حول مسألة إمام المسلمين في 


37 0 ]2[ ”4١ 


312 


هذا العصرء فإن هذه المسألة مع أهميتها قد سكت عنها علماء أهل السنة» ولم يخوضوا فيهاء بل عدَّموا 
عليهاء حتى صار السِّيُ لا يهتدي فيها إلى شيء صحيح". 


وسواء سكت السنة عن الإحابة عن مسألة الامامة» أم أجابواء ومهما أجابواء فان سؤال الشيخ آل 
محسن: (من هو الخليفة في هذا العصر؟) ييحتاج الى حواب مستقل اعتمادا على أدلة خاصة» فما هي 
تلك الأدلة ؟ 


ان استدلال الشيخ علي آل محسن يقوم »كما قلنا آنفاء» على مجموعة مقالات تتلخص في ضرورة 
وحوب نصب الامام ف الفكر السني والشيعي. واذا سلمنا بحذه الضرورة» فانحا يمكن أن تتم بأية صورة» 
أو يشترط فيها أي شرط مثل العلم والعدالة والكفاءة» كما كانت تقول النظرية السياسية الاسلامية في 
العصور الأولى» قبل ولادة الفرق الاسلامية الشيعية والسنية» ويمكن أن تتم عملية نصب الامام من الله » 
كما تقول النظرية الامامية. واذا كانت النظرية الأولى تواحه مشاكل تطبيقية أو تفصيلية» فانها نظرية لا 
تزال عملية حيث يمكن للمسلمين الاحتماع على إمام واحدء أو انتخابه بصورة أو بأخرى» ولكن 
النظرية الامامية واحهت منذ أكثر من ألف عام مشكلة فقدان الامام المعصوم المعين من قبل الله 
وأصبحت منذ أواسط القرن الثالث نظرية خيالية غير واقعية » حتى مع القول بولادة الامام الثاني عشر 
وغيبته» ولذلك تخلى عنها الشيعة الامامية أنفسهم وبادروا مؤحرا لاختيار أئمتهم وإقامة دولهم. وهو ما 
يؤكد عقم نظرية الامامة وصحة نظرية الشورىء النظرية الوحيدة القابلة للتطبيق اليوم. 


ولكن الشيخ علي آل محسن وأتباع النظرية الامامية الاثني عشرية لا يزالون يرفضون الاعتراف بالواقع؛ 
ويصرون على الشروط المثالية (العصمة والنص) التي يشترطوتما في الامام» والتي أدت بمم الى افتراض 
وجود الامام الثاني عشرء بعد وفاة الامام الحسن العسكري دون خلف ظاهر. 


ومن هنا تصدى الشيخ آل محسن للرد على كتابي: "تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى 
ولاية الفقيه" والذي أثبت فيه انقراض نظرية الامامة ووصوها الى طريق مسدود واضطرارها الى افتراض 
وجود الامام الثاني عشر الغائب» الذي لم يولد أبدا. وحاول الشيخ أن يثبت ذلك بما يلي فقال:"اذَّعى 
شخص أسمى نفسه ( أحمد الكاتب ) في بعض القنوات الفضائية أنه لم يجد دليلاً تاريخياً واحداً يدل 
على ولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عجل الله فرحة» ومراده بالدليل التاريخي هو 
الروايات الصحيحة التي ثُتبت الولادة وإن كانت مروية في كتب الشيعة المعتبرة» متغافلاً عن سائر الأدلة 
العقلية وغيرهاء التي تحنم ولادته ووحوده ( ع )» وزعم أنه تحدَّى علماء الشيعة في ذلك» ولم يحصل 


منهم على جواب. 


313 


ومع أنه مُدَّع كاذب» فهو عامي صِرْف لا معرفة له بتمحيص الروايات والأدلة النقلية» ونحن سنثبت 
فساد زعمه لثلا ينخدع بكلامه بعض العوام الذين قد يغترون بتمويهاته» فنقول: 


أولاً: أنه يجب الأحذ في إثبات ولادة الإمام المهدي (ع) بكل دليل تام صحيح, ولا معنى للاقتصار 
على الدليل التاريخي فقطء لأن كل دليل صحيح يجب التسليم به» ولا أولوية للدليل التاريخي على غيره 
من الأدلة وصاحب الزمان قل لننت ولادته بأدلة متنوّعة كثيرة صحيحة) وهذا كافي لمن كان له قلب 


أو ألقى السمع وهو شهيد. 


ثانياً: أن الأدلة الأخرى إما أدلة عقلية قطعية» أو أدلة مركبة من الدليل العقلى والدليل النقلى» وهذه 
الأدلة أهم من الدليل التاريخي الذي قد يناقّش فيهء لأنه مع ثبوت الدليل العقلي القطعي لا يُحتاج إلى 
الدليل التاريخى الظنى. 


ثلثاً: أن ثبوت ولادة أي شخص لا يحتاج فيه إلى دليل تاريخي قطعيء وإلا لما استطعنا أن نثبت 
ولادة كثير من الشخصيات المعروفة في التاريخ» فإن ولاداتهم لم تثبت بدليل تاريخي قطعي متواتر. 


رابعاً: أن ثبوت الولادات في عموم الأشخاص يُرجَع فيه إلى والد الشخص نفسه. فإذا ثبت عنه برواية 
واحدة صحيحة أنه قد اعترف بأنه قد ؤُلد له مولود» فحيئئذ لا بد من تصديقه والإقرار له به» وسيأق 
أن الإمام العسكري قد أقرّ بأنه ولد له الخلّف من بعده. 


خامساً: أنه يكفي في حصول الحزم بولادته ( ع ) إخبار جملة كبيرة من العلماء والصلحاء والمؤمنين 
أنحم رأوه ف وقائع كثيرة وحوادث عديدة مختلفة» حتى جمع الشيخ الميرزا النوري الطبرسي في كتابه (جنة 
المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة) تسع وخمسين حادثة عمّن رأوا الإمام المهدي (ع)» وهذا الكتاب 
مطبوع في ذيل ابمحلد الثالث والخمسين من كتاب بحار الأنوار. 


وقد اعترف برؤيته أيضاً بعض علماء أهل السنة كما مرّ نقله عن الشيخ عبد الوهاب الشعراني في 
كتابه (اليواقيت والجواهر). فهل يجوز لمنصف أن يكذّب كل هؤلاء جملة واحدة» ولا سيما أن من 
جملتهم بعض علماء أهل السنة الذين لا يُتّهمون بالتواطؤ مع الشيعة في هذه المسألة". '31"4] 
ونلاحظ هنا أن الشيخ علي آل محسنء قد تحرب في البداية من الاعتماد على الدليل التاريخي» 
وقال:" يجب الأحذ في إثبات ولادة الإمام المهدي (ع) بكل دليل تام صحيحء ولا معنى للاقتصار على 


بحي !ذا - ص ه؛ 6 


314 





الدليل التاريخي فقط" واعترف بأن الدليل التاريخي دليل ظني قد يُناقّشُ فيه» ولذلك التجأ الى ما أسماه 
الدليل العقلي القطعي أو المركب من العقلي والنقلي. وف الحقيقة انه لم يتطرق أبدا الى الدليل التاريخي 
الذي يحتوي على قصص أو إشاعات عن مولد ابن الحسن العسكريء لأنه رما يدرك ضعف تلك 
الحكايات الأسطورية غير المسندة والتي لا يعرف قائلهاء وبالتاللي لا يمكن الاعتماد عليها. ومن هنا 
قال:"إن ثبوت ولادة أي شخص لا مُحتاج فيه إلى دليل تاريخي قطعيء» وإلا لما استطعنا أن نثبت ولادة 
كثير من الشخصيات المعروفة في التاريخ» فإن ولاداتهم لم تثبت بدليل تاريخي قطعي متواتر". 


ولقد أحطأ هنا بصورة مضاعفة » عندما غالط نفسه بنفي الحاحة لإثبات ولاة إنسان الى الدليل 
التاريخي القطعي» وعندما استشهد بعدم الاستطاعة في إثبات ولادة كثير من الشخصيات المعروفة في 
التاريخ» وأحطأ مرة ثالثة عندما قال: ان ولاداتهم لم تثبت بدليل قطعي متواتر. إذ ان الشيخ تلاعب 
بمعنى التواتر» والتواتر يعني ورود الخبر من جهات مختلفة تؤدي الى اليقين بوحود شيء أو شخص ماء 
كزيد أو عمرو من الناس» ولا يوحد شخصية معروفة في التاريخ لم يثبت وجودها بغير التواتر» والا 
أصبحت شخصية مجهولة مشكوك في وجودها. ثم ان وحود الشخصيات المعروفة أو غير المعروفة في 
التاريخ دليل كاف على حقيقتها ولا نحتاج الى الحديث عن تفاصيل ولادتما وظروفهاء فان الشخص 
يثبت نفسه. وهو أمر يختلف تماما عن الحديث عن شخص أسطوري مجهول وغامض لم يظهر له أي أثر 
عبر أكثر من ألف عام؛ وهذا ما يدفعنا للتحقيق في الروايات التي تتحدث عن وجوده» وطلب الدليل 
التاريخي» والسؤال عن اسم أمه ويوم ولادته وتفاصيل حياته» وهي المعلومات التي لم نحصل عليها بطريقة 
علمية في شأن ولادة ووجود ابن الحسن العسكري, أما الأدلة القطعية العقلية والنقلية » التي يتتحدث 
عنها الشيخ آل محسن .وتحدث عنها قبله كثيرون» فهي أدلة فلسفية نظرية ظنية لا يمكن أن تثبت وحود 
انسان في الخارج بصورة قطعية» وانما عن طريق الظن والتحمين والافتراض. وذلك لأن نظرية الامامة أو 
الاثنئي عشرية يمكن ان تنطبق على أشخاص آخرين غير (الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) 
مثل حعفر بن علي الحادي » أو الامام زيد بن علي» أو أي إمام من أثمة الشيعة الاسماعيلية» ولا يمكن 
لنظرية الامامة الالهية أن تنتج بالضرورة انسانا معيناء لم يعترف به أبوه في حياته ولم يظهر له أي أثر عبر 
التاريخ. وما قيل ويقال عن رؤيته واللقاء به قدبما وحديثا ما هو الا إشاعات واهية لم يسندها أي دليل. 


واذا كان الشيخ علي آل محسن نفسه يعترف بأن الدليل التاريخي طني ويمكن أن يُناقش فيه» فكيف 
حصل له الحزم الذي ادعاه بعد ذلك من تلك القصص التي رواها بعض الحشوية المتأحرين بلا دليل؟ 
خاصة وانه لم يقم بدراسة تلك الروايات ولا التحقيق فيها ومعرفة سندهاء أو ملاحظة التناقض الكبير 
الذي يوحد بينهاء ثما يدل على اختلاقها في وقت متأخرء وقد بحثنا كل تلك الروايات بصورة مفصلة في 
كتابناء فلماذا أغمض عينيه عن ذلك؟ 


315 


وبعد أن ألغى الشيخ علي آل محسن أهمية الدليل التاريبخي وعجز عن الاستشهاد به بصورة علمية» 
لحأ الى الدليل الغالث» وهو ما يسمى بالدليل الروائي (النقلي) الذي يحتوي على مجموعة روايات تنسب 
الى رسول الله (ص) أو الى الأئمة السابقين» وتتحدث عن (الامام الثاني عشر). وقد حلط الشيخ علي 
هنا مرة أخرى بين هذا الدليل والدليل التاريخي» فقال:"إن الأدلة الروائية التي أسماها أحمد الكاتب أدلة 
تاريخية تدل على ولادته ( ع )" في حين أني لم أسمها بذلكء وانما فرقت بينها وبين الدليل التاربخي الذي 
عنيت به الرؤية والمشاهدة القطعية للوليد» وعلي أي حال فقد ذكر الشيخ علي مجموعة روايات تتحدث 
عن أن المهدي هو التاسع من ولد الإمام الحسين ( ع ) ثم قال :"إن هذه الرواية صحيحة السند» وهي 
دالة بوضوح على أن المهدي هو التاسع من ولد الحسين ( ع )» ولا تاسع من ولد الحسين ( ع ) صالح 
للإمامة إلا الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري ( ع )". 


ونقول له: أولاً: ما هو دليلك على صحة السند؟ ثم إنك تقوم بعملية افتراض» لا دليل عليهاء ثانياء 
ولا تحصل على أية نتيجة من هذا الكلام» ثالثا إذ ١‏ يثبت وجود ولد للامام العسكري» وم يظهر أي 


إمام معصوم منذ وفاة العسكري. 


وما فائدة الروايات» حتى اذا كانت مليون رواية و"صحيحة" على زعمكء اذا كانت كلها تتحدث في 
الهواء» لا تقدم للأمة إماما من الله يقودها ويبني دولتها؟ وتترك الشيعة والمسلمين حيارى بلا إمام» أو 


ان مشكلة الشيخ آل محسن والاثني عشرية عموماء أتمم يصدقون الروايات التي ذكرها ما يسمى 
بالنواب الأربعة الخاصين وحواشيهم الذين ادعوا وحود الولد والنيابة الخاصة عنه» ويعتمدون عليها دون 
تفكير أو مناقشة أو تحقيق» واعتبار الفئة التي قالت بوجود الولد» في عصر الحيرة» في قمة التقوى والورع 
والصدق والاخلاصء في حين يفترض بأي إنسان أن يقف على الحياد وينظر الى قصة وفاة الامام 
العسكري دون خلف في تلك الظروف الغامضة» وانشقاق الشيعة الى أربعة عشر فرقة» ويحاول التأكد 
من دعوى أي فريق» خاصة مع عدم وجود أي أثر لذلك الولد المدعى أو المفترض. فكيف اذا تبين أن 
أعظم وأقوى دليل على وجوده ليس الا افتراضا فلسفيا قائما على نظرية الامامة» التي كانت ستنهار 
بصورة كاملة وتنقرض لو لم يتم افتراض وحود إمام غائب؟ 


ينتظره منذ ذلك الحين الى الآن. 


316 


ورغم كل ما جاء به الشيخ علي من روايات فانه الم يستطع أن يشير باصبعه الى وحود الامام في 
الخارج» وانما الافتراض و"الحكم" بولادته ووجودهء حيث قال:"من كل ما تقدم نرى أنه لا مناص من 
الحكم بولادة الإمام محمد بن الحسن العسكري ( ع ) بحسب دلالة الروايات الصحيحة التي ذكرنا بعضاً 
منهاء وأن إنكاره مكابرة واضحة ممن يعتقد بروايات أهل البيت ( ع ) المروية في كتب الحديث المعروفة 
عند الشيعة كالكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وغيره» ويسلك الطريقة المعروفة في 
تصحيح الأحاديث كما زعم أحمد الكاتب في كلامه" "14174 


وهذا ما يؤكد تجاهل الشيخ علي آل محسن حالة الشك الطبيعية والمعقولة والشرعية التي أعقبت وفاة 
الامام العسكري دون خلف ظاهرء والتقليد الأعمى لمؤسسي المذهب الاثني عشري وتقديسهم أكثر 
من اللازم» مع أنمم اعترفوا بعدم وحود أدلة تاريخية علمية قطعية على ولادة بان للامام العسكريء وانهم 
لم يقولوا ما قالوا الا افتراضا وظنا وتخميناء وقد أيد الشيخ علي ذلك أيضا عندما اعترف بأن الدليل 
التاريبخي طني ويمكن أن يناقش فيه؛ ثما يدل على ان القول بوجود الامام الثاني عشر ليس الا فرضية 
فلسفية لا حقيقة خارجية طا. 


وان هذا القول دل ينبع الا من ظروف الحيرة والأزمة الفكرية التي وقع فيها الشيعة الامامية بعد وفاة 
الامام العسكري دون أن يشير الى من يخلفه في الامامة» ودون أن يتحدث عن وجود ولد له لا في السر 


ولا قُُ العلن. 


وتظهر ملامح تلك الحيرة والأزمة الفكرية» في مقال آخر للشيخ علي آل محسن يقول فيه:"إنا إذا لم 
نقل بولادة الإمام المهدي عليه السلام فإنه تلزم محاذير كثيرة لا يمكن التفصّي منهاء مثل حلو هذا 
العصر وما قبله من الأعصار من إمام صالح للإمامة» وخحلو هذا العصر من إمام من العترة الطاهرة» 
ووقوع كل المسلمين في الإثم لعدم بيعتهم لإمام في هذا العصر... وغير ذلك من امحاذير الكثيرة التي لا 
يمكن التسليم بما. وإنا إذا لم نقل بولادة المهدي عليه السلام وبقائه» فلا يكون أي مصداق في هذا 
العصر لحديث الثقلين» وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنٍ تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترقٍ 
أهل بيتي» ما إن تمسكتم بمما فلن تضلوا بعدي أبدأ» وإنحما لن يفترقا حتى يردا علي الحوضء فانظروا 
كيف تخلفوني فيهما). وإذا لم يكن الإمام المهدي عليه السلام موجوداً فلا إمام من العترة الطاهرة يصلح 


؟؛؟ [4]_ ضَّ 5 





للتمسك به»ء فلا يكون لهذا الحديث أي معنى في عصرناء فيكون باطلاً» وهذا لا يمكن القول بهء فإن 
جمعاً من علماء أهل السنة استفادوا من الحديث .كما هو الصحيح . وجود متأمّل من أهل البيت يصلح 
للإمامة إلى أن تقوم الساعة» وإلا لافترق الكتاب عن العترة» وهذا ما نفاه الحديث . وإنا إذا لم نقل 
بولادة الإمام المهدي ووجوده فلا بد من القول بأن كل المسلمين في عصرنا وف العصور السابقة لعصرنا 
ميتنهم ميتة جاهلية» لقوله صلى الله عليه وآله: (مَنْ هات وليس في عنقه بيعة فميتنه ميتة 
جاهليةم 151٠»‏ 


وبدلا من أن يعترف الشيخ علي آل محسن بالواقع الذي يؤكد عدم وجود إمام معصوم منذ أكثر من 
ألف عام» على الأقل؛ والذي دفع الشيعة بعد انتظار طويل الى البحث عن امام جديد» فانه يغالط 
نفسه ويصر على افتراض وحود ذلك الامام في عالم الخيال والأساطير» ويحاول أن يرسم له أعمالا أخرى 
غير الامامة مثل مهمة الاسعاف الفوري على مستوى العالم لمن تلم به نائبة أو تحل به مصيبة. أو حفظ 
الدنيا من الزوال. 


وطبعا فان دعواه هذه أيضا قائمة على الظن والتخمين؛ ولا أساس لها من الواقع» ولكنه ما ذا يفعل 
وقد وقع في ورطة افتراض ذلك الامام» واعتقد أنه موجود. وعندما واحه سؤالا عن الحكمة وراء غيبة 
الامام إذا كان الله قد عينه لقيادة المسلمين وإقامة الدولة الاسلامية» لم يجد الشيخ علي آل محسن جوابا 
الا بإحالة الأمر على الله والادعاء بأن وراء الغيبة حكمة لا يعرفها الا الله تعالى:"إِنّا إذا عوّلنا على 
حكمة الله سبحانه» فلا بد من وحه حسن في جميع ذلك وإن جهلناه بعينه» وبذلك نسد الباب على 
مخالفينا في سؤالاتمم, إلا أنّا نتبرّع بإيراد حوابات تلك المسائل على سبيل الاستظهار وبيان الاقتدار:أن 
الإمام ( ع ) ينتفع به الناس وإن كان غائباء فغيبته لا تمنع من أن تكون له منافع مهمة وفوائد جليلة 
غير ما يتعلق بتبليغ الأحكام الشرعية؛ مثل رفع العذاب عن الناس» لأن الإمام من أهل البيت (ع ) 
أمان لأهل الأرض من العذاب كما ورد في حديث جابر الأنصاري ( رض ) عن النبي ( ص ) أنه قال: 
النجوم أمان لأهل السماءء فإذا ذهبث أتاها ما يوعدونء وأنا أمان لأصحابي ما كنتث» فإذا ذهبتٌُ 
أتاهم ما يوعدون؛ وأهل بيت أمان لأمتي؛ فإذا ذهب أهل بيت أتاهم ما يوعدون.ومع أن كل وظائف 
الإمام ( ع ) في زمان الغيبة لا نعلمها ولا نحيط بماء إلا أن كثيراً من الشيعة الذين وقعوا في مآزق 
وحطوب وبلاياء لقيهم الإمام ( ع ) فخلصهم من محنهم وأعانهم في شدّتهم'. 

وأخيرا يقول: "إن الإمام ( ع ) ليس بغائب عناء بل نحن لا نعرفه بشخصهه ولا نميه عن غيره' . 


344]5[ _ 


261101-5101777610-6 03856-21101656 2110015117.01:5/7. 1717/17/7 / :مط 
* رمضان ١54754‏ 


316 


لم اليوم إمام معين من الله بمكنهم الالتفاف حوله ومبايعته خليفة لهم» ولذلك وجب عليهم المبادرة 
لاتتخاب من يشاءون من الرحال العدول الأكفاء الصالحين أو العلماء الورعين ليكونوا أئمة معاصرين 


م 


هل يستطيع الشيخ علي أن يقول غير ذلك؟ الا أن يلتزم بنظرية الانتظار لذلك الامام الغائب أو 
اللاغائب ع6 الى يوم القيامة. 


- مع الشيخ نعمة هادي الساعدي, في كتابه: (الامام المهدي من الشك الى اليقيى) 11*45] 
بين الشك العلمي المنهجيء واليقين الساذج الموروث 


الشيخ نعمة الساعدي هو أحد أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف,» وهو كما يعرف نفسه أحد 
تلامذة الشيخ محمد رضا المظفر والسيد محمد تقي الحكيم, وقد انبرى للرد على السؤال الذي طرحه 
كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي) حول وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) من 
منطلق الإيمان الموروث التقليدي الثابت به واتمام الرفض له بالشك العبثي المناقض لروح التسليم؛ 
فقال:"الشاك في قضية المهدي (ع) اما مصاب في نفسه أو عقله أو جاهل أو متجاهل أو متعصب أو 
هو رهين التقليد الأعمى لا يتحرر منه» ولو انطلق ف الآفاق العلمية» وما أكثر هؤلاء الذين يعيشون في 
الرواسب والظلام الفكري وان ادعى الفضل والفضيلة والوعي» ولكنه أعمى في هذه الدنيا يحتاج الى 
بصيرة في أمره وتبصير في أمور الديه".2[47] وتساءل:'لماذا التردد والاستغراب؟ ولماذا التشكيك؟ وكأن 
قضية المهدي قضية ليس لما سابق ولا جذور وأصول؟" وأضاف:' كثر الشاكون والمشككون والمترددون 
وتكاثروا في هذا العصرء فالعجب من رحل مسلم قد عرف الاسلام وتثقف بثقافة اسلامية كيف لا 
يهضم قضية الامام المهديء ونم يعها حق وعيها. أنا أعجب منه كيف يشك بامامة المهدي, مهدي 
هذه الأمة» وكيف يتردد بخروجه وقيامه بالأمر» كيف وقد أجمع عليه المسلمون في كل العصور الاسلامية. 


4 [1] - الطبعة الأولى» مطبعة محمدء ايران» ١5/57‏ هاش )5٠١١30‏ 


 ]2[ 45‏ ص برع 


319 


وقد سجل الباحثون من علماء الحديث قوائم في احصائيات من أسماء علماء العامة الذين اعترفوا به 
وبظهوره وانه من ذرية الحسين ورووا فيه الروايات الكثيرة عن الرسول (ص) ان صح هذا القول» فلا شك 
ولا ريب فيها وقد ماقت الكتب الاسلامية بالأحاديث والروايات. وبدأت حملة جديدة يقودها رحل أو 
أكثر من رحل وهو يعلن الاسلام ويقول: أنا رجحل مسلم عرفت الاسلام واعترف بالخلفاء بعد محمد 
(ص) ويؤيد العلماء من العامة ولا يتردد برواياتهم.. ويطرح الروايات... وأعجب منه رجحل آمن بالامامة 
بعد النبوة واعترف بآل النبي أئمة وقادة بعد الرسول» واعتقد بضرورة الامامة وضرورة وجود الامام 
واعترف بعلي قائدا شرعيا ومن بعده آله الأحد عشر اماما... ثم اذا وصل الى الامام الثاني عشر الامام 
المودي كردة وشاك شه كت وفك تعن عليه أنوو او امخلراده ورشرا يه ال 314 

واعتبر الشك داءا خطيرا فقال:"ماذا نقول لهذا الشاك؟ وكيف تولد عندك هذا الشك؟ وهل تعلم 
بأنك قد أصبت بهذا الداء؟ انه داء خطير ويصعب علاجه» وهو ضرب من الوسواس والخواطر 
الشيطابة؟ أى هر من حسف" القرف "> أو عو عن بيظرة القوى العيطانة ال 48 

وتساءل:"كيف يشك الانسان؟ ولماذا يشك في أمر قام الاجماع عليه؟ وهل يتحول هذا الشك الى 
يقين؟ ولماذا يشك الانسان المسلم في قضية هذا الامام الثاني عشر اذا كانت قضية واقعية عاشت عصورا 
في نفوس الآباء والأحداد؟ لماذا يكثر القال والقيل في الامام المهدي دون غيره من القضايا الدينية 
والاحتماعية؟ ولماذا هذا التشكيك؟ أهو ثقافة حديدة في عقلية تدعي الوعي؟ وقال:"أما أنا فقد آمنت 
واعتقدت وصدقت لأنني عرفت محمدا نبيا صادقا... وهو الذي قال صادقا ودعانا الى هذا الامام» ولا 
بد لنا من معرفته حشية من أن نقع في أحضان الجاهلية والتخلف والضلال "من مات ولم يعرف امام 
زمانه مات ميتة جاهلية" واقتضت ارادة الله ان لا تخلو الأرض من حجة؛ فهو أمام العصر ولكل عصر 
امام. وقد آمنا وهي قضية لا ريب فيها ولا شك فيهاء وللشك جذور وعوامل وأسباب» واذا سألنا هذا 
الملشكك كيف صرت مشككا؟ وما هي عوامل التشكيك؟ لا يجد الجواب» ولا جوابا منطقيا". 135145 


لقد ولد الشيخ الساعدي ونشأ في بيئة شيعية إمامية اثني عشرية» وورث إيمانا تقليديا بوحود الامام 
الثاني عشر وغيبته منذ منتصف القرن الثالث الحجريء وترعرع على مبدأ الانتظار له» ولذلك اعتبر 
الامان به أصلا عقائديا ثابتا ويشكل جزءا من الاسلام» والتشكيك به موقفا طارئا وغريبا ومنافيا 
للعقيدة الاسلامية. ولو أن الشيخ الساعدي نظر الى الأمر من حارج إطار الفرقة الاثني عشرية» أو عاد 


_ ]3[ 3”: 


ص ١١1١‏ 
1ت م م 
44 [15 ا ص ه9١‏ 


2320 


الى الوراء ليقرأ تاريخ الشيعة الامامية عند وفاة الامام الحسن العسكريء ورأى الغموض الذي يلف 
مسألة وجود الخلف. والحيرة التي عصفت بشيعة الامام العسكري؛ واستمع الى أهل البيت وهم ينفون 
وحود أي ولد له لأدرك أن الأصل في القضية هو الشكء وأن الإبمان به يحتاج الى دليل» وان الدليل 
العلمي القاطع مفقودء وأن القول بوحود الولد لم يكن سوى افتراض فلسفي وهمي مخالف للظاهر 
والقوانين الشرعية الاسلامية. وفي الحقيقة لو أن الشيخ الساعدي بذل مزيدا من الوقت لتأمل مبررات 
الشك بوحود الامام الغائب» أو درس ظروف نشأة النظرية الاثني عشرية؛ لربما كان له موقف آخر. 

يقول: "بادرني أحد الشباب قائلا: 

- ان قضية الامامة بحذه السلسلة - اثنا عشر- لا زيادة ولا نقيصة» وان المهدي إمام» وانه سوف 
يخرج ويعارس أعماله في إمامة الأمة والايمان بذلكء والاعتقاد بمذه المسألة على أتما مسألة تثبتها 
النصوص وقوامها الروايات والأحاديث المروية المسطرة في كتبء لم يقدر لها أن تدرس دراسة موضوعية 
ليحذف منها الضعيف الموضوع., وفي هذه الأحاديث ما لا يقبله العقل الحديثء» وإذا كانت قضية 
المهدي مسألة أساسها الروايات فاتما لا تصلح دليلا ولا تثبت شيئاء فاذا توقفنا عند الاحاديث لأن 
فيها ما لا تطمئن له النفوس ولا تصدقه العقول, فاذا ترددنا في هذه الاحاديث واذا طرحنا هذه 
الاحاديث كان هدرا وطرحا لهذه القضية من جذورهاء لأن الأحاديث ورواتما وأسانيدها ومصادرها 
بحاحة الى دراسة وتمحيص ونقد» فهي بنفسها أحاديث سقيمة وضعيفة وقابلة للتأويل والتحليل» وحتى 
رواتها تدور حولم الشبهات» وقد وجدنا حولهم نقاط تعجب واستفهام وعلامات ترقيم جديدة» قد 
غفل عنها القدماء » فهي روايات مضطربة احتج بما كل فريق على إثبات أن المهدي هو ما يراه هو 
وآمن به. وما ورد فيها ما هو الا مجملات وعبارات مغلقة غير واضحة الدلالة والمدلول» وهي روايات لا 
تثبت الامام المهدي عينا وذاتا ونسبا وزماناء» وما ورد فيها (المهدي). وكلمة (المهدي) تنطبق على كل 
رحل هداية داع للهدى؛ فهي وان دلت فلا خصوص فيها على أن المهدي هو (محمد بن الحسن من 
ذرية علي وفاطمة)» فهي تحمل البرهان المنطقي للناس كافة» أو يؤحذ بما حجة مقبولة» ولا تزال قضية 
المهدي من القضايا المتأرححة بين طائفة وأحرى عند المسلمين» وكل يدعي الحق وينسب البطلان 
والكذب والوهم لغيره". ]6(7*٠‏ 

"وقال هذا الشاك: الامام امامٌ على الأمة وللأمة» وانئما حلق ونصب ليقود الأمة وينفع الامة ويسوسها 
وليس هو اماما على نفسه» ومن أجل نفسه وذاته..اذن ما الفائدة به اليوم لحذه الأمة؟ والأمة ما 


أحوجها اليه؟ وما هي ثمرة هذا الامام الغائب وهو لم يقدم نفعا لأي فرد من أفراد الأمة» ولم تصدر منه 


6 [6] دص 548 


321 


فتوى ولا إرشاد ولا قضاء ولا عطاء فكري؟ امام مستور مختفي ولم يره أحد اليوم» خصوصا ف عصرناء 
ولا ينتفع نه أخلل من المسلمين» وحتى البشر جميعا؟" . ١ل/]‏ 


وكما لاحظنا فان الشيخ الساعدي نقل مبررات الشك بوجود الامام الثاني عشرء من التشكيك 
بانطباق النظرية الاثني عشرية عليه» الى التشكيك بصحة الروايات التي تعتمد عليها تلك النظرية» الى 
التساوؤل عن معنى الامامة وفائدة الامام الغائب؟ فضلا عن ضعف دلالة أحاديث المهدوية على وجود 
شخص (محمد بن الحسن العسكري). وهذه نقاط مهمة حدا تبرر الشك بوحوده وولادته» خاصة اذا 
أحذناها في ظل عدم تصريح الامام العسكري بوحود ولد له في حياته» والوصية بأمواله الى أمه» وعدم 
وحود نص صريح وصحيح على إمامة الثاني عشر. وهذا ما يعترف به الشيخ نعمة هادي الساعدي 
نفسه حيث يقول:" ان غيبة الامام المهدي أوقعت أبناء هذه الامة بمشاكل اجتماعية وفرقت صفوفهاء 
وخلقت الأفكار المضادة وسببت التخلف والابتعاد والتباعد عن الكتاب» فلو قرؤوا كتابا مقبولا عن 
الامام المهدي لما حصل الذي حصل...وما أحوج هذه الامة الى الامام في هذه الأيام السوداء وما يقوله 
أبناء هذه الأمة فهو افصاح عن الجروح والآلام والكبت» فقد سمعنا من يقول: اذا كان هذا الامام قد 
حاف من حكام عصره أو كان في حذر وحوف وريبة منهم فهل ذلك باق في هذا العصر وهذه الأيام؟ 
واذا خاف الامام من الآباء والأحداد فما ذنب الأبناء؟". 1512 "وأظنني صادقا اذا قلت ان غيبة الامام 
المشكلة الكبرى والداء الخطير الفتاك» وان غيبته ان طالت واذا طالت وامتدت في الزمان فلا تدري أين 
الحدى والحداية والساحل والوقاية والنجاة والتحرر من كل ذلكء أتبقى في دوامة وفي دائرة لا تعرف 
النهاية كفيزة الاغداء؟ وكيق اتواجه الزن والأرماك والح ناك 81 


ومع ذلك فان الساعدي يقول:"المهم هو الايمان به وبوحوده, والتخلص من عقدة الشك التي سيطرت 
على أكبر عدد من هذا الحيل؟ وكيف القضاء وإزالة هذا الداء الذي مم الأفكار وعطل المشاعر. ان 
الشك مرض خطير يهدد العقلية ويفتك بالنفس فيسلب راحتها وهو ضرب من ضروب العذاب ". 
*[10] 

ويقول:"تعال معي أيها الانسان لتتخذ من الشك أسلوبا ومنهجا ومسارا وحركة ف مسيرتنا نحو 
الوصول الى اليقين» ويكون الشك خطوة ومرحلة أولى نسلكها للوصول الى رحاب اليقين الى ساحة 


]7[ "5١ 


دص 18 
“8 [8] - ص ١78‏ 
*5 [9ا ا ص ١07‏ 
ب 0 


23222 





الحقيقة» وهو المحدف المقصود وهو اليقين وهو الحق اليقين... ولو سألنا هذا الشاك: كيف ولد الشك في 
نفسك؟ ..أتدري أنك لا تؤمن بالحقيقة؟ اذن أنا على يقين وأنا معتقد وأنت من المشككين؟. .فلماذا 
أنت مشكك ولاذا أنا على يقين؟ هل تسأل نفسك لاذا لا تأحذ بالحقيقة؟ وهل في الحقيقة 
ىو" 6ه11[8] 

ويضيف:" الحمد لله الذي أخرحنا وبصرنا وعرفنا الحقيقة» وعرفنا وليه ووصلنا الى رحاب الحداية 
والنور» واقتربنا الى التمسك بالعروة الوثقى... والحقيقة هي الحقيقة ولا يضرنا قول الناس وان قالوا 
وتقولواء فلو كانت بأيدينا درة وعرفناها ثمينة عن بصيرة ووعي ودراية واختبار فلا يضرنا من قال اما 
فحمة أو كثرت الأصوات بأنما لا ثمن لها في الأسواق". 12[555] 

ويدعي الشيخ الساعدي أن إيمانه بوحود الامام الثاني عشر مبني على أخبار متواترة مروية حيلا بعد 
جيل » فيقول:"قد تسأل عن هذا اليقين المغروس في النفوس انما هو نتيجة علم وانفتاح وتنمية قضايا 
منطقية وتأملات ومعادلات صحيحة؟ لا قضايا وهمية أو ظنية أو أحبار آحاد أو تقليد الآباء؟ فان 
أخبار الآحاد لا تبي عليه قضية ولا تغرس إيمان» وانما هي أخبار متواترة رواها جيل بعد جيل» وتسالم 
عليها الخلف عن السلف والأبناء والأحفاد عن الآباء والأجحداد" 13107] 

ان المسألة» في الحقيقة» ليست بهذه البساطة التي يحاول الشيخ الساعدي تصويرها بماء وانما يحتاج 
التخلص من الشك الى معرفة ويقين» وهذا غير موجود في مسألة وحود الولد للامام العسكري, التي 
قامت أساسا على الظن والتخمين والافتراض» وحفت بعد ذلك بمجموعة من الروايات الضعيفة 
والمختلقة والمأولة وحكايات العجائز والأساطير. ولا يوحد حولا أي تواتر ولا إجماع» كيف وان شيعة 
الامام الحسن العسكري أنفسهم قد انقسموا الى أربعة عشر فرقة؟ فضلا عن إنكار بقية الشيعة وسائر 
المسلمين لما. إذن فاتما بحاحة الى مراجعة حادة وشاملة وجذرية» بدلا من الرد السريع العاطفي والمستند 
الى التقليد الموروثة. 


ان الشك بوحود (الإمام الثاني عشر الغائب) شك علمي ومنطقي ومعقول جداء على العكس من 
الإيمان به الذي يتسم بقدر كبير من السذاجة والتقليد. وربما كان الشيخ الساعدي يميل الى هذا الشك 
لولا ركام الأحاديث الضعيفة المنسوبة الى أئمة أهل البيت والنبي الأكرم» والتي تشكل النظرية الامامية 
الانني عشرية» والتي يصدقها الشيخ الساعدي بسهولة» ولا يحرؤ على نقدها خوفا من تكذيب الرسول 


وهم [11] 


دص ١595‏ 
8 [12] - ص نماو ١‏ 
ه؟ [13] 000 ل 


2323 


الأعظم (ص) مع أنه ليس مطالبا بتصديق كل ما يروى عن النبي قبل فحصه ونقده وتمييزه» وبالتالي فان 
رفضه لأية رواية أو مجموعة روايات - اذا كانت ضعيفة - لا يتضمن تشكيكا بصدق الرسول الأعظم 
أو أئمة أهل البيت» بقدر ما يشكل تكذيبا لتلك الروايات ورفض نسبتها اليهم. 

يقول:"أخبرنا النبي محمد (ص) بإخبارات كثيرة» وهي صادقة» وكل ما أخبر به فهو صدقء وإخبار 
الصادق يؤحذ به... والأحبار الواردة عنه في الكتب الاسلامية» وقد ملكت الكتب ككذه الاخبارات» 
وهي مروية ومنقولة عن الصحابة الكرام والتابعين الثقات» فكيف نكذب هذا ونشكك في هذا؟ 

أيها المشكك المبتلى المصابء لماذا أنت في هذه الحالة؟ هل قرأت هذه الكتب الاسلامية» وأصحابما 
أعلم منك ومني» وأصدق منك ومني» هل نشك في هذه الكتب الصادقة ؟ أم نشك في التابعي الصديق 
الناقل عن الصحابي الكريم» والراوي عن أصدق من خلقه الله الصادق الأمين» وظهرت الدعوة 
للمهدي أيام النبوة» ثم في عصر الصحابة» وفي عصر التابعين» وف عصر المحدثين من المسلمين» وفي 
غصر أحفاده الأثمة الحداة الكرام البررة» 84 *14[1] 


ها هنا يكمن سر الشك بوجود الامام الثاني عشرء أو رفض الإبمان به وبنظرية الامامة الالهية لأهل 
البيت. 

ولكن الغريب من الشيخ الساعديء الذي يفترض أنه قضى عمره في الحوزة العلمية» هو الخلط بين 
تصديق الرسول وتصديق الروايات الضعيفة المنسوبة اليه» والخوف من تكذيبها خوفا من تكذيب 
الرسول. مع أن هذا أمر يدركه طالب العلم الابتدائي » خاصة في المدارس الأصولية» وربما حتى في 
المدارس الأحبارية الحشوية التي تعترف إجمالا بوحود أحاديث مكذوبة على الرسول الأكرم. 

يقول الشيخ نعمة الساعدي:"اذا صدقنا الرسول (ص) وآمنا به وقام الاجماع على صدقه. وقد ثبت 
ذلك فعلاء فما هذا التردد والانشطار في قضية الامام المهدي؟ فاذا شككنا فيه وف ظهوره وفي ولادته 
وق حياته وطول عمره فقد شككنا في غيره لأن الدين وحدة لا تتجزأ لا ينفصل بعضها عن البعض 
الآخرء فقد ورد:"من كذب آية من كتاب الله فقد نبذ كتاب الله وراء ظهره". و" من كذب بآية من 
كتاب الله فقد نبذ الاسلام وراء ظهره؛ وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين". واذا شككنا في 
الامام الثاني عشر شككنا بإمامة من سبقه, لأن السابق نص على اللاحق» وأخبر عنه» فاذا شككنا في 
علي شككنا بما ورد فيه وعنه عن رسول الله.. واذا شككنا في الحسين وتصرفاته فقد شككنا في قول 
الرسول فيه. ان الشك و«التردد في القضايا الدينية دليل على ضعف الايمان أو على التخلف والجهل 
مهدع [14] 


د ص ١84‏ 


2324 


وعدم الانفتاح والقدرة على الهحضم... فمن آمن بالرسول وصدق كيف يصاب بالشك والتشكيكء» وهو 
القائل هناك إمام له عصره وله دوره وأهل زمانه؟" 151555] 


ونسي الشيخ الساعدي أن الشك بالأحاديث وفي نسبة أية نظرية الى الرسول» لا يعني بالضرورة 
الشك بالرسول نفسه. فقال أيضا:"الشك ف المهدي يدعوك الى الشك في حديث آبائه وأجداده ومن 
ثم الشك في أحاديث الرسول (ص) ويتسلسل عندك هذا الشك وتتولد منه شكوك ويتعدد ويتحول 
الشك البسيط الى شك مركبء؛ وحت المركب يتمركز ويتولد منه عناد وأمراض نفسية... 

واستشهد الساعدي بقول معروف لأثمة أهل البيت وهو :"لا تنقضوا اليقين بالشك". فقال: ما 
دمنا آمنا بالامامة التي يتفرع بعد كل امام امام ولا تخلو الأرض من قائم وهادي وداعي وحجة فلا نشك 
بعد هذا اليقين» والامام الثاني عشر الذي جاء بعد آبائه» هو الامام الذي خختم اللّه به الامامة ولا امام 
بعده» وهو منتهى من ثبتت له الامامة ولا يأ بعده امام" ]16[55١‏ 

ولكن الشيخ الساعدي في الحقيقة قلب الموضوع» فان اليقين الثابت المروي بإجماع المؤرحين والرواة 
الشيعة هو عدم إعلان الامام العسكري لوحود ولد له في الظاهرء وهو ما يحتم الالتزام قانونيا بعدم 
وحود ولد له في حين ان الادعاء بوحود ولد له في السر هو قول ظني مشكوك فيه» ولا يجوز التمسك 
به لأنه نقض لليقين بالشك. 

وهناك قاعدة أصولية أخرى يعرفها علماء الدين» وهي: (اصالة العدم) ويحتاج نقضها الى دليل 

قاطع؛ فهل يمتلك أصحاب فرضية وجود الولد دليلا كهذا؟ 

ان الشيخ الساعدي يعترف بعدم وحود نص صريح من الرسول الأكرم على الامام الثاني عشر»ء ولكنه 
يدعي وحود نص عليه من الامام العسكريء فيقول:"اذا كان النص دليلا في اثبات وثبوت الامامة فان 
أباه الحسن العسكري (ع) هو الذي نص عليه بالامامة» وهو دليل مقبول يؤحذ به وهنا ننطلق في 
آفاق فكرية واسعة» وندحل في قضايا منطقية» فالابمان باللازم تصديق بالملزوم والاعتقاد بالشيء وانه 
حقيقة ثابتة يقتضي الأحذ بكل لوازم ذلك الشيء » وبيان ذلك: نحن اذا آمنا بضرورة الامامة بعد 
النبوة» ونحن اذا صدقنا الرسول في نبوته وأحذنا أقواله في حق علي ... وانه المرشح للامامة بعده بلا 
منازع.. فهو أمر متعين.. ونحن اذا صدقنا عليا ..علينا أن نأحذ بقوله ..فاذا نص على ولديه الحسنين 
أخذنا به دليلاء واذا نص الحسين على ولده السجاد بأنه امام بعد ابيه» واذا نص السجاد على ولده 
الباقر صدقناه» واذا نص الباقر على ولده الصادق» واذا نص الصادق على ولده الكاظمء وهكذا .. واذا 


١وم‎ - 1١99 اص‎ ]15[ 04 


١١١ ص‎ - 1161 2 


23225 


نص الحسن العسكري على ولده المهدي انه امام هذه الأمة من بعده» صدقنا قول الحسن العسكري» 
وأحذناه دليلاء والتزمناه حجة مقبولة» والنتيجة من ذلك النص أن المهدي هو الامام والحجة بعد ابيه. 

واذا نحن ترددنا في ذلك هدمنا الامامة وجزأنا الامامة... وتحزئة الامامة مسألة خارحة عن الدين.. وهو 
حلاف الحق» فالامامة مسألة متكاملة الأطراف تبدأ بعلي وتنتهي بالمهدي مسألة كلية لا تتجزأ عددا 
معدودا اثنا عشر اماما لا يمكن تحزئة ذلك لا عددا ولا فكرة... فالايمان بعلي امام أولاً يلزم الابمان 


بالمهدي إمام هذه الأمة» وهو الثاانى عش" ]17[55١‏ 


ان في كلام الشيخ الساعدي هذا عدة نقاط» فهو يدعي نص الامام العسكري على إمامة ابنه» وهذا 
حلاف الظاهر والمعروف والثابت من أنه لم يعترف بوحود ولد في الظاهر فكيف ينص على إمامته؟ واذا 
كانت هنالك نصوص حول الوحود والامامة فهي سرية وضعيفة وافتراضية» وتقوم أساسا على نظرية 
الامامة أو النظرية الاثني عشرية» التي ولدت فيما بعد خلال القرن الرابع الحجري. وربما كانت مخاوف 
الشيخ الساعدي من انهيار نظرية الامامة في حالة عدم ثبوت وجود الامام الثاني عشر» صحيحة وفي 
محلهاء ولكن جرد وحود المحاوف من الاتميار لا يبرر افتراض وجود الامام الثاني عشرء بلا دليل علمي 
قاطع. 

واذا ثبت عدم وحود دليل شرعي على ولادة ولد للامام العسكري» فلا بد من مراحعة نظرية الامامة 
نفسهاء والتأكد من حقيقة فكر أهل البيت السياسي» وفيما اذا كانت تلك النظرية تحظى بتأبيدهم أو 
انما هي الأخرى نظرية مختلقة ومنسوبة اليهم بغير علم منهم. 

هذا هو التفكير المنطقي السليم؛ ولكن الشيخ الساعدي الذي يشعر بضعف النصوص ٠»‏ يصر على 
اللجوء الى منطق الافتراض الفلسفي ليثبت وحود الامام الثاني عشرء فيقول:"التوقف في الامام المهدي 
أو الشكء يلزم التردد في النصوصء والأخحذ بطرف من الامامة وطرح الآخر هدم لمفهوم الامامة» ومن 
باب الملازمة نقول يإمامة المهدي (ع). فان القول بإمامة علي (ع) يلزمه القول بإمامة ولده الحسن» 
لأنه نص عليه» والقول بإمامة الحسن يلزمه القول بإمامة أخيه الحسين لأنه خليفته» وهكذا ينص على 
من بعده» لأنه إمام» ورفض إمامة المهدي يلزمه رفض وطرح ما ورد عن الحسن العسكري (ع) واذا لم 
تأخذ بما ورد عن الحسن العسكري معناه قلنا بعدم امامته» ولم تلتزم بما قاله وصدر عنه وصرح به 
ونستدل على امامته باللابدية العقلية» وهي كما صورها العلامة الحلي في (الباب الحادي عشر) لأن كل 


زمان لا بد فيه من إمام معصوم.فراجه". 181777] 


8 [17]) ص مه - وه 


57 _ ]18[ "5 


326 


ويقول: "هذا أحد العلماء من علماء النجف الراحلين وهو محمد حسين المظفر باحث وكاتب ومفكر 
في قضايا العقيدة وأصولهاء ومدافع عنهاء ورد الشبهات الكافرة» يقول:" ويهذا الدليل المنطقي » وهو 
يركب شكلا منطقيا مؤلفا من صغرى وكبرى ونتيجة وقضية مؤلفة من نقاط أربعة مقبولة منطقيا ولكن 
فيها صعوبة تحتاج لعقل يدرك هذا التسلسل من المقدمات: 

المقدمة الأولى: ان العالم بحاحة لإمام مصلح يغرس الأمان والثقة في النفوس» لأن الله لا يترك العالم 
007 

المقدمة الثانية: الكتاب والسنة غير وافيين في العلم والتطبيق 

المقدمة الثالثة: كان على الله اللطيف أن ينصب للأمة إماما يدعوهم ويرشدهم. 

المقدمة الرابعة: الامام الصالح واحب عقلي في هذا اليوم» فالامام الحادي المرشد موجود في هذا اليوم لا 
را 19/7 

ويضيف:" ان قضية المهدي من القضايا الضرورية اللابدية العقلية المنطقية...لأن لكل زمان إمام ولا 
بد فيه من إمام» ولا بد من معرفة هذا الامام". 


"٠6٠٠١ ص‎ 


ورغم ان هذا الاستدلال الافتراضي لا يقوم على علم ولا يقين» ويجانب المنطق» فانه يفترض مرة 
أخرى ان الامام هو (محمد بن الحسن العسكري) وانه غائب ولا يزال حيا لم يمت. وكل ذلك افتراض ف 
افتراض وظن في ظنء وهذا ما يعترف به الشيخ الساعدي حيث يقول:" ان قضية المهدي أتعبت 
المفكرين من المسلمين والباحثين» وخاصة علماء هذه الطائفة". ص ٠ه‏ 

ويحاول الشيخ الساعدي ان يوجد نوعا من التلازم بين الإيمان بالامام الثاني عشر وبين النبوة 
والتوحيد» فيقول:"أفتى كثير من العلماء بكفر من أنكر المهدي, أما عندنا فان من أنكره أو شك فيه 
فانه قد هدم الامامة» وهدم الامامة معناه فصل الامامة عن النبوة» أو تكذيب للرسول الذي بشر به» أو 
تشكيك في حديث آل محمد (ص) لأنحم بشروا به ..والحاجة الى النبوة هي الحاحة للامامة بعدهاء 
والابمان بالنبوة يلزمه ايعان بالامامة بعدهاء واذا بطلت النبوة بطلت الامامة بعدهاء وبالعكس. ولو 
بطلت النبوة فصلنا النبوة عن التوحيد. ولوحود هذا التلازم بين التوحيد والنبوة والامامة كانت 
النتيجة: الايمان بامامة المهدي المنتظر (ع) وهي تشكل سلسلة مرتبطة بعضها بالآخر» ويتوقف 


عم [19] - ص ده (راجع مبحث 5 الامام والامامة طبعة النحف) 


هذا على هذاء وحاجة الانسان الى النبوة هي حاجته الى الرئاسة والزعامة السياسية» فالامامة ضرورية ولا 
استغناء عنهاء فهي والنبوة في خط واحل". 201754] 

ويؤكد:"حاجة الأمة للامامة هي حاحتها للنبوة» والامامة خلف عنهاء وتؤدي ما أدت وتقوم بأعمال 
تكفل مسيرة الأمة ومسيرتما في الحياة» وما دام القرآن باق فالامام باق» وهما متلازمان في الوحود والبقاء 
تشريعا وتنفيذ ا" 3؟211] 

ومن الواضح لكل قاريء مدى التطرف الذي يذهب اليه الشيخ الساعدي, مما لم يذهب اليه أحد 
من قبل من كتب عن موضوع الامام الثاني عشرء وكيف انه يحاول ربط قضية ظنية وهمية افتراضية 
اسطورية بصلب الدين الاسلامي من التوحيد والنبوة» بالرغم من عدم وجود دليل على ذلك. 

وقد ادعى تكفير كثير من العلماء لمن ينكر المهديء ولم يذكر اسم أحد منهم.؛ ولا أساس التكفير» مع 
ان موضوع المهدي لا يشكل أصلا من أصول الدين ولا ضروريا من ضرورياته. 

أما ما ذكره من أن إنكار وجود المهدي يؤدي عند الشيعة الى هدم الامامة» وفصلها عن النبوة» فهذا 
صحيح.» ولكن ذلك لا يؤدي الى تكذيب الرسول أو التشكيك في حديث آل محمد (ص) لأنهم لم 
يذكروا اسم المهدي وانما تحدثوا - فيما تقول الروايات الصحيحة الواردة عنهم - عن إمام مهدي عام 
يعمل بالحق والعدل. وقد أحطأ الشيخ الساعدي كثيرا عندما ساوى بين الحاحة الى النبوة مع الحاحة 
للامامة» وقال:"إن الايمان بالنبوة يلزمه الابمان بالامامة» واذا بطلت النبوة بطلت الامامة بعدهاء 
وبالعكس. ولو بطلت النبوة فصلنا النبوة عن التوحيد. ولوجود هذا التلازم بين التوحيد والنبوة 
والامامة كانت النتيجة: الايمان بامامة المهدي المنتظر (ع) وهي تشكل سلسلة مرتبطة بعضها 
بالآحر» ويتوقف هذا على هذاء وحاجة الانسان الى النبوة هي حاجته الى الرئاسة والزعامة السياسية» 
فالامامة ضرورية ولا استغناء عنهاء فهي والنبوة في خط واحد". 

وذلك لأن بطلان نظرية الامامة الالحية لا يستدعي بطلان النبوة» إذ لا يوحد تلازم بين الأثنين» ولا 
يوحد دليل صريح وواضح على الإمامة في القرآن الكريم؛ ولذلك فان كل المسلمين من غير الشيعة 
وبعض الشيعة (كالزيدية) لا يؤمنون بنظرية الامامة. ما يعني عدم توقف اي منهما على الآخر. وعدم 
تشكيل الامامة مع النبوة حطا واحداء والعياذ بالله. 

وحتى لو افترضنا صحة نظرية الامامة أو الاثني عشرية» فاتما لا تدل حتما على وجود ولد للامام 
العسكري» وانه المهدي الغائب المنتظر» إذ يمكن حساب أي إمام آخر من أئمة أهل البيت مثل الامام 
زيد بن علي أو عبد الله الأفطح أو موسى للمبرقع أو غيرهم وتكملة القائمة الاثني عشرية. 


54>" [20] دص 549 


هب" [21] دص وعم 


2328 


ويبدو ان الشيخ الساعدي يلقي بالكلام على عواهنه» فهو تارة يتهم المنكر للمهدي بالكفر» ولكنه 
سرعان ما يتراحع ليقول:"الامام المهدي اتفقوا عليه واحتلفوا فيه... وهذا الاختلاف لا يضر في أصل 
الفكرة المنحدرة من الفكرة الأصلية» نحن نسميه المهدي المنتظر وقائم آل محمد من ذرية الحسين كما 
بشر به الرسول» فقد قال الرسول (ص) وهو يشير الى الحسين: "هذا امام وابن امام وأخ لإمام وأبو أئمة 
تسعء تاسعهم المهدي". أما غيرنا يسميه بأسماء أخرىء والاشتباه في المصداق الخارحي » والكل اتفق 
على المبدأ والمدشأ والجذور والبداية والمفهوم» وانه وقع الاحتلاف في الخارحي في الذات وما أكثر 
الاشتباهات في المصاديق الخارجية» وهم يسمونه البطل المحرر والمصلح للعالم والمرتقب» كيف ما كان 
فهذه الفكرة دينية قدعة" 22117] 

وبعد أن اعتبر غيبة الامام المهدي مشكلة كبرى واجهت الشيعة» وداء خطيرا فتاكاء وسببا ف وقوع 
الفرقة والتخلف والضلال. ”123178 عاد فهوّن من أمر الغيبة وقال:" إن الامام المتتظر موجود وان غاب 
عن أبصارنا امحدودة وعن العين وان غاب عني وعنك فهو ليس بغائب هو حاضر وهو شاهد وهو 
مشاهد هو معنا في مجالسنا وموقفنا يرانا ويلحظنا ويسددنا ونحن في لطفه وشهوده ورؤياه» وقد ورد ف 
أحاديث آل محمد (ص):" ان ميتنا اذا مات لم يمت وان غائبنا اذا غاب لم يغب".124/778 "ان 
الأئمة شهداء على الخلق يرون ما لايراه الناس ويسمعون ما لا يسمعه الناس وهم حاضرون في أذكار 
الناس وان أعمال الناس تعرض عليهم فغيبتهم جسديا لا تمنع من حضورهم فكريا وروحيا وأخلاقياء فهم 
السادة ولهم السيادة واليهم يرحع الناس» وعنهم ينطلقون » فغيبة الامام (ع) عنا او ابتعاده عنا لا يفقده 
الحضور والمعية والوحود على المواقف وما يصدر وما يقع على هذه الأمة» فهو معها لم يبتعد عنهاء فهو 
الذي وكين االنؤو "فيو قرييت" النونا نكا تر متطينا بر عافنا ووميدة اا 2577] 

وبعد أن اعتبر الامامة جزءا لا ينفك من الاسلام؛ عاد فتراحع عن ضرورة استمرار الامامة الى يوم 
القيامة» واعترف بإمكانية الشورى» فقال:"علل استاذنا محمد تقي الحكيم في إحدى محاظراته: ان الأمة 
تعيش بعد النبوة في مرحلة الانتقال لا تستطيع أن تنتحب أو تكون مجلس الشورى النزيه الحرد عن 
المطامع والأغراض والمصالح» وهي لا تزال في مرحلة الانتقال» وبعد تحاوز هذه المرحلة وبعد رقيها 
واستقرارها وتكاملها تستطيع عند ذلك أن تدير أمورها وتختار ما تختار وهو الحجة » ولا تخلو الأرض من 
حجة لله وقد مرت هذه الأمة بمراحل مختلفة » فاذا تكاملت وارتقت شأتما شأن الأمم الأخرى فعندها 


]22[ "55 


دص ١85‏ 
73 [23] ا ص ١/8‏ 
4م [24] دص ١75‏ 
5 [25ا ا ص ١75‏ 


2329 





تدير نفسها بنفسها ويكون الانسان في عصر يختلف عن عصرناء وتكون الحياة القادمة تختلف عن 
حياتنا المعاصرة» وعندها يظهر الاماه". :26[77! وقال:" ان مصالح الامة وتطورها وعقليتها قد يرتقي في 
عصر الامام المهدي وتنضج لتدبر نفسها بنفسها وتعي وتدرك شؤوتما وتأخذ بالاسلام منهجا". ]27177١‏ 


ولو كان الشيخ نعمة الساعدي يريح نفسه وأنفسنا لأعاد النظر في أساس موضوع الإمامة» ولما 
اضطر الى افتراض وحود الولد للامام العسكري, ثم القول انه المهدي المنتظر وأنه غائب وسوف يظهر في 
المستقبل» ولأعترف بالحقيقة.. حقيقة عدم وجود ولد للامام العسكري» وعدم تبني أئمة أهل البيت 
لنظرية الامامة» وبخاتمية النبوة المحمدية» وعدم وجود امتداد مشابه لما في الزمان باسم الامامة» وهو ما 
نفاه الواقع والتاريخ» على الأقل منذ وفاة الامام العسكري الذي لم يشر في وصيته الى وحود ولد له 


ولا الى موضوع الامامة من بعده. 


- مع المهندس عالم سبيط النيلي في كتابه: 
(الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب أحمد الكاتب) 
التنظير للمنهج الحشويء, والتحريف بدعوى الإصلاح 


0" [26] دص 00 


١4 ص‎ 1271 586 


330 


ترددت كثيرا في الرد على النيلي» الذي درس الهندسة في موسكوء ولم يسبق له أن درس في الحوزة 
العلمية» ولكنه يختزن ثقافة شيعية شعبية تقليدية» وقد هاله إقبال الناس في العراق على كتابي عند 
صدوره» فانبرى للرد على الكتاب, لم يجد ما يرد به سوى مفردات الحدل الشعبي الذي لا يستند على 
أي منهج علميء ولا أقول أكثر من ذلك لأني أربا بنفسي النزول الى مستوى المفردات السوقية 
والغوغائية التي استخدمها في كتابه. واذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه» فان اتمام أحمد الكاتب بالنصب 
والعداء لأهل البيت» بمذه السهولة والحرأة» يؤكد طبيعة الردود التي قدمها المؤلف. 

ولولا وحود أشخاصء أو لحنة » أو تيار يروج الى الكاتب النيلي» وكتبه المشابمة وادعاؤهم برد النيلي 
على الكاتب» لما تشجعت في الرد عليه» لأن كتابه يرد على نفسه بنفسه لكثرة ما فيه من تناقض 
وحشوية وسطحية ورفض مباديء البحث العلمي التي لم يدرسها بالطبع في موسكو الشيوعية. 

ولأنه كان يعتقد بأن الامامة من الله وتنبت عن طريق النص» فقد اعتقد بأتما جزء أساس من الدين» 
ولذا فقد وحد في قراءقٍ المحالفة لنظريته والتي تقول بأن الشورى هي نظرية أهل البيت السياسية تناقضا 
كبيرا مع الصورة التقليدية التي يحملها عن التشيع وانطلق من هنا ليرد على كتابي (تطور الفكر السياسي 
الشيعي) حتى قبل أن يقرأ الكتاب. حيث يقول:" من أُوَلِت سطور قرأتما وأنا أدركُ كل الكشوفاتٍ 
اللاحقة للكاتب», وبدأثُ الردّ و4 أقرأأ سوى سبع صفحاتٍ ..لِماذًا؟ لأنني أعلمُ إلى أي موضع يريدٌ 
الوصولٌ . وأقِسِمٌ بالله وملائكته وكتبه ورسلِه أي علمتُ من أوَّلِ خمسة أسطرٍ نه في الطريي لإنْكَار 
الوضتقة والإاننامتق وان جه كلا تامارك كه نامرف" 

ولكنه لم يتوقف عند تطور الفكر الشيعي عبر التاريخ» ول يتأمل في التحديات التي واحهته» ولم يبحث 
بالطبع موضوع وجود الامام الثاني عشر أو عدم وجوده » واعتبر ذلك أمرا مسلما لا يحتاج الى نقاش» 
ولم يتوقف الا عند النظريات المختلفة في تفسير سبب الغيبة» وهو أمر متأحر على مسألة بحث وحود 
الامام الغائب وولادته. 

ولما كان بحث هكذا أمور تاريخية وعقائدية يحتاج الى عدة علمية يفتقدها النيلي» فقد اختصر الطريق 
برفض البحث العلمي من الأساس, والإعلان عن كفره بعلم الرحال» والتمسك بدلا من ذلك بالمنهج 
الاخباري الفج الذي ينظر الى الروايات نظرة ذوقية ومزاجية. ولم يبحث ولم يحب عن كثير من الأسئلة 
التي طرحتها في الكتاب حول مصير نظرية الامامة ومصداقها الخارجيء أو هوية الامام الثاني عشرء 
واعتبر ذلك محاولة استخباراتية لكشف ستر الامام الغائب!!! 

ان مشكلة النيلي الكبرى تكمن في أنه يعتقد أن ما ورئه من آبائه وأحداده هو عين الحق 

والصواب» رغم أن الكثير منه قائم على أحاديث ضعيفة أو مختلقة» أو تأويلات تعسفية للقرآن الكرم» 
وبدلا من أن يفترض في البداية احتمال الخطأ أو يمارس الشك المنهجي الذي يقود الى البحث العلمي» 
ثم التوصل الى اليقين» فانه يتشبث بما ورثه حرفيا دون نظر أو تفكير» ولا يسمح حتى للعلماء باحترام 


331 


الآراء الأخرى» أو توفير أي قدر من الحرية في البحث والتفكير» فهو يقول مثلا:"ومَا نريدُ أن نقولةُ في 
هَذا الكتاب هُوَ أن النامَ دأبوا عَلَى الجدالٍ ول الحقٌّ والباطلٍ والصحيح والخاطع» وَعَادُوا قُ ذَلِكَ إلى 
درحة أنَّ عْلَّمَاءَ الدّينِ أَصْبّحوا يأحذونَ بفكرة احترام الآراءِ جميعاً ولو فيما بينهم» ويبرّرون الاحتهاد 
ويزعمون أنَّ الاحتلافت في الدّين رحمَةٌ ونَّهُ ضرورةٌ لإغناءٍ الفكر والبحث. 
لك هُتَاكَ فَرَقاً بَبْنَ عَن الَقٌّ والباطلٍ وبَيْنَ الاحتلافب في الحَقٌّ والباطل هُوَ عيّنْهُ المَرّق بَيْنَ 
9 والإبمان. ل 3 يبرّرون الاختلاف ويَسْمَحونَ بتعدّدٍ الوحوو ف تأويلٍ النصّ الإلحيّ هُمْ 


0 


ا 


ظلمَة ظلعة وَقفرة) » بل هُمْ أَظْلَمُ اللي 02 فإن سوا السماد ئِمَ وتحلببوا يجلباب الدّينِء أ يؤمنون بِعَدَّم 
وضوح القَرقِ بَيْنَ الحقَ والباطِلٍ ابتداء» ويجعلون النصصّ الإلي الذي جَاءَ لإزالة الاحتلاف . يجعلونة 
مَصْدَرَاً للاحتلافي". 
وهذا ما يثير التعجب والشفقة حول مدى انغلاق النيلي وجموده الفكري وتطرفه, حينما يعتبر العلماء 
امحتهدين الذين يسمحون بتعدد وجهات النظر في تأويل القرآن: "ظلمة وكفرة بل أظلم الخلق طرا". 

ورغم وجود تفاسير عديدة للدين ومذاهب ومدارس مختلفة في داحل الدين» مما يعني وجود الاحتمال 
بخطأ بعض التفاسير أو التأويلات» فان النيلي يعتبر نقد التفسير السائد للدين» طبعا حسب وحجهة 
نظره» محاولة لإبطال أسس الدين» ويقول:"نَرَى بوضوح كاف أنّ المجمات الموجَهَةٍ إلى الدّينِ السماويٌّ 
وَعَلَى كافّة المستويات هِيَ هَجَمَاتٌ عَلَى التفسيرٍ السائِدٍ للدَّينٍ وَلَيْسَتْ عَلَى الدَّينِ تَفْيِ وَلكِنّهَا 
اول إبطالّ أَسّسٍ الدَّينِ من خلال التناقُضّاتٍ في أقوالٍ علماءٍ الدّينِ والمفسّرين» فيحسِبُ البعضٌ بَلْ 
أكثرٌ الناسٍ أنَّ الدينَ أصبّح في حَطْرٍ من هَذِه الحَجَمَاتِ". 

والغريب انه يعترف ب:"إنَّ مَا حَصّل في عقائِدٍ المسلمينٌ مُنْذُ قرونٍ طويلة هُوَ انقلابٌ شاملة لمبادئ 
الدّينٍ وانعكاسٌ للمفاهيم 'حَيتُ أنَّ الدراسّة الْمَادَّةَ للنصّ القرآي؛ ومحاولة فَهُمِهِ مُستَقِلاً عن آراءٍ البَحَالٍ 


ل 


.ا 2 


: فل توضو كانتي أن لدي الذي بَيّنَ يدينا اليوم هُوَ نقيضٌ يالديق الذي جَاءَ به حُحَمَدٌ (ص). وَلِذَيِكَ 
3 دعاةٌ الإلحادٍ وَالكُفْرٍ من توجيه الضرباتٍ القويّة إلى هذا الدّينٍ المريقى 'فيعصيسية النابرق أن الذين 
في خطر ل ل ل 0 

وَلكنْ يَبْمَى علينا أنْ نوضّح للقارئ القَرَقَ بَيْنَ دين الله ودين الناس!ء إِذْ هُنَا تَكْمُنُ المشكلةٌ بك 
بَعَادِهًا! 

إِنَّ هَذا التوضيح يستلزمُ إحراء سلسلة مِنَ الأعمالٍ سَتَكونٌ المفاحأةُ فِيْهَا عَلَى رحالٍ الدّينِ من كافّة 
المذاهب أشدٌ وقعاً ينا حي عَلَى القارئ العادي. ومن المتوقّع أنْ يَقِفَ أكتئهم ضِدّ عملية التصحيح وفي 
صفٌّ العدوٌ إذا أحسُوا بالمَطر الدَّاهم عَلَى مسَلّماتهِم ومبادئهم . وسوف يَْسبونَ أن المَطَرّ في 
التصحيح أَعظَمُْ عليهم من الخَطّرٍ الآت من هجماتٍ اللاجدّةٍ والكمّار. 


ل رٍ 
ذلك لأنا لو فلن أن ها كتتقذونة خف رذ" التكال وأعستال' التتكال: وكا" فيد جقيفة الذي عليه ره 


ا 


332 


خلال ذَلِكَ كُفْرُ عَوْلاءٍ البَحَالٍ وانحرافُهُم عن الدَّينِء وهم أسماءٌ لامعةٌ مشهورةٌ في الأمَةِ ومعروقةٌ بال 
(التقوى والصلاح)» بَكْ أسماء مَمَدَّسَةٌ جِدَاً. دَلِكَ لأنَّ الدينَ الذي يمن به النامئ اليوم هُوَ في الواقع 
أسما رجالء قلا يَمْصِلونَ ولا يُمَرُقَونَ بَيْنَ الدّينِ وَمَا يسمّى برجالٍ الدّين". 

إذن فان النيلي يعترف بوحود تحريف وتأويلات باطلة في الدين» بل وانقلاب شامل لمفاهيم الدين 
الصحيحة؛ ويدعي العمل من أجل اصلاح ذلك التحريف, أو يعطي لنفسه الحق بالقيام بذلك» ولكنه 
يرفض أن يقوم الآخرون بحذا الدور» كما يرفض انتهاج الطرق العلمية الصحيحة للتصحيح. وأولها الشك 
بما ورثه من آبائه وأحداده؛ وعدم اعتبار كل ذلك من الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا 
من خحلفه. 

ولو كان النيلي قد اتبع المنهج العلمي في البحث والتحقيق والتفكير» لربما كان قد وصل الى نتائج 
طيبة» ولكنه مع الأسف أضاع الطريق» وأغلق على نفسه الباب رافضا أدنى احتلاف. 

ولست أدري كيف سارع النيلي الى اعتبار نقد نظرية الامامة» أو وحود الامام الثاني عشرء بمثابة إنكار 
النبوة والرسالة» مع ان نظرية الامامة هي واحدة من النظريات المختلف عليها داخل المذهب الشيعي 
الذي ضم أكثر من سبعين فرقة. 

ولست أدري كيف توصل الى أن " كتاب (ِتَطْوّر الفكرٍ الشيعي من الشُورَى إلى ولاية الفقيه) عثّلُ 
أبرز عمَّلٍ من أعمالٍ التحريفي والزَّيفٍ". مع أن الكاتب يدعو الى العودة الى القرآن الكريم» وسنة النبي 
(ص) ومذهب أهل البيت» ورفض أقوال الرحال الذين دسوا أقوالهم في تراث أهل البيت. 

والفرق الرئيس بين النيلي والكاتب» هو ان الأول يرفض البحث والتحقيق» والكاتب يدعو الى ذلك 
قبل التمسك بأية عقيدة. وكنا ننتظر من الاستاذ النيلي ان يقوم بمناقشة الروايات المتناقضة والضعيفة التي 
ذكرها الكاتب» وبنى على ضوئها القول بأسطورية وجود الامام الثاني عشرء وبطلان نظرية الامامة. وأن 
يقدم بدلا منها ما يعتقد انما روايات صحيحة تثبت أولاً ولادة (محمد بن الحسن العسكري) حتى يسوغ 
القول بوحود اثني عشر شخصا هم أئمة معينون من قبل الله ضمن ما يعرف بنظرية الامامة الاثني 
عشرية. إذ لا يجوز أن يقفز عن بحث موضوع ولادة ووجود الامام الثاني عشرء ليبحث فقط في بعض 
الروايات التي تتحدث عن نظرية الامامة الالمهية» من دون تقدتم مصداق خارجي لاء وكذلك من دون 
بحث سند أية رواية. 

وهذا هو جوهر الخلاف بين النيلي والكاتبء والمفرق الرئيس بين الحقائق والأساطير» والحق والباطل. 
وبدلا من أن يختار النيلي المنهج العلمي والطبيعي في الاحتهاد والبحث والتحقيق ليصل الى الحقيقة» 
اختار أن يغمض عينيه ويصم أذنيه ويغلق عقله» ويطلق للسانه العنان في كيل السباب والشتائم 


والاحامات والافتراءات على الآخرين. 


3233 


انه يدعي بأنه يبني عقيدة الامامة على القرآن والسنة» فيقول:" كُدَّب كك قَائِلٍ لأيّ فِكرة فِيّهَا حكمٌ 
عَقَائِدِيٌ أو تاريخيئ أو مُسْتَفْبَلنٌ أو شَرْعينٌ أو فِفْهِيحٌ أو بَلاغِينٌ أو كلاميٌ أو فَأْسَفيٌ 8 لا يدل عليه 
القُرْآنُ بوضوح تام كوضوح المعَادَلاتٍ الرَيَاضْية الي لا تَقْبنْ حَطََاً مَا". ولكنه لا يأ بآية واحدة صريحة 
ليث الامامة لأهل 5 وانما يعتمد التأويل التعسفي واللف والدوران. كما يفعل مع هذه الآية التي 
تتحدث عن خلافة النبي داود (عليه السلام): (يَا دَاوُودُ إِنّا جَعَلَنَاكَ عَلِيمَة في الْأَرْضٍ فَاحكم َيْنَ النّاسٍ 
ِالحَقٌ ولا تع الموى مَبْضِلّكَ عَن سيل اللَِّ إن الَّدِينَ يَضِلُونَ عن سيل الل لم عَذَاتَ شَدِيدٌ يا َسُوا 
وم الجسَاب) . سورة ص 75 ليستنتج منها إمامة الأئمة من أهل البيت» ما يدل على أن النيلي يخلط 
بين حلافة الأنبياء وبين الامامة السياسية المطلوبة في امحتمعات الاسلامية الى يوم القيامة» رغم خختم الله 
للنبوة بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) ويحاول ان يقيس على هذه الآية قياسا باطلاء ويأوها تأويلا 
تعسفيا حتى يستخرج منها ما يريد. 

وف مقابل ذلك يقوم النيلي بتأويل آية الشورى: (وآَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُم)» فيقول:'أَنْثّم تَقُولُونَ أنَّ 
(الأَمر) شورى لِقَولِه تَعال (وأَمْيهُم سُورى بَيْنَهُم) ثم تَقُوُونَ: إِنَّ (أوبي الأَمْرِ) بذ الشورى .. مكيف 
يكونٌ وَل الأمرٍ بَبْتَهُم بالشُورى؟ يلِلْمَضِيحة اليْطِقَيّة! !أَقَهََذا مَا تَعلمْيمُوه هُ مِنْ أرسطو طاليس؟!! وَمَعَ 
دَلِكَ فَإِنَّ (أميفم) هُوَ غَيْرْ (الأثر) قَطْعَاً . الأ اليعيف بأل التَغْريفٍ.َمْ هْنَا فمَط تَنْسُونَ أسرلكم 
وَالمَرَقٌ بَبْنَ الميعكفي بالإضَّافَة والمتكف بالف لام العَهْدِ؟' . 

ومن الواضح ان هذا التفسير للقرآن ليس واضحا كوضوح المعادلات الرياضية المتفق عليهاء وانما فيها 
قدر كبير من التأويل والقلب واللف والدوران. 

وبعد أن يتلاعب القرآن الكريم كما يشاءء يأتٍ النيلي للأحاديث فيعطي لنفسه الحق بأن يغرف منها 
ما يشاء» ويرفض أن يستوقفه أحد أو أن يسائله أحد عن صحة تلك الأحاديث» فيشن هجوما عنيفا 
على علم الأصول والرحال» اللذين تطورا لدى المدرسة الأصولية منذ مئات السنين» ويصر على العودة 
الى طريقة الاحباريين الحشوية» فيقول: 
'الكايث. فول : هذا الحديثُ ضعيف! نعم.. صحيحٌ فَإِنّهُ ضعيفٌ حِدَّل وكك الأحاديثٍ ضعيفةٌ 
جِد!!. 

أ كن لك لا تكلمني بالرحالٍ فإِيّ لا أحتخٌ بالرحال!. والذي يحتخٌ بالرحالٍ ضال مضل.. أ 
ا أنَّ الشيعة هُمْ الأصوليون؟ ألا تدري أنَّ سهْمَكَ قَدْ عَادَ إلى نحرك؟. ذَلِكَ لأنَّ عِلْم البَحَالٍ 
واكم عَلَى النصوص من خلالِه لين من أعمالٍ شيعة علييٌ!. بَلْ هُوَ من أفكارٍ وأعمالٍ أهلٍ الشورى! 
وانتقالة إلى الطائفة الي تسكّى اصطلاحاً ب (الشيعة) لا علاقة لَّهُ بالموضوع الذي يننا" الآن". 
ويضيف: "إن العقائد لا تفبث بِأقوالِ وأحاديث تبعا لوثاقة الكالٍ أو عَدَع وثاقيهى لأنّ الكال يختلفوث 
أَيْضَاً في هَذِهِ الوثاقة ! إن العَمَلَ لَوَ بالمعكوس .. حَقٌّ لو تَبَى طريقَئَكَ كُُ مَنْ تسمّيهم شيعةً قَلا 


334 


حْجّةَ في دَلِكَ. فَمَا أَذْرَاكَ أن يَكُونَ أَكْثَرُ طائقة الشيعة عَلَى ضَّلالٍ في هذا وَمَعَ دَلِكَ تَبْمَى الإمامَة 
هي الدّين؟.!! 
ويِحَكَ إِنَّ الحقّ لا يُعْرَفُ بالتحال.. أعرفئ الحقّ تَعْرفْ أُمْلَكُ وأعرف البَاطِلَ تَعْرفٌ أهله. 
وَهَذِهِ الكَلِمَةُ مشهورةٌ ولكنّ العَمَلَ الجاري ضِدَّها تََامَآتُ والقانونُ الأصولٌِ والكلامئٌ عكشها ولا 
غرابَةً!! فَكَمْ مِنْ آيَةِ في القرآنٍ مشهورة ة وَالعَمَكْ عَكْسْهَا تَامَآت؟!! 

ِنَّ مَنْ يُْبِتُ الإمامَة بعلي والأئكة خَوَ كافِدٌ! 
وَآَنْتَ تفْهَمْ وك الناس يفهحُون أنَّ الإمامة والعصْمَة أَنَْثْ عن طريقٍ الأئمّة. 
فَكِيفَ تعرفٌ الحقيقيّ من المرَيّفٍ إذا كُنت تَرْحَعْ لأقوال التجَالٍ مَك أخرى؟ 
إذا كنت لا تَعْلَمُ أنَّ عِلْمَ البَحَالٍ وْضِع أَضادً جَعْلٍ المرَيّفِ عَلَى قَدَمِ المساواةٍ مَعَ الحقيقيّ فاعْلَمْ هذا 
الكذنا! وإداكنث تفش عن لق عا هرشق كنا شأئق م يقولة الكاترة قلا أو كَثّروا؟ ...بل أعرفٌ 
الحَقَّ أولً» وعندئذ سَتَعْلَمُ موقع كُلٌ واحدٍ من الناسٍ مِنَ الحَقٌّ ". 

يؤكد:" أن عِلّمْ البَحَالٍ لا قيمة لَهُ بالمكة» لأنَّ الأَمْرَ النبوي هُوَ في عَرْضٍ الحديث عَلَى القُرآن. وا 
ا 
الاختلافٍ في التفسير. وهم لا يريدونَ الحصول عَلَى التفسير الصحيح, بَلْ يريدونَ المنْعَ من ظهورٍ 
التفسير الحَقٌّ للقرآنء لأَنّهُ سيكشف المؤامرةٌ كلّها عَلَى قرينه (العترة). ! 
فَاقْهَمْ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ السببْ الوحيدٌُ ولأَوّلُ والأحيرُ لظهور عِلّْم البكال والتضعييٍ للأحاديث.. 
وخاصّة أحبار أهل البيتِ عليهم السّلام لأنّها جميعاً أَخبار آحادٍ يسبب الاضطهاد! 
وَهَذا الكاتبُ ... يستخديمٌ هَذِهِ الطرائق عيتهًا لتضعيفيٍ الأحاديثٍ الي لا تعجبّهُ وتقوية الي يُرِيدُها. 
وعمَلُةُ هذا وإِنْ فَعَلَهُ أقوامٌ من طائفة الشيعة فَإنُّ لا يَتُْ إلى الدَّينِ بِصَّلَةِ وَهْوَ خلاففُ الأوامر النبويّة 
والمنطق والعَقْلِ! قلا حُجّة فيه إِذْ أَكَْرْ السْنّة والشيعة خلاثة وَلِكَ لأنَّ البَحَالَ هُمْ الَّذِينَ كمون 
عَلَى وثاقّة البّحَالٍ فيبقى الاحتلافٌ قائماً بَبّنَ البجَالٍ! 
والطريق الوحيدُ لتصحيح الأحاديث هُوَ قانونٌ لا يأتيه الباطِلٌ مِنْ بَيْنِ يديه ولا مِنْ حلْفِه. 
وَلَبْسَ هُنَاكَ سِوى القرآن أو الإمام المنصوص عَلَيْهِ من الرسول. أُما الإمامُ فَمَتَلُوهُ بالسيفيء وَأْمَا القرآنُ 
فَقَتَلُوهِ يتَعَدَّدٍ التأويلٍ وابتداع المرادفاتٍ والمجازٍ 0 النصوص عم ل 
وجَعَلوا مكائهُما أَنفسَهُم من خلال ع95 الَحَالٍ 18 َحَكَ الثقلين كليهما. فلعتةٌ الله عَلَى الظالمين. 
م وَضَعُوا شروطاً قاسيّةَ جِدَّاً للرحال» قاسيّةَ ضِدَّ الخصوم تلا ضِدّ الاتتحالٍ والوضعء 5 قَمَجَتْ منهًَا 
الموضوعاثٌ ىَُ 2 مِنْهًا الصِحَاح لاما تَتَحَدَّتُ عَن كلك مَا يُدَمّرٌ المؤامرةً وأصحاتا مشمولين كأسانيدٍ 
بشروط الاستبعاد. 


335 


وَمَعَ ذَلِكَ فمَدْ تحَامَلوا أكثرَ يما هُوَ مذكورٌ في الشروط ومَنَعَوا من تسجيلٍ الأحاديث بأقسى يما هُوَ 
مشروطً» فانبرى بَعْضٌ من بَقِيَ عندهم ضمِيرٌ حيئٌ واستّذركوا عَلَى الأحاديث المارّة بئفس الشروط. 
يكن لسانَ حاليم يقول: اظلموا وَلكنْ بالقانونٍ الموضوع عِنْدكُم للظلم! 
وَعَلَى هذا فالكاتث يستخدِمٌ الأسلوب الانتقائيئ للحديث. فلليرءٍ أنْ يقولّ لَهُ: إِنَّ كُلَ مَا تَسْتَشْهِدٌ به 
موضوعٌ ومزيّفُ!. فيبقى كُلٌ واحِدٍ عَلَى ما أرَاد". 

ويقول: "لِذَلِكَ فُلنَا مِرَارَاً أنَّ تحليل النصصّ هُوَ الدَلِيلٌ الوحيدُ عَلَى صِحَّةٍ صدوره مِنَ المعْصُوم أو مِنْ 
سواه» قلا يمكن تضعيفُ نص أو تقويئة تبْعَآً لوثاقة البحَالٍ. فَكمْ مِنْ موثوقٍ وَهْوَ عِنْدَ الله فاسِقٌ؟ وَكُمْ 
مِنْ شِرَيرٍ وَهْوَ عِنْدَ الله مِنَ الأحيار؟. بَلْ كُمْ مِنْ شْرّيرٍ يَجْعَلُ الَّهُ عَلَى لِسَانِهِ الحَقَّ؟ وَكُمْ مِنْ عا يجري 
تسى اللَفْظَ فَيَنْقْل المغى بِلمَاظِهِ هو ذُيمَعُ في التباس وِيُوقِمُ الخلّقَ مَعّه. 
وقَدْ اعْتَمَدَ الكآنِث عَلَى تَضْعيفٍ الرُوَاةٍ قَمَط للخلاص مِنَ النُصوص الدَّامَِة لباطِلِهِ وكأتَنَا مُعَقَلونَ لا 
نَدْرِي أنَّ عِلْمَ البَحَالٍ ظَهَرَ أضْلاً مِنْ حِهَةِ أَعْدَاءٍ الدّين وخصوم الأتَمّةِ الأطْهَارٍ وإِنْ عَمَلَ به بَعْضُ 
وهنا ينسى النيلي أن الكاتب لا يحاول إثبات نظرية معينة» وانما يشكك بما تقدمه النظرية الامامية 
الاثني عشرية من أدلة» وبالتالبي فاذا لم تصح الأحاديث والقصص والروايات التي تبني عليها مقولتهاء فان 
العودة الى نقطة الصفر تعني عدم ثبوت نظرية الامامة» وليس بقاء كل طرف على ما عنده. واذا لم 
تثبت نظرية الامامة» أو فرضية وجود الامام الثاني عشرء فان الأمر يعود بصورة آلية الى نظرية الشورى 
التي لا يوجد غيرها في الساحة. 

ولست أعرف ما هو سبب تحمجمه على علماء الأصول وامحتهدين من الامامية» مع امم لم 
يستخدموا قواعدهم النقدية الأصولية في قراءة أحاديث الامامة والاثني عشرية ووجود الامام الثاني عشرء 
وانما ساروا على الطريقة الأحبارية القديمة» ولذلك لم ينقضوها. في حين أن مهاجمة الأصوليين لن ينفع 
الاحباريين شيئاء إذ ان القواعد الأصولية والرحالية هي قواعد فرضت نفسها على الشيعة لتصفية الركام 
الهائل من الخرافات والأساطير التي تسربت الى تراث أهل البيت» وكانت سببا لحدوث انحرافات عقائدية 
كبرى في صفوفهم؛ وليس التزامهم بحا تقليدا للسنة الذين سبقوهم اليها بقرن أو قرنين عندما واجهوا 
حالة مشابمة من الروايات المختلقة التي بلغت حوالي نصف مليون رواية» مما دفع المحققين منهم الى 
تصفيتها واحتيار بضعة آلاف رواية صحيحة منها. ولكن الاستاذ النيلي يحاول من خلال ضربه للمنهج 
الأصولي والرحالي» وتبني المنهج الأخباري الحشويء ان بحافظ على نظرياته من الاتميار. فيهاجم الشيعة 
وعلماء الأصول قبل أن يهاحم الكاتب. 

كان يمكنه الاجتهاد في علم الرحال وتضعيف من يريد او توثيق من يريدء ولكنه رفض علم الرجال 
كله وخحشي من الاقتراب منه » وادعى انه قادر على معرفة النص الصحيح الصادر عن المعصوم من 


336 


غيره» بواسطة التحليل. ولم يشرح لنا كيفية ممارسة التحليل وأسسه وقواعده؛ مع الأسف الشديد. وربما 
كان يقصد الاشارة الى دراسة المتن في نقد الأحاديث» وهي عملية يمكن أن تساعد على معرفة النص» 
خاصة أثناء التعرف على عناصر التضاد والمخالفة مع القرآن الكريم أو العلم أو العقلء مما يؤدي الى 
إسقاط الحديثء ولكن عملية التحليل لا تستطيع أن توثق رواية وتثبت صدورها عن المعصوم الا بعد 
تأكد صدورها عبر رحال ثقاة معروفين وسند متصلء وأما اذا تخلل الرواية رحال مجهولون أو ضعاف»ء أو 
انقطع سندها فان الرواية تفقد قيمتها الشرعية ولا يمكن الاعتماد عليها. وهذه مسائل بديهية يعتمدها 
كل الناس من كل الاديان والمذاهب في عملية التثبت من الاحبار» ولكن الاستاذ النيلي يحاول أن 
يتجاوز الشروط العلمية البديهية في النفي والإثبات» ويحتج بعملية التحليل للروايات» وهو باب واسع 
يمكن ان يدخل الانسان عبره ما يشاء» وينسب ما يشاء الى من يريد. 

والطريف أنه رغم كل ذلك يدعي أنه يتبع منهجا علميا في البحثء» ويهاحم الآخرين على عدم 
اتباعهم للمنهج العلمي ويقول عبي "انه يأت بالقصص لإثباتِ بطلانٍ القضايا الدينية أو يحشر الثوابت 
الواردةً في السنّة المقدّسةٍ من جُملةٍ القضايا المشكوك فِيْهَا ..وأينما تصمّحت في الكتاب فَإِنَْكَ تحدٌ نفس 
الطريقة اَي لا تمثُ إلى البحث العلمي بأيّة صلة تُذكد". 

ان عملية التحريف التي حدثت في الدين» والتي يعترف النيلي بوجودها حتى داخل المذهب الشيعي» 

لم تتم الا عبر المناهج غير العلمية وغير الشرعية في أخذ الدين» والقيام بتأويل القرآن الكريم بصورة 
تعسفية» إضافة الى اختلاق الروايات والأساطير ونسبتها الى الاسلام أو الى مذهب أهل البيت» ولا 
يمكن التخلص من التحريف والأساطير الا بتنقيتها عبر منخل علم الرجال. وهو بالضبط ما يرفضه 

إذن فهو يرفع شعار الإصلاح؛ في الوقت الذي يسير في طريق التحريف. ولا يزيد الطين الا بلة. 


”٠‏ امع الشيخ محمد اليعقوبي 


سماحة الشيخ الكريم اليعقوبي (حفظه الله) 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم لخدمة الإسلام والمسلمين 
لقد قرأت في أحد المواقع فتوى للسيد كاظم الحائري ينفي فيها احتهادكم . ورغم أن هذا الموضوع هو 
موضوع شخصي وليس محلا للفتوى لأنه ليس قضية عامة» فقد تحرأ السيد غفر الله له على إصدار 
هكذا حكم من دون أن يلتقي بكم كما اعتقد ومن دون أن يطلع على علمكم مباشرة » وهذا لا 
يحوزء وإذا حاز مقابلته بالمثل لحاز لنا التساؤل عن اجتهاده بغض النظر عن الشهادات التي يحملهاء 
ولست اعرف كيف منح هو شهادة الاجتهاد » وعلى أي حال فقد قرأت ف موقعكم تعزية للإمام 
صاحب العصر والزمان باستشهاد الصديقة فاطمة الزهراء(ع) » واعتقد أن ذلك ينطوي على 


337 


موضوعين مهمين بحاحة إلى احتهاد عميق وعدم تقليد الخطباء والمؤلفين السابقين وهما: موضوع 
ضرب السيدة فاطمة الزهراء وقتلها على يدي الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. 
والموضوع الثاني: هو وجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري الذي قال بعض شيعة الإمام 
العسكري بأنه ولد في السر واستمر ف حياته إلى اليوم. 
ولست ادري فيما إذا قد ممح لكم وقتكم الكريم بإلقاء نظرة على كتابي حول وجود الإمام الثاني 
عشرء والاطلاع على أدلة القائلين بوجوده؛ وهي أدلة فلسفية اقرب إلى الفرضيات الكلامية وليبست 
أدلة تاريخية علمية مؤكدة وبالتالي فانه لا يجوز بناء عقيدة عليها أو اعتبارها جزءاً من الدين أو من 
أصول المذهب الجعفري . 
وإذا لم تكونوا قد اطلعتم على الكتاب فأرحو الاطلاع عليه؛ أو تزويدنا بادلتكم الخاصة على ولادته 
ووحوده وكما تعرفون فان الإيمان اليقيني من خلال الاجتهاد في الأمور الأساسية مثل وجود الإمام 
الثاني عشر الذي يشكل أساس النظرية الاثني عشرية يعتبر أمرا مهما بالنسبة لاحتهاد أي مجتهد 
شيعي» ولا يجوز التقليد في الإيمان بالقضايا الأساسية التي يقوم عليها المذهب الاثني عشري أو أي 
55-7 
بانتظار جوابكم العاحل 
يمكنكم الاطلاع على كتابنا حول المهدي الثاني عشر على موقعنا 
والسلام عليكم 

أخوكم احمد الكاتب 
بسمه تعالى 
جناب الأخ الكاتب هداك الله تعالى إلى سبيله 
الع ري لوقام 
-١‏ سُّئل السيد الحائري (دامت افاضاته) عن هذه الفتوى فقال: انه رأي علمي محض ولازال مكتبه 
في النجف يقول: بأن ذلك لا يقدح فيما نعرفه عن الشيخ من العدالة والنفع في العمل الاجتماعي. 
1- لست مسؤولا عن احتهاد غيري من الأسماء المذكورة وغيرها » ومن أخلاقي أنني لا اقدح في 
الآخرين بمقدار ما يلطف بي الله تبارك وتعالى فلم اكن راضياً بدرج هذا المعنى في رسالة موجهة إلي. 
*- اطلعت على صورة التعزية الموحودة على صفحة موقع الإنترنت فلم أحد فيها ما يوحب الإشكال 
على بعض المظالم التي تعرضت لا الصديقة الطاهرة وإذا استفيد ذلك من عبارة الشهادة فإننا لا نعني 
كما القتل المباشر فهذا لم يتحقق وانما نعني تعرضها للمظلومية الشديدة المستمرة حتى أدت إلى وفاتا 
بسبب تداعيات تلك المظلومية. 


338 


وأما المصادر من كتب الفريقين على هذه المظلومية فقد تواترت إجمالاً مع اختلاف جزئي في بعض 
التفاصيل وقد تكفل علماءنا بإحصاء تلك المصادر ولا أظنها بعيدة عنك وما رحيلها وهي في ريعان 
الشباب بعد أبيها بخمسة وسبعين يوماً فقط وإخحفاء قبرها وتشييعها سراً وهي ابنة نبيهم (ص) 
الوحيدة وبقيته فيهم والطاهرة المطهرة المعصومة إلا علامات شاخصة إلى يوم الدين على تلك النكسة 
الأخلاقية والعقائدية الكبرى ولا حاحة إلى المزيد. 

4 - سأحاول بإذن الله تعالى تحصيل كتابكم عن وجود الإمام الثاني عشر من موقعكم على الإنترنت 
وأرحو بالمقابل أن تحصلوا على كتابي (شكوى الإمام) من موقعنا وهو ثالث كتاب لشرح الحديث 
الشريف (ثلاثة يشكون ... القرآن والمسجد والعالم) وهو (ع) المصداق الأكمل للعالم. ففيه بعض 
الجواب لسؤالكم وعلى أي حال يمكن أن يكون الاستدلال على وجود الإمام بعدة أشكال من 
الأدلة: 

الشكل الأول: وجود المقتضي لهذا الوحود ويتضمن عدة مستويات: 

الأول: التاريخي حيث روى الثقاة بروايات جمة مشاهدتمم للإمام (ع) ومراسلته له في الغيبة الصغرى 
والكبرى منذ ولادته (ع) ومروراً بفترة السفراء الأربعة حتى الآن وإذا أردنا إلغاء هذه الوسيلة لإثبات 
لمعلومات فلا تبقى وسيلة للتصديق بشيء إلا في موارد محدودة. 

الثاني: العقائدي» حيث دلت روايات أهل البيت "1 أن الأرض لا تخلو من حجة وان الأئمة اثنا 
عشر وتعدّهم أحيانا بالأسماء وكل إمام ينص على خلفه وان الأرض لو خليت من الإمام لساخحت 
بأهلها وغيرها مما هو موجود في أصول الكافٍ وغيره. 

الشكل الثاني: رفع المانع وهو استبعاد طول العمر أو عدم الحاجة لذلك ونحوه من استبعادات وهي 
مدفوعة بوجود أمثلة أخرى كنوم أصحاب الكهف ورفع عيسى (ع) إلى السماء ووجود الخضر (ع) 
حسبما هو مشهور وغيرهم ورفع الاستبعاد طبياً وفلسفياً وعرض الثمرات لمثل هذا الوجود المبارك 
وغيرها من المعلومات التي ذكرتما في كتاب (شكوى الإمام(ع)) الذي طبع حديثاً وأرجحو أن يكون 
متوفراً في الموقع . 

وف الختام اعتذر عن الاختصار والاكتفاء برؤوس العناوين راحياً أن تكون فاتحة للخيرء ألهمنا الله 
وإياكم سبل المدى والرشاد وعصمنا وإياكم من الزلل في العمل والخطل في التفكير والإخلاص في 
النية فما الدنيا بكل زحرفها وزبرحها بثمن لحياتنا ولا ثمن لنفوسنا إلا الجنة. 


محمد اليعقوبي 
1 ج55 5 ١‏ 


"..:/م/١‎ 


339 


سماحة الشيخ محمد اليعقوبي حفظه الله 


لقد أرسلت لكم رسالة قبل حوالي ثلاث سنوات» بمناسبة تشكيك السيد كاظم الحائري باجتهادكمء 
وطلبت منكم بالتحديد الاحتهاد في موضوع عقدي مهم هو وجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن 
العسكري" الذي يشكل أساس الفكر السياسي للشيعة الاثني عشرية والذي يصطلح عليه البعض 
بالعقيدة الامامية الاثني عشرية. وقد أجبتمون حينها برسالة مختصرة جدا لم أعتبرها ردا مناسبا من 
قبلكم؛ وقد أعذرتكم لانشغالكم في خضم الأحداث الكبيرة التي مرّ بما العراق» ولذلك لم استمر في 
الحوار معكم حول الموضوع ريثما تستقر الأمور بعض الشيءء أو يتوفر لديكم وقت كاف للاهتمام 
الجدي بالموضوع؛ ولكني عثرت قبل أيام على رسالتي إليكم وجوابكم عنها منشورين في موقعكم على 
الإنترنت» فحفزنٍ ذلك على التواصل معكم من حديد. 


اكتب لكم هذا الحواب في الذكرى الرابعة للاحتلال الأمريكي للعراق» وهي ذكرى حزينة رغم الفرج 
الحزئي الذي حملته بإسقاط نظام صدام؛ لأتما كرست احتلال العراق ومهدت للحرب الطائفية وقضت 
على أحلام العراقيين بإقامة نظام دمموقراطي عادل. وعلى رغم ما يقال من تسلم الحكومة العراقية 
للسيادة من امحتل قبل سنتين» إلا أن الواقع يكذب ذلك» حيث يعتدي امحتل كل يوم على كل مظاهر 
السيادة العراقية ولا يعترف بأي استقلال» ويواصل عدوانه على الشعب العراقي بصورة مستمرة. 

ورها كنتم تدركون أكثر مني بأن التجربة الديموقراطية التي وعدنا بما امحتل تبخرت تحت نيران الحرب 
الطائفية التي أشعلها بين السنة والشيعة ولا أريد هنا التحدث عن الاحتلال ومكره وتلاعبه بالشعارات 
البراقة» فأنا أدرك أن الديموقراطية قرار عراقي قبل أن تكون قرارا أمريكياء وقد لاحظت أن الشعب 
العراقي انخرط ف إجراءاتما باندفاع كبير» وقد دعمت المرجعية الدينية التجربة الديموقراطية» بل انتزعت 
الانتخحابات انتزاعا من المحتل» وذلك لشعور المرجعية والشعب أن الخيار الديموقراطي هو الطريق الوحيد 
للنجاة والتقدم وطي صفحة الديكتاتورية والتوتر والحروب الداحلية المستمرة على السلطة. 
وفي هذه المناسبة أحبي مشاركتكم في العملية الدبموقراطية التاريخية» وقيادتكم لقطاع واسع من الشعب 
العراقي (في حزب الفضيلة) بمذا الاتحاه. وأعتقد جازما أنكم تحرصون جدا على بحاح التجربة 
الديكوقراطية واستمرارها وتقدمها نحو الأفضل. كما أظن أنكم تشاركوني الرأي بأن الواقع العراقي يحفل 
بعوامل عديدة معوقة للعملية الديموقراطية» ولذلك لا يجوز إلقاء اللوم كاملا على امحتل أو الدول المجاورة 


310 


في فشل التجربة الديموقراطية. وعلى رأس تلك العوامل:الطائفية» واحتلاط الدين بالسياسة» إضافة إلى 
الجهل وانعدام الثقافة والتقاليد الديموقراطية. 


لا أعرف بالضبط مت انتميتم للحوزة العلمية» ولكني أحمن أنكم انتميتم إليها في الستينات» في الوقت 
الذي تشرفت أنا بالانتماء إليها. وإذا كان ذلك صحيحا فلا شك أنكم تتذكرون الموقف الفكري 
السياسي العام في الحوزة العلمية» وخاصة في النجف الأشرفء أيام المرجع الراحل السيد محسن الحكيم 
إرحمه الله حيث كان يخيم فكر الانعزال السياسي وانتظار الإمام المهدي الغائب » وعدم جواز تأسيس 
حكومة إسلامية أو المشاركة فيهاء أو السعي من أجل تحقيقهاء لأنما من أعمال الإمام المهدي (المعصوم 
المعين من قبل الله) ولا يجوز لأحد غيره إقامتها في (عصر الغيبة) بناء على الحديث الذي يقول :"كل 
راية قبل راية المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت". ولذلك رفض مراجع النجف (الحكيم والخوئي 
والحلي وغيرهم) فكرة تأسيس حزب إسلامي يسعى من أجل الحكم على أساس الشورى؛ كحزب 
الدعوة الإسلامية» وطلبوا من مؤسسي الحزب (السيد محمد باقر الصدر والسيد مهدي الحكيم والسيد 
محمد باقر الحكيم) الانسحاب من الحزب في بداية الستينات» وتركوه يتخبط في مواجهة الأحزاب 
والحكومات المختلفة» حتى قيام الثورة الإسلامية ف إيران على أساس نظرية ولاية الفقيه» التي تعتبر ثورة 
على الفكر الإمامي وعقيدة الانتظار السلبي؛ المخدرة. 

ونحمد الله تعالى على هذا التطور الكبير الجذري الذي حدث في الفكر السياسي الشيعي في العقود 
الأخيرة» والذي سمح للشيعة بالانخراط في الحركة المعارضة لنظام صدام,؛ والمشاركة في التجربة الديموقراطية 
الحديثة في العراق. ورغم أن ذلك التطور الحذري كان يستدعي وقفة علمية احتهادية لدراسة الفكر 
السياسي الشيعي برمته» والتعرف على حقيقة ما حدثء والتمييز بين الفكر السياسي الإسلامي» أو 
الشيعي الأصيل القائم على فكر أهل البيت» وبين الفكر السلبي الدخيل الذي تسرب إلى مذهب أهل 
البيبت» وأضر بالشيعة قبل غيرهم» مثل فكرة الانتظار التي كبلت الشيعة قرونا من الزمن » وأخرحتهم من 
مسرح الحياة والأحداث,ء إلا أن الكثير من الشيعة ومن مراجعهم أيضاء فضلوا محاراة التطورات دون 
التفكير العميق فيهاء ولذلك قطفوا بعض الإيجابيات وانطووا على كثير من سلبيات الفكر البائد. واعتقد 
بأن الطائفية هي من مخلفات الفكر القديم ولا علاقة لها بالتشيع ولا بالإسلام. ولكن بعض من يؤمن 
ويشارك بالعملية الديموقراطية لا يزال يحمل من ملامحها شيئا كثيرا. وبالطبع فان بعض من يسمى بأهل 
السنة» يرفض الاشتراك بالعملية الدموقراطية» أو يقاومهاء أو بمارسها بروح طائفية بعيدة عن روح 
الإسلام» وهو ما يؤدي بالطرفين إلى إفشال التجربة الديموقراطية وتمديدها بشكل خطير. 
ولو التفت السنة والشيعة إلى حقيقة الدعوقراطية لوجدوا أنما تشكل بديلا جوهريا عن الفكر السياسي 
القديم للسنة والشيعة» فإن السنة كانوا يعتقدون بنظام الخلافة بملامح استبدادية وراثية» وكان الشيعة 


341 


يؤمنون بنظام الإمامة القائم على فكرة العصمة والنص والوراثة في أهل البيت» أو البيت العلوي الحسيني. 
وقد انمار الفكر السياسي السني مع بزوغ الفكر الديموقراطي؛ ووصل الفكر السياسي الشيعي إلى طريق 
مسدود مع الإيمان بغيبة الإمام الثاني عشر في أواسط القرن الثالث المحجريء أي قبل أكثر من ألف عام. 
ولا أريد هنا أن أتحدث بالتفصيل عن تطور الفكر السياسي السني باتحاه الدموقراطية» وتخليه عن أهم 
أصوله التشريعية» فقد كتبت أخيرا كتابا خاصا حول الموضوع تحت عنوان (تطور الفكر السياسي السني 
نحو خحلافة ديموقراطية) ولكني أود التركيز على الموضوع الذي يهمنا وهو الفكر السياسي الشيعيء ولا 
سيما حجر الأساس في هذا الفكر: موضوع وجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" 
الذي قضى على الشيعة والتشيع عبر التاريخ» لأنه لم يكن سوى أسطورة افترضها بعض الأدعياء والمرتزقة 
لمصالح ضيقة مادية وسياسية. وقد تخلص الشيعة من الفكر الإمامي اليوم والحمد لله» على مستوى 
العمل والتطبيق» حيث لم يعودوا يشترطون في الإمام العصمة والنص والوراثة في البيت العلوي الحسيني» 
وقبلوا بالنظام الديموقراطي والانتخابات الشعبية» وهو ما كانوا يرفضونه قرونا طويلة من الزمن» وظلت 
المرجعية الدينية ترفضه إلى وقت قريب»؛ (بي الستينات والسبعينات من القرن العشرين). 

هذا هو الواقع 

ولكن المشكلة تكمن في أن كثيرا من الشيعة الذين لم يدرسوا التطورات الفكرية السياسية بعمق» لا 
ينتبهون إلى حقيقة تخليهم عن الفكر الإمامي الاثني عشري العقيم» ولا يزالوا يؤمنون بالفكر الإمامي 
على أنه يشكل عقيدة دينية تاريخية» أو أنه جزء من المذهب الشيعي الجعفري» دون أن يعرفوا بأن الفكر 
الإمامي كان يمثل قبل وصوله إلى الطريق المسدود» فكرا سياسيا في مقابل النظريات السياسية الأخرى 
العباسية والفاطمية والأموية والزيدية» ولم يكن يمثل عقيدة دينية» ولا يمت إلى المذهب الجعفري الفقهي 
بأية صلة. وقد شرحت ذلك بالتفصيل ف كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية 
الفقيه). 

ورغم إعاني سابقاً بنظرية ولاية الفقيه» في الستينات» تبعا لانتمائي إلى مدرسة الإمام السيد محمد 
الشيرازي (رحمه اللّه) ومنظمة العمل الإسلامي, إلا أني لم أدرك في البداية حجم التطورات الحائلة التي 
حدثت في الفكر السياسي الشيعيء ول ألحظ انفصام نظرية ولاية الفقيه» أو تناقضها مع الفكر الإمامي 
ونظرية انتظار الإمام المهدي الغائب» وذلك لعملية الالتفاف التي قمنا بما على تلك النظرية» بواسطة 
نظرية النيابة العامة للفقهاء عن الإمام المهديء علما بأن هذه النظرية تتناقض جوهريا مع نظرية الإمامة 
القائمة على اشتراط العصمة والنص في الإمام» في حين تقوم نظرية ولاية الفقيه تقريبا على نظرية 
الشورى والانتخاب» والفقه والعدالة» أي لا تشترط العصمة والنص» وانما تقترب من النظرية السياسية 
الزيدية. إضافة إلى نظرية النيابة العامة للفقيه» لا تقوم على أساس علمي متين» ولذلك رفضها معظم 
امحققين من علماء الشيعة كالشيخ الأنصاري والسيد المخنوئي. 


23012 


وكما تعرفون فان نظرية النيابة العامة هي التي مهدت لظهور المرجعية الدينية في القرون الأخيرة» 
وتطورت من مستوى نقل الحديث إلى الإفتاء إلى الولاية ا محدودة» إلى النيابة العامة» إلى النيابة أو 
الولاية المطلقة للفقهاء, كما طرحها الإمام الخميني في أيامه الأخيرة» والتي تضاهي أو تتفوق على ولاية 
النبي والأئمة من أهل البيت. 
وحسب علمي فإنكم (ماحة الشيخ اليعقوبي) تقيمون مرجعيتكم الدينية » و تمارسون ولاية معينة على 
حزب الفضيلة» على أساس هذه النظرية. وبالطبع فإنكم تأحذون شرعيتكم أو تحسبون» من عقيدة 
"وجود الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري". ومع أنكم لا تقولون بالنيابة الخاصة» أو الالتقاء 
بالإمام المهديء كما يحاول أن يدعي أو يروج لذلك كثير من الدجالين في الساحة العراقية والشيعية» 
الذين يحاولون السيطرة على السذج والجهلة والرعاع» واستغلالهم ماديا وسياسيا. وقد رأيت انزعاحكم 
الشديد من هذه الدعاوىء إلا إنكم لم تتوقفوا لتحققوا وتدرسوا بدقة وعمق أساس الموضوع. ورغم أني 
دعوتكم لذلك في رسالتي الأولى لكم قبل ثلاث سنوات» إلا إنه يبدو أنكم اكتفيتم بقراءة الأخبار 
وتقليد السابقين. 
وأرجو أن أكون مخطنا في تقديري لكم؛ ولكن جوابكم الآنف ينطوي على تسرع وتبسيط شديدين. 
فقد استدللتم على وحود "الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" بدليلين هما "الدليل التاريخي 
والدليل العقائدي" وقلتم تحت عنوان (الدليل الأول التاريخي):"روى الثقاة بروايات جمة مشاهدتهم 
للإمام (ع) ومراسلته له في الغيبة الصغرى والكبرى منذ ولادته (ع) ومروراً بفترة السفراء الأربعة حتى 

الآن وإذا أردنا إلغاء هذه الوسيلة لإثبات المعلومات فلا تبقى وسيلة للتصديق بشيء إلا في موارد 

محدودة". 

كما قلتم تحت عنوان (الدليل الثاني العقائدي):" دلت روايات أهل البيت أن الأرض لا تخلو من 
حجة وان الأئمة اثنا عشر وتعدّهم أحيانا بالأسماء وكل إمام ينص على خلفه وان الأرض لو حليت 
من الإمام لساحت بأهلها وغيرها ثما هو موجود في أصول الكائٍ وغيره". 

وهذا ما يقوله بالضبط مشايخ الطائفة الاثني عشرية منذ أكثر من ألف عام» وقد كتب أستاذكم 

السيد محمد محمد صادق الصدر فيه موسوعته (الإمام المهدي) وما كنت أعتقد به أنا من قبل» وما 

نشأت عليه منذ صغريء ولكني كنت أود لو تتوقف عند كل نقطة مما تفضلت به» وتدرسها بدقة 
وعمق » وبكلمة أحرى: تحتهد في هذا الموضوع العقائدي المهم» احتهادا علمياء حتى تكتشف الحق 

من الباطل. والاجتهاد في العقيدة مقدم على الاجتهاد في الفروع الفقهية. 
قلت:"روى الثقاة بروايات جمة مشاهدتمم للإمام (ع)" فهل تعرف من هم هؤلاء الثقاة؟ ومن وثقهم؟ 
ومتى؟ وهل درست أحوالهم واحتهدت رجاليا في أشخاصهم؟ أم قلدت الآخرين السابقين الذين نقلوا 
عنهم؟ وإذا كنت تقصد بالثقاة "النواب الأربعة" الذين ادعوا النيابة الخاصة عن "الإمام المهدي" فهل 


3213 


تعرف أن الشيعة كانوا يشكون بصدقهم في حياتحم؛ وأنحم لم يكونوا يفرقون بينهم وبين أدعياء النيابة 
الكذابين (العشرين) الآخرين؛ ولم يملكوا دليلا حسيا على صدقهم سوى ادعاءاتمم الفارغة بالنيابة عن 
رجحل لم يره أحدء علما بأنحم كانوا في موضع شبهة لأنحم كانوا يجرون النار إلى قرصهمء وكانوا 
يستفيدون ماديا من دعاواهم؟ فكيف أصبحوا ثقاة؟ ومتى؟ وعند من؟ وهل يؤيد البحث العلمي 
المستقل المحايد وثاقتهم وصدق دعاواهم؟ 

وقلت أيضا:"روى الثقاة بروايات جمة مشاهدتحم للإمام (ع) ومراسلته له ف الغيبة الصغرى والكبرى 
منذ ولادته (ع) ... وحتى الآن". فهل تستطيع أن تذكر اسم رجحل واحد راسله الإمام؟ يستطيع أن 
يثبت صحة دعواه بالمراسلة؟ إذ كيف نستطيع أن نصدق أي شخص يدعي مراسلة الإمام (المفترض) 
له؟ دون أن يظهر الرسالة؟ وإذا أظهرها فكيف نعلم بأتما من الإمام الغائب؟ ونحن نشك بوجوده؟ 
حيث يستطيع أي شخص أن يكتب ما يشاء من الرسائل وينسبها لمن يريد» ويدعي وجود رابطة بينه 
وبين ذلك الشخص؟ ويضحك على الناس ويبتزهم ويستغلهم؟ 
وحسب علمي لا توجد إلا رسالة واحدة مدعاة» نقلها ابن شهر آشوب في القرن السادس المجري 
عن الشيخ المفيد الذي كان يعيش في القرن الخامسء وادعى فيها أن رجلا أعرابيا (مجهولا) جاء 
برسالة من رجحل مجهول يقول أن كاتبا مجهولا أملاها عليه وزعم أنه الإمام المهدي» وهذه الرسالة لم 
يشر إليها الشيخ المفيد نفسه في أي كتاب من كتبه» فكيف نصدقها وهي عن مجاهيل؟ 
ولا شك أنكم لو بحثتم في هذه الدعوى لرفضتموها بسرعة البرق ولم تبنوا عليها أي دليل. 
ولا أعرف بعد ذلك من تقصد براسلة الإمام المهدي له الآن؟ هل تقصد أحمد الحسن (قتيل الزرقاء)؟ 
أو الصرحي؟ أم من؟ وكيف تصدق الأدعياء والدجالين بمذه السرعة والبساطة؟ 
وإذا كنت تصدق هؤلاء فلماذا لا تصدق بمن يأتيك مثلا ويقول لك انه حضر جنازة الإمام المهدي 
ودفنه؟وهل تطالبه بالدليل؟ أم تصدقه بصورة عمياء؟ 
ثم قلت:"وإذا أردنا إلغاء هذه الوسيلة لإثبات المعلومات فلا تبقى وسيلة للتصديق بشيء إلا في موارد 
محدودة". وأقول لك: كيف تعتبر تلك الدعاوى الغامضة وامجهولة وسائل لإثبات المعلومات؟ فضلا 
عن العقائد وأصول الدين؟ وإذا كنت تعتبر تلك الروايات أو الإشاعات المجهولة أدلة علمية فلا بد أن 
تراجع أسس الاجتهاد والبحث العلمي من جديد. 
شيخنا الكرنم 
لقد رد على كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) حت الآن أكثر من خمسين مؤلفاء ومعظمهم لم 
يتوقف عند "الدليل التاريخي" المدعى» لشدة ضعفه. وتافته» وسقوطه عن مستوى خبر الآحاد إلى 
مستوى الإشاعات المجهولة التي لا يجوز الأحذ بما شرعا في مسألة جزئية» فكيف في مسألة كبيرة مثل 


244 


وجود الإمام الثاني عشر؟. وكنت أتمنى أن تقرأ كتابي قبل أن تتحدث عن هذا "الدليل". حيث 
ناقشت كل الروايات "التاريخية" الواردة حول الموضوع سنداً ومتنا. 

ولو كنت قد درست أو اجتهدت في موضوع وجود "الإمام الثاني عشر" أو قرأت كتب الأقدمين 
من مشايخ الطائفة (كالصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي والنعماني) لاكتشفت أتمم يصرحون 
بضعف "الدليل التاريخي" الذي لا ينهض حجة شرعية في إثبات وجود الولد للإمام العسكري بصورة 
مستقلة» واتهم إنما يأتون به من باب المعاضدة والتأييد» وإلا فاتحم لا يعتمدون في قوم بوحود الولد 
إلا على ما يسمونه "الدليل العقلي" والذي أسميته أنت بالدليل العقائدي» والذي يتلخص بالمقولات 
التالية:"إن الأئمة اثنا عشرء وإن الأرض لا تخلو من حجة:؛ وأنما لو خليت من الإمام لساحت 
بأهلها" إضافة إلى مقولات أخرى مثل :إن الإمامة في ذرية الإمام علي والحسين» وأتما تنتقل في 
ذريتهم بصورة عمودية لا تذهب إلى أخ ولا إلى ابن أخ أو عم أو ابن عم, وان الإمام العسكري كان 
الإمام بعد أبيه وانه توي ولمى يغبء وما إلى ذلك من تفاصيل. وكل هذه المقولات لا تعتمد على 
القرآن الكريم ولا على السنة النبوية ولا على أحاديث أهل البيت الصحيحة المتواترة» وَإِنما على أخحبار 
آحاد ضعيفة» لا تصمد أمام المناقشة العلمية. 
إن أحاديث (الاثني عشرية) مثلا لم يكن لما وحود عند الشيعة الامامية في القرون الثلاثة الأولى» وانما 
اخترعت وألفت في القرن الرابع الحجريء بعد وفاة الإمام العسكري بمائة عام تقريبا. وقد ناقشتها في 
كتاب خاص ملحق بكتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي) وموحود في موقعي على الإنترنت. 
وأما مقولة:"إن الأرض لا تخلو من حجة" فهي على فرض صحتها لا تنتج بالضرورة وحود إنسان في 
الخارج أو تؤكد ولادة ابن للإمام العسكري؛ وتدل في النهاية على كون فكرة وحود الولد فرضية 
وإذا تمعنت في تلك المقولة فسوف تكتشف أن المتكلمين الشيعة الأوائل كانوا يقصدون بما ضرورة 
وجود الإمام» أي الرئيس أو الحاكم, أو الخليفة» واضطراب المجتمع في حالة فقدان الحاكم, ولم يكونوا 
يقصدون تزلزل الأرض واصطدامها بالكواكب والنجوم الأخرى. وأن المتكلمين الأوائل كانوا يضيفون 
إليها مقولة أخرى هي "ضرورة كون الإمام معصوما" ومقولات أخرى ليستنجوا منها ضرورة افتراض 
وجود ولد للإمام العسكري رغما عن أنفه» ودون علمه»؛ ومن دون أن يدعيه في حياته. 

إن الحديث عن موضوع وجود "الإمام الثاني عشر" حديث طويل» ولذلك طلبت منك أن تهتم 
بدراسته والاجحتهاد فيه» من أجل أن تكتشف الأرضية الشرعية التي تقف عليها "المرجعية الدينية" أو 
"النيابة العامة والخاصة" التي يدعيها كثير من الناس بلا دليل. 


3215 


ولو كنت فعلت ذلكء وآمل أن تقوم بحذا البحث عاحلاء لاكتشفت أن الطائفية لا تقوم إلا على 
حرافات وأساطير» وهي لا تفيد المسلمين الشيعة ولا السنة» سوى صب الزيت على النار» وعرقلة 
العملية الديموقراطية» وبناء الأمة الإسلامية من حديد. 


أحمد الكاتب 
ليد ١‏ 
لندن 


صدر للمؤلف 

ذ- تطور الفكر السياسي الشيعي.. من الشورى الى ولاية الفقيه 

؟- الفكر السياسى الوهابى.. قراءة تحليلية 

0-8 المرجعية الدينية الشيعية وآفاق التطور (السيد محمد الشيرازي نموذجا) 
84- السنة والشيعة..وحدة الدين, واختلاف السياسة والتاريخ 

ه-- تطور الفكر السياسي السني.. نحو خلافة ديموقراطية 


316